لا يحلّ أكل الحيوان بدون تذكية؛ وهي تتحقّق إما بالصيد أو الذباحة.
مسألة ۱۷83: لا يحلّ الصيد بغير الكلب من أنواع الحيوان كالعقاب والباشق والصقر والبازي والفهد والنمر وغيرها, ويحلّ إذا اصطاده الكلب من دون فرق بين السلوقي وغيره، والأسود وغيره، فكلّ حيوان حلال اللحم قد قتله الكلب بعقره وجرحه فهو ذكي، ويحلّ أكله كما إذا ذبح.
مسألة ۱۷84: يشترط في حلّية صيد الكلب أمور:
الأول: أنْ يكون معلّماً للإصطياد، ويتحقّق ذلك بأمرين:
أحدهما: إسترساله إذا أرسل، بمعنى أنَّه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج عليه وانبعث إليه.
ثانيهما: أنْ ينزجر إذا زجره، والأحوط اعتبار أنْ لا يأكل ممّا يمسكه في معتاد الأكل، ولا بأس بأكله اتفاقاً إذا لم يكن معتاداً.
الثاني: أنْ يكون قاصداً بإرساله للإصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحلّ مقتوله، وكذا إذا أرسله لأمرٍ غير الإصطياد من طرد عدو أو سَبُع فاصطاد حيواناً؛ فإنَّه لا يحلّ، وإذا استرسل بنفسه فأغراه صاحبه لم يحلّ صيده وإنْ أثّر الإغراء فيه أثراً كشدّة العدو على الأحوط، وإذا استرسل لنفسه فزجره صاحبه فوقف ثم أغراه وأرسله فاسترسل كفى ذلك في حلّ مقتوله, وإذا أرسله لصيد غزال بعينه حلّ، وكذا إذا صاده وصاد غيره معه، فإنَّهما يحلّان؛ فالشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.
الثالث: أنْ يكون المرسل مسلماً، فإذا أرسله كافر فاصطاد لم يحلّ صيده، ولا فرق في المسلم بين المؤمن والمخالف؛ حتى الصبي، كما لا فرق في الكافر بين الوثني وغيره، والحربي والذمّي.
الرابع: أنْ يسمّي عند إرساله، والأقوى الإجتزاء بها بعد الإرسال قبل الإصابة، ولكنه خلاف الإحتياط، فإذا ترك التسمية عمداً لم يحلّ الصيد، أما إذا كان نسياناً حلّ، وكذلك حكم الصيد بالآلة الجامدة كالسهم.
مسألة ۱۷85: يكفي الإقتصار في التسمية هنا وفي الذبح والنحر على ذكر الله مقترناً بالتعظيم، مثل: الله أكبر، والحمد لله، وبسم الله، وفي الإكتفاء بذكر الإسم الشريف مجرداً إشكال.
الخامس: أنْ يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، أما إذا استند إلى سبب آخر من صدمة أو اختناق أو إتعاب في العدو أو نحو ذلك لم يحلّ.
مسألة ۱۷86: إذا أرسل الكلب إلى الصيد فلحقه فأدركه ميتاً بعد إصابة الكلب حلّ أكله، وكذا إذا أدركه حياً بعد إصابته ولكن لم يسع الزمان لتذكيته فمات، أما إذا كان الزمان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحلّ، وكذا الحال إذا أدركه بعد عقر الكلب له حياً، لكنه كان ممتنعاً بأنْ بقي منهزماً يعدو، فإنَّه إذا تبعه فوقف فإنْ أدركه ميتاً حلّ، وكذا إذا أدركه حيّاً ولكنه لم يسع الزمان لتذكيته، أما إذا كان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحلّ.
مسألة ۱۷87: أدنى زمان تدرك فيه ذكاته أنْ يجده تطرف عينه أو تركض رجله أو يتحرك ذَنبه أو يده؛ فإنَّه إذا أدركه كذلك ولم يذكه والزمان متسع لتذكيته، لم يحلّ إلا بالتذكية.
مسألة ۱۷88: إذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية، من سلّ السكين ورفع الحائل من شعرٍ ونحوه عن موضع الذبح ونحو ذلك، فمات قبل أنْ يذبحه حلّ كما إذا لم يسع الوقت للتذكية، أما إذا لم تكن عنده آلة الذبح فلم يذبحه حتى مات لم يحلّ. نعم؛ لو أغرى الكلب به حينئذ حتى يقتله فقتله حلّ أكله.
