1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الخمس
  10. /
  11. فصل فيما يجب فيه الخمس
و هو سبعة أشياء (۱): الأول: الغنائم المأخوذة من الكفار من أهل الحرب (۲) قهرا بالمقاتلة (۳) معهم بشرط أن يكون بإذن الإمام (عليه السلام) (٤)، من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه، و المنقول و غيره (٥)، كالأراضي، و الأشجار و نحوها بعد إخراج المؤن التي أنفقت على الغنيمة بعد تحصيلها- بحفظ، و حمل، ورعي، و نحوها- منها (٦)، و بعد إخراج ما جعله الإمام (عليه السلام) من الغنيمة على فعل مصلحة من المصالح (۷)، و بعد استثناء صفايا الغنيمة- كالجارية الروقة، و المركب الفاره، و السيف القاطع، و الدّرع‏ – فإنّها للإمام (عليه السلام)، و كذا قطائع الملوك (۸) فإنّها أيضا له (عليه السلام). و أما إذا كان الغزو بغير إذن الإمام (عليه السلام) فإن كان في زمان‏ الحضور و إمكان الاستيذان منه فالغنيمة للإمام (عليه السلام) (۹)، و إن كان في زمن الغيبة فالأحوط إخراج خمسها من حيث الغنيمة (۱۰)، خصوصا إذا كان للدعاة إلى الإسلام (۱۱)، فما يأخذه السلاطين في هذه الأزمنة من الكفار بالمقاتلة- معهم من المنقول و غيره- يجب فيه الخمس على الأحوط (۱۲)، و إن كان قصدهم زيادة الملك (۱۳) لا الدعاء إلى الإسلام. و من الغنائم التي يجب فيها الخمس: الفداء الذي يؤخذ من أهل الحرب، بل الجزية المبذولة لتلك السرية (۱٤) بخلاف سائر أفراد الجزية (۱٥) و منها أيضا: ما صولحوا عليه، و كذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين في أمكنتهم، و لو في زمن الغيبة (۱٦)، فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك- قليلا كان أو كثيرا- من غير ملاحظة خروج مئونة السنة (۱۷)، على ما يأتي في أرباح المكاسب و سائر الفوائد.

بالاستقراء في الأدلة المعتبرة الشرعية- التي يأتي التعرض لتفصيلها- و خلاصة القول فيها: أنّ الأخبار الواردة في تعيين مورد الخمس أقسام:

الأول: ما اشتمل على لفظ (خمسة) و هي أربع روايات:

منها: قول العبد الصالح (عليه السلام): «و الخمس من خمسة أشياء من الغنائم، و الغوص، و الكنوز، و من المعادن، و الملاحة»٦ و قد ذكرت الغنيمة و المعادن في جميعها و يأتي بقيتها في المسائل الآتية.

الثاني: قوله (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة»۷ و لا ريب أنّه محمول على الحصر الإضافي.

الثالث: ما ذكر فيه صغريات المعادن كما في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «سألته عن معادن الذهب، و الفضة، و الصفر، و الحديد و الرصاص فقال (عليه السلام) عليها الخمس جميعا»۸.

و قريب منه صحيح الحلبي- على ما سيأتي- و لا منافاة بينها و بين ما اشتمل على لفظ المعدن لعدم المنافاة بين الطبيعي و أفراده.

الرابع: قول الصادق (عليه السلام) في خبر عمار: «فيما يخرج من المعادن و البحر، و الغنيمة، و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه، و الكنوز الخمس»۹ و لا منافاة بينه و بين ما سبق بوجه.

الخامس: ما ورد فيما يفضل عن الأرباح و الفوائد و هي أخبار كثيرة:

منها: موثق سماعة قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمس فقال (عليه السلام): في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير»۱۰ و يأتي التعرض لجملة منها.

السادس: قول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر الحذاء: «أيّما ذميّ اشترى من مسلم أرضا فإنّ عليه الخمس»۱۱.

السابع: قول عليّ (عليه السلام) فيمن أتاه و كان عنده مال مختلط بالحرام.

و أراد التوبة: «تصدق بخمس مالك، فإنّ اللَّه قد رضي من الأشياء بالخمس و سائر المال لك حلال»۱۲ و يأتي تفصيل ذلك كله في المباحث الآتية إن شاء اللَّه تعالى.

بالكتاب المبين‏۱۳، و إجماع المسلمين، و نصوص متواترة بين الفريقين يأتي التعرض لجملة منها.

لأنّها المتيقن من الأدلة- لبية كانت أو لفظية- و يأتي حكم بقية الأقسام في مستقبل الكلام.

للإجماع، و النص قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «إذا غزا قوم بغير إذن الإمام، فغنموا كانت الغنيمة كلّها للإمام، و إذا غزوا بأمر الإمام، فغنموا كان للإمام الخمس»۱4، و يقتضيه الاعتبار أيضا ترغيما لأنف من يستقل بالأمر في مقابل وليّ الأمر (عليه السلام).

لظهور الإطلاق و الاتفاق، و قال أبو جعفر (عليه السلام) في خبر أبي بصير: «كل شي‏ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا اللَّه، و أنّ محمدا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) فإنّ لنا خمسه»۱٥.

و ناقش في التعميم صاحب الحدائق تارة: بأنّ ما يدل على قسمة الخمس ظاهر في المنقول. و أخرى بما دل على أنّ أرض الخراج للمسلمين بعد إخراج الخمس، فتخصص بها العمومات و الإطلاقات.

و فيه: منع ذلك، لإمكان القسمة حتى في غير المنقول كما هو ظاهر بالوجدان، و يصح أن تكون أرض الخراج للمسلمين بعد إخراج الخمس، فعمومات الخمس في الغنائم خصوصا مثل ما تقدم من قول أبي جعفر لا مخصص لها، فلا وجه لما ذكره في الحدائق.

لبناء الشريعة على الإرفاق بالملاك من هذه الجهات، و لقاعدة العدل و الإنصاف، و لأنّ الحكم كذلك في غالب ما وجب فيه الخمس- كما يأتي- و لا وجه للتمسك بالعمومات، و الإطلاقات لنفي اعتباره، لعدم كونها واردة في مقام البيان من هذه الجهة، و لا فرق في ذلك بين كون تعلق الخمس بنحو الشركة العينية أو من مجرّد الحق، لأنّ عناية الشارع للملاك و تسهيله عليهم يعمّ كل ذلك.

لولايته على التصرف فيها بما يراه من المصالح، فخرج بذلك عن موضوع الغنيمة تخصّصا.

نصّا، و إجماعا، و اعتبارا قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و آله) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له ثمَّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس»۱٦ و قال (عليه السلام) أيضا: «الإمام يأخذ الجارية الروقة، و المركب الفاره، و السيف القاطع، و الدرع قبل أن تقسّم الغنيمة فهذا صفو المال»۱۷.

و عنه (عليه السلام) أيضا: «قطائع الملوك كلها للإمام و ليس للناس فيها شي‏ء»۱۸.

و عنه (عليه السلام) أيضا «أو شي‏ء يكون للملوك فهو خالص للإمام»۱۹ و عن العبد الصالح (عليه السلام): «للإمام صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها:

الجارية الفارهة، و الدابة الفارهة، و الثوب و المتاع مما يحب أو يشتهي فذلك له قبل القسمة و قبل إخراج الخمس»۲۰.

و يأتي في الأنفال بعض المقال، و بعضه الآخر في كتاب الجهاد.

فروع- (الأول): هل قطائع الملوك تشمل غيرهم كقطائع رؤساء الجمهورية في هذه العصور أو لا؟ الظاهر هو الأول، لأنّ ذكر الملوك من باب الغالب في تلك الأزمان و المراد به كل مسيطر على الرعية.

(الثاني): هل يختص الحكم بالبداهة الفارهة أو يشمل السيارة و غيرها كالطائرة و السفينة؟ الظاهر الشمول، لإطلاق قوله (عليه السلام): «مما يجب أو يشتهي».

(الثالث): هل يكون من ذلك شي‏ء لنائب الغيبة أو يختص كل ذلك بالمعصوم؟ المسألة مبنية على عموم النيابة حتى من هذه الجهات.

لما تقدم من قول الصادق (عليه السلام)، و يدل عليه الإجماع أيضا مضافا إلى لزوم ترغيم أنوفهم من هذه الجهة، لئلا يستبدوا في مقابل وليّ الأمر.

لإطلاق الأدلة، و احتمال اختصاص ما تقدم بزمن الحضور.

لصحة دعوى تحقق الإذن العام فيه من الإمام، و العلم برضائهم (عليهم السلام) به، لأنّ الدعوة إلى الإسلام من أهمّ أهدافهم و مقاصدهم (عليهم السلام)، لكن بشرطها و شروطها.

لعموم الآية۲۱، و ما مرّ من صحة دعوى العلم بالرضا إذا كان للدعاء إلى الإسلام. و وجه ترديده (قدّس سرّه) احتمال أن يكون اعتبار الإذن بالرضا مختصا بزمان الحضور، فتكون تمام الغنائم في زمان الغيبة للإمام. و طريق الاحتياط حينئذ أن يأخذ الحاكم الشرعي تمام الغنيمة عن الإمام (عليه السلام) ثمَّ يصرف خمسها عنه (عليه السلام) في مصرف الخمس و يقسم الباقي بين أربابها من طرف الإمام.

لإطلاق الآية الشامل له أيضا و يجري فيه الاحتياط الذي مرّ في سابقة من غير فرق، بل بالأولى.

لصدق الغنيمة بالنسبة إليهما، فيشملها الإطلاق و العموم هذا إذا كانا بعد الاستيلاء و الغلبة. و أما إن كان ذلك قبله فقد يشكل كونها من الغنيمة بالمعنى الأخص.

(و فيه): أنّه يكفي صدق الغنيمة في الجملة و قبولهم لتسليم الفداء و الجزية نحو غلبة للمسلمين و لا يعتبر الغلبة المطلقة و من كل جهة، للأصل، و الإطلاق.

للأصل بعد عدم صدق الغنيمة بالمعنى الأخص عليها و إن صدقت الغنيمة بالمعنى الأعمّ.

لصدق الغنيمة على جميع ذلك مع استيلاء المسلمين عليهم.

لاختصاصه بأرباح المكاسب و مطلق الفوائد كما يأتي في السابع مما يجب فيه الخمس، و قد اصطلحوا عليه بالغنيمة بالمعنى الأعمّ.

(مسألة ۱): إذا غار المسلمون على الكفار فأخذوا أموالهم فالأحوط- بل الأقوى- إخراج خمسها من حيث كونها غنيمة- و لو في زمن الغيبة- فلا يلاحظ فيها مئونة السنة و كذا إذا أخذوا بالسرقة و الغيلة (۱۸) نعم، لو أخذوا منهم بالربا أو بالدعوى الباطلة فالأقوى، إلحاقه بالفوائد المكتسبة (۱۹) فيعتبر فيه الزيادة عن مئونة السنة، و إن كان الأحوط إخراج خمسه مطلقا.

إن كان المراد بالغنيمة الاستيلاء على مال الكفار من دون رضائهم و مع إحراز رضا الإمام (عليه السلام)، فجميع ذلك كله من الغنيمة، لتحقق المناط فيها. و إن اعتبر في صدقها القتال معهم، فليس شي‏ء من ذلك منها، و الظاهر هو الأول، لأصالة عدم اعتبار المقاتلة بعد الصدق العرفي للاستيلاء عليهم. نعم، هو الغالب فيها و القتال و الدفاع من طرق تحقق الاستيلاء على مالهم فلا موضوعية فيهما في صدق الغنيمة و أخذ مالهم.

لاعتبار الأخذ بعدم الاختيار و الرضا من الكافر في صدق الغنيمة الخاصة عرفا. و فيما يعطيه الكافر برضاه أو باختياره و لو كرها خارج عنها موضوعا.

