لقد شهد كلّ من عرف السيّد السبزواري رحمة الله علیه ، بكثرة تعبّده لله تعالى ، وعدم التهاون في أداء الواجبات والمستحبّات ، والابتعاد عن المحرمات والمكروهات .
يقول السيّد الستار : « واشتهر عنه أنّه كان كثير العبادة ، ملازماً لذكر مولاه ، مراقباً لنفسه ، لا يفترّ لسانه عن التسبيح والاستغفار ، وسائر الأوراد والأذكار ، حتّى أنّه لم يكن يترك نوافل الظهرين مع إمامته للجماعة » .
وسأذكر طُرفاً من عبادته ، مع مراعاة التفصيل والتبويب ، لتكون مثالاً يُحتذى لمن أراد السير والسلوك إلى الله تعالى .
ولكن قبل الدخول في بيان العبادات ، لابدّ لنا من وقفة عند أساتذة السيّد السبزواري رحمة الله علیه في العرفان ، لكي يعلم القارئ العزيز ما للأستاذ من دور كبير في العرفان والسير والسلوك .
قال السيّد رحمة الله علیه في المواهب :
« ليعلم أنّه لا يمكن السير والسلوك ، إلا بعد التزوّد بالمعرفة ، والعلوم الحقيقية ، والمُعلّم الذي يرشد الإنسان إلى طريق استكماله ، ومن ذلك يعرف أهمية أهل الذكر في الرجوع إليهم » ([1]).
ويقول قدوة العرفاء السيّد علي القاضي رضوان الله عليه :
« أهمّ ما يلزم في هذا الطريق ، الأستاذ الخبير البصير ، الخارج من أسر الهوى ، الواصل إلى المعرفة الإلهية … وإذا أمضى الإنسان الذي يطلب طريق الله نصف عمره يبحث عن أستاذ هذا الطريق ، فإنّه يكون مصيباً ، فمن وصل إلى الأستاذ ، وحصل عليه ، فقد قطع نصف الطريق »([2]).
فهنا نقول : إنّ لأساتذة السبزواري قدس سره دور كبير في تكوين شخصيّته العرفانية، فقد تتلمذ في مدينة مشهد المقدّسة على يد الأستاذ ، المربّي العارف ، الشيخ حسن على الأصفهاني ، ولازمه عشر سنوات ملازمة الظلّ ، مريداً له وتابعاً لأقواله وأفعاله .
وقد تحدّث السيّد السبزواري عن أُستاذه في العرفان ، فقال :
« إنَّ الشيخ الأصفهاني قدس سره في أحد مجالس درس التفسير، كان يدرّس كتاب ( الصافي ) للفيض الكاشاني قدس سره ، فأغمض عينيه أثناء الدرس ، وكأنّه قد غطَّ في نومٍ عميق ، ولم يجرأ أحد من تلامذته أن يوقظه ، إلى أن مرّ وقت ليس بالقصير فتح عينيه ، وهو يردّد « لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم » ، واعتذر عن الدرس، فأراد أحد تلامذته معرفة سرّ هذه الحالة ، فلم يصرّح له بشيء.
يقول السيّد السبزواري قدس سره : لمّا علمت بأنّ هذه الحالة خاضعة لبعض الأسرار الغيبيّة ، صرتُ ألحُّ عليه كثيراً لمعرفة السرّ ، إلى أن أجابني ، فقال :
إنّي في تلك الساعة ذهبتُ إلى النجف الأشرف لحضور تشييع جثمان أحد العلماء الصالحين .
يقول السيّد السبزواري قدس سره : وكنّا في مشهد الإمام الرضا علیه السلام ، فبادرت إلى ورقةٍ وكتبت اليوم والساعة بالتحديد .
ومرَّ وقت على الحادثة ، حتّى جاء أحد المؤمنين من النجف الأشرف ، فسألته عن يوم وفاة ذلك العالم ، ووقت تشييعه ، فأفاد بأنّ يوم الوفاة ووقت التشييع هو نفس اليوم ونفس الوقت الذي ذكره الشيخ الأصفهاني قدس سره .
