كل ذلك لإطلاق قوله عليه السّلام: «الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها»1، و ظهور الإجماع على صحة ذلك كله، و للسيرة المستمرة بين المتشرعة، و لما ورد في كيفية أوقاف علي عليه السّلام2.
يجوز للواقف أن يجعل تولية الوقف و نظارته لنفسه- دائما أو إلى مدة- مستقلا أو مشتركا مع غيره و كذا يجوز جعلها للغير كذلك (۱).
(مسألة ۸8): يجوز أن يجعل أمر التولية بيد شخص بأن يكون المتولي كل من يعينه ذلك الشخص، بل يجوز التولية لشخص و يجعل أمر تعيين المتولي بعده بيده و هكذا كل متولي يعين المتولي بعده (۲).
لما تقدم في سابقة من غير فرق، مضافا إلى قاعدة السلطنة المقتضية لصحة الجميع ما لم ينه عنه الشرع و هو مفقود.
(مسألة ۸9): إنما يكون للواقف جعل التولية لنفسه أو لغيره حين إيقاع الوقف و في ضمن عقده (۳)، و أما بعد تمامه فهو أجنبي عن الوقف فليس له جعل التولية لأحد و لا عزل من جعله متوليا عن التولية إلا إذا اشترط لنفسه ذلك (٤) بأن جعل التولية لشخص و شرط أنه متى أراد أن يعزله عزله.
لأنه بعد تمامية الوقف يصير أجنبيا عنه كما يأتي من الماتن فلا أثر لجعله كما في كل من يكون أجنبيا عنه حيث لا أثر لجعله مطلقا.
للأصل و الإطلاق و الاتفاق فيجري حكم الشرط الصحيح حينئذ.
(مسألة ۹0): لا إشكال في عدم اعتبار العدالة فيما إذا جعل التولية و النظر لنفسه (٥)، و في اعتبارها فيما إذا جعل النظر لغيره قولان أقواهما العدم (٦). نعم، الظاهر أنه يعتبر فيه الأمانة و الكفاية (۷)، فلا يجوز جعل التولية خصوصا في الجهات و المصالح العامة (۸) لمن كان خائنا غير موثوق به، و كذا من ليس له الكفاية في تولية أمور الوقف، و من هنا يقوي اعتبار التميز و العقل فيه فلا يصح تولية المجنون و الصبي الغير المميّز (۹).
للأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق إلا ما يظهر من الكفاية و الرياض و لم يستدلا بشيء يصح الاعتماد عليه.
للأصل و ظواهر ما وصل إلينا من أوقاف الأئمة عليهم السّلام. و عن جمع اعتبارها و استدل عليه.
تارة: بعدم معرفة الخلاف كما في الحدائق.
و أخرى: بما عن علي عليه السّلام في بعض أوقافه: «فإن وجد فيهم- بني على- من يرضى بهداه و إسلامه و أمانته فإنه يجعله إليه إنشاء»3.
و فيه: أن الأول ليس من الإجماع المعتبر، مع أنه يمكن أن يكون مراد الجميع مانعية الخيانة كما هو مسلّم بين الجميع لا شرطية العدالة، و الثاني أعم من العدالة المصطلحة كما هو معلوم، فيصح أن يستدل به على عدم اعتبار العدالة لأن الهدى و الأمانة و الإسلام أعم من العدالة كما لا يخفى.
لمرتكزات المتشرعة قديما و حديثا بل كل واقف بالنسبة إلى كل ما وقف فيصح حينئذ دعوى إجماع العقلاء فضلا عن الفقهاء على اعتباره، و هو المراد مما تقدم في وقف أمير المؤمنين عليه السّلام و لعله هو المراد من الجميع فلا نزاع حينئذ في البين، إذ الفطرة تأبى عن تولية من لم يحرز أمانته و لا كفايته.
لأنها ولايته نوعية قل من يسلم جميع جهاتها و موازينها إلا من
عصمه اللّه تعالى.