مسألة ۱۷89: لا يجب المبادرة إلى الصيد من حين إرسال الكلب، ولا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه، والأحوط المبادرة حينما أوقفه وصيّره غير ممتنع، هذا إذا احتمل أنّ في المسارعة إليه إدراك ذكاته، أمّا إذا علم بعدم ذلك ولو من جهة بُعد المسافة على نحوٍ لا يُدركه إلا بعد موته بجناية الكلب، فلا إشكال في عدم وجوب المسارعة إليه.
مسألة ۱۷90: إذا عضّ الكلب الصيد كان موضع العضة نجساً، فيجب غسله ولا يجوز أكله قبل غسله.
مسألة ۱۷91: لا يعتبر في حلّ الصيد وحدة المرسل؛ فإذا أرسل جماعة كلباً واحداً مع اجتماع الشرائط في الجميع أو في واحد منهم مع كفاية إغرائه في ذهاب الكلب لو كان هو المغري وحده حلّ صيده، وكذا لا يعتبر وحدة الكلب؛ فإذا أرسل شخصٌ واحد كلاباً فاصطادت على الإشتراك حيواناً حلّ، نعم؛ يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط، فلو أرسل مسلم وكافر كلبين فاصطادا حيواناً لم يحلّ، وكذا إذا كانا مسلمين فسمّى أحدهما ولم يسمّ الآخر، أو كان كلب أحدهما معلّماً دون كلب الآخر، هذا إذا استند القتل إليهما معاً، أما إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما فأثخنه وأشرف على الموت، ثم جاءه الآخر فأصابه يسيراً بحيث استند الموت إلى السابق، اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير، إذا أجهز عليه اللاحق بعد أنْ أصابه السابق ولم يوقفه، بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللّاحق لا غير، اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.
مسألة ۱۷92: إذا شك في أنَّ موت الصيد كان مستنداً إلى جناية الكلب أو إلى سبب آخر لم يحلّ. نعم؛ إذا كانت هناك أمارة عرفية على استناده إليها حلّ.
مسألة ۱۷93: لا يحلّ الصيد المقتول بالآلة الجامدة إلا إذا كانت الآلة سلاحاً قاطعاً، كان كالسيف والسكين والخنجر ونحوها، أو شائكاً كالرمح والسهم والعصا، وإنْ لم يكن في طرفهما حديدة، بل كانا محددين بنفسهما، نعم؛ يعتبر الجرح فيما لا حديدة له دون ما فيه حديدة، فإنَّه إذا قتل بوقوعه على الحيوان حلّ، وإنْ لم يجرحه، بخلاف ما لا حديدة له، فإنَّه لا يحلّ إذا وقع معترضاً، فالمعراض -وهو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين- إنْ قتل معترضاً لم يحلّ ما يقتله، وإنْ قتل بالخرق حلّ.
مسألة ۱۷94: الظاهر أنَّه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات، كالذهب والفضة والصفر وغيرها، فيحلّ الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها.
مسألة 1795: لا يحلّ الصيد المقتول بالحجارة والمقمعة والعمود والشبكة والشرك والحبالة ونحوها من آلات الصيد ممّا ليست قاطعة ولا شائكة.
مسألة ۱۷96: ما لا يسمّى سلاحاً لا تجزي بها، بخلاف ما يسمى سلاحاً وإنْ لم يكن معتاداً.
مسألة ۱۷97: يحلّ الصيد بالبنادق المتعارفة في هذه الأزمنة إذا كانت محددة مخروطة، سواءً كانت من الحديد أم الرصاص أم غيرهما، نعم؛ إذا كانت البنادق صغيرة الحجم المعّبر عنها في عرفنا (بالصچم) فالأحوط المنع.
مسألة ۱۷98: يشترط في حلّ الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلماً، والتسمية حال الرمي، واستناد القتل إلى الرمي، وأنْ يكون الرمي بقصد الإصطياد، فلو رمى لا بقصد شيء أو بقصد هدفٍ أو عدو أو خنزير فأصاب غزالاً فقتله لم يحلّ، ولو رمى بقصد الإصطياد فأصاب غير ما قصد حلّ، ويعتبر في الحلّية أنْ تستقل الآلة المحللّة في القتل، فلو شاركها غيرها لم يحلّ كما إذا سقط في الماء أو سقط من أعلى الجدار إلى الأرض بعدما أصابه السهم فاستند الموت إليهما، وكذا إذا رماه مسلم وكافر ومن سمى ومن لم يسمّ، أو من قصد ومن لم يقصد، واستند القتل إليهما معاً، وإذا شك في الاستقلال في الاستناد إلى المحلّل بني علي الحرمة.
