وهو الإخبار عن حقّ ثابت على المخبر، أو نفي حقّ له على غيره، ولا يختصّ بلفظ بل يكفي كلّ لفظ دال على ذلك عرفاً، بل تكفي الإشارة المعلومة أيضاً.
مسألة ۱۰37: يعتبر في الإقرار الجزم، فلو تردد أو لم يكن جازماً لم يكن إقراراً، كما لو قال: (أظن) أو (أحتمل أنَّك تطلبني).
مسألة ۱۰38: لا يعتبر في نفوذ الإقرار صدوره من المقر ابتداءً أو كونه مقصوداً بالإفادة، بل يكفي كونه مستفاداً من تصديقه لكلام آخر، كقوله: (نعم) أو (بلى) أو (أجل) في جواب من قال: (لي عليك كذا)، وكذا لو قال (الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد)، كان ذلك إقراراً منه بكونها ملكاً لزيد سابقاً، وهو يدّعي انتقالها منه إليه، ومن هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر: (بعنيه)؛ فإنَّ ذلك يكون اعترافاً منه بمالكيته له.
مسألة ۱۰39: يشترط في المقرّ به أنْ يكون مما لو كان المقرّ صادقاً في إخباره كان للمقر له إلزامه ومطالبته به، وذلك بأنْ يكون المقرّ به مالاً في ذمته أو عيناً خارجية أو منفعة أو عملاً أو حقاً، كحق الخيار والشفعة، وحقّ الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره، أو نصب الميزاب على سطح داره وما شاكل ذلك، وأما إذا أقرّ بما ليس للمقر له إلزامه به فلا أثر له، كما إذا أقرّ بأنَّ عليه لزيد شيئاً من ثمن خمر أو قمار ونحو ذلك لم ينفذ إقراره.
مسألة ۱۰40: لو أقر بشيء ثم عقّبه بما يضاده وينافيه، يؤخذ بإقراره ويلغى ما ينافيه، فلو قال: (لزيد عليّ عشرون ديناراً)، ثم قال: (لا بل عشرة دنانير) اُلزم بالعشرين. نعم؛ لو عقّبه بما يتضح به إقرار إلّا بما يستفاد من مجموع الكلام، فلو قال: (لزيد عليَّ عشرون ديناراً إلّا خمسة دنانير)، كان هذا إقرارا على خمسة عشر ديناراً فقط، ولا ينفذ إقراره إلّا بهذا المقدار.
مسألة ۱۰41: يشترط في المقر البلوغ والعقل والقصد والاختيار، فلا عبرة بإقرار من فقد إحدى تلك الصفات، كما لا يقبل إقرار السفيه فيما يتعلق بالمال، وإما المريض في مرض الموت فيقبل اقراره مع عدم التهمة، وإلاّ فينفذ في الثلث.
مسألة ۱۰42: يشترط في المقر له أهلية التملّك، ولو أقر لحيوان لم يصحّ إلّا إذا كان مراده أنَّه من مختصاته، وكذا لو أقر لمسجد أو مدرسة أو نحوهما، فيصحّ ويصرف المقر به فيما يتعلق بهما.
مسألة ۱۰43: لو أقر بمال وقال: (له عليَّ مال) أُلزم به، فإنْ فسرّه بما لا يملك لم يقبل.
مسألة ۱۰44: لو أقر بعين وقال: (هذا الدار لفلان)، بل (لفلان) العين للأول وغرم القيمة للثاني.
مسألة ۱۰45: لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف، ولو أقر بالدين المؤجل ثبت المؤجل ولم يستحقّ المقر له المطالبة به قبل الأجل، ولو أقر بالمردد بين الأقلّ والأكثر ثبت الأقلّ.
مسألة ۱۰46: لا يضرّ الإبهام في المقر له، فلو قال: (هذه التي بيدي لأحد هذين)، يقبل ويلزم التعيين، فمن عيّنه يقبل ويكون هو المقر له، فإنْ صدّقه الآخر فهو، وإلّا تقع المخاصمة بينه وبين من عيّنه المقر، ولو ادّعيا أو أحداهما عليه العلم كان القول قوله بيمينه.