لاستقباح المتشرعة و استنكارهم لذلك فتقصر الأدلة عن شمولها لكون الاستنكار من القرينة المتصلة، بل و كذا الصبي المميز أيضا إن كانت التولية شاملة للإجازة لظهور الاتفاق على بطلان عقوده.
نعم، لو كان المراد بالتولية مجرد جعل الآلة لأخذ شيء من مورد خاص و إعطائه لشخص مخصوص فتصح بالنسبة إلى غير المميز فضلا عن المميّز، بل يصح للمجنون الذي يقع ذلك منه لفرض كون الجميع كالآلة المحضة.
(مسألة ۹1): لو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول سواء كان حاضرا في مجلس العقد أو لم يكن حاضرا فيه ثمَّ بلغ إليه الخبر و لو بعد وفاة الواقف (۱۰)، و لو جعل التولية لأشخاص على الترتيب و قبل بعضهم لم يجب القبول على المتولين بعده (۱۱)، فمع عدم القبول كان الوقف بلا متول منصوب (۱۲)، و لو قبل التولية فهل يجوز له عزل نفسه بعد ذلك كالوكيل أم لا قولان (۱۳)، لا يترك الاحتياط بأن لا يرفع اليد عن الأمر و لا يعزل نفسه و لو عزل يقوم بوظائفه مع المراجعة إلى الحاكم (۱٤).
كل ذلك لأصالة البراءة عن وجوب القبول بعد عدم دليل عليه من عقل أو نقل، مضافا إلى ظهور إجماعهم على عدم الوجوب و تنظير المقام على الوصية قياس لا نقول به، و يأتي في الوصية بعض الكلام إنشاء اللّه تعالى.
لما مر في سابقة من غير فرق.
يأتي حكمه في مسألة ۹7 إن شاء اللّه تعالى.
نسب الأول إلى جمع لاستصحاب الجواز الثابت قبل القبول و لأصالة البراءة عن وجوب القبول حدوثا و بقاء، و يظهر عن بعض الثاني لأصالة اللزوم في عقد الوقف المنبسط ذلك اللزوم على جميع ما يشمل العقد عليه من
الخصوصيات و الجهات و هو حسن إن ثبت اللزوم في المقام بهذا النحو، و أما إن لم يثبت ذلك من الأدلة بل كان المستفاد منها في نظائر المقام كونها من قيام الناس بعضهم بقضاء حاجة البعض.
و بعبارة أخرى: اللزوم الاخلاقي لا الشرعي الحقي فلا وجه للوجوب.
نعم، ربما يكون خلاف الأخلاق و منه يظهر وجه الاحتياط المذكور.
لاقتضاء ولايته على الأمور الحسبية تصديه لأمثال ذلك و رجوع الناس اليه فيها.
(مسألة ۹2): لو شرط التولية لاثنين فإن صرح باستقلال كل منهما استقل و لا يلزم عليه مراجعة الآخر (۱٥)، و إذا مات أحدهما أو خرج عن الأهلية انفرد الآخر (۱٦)، و إن صرّح بالاجتماع ليس لأحدهما الاستقلال (۱۷)، و كذا لو أطلق (۱۸) و لم تكن على إرادة الاستقلال قرائن الأحوال و حينئذ لو مات أحدهما أو خرج عن الأهلية يضم الحاكم إلى الآخر شخصا آخر على الأحوط لو لم يكن الأقوى (۱۹).
لفرض شرطية الاستقلال لكل منهما.
لوجود المقتضي للانفراد حينئذ و هو شرطية الاستقلال لكل واحد منهما و فقد المانع.
لأصالة عدم الولاية بعد أن شرط الواقف الاجتماع.
لأن ظاهر جعلها لاثنين قرينة على الاجتماع ما لم تكن قرينة أقوى على الخلاف، مضافا إلى أصالة عدم الولاية الاستقلالية ما لم تثبت ذلك.
للإطلاق و الاتفاق و السيرة من المتشرعة على ترتيب آثار الوقف الصحيح على ذلك، و تقدم سابقا في وقف الكافر ما يتعلق بالبيع و الكنائس و جهات الواقف عليهما من الكفار في كتاب الجهاد فراجع، و الظاهر عدم الفرق بين أن يقف نصراني على أهل ملته أو يهودي على النصراني أو بالعكس و كذا في سائر الملل و الأديان.
