لقوله تعالى فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ19 في الثلاثة، فبالفحوى بالنسبة إلى الواحدة يهدم، و للأخبار الكثيرة منها: موثق رفاعة عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل طلق امرأته حتى بانت منه و انقضت عدتها ثمَّ تزوجت زوجا آخر فطلّقها أيضا، ثمَّ تزوجها زوجها الأول، أ يهدم ذلك الطلاق الأول؟ قال عليه السّلام: نعم»20.
و منها: خبره الآخر عن الصادق عليه السّلام أيضا: «سألته عن المطلّقة تبين ثمَّ تتزوج زوجا غيره قال عليه السّلام: انهدم الطلاق»21.
و منها: خبره الثالث: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة فتبين منه، ثمَّ يتزوجها آخر فيطلّقها على السنّة فتبين منه ثمَّ يتزوجها الأول على كم هي عنده؟ قال: على غير شيء»22.
و منها: خبر عبد اللّه بن عقيل، قال: «اختلف رجلان في قضية إلى علي عليه السّلام و عمر في امرأة طلقها زوجها تطليقة أو اثنتين فتزوجها آخر فطلّقها أو مات عنها
فلما انقضت عدتها تزوجها الأول، فقال عمر: هي على ما بقي من الطلاق، و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: سبحان اللّه أ يهدم ثلاثا و لا يهدم واحدة؟!»23.
و بإزاء هذه الأخبار روايات أخرى، و فيها الصحيح و غيره تدل على عدم الهدم، منها: صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة ثمَّ تركها حتى مضت عدتها، ثمَّ تزوجها رجل غيره، ثمَّ إن الرجل مات أو طلّقها فراجعها الرجل الأول؟ قال: هي عنده على تطليقتين باقيتين»24.
و منها: صحيح منصور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في امرأة طلّقها زوجها واحدة أو اثنتين ثمَّ تركها حتى تمضي عدتها، فتزوجها غيره فيموت أو يطلّقها، فيتزوجها الأول، قال: هي عنده على ما بقي من الطلاق»25.
و منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام كان يقول في الرجل يطلق امرأته تطليقة واحدة ثمَّ يتزوجها بعد زوج: إنها عنده على ما بقي من طلاقها»26.
و منها: خبر محمد بن قيس عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن رجل طلّق امرأته تطليقه ثمَّ نكحت بعده رجلا غيره، ثمَّ طلّقها فنكحت زوجها الأول؟ فقال: هي عنده على تطليقة»27.
إلى غير ذلك من الأخبار، و لكن إعراض الأصحاب عنها و استقرار المذهب على غيرها حتى إن الشهيد الثاني صرّح في كلامه بما يأتي أو هن الاعتماد عليها، و نعم ما قال في الجواهر: «فمن الغريب غرور المحدّث البحراني بها و أطنابه في المقام بما لا طائل تحته بل مرجعه إلى اختلال الطريقة، و أغرب منه تردد الفاضل في التحرير مع نزاهته عن هذا الاختلال، و من العجيب
أن ثاني الشهيدين الذي شرّع هذا الاختلال قال في المقام:- إن عمل الأصحاب على الأول فلا سبيل إلى الخروج عنه-».