التابوت: صندوق من الخشب, يوضع فيه ما يراد حفظه, وستره, وفي قوله تعالى: وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[1], هذا التابوت كان له شأن كبير في بني إسرائيل، وقد وصفه العهد العتيق بأوصاف متعدّدة, غريبة, ويفاد منه أنّ له أصلًا أصيلًا, وموقعا محترمًا, لدى الأنبياء, بل كانت أمّة موسى (عليه السلام) يتبرّكون به, ويتوسّلون إليه في الشدائد, ويغلبون به على أعدائهم.
ويقال: إنّه الصندوق الّذي وضعت أم موسى ابنها فيه, بعد ولادته, وألقته في اليمّ بوحي من اللّه تعالى, وقد حكى اللّه قصتها في القرآن الكريم.
وروي أنّ بني إسرائيل كانوا في مأمن به من الأخطار, والشدائد, تحترمهم الأمم والشعوب, ما داموا مهتمّين باحترام التابوت, وتعظيمه, وبقدر احترامهم تلك الآية الربّانيّة كانوا معزّزين, محترمين, حتّى عصوا, واستخفّوا به, فغلبوا على أمرهم, وانتزع منهم, فوقع فيهم الأحداث, وتشتت جمعهم, ثم ردّه اللّه تعالى إليهم, تحمله الملائكة.
وذكر بعض المفسّرين: أنّ الأصل في هذا التابوت النزعة الوثنيّة, التي كانت عند بني إسرائيل, التي عرفوها من أيام المصريّين الوثنيّين, ولكنّ ذلك باطل نشأ من الجهل بالتاريخ، بل المفاد من الأدلّة الواصلة إلينا, أنّ التابوت من المقدّسات الدينيّة, الّتي كانت محترمة, حتّى عند الأنبياء, كغلاف المصحف الشريف المقدّس عند المسلمين, لكونه حاويًا لأعلى المعارف الإلهيّة, وأسناها, وكلّ مقدّس دينيّ- الحجر الأسود مثلا- إذا استهين, به يرفعه اللّه تعالى, بلا فرق بين أمّة, وأمّة أخرى
[1] البقرة : 248