وجه التردد احتمال كون المورد من منصوص التولية إن ثبت تحليل جعل التولية إلى الاستقلالية بعد فوت أحدهما بأن يكون ذلك ملحوظا له حين جعل التولية.
للإطلاق و الاتفاق و السيرة من المتشرعة على ترتيب آثار الوقف الصحيح على ذلك، و تقدم سابقا في وقف الكافر ما يتعلق بالبيع و الكنائس و جهات الواقف عليهما من الكفار في كتاب الجهاد فراجع، و الظاهر عدم الفرق بين أن يقف نصراني على أهل ملته أو يهودي على النصراني أو بالعكس و كذا في سائر الملل و الأديان.
(مسألة ۹3): لو عيّن الواقف وظيفة المتولي و شغله فهو المتبع (۲۰)، و لو أطلق كانت وظيفته ما هو المتعارف (۲۱) من تعمير الوقف و إجارته و تحصيل أجرته و قسمتها على أربابه و أداء خراجه و نحو ذلك كل ذلك على وجه الاحتياط و مراعاة الصلاح (۲۲)، و ليس لأحد مزاحمته في ذلك حتى الموقوف عليهم (۲۳)، و يجوز أن ينصب الواقف متوليا في بعض الأمور و آخر في الآخر (۲٤)، كما إذا جعل أمر التعمير و تحصيل المنافع إلى أحد و أمر حفظها و قسمتها على أربابها إلى آخر أو جعل لواحد أن يكون الوقف بيده و حفظه و للآخر التصرف، و لو فوّض إلى واحد التعمير و تحصيل الفائدة و أهمل باقي الجهات من الحفظ و القسمة و غيرهما كان الوقف بالنسبة إلى غير ما فوّض إليه بلا متول منصوب فيجري عليه حكمه (۲٥) و سيأتي.
لعموم «المؤمنون عند شروطهم»4، مضافا إلى إجماع الفقهاء بل العقلاء.
لتنزل كل إطلاق على المتعارف ما لم يكن دليل على الخلاف.
أما مراعاة الاحتياط فلأنه حسن مطلقا خصوصا في الموقوفات بل قد يكون واجبا في المقام، و قد يكون راجحا و التشخيص موكول إلى نظره بعد أن كان أمينا كما هو المفروض، و أما مراعاة الصلاح فلكونه من مقومات المتولي عند الناس كما لا يخفى.
لفرض ثبوت ولايته شرعا فلا بد من اتباع نظره و تحرم مزاحمته كما في سائر من ثبت ولايته في الشرع.
كل ذلك لقاعدة السلطنة و إطلاق الأدلة و إجماع الإمامية و السيرة المستمرة.
لظهور التفويض في ذلك فيكون بالنسبة إلى سائر الجهات مهملة فيجري عليه حكمه الآتي.
(مسألة ۹٤): لو عين الواقف للمتولي شيئا من المنافع تعين و كان ذلك أجرة عمله ليس له أزيد من ذلك و إن كان أقل من أجرة مثله (۲٦)، و لو لم يذكر شيئا فالأقرب أن له أجرة المثل (۲۷).
أما تعيين ما عين له الواقف فلفرض قبوله حين جعل التولية له كما في سائر موارد جعل الأجرة حيث يتعين ذلك فيها أيضا، و أما كونه أجرة عمله فلفرض تباينهما عليه و أما أنه ليس له أزيد منه و إن كان أقل من أجرة المثل فلفرض إقدام المتولي عليه من عند نفسه و باختياره فيكون تصرفه فيما زاد عليه غصبا و خيانة.
لأصالة احترام العمل التي هي من الأصول النظامية، و عن صاحب الحدائق المناقشة في ذلك لأن العين الموقوفة و منافعها خرجت عن تحت سلطة الواقف و المتولي فليس له حق التصرف فيهما إلا بإذن الموقوف عليهم و مع عدمهم فالحاكم الشرعي.
