لعدم دليل معتبر على اعتبار ذلك بعد ظهور سياق أدلة اعتبار الحولين في خصوص المرتضع بقرائن خارجية و داخلية.
و قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم»14، ظاهر في ذلك أي: الرضاع المعهود بين المسلمين إنما يكون قبل الحولين و مثله غيره من الأخبار.
و منشأ الاختلاف بين الفقهاء اختلاف الأخبار، منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في رواية داود بن الحصين: «الرضاع بعد الحولين قبل أن يفطم محرم»15، و لا بد من حمله على التقية16، أو طرحه لعدم مقاومته لسائر الأخبار.
و قد يتمسك باعتبار الحولين في ولد المرضعة.
تارة: بالأصل أي: استصحاب بقاء نشر الحرمة.
و اخرى: إطلاق: اعتبار الحولين.
و ثالثة: إطلاق قوله عليه السّلام في الصحيح: «لا رضاع بعد فطام»17.
و رابعة: إطلاق قوله تعالى وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ18.
و خامسة: استبعاد إهمال هذا الشرط عند الخاصة مع أن العامة تعرضوا له.
و الكل مخدوش. أما الأول: فلا وجه له مع الاستظهار من الأخبار أن الحولين و الفطام إنما يلحظان بالنسبة إلى المرتضع دون ولد المرضعة كما تقدم.
و أما الثاني: مع ظهور الأخبار في المرتضع لا يبقى مجال للتمسك
بالإطلاق كما مر في المناقشة في الأول.
و أما الثالث: فيظهر مما تقدم أن المراد المرتضع- أو مطلق الحد- دون ولد المرضعة فقط كما هو ظاهر.
و أما الرابعة: فلا ربط للآية الشريفة بالمقام لورودها في مقام تحديد أصل الرضاع مع قطع النظر عن ولد المرضعة أو نفس المرتضع.
و أما الأخيرة: فتعرّضهم لاعتبار الحولين في المرتضع مع اختلافهم في اعتباره في ولد المرضعة يغني عن التعرض لذلك مستقلا، و العمدة موثق ابن بكير ففي رواية علي بن أسباط قال: «سأل ابن فضال ابن بكير في المسجد فقال:
ما تقولون في امرأة أرضعت غلاما سنتين ثمَّ أرضعت صبية لها أقل من سنتين حتى تمت السنتان أ يفسد ذلك بينهما؟ قال: لا يفسد ذلك بينهما لأنه رضاع بعد فطام و إنما: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا رضاع بعد فطام، أي: أنه إذا تمَّ للغلام سنتان أو الجارية فقد خرج من حد اللبن و لا يفسد بينه و بين من شرب لبنه قال:
و أصحابنا يقولون إنه يفسد لا أن يكون الصبي و الصبية يشربان شربة شربة»19.
و فيه: أن ابن بكير ثقة- و من أصحاب الإجماع- في رواياته.
و أما اجتهاده فهو معتبر لنفسه لا لغيره مع ما مر من كون ظواهر الأدلة على خلافه.