لأن الاطمينانات العقلائية حجج إمضائية شرعية، أيضا ما لم يثبت الردع عنه شرعا و لم يثبت ذلك في المقام كما هو معلوم.
تثبت الوقفية بالشياع إذا أفاد العلم أو الاطمئنان (۱) و بإقرار ذي اليد أو ورثته (۲)، و بكونه في تصرف الوقف بأن يعامل المتصرفون فيه معاملة الوقف بلا معارض (۳)، و كذا تثبت بالبينة الشرعية (٤).
لأن إقرار العقلاء حجة على أنفسهم عقلا و نقلا كما تقدم في كتاب الإقرار1.
لتحقق الاطمئنان العرفي حينئذ بالوقفية، و الظاهر كون ذلك من الأمارات العرفية المتعارفة بين المتشرعة و جرت السيرة على ترتب آثار الوقفية عليها خلفا عن سلف.
لكون البينة حجة شرعية مطلقا على الإثبات ما لم يحدها الشرع بحد مخصوص و هو مفقود في المقام، بل يمكن أن يقال: ان قول ثقتين أمينين حجة عقلائية على الإثبات مطلقا ما لم يردع عنها الشرع، و ليس في البين إلا أصالة عدم الحجية التي أثبتوها بالأدلة الأربعة كما تقدم، و موردها غير الاطمينانات العرفية العادية و هي خارجة عنها تخصصا، و المفروض أن قول الثقتين الأمينين يفيد الاطمئنان العرفي العادي كما هو معلوم.
(مسألة ۱۰3): إذا أقرّ بالوقف ثمَّ ادعى أن إقراره كان لمصلحة يسمع منه (٥) لكن يحتاج إلى الإثبات، بخلاف ما إذا وقع العقد و حصل القبض ثمَّ ادعى أنه لم يكن قاصدا فإنه لا يسمع منه أصلا (٦)، كما هو الحال في جميع العقود و الإيقاعات.
أما أصل سماع الدعوى فلاحتمال الصحة فيه عند العرف و العقلاء و أنه أعرف بقصده و نيته، و أما عدم ترتب الأثر إلا بعد الإثبات بحجة معتبرة فلأصالة عدم ترتيب الأثر إلا بذلك.
لأنه بفعله السابق- الظاهر بل الصريح في الصحة- كذّب دعواه اللاحق بالمرة فلا موضوع لسماعة حتى يحتاج إلى الإثبات، و كذا الكلام في سائر العقود و الإيقاعات.
نعم، لو قامت حجة معتبرة على أنه غير قاصد لأفعاله الصادرة منه لعارض فيه تقبل الحجة حينئذ.
(مسألة ۱۰٤): كما أن معاملة المتصرفين معاملة الوقفية دليل على أصل الوقفية ما لم يثبت خلافها كذلك كيفية عملهم من الترتيب و التشريك و المصرف و غير ذلك (۷) دليل على كيفيته فيتبع ما لم يعلم خلافها (۸).
لظهور السيرة و الإجماع و اعتبار ظاهر الحال ما لم يثبت الخلاف.
لأصالة الصحة ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.
(مسألة ۱۰5): إذا كان ملك بيد شخص يتصرف فيه بعنوان الملكية لكن علم أنه قد كان في السابق وقفا لم ينتزع من يده بمجرد ذلك ما لم يثبت وقفيته فعلا (۹)، و كذا لو ادعى أحد أنه قد وقف على آبائه نسلا بعد نسل و أثبت ذلك من دون أن يثبت كونه وقفا فعلا (۱۰). نعم، لو أقر ذو اليد في مقابل خصمه بأنه قد كان وقفا إلا أنه قد حصل المسوّغ للبيع و قد اشتراه سقط حكم يده و ينتزع منه، و يلزم بإثبات الأمرين وجود المسوّغ للبيع و وقوع الشراء (۱۱).
لظاهر يده الفعلية ما لم يثبت خلافه فعلا و مجرد العلم بالوقفية سابقا لا يثبت الوقفية الفعلية مع اليد الفعلي على الخلاف، و قد تقرر في محله تقدم اليد على الاستصحاب.
لاستصحاب بقاء الوقفية ما لم تكن حجة معتبرة على الخلاف.
لصيرورته مدعيا حينئذ و يسقط يده عن الاعتبار و لا بد له من إثبات دعواه و إلا يترتب عليه آثار الوقفية.
(مسألة ۱۰6): إذا كان كتاب أو مصحف أو صفر مثلا بيد شخص و هو يدعي ملكيته و كان مكتوبا عليه أنه وقف لم يحكم بوقفيته بمجرد ذلك (۱۲) فيجوز الشراء منه. نعم، الظاهر أن وجود مثل ذلك عيب و نقص في العين (۱۳)، فلو خفي على المشتري ثمَّ اطلع عليه كان له خيار الفسخ (۱٤).