وإلى هذه الحادثة يشير رحمة الله علیه في كتابه المواهب ، في أثناء الكلام عن خلع الرّوح بالشكل الإرادي ، وانتقال الجسد من مكان إلى آخر ، فيقول :
« وحينئذٍ قد يقدر العبد المجاهد المؤمن ، على الخلع واللّبس ، ومن حيث شروق نوره على هذا البدن ، يتحرّك البدن بقدر ذلك الشارق ، ومع درك هذه المرتبة ، قد يصل إلى مرتبة جمع الجمع ، بأن يكثر بدنه ، كما نُسب إلى بعض الأولياء ، من وجودهم في زمان واحد في أمكنة متعدّدة ، وقد رأينا بعض مشايخنا رضوان الله تعالى عليه ، ورآه بعض أصحابه في عين هذا البدن في محل آخر »([3]).
وتتلمذ في النجف الأشرف على يد العالم الربّاني ، محمّد حسين الكمباني ، والسيّد حسين البادكوبي ، وقد ذكر رحمة الله علیه في كتابه المواهب كرامة لأحد أساتذته ، فقال رحمة الله علیه في التعقيب على قول رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : « تنام عيني ولا ينام قلبي » .
« وقد رأينا بعض المشايخ أنّه رحمه الله تعالى في أثناء بحث التفسير ينام ، مع أنّه كان مشغولاً بالبحث حين النوم ، بلا خللٍ منه في البين»([4]).
والآن ، فلنشرع بذكر عباداته :
1 ـ الصلاة :
لقد كان السيّد السبزواري قدس سره عاشقاً للصلاة ، فهي قُرّة عينه ، ومعراجه إلى الله تعالى، ولذلك فقد كان يوصي أتباعه بالصلاة في أول وقتها ، لما في ذلك من التوفيق والبركة .
وكان لا يترك النوافل اليومية ، مع إمامته للجماعة ، وإلى مرحلة متأخّرة من عمره الشريف ، فإذا لم يؤدّها في وقتها ، قضاها بعد الوقت ، وقد رقد مدة في المستشفى، على أثر مرضه الذي أصيب فيه بجلطةٍ في القلب ، فقضى النوافل التي لم يتمكّن من أدائها أثناء دخول المستشفى([5]).
وأمّا صلاته في الليل ، فكان له فيها شأنٌ آخر ، لأنّه يرى فيها محلاً لعناية الله تعالى :
« وكم الله من نفحةٍ عطرة يمنُّ بها على من يشاء ، وجائزة موفرة يخصُّ بها مَنْ أخلص في الدعاء ، وكم من عبادة فيه ( وقت السحر ) هبّت عليها نسمات القبول ، ودعوة من ذي طلبة مشفوعة ببلوغ المأمول ، ومشكل مسائلٍ اتّضح بمصابيح الهداية ، وعَريضٌ من المطالب افتتح بمفاتيح الهداية ، فهو وقت العلماء العاملين ، والعرفاء والمتعبّدين ، والسعيد مَنْ سعد بإحياء هذا الوقت الشريف ، واستدر به أخلاف الكرام من الجواد اللطيف »([6]).
ولشدّة حبّه لصلاة الليل ، فقد أدخل في موسوعته الفقهية ، كيفيّة صلاة الليل مع أدعيتها بالتفصيل ، ولمّا سُئل عن إدراجه لصلاة الليل في الفقه الاستدلالي ، وهو عمل غير متعارف عند العلماء ، قال : « لعل الله يوفّق من يطبعها في كتاب مستقلّ ».
إضافة إلى ذلك ، فقد كان السيّد قدس سره مواظباً على صلاة جعفر الطيّار ، وكان يؤدّيها عند طلب الحوائج من الله تعالى، وكم قضى الله له حوائج متعسّرة ببركتها وفضلها ، كما تقدّم بعضها عند ذكر كراماته .
وكان قدس سره يُصلّي في مساجد النجف المهجورة ، حتّى لا تشتكي إلى الله تعالى، كما كان يتصدّى إلى قبور المؤمنين المندرسة ، كي يتقرّب إلى الله تعالى عندها ، ولِما ورد أنّ نبيّ الله موسى علیه السلام ، سأل ربّه أين أجدك ؟
فقال : تجدني عند القبور المندرسة والقلوب المنكسر([7]).