و فيه: أن مؤن حفظ الوقف تخرج من الوقف إجماعا و أجرة المتولي من جملة المؤن فلا تدخل في ملك الموقوف عليهم أصلا حتى يحتاج إلى الإذن منهم.
(مسألة ۹5): ليس للمتولي تفويض التولية إلى غيره حتى مع عجزه عن التصدي (۲۸) إلا إذا جعل الواقف له ذلك عند جعله متوليا (۲۹). نعم، يجوز له التوكيل في بعض ما كان تصديه من وظيفته (۳۰) إذا لم يشترط عليه المباشرة (۳۱).
لأصالة عدم ثبوت هذا الحق له إلا بدليل خاص و هو مفقود.
لثبوت هذا الحق حينئذ له ممن له حق ذلك.
للأصل و السيرة و الإجماع.
لوجوب الوفاء بالشرط حينئذ لعموم الأدلة الدالة على لزوم الوفاء به- كما مر- الشامل للمقام كغيره فلا يجوز له التوكيل حينئذ.
(مسألة ۹6): يجوز للواقف أن يجعل ناظرا على المتولي (۳۲) فإن أحرز أن المقصود مجرد اطلاعه على أعماله لأجل الاستيثاق فهو مستقل في تصرفاته (۳۳)، و لا يعتبر إذن الناظر في صحتها و نفوذها (۳٤)، و إنما اللازم عليه اطلاعه (۳٥)، و إن كان المقصود إعمال نظره و تصويب عمله لم يجز له التصرف إلا بإذنه (۳٦) و تصويبه و لو لم يحرز مراده فاللازم مراعاة الأمرين (۳۷).
لأصالة الإباحة و قاعدة السلطنة و إطلاق: «الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها»5، و الإجماع و السيرة.
لفرض أن نظر الناظر حينئذ من مجرد الطريق إلى كون المتولي صالحا للتولية، و المفروض تحقق صلاحيته كان هناك ناظر في البين أولا.
لفرض عدم الموضوعية لنظر الناظر بوجه من الوجوه، و إنما هو طريق محض إلى كون المتولي صالحا فيما ولي فيه من تمام الجهات و المفروض تحققه.
لأنه لا معنى لنظارته على هذا الوجه إلا ذلك كما هو واضح.
لفرض أن لنظره و إذنه موضوعية خاصة حينئذ و ليس هو من الطريق المحض كما تقدم في القسم الأول.
يعني لا بد حينئذ من الاستيذان منه مضافا إلى اعتبار اطلاعه عليه، و ذلك للعلم الإجمالي بأن نظارته لا تكون إلا من أحد القسمين و هو منجز
فيجب العمل به، و الظاهر صحة الاكتفاء بالإذن لملازمته مع العلم و الاطلاع غالبا ما لم تكن قرينة على الخلاف.
(مسألة ۹7): إذا لم يعين الواقف متوليا أصلا: فأما الأوقاف العامة فالمتولي لها الحاكم أو المنصوب من قبله على الأقوى (۳۸)، و أما الأوقاف الخاصة فالحق أنه بالنسبة إلى ما كان راجعا إلى مصلحة الوقف و مراعاة البطون من تعميره و حفظ الأصول و إجارته على البطون اللاحقة و نحوها، كالأوقاف العامة توليتها للحاكم أو منصوبه (۳۹)، و أما بالنسبة إلى تنميته و اصلاحاته الجزئية المتوقف عليها في حصول النماء الفعلي كتنقية أنهاره و كريه و حرثه و جمع حاصله و تقسيمه و أمثال ذلك فأمرها راجع إلى الموقوف عليهم الموجودين (٤۰).
لأن مثل ذلك من الأمور الحسبية التي لا بد له من القيام بها بعد صيرورة الواقف كالأجنبي بعد تمامية الوقف و أصالة عدم ولاية الموقوف عليهم على ذلك و إنما يكون لهم حق الانتفاع فقط.
لما تقدم في سابقة من غير فرق بينهما إلا أن دائرة التعميم في الأوقاف العامة أوسع و في المقام أضيق.