(مسألة ۲): يجوز أخذ مال النصّاب أينما وجد، لكن الأحوط إخراج خمسه مطلقا (۲۰)، و كذا الأحوط إخراج الخمس مما حواه العسكر من مال البغاة إذا كانوا من النصّاب و دخلوا في عنوانهم، و إلا فيشكل حلية مالهم (۲۱).

لاحتمال كونه داخلا في الغنيمة بالمعنى الأخصّ و إن كان هذا الاحتمال ضعيفا.

أما جواز أخذ مال النصّاب و دفع خمسه، فلقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح حفص: «خذ مال النصّاب حيثما وجدته و ادفع إلينا الخمس»۲۲ و غيره من الأخبار.

و أما الاحتياط في عدم إخراج مئونة السنة، فلإطلاق الدليل و عدم ما يصلح للتقييد إلا احتمال كونه من الفوائد المكتسبة و هو من مجرّد الاحتمال لا يصل إلى مرتبة الظهور بحيث يقيد به الإطلاق.

و أما البغاة: فمع كونهم من النصّاب، فيشملهم ما مرّ من صحيح حفص و إن لم يكونوا منهم فنسب إلى الأكثر جواز أخذه أيضا و استدلوا بإجماع الخلاف و بالأخبار، و سيرة عليّ (عليه السلام) في البصرة.

و لكن الأول موهون. و الثاني: لا عين له و لا أثر. و الأخير مجمل غاية الإجمال، مع أنّه يظهر من بعض الأخبار عدم رضائه (عليه السلام) بذلك، بل أمر (عليه السلام) برد ما أخذ حتى أمر (عليه السلام) بإلقاء القدور وردها إلى أهلها- كما يأتي التفصيل في كتاب الجهاد- فيبقى أصالة احترام المال بلا دليل حاكم عليها.

(مسألة ۳): يشترط في المغتنم: أن لا يكون غصبا من مسلم، أو ذمي أو معاهد، أو نحوهم ممن هو محترم المال، و إلا فيجب رده إلى مالكه (۲۲).نعم، لو كان مغصوبا من غيرهم من أهل الحرب، لا بأس بأخذه و إعطاء خمسه و إن لم يكن الحرب فعلا مع المغصوب منهم. و كذا إذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من أهل الحرب، بعنوان الأمانة، من وديعة، أو إجارة، أو عارية أو نحوها (۲۳).

لأصالة احترام المال- التي هي من أهمّ الأصول النظامية العقلائية المعتبرة- إلا مع الدليل على الخلاف و لا دليل على الخلاف في المقام، بل مقتضى قاعدة اليد و الأصل الموضوعيّ وجوب الرد إلى أهله.

لما دلّ على أنّ مال الحربيّ لا حرمة له مطلقا، فيكون مثل المباحات الأولية، مضافا إلى ظهور الإجماع، فيجري الحكم في جميع ما ذكر في المتن.

(مسألة ٤): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين دينارا، فيجب إخراج خمسه- قليلا كان أو كثيرا- على الأصح (۲٤).

لظهور الإطلاق و الاتفاق، و نسب إلى غرية المفيد اعتباره فيها و لا دليل عليه من عقل أو نقل، بل إطلاق الأدلة على خلافه كما اعترف به جميع من تأخر عنه.

(مسألة ٥): السلب من الغنيمة، فيجب إخراج خمسه على السالب (۲٥).

لصدق الغنيمة عليه عرفا، فيشمله الإطلاق. نعم، لو جعله وليّ الأمر لأحد فهو حينئذ من الجعائل و لا خمس فيه حينئذ. و يأتي التفصيل في كتاب الجهاد إن شاء اللَّه تعالى. و لا يخفى سوء التعبير إذ لا وجه لقوله: «يجب خمسه على السالب» لأنّه إن كان من الجعائل أو مختصا بالسالب و لو لحكم شرعيّ، فلا وجه لوجوب الخمس عليه، لوجوب استثناء ذلك كله عن الغنيمة، و حق التعبير أن يقال: السلب من الغنيمة فيجب خمسة إلا أن يجعل للسالب، أو يكون له بحكم شرعي، كما أنّ صفو الغنيمة للإمام فلا خمس فيه حينئذ.

و قد روي عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في يوم حنين: «من قتل قتيلا- إلى أن قال (صلّى اللّه عليه و آله)- فله سلبه، فقتل أبو طلحة عشرين رجلا فأخذ سلبهم»۲۳ و لم يعلم أنّ ذلك حكم كلّي، أو قضية في واقعة، أو جعالة خاصة في وقعة حنين.

ثمَّ إنّ السّلب (بفتح اللام) ما يسلب من الطرف و يأتي البحث عنه في كتاب الجهاد.

الثاني: المعادن (۲٦) من الذهب، و الفضة، و الرصاص، و الصفر و الحديد، و الياقوت، و الزبرجد، و الفيروزج، و العقيق، و الزيبق و الكبريت، و النفط، و القير، و السبخ، و الزاج، و الزرنيخ، و الكحل‏ و الملح، بل و الجص، و النورة، و طين الغسل، و حجر الرّحى، و المغرة (۲۷)- و هي الطين الأحمر- على الأحوط، و إن كان الأقوى عدم الخمس فيها من حيث المعدنية، بل هي داخلة في أرباح المكاسب، فيعتبر فيها الزيادة عن مئونة السنة. و المدار على صدق كونه معدنا عرفا (۲۸). و إذا شك في الصدق لم يلحقه حكمها (۲۹)، فلا يجب خمسه من هذه الحيثية، بل يدخل في أرباح المكاسب‏ و يجب خمسه إذا زادت، عن مئونة السنة، من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه (۳۰). و لا فرق- في وجوب إخراج خمس المعدن- بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة، و بين أن يكون تحت الأرض أو على ظهرها، و لا بين أن يكون المخرج مسلما أو كافرا ذميا- بل و لو حربيا- و لا بين أن يكون بالغا أو صبيّا، أو عاقلا، أو مجنونا، فيجب على وليّهما إخراج الخمس (۳۱). و يجوز للحاكم الشرعي إجبار الكافر على دفع الخمس مما أخرجه، و إن كان لو أسلم سقط عنه، مع عدم بقاء عينه (۳۲).و يشترط في وجوب الخمس في المعدن: بلوغ ما أخرجه عشرين دينارا (۳۳). بعد استثناء مئونة الإخراج و التصفية و نحوهما (۳٤)، فلا يجب إذا كان‏ المخرج أقلّ منه. و إن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ دينارا، بل مطلقا (۳٥) و لا يعتبر في الإخراج أن يكون دفعة (۳٦)، فلو أخرج دفعات، و كان المجموع نصابا، وجب إخراج خمس المجموع و إن أخرج أقلّ من النصاب فأعرض ثمَّ عاد و بلغ المجموع نصابا، فكذلك على الأحوط (۳۷). و إذا اشترك جماعة في الإخراج، و لم يبلغ حصة كل واحد منهم النصاب و لكن بلغ المجموع نصابا، فالظاهر وجوب خمسه (۳۸).و كذا لا يعتبر اتحاد جنس المخرج (۳۹)، فلو اشتمل المعدن على جنس أو أزيد، و بلغ قيمة المجموع نصابا. وجب إخراجه. نعم، لو كان هناك معادن متعدّدة اعتبر في الخارج من كل منهما بلوغ النصاب دون المجموع (٤۰)، و إن كان الأحوط كفاية بلوغ المجموع خصوصا مع اتحاد جنس المخرج منها، سيّما مع تقاربها. بل لا يخلو عن قوّة مع الاتحاد و التقارب (٤۱) و كذا لا يعتبر استمرار التكوّن و دوامه، فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ النصاب فأخرجه ثمَّ انقطع، جرى عليه الحكم، بعد صدق كونه معدنا (٤۲).

لنصوص مستفيضة، و إجماع الإمامية، ففي صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «عن معادن الذهب، و الفضة، و الصفر، و الحديد و الرصاص فقال (عليه السلام): عليها الخمس جميعا»۲4.

و في صحيح الحلبي: «عن المعادن كم فيها؟ قال (عليه السلام):

الخمس»۲٥، و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «عن الملاحة فقال (عليه السلام): ما الملاحة؟ فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيه الماء، فيصير ملحا فقال (عليه السلام): هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: و الكبريت، و النفط يخرج من الأرض فقال (عليه السلام): هذا أو أشباهه فيه الخمس»۲٦.

و أما قوله (عليه السلام): «ليس الخمس إلا في الغنائم»۲۷ فمحمول إما على الغنيمة بالمعنى الأعمّ، فيشمل مطلق الفائدة، أو على الحصر الإضافي فلا تنافي بينه و بين المقام.

ثمَّ إنّ المرجع في المعدن أهل الخبرة المعدّون لذلك خصوصا في هذه العصور التي اهتم الناس بمعرفة هذه الأمور، و وضع لذلك دروس و مباحث، و صارت معرفة

المعادن و استخراجها من مهام الأمور، و لا ريب في أنّ للمعادن مطلقا درجات كثيرة من جهات شتّى مثل كثرة الإنتاج و قلته، و بطء الزوال و سرعته، و صفاء الجوهر و كدره إلى غير ذلك مما يكون لكل منها عالم خبير و مهندس بصير، و يشمل عنوان المعدن جميع المراتب المتفاوتة جدّا فيتبعها الحكم كذلك.

و أما كلمات الفقهاء و اللغويين فيه مختلفة في معنى المعدن غاية الاختلاف مع أنّهم ليسوا من أهل خبرة ذلك، و لا يحصل إجماع من قولهم مع هذا الاختلاف حتى يتعبّد به. و لو شك في شي‏ء أنّه معدن أم لا؟ فمقتضى العمومات الدالة على التملك بالحيازة كون الشي‏ء تمامه ملكا للمحيز، و مقتضى أصالة عدم تعلق حق الغير به عدم وجوب الخمس فيه، و كذا مقتضى أصالة البراءة و حينئذ فإن فضل عن مئونة السنة يكون من الفوائد و الأرباح، فيجب الخمس من هذه الجهة و إلا فلا شي‏ء عليه.

المغرة: طين أحمر يصبغ به و ليس بناصع. صرّح به جمع من اللغويين و لا وجه لكونها معدنا إلا بناء على تفسير المعدن: بأنّه كل ما استخرج من الأرض مما كان منها بحيث يشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها. و ليس على كلية هذا التعريف دليل من عقل أو نقل و إلا لكان الرمل، و الحصاة من المعدن، لعظم الانتفاع بهما من الاختلاط بالاسمنت و صنع الزجاج من بعض الرمال و يكفي الشك في كون ذلك كلّه من المعدن في عدم جريان حكم المعدن عليها، فيرجع فيها إلى الأصل كما مرّ.

لأنّ العرف الخاص مقدّم على أقوال اللغويين و أقوال الفقهاء المستندة إلى اجتهاداتهم ما لم يكن دليل معتبر شرعيّ على الخلاف و إلا فهو المعتبر.

للأصل الموضوعيّ، و الحكميّ كما مرّ. و الأقسام أربعة:

الأول: ما علم أنّه معدن و لا ريب في ترتب حكمه عليه.

الثاني: ما علم أنّه ليس بمعدن لا موضوعا و لا حكما و لا ريب في عدم ترتب حكم المعدن عليه.

الثالث: ما شك في أنّه معدن و لكن ورد الدليل على إجراء حكم المعدن عليه كالملح، و لا ريب في جريان حكمه عليه.

الرابع: ما شك في أنّه معدن و لم يكن في البين دليل على إلحاقه بالمعدن فيرجع فيه إلى الأصل كما مرّ.

لأنّه لا يعتبر في خمس الأرباح و الفوائد بلوغ النصاب فيه، للإطلاق و الاتفاق.