2 ـ تلاوة القرآن الكريم :
لقد كان للسيّد السبزواري قدس سره ارتباطٌ مستمرٌ مع القرآن الكريم ، لأنّه يرى فيه أنه « مأدبة الله تعالى » « وأنّ الله عزّ وجلّ تجلّى لخلقه في كلامه»، ولذلك فإنّه كان يعيش معه في كلّ أوقاته ، فقد كان يختمه في كلّ شهر ثلاث مرّات ، وأمّا في شهر رمضان فكان يختمه عشر مرّات ، وكان يُوصي بقراءته ولو بمقدار ورقة واحدة ، بحيث لا يعدّ المسلم تاركاً له ، وكان يواظب على بعض الآيات القرآنية ، كآية الكرسي ، وآخر الآيات من سورة الحشر .
وقال في المواهب :
« إنّ المتأمّل من أهل العرفان ، في جملة من الآيات الشريفة من سورة آل عمران ، والآيات المباركة في آخر سورة الحشر ، والآيات الأول من سورة الحديد، يعلم أنّها تتضمّن أبواباً من المعارف ، وحقائق من الواقعيّات ، وإشارات من المعنويات ، ولا يصل إلى جميع ذلك ، إلا بتصفية النفس ، والمجاهدة في سبيل الله .
وعن بعض المشائخ : أنّ في هذه الآيات أسراراً أفاضها الله تعالى علينا ، إنّه ولي الإفاضة ، خصوصاً في تكرار لفظ « هو » » أربع مرات»([8]).
وقد ترك لنا تفسيره « مواهب الرحمان » ليبقى شاهداً على مدى علاقته بالقرآن الكريم ، تلاوةً وتدبّراً وعملاً به .
۳ ـ الدُّعاء :
كان رحمة الله علیه دؤوباً على قراءة الأدعية والمناجاة ، وخصوصاً منها أدعية الصحيفة السجادية ، التي كانت تلازمه في جميع الأوقات ، ولشدّة عشقه للدُّعاء ، فقد جمع جملة من محفظته ، يحملها معه في حلّه وترحاله ، فيقرؤها حين تسنح له الفرصة ، حتّى أنّه رحمة الله علیه لم يترك دعاءً ورد عن الأئمّة علیهم السلام إلا وقرأه .
وكان شديد الالتزام بالأحراز ، لاسيّما ( الحرز اليماني ) ، الذي أخذه بإجازة من بعض مشايخه ، ويقول : إنَّ فيه شروطاً معيّنة ، وترتيباً خاصاً ، لابدّ من الإجازة الخاصّة .
4 ـ الذكر:
كان السيّد السبزواري قدس سره لهجاً بذكر الله تعالى في ليله ونهاره ، فلا يحرّك لسانه إلا بذكر الله تعالى ، فهو يرى أنّ الذكر « من أجلّ مقامات العارفين ، بل هو من أعظم مظاهر حبّ الحبيب لمحبوبه ، فإنَّ مَنْ أحبَّ شيئاً أكثر من ذكره ، ومن علامات الحبيب الاستمتاع بذكر حبيبه »([9]).
ولذلك فقد كان يذكر كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) عشرة آلاف مرّة في اليوم ، وذلك لما ورد في الحديث عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : « خير العبادة قول لا إله إلا الله »([10]).
وكان يلهج بالذكر اليونسي ، وهو « لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنتُ من الظالمين » ، ويقول : رأينا منه العجب العجاب .
ويُعتبر الذّكر اليونسي ، من أهمّ الأذكار التي أوصى بالعمل بها كبار العرفاء ، والتي تترك أثراً نورانيّاً في قلب العبد ، خصوصاً إذا ذكره في حال السجود .
وكانت أوراده الخاصّة ممّا أخذه من أساتذته الكرام ، في علم العرفان كالشيخ الاصفهاني والسيد البادكوبي ، وكان ضنيناً بها ، لا يبوح بها حتّى لخلّص أصحابه ، فليس من المبالغة في شيء أن يُقال إنّ الإمام السبزواري من أئمّة العرفان، وأرباب السلوك الكمّل الكتومين ، الذين لا يبوحون بكلّ ما يعلمون ، أو لعلّ أساتذته قدس سره لم يأذنوا له في أن يعطيها لغيره ، فمن تلك الأذكار ما ذكره السيّد قدس سره أنّه أعطاه السيّد البادكوبي ، واشترط عليه قراءته في وقت الشدّة فقط ، وكان مجرّباً ، ففي إحدى الحالات طرأت على السيّد حالة مرضية شديدة ، وهو في طريقه إلى إقامة الصلاة في مسجده الخاصّ به في محلّة الحويش ، فلم يتمكّن من المسير ، فتذكّر الذّكر الذي خصّه به أُستاذه السيّد البادكوبي فقرأه فقام من وقته ، وواصل مسيره إلى المسجد وصلّى، وبعد رجوعه إلى الدار أُحضر له الطبيب ، وبعد فحصه قرّر الطبيب بأنّ مرضه ورجع شديد، وكانت جلطة صعبة ، وتعجّب كيف ذهب إلى الصلاة وأدّاها ، ورجع إلى الدار ، وكان المرض مهلكاً لولا ما تداركته العناية الربّانية ببركة ذلك الذكر الخاصّ .
