أما إطلاق الانقطاع فهو في مقابل الدوام، أما المتعة فلتحقق التمتع فيه، و أما المؤجل فلتقومه بذكر الأجل كما يأتي.
و لا بد من بيان أمور:
الأول: مقتضى القاعدة العقلية و هي قبح العقاب بلا بيان، التي هي من محكمات القواعد العقلية، و مقتضى الحديث المعروف بين الفريقين عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «رفع عن أمتي ما لا يعلمون»1، حلية كل شيء مطلقا ما لم ينص الشرع على خلافه و قد أثبت ذلك جميع علماء المسلمين في علمي كلامهم و أصولهم بل و فقههم أيضا.
هذا إذا لم يرد في الكتاب و السنة دليل على الجواز فكيف بما ورد الدليل عليه و نصوص الخاصة متواترة فيه، بل و تدل نصوص العامة على عدم نسخه و جوازه أيضا.
الثاني: قد ورد في الكتاب الكريم آيات شريفة تدل على جواز المتعة.
منها: قوله تعالى فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ2.
و منها: قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ3.
و منها: قوله تعالى لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ4.
و منها قوله تعالى فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَ آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ5، إلى غير ذلك من الآيات المطلقة و العامة الواردة في النكاح و الانصراف إلى الدائم فقط على فرضه بدوي لا يعتنى به.
و أما السنة فهي كثيرة ففي صحيحي البخاري و مسلم، و تفسير الثعلبي عن عمران بن حصين قال: «نزلت آية المتعة في كتاب اللّه عز و جل و لم تنزل آية بعدها تنسخها، فأمرنا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم ينهانا عنها، فقال رجل برأيه ما شاء»6، قال البخاري في بعض النسخ «يقال انه- أي الرجل المذكور- هو عمر».
و في صحيح مسلم عن عطاء قال: «قدم جابر بن عبد اللّه معتمرا فجئنا في منزله فسأله القوم عن أشياء ثمَّ ذكروا المتعة فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبي بكر و عمر»7، إلى غير ذلك من الأخبار و ذكرنا في تفسيرنا مواهب الرحمن8، ما يتعلق بذلك.
و أما من طريق الخاصة فهي كثيرة لا تحصى.
و أما الإجماع فقد أجمع الأئمة الهداة الذين هم قرين الكتاب بالحديث المتواتر بين الفريقين عن النبي صلّى اللّه عليه و آله جوازها و عدم نسخها، و أجمعت الإمامية عليه أيضا تبعا لأئمتهم عليهم السّلام.
الثالث: هل أن نسخ تشريع المتعة كان في زمان النبي صلّى اللّه عليه و آله أو لا؟ مقتضى الأصل عدم نسخه صلّى اللّه عليه و آله لذلك و لم يدل دليل على ذلك مضافا إلى إجماع المسلمين على أنه صلّى اللّه عليه و آله لم ينسخه بل يظهر من تغيير الخليفة أنه بنفسه نسخها و حرّمها.
الرابع: هل أودع صلّى اللّه عليه و آله علم نسخه عند بعض خلفائه؟ مقتضى الأصل عدم ذلك أيضا و لو كان شيء لظهر و بان، لأن إيداع نسخ القانون عند غير المقنن من أهم أمور تقنين القانون و لا معنى لأن يختفي على أحد.
الخامس: هل كان نسخ الخليفة له حكما وقتيا اقتضاه مصلحة الوقت كما قد يحرّم الحاكم بيع متاع في وقت لمصلحة اقتضته الظروف أو حكما دائميا أبديا؟ المعلوم هو الأول، و الثاني يحتاج إلى دليل و هو مفقود.
إن قيل إن حكم الحاكم الجامع للشرائط يتبع مطلقا و لا ينقض و لو بعد وفاته.
يقال: أنه فيما إذا تمت موازين الحكم شرعا لا فيما إذا كان من الاجتهاد في مقابل النص فإنه لا بد من نقضه بإجماع المسلمين، و لا وجه لتطويل القول فيما كفانا علماء الفريقين في نقضه و إبطاله.