كل ذلك لإطلاق الأدلة و ظهورها في كونه من الوضعيات التي لا فرق فيها بين المكلّف و غيره، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه. و ما قيل: من أنّه إذا وجد المعدن في الصحراء فأخذه لا شي‏ء على الآخذ مخالف لظواهر الإطلاقات من غير دليل على التقييد. و يأتي في [مسألة ۷] ما ينفع المقام.

أما أصل تكليف الكافر، فللإطلاقات الشاملة له أيضا خصوصا في الوضعيات، و أما جواز إجباره، فلأنّه من الأمور الحسبية، بل من أهمّها. و أما السقوط بعد الإسلام مع عدم بقاء العين، فلأنّ الإسلام يجبّ ما قبله. و أما عدم‏ السقوط مع بقاء العين، فلأصالة البقاء، و انصراف حديث الجب‏۲۸ عنه و تقدم في [مسألة ۱۷] من أول كتاب الزكاة ما ينفع المقام فراجع حتى تعرف اختلاف فتوى الماتن في المقامين، مع أنّه لا منشأ له. و مسألة تكليف الكافر سيّالة في جميع أبواب الفقه من بدئها إلى ختامها.

على المعروف بين المتأخرين. و نسب إلى بعض القدماء، لصحيح البزنطي عن أبي الحسن (عليه السلام): «في المعدن ليس فيه شي‏ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا»۲۹ فيقيد به الإطلاقات.

و عن جمع عدم اعتبار النصاب مطلقا تمسكا بالإطلاقات. و عن آخرين أنّه بمقدار الدينار تمسكا بخبر آخر للبزنطي‏۳۰، و لكن الإطلاقات مقيّدة بالصحيح، و الخبر محمول على الندب جمعا، مع أنّه قاصر سندا.

ثمَّ إنّ قوله (عليه السلام) في الصحيح: «ما يكون في مثله الزكاة» ظاهر في أنّ المناط ما يكون فيه الزكاة سواء كان بنصاب الذهب أو الفضة، و مقتضاه كفاية الأقلّ منهما لو كان بينهما اختلاف، و قوله (عليه السلام): «عشرين دينارا» يحتمل فيه التخصيص، فيتعيّن الأخذ بنصاب الذهب، كما يحتمل أن يكون من باب الاكتفاء بذكر أحد الفردين عن الآخر فيجب الخمس في الأقلّ منهما نصابا لو كان في البين تفاوت، و لا ريب في أنّه الموافق للاحتياط.

للإجماع، و المشهور اعتبار النصاب بعد إخراج المؤن، لأنّ المتفاهم من الصحيح تحقق هذا المقدار خارجا في ملك المالك. و نسب إلى بعض اعتباره قبله و لا دليل عليه إلا التمسك بالإطلاقات و هو ممنوع، لعدم كونها في مقام البيان من هذه الجهة، مع أنّه خلاف الإجماع المدعى في التذكرة، و أصالة البراءة، و أصالة عدم تعلق حق إلا بعد إخراج المؤن.

أما الاحتياط في بلوغ الدينار، فلما تقدم من خبر البزنطي. و أما الاحتياط مطلقا، فللخروج عن خلاف من قال بالوجوب مطلقا من غير اعتبار النصاب أصلا. و نسب هذا القول في الدروس إلى الأكثر.

(و فيه): أنّه كيف يتحقق الأكثرية مع الاختلاف و ذهاب الكثير إلى اعتبار النصاب.

لإطلاقات الأدلة، و عموماتها الشاملة للدفعة و الدفعات.

الإعراض ثمَّ الرجوع على الأقسام:

الأول: ما إذا عد إخراج الثاني مستقلا بنظر أهل الخبرة و لم يعد من توابع الإخراج الأول فيكون له حكم مستقل حينئذ، لفرض كونه ملحوظا مستقلا عرفا.

الثاني: ما إذا عدّ من توابع الأول، فيكون كالإخراج دفعات حينئذ.

الثالث: ما إذا شك في أنّه مستقل أو من الأول، و مقتضى الأصل عدم وجوب الخمس فيه إلا إذا كان بنفسه بقدر النصاب، لعدم إحراز الوحدة العرفية حتى يحكم بالتبعية، و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع.

لدعوى: أنّ النصاب إنّما يلحظ بالنسبة إلى ذات المعدن من حيث هو مع قطع النظر عن الإضافة إلى المالك، و لكن مقتضى تنظير الخمس بالزكاة في‏ صحيح البزنطي- المتقدم- لحاظ النصاب من حيث الإضافة إلى المالك. و لا ريب في أنّ الأول هو الأحوط، و لو بلغ حصة كل واحد النصاب فلا ريب في الوجوب.

لظهور الإطلاق و الاتفاق، و تعليق الحكم على المعدن الشامل لصورة اتحاد الجنس و تعدّده.

لأنّ تعدّد الموضوع يوجب تعدّد الحكم قهرا.

المرجع في الوحدة و التعدد متعارف أهل الخبرة، و مع الشك فيهما فمقتضى الأصل عدم الوجوب إلا إذا وصل المخرج من كل واحد منها بقدر النصاب.

عند أهل الخبرة، فيشمله إطلاق الأدلة حينئذ. و المرجع في جميع ذلك؟ صفات الخبراء و من اتخذ استخراج المعادن و معرفتها مهنة و حرفة.

(مسألة ٦): لو أخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية فإن علم بتساوي الأجزاء في الاشتمال على الجوهر، أو بالزيادة فيما أخرجه خمسا أجزأ (٤۳) و إلا فلا، لاحتمال زيادة الجوهر فيما يبقى عنده (٤٤).

للإطلاق، و الاتفاق، و أصالة عدم وجوب التصفية. و أما صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «ما عالجته بمالك ففيه- ما أخرج اللَّه سبحانه منه من‏ حجارة مصفى- الخمس»۳۱ فالمراد منه أنّ غير المصفّى غير المشتمل على مقدار الخمس لا يجزي، و ليس المراد عدم الإجزاء حتى لو اشتمل على مقداره.

فتجري أصالة بقاء الحق في العين، و اشتغال الذمة بالأداء إلا أن يقال:

إنّ التكليف من أصل حدوثه مردد بين الأقلّ و الأكثر، فيرجع في المشكوك إلى البراءة.

مسألة ۷): إذا وجد مقدارا من المعدن مخرجا مطروحا في الصحراء فإن علم أنّه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما، أو علم أنّ المخرج له حيوان أو إنسان لم يخرج خمسه وجب عليه إخراج خمسه على الأحوط (٤٥) إذا بلغ النصاب بل الأحوط ذلك و إن شك في أنّ الإنسان المخرج له أخرج خمسه أم لا (٤٦).

لأنّ المتفاهم من الأدلة أنّ المناط في وجوب الخمس الاستيلاء على المعدن المباح بالحيازة و هو متحقق في المقام. نعم، لو كان لنفس الإخراج من حيث هو شرطية خاصة و موضوعية مستقلة لا يجب حينئذ لفقد الشرط. و لعل هذا الاحتمال منشأ تردده (قدّس سرّه)، و لكن مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار هذا النحو من الشرطية بعد صدق المعدن عرفا. نعم، لو كان موضوع الحكم استخراج المعدن لا يشمل الفرض.

ثمَّ إنّه يعتبر فيما إذا كان المخرج له الإنسان أن لا يقصد الحيازة و إلا فيخرج عن موضوع البحث و يكون من اللقطة حينئذ.

مقتضى أصالة عدم الخروج وجوب الإخراج، و لا دليل على الخلاف إلا احتمال قصده الحيازة لنفسه، أو قاعدة الصحة، أو ظهور اليد في الملكية المطلقة.

و الكل مخدوش:

أما الأول‏، فلأنّ مقتضى الأصل عدمه.

و أما الثاني: فلاختصاصها بما إذا صدر من الشخص فعل، و شك في صحته و فساده و لم يحرز صدور التخميس بالفرض، بل هو مشكوك ذاتا.

و أما الأخير: فلأنّه إذا علم كيفية حدوث اليد على شي‏ء ثمَّ شك في عروض عنوان آخر عليه و عدمه لا تكون اليد حينئذ أمارة للملكية المطلقة من كل جهة. و يأتي في كتاب القضاء تفصيل القول إن شاء اللَّه تعالى.

(مسألة ۸): لو كان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها، و إذا أخرجه غيره لم يملكه، بل يكون المخرج لصاحب الأرض، و عليه الخمس من دون استثناء المؤنة، لأنّه لم يصرف عليه مئونة (٤۷).

أما أنّ المعدن لمالك الأرض، فلقاعدة التبعية و السيرة العقلائية، و ظهور اتفاق الفقهاء، بل العقلاء و أما أنّ عليه الخمس، فلما مرّ من أنّ المناط في وجوبه الاستيلاء على المعدن و هو متحقق بالنسبة إلى مالك الأرض، و أما أنّه لا مئونة على المالك، فلعدم صرفه للمؤنة، بل صرفها غيره، فلا موضوع لاستثنائها بالنسبة إليه فمن صرف المؤنة لا خمس عليه، لعدم الملك و من عليه الخمس لا مئونة عليه، لعدم الصرف. و ليس له حق إجبار المالك على أخذ ما صرفه من المؤنة، لعدم إذنه فيه لا مباشرة و لا تسبيبا، فإن أعطاه شيئا برضائه يحل له و إلا فلا حق له كما في جميع الموارد التي تصرف المؤن في مال الغير بلا إذن منه. و يأتي التفصيل في أحكام المعاملات.

(مسألة ۹): إذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة- التي هي للمسلمين فأخرجه أحد من المسلمين ملكه و عليه الخمس (٤۸).و إن أخرجه غير المسلم ففي تملكه إشكال (٤۹). و أما إذا كان في الأرض الموات حال الفتح، فالظاهر أنّ الكافر أيضا يملكه و عليه الخمس (۵۰).

أما أنّه يملكه المخرج، فللسيرة المستمرة في جميع العصور و الأمصار. و في مفتاح الكرامة اتفقت كلمة الفريقين على أنّها تملك بالحيازة، و لا مانع في البين إلا قاعدة التبعية، و المتيقن منها الملكية الشخصية دون النوعية فلا تشمل الأراضي المفتوحة عنوة. و هذا مع القطع برضا الإمام (عليه السلام) باستخراج المعادن من الأراضي المفتوحة عنوة، و عدم رضائه (عليه السلام) بتعطيلها، فالإذن من وليّ أمر الأرض حاصل قطعا كما يأتي في كتاب إحياء الموات إن شاء اللَّه تعالى.

مقتضى السيرة، و إطلاق ما دل على التملك بالحيازة عدم الإشكال فيه أيضا و لا مانع في البين إلا قاعدة التبعية- فيكون المعدن ملكا للمسلمين تبعا لأرضهم.

(و فيه): أنّ التبعية في الملكية الشخصية مسلمة، و في الملكية النوعية الأبدية أول الكلام- و إلا عدم إحراز رضا وليّ الأمر.

(و فيه): أنّ الظاهر رضاؤهم في زمان قصور يدهم بتعمير الأرض و استخراج منافعها و لو من غير شيعتهم. و يأتي التفصيل في كتاب الإحياء إن شاء اللَّه تعالى.

نعم، في مثل صحيح الكابلي: «و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها»۳۲، و في بعض أخبار التحليل- التي يأتي ذكرها- ورد لفظ الشيعة، فيحتمل الاختصاص من هذه الجهة، و لكن الظاهر أنّ ذكر المسلم و الشيعة من باب الأهمّ و الأفضل و الأولى، لا الاختصاص و إلا لما ملكه المسلم غير الشيعي أيضا، مع أنّهم لا يقولون به راجع كتاب الإحياء و تأمل.

لما دل على التملك بالإحياء من غير مخصص و لا مقيد و لا تجري هنا قاعدة التبعية، لأنّ الموات حال الفتح ليس ملكا للمسلمين، بل هو ملك الإمام و قد مرّ رضاؤه بالإحياء، بل قد مرّ إذنه (عليه السلام) في المفتوحة عنوة التي هي ملك للمسلمين فضلا عما هو ملك خاص له (عليه السلام).