٥ ـ الرياضة النفسية :
كان قدس سره يجاهد نفسه ، ويروّضها في كلّ حالاته ، اقتداءً بأمير المؤمنين علیه السلام الذي قال : « وإنّما هي نفسي أروّضها بالتقوى ، لتأتي آمنةً يوم الخوف الأكبر »([11]).
ولذلك فإنّه كان قليل النوم ، بحيث أنّه لا ينام في اليوم والليلة أكثر من ثلاث ساعات ، وقليل الطعام ، تاركاً للمكروهات ، وفاعلاً للمستحبات ، ولا يُعطي نفسه ما تشتهي من الأمور المادّية الدنيوية .
٦ ـ المداومة على الطهارة :
كان قدس سره مداوماً على الوضوء والأغسال المستحبّة ، محافظاً على الطهارة في كلّ الأوقات ، وذلك لأنّه كان يرى في الطهارة نوراً ؛ فقد روي عن الإمام الصادق علیه السلام: « الوضوء على الوضوء نورٌ على نور»([12]).
۷ ـ العزلة :
كان قدس سره يحبّ الاعتزال ، ولا يميل إلى الاختلاط بالناس ، وخصوصاً في مرحلة الشباب ، وكانت له أوقات يعتزل فيها ليعتكف في بعض المساجد البعيدة عن الناس .
وقد جاء في مدح العزلة عن الإمام الصادق علیه السلام ، أنّه قال :
« صاحب العزلة متحصّنٌ بحصن الله ، ومتحرّسٌ بحراسته فيا طوبى لمنْ تفرّد به سرّاً وعلانية ، وفي العزلة صيانة الجوارح ، وفراغ القلب ، وسلامة العيش ، وكسر سلاح الشيطان ، والمجانبة من كلّ سوء وراحة ، وما من نبيّ ولا وصيّ إلا واختار العزلة في زمانه ، إمّا في ابتدائه وإمّا في انتهائه »([13]).
۸ ـ الصمت :
من المعروف أنّه قدس سره كان كثير الصمت ، ولا يتحدّث إلا عند الضرورة وبالمقدار اللازم ، وقد انعكس ذلك على أجوبته على المسائل الشرعيّة بحيث كان الجواب كلمات معدودة ، كما انعكس على دروسه وأبحاثه الفقهية ، كما هو واضح في كتابه « مهذَّب الأحكام » .
۹ ـ التفكر:
كان كثير التفكّر والتأمُّل والتدبُّر في القرآن الكريم .
۱۰ـ كتمان الأسرار:
كان السيّد العارف قدس سره كتوماً على أسراره العبادية ، بل ولا يسمح بذكر حالاته ومكاشفاته .
والمتتبع لكلمات السيّد رحمة الله علیه، يجد أنّه رحمة الله علیه كثيراً ما كان يتوقّف في التوسعة في المباحث العرفانية ، ويقول : ـ مثلاً ـ : « والبحث نفيس ، لو وجدتُ لهذا العلم الشريف حملةً » .
ويقول في بحث الدُّعاء : « ولم نذكر جملة أخرى منها ، لإمكان كونها من الأسرار »([14]).
۱۱ ـ الارتباط بأهل البيت علیهم السلام:
علاقة السيّد السبزواري قدس سره بأهل البيت علیهم السلام لا توصف ، فهو عاشق لهم مولعٌ بذكرهم ، ويتجلّى ذلك بوضوح في كتابه « مواهب الرحمان » ، فهو لا يذكرهم إلا مع الألقاب الرفيعة ، وحالات الخشوع والأدب تفوح من كلماته وقلمه .