لأن يده أمارة الملكية و الكتابة أعم من الوقفية الفعلية كما مر.
لأن المتشرعة يتأملون في اشترائه بل يتنافرون عن ترتب آثار الملكية عليه.
أما اعتبار الخفاء على المشتري فلما مر في خيار العيب من اعتبار عدم العلم بالعيب، و أما ثبوت الخيار بعد تحقق العيب فلتحقق المقتضي له و فقد المانع حينئذ فيثبت لا محالة.
(مسألة ۱۰7): لو ظهر في تركة الميت ورقة بخطه أن ملكه الفلاني وقف و انه قد وقع القبض و الإقباض لم يحكم بوقفيته بمجرد ذلك ما لم يحصل العلم أو الاطمئنان به، لاحتمال أنه كتب ليجعله وقفا (۱٥) كما يتفق ذلك كثيرا.
لأن كتابه الوقف جامعة للشرائط أعم من وقوعه خارجا كذلك.
نعم، لو شهدت البينة في الكتابة رؤية القبض و الإقباض تتحقق الوقفية حينئذ لحجية البينة.
(مسألة ۱۰8): إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالأنعام الثلاثة لم يجب على الموقوف عليهم زكاتها و إن بلغت حصة كل منهم حد النصاب (۱٦)، و أما لو كانت نمائها منها كالعنب و التمر ففي الوقف الخاص وجبت الزكاة على كل من بلغت حصته النصاب من الموقوف عليهم لأنها ملك طلق لهم بخلاف الوقف العام، و إن كان مثل الوقف على الفقراء لعدم كونه ملكا لواحد منهم إلا بعد قبضه (۱۷). نعم، لو اعطى الفقير مثلا حصة من الحاصل على الشجر قبل وقت تعلق الزكاة- كما قبل احمرار التمر و اصفراره- وجبت عليه الزكاة إذا بلغت حد النصاب (۱۸).
لأن من شرط وجوب الزكاة الملكية و الموقوف عليه ليس بمالك للعين فيها.
و مورد تعلق الزكاة ملكية الثمر على الشجر لا ملكية الحاصل بعد الاقتطاف فإنه لا وجه لتعلق الزكاة به كما مر في كتاب الزكاة.
لوجود المقتضي حينئذ لتعلق وجوب الزكاة و فقد المانع عنه.
(مسألة ۱۰9): الوقف المتداول بين الأعراب و بعض الطوائف من غيرهم يعمدون إلى نعجة أو بقرة و يتكلمون بألفاظ متعارفة بينهم، و يكون المقصود ان تبقى و تذبح أولادها الذكور و تبقى الإناث، و هكذا الظاهر بطلانها لعدم الصيغة و عدم القبض و عدم تعيين المصرف و غير ذلك (۱۹).
و كذا لو شك في أنها جامعة للشرائط أو لا، و ذلك لمكان جهلهم بها.
نعم، لو أمكن حمل فعلهم على الصحة يحمل عليها.
(مسألة ۱۱0): الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السّلام أو غيره من المعصومين عليهم السّلام من صنف خاص أو أهل بلد لإقامة مأتمهم أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة مخصوصة إلى مشاهدهم عليهم السّلام أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة (۲۰)، و ليست باقية على ملك مالكها و لا يجوز الرجوع فيها (۲۱)، و إذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها (۲۲)، و إذا تعذر صرفها في الجهة المعينة تصرف في سبل الخير (۲۳).
لأصالة عدم تحقق عنوان الوقفية، و أما تحقق عنوان الصدقة و التبرع فيدل عليه ظاهر الحال هو حجة عند المتعارف.
لأن ظاهر العطية و التبرع أن المالك أخرجه من ملكه إلا إذا استفيد من القرائن الخارجية أن الإخراج كان ما دام الصرف لا غيره.
لفرض إخراجها عن ملكه بالإعطاء إلى الطرف.
لأنها مورد صرف تلك الأموال و إن كان الأحوط مراعاة الأقرب فالأقرب.
(مسألة ۱۱1): يجوز أن يشتري ملكا من سهم سبيل اللّه من الزكاة و يجعله مسجدا أو مدرسة أو مسكنا للزوار أو الحجاج أو الفقراء أو نحو ذلك مما فيه مصلحة المسلمين، كما يجوز تعمير ما احتاج إليه مثل الموقوفات المذكورة من السهم المذكور أو مما مصرفه وجوه البر (۲٤).
كل ذلك لإطلاق سبيل اللّه عليه الشامل للجميع، و كذا يجوز من سهم الإمام عليه السّلام مع إذن نائبه.
- راجع ج 21 صفحة: 232