(مسألة ۱۰): يجوز استيجار الغير لإخراج المعدن، فيملكه المستأجر و إن قصد الأجير تملّكه لم يملكه (۵۱).

أما أصل صحة الاستيجار لحيازة المباحات- التي منها المعدن- فلا إشكال فيها، لأنّها عمل محلّل فيه غرض صحيح، و كلّ ما كان كذلك تصح الإجارة عليه.

و أما تملك المستأجر و إن قصد الأجير تملكه، فلأنّ الحيازة منسوبة إلى المستأجر تسبيبا و مع هذا الانتساب لا أثر لقصد الأجير لنفسه سواء قلنا بأنّ التملك بالحيازة من الأمور القهرية أم القصدية، لكفاية قصد الإيجار لها و عدم دليل على اعتبار الزائد على هذا القصد، بل مقتضى الأصل عدمه بعد صدق انتساب الحيازة إليه عرفا.

هذا إذا وقعت الإجارة على الحيازة الخاصة الخارجية، و أما لو وقعت على الذمة و قصد الأجير الحيازة الخاصة لنفسه يملك المحاز حينئذ، لوجود المقتضي و فقد المانع عن تملكه للحيازة الخاصة و تبقى ذمته مشغولة بحق المستأجر. و يأتي التفصيل في كتابي الإجارة و الإحياء.

(مسألة ۱۱): إذا كان المخرج عبدا كان ما أخرجه لمولاه و عليه الخمس (۵۲).

البحث في هذه المسألة عين المسألة المتقدمة بناء على أنّ العبد يملك كما هو الحق فلا وجه للتكرار.

(مسألة ۱۲): إذا عمل فيما أخرجه- قبل إخراج خمسه عملا يوجب زيادة قيمته- كما إذا ضربه دراهم، أو دنانير، أو جعله حليا، أو كان مثل الياقوت و العقيق فحكه مثلا- اعتبر في إخراج خمس مادته (۵۳) فيقوم حينئذ سبيكة أو غير محكوك مثلا، و يخرج خمسه. و كذا لو اتجر به فربح قبل أن يخرج خمسه، ناويا الإخراج من مال آخر (٥٤) ثمَّ أدّاه من مال آخر. و أما إذا اتجر به‏ من غير نية الإخراج من غيره، فالظاهر أنّ الربح مشترك بينه و بين أرباب الخمس (۵۵).

لأنّ الحق تعلق بنفس المادة، و زيادة المالية لا توجب زيادة في الحق.

نعم، لو كان تعلق الخمس بنحو الشركة العينية الحقيقية الخارجية يصير أرباب الخمس شركاء في الزيادة أيضا و ليس للمالك أن يرجع إليهم لوقوع ذلك بدون إذنهم. نعم، لو أجاز الحاكم الشرعيّ ذلك لمصلحتهم يجوز له الرجوع إليهم بالنسبة و لكن أصل المبنى فاسد، كما مرّ و يأتي.

مقتضى الأصل عدم إفراز الحق بمجرّد نية الأداء من مال آخر، بل المناط كله على تحقق الأداء خارجا، أو ما هو بمنزلته عرفا- كأداء الوثائق، و الصكوك المعتبرة مع مراجعة الحاكم الشرعيّ، و حينئذ فإن كان الخمس من الشركة العينية الخارجية يكون المقام من صغريات من باع شيئا ثمَّ ملكه، إن كان من مجرّد الحق يكون من صغريات من باع ماله الذي تعلق به حق الغير ثمَّ فكه و حيث إنّ التحقيق الصحة فيهما، فيصح في المقام أيضا بعد الأداء أو ما هو بمنزلته بإذن الحاكم الشرعي.

و يكفي ذلك في الانتقال إلى الذمة مع إمضاء وليّ الفقراء لذلك.

بناء على الشركة العينية الخارجية و إجازة وليّ الخمس للمعاملة. و مع انتفاء أحدهما لا وجه لشركة أرباب الخمس في الربح كما هو واضح.

(مسألة ۱۳): إذا شك في بلوغ النصاب و عدمه فالأحوط الاختبار (۵۶).

لكون الشبهة معرضا للوقوع في خلاف الواقع و يجب الفحص فيما هو كذلك حكمية كانت الشبهة أو موضوعية إلا أن يدل دليل على الخلاف، و لا دليل على الخلاف إلا دعوى الإجماع على عدم وجوبه في الشبهات الموضوعية، و ثبوته مشكل خصوصا في مثل المقام الذي ذهب جمع كثير إلى وجوب الفحص.

فرعان- (الأول): لو انتقل إلى الشيعة شي‏ء من المعادن من الكفار، أو من الذين لا يعتقدون بالخمس و لو كان مسلما لا يجب عليهم تخميسه، و كذا سائر ما تعلق به الخمس، لأنّ الأئمة (عليهم السلام) أباحوا ذلك للشيعة، و هذا هو المتيقن من أخبار الإباحة الآتية. و أما لو انتقل إليهم من حكام الجور من الشيعة ممن يعلم بعدم أدائه للخمس، فللحاكم الشرعي أن يجعلهم في حلّ منه إن رأى المصلحة في ذلك.

(الثاني): لو حازت الحكومة أو غيرها معدنا لا يجوز لغيرها التصرف فيه بغير إذنها لما مرّ من التملك بالحيازة، و في حيازات الحكومات للحاكم الشرعي أن يعمل فيها نظره.

الثالث: الكنز (۵۷)، و هو المال المذخور في الأرض، أو الجبل أو الجدار، أو الشجر. و المدار الصدق العرفي (۵۸) سواء كان من الذهب أو الفضة المسكوكين أو غير المسكوكين أو غيرهما من الجواهر. و سواء كان في بلاد الكفار الحربيين أو غيرهم أو في بلاد الإسلام، و في الأرض الموات أو الأرض الخربة التي لم يكن لها مالك، أو في أرض مملوكة له بالإحياء أو بالابتياع، مع العلم بعدم كونه ملكا للبائعين (۵۹)، و سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا (۶۰) ففي جميع هذه يكون ملكا لواجده (6۱) و عليه الخمس (6۲) و لو كان في أرض مبتاعة، مع احتمال كونه لأحد البائعين، عرفه المالك قبله، فإن لم يعرفه فالمالك قبله (6۳) و هكذا، فإن لم يعرفوه فهو للواجد، و عليه الخمس (6٤) و إن ادّعاه المالك السابق أعطاه بلا بينة (6٥) و إن تنازع الملاك فيه يجري عليه حكم التداعي (6٦) و لو ادعاه المالك السابق إرثا، و كان له شركاء نفوه، دفعت إليه‏ حصته، و ملك الواجد الباقي (67) و أعطى خمسه. و يشترط في وجوب الخمس فيه النصاب، و هو عشرون دينارا (68).

لنصوص مستفيضة، و إجماع الإمامية:

منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «فيما يخرج من المعادن، و البحر، و الغنيمة، و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس»۳۳ و مثله غيره.

لأنّه من الموضوعات العرفية في جميع الأزمنة و الأمكنة و ليس من الموضوعات المستنبطة حتى يحتاج إلى نظر الفقيه، و لا من اللغوية المحضة حتى تحتاج إلى قول اللغوي، فكل ما صدق عليه هذا اللفظ عند العرف فهو كنز، و ما لا يصدق عليه أو شك في الصدق و عدمه لا خمس فيه من هذه الجهة إلا إذا دخل في الفوائد و الأرباح، فيجب فيه خمس الأرباح و الفوائد، و لا ريب في صدق الكنز على جميع ما ذكره في المتن تبعا لغيره.

و أما احتمال اعتبار كونه من النقدين، لكونهما الغالب فيه، و لصحيح البزنطي عن أبي الحسن الرّضا (عليه السلام): «سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز؟ فقال:

ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس»۳4 فلا اعتبار به، لأنّ الغلبة لا تصير موجبا للتخصيص، و المراد بالمماثلة في الصحيح المماثلة النصابية- كما نسبه في الرياض إلى الأصحاب- لا من سائر الجهات و إلا لاعتبر فيه كونه مسكوكا، مع أنّه لا يقول به أحد.

للإطلاق، و الاتفاق الشاملين لذلك كله.

لشمول إطلاق الأدلة لما عليه أثر الإسلام. و عن جمع أنّ ما عليه أثر الإسلام بحكم اللقطة إن وجد في أرض الإسلام، لكشف ذلك عن سبق يد محترم المال عليه.

و فيه- أولا: أنّ الكنز و اللقطة، و مجهول المالك موضوعات مختلفة لغة و عرفا و شرعا، و لكل واحد منها أحكام خاصة، فلا وجه لكون الكنز من اللقطة موضوعا كما لا وجه لكونه منه حكما، لفقد الدليل على الإلحاق مع الاختلاف الموضوعيّ، بل مقتضى الأصل عدم الإلحاق بعد تعدد الموضوع.

و ثانيا: أنّ مطلق سبق يد محترم المال لا يوجب كونه من اللقطة ما لم تكن الإضافة الفعلية معتبرة عند متعارف الناس. ففي مورد اللقطة يقال: مال ضاع عن صاحبه الفعلي، و في مورد مجهول المالك يقال: مال لا يعلم صاحبه الفعلي و لا يمكننا إيصاله إلى مالكه الفعلي، فتكون الإضافة إلى المالك الفعلي محفوظة فعلا، و في مورد الكنز لا يعتبر العرف له صاحبا فعلا و إن صح فرضه في قرون كثيرة، لكن الاعتبار العرفي في الملكية و المالكية لا يساعده، إذ لا يرى العرف للكنوز المدفونة مالكا مع أنّه يمكنهم فرضه في ورثة صاحب الكنز و لو بمراتب متعدّدة و بعد قرون كثيرة، فليس أثر الإسلام و أرضه من الأمارات المعتبرة الدالة على مالك فعليّ للكنز كالدار و العقار و نحوهما.

و أما قول أبي جعفر (عليه السلام) في الموثق: «قضى عليّ (عليه السلام) في رجل وجد ورقا في خربة أن يعرّفها، فإن وجد من يعرفها و إلا تمتع بها»۳٥.

و صحيح ابن مسلم: «عن الورق يوجد في دار فقال (عليه السلام): إن كانت معمورة فهي لأهلها، و إن كانت خربة فأنت أحق بما وجدت»۳٦.

فالمتفاهم من مثلها اللقطة عرفا دون ما انطبق عليه عنوان الكنز لدى أهل الخبرة. هذا كله مع صدق عنوان الكنز عرفا. و أما مع عدم الصدق أو الشك فيه فلا يجري عليه حكمه.

للإجماع، و سيرة العقلاء، و ظواهر الأدلة، إذ لا معنى لوجوب الخمس على الواجد مع كونه ملكا لغيره.

للنصوص، و الإجماع، و قد تقدم بعض النصوص هنا، و في أول الكتاب.

لصحة إضافة الملكية الفعلية، و اعتبار المالك الفعليّ له فلا بد حينئذ من ترتيب الأثر عليه، لأنّ هذه الإضافة معتبرة عرفا و شرعا، فما لم تسلب هذه الإضافة لا تصير من المباحات الأولية التي تملك بالاستيلاء عليه. و أما موثق إسحاق: «عن رجل نزل في بعض بيوت مكة فوجد فيها نحوا من سبعين درهما مدفونا فلم تزل معه و لم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال (عليه السلام): يسأل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها، قلت: فإن لم يعرفوها قال (عليه السلام): يتصدّق بها»۳۷ فلا ربط له بالمقام و يأتي في اللقطة بعض الكلام.

أما أنّه للوجدان، فلأنّه مال لا مالك له، فملك كل من استولى عليه.

و أما وجوب الخمس، فلأنّه من الكنز عرفا فيشمله دليل وجوبه قهرا.