مسألة ۱۰47: لو أبهم المقر به ثم عيّنه يقبل تعيينه ولو عيّنه من الأول وأنكره المقر له، فإنْ كان المقر به ديناً على ذمة المقر فلا أثر للإقرار، ولا يُطالب المقرّ بشيء وإنْ كان عيناً خارجية فالأحوط التراضي.
مسألة ۱۰48: إذا كذب المقر له المقر في إقراره، فإنْ كان المقر به ديناً أو حقاً لم يطالب به المقر، وإنْ كانت عيناً مجهول المالك لتبقى في يد المقر أمانة الى أنْ يتبين مالكه، وللمقر أنْ يخلّص نفسه من الدين أو العين بالإيصال الى المالك بدسه في أمواله، ولو رجع المقرّ له عن إنكاره يلزم المقر بالدفع.
مسألة ۱۰49: لو ادّعى البائع المواطاة على الإشهاد، وأنَّه لم يقبض الثمن كان عليه، إقامة البينة عليها، أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن.
مسألة ۱۰50: ينفذ الإقرار بالنسب كالإقرار بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك، ويؤخذ إقراره بالنسبة إلى ما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث ونحو ذلك، وأما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل، فإنْ كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره، مع احتمال صدقه وعدم المنازع إذا كان الولد صغيراً وكان تحت يده، ولا يشترط فيه تصديق الصغير، ولا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه، ويثبت بذلك النسب بينهما وبين أولادهما وسائر الطبقات، وأمّا في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار إلّا مع تصديق الآخر، فإنْ لم يصّدقه الآخر لم يثبت النسب، وإن صدّقه ولا وارث غيرهما توارثا، وفي ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، والاحتياط لا يترك، وكذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما، ولا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره، ثم نفاه بعد ذلك.
مسألة ۱۰51: لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه، ولو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل، ولو أقرّ باثنين فتناكرا، لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار، ولكن تبقى الدعوى قائمة بينهما، ولو أقرّ بأولى منه في الميراث، ثم أقر بأولى من المقر له أولاً، كما إذا أقر العم بالأخ ثم أقر بالولد، فإنْ صدّقه المقر له أولاً دفع إلى الثاني، وإلّا فإلى الأول ويُغرم للثاني.
مسألة ۱۰52: إذا أقر أحد ولدي الميت بولد آخر ثم أقر بثالث، وأنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف وللثاني السدس وللمقر الثلث، ولو كانا معلومي النسب لا يلتفت إلى إنكاره، وكذلك الحكم إذا كان للميت ولدان، وأقرّ أحدهما له بثالث وأنكره الآخر، وإذا كانت للميت زوجة وإخوة مثلاً وأقرت الزوجة بولد له، فإنْ صدقتها الإخوة كان ثُمن التركة للزوجة والباقي للولد، وإنْ لم تصدقها أخذت الأخوة ثلاثة أرباع التركة، وأخذت الزوجة ثمنها والباقي وهو الثمن للمقر له.
مسألة ۱۰53: يثبت النسب بشهادة عدلين، ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين، ولا بشهادة رجل ويمين، ولو شهد الأخوان بابن للميت وكانا عدلين كان أولى منهما ويثبت النسب، ولو كانا فاسقين لم يثبت النسب، ويثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث، وإلّا كان إقرارهما نافذًا في حقهما دون غيرهما.
مسألة ۱۰54: لو أقر الورثة جميعهم بدين على الميت يقبل قولهم، ولو أقرّ بعضهم دون بعض فإنْ أقر اثنان وكانا عدلين ثبت الدين على الميت، وإنْ لم يكونا عدلين أو كان المقرّ واحداً نفذ إقرار المقر في حقّ نفسه خاصة، ويؤخذ منه من الدين الذي أقر به بنسبة نصيبه من التركة، فلو كانت التركة عشراً ونصيب كلّ من الوارثين خمسة، فأقر أحدهما بدين خمسةٍ وكذّبه الآخر أخذ المقر له من نصيب المقر اثنين ونصف وهكذا.