لفرض أن كل ذلك من مصالحهم الشخصية الراجعة إلى جهات انتفاعهم عن العين الموقوفة فلا وجه لقيام غيرهم مقامهم، فتكون كما إذا كان للعين متوليا خاصا لم يشترط له المباشرة في تصدي ذلك.
(مسألة ۹8): في الأوقاف التي توليتها للحاكم و منصوبه مع فقده و عدم الوصول إليه توليتها لعدول المؤمنين (٤۱).
لأن التصدي للقيام بالأمور الحسبية مطلوب منهم أيضا. إنما الكلام أنهم في عرض الحاكم الشرعي فيجوز لهم التصدي لها و لو مع وجود الحاكم الشرعي و إمكان تصديه أو أنهم في طوله فلا يجوز لهم ذلك مع إمكان تصديه؟
و الحق هو الأول مع كون تصديهم على طبق الوظيفة الشرعية و كانوا خبراء بالجهات الشرعية و العرفية لما يتصدون له، و ذلك لعموم مثل قولهم عليهم السّلام: «كل معروف صدقة»6، و كذا: «اللّه في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المؤمن»7، إلى غير ذلك مما يستفاد منه التعميم و لا مخصص في البين من عقل أو نقل إلا دعوى أصالة عدم الولاية.
و فيه: أنه لا وجه للولاية في المقام أصلا و إنما المناط كله إتيان العمل على الوجه الصحيح الشرعي و المفروض حصول ذلك منهم، و تعرضنا للتفصيل في غير المقام8.
(مسألة ۹9): لا فرق فيما كان أمره راجعا إلى الحاكم بين ما إذا لم يعين الواقف متوليا و بين ما إذا عين و لم يكن أهلا لها أو خرج عن الأهلية (٤۲)، فإذا جعل التولية للعادل من أولاده و لم يكن بينهم عادل أو كان ففسق كان كأن لم ينصب متوليا.
لأن وجوده حينئذ كالعدم بلا فرق حينئذ بين العدم الأصلي للمتولي و العدم العارضي في شموله دليل ولاية الحاكم لكليهما.
(مسألة ۱۰0): لو جعل التولية لعدلين من أولاده مثلا و لم يكن فيهم إلا عدل واحد ضم الحاكم إليه عدلا آخر (٤۳)، و أما لو لم يوجد فيهم عدل أصلا فهل اللازم على الحاكم نصب عدلين أو يكفي نصب واحد؟ أحوطهما الأول و أقواهما الثاني (٤٤).
حفظا لغرض الواقف مهما أمكن لأنه مع فقد العدل الآخر يكون بلا متولي من هذه الجهة فتنقل التولية إلى الحاكم الشرعي فإما أن يقوم فيها بنفسه أو ينصب عدلا آخر.
لفرض انتقال أصل التولية إليه، و مقتضى الأصل عدم وجوب التعدد و عدم وجوب ملاحظة نظر الواقف عليه، و ظاهر الواقف أن التعدد انما لو حظ في نظره مع وجود العدل في الأولاد و أما مع العدم فلا موضوع له.
نعم، لو علم بالقرائن إن للتعدد موضوعية خاصة مطلقا في نظر الواقف حتى في غير صورة وجود العدلين في الأولاد و يثبت مراعاة ما هو منظورة مطلقا وجب التعدد حينئذ و منه يعلم وجه الاحتياط، و الظاهر كفاية الأمانة فيمن ينصبه الحاكم و لا يحتاج إلى العدالة كما مر سابقا.
(مسألة ۱۰1): إذا احتاج الوقف إلى التعمير و لم يكن وجه يصرف فيه يجوز للمتولي أن يقترض له قاصدا أداء ما في ذمته بعد ذلك مما يرجع إليه كمنافعه أو منافع موقوفاته (٤٥)، فيفترض متولي البستان مثلا لتعميرها بقصد أن يؤدي بعد ذلك دينه من عائداتها و متولي المسجد أو المشهد أو المقبرة و نحوها بقصد أن يؤدي دينه من عائدات موقوفاتها، بل يجوز أن يصرف في ذلك من ماله بقصد الاستيفاء مما ذكر (٤٦). نعم، لو اقترض له لا بقصد الأداء منه أو صرف من ماله لا بنية الاستيفاء منه لم يكن له ذلك (٤۷) بعد ذلك.
