لتحقق الارتداد الموجب لذلك، مع ثبوت سائر الشرائط.
الأول: كل من استحل شيئا من المحرمات المجمع عليها بين المسلمين- كالميتة، و لحم الخنزير، و الدم، و الربا- فإن ولد على الفطرة و رجع إنكاره إلى تكذيب النبي صلّى اللّه عليه و آله يقتل (۱)، و إن ارتكبها من غير استحلال يعزّر (۲)، بلا فرق بين الكبائر و الصغائر (۳).
لأنه منكر، و للحاكم الشرعي التعزير بالنسبة إلى المنكرات، مع تحقق المقتضي و فقد المانع.
لأن ذلك من الأمور الحسبية التي له الولاية عليها، إجماعا كما تقدم مكررا۱. و لو ذكر المستحل شبهة ممكنة في حقه فلا حدّ و لا تعزير.
الثاني: من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له (٤)، إذا لم يتجاوز المأذون فيه شرعا (٥).
للأصل، و قاعدة الإحسان ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ۲، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح أبي الصباح الكناني: «من قتله الحدّ فلا دية له»۳.
و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «أيما رجل قتله الحدّ أو القصاص، فلا دية له»۴. و في حكمه التعزير قطعا.
و ما دلّ على الفرق بين حقوق اللّه. فلا دية، و حقوق الناس ففيها الدية، مثل خبر حسن بن صالح الثوري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من ضربناه حدّا من حدود اللّه فمات فلا دية له علينا، و من ضربناه حدّا من حدود الناس فمات فإن ديته علينا»۵، فلا يقاوم ما ذكرناه. و اللّه العالم بحقائق أحكامه.
فإن تجاوزه ففيه المجازات دية أو قصاصا، للعمومات، و الإطلاقات، بلا مخصص، و مقيد في البين، قال الصادق عليه السّلام في الموثق: «إن لكل شيء حدّا، و من تعدى ذلك الحدّ كان له حدّ»۶، و تقدم في الحدود ما ينفع المقام.
الثالث: لو أقام الحاكم الحدّ بالقتل فظهر بعد ذلك فسق البينة فالدية من بيت المال و لا ضمان على الحاكم و لا على عاقلته (٦)، و كذا لو أنفذ الحاكم إلى حامل لإقامة حدّ عليها أو لتحقيق ما يوجب الحدّ فأحضرها الحاكم للتحقيق فخافت فأجهضت حملها (۷).
للأصل، و الإجماع، و لأن بيت المال معد للمصالح و هذا من أهمها، مضافا إلى أنه من الخطأ، و خطأ الحاكم من بيت المال، و كذا بالنسبة إلى كفارة القتل، و تقدم في كتاب الشهادة ما ينفع المقام۷.
لأن ذلك أيضا خطأ، فتشمله قاعدة: «إن خطأ الحاكم من بيت المال»، و عن علي عليه السّلام في معتبرة أصبغ بن نباتة: «ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين»۸.
و أما ما نسب إلى قضايا علي عليه السّلام في خبر يعقوب بن سالم عن الصادق عليه السّلام قال: «كانت امرأة تؤتى فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروّعها، و أمر أن يجاء بها إليه، ففزعت المرأة فأخذها الطلق، فذهبت إلى بعض الدور فولدت غلاما، فاستهل الغلام ثمَّ مات، فدخل عليه من روعة المرأة و من موت الغلام ما شاء اللّه، فقال له بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين ما عليك من هذا شيء؟ و قال بعضهم: و ما هذا؟ قال: سلوا أبا الحسن عليه السّلام، فقال لهم أبو الحسن عليه السّلام: لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم، و لئن كنتم برأيكم قلتم لقد أخطأتم، ثمَّ قال عليه السّلام: عليك دية الصبي»۹، فهي قضية في واقعة، مضافا إلى ما في المسالك: «من أنها لم ترد بطريق معتمد، فلا تنهض في مقابل ما دلّ على أن خطأ الحاكم من بيت المال من النص و الإجماع».
الرابع: ليس التعزير قابلا للإسقاط و التبديل بالعوض (۸).
للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة، و إمكان استفادة ذلك من قوله عليه السّلام: «لا شفاعة في الحدود»۱۰، و لا كفالة في حد۱۱.
الخامس: لو رأى الحاكم الشرعي المصلحة في تبديل التعزير إلى عقوبة أخرى من حبس أو نحوه هل يجوز ذلك أم لا؟ وجهان (۹).
من إطلاق دليل ولايته على ذلك، فيجوز. و من الجمود على ما وصل إلينا من السنّة المقدسة، فلا يجوز التعدي عنها. هذا إذا كان التبديل مساويا في الانزجار معه و إلا فالأمر أشكل.
- تقدم في ج: ۲۴ صفحة: ۲٥٥.
- سورة التوبة الآية: ۹۱.
- الوسائل: باب ۲۴ من أبواب قصاص النفس الحديث: ۱.
- الوسائل: باب ۲۴ من أبواب قصاص النفس الحديث: ۹.
- الوسائل: باب ۲۴ من أبواب قصاص النفس الحديث: ۳.
- الوسائل: باب ۳ من أبواب مقدمات الحدود: ٦.
- راجع ج: ۲۷ صفحة: ۲۱۷.
- الوسائل: باب ۱۰ من أبواب آداب القاضي: ۱.
- الوسائل: باب ۳۰ من أبواب موجبات الضمان ج: ۱۰.
- الوسائل: باب ۲۰ و ۲۱ من أبواب مقدمات الحدود.
- الوسائل: باب ۲۰ و ۲۱ من أبواب مقدمات الحدود.