مسألة ۱۷99: إذا رمى سهماً فأوصلته الريح إلى الصيد فقتله حلّ إذا استندت الإصابة إلى رميه عرفاً، وكذا إذا أصاب السهم الأرض ثم وثب فأصابه فقتله.
مسألة ۱۸00: لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة، ولا وحدة الصائد، فلو رمى أحد صيداً بسهم وطعنه آخر برمح فمات منهما معاً، حلّ إذا اجتمعت الشرائط في كلّ منهما، بل إذا أرسل أحد كلبه إلى حيوان فعقره ورماه آخر بسهم فأصابه فمات منهما معاً حلّ أيضاً.
مسألة ۱۸01: إذا اصطاد بالآلة المغصوبة حلّ الصيد، وإنْ أثم باستعمال الآلة، وكان عليه أُجرة المثل إذا كان للاصطياد بها أجرة، ويكون الصيد مِلْكاً للصائد لا لصاحب الآلة.
مسألة ۱۸02: يختصّ الحلّ بالاصطياد بالآلة الحيوانية والجمادية بما كان الحيوان ممتنعاً بحيث لا يقدر عليه إلا بوسيلة كالطير والظبي وبقر الوحش وحماره ونحوها، فلا يقع على الأهلي الذي يقدر عليه بلا وسيلة، كالبقر والغنم والإبل والدجاج ونحوها، وإذا استوحش الأهلي حلّ لحمه بالاصطياد، وإذا تأهل الوحشي كالظبي والطير المتأهلين لم يحلّ لحمه بالاصطياد، وولد الحيوان الوحشي قبل أنْ يقوى على الفرار، وفرخ الطير قبل نهوضه للطيران بحكم الأهلي، فإذا رمى طيراً وفرخه فماتا حلّ الطير وحرم الفرخ.
مسألة ۱۸03: الثور المستعصي والبعير العاصي والصائل من البهائم يحلّ لحمه بالاصطياد كالوحشي بالأصل، وكذلك كلّ ما تردى من البهائم في بئر ونحوها وتعذّر ذبحه أو نحره، فإنَّ تذكيته تحصل بعقره في أي موضع كان من جسده، وإنْ لم يكن في موضع النحر أو الذبح، ويحلّ لحمه حينئذٍ، ويجري الحكم في العقر بالكلب، ولكن الأحوط الاقتصار في تذكيته بذلك على العقر بالآلة الجمادية.
مسألة ۱۸04: لا فرق في تحقّق الذكاة بالاصطياد بين حلال اللّحم وحرامه، فالسباع إذا اصطيدت صارت ذكية، وجاز الإنتفاع بجلدها، هذا إذا كان الصيد بالآلة الجمادية، أما إذا كان بالكلب ففيه إشكال.
مسألة ۱۸05: إذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين، فإنْ كانت الآلة ممّا يجوز الاصطياد بها مثل السيف والرمح والكلب، فإنْ زالت الحياة عنهما معا حلّتا جميعاً مع اجتماع سائر شرائط التذكية، وكذا إنْ بقيت الحياة ولم يتّسع الزمن لتذكيته. وإنْ وسع الزمان لتذكيته حَرُم الجزء الذي ليس فيه الرأس، وحلّ ما فيه الرأس بالتذكية، فإنْ مات ولم يذكّ حَرُم هو أيضاً، وإنْ كانت الآلة ممّا لا يجوز الاصطياد به كالحبالة والشبكة حَرُم ما ليس فيه الرأس، وحلّ ما فيه الرأس بالتذكية، فإنْ لم يذكّ حتى مات حرم أيضاً.
مسألة ۱۸06: الحيوان الممتنع بالأصل يملك بأخذه، كما إذا قبض على يده أو رجله أو رباطه، فإنَّه يملكه الآخذ، وكذا إذا نصب شبكة أو شركاً أو نحوهما من الآلات التي يعتاد الاصطياد بها فوقع فيها، فإنَّه يملكه ناصبها، وكذا إذا رماه بسهم أو نحوه من آلات الصيد فصيّره غير ممتنع، كما إذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران، فإنَّه يملكه الرامي، ويكون له نماؤه، ولا يجوز لغيره التصرف فيه إلا بإذنه، وإذا أفلت من يده أو شبكته، أو برأ من العوار الذي أصابه بالرمي، فصار ممتنعاً فاصطاده غيره لم يملكه ووجب دفعه إلى مالكه.
