إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة حسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قطع رأس ميت؟ فقال: إن اللّه حرّم منه ميتا كما حرم منه حيا، فمن فعل بميت فعلا يكون في مثله اجتياح نفس الحيّ فعليه الدية، فسألت عن ذلك أبا الحسن عليه السّلام فقال: صدق أبو عبد اللّه، هكذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قلت: فمن قطع رأس ميّت أو شقّ بطنه أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحيّ فعليه دية النفس كاملة؟ فقال: لا، و لكن ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تلج فيه الروح، و ذلك مائة دينار و هي لورثته، و دية هذا هي له لا للورثة، قلت: فما الفرق بينهما؟ قال: إنّ الجنين أمر مستقبل مرجو نفعه، و هذا قد مضى و ذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره، يحج بها عنه، و يفعل بها أبواب الخير، و البر من صدقة أو غيره، قلت: فإن أراد رجل أن يحفر له ليغسّله في الحفرة فسدر الرجل مما يحفر فدير به فمالت مسحاته في يده فأصاب بطنه فشقه فما عليه؟ فقال: إذا كان هكذا فهو خطأ، و كفارته عتق رقبة أو صيام شهرين (متتابعين)، أو صدقة على ستين مسكينا، مدّ لكل مسكين بمدّ النبي صلّى اللّه عليه و آله»4.
و في رواية محمد بن الصباح عن الصادق عليه السّلام قال: «أتى الربيع أبا جعفر المنصور- و هو خليفة- في الطواف فقال له: يا أمير مات فلان مولاك البارحة فقطع فلان مولاك رأسه بعد موته، فاستشاط و غضب، فقال: لابن شبرمة و ابن أبي ليلى و عدة معه من القضاة و الفقهاء: ما تقولون في هذا؟ فكلّ قال: ما عندنا في شيء، قال: فجعل يردد المسألة في هذا و يقول: اقتله أم لا، فقالوا: ما عندنا في هذا شيء فقال له بعضهم: قد قدم رجل الساعة فإن كان عند أحد شيء فعنده الجواب في هذا و هو جعفر بن محمد عليهما السّلام و قد دخل المسعى، فقال للربيع:
اذهب إليه و قل له: لو لا معرفتنا بشغل ما أنت فيه لسألناك أن تأتينا و لكن أجبنا في كذا و كذا، قال: فأتاه الربيع و هو على المروة فأبلغه الرسالة، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قد ترى شغل ما أنا فيه و قبلك الفقهاء و العلماء فاسألهم، قال له: قد سألهم فلم يكن عندهم فيه شيء، قال فردّه إليه فقال: أسألك إلا أجبتنا فيه فليس عند القوم في هذا شيء فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: حتى افرغ مما أنا فيه، فلما فرغ فجلس في جانب المسجد الحرام فقال للربيع: اذهب اليه فقل له: عليه مائة دينار، قال: فأبلغه ذلك، فقالوا له: فاسأله كيف صار عليه مائة دينار؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في النطفة عشرون دينارا و في العلقة عشرون دينارا و في المضغة عشرون دينارا و في العظم عشرون دينارا، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ و هذا هو ميت بمنزلة قبل أن ينفخ فيه الروح في بطن أمه جنينا، قال: فرجع إليه فأخبره بالجواب فأعجبهم ذلك فقالوا: ارجع إليه و سله الدنانير لمن هي؟ لورثته أو لا؟
فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس لورثته فيها شيء إنما هذا شيء صار إليه في بدنه بعد موته، يحج بها عنه، أو يتصدق بها عنه، أو يصير في سبيل من سبل الخير»٥، و غيرهما من الروايات.