أما كون نصاب القطع ربع دينار، فللأصل، و الإطلاق، و الإجماع، و النصوص المستفيضة منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا قطع إلا في ربع دينار»۱، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: في كم يقطع السارق؟ قال: في ربع دينار، قلت له: في درهمين؟ قال: في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ، قلت له: أرأيت من سرق أقل من ربع دينار، هل يقع عليه حين سرق اسم السارق؟ و هل هو عند اللّه سارق؟ فقال: كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه و أحرزه فهو يقع عليه اسم السارق، و هو عند اللّه سارق، و لكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر، و لو قطعت أيدي السراق فيما أقل هو من ربع دينار لألقيت عامة الناس مقطّعين»۲.
و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «لا تقطع يد السارق إلا في شيء تبلغ قيمته مجنا و هو ربع دينار»۳، و في موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام قال: «قطع أمير المؤمنين عليه السّلام في بيضة؟ قلت: و ما بيضة؟ قال: بيضة قيمتها ربع دينار، قلت: هو أدنى حد السارق؟ فسكت»4.
و في رواية علي بن أبي حمزة٥، عن الصادق عليه السّلام: «لا تقطع يد السارق حتى تبلغ سرقته ربع دينار، و قد قطع علي عليه السّلام في بيضة حديد»، إلى غير ذلك من الروايات.
و ما يظهر منه الخلاف مثل ما دلّ على أن النصاب في السرقة خمس دينار، كصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «يقطع السارق في كل شيء بلغ قيمته خمس دينار، إن سرق من سوق أو زرع أو ضرع أو غير ذلك»٦، و صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «أدنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار»۷، و مثلهما غيرهما من الأخبار.
أو ما دلّ على أن النصاب ثلث دينار، مثل موثق سماعة، قال: «سألته على كم يقطع السارق؟ قال: أدناه على ثلث دينار»۸، و قريب منه موثق أبي بصير۹.
و كذا ما دلّ على أن النصاب درهمان، مثل موثق إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «عمن سرق من بستان عذقا قيمته درهمان، قال عليه السّلام: «يقطع به»۱۰.
أو أن النصاب دينار، كما في صحيح أبي حمزة الثمالي: «سألت أبا جعفر عليه السّلام في كم يقطع السارق؟ فجمع كفيه و قال: في عددها من الدراهم»۱۱.
فلا بد من رد علم جميع ذلك إلى أهله لكونها بمرء من المشهور و منظر من أنظارهم المباركة، و مع ذلك أعرضوا عنها و طرحوها- مع ان بعضها محمول على التقية مثل ما دلّ على الخمس أو الثلاثة۱۲، بل و غيرهما- فيطمئن الفقيه الخبير بمذاق فقه أهل البيت عليهم السّلام، بأنهم ظفروا على خلل فيها، و لذلك أعرضوا عنها كما هو دأبهم [رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين] في الفقه الإمامية المنتهية إلى وحي السماء، و نعم ما قال في الجواهر: «لو ساغ للفقيه التردد بكل ما يجد، أو الجمود على كل ما يرد، ما اخضر للفقه عود و لا قام للدين عمود، نسأل اللّه تعالى تنويرا لبصيرة و صفاء السريرة فإنه الرحيم المنان المتفضل الحنان ذو الفضل و الإحسان»، فلا محيص إلا عن أن النصاب هو الربع لا غيره، فلا شبهة بالنسبة إلى غير الربع حتى تجري قاعدة درء الحدود بالشبهة. و اللّه العالم الهادي.