مسألة ۱۸07: إذا نصب الشبكة لا بقصد الإصطياد لم يملك ما ثبت فيها، وكذا إذا رمى لا بقصد الإصطياد فإنَّه لا يملك الرمية ويجوز لغيره أخذها وتملكها ما لم يقصد عدم التملك.
مسألة ۱۸08: إذا توحلَ الحيوان في أرضه، أو وثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئاً من ذلك، أما إذا أعدّ شيئاً من ذلك للاصطياد، كما إذا أجرى الماء في أرضه لتكون موحلة، أو وضع سفينته في موضع معين ليثب فيها السمك فوثب فيها، أو وضع الحبوب في بيته وأعدّه لدخول العصافير فيه فدخلت وأغلق عليها باب البيت أو طردها إلى مضيق لا يمكنها الخروج منه فدخله، ونحو ذلك من الإصطياد بغير الآلات التي يعتاد الإصطياد بها؛ يملك الحيوان في جميع ذلك.
مسألة ۱۸09: إذا سعى خلف حيوان فوقف للإعياء لم يملكه حتى يأخذه، فإذا أخذه غيره قبل أنْ يأخذه هو ملكه.
مسألة ۱۸10: إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد، فلم تمسكه الشبكة لضعفها وقوته فانفلت منها، لم يملكه ناصبها.
مسألة ۱۸11: إذا رمى الصيد فأصابه، لكنه تحامل طائراً أو عادياً بحيث بقي على امتناعه ولم يقدر عليه إلا بالاتباع والإسراع، لم يملكه الرامي.
مسألة ۱۸12: إذا رمى اثنان صيداً دفعةً، فإنْ تساويا في الأثر بأنْ أثبتاه معاً فهو لهما، وإذا كان أحدهما جارحاً والآخر مثبتاً وموقفاً له كان للثاني، ولا ضمان على الجارح، وإذا كان تدريجاً فهو ملك من صيّره رميته غير ممتنع، سابقاً كان أو لاحقاً.
مسألة ۱۸13: إذا رمى صيداً حلالاً باعتقاد كونه كلباً أو خنزيراً فقتله لم يحلّ.
مسألة ۱۸14: إذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع، فدخل داراً فأخذه صاحب الدار، ملكه بأخذه لا بدخول الدار.
مسألة ۱۸15: إذا صنع برجاً في داره لتعشعش فيه الحمام، فعشعشت فيه لم يملكها، فيجوز لغيره صيدها ويملكها بذلك.
مسألة ۱۸16: إذا أطلق الصائد صيده من يده، فإنْ لم يكن ذلك عن إعراض عنه بقي على ملكه لا يملكه غيره باصطياده، وإنْ كان عن إعراض صار كالمباح بالأصل، فيجوز لغيره اصطياده ويملكه بذلك، وليس للأوّل الرجوع عليه، وكذا الحكم في كلّ مال أعرض عنه مالكه حيوانا كان أو غيره.
مسألة ۱۸17: لا فرق بين أنْ يكون الإعراض ناشئاً عن عجز المالك عن إبقائه في يده وتحت استيلائه لقصور في المال أو المالك، وأنْ يكون لا عن عجز عنه بل لغرض آخر.
مسألة ۱۸18: الصائد يملك الصيد بالاصطياد إذا كان مباحاً بالأصل أو بمنزلته كما تقدم، ولا يملكه إذا كان مملوكاً لمالك، وإذا شك في ذلك بنى على الأول، إلا إذا كانت أمارة على الثاني، مثل أنْ يوجد طوق في عنقه أو قرط في أذنه أو حبل مشدود في يده أو رجله أو غيرها، وإذا علم كونه مملوكاً لمالك وجب ردّه إليه، وإذا جهل جرى عليه حكم اللّقطة إنْ كان ضائعاً، وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك، ولا فرق في ذلك بين الطير وغيره، نعم إذا ملك الطائر جناحيه فهو لمن أخذه، إلا إذا كان له مالك معلوم معيّن فيجب ردّه إليه، وإنْ كان علم أنَّ له مالكاً غير معيّن جري عليه حكم اللّقطة أو مجهول المالك عليه.