لتحقق اليد و هي معتبرة شرعا و يترتب عليها الأثر ما لم تكن معارضة بحجة أخرى.

لجريان أيديهم عليه، فلكل منهم الدعوى بمقتضى يده المعتبرة شرعا و عرفا و يكون من التداعي لا محالة.

أما دفع الحصة إلى المدعي، فلأنّه من الدعوى بلا معارض و مزاحم، فيقبل قوله على المشهور. و في الجواهر «و أما كون الواجد مالكا للباقي، فلأنّه مال لا مالك له، فيملكه كل من استولى عليه» و أما وجوب الخمس، فلأنّ المفروض صدق الكنز عليه، فيشمله الحكم لا محالة.

للنص، و الإجماع، و قد مرّ صحيح البزنطي‏۳۸ في أول الكنز فراجع، و مثله مرسل المقنعة عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) و مقتضاهما كفاية الوصول إلى مائتي درهم أيضا، فاقتصار الماتن على عشرين دينارا لعله من باب المثال.

(مسألة ۱٤): لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة وجب تعريفهما، و تعريف المالك (69) أيضا فإن نفياه كلاهما كان له، و عليه الخمس. و إن ادّعاه أحدهما أعطي بلا بينة. و إن ادّعاه كل منهما، ففي تقديم قول المالك وجه، لقوة يده (70) و الأوجه الاختلاف بحسب المقامات في قوة أحد اليدين (71).

لجريان يد كل منهم عليها، فتثبت الإضافة الفعلية إلى المالك. و ما لم تسلب هذه الإضافة لا يصير ملكا للواجد. و تقدم الوجه في بقية المسألة السابقة فراجع.

نسب ذلك إلى المشهور، لأنّ يد المالك أصلية، و يد المستأجر تبعية.

و الأصليّ أقوى من التبعيّ.

(و فيه): أنّه ليس إلا مجرّد استحسان إذ ربّ يد تبعيّة أقوى من الأصليّة كما هو معلوم بالوجدان.

بحيث يوجب الاطمئنان العرفي و إلا فيجري عليه حكم التداعي.

(مسألة ۱٥): لو علم الواجد أنّه لمسلم موجود- هو أو وارثه- في عصره مجهول، ففي إجراء حكم الكنز، أو حكم مجهول المالك عليه، وجهان (72) و لو علم أنّه كان ملكا لمسلم قديم فالظاهر جريان حكم الكنز عليه.

أقربهما الثاني، لأنّ الكنز ما صح سلب المالك الفعليّ عنه عرفا و هو مشكوك بالنسبة إليه، فيجري عليه حكم مجهول المالك. هذا إذا كان الوارث المحتمل من الطبقة الثالثة أو الرابعة- مثلا- و أما إن كان ممن اندرست وراثته و كان احتمال المالك الفعلي للمال من الاحتمالات التي لا يعتنى بها لدى المتعارف فيجري عليه حكم الكنز. و هذا هو المراد بقوله: «و لو علم أنّه كان ملكا لمسلم قديم».

و لو شك في أنّه من أيّهما، فمقتضى أصالة احترام المال عدم جواز تملكه، فلا يجري عليه حكم الكنز، كما لا تجري عليه الأحكام الخاصة باللقطة، للشك في كونه منها. و لو شك في أنّه لمحترم المال أو لغيره، فيشكل جريان أصالة الاحترام، لأنّ المتيقن من بناء العقلاء و المنساق من الأدلة في موردها ما إذا تحققت الإضافة إلى محترم المال في الجملة، كما إذا دار أمر شي‏ء بين كونه من المباحات الأولية أو كونه مالا لشخص، فجريان أصالة الاحترام فيه مشكل، و يكون من مجهول المالك بالمعنى الأعمّ.

(مسألة ۱٦): الكنوز المتعدّدة لكل واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب و عدمه، فلو لم يكن آحادها بحدّ النصاب و بلغت بالضم لم يجب فيها الخمس (73). نعم المال الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعدّدة يضم بعضه إلى بعض، فإنّه يعدّ كنزا واحدا و إن تعدّد جنسها (7٤).

أما أنّ لكلّ واحد حكم نفسه، فلفرض تعدد الموضوع الموجب لتعدد الحكم قهرا. و أما عدم كفاية بلوغ المجموع النصاب، فهو مترتب على تعدد الموضوع أيضا، فلا خمس حينئذ من حيث الكنز. نعم، لو زاد عن مئونة السنة يدخل في خمس الأرباح.

لفرض أنّه كنز واحد، فيترتب عليه حكم الوحدة.

(مسألة ۱۷): في الكنز الواحد لا يعتبر الإخراج دفعة بمقدار النصاب، فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس، و إن لم يكن كل واحدة منها بقدره (75).

لإطلاق الأدلة الشامل للدّفعة و الدّفعات بعد فرض كون الكنز واحدا.

(مسألة ۱۸): إذا اشترى دابة و وجد في جوفها شيئا فحاله حال الكنز الذي يجده في الأرض المشتراة، في تعريف البائع و في إخراج الخمس إن لم يعرفه (76). و لا يعتبر فيه بلوغ النصاب (77)، و كذا لو وجد في جوف السمكة المشتراة مع احتمال كونه لبائعها و كذا الحكم في غير الدّابة و السمكة من سائر الحيوانات (78).

على المشهور، و يظهر من الحدائق، و الكفاية الاتفاق عليه و الأصل فيه صحيح ابن جعفر الحميري قال: سألته (عليه السلام): «كتبت إلى الرجل أسأله:

عن رجل اشترى جزورا، أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرّة فيها دراهم أو دنانير، أو جوهرة لمن يكون ذلك؟ فوقع (عليه السلام): عرّفها البائع فإن لم يكن يعرفها، فالشي‏ء لك رزقك اللَّه تعالى إيّاه»۳۹.

و لم يذكر فيه الكنز و لا الخمس، بل ظاهره أنّه من مجهول المالك، أو من اللقطة ملكه الشارع لواجده بعد اليأس عن صاحبه.

و أما دعوى الاتفاق فيشكل الاعتماد عليها، لأنّ الظاهر استناده إلى الصحيح، فلا اعتبار به. و حينئذ فإن زاد عن مئونة السنة يجب فيه الخمس من هذه الجهة و إلا فهو لواجده بعد الفحص و لا شي‏ء عليه جمودا على الصحيح. و طريق الاحتياط إجراء حكم الكنز و اللقطة عليه إن كان الحيوان وحشيا، و الكنز و مجهول المالك إن كان أهليا.

لعدم دليل عليه من نصّ، أو إجماع و المتيقن من الاتفاق على فرض اعتباره خصوص وجوب الخمس فقط.

أما وجوب التعريف على المشتري، فلاحتمال كون المال للبائع، لجريان يده عليه، فتكون يده على المال تبعا ليده على السمكة، و لا بد من نفي هذه الإضافة عن البائع حتى يصير ملكا للمشتري. و أما وجوب الخمس، فقد تقدم أنّ دليله منحصر بالاتفاق الظاهر عن صاحب الحدائق و غيره.

(مسألة ۱۹): إنّما يعتبر النصاب في الكنز بعد إخراج مئونة الإخراج (79).

تقدم وجه ذلك في المعدن فراجع.

(مسألة ۲۰): إذا اشترك جماعة في كنز، فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصابا و إن لم يكن حصة كل واحد بقدره (80).

إنّ هذه المسألة أيضا متحدة مع ما تقدم في المعدن، فلا وجه للتكرار.

فروع- (الأول): لو وجد كنز في المشتركات، فمقتضى أصالة عدم حصول الملكية إلا بعد تعريف وليّ أمرها لزوم ذلك عليه.

(الثاني): لو وجده في ملك الغير و لم يمكن تعريف المالك إلا بالتصرف فيه، فالظاهر الجواز مقدمة للتعريف.

(الثالث): لو علم بأنّه لو عرّف المالك بذلك يقع في الضرر يرجع إلى الحاكم الشرعي، و كذا لو كان اطلاع المالك ملازما لاطلاع الحكومة و ذهاب أصل المال.

الرابع: الغوص: و هو إخراج الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ و المرجان و غيرهما، معدنيا كان أو نباتيا (81).لا مثل السمك و نحوه من الحيوانات (82)، فيجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته دينارا فصاعدا (83)، فلا خمس فيما ينقص من ذلك (8٤) و لا فرق بين اتحاد النوع و عدمه، فلو بلغ قيمة المجموع دينارا وجب الخمس. و لا بين الدفعة و الدفعات فيضمّ بعضها إلى بعض كما أنّ المدار على ما أخرج مطلقا و إن اشترك فيه جماعة لا يبلغ نصيب كل منهم النصاب (85).و يعتبر بلوغ النصاب بعد إخراج المؤن، كما مرّ في المعدن (86) و المخرج بالآلات من دون غوص في حكمه على الأحوط (87) و أما لو غاص و شدّه بآلة فأخرجه فلا إشكال في وجوبه فيه (88). نعم، لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء فأخذه من غير غوص. لم يجب فيه من هذه الجهة (89)، بل يدخل في أرباح المكاسب، فيعتبر فيه مئونة السنة، و لا يعتبر فيه النصاب.

أما أصل وجوب الخمس في الغوص، فيدل عليه مضافا إلى الإجماع جملة من الأخبار منها قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «الخمس على خمسة أشياء: على الكنوز، و المعادن، و الغوص، و الغنيمة، و نسي ابن أبي عمير الخامسة» و هذا الحصر إضافيّ بقرينة الأخبار الأخر- التي تقدم بعضها في أول كتاب الخمس- و قوله (عليه السلام) أيضا: «فيما يخرج من المعادن، و البحر، و الغنيمة، و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه، و الكنوز الخمس». و أما تعميم موضوع الغوص بالنسبة إلى ما في المتن، فيقتضيه قوله (عليه السلام): «فيما يخرج من المعادن، و البحر» و حكم أهل الخبرة يصدق الغوص بالنسبة إلى جميع ذلك، و الموضوع من العرفيات الشائعة في جميع الأزمنة قديما و حديثا و له أهل خبرة و صنعوا لذلك أجهزة و آلات.

لعدم صدق الغوص بالنسبة إليها، و يكفي الشك في الصدق في عدم جواز التمسك بالأدلة، لكون التمسك بها حينئذ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و يقتضيه المتفاهم العرفي في الغوص أيضا، إذ المفهوم منه عرفا ما كان من الجمادات و النباتات أو ما هو برزخ بينهما لا الحيوان المحض.

للإجماع، و لصحيح البزنطي عن أبي الحسن الرّضا (عليه السلام):

«سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ، و الياقوت، و الزبرجد، و عن الذهب و الفضة هل فيهما زكاة؟ فقال (عليه السلام): إذا بلغ قيمته دينار ففيه الخمس».

للأصل، و النص، و الإجماع.

كلّ ذلك لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و أنّ المناط في الخمس ذات ما خرج‏ من حيث هو، لا من حيث الإضافة إلى من أخرجه حتى يعتبر النصاب في نصيب كل واحد من المخرجين.

تقدم مستنده فراجع.

منشأ التردد شمول إطلاق الأدلة لكل ما يسمّى غوصا، فيجب فيه الخمس حينئذ، و احتمال الانصراف إلى الغوص المباشري للغواص و لكن الظاهر أنّ الانصراف بدويّ و من باب الغلبة و منشأه عدم وجود الآلات الحديثة في تلك العصور كما كان كذلك في غالب الصنائع.

لصدق الغوص لغة، و عرفا فيشمله الحكم قهرا.

لعدم صدق الغوص عليه بوجه من الوجوه فلا موضوع لوجوب خمس الغوص.

(مسألة ۲۱): المتناول من الغواص لا يجري عليه حكم الغوص إذا لم يكن غائصا (90) و أما إذا تناول منه و هو غائص أيضا، فيجب عليه (91) إذا لم ينو الغوّاص الحيازة، و إلا فهو له و وجب الخمس عليه.