وكان له ارتباط خاصّ بسيّد الشهداء الله علیه السلام ، فقد كان كثير البكاء عليه ، وقد خرج ماشياً على قدميه ـ وهو في سنّ العشرين ـ من مشهد الإمام عليّ الرضا علیه السلام إلى مرقد أمير المؤمنين علیه السلام في النجف الأشرف ، كما أنّه كثيراً ما كان يخرج ماشياً من النجف إلى كربلاء لزيارة سيد الشهداء الإمام الحسين علیه السلام.
وممّا يعكس مدى علاقته بالمعصومين علیهم السلام ، كلامه المذكور في كتاب «مواهب الرحمان » ، وممّا جاء فيه :
« ولا ريب في أنّ لسيّد الأنبياء علیهم السلام ، أرفع الدرجات على سائر المرسلين علیهم السلام ، لما ورد عنه صلی الله علیه و آله و سلم : « آدم ومنْ دونه تحت لوائي يوم القيامة » وفي الدنيا أيضاً ، يكون العلّة الغائية للخليقة مطلقاً ، وقد ثبت في محلّه أنّ العلّة الغائية علّة فاعلية بوجودها العلمي ، وغائية بوجودها الخارجي»([15]).
وقال في مورد آخر :
« وتختلف درجات الإصطفاء ، حسب اختلاف درجات الفضل ، ورأس كلّ مصطفىً ورئيسهم أشرف الكائنات على الإطلاق ، وسيّد الخلائق مجمعُ كلّ فضيلة ومكرمة ، ومظهر كلّ فيض ورحمة ، خاتم الأنبياء الذي وصل إلى ما لم يصل إليه أحد من العالمين ، في الأخلاق السامية ، والكمالات الإنسانية ، حتّى وصل إلى مقام قاب قوسين أو أدنى ، ممّا لا يحظى به الأملاك والأفلاك ، ويلحق به أهل بيته الذين هم من البضعة الطاهرة الصدّيقة ، التي تربّت في حجر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، ووصلت إلى مقام الرضا لأبيها ، وهو القائل فيها : « فاطمة منّي يرضيني ما يرضيها ويغضبني ما يغضبها » ، وهي مستودع علم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، ومظهر أخلاقه القدسيّة ، والذرّية الطيّبة من نسلها ، وهم المعصومون المطهّرون الممتازون عن سائر الخلق ، خَلقاً وخُلقاً ، وهم أسرار الله تعالى ، ومظهر أسمائه وصفاته ، ومحالّ تجلّياته الخاصّة، ومبلغ أمره ونهيه ، وهي من تلك الذرّية المصطفاة التي تبقى هذه الذرّية إلى آخر الدّهر ، لتقيم العدل وتمحق الجور »([16]).
([1]) مواهب الرحمان : ج 13 / 462 .
([2]) سيماء الصالحين : ص ۱۳۹.
([3]) مواهب الرحمان : ج ۷ / ۸۳ .
([4]) مواهب الرحمان : ج 4 / 263.
([5]) ألطاف الباري : ص 36 .
([6]) مهذب الأحكام : ج 5 / 99 ، نقلاً عن كتاب الجواهر.
([7]) قال & في شرح الحديث المذكور أعلاه في كتابه :
«أي كسرها حبّ الله جلّ جلاله ، وجبرها تجلّي المحبوب فيها ، فكسرت الهيبة الإيمانية جميع الحُجب الظلمانية ، بل الجهات الإمكانية ، فاتّصلت إلى معدن النور ومنبع الخير والسرور، فاستعدت للإشراق ، فأشرق عليها المعارف الحقّة ، والعلوم الغيبية » مواهب الرحمان : ج 5 / 266.
([8]) مواهب الرحمان : ج 5 / 30 .
([9]) مواهب الرحمان : ج 2 / 159 .
([10]) السير إلى الله : ص 159.
([11]) نهج البلاغة : الكتاب 45.
([12]) مهذب الأحكام : ج ۲ / ۲۸۰.
([13]) المنهج العبادي : ص ۲۲۹.
([14]) مهذّب الأحكام : ج 7 / 140 .
([15]) مواهب الرحمان : ج 4 / 186 .
([16]) مواهب الرحمان : ج 5 / 327 .