هذه كلها من الشرائط العامة بضرورة الفقه لكل قول معتبر- إخبارا كان أو إنشاء، عقدا كان أو إيقاعا- و تقدم ذكرها مكررا من أول الفقه إلى هنا، و مر ما يتعلق بذلك في كتاب الإقرار1، فراجع فلا وجه للتطويل بلا طائل بالتكرار و الإعادة.
ثمَّ إنه لو كان الإقرار بحق عن إكراه، كما إذا أكرهه الحاكم الشرعي العالم بوقوع الزنا مثلا ليقرّ على الزنا، فالظاهر شمول الأدلة له، و كان الإكراه لمصلحة يراها غالبة على رجحان الستر.
و دعوى: شمول أدلة رفع الإكراه2، حتى في الإكراه بالحق.
باطلة: لأنها لا تشمل الإكراه بحق مطلقا، إجماعا، و نصوصا الواردة في أبواب متفرقة في الفقه، كما في إكراه الحاكم الشرعي المالك على بيع ما
احتكره3، و إكراهه للزوج على الإنفاق للزوجة4، و الإكراه على الإقرار بكلمتي الشهادة، كما عن جمع من الفقهاء، منهم المحقق في الشرائع، فإذا أحرز تحقق الموضوع بالقرائن و أكره على الإقرار إتماما للحجة و لبعض المصالح، يعتبر مثل هذا الإقرار. نعم إذا كان نفس الإقرار من حيث هو بالإكراه مع عدم إحراز الموضوع بجهة من الجهات لا أثر لهذا الإقرار، و يمكن أن يستفاد ذلك من صحيح ابن خالد عن الصادق عليه السلام: «رجل سرق سرقة فكابر عنها، فضرب فجاء بها بعينها، هل يجب عليه القطع؟ قال: نعم، و لكن لو اعترف و لم يجئ بالسرقة لم تقطع يده، لأنه اعتراف على العذاب»5، كما يشهد لذلك أيضا إطلاق قول علي عليه السلام: «ليّ الواجد بالدين يحلّ عقوبته»6.