للأصل بعد عدم صدق الغوص بالنسبة إليه.

للجمود على إطلاق الأدلة لو لم نقل بانصرافها إلى مباشرة الاستخراج بنفسه.

(مسألة ۲۲): إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئا، ففي‏ وجوب الخمس عليه وجهان، و الأحوط إخراجه (92)

منشأ التردد: أنّه إن اعتبر في الغوص أن يكون من أول دخوله في البحر بقصد آخر فلا يجب، لعدم القصد و الإرادة هكذا و إن قلنا بكفاية مطلق الاستيلاء على المال بقصد إرادة الغوص. و إن كان حين دخوله في البحر بلا قصد، أو بقصد شي‏ء آخر، فيجب حينئذ. و يمكن أن يقال: أنّ مقتضى الأصل و الإطلاق هو الأخير، فالأقسام ثلاثة: قصد الغوص حين الدخول في البحر، و قصد العدم، و عدم القصد. و الإطلاقات تشمل الأخيرين أيضا خصوصا مثل ما سئل أبو الحسن موسى (عليه السلام) «عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت» فإنّه علق فيه الحكم على عنوان الإخراج لا الغوص.

(مسألة ۲۳): إذا أخرج بالغوص حيوانا، و كان في بطنه شي‏ء من الجواهر، فإن كان معتادا وجب فيه الخمس (93). و إن كان من باب الاتفاق- بأن يكون بلع شيئا اتفاقا- فالظاهر عدم وجوبه، و إن كان أحوط (9٤).

لشمول إطلاق الأدلة له مع الاعتياد.

أما عدم الوجوب، فلعدم كونه من الغوص المتعارف، فلا تشمله الأدلة.

و أما الاحتياط، فلاحتمال كون المراد من الغوص مطلق ما يخرج من البحر و لو لم يكن من المتعارف المعهود.

(مسألة ۲٤): الأنهار العظيمة- كدجلة و النيل و الفرات- حكمها حكم البحر (95) بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص إذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر.

لأنّ ذكر البحر في الأدلة من باب المثال ما يتكوّن فيه مثل اللؤلؤ و الزبرجد و نحوهما، فيشمل الجميع و يكون ذكر البحر من باب الغالب و لا يوجب التقييد.

(مسألة ۲٥): إذا غرق شي‏ء في البحر و أعرض مالكه عنه فأخرجه الغواص ملكه، و لا يلحقه حكم الغوص على الأقوى (96) و إن كان من مثل اللؤلؤ و المرجان، لكن الأحوط إجراء حكمه عليه.

أما أنّه يملكه الغواص، فللنص، و الإجماع، و السيرة قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «قال عليّ (عليه السلام): إذا غرقت السفينة و ما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله و هم أحقّ به، و ما غاص عليه الناس و تركه صاحبه فهو لهم»44 و نحوه غيره.

و أما عدم الخمس فيه، فللأصل بعد ظهور الأدلة فيما يتكوّن في البحر لا ما يدخل فيه من الخارج و إن كان أصله مما تكوّن فيه. و أما الاحتياط فلأنّه حسن على كل حال، لاحتمال شمول الإطلاقات كذلك أيضا، و إن كان هذا الاحتمال خلاف الظاهر.

(مسألة ۲٦): إذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت و نحوهما تحت الماء بحيث لا يخرج منه إلا بالغوص فلا إشكال في تعلق الخمس به لكنه هل يعتبر فيه نصاب المعدن أو الغوص؟ وجهان، و الأظهر الثاني (97).

أما أصل وجوب الخمس، فللعلم التفصيليّ بالوجوب و حيث إنّه لا يخمّس المال من وجهين كما يأتي في [مسألة ۸۲] من خمس الأرباح لا بد في ترجيح أحدهما من مرجح و لو عرفا، و العرف و اللغة يساعد على ترجيح الثاني، لأنّ في البحر أيضا معادن يطلق على استخراجها الغوص. نعم، لو جعل في أطرافه ما يمنع عن وصول الماء إليه ثمَّ استخرج لا يكون ذلك من الغوص حينئذ.

(مسألة ۲۷): العنبر إذا أخرج بالغوص جرى عليه حكمه (98) و إن‏ أخذ على وجه الماء أو الساحل، ففي لحوق حكمه له وجهان، و الأحوط اللحوق (99) و أحوط منه إخراج خمسه و إن لم يبلغ النصاب أيضا (100).

لأنّه من الغوص حينئذ، فيشمله إطلاق الأدلة.

وجه الترديد إطلاق صحيح الحلبي: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن العنبر، و غوص اللؤلؤ، فقال (عليه السلام): عليه الخمس» فإنّ إطلاقه يشمل المأخوذ من وجه الماء أيضا، و ما نسبه في الحدائق إلى الأكثر من أنّ ما يؤخذ من وجه الماء ملحق بالمعدن، مع احتمال أن يكون المراد بالعنبر في الصحيح غوصة لا مطلقه.

لما نسب إلى جمع من عدم اعتبار النصاب فيه أصلا، و لكنّه مخدوش بعدم خروجه إما عن المعدن أو الغوص. و أما موضوع العنبر فليس بيانه من شأن الفقيه، بل لا بد و أن يرجع إلى الكتب الموضوعة لبيان مثل ذلك، فراجع مادة عنبر في كتب الطب مثل كتاب القانون و التحفة، و التذكرة، و كتاب الموسوعة العربية الميسرة و نحوها من سائر الكتب المعدّة لبيان مثل العنبر و انه من العطور و الروائح الطيبة.

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميز مع الجهل بصاحبه و بمقداره، فيحل بإخراج خمسه (101) و مصرفه مصرف سائر أقسام‏ الخمس على الأقوى (102). و أما إن علم المقدار و لم يعلم المالك تصدّق به‏ عنه (103) و الأحوط أن يكون بإذن المجتهد الجامع للشرائط (10٤) و لو انعكس- بأن علم المالك و جهل المقدار- تراضيا بالصلح و نحوه (105)، و إن لم يرض المالك بالصلح ففي جواز الاكتفاء بالأقلّ أو وجوب إعطاء الأكثر وجهان‏ الأحوط الثاني و الأقوى الأول إذا كان المال في يده (106) و إن علم المالك و المقدار وجب دفعه إليه (107).

على المشهور لجملة من الأخبار:

منها: قول الصادق (عليه السلام): «أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: إني رجل كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا و حراما و قد أردت التوبة و لا أدري الحلال منه و الحرام و قد اختلط عليّ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) تصدّق بخمس مالك فإنّ اللَّه قد رضي من الأشياء بالخمس، و سائر المال لك حلال» و نحوه غيره.

و عن عمار بن مروان: «سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: فيما يخرج من المعادن، و البحر، و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه، و الكنوز الخمس».

فما عن جمع من عدم الوجوب، و ما عن صاحب المدارك من إجراء حكم مجهول المالك عليه. طرح لهذه الأخبار بلا وجه. و نعم ما قال في الحدائق: «إنّ طرح هذه النصوص المتكرّرة في الأصول المتفق عليها بين الأصحاب مما لا يجتزئ عليه ذو مسكة» فما في المستند من المناقشة في السند، و الدلالة، و المعارضة بالإطلاقات الدالة على حلية المال المختلط لا وجه له، إذ السند منجبر بعمل الفقهاء العظام مع أنّ من كثرتها و تكرّرها في الأصول يعلم بصدور بعضها من الإمام (عليه السلام) و الدلالة ظاهرة عند المتعارف من الأنام، و الإطلاقات مقيّدة بهذه الأخبار بلا كلام فلا يبقى مورد لمناقشة الأعلام.

لظهور لفظ الخمس الوارد في أخبار المقام في الخمس المعهود في الشريعة فيترتب عليه جميع ماله من الأحكام.

و عن بعض متأخري المتأخرين التشكيك فيه جمودا على ما تقدم من قوله (عليه السلام): «تصدّق بخمس مالك»، فيمكن أن يراد به الكسر المشاع لا الخمس المعهود.

(و فيه): أنّه قد أطلقت الصدقة على الخمس في بعض الأخبار أيضا، فقد كتب أبو جعفر (عليه السلام) إلى ابن مهزيار: «إنّ مواليّ- أسأل اللَّه تعالى صلاحهم أو بعضهم- قصّروا فيما يجب عليهم، فعلمت ذلك فأحببت أن أطهّرهم و أزكيهم بما فعلت من أمر الخمس في عامي هذا. قال اللَّه تعالى‏ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ‏.

ثمَّ إنّ الأقسام المتصوّرة خمسة:

الأول: أن يعلم المقدار و المالك و حكمه واضح و يأتي في ذيل [مسألة ۲۷] حكمه.

الثاني: أن لا يعلما معا، و قد تقدم حكمه.

الثالث: أن يعلم المقدار و يعلم المالك في عدد محصور يأتي حكمه في [مسألة ۳۰].

الرابع: هذه الصورة مع عدم العلم بالمالك أو العلم به في عد غير محصور و يسمّى هذا بمجهول المالك و رد المظالم و قد يطلق رد المظالم على الأعمّ منه أيضا، و يأتي حكمه.

الخامس: علم المالك و جهل المقدار على ما سيأتي حكمه أيضا.

لخبر أبي حمزة فيمن كان في ديوان بني أمية و أصاب من دنياهم مالا كثيرا و أغمض في مطالبه قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، و من لم تعرف تصدّقت به و أنا أضمن لك على اللَّه عزّ و جل الجنة»٥۰.

و هذا هو المشهور، و ادعي عليه الإجماع. و لا معارضة بينه و بين ما تقدم الدال على وجوب الخمس، لأنّ المتفاهم منها صورة عدم العلم بالمقدار، و أما مع العلم به فلا وجه للتحديد بالخمس، إذا الفطرة تحكم حينئذ بإخراج المقدار المعلوم و لا تحير فيه حتى يحدّده الشارع بحدّ خاص. ثمَّ إنّ مقتضى إطلاق خبر أبي حمزة عدم الفرق بين المتميز و غيره. فما عن صاحب الحدائق من الاختصاص بالأول و وجوب إخراج الخمس في الأخير لا وجه له.

مقتضى إطلاق خبر أبي حمزة جواز مباشرة من بيده المال للتصدق من دون مراجعة الحاكم كسائر الصدقات. و قد يدّعى خروج هذه الصدقة عن سائر الصدقات، لكونه مال الغير، فلا ولاية لمن بيده المال على التصدق به، و لخبر داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «رجل إنّي أصبت مالا و إنّي قد خفت فيه على نفسي و لو أصبت صاحبه دفعته إليه و تخلّصت منه، فقال له أبو عبد اللَّه (عليه السلام): لو أصبته كنت دفعته إليه؟ فقال: إي و اللَّه، فقال (عليه السلام): فلا و اللَّه ماله صاحب غيري. فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره قال: فحلف قال:

فاذهب و قسّمه في إخوانك و لك الأمن مما خفت، قال: فقسّمه بين إخوانه»٥۱.

(و فيه): أنّ الأول مخالف لظاهر الإطلاق، مع أنّه لو كان حكم هذه الصدقة مخالفا لسائر الصدقات لشاع و بان في هذا الأمر العام البلوى. و قوله (عليه السلام):

«ماله صاحب غيري» يحتمل معنيين‏ الأول: صاحب الأمر و الحكم. الثاني: مالك المال، و الظاهر هو المعنى الأول، لجلالة مقامه (عليه السلام) أن يدعي المالكية لمثل هذه الصدقات و منه يظهر وجه الاحتياط.

لا ريب في جواز الصلح، و إنّما الكلام في تعيينه فقد قيل بوجوب دفع ما علم اشتغال الذمة به. و قيل: بوجوب دفع الخمس. و قيل: بوجوب القرعة.