أما جواز اقتراض المتولي لذلك فلأنه من فروع توليته عرفا لأنه إنما جعل متوليا لأن يتصدى لمصالح الوقف و هذا من المصالح بل ربما يكون من أهمها، مضافا إلى أصالة الإباحة و إطلاق الأدلة المرغبة إلى الإحسان و البر و الخير من الكتاب9، و السنة10، الشامل جميع ذلك للمقام إذ لا ريب في أنه بر و خير و إحسان، و تقدم في كتاب الزكاة أنه يجوز لولي الزكاة أن يقرض عليها، و أما مورد القرض فيمكن أن يكون ذمته نفس المتولي فإن له ذمتان إحديهما ذمته من شخصه و لنفسه ثانيهما ذمته من حيث ولايته على الوقف، و يصح اعتبار الذمة الثانية له عرفا كاعتبار الأولى كما يصح اعتبار الذمة في نفس الوقف أيضا فيقرض على الوقف و المراد بالذمة فيها تدارك ما اقترض لها منها و لا ريب في صحة اعتبارها عند العرف و العقلاء.
و أما لزوم قصد الأداء منها فلفرض أن القرض لها فلا بد و أن يتعين ذلك في أصل القرض و إلا يبطل القرض، لأنه لم يقترض لنفسه حتى يقع له فإن لم يقصد الأداء منها يصير القرض بلا مقترض في البين و هو باطل، فكل من وقع القرض له لا بدّ و أن يعين في عقد القرض و إلا بطل العقد و يصح الاقتراض على ذمة الحاكم الشرعي لاعتبار الذمة له بالنسبة إلى هذه الأمور و لكنه موقوف على الاستيذان منه أو إجازته، و فيما لو كان للموقوف متول معين يعتبر رضاه أيضا إن اقترض على ذمة الحاكم.
لأصالة الإباحة الوضعية و التكليفية و عدم منع في البين من عقل أو نقل، و لما أشرنا إليه من إطلاق الأدلة من الكتاب و السنة المرغبة إلى أنحاء البر و الخير، و كذا يجوز الاقتراض على سهم سبيل الإمام عليه السّلام و سهم سبيل اللّه من الزكاة، و كل مال جمع للصرف في الخيرات و المبرات، و كذا يجوز على ذمة الغير بعد الإذن أو الإجازة من الغير كل ذلك لعموم الأدلة المرغبة إلى البر و الخير.
إن كان من قصده التبرع المحض فقد خرج عن ملكه تبرعا و لكن لو لم يقصد ذلك فمقتضى أصالة بقاء المال على ملكه جواز أخذ بدله.
(مسألة ۱۰2): لو باع المتولي العين الموقوفة و لم يعلم أن بيعه كان مع وجود المسوّغ أو لا؟ يحكم بصحته (٤۸).
لجريان أصالة الصحة في عمله إن كان مورد الوثوق و الاطمئنان و احتمال القول بعدم جريانها لأن الموضوع متعلق بحق الغير لا بحق نفسه.
مدفوع: بأنه بعد فرض الوثوق و ثبوت ولايته لا فرق حينئذ بين الجهتين و كذا الحكم في الناظر.
- الوسائل باب: 2 من أبواب الوقوف.
- الوسائل باب: 10 من أبواب الوقوف الحديث: 4.
- الوسائل باب: 10 من أبواب الوقوف الحديث: 4.
- الوسائل باب: 22 من أبواب المهور الحديث: 4.
- الوسائل باب: 2 من أبواب الوقوف و الصدقات.
- الوسائل باب: 29 من أبواب فعل المعروف.
- الوسائل باب: 1 من أبواب فعل المعروف الحديث: 5.
- راجع ج: 16 صفحة: 369.
- تقدم في صفحة: 101.
- تقدم في صفحة: 101.