و يرد الأول: أنّ الكلام في العين الخارجية لا ما يكون في الذمة.

و الثاني: بأنّ مورده الجهل بالمال و المالك معا. و الأخير بأنّ موردها ما إذا لم يكن التخلص بوجه آخر.

ثمَّ الظاهر أنّ المراد بالصلح ما هو المعهود منه، أي الاختياريّ لا القهري فلو امتنع أجبره الحاكم. و المراد بنحو الصلح الهبة، و شرط سقوط الحق في ضمن عقد لازم.

لانحلال العلم الإجمالي المردد بين الأقلّ و الأكثر إلى العلم التفصيليّ بالأقلّ و الشك في الأكثر، فتجري البراءة عنه. بل عن الماتن عدم تنجز العلم الإجمالي في الماليات و إن تردد بين المتباينين فكيف بالأقلّ و الأكثر، مع أنّ اليد أمارة على الملكية إلا في المتيقن خروجه عنها. و أما أنّ الأحوط الثاني، فلحسن الاحتياط مطلقا خصوصا في حقوق الناس.

بضرورة المذهب، بل الدّين.

(مسألة ۲۸): لا فرق في وجوب إخراج الخمس و حلية المال بعده بين أن يكون الاختلاط بالإشاعة أو بغيرها كما إذا اشتبه الحرام بين أفراد من جنسه أو من غير جنسه (108).

لإطلاق الدليل الشامل لجميع الصور.

(مسألة ۲۹): لا فرق في كفاية إخراج الخمس في حلية البقية- في صورة الجهل بالمقدار أو المالك بين أن يعلم إجمالا زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس، و بين صورة عدم العلم و لو إجمالا، ففي صورة العلم الإجماليّ بزيادته عن الخمس أيضا يكفي إخراج الخمس، فإنّه مطهّر للمال تعبدا (109) و إن كان الأحوط مع إخراج الخمس المصالحة مع الحاكم الشرعيّ‏ أيضا بما يرتفع به يقين الشغل (110) و إجراء حكم مجهول المالك عليه. و كذا في صورة العلم الإجمالي بكونه أنقص من الخمس و أحوط من ذلك المصالحة معه (111)- بعد إخراج الخمس- بما يحصل معه اليقين بعدم الزيادة.

مطهّرية التخميس تعبّدا إنّما تكون فيما هو المتفاهم من الدليل، و هي الجهالة المطلقة المستقرة في مقدار المال و المالك حين الدفع. و أما مع العلم بالزيادة أو النقيصة، فالشك في شمول الدليل لهما يكفي في عدم الشمول، فيكون المرجع قاعدة سلطنة الناس على أموالهم في الصورة الأولى، و قاعدة الاشتغال في الثانية، و لم يثبت إطلاق دليل كفاية التخميس و وروده في مقام البيان من كل جهة حتى يكون حاكما على القاعدتين مع كونهما من القواعد المعتبرة العقلائية. و من ذلك يظهر وجه لزوم الاحتياط بأنّه لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي.

الاحتياط يحصل بأن يدفع المجموع إلى الحاكم الشرعي بقصد ما عليه في الواقع و لا يحصل الاحتياط بدفع الزيادة خمسا، لما مرّ من الشك في شمول دليل التخميس لهذه الصورة، كما أنّ المصالحة مع الحاكم الشرعيّ إنّما تكون احتياطا في صورة الشك في الزيادة أو النقيصة لا في صورة العلم بأحدهما و تقدم في [مسألة ٦] من ختام الزكاة ما ينفع المقام.

يحصل الاحتياط بأن يدفعه إلى الحاكم الشرعي بعنوان ما عليه في الواقع و يصالح معه في مقدار الشك.

(مسألة ۳۰): إذا علم قدر المال و لم يعلم صاحبه بعينه لكن علم في عدد محصور، ففي وجوب التخلص من الجميع و لو بإرضائهم بأيّ وجه كان أو وجوب إجراء حكم مجهول المالك عليه، أو استخراج المالك بالقرعة، أو توزيع ذلك المقدار عليهم بالسوية وجوه، أقواها الأخير (112). و كذا إذا لم يعلم قدر المال و علم صاحبه في عدد محصور، فإنّه بعد الأخذ بالأقلّ- كما هو الأقوى- أو الأكثر- كما هو الأحوط- يجري فيه الوجوه المذكورة.

أما الأول فلقاعدتي اليد و الاحتياط. (و فيه): أنّ الاحتياط يحصل بأن يضع المقدار المعلوم بين أيديهم و يقول لهم: اعملوا فيه بحسب تكليفكم و وجوب شي‏ء عليه بأزيد من ذلك مشكوك فتجري البراءة عنه. هذا مضافا إلى دعوى الإجماع على عدم وجوب الاحتياط في الماليات، و يشهد له قاعدة نفي الضرر أيضا.

و أما الثاني: فلدعوى كونه من مجهول المالك. (و فيه): أنّ المراد به- كما مرّ- الجهل المطلق و من كل جهة لا الجهل في الجملة.

و أما الثالث: فلعموم دليل القرعة لكل أمر مشكل و المقام منه. (و فيه): أنّ‏ موردها ما إذا لم يمكن دفع الإشكال إلا بالقرعة و في المقام يمكن دفعه بغيرها، مع أنّ العمل بها يحتاج إلى الانجبار في خصوص مورد جريانها و لم يعلم عملهم بها في المقام، بل الظاهر العدم.

و أما الأخير: فلأنّه الموافق للعدل و الإنصاف مضافا إلى تساوي احتمال المالكية في الجميع و عدم الترجيح، و قد ورد في نظيره صحيح ابن المغيرة الوارد في الدّرهم و الدّرهمين‏٥۲ و لم يقتصر الأصحاب على مورده و تعدّوا عنه إلى غيره أيضا و لكن الأحوط الوجه الأول مع الإمكان. و قد مرّ منه- (رحمه اللّه)- الفتوى بذلك في [مسألة ٦ و ۷] من مسائل ختام الزكاة فراجع.

و هنا وجه رابع و هو احتساب من بيده المال من الحقوق بإذن الحاكم الشرعيّ إن تحققت سائر الشرائط، كما إذا علم أنّ كل واحد من العدد المحصور عليهم الحقوق المالية و لا يعطونها.

(مسألة ۳۱): إذا كان حق الغير في ذمته لا في عين ماله فلا محلّ للخمس (113) و حينئذ فإن علم جنسه و مقداره و لم يعلم صاحبه أصلا، أو علم في عدد غير محصور تصدّق به عنه، بإذن الحاكم (11٤) أو يدفعه إليه. و إن كان‏ في عدد محصور ففيه الوجوه المذكورة و الأقوى هنا أيضا الأخير (115). و إن علم جنسه و لم يعلم مقداره- بأن تردد بين الأقلّ و الأكثر- أخذ بالأقلّ المتيقن (116) و دفعه إلى مالكه إن كان معلوما بعينه، و إن كان معلوما في عدد محصور فحكمه كما ذكر. و إن كان معلوما في غير المحصور أو لم يكن علم إجماليّ أيضا تصدّق به عن المالك بإذن الحاكم أو يدفعه إليه (117) و إن لم يعلم جنسه و كان قيميّا فحكمه كصورة العلم بالجنس، إذ يرجع إلى القيمة، و يتردد فيها بين الأقلّ و الأكثر (118) و إن كان مثليا ففي وجوب الاحتياط و عدمه وجهان (119).

لأنّ مورد وجوب التخميس في المال المختلط المال الخارجي المخلوط بالحرام لا ما كان في الذمة و لا بد و أن يعمل فيه بالقواعد العامة لا الأدلة الخاصة التي وردت في المال المختلط.

لأنّه حينئذ من مجهول المالك، فيجري عليه حكمه كما مرّ. و قد تردد (رحمه اللّه) في لزوم مراجعة الحكم في [مسألة ۲۷] و جزم به هنا مع أنّه لا فارق في البين فمن أين حصلت هذه التفرقة؟!!.

ثمَّ إنّ هذا القسم يسمّى في ألسنة المتشرعة برد المظالم و حكمه حكم مجهول المالك سواء كان موضوعه العين الخارجية أم الذمة.

تقدم أنّ الاحتياط في اختيار الوجه الأول مع الإمكان خصوصا مع التقصير.

لأصالة البراءة عن الأكثر، و ظهور التسالم على عدم وجوبه.

لأنّه من مجهول المالك، فيجري حكمه عليه و هذا هو حكمه كما مرّ.

فيجب الأقلّ للعلم به، و يرجع في الأكثر إلى البراءة للشك فيه.

مقتضى قاعدة نفي الضرر، و ظهور التسالم على عدم وجوب الاحتياط في الماليات هو الثاني.

(مسألة ۳۲): الأمر في إخراج هذا الخمس إلى المالك كما في سائر أقسام الخمس، فيجوز له الإخراج و التعيين من غير توقف على إذن الحاكم كما يجوز دفعه من مال آخر و إن كان الحق في العين (120).

كل ذلك لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن وجوب مراجعة الحاكم و ثبوت ولاية من بيده المال على إخراج الصدقات الواجبة و المندوبة إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخلاف في المقام، و حيث ذهب بعض الفقهاء إلى جريان حكم مجهول المالك على هذا القسم من الخمس، و طريقة الاحتياط مراجعة الحاكم الشرعيّ.

(مسألة ۳۳): لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس فالأقوى ضمانه (121) كما هو كذلك في التصدق عن المالك في مجهول المالك، فعليه غرامته له، حتى في النصف الذي دفعه إلى الحاكم بعنوان أنّه للإمام (عليه السلام) (122).

استدل على الضمان تارة: بقاعدة اليد. و أخرى: بمرسل السرائر:

«روي أنّه بمنزلة اللقطة». و ثالثة: بعدم الفصل بينه و بين ما إذا كان اليد حين الحدوث عدوانيا. و رابعة: بخبر حفص بن غياث عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام):

«فيمن أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا- إلى أن قال- فإن أصاب صاحبها ردها عليه- إلى أن قال:- و إلا تصدّق بها، فإن جاء طالبها بعد ذلك خيّره بين الأجر و الغرم، فإن اختار الأجر فله، و إن اختار الغرم غرم له و كان الأجر له»٥۳.

و الكل مخدوش: أما الأول‏ فلأنّ المنساق من اليد الموجب للضمان ما كان على المالك لا أن تكون له، إذ لا ريب في انتفاعه بالتصدق بماله سواء كان بمباشرته أم بغيره، و الشك في الصدق يكفي في عدم جواز التمسك كما هو واضح.

و أما الثاني: فإنّ قصور سنده يمنع عن الاعتماد عليه مع احتمال أن يكون مراده خبر حفص.

و أما الثالث: فبعدم ثبوته، و على فرض الثبوت لا اعتبار به إلا إذا رجع إلى الإجماع المعتبر، و مقتضى الأصل عدم تحققه.

و أما الأخير: فبأنّه في الوديعة من اللص و لم يتعدّ الأصحاب من الوديعة إلى غيرها و إن تعدوا من اللص إلى مطلق الغاصب. و لذا اختار جمع عدم الضمان للأصل، و إطلاق ما دلّ على التصدق به مع عموم البلوى و عدم التعرض للضمان لو ظهر المالك، مضافا إلى إذن الشارع في التصدق، فيكون كإذن الوليّ بمال المولّى عليه، مع أنّ الضمان بالتصدق مع إذن الشارع مستنكر عند المتشرعة.

و لكن يمكن المناقشة في الإطلاق، بعدم وروده مورد البيان من هذه الجهة، و في الإذن بأنّه أعمّ من عدم الضمان لو ظهر المالك و لم يرض به، و استنكار المتشرعة- على فرض ثبوته- لا حجية فيه، و لا ريب في أنّ اليد ثابت و الإحسان إلى المالك يرفع الإثم دون الضمان، و الاستيناس من اللقطة للمقام ممكن بلا كلام فلا يترك الاحتياط بالضمان كما اشتهر بين الأعلام.

لما تقدم. فإنّه إن كان الضّمان موافقا للقاعدة فلا فرق فيه بين الحقين، و إن كان مخالفا لها فلا فرق فيه أيضا، فالتفصيل فيهما يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

ثمَّ إنّه لا فرق في عدم الضمان على القول به بين وجود العين و عدمه و يظهر منهم الإجماع عليه. و في الجواهر «يمكن استظهاره من الأخبار» و يمكن أن يستفاد ذلك مما دل على أنّه ما كان للَّه فلا يرد- على ما سيأتي.

(مسألة ۳٤): لو علم- بعد إخراج الخمس- أنّ الحرام أزيد من الخمس أو أقلّ، لا يسترد الزائد على مقدار الحرام في الصورة الثانية (123). و هل يجب عليه التصدق بما زاد على الخمس في الصورة الأولى أو لا؟ وجهان أحوطهما الأول، و أقواهما الثاني (12٤).

لإطلاق الأدلة، و ما دل على أنّه لا رجوع في الصدقة.

هذا يصح بناء على كون الخمس مطهّر للمال تعبّدا و قد تقدّمت المناقشة فيه فلا يترك الاحتياط.

(مسألة ۳٥): لو كان الحرام المجهول مالكه معيّنا فخلطه بالحلال ليحلّله بالتخميس خوفا من احتمال زيادته على الخمس فهل يجزيه إخراج الخمس أو يبقى على حكم مجهول المالك؟ وجهان. و الأقوى الثاني، لأنّه كمعلوم المالك، حيث إنّ مالكه الفقراء قبل التخليط (125).

يعني: أنّ مصرفه للفقراء و إلا فالصدقات لا تملكها الفقراء إلا بعد القبض إلا في الزكاة على ما نسب إلى المشهور من الشركة العينية الإشاعية للفقراء في متعلق الزكاة مع الأغنياء، و تقدّم ما يصلح لمنعه، فالمال في المقام باق على ملك مالكه الأصليّ، و لا ينتقل إلى الفقير إلا بالتصدق الشرعيّ الصحيح، فيكون من مجهول المالك، و لا إطلاق فيما دل على تطهير المال المختلط بالحرام بإعطاء خمسة حتى‏ يشمل صورة الاختلاط بالاختيار أيضا.

إن قيل: مقتضى إطلاق أدلة المقام الشمول لما إذا حصل الاختلاط بالاختيار أيضا خصوصا مع عدم مبالاة غالب الناس في مثل هذه الأمور. فهذه الأدلة نحو تسهيل و امتنان عليهم.

(يقال): ليس الإطلاق في مقام البيان من هذه الجهة حتى يصح التمسك به، و لكن الحق أنّ خبر السكوني: «أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: إنّي كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا و حراما»٥4 ظهوره في التعميم مما لا ينكر، و لذا ذهب بعض إلى التعميم و هو المناسب للتسهيل و التيسير.

(مسألة ۳٦): لو كان الحلال الذي في المختلط مما تعلق به الخمس، وجب عليه- بعد التخميس للتحليل- خمس آخر للمال الحلال الذي فيه (126).

لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب. و ما ورد من أنّه: «لا ثنيا في الصدقة» و نحوه مما يكون مثله إنّما هو فيما إذا كانت من جهة واحدة لا فيما إذا كانت جهات متعدّدة، فلا يشمل المقام. و طريق الاحتياط المصالحة مع الحاكم الشرعي بالنسبة إلى خمس البقية. و يأتي في [مسألة ۸۲] تعدد الخمس فيما إذا جعل الغوص أو المعدن مكسبا. و لعلنا نتعرّض للفرق بين المسألتين هناك.

(مسألة ۳۷): لو كان الحرام المختلط في الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاص أو العام، فهو كمعلوم المالك على الأقوى (127)، فلا يجزيه إخراج الخمس حينئذ.

إذ لا فرق بين كون المالك المعلوم شخصيا أو نوعيا.

(مسألة ۳۸): إذا تصرّف في المال المختلط قبل إخراج الخمس بالإتلاف لم يسقط، و إن صار الحرام في ذمته، فلا يجري عليه حكم رد المظالم على‏ الأقوى (128) و حينئذ فإن عرف قدر المال المختلط اشتغلت ذمته بمقدار خمسه، و إن لم يعرفه ففي وجوب دفع ما يتيقن معه بالبراءة أو جواز الاقتصار على ما يرتفع به يقين الشغل وجهان، الأحوط الأول، و الأقوى الثاني (129).

لإطلاق ما دل على تخميس المال المختلط، و استصحاب بقاء وجوبه، و طريق الاحتياط أن يدفعه إلى الحاكم الشرعيّ بعنوان ما عليه في الواقع.

لأصالة البراءة عن المشكوك و إن كان الاحتياط حسنا مطلقا.

(مسألة ۳۹): إذا تصرّف في المختلط قبل إخراج خمسه ضمنه، كما إذا باعه مثلا فيجوز لوليّ الخمس الرجوع عليه كما يجوز له الرجوع على من انتقل إليه و يجوز للحاكم أن يمضي معاملته، فيأخذ مقدار الخمس من العوض إذا باعه بالمساوي قيمة أو بالزيادة. و أما إذا باعه بأقلّ من قيمته فإمضاؤه خلاف المصلحة. نعم، لو اقتضت المصلحة ذلك فلا بأس (130).

كل ذلك بناء على أنّ هذا القسم من الخمس كسائر أقسامه من التعلق بالعين، و كون خمس المال مورد حق الإمام (عليه السلام) و السادة و هذا هو الظاهر من إطلاق الأدلة و الكلمات. و يأتي في [مسألة ۷٥] ما ينفع المقام. و مع شمول تلك الأدلة، فلا وجه لجريان أصالة بقاء المال على ملك مالكه و عدم خروجه عنه كما عن بعض الأعلام، فلا فرق بين هذا الخمس و سائر الأقسام فيما لها من العوارض و الأحكام.

ثمَّ إنّه يجوز في هذا القسم من الخمس أن يقصد الإعطاء عن نفسه، لأنّه المخاطب بذلك، و لكن الأحوط أن يقصد الواقع أعمّ من نفسه و من صاحب المال.

فروع في مجهول المالك:

(الأول) يجوز دفع مجهول المالك إلى الحاكم الشرعي، للأصل، و الإطلاق.

بل هو الأحوط، لاحتمال اختصاصه به.

(الثاني): لو ادعاه مدع لا يعطى له إلا مع الاطمئنان بصدقه، لأصالة عدم‏ حجية قوله.

(الثالث): لو أعطاه ثمَّ تبيّن الخلاف يكون ضامنا، لقاعدة الاشتغال.

(الرابع): التصدق به بعد اليأس فوريّ، لأصالة الفورية في أداء الحقوق إلا ما خرج بالدليل.

(الخامس): لو علم المالك في عدد غير محصور، فالأحوط إرضاء الجميع مع الإمكان، للعمل بقاعدة الاشتغال مهما أمكن، و إلا فيجري عليه حكم مجهول المالك كما تقدم.

(السادس): يجوز بيع مجهول المالك و التصدق بثمنه بعد مراجعة الحاكم الشرعي، لولاية الحاكم الشرعي على هذه الأمور من باب الحسبة.

(السابع): إن كان المتصدّق و المالك من غير بني هاشم يجوز إعطاؤه لهم حتى بناء على حرمة مطلق الصدقة الواجبة عليهم، لأنّها مندوبة بالنسبة إلى المالك و هو الأصل في التصدق و إن كانت واجبة بالنسبة إلى المتصدق. و تقدم جواز أخذ الهاشميّ للصدقة المندوبة.

(الثامن): يجوز إبقاء مجهول المالك و التصدق بمنفعته بعد مراجعة الحاكم الشرعيّ، لما مرّ من ولايته على هذه الأمور.

(التاسع): مصرف هذه الصدقة كمصرف سائر الصدقات، لما تقدم من الإطلاقات، فيجوز صرفها في سبيل اللَّه أيضا.

(العاشر): يعتبر قصد التصدق عن المالك، لما تقدم من ظاهر الأدلة.

(الحادي عشر): لو ظهر المالك و لم يرض بالتصدق ضمن بلا فرق بين العين و الدّين، لما مرّ من قاعدة الاشتغال.

(الثاني عشر): لو مات المالك يقوم وارثه مقامه في رد التصدق و إمضائه لإطلاقات أدلة الإرث.

(الثالث عشر): لو مات المتصدّق ورد المالك يخرج من تركته كما في جميع موجبات الضمان الحاصلة في حال الحيوة.

(الرابع عشر): لو ظهر أنّ المالك من القصر يشكل لوليهم إمضاء التصدق‏ إلا مع المصلحة و حينئذ يصح، لإطلاق دليل ولايته.

(الخامس عشر): لو توقف التصدق على صرف مال لا يجب ذلك، للأصل إلا أن يقال بالوجوب من جهة المقدمية.

(السادس عشر): لو كان من بيده المال فقيرا يجوز أخذه له بإذن الحاكم الشرعي، لإطلاق ما دل على أنّه للفقراء.

(السابع عشر): لا فرق في المجهول المالك بين الجهل به أصلا، أو العلم به و تعذر الإيصال إليه، لشمول إطلاق دليله له أيضا.

(الثامن عشر): لا فرق بين كون المالك مجهولا من الأول، أو كونه معلوما أولا ثمَّ صار مجهولا، تمسكا بالإطلاق و ظهور الاتفاق.

(التاسع عشر): النماء تابع للعين، فيجب التصدق به أيضا، لقاعدة «تبعية النماء للملك» و حيث إنّ الأصل للفقراء يكون النماء أيضا كذلك.

(العشرون): لو تلف المال يضمن من بيده المال مع التعدّي أو التفريط و لا ضمان مع عدمهما، أما الأول فلقاعدة اليد. و أما الثاني، فلقاعدة عدم ضمان الأمين.

(الحادي و العشرون): لو مات و عنده من مجهول المالك شي‏ء وجبت الوصية به، لما مرّ في أحكام الاحتضار من وجوبها.

(الثاني و العشرون): لو اتجر بمجهول المالك فإن كان بإذن الحاكم الشرعي يصح و يكون الربح تابعا للعين و إلا بطل أصل البيع إلا إذا أجازه الحاكم الشرعي.

(الثالث و العشرون): لو كانت ذمة المالك مشغولة ببعض الصدقات الواجبة هل تفرغ بالتصدق عنه بماله أو لا وجهان؟ لا يبعد الأول، لفرض أنّه منه.

(الرابع و العشرون): لو تردد شي‏ء عنده بين كونه من ماله أو من مجهول المالك، فمقتضى ظاهر اليد كونه له.

(الخامس و العشرون): لو تصرّف في مال مدّة معينة بعنوان كونه له، فبان أنّه مجهول المالك يضمن المنافع الفائتة، لقاعدة الإتلاف و اليد.

(السادس و العشرون): لا فرق في مجهول المالك بين كون المالك شيعيا أو غيره من محترم المال، لإطلاق الأدلة الشاملة للجميع.

(السابع و العشرون): وجوب التصدق بمجهول المالك تكليفيّ محض لا أن يكون مثل الزكاة من تعلق حق من الفقراء بالمال أيضا، للأصل و إن احتمل تعلق حقهم به أيضا.

(الثامن و العشرون): لا فرق في مجهول المالك بين كون التسلط على المال بالاختيار- كالمعاملات الباطلة- أو بغير الاختيار، لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(التاسع و العشرون): لو كان مجهول المالك حيوانا ينفق عليه بقصد الرجوع إلى المالك لو وجد، أو إلى وليّ الفقير لو تصدق به و يأتي التفصيل في اللقطة.

(الثلاثون): لا يجوز للفقير أخذ المال الذي يعلم أنّه مجهول المالك إلا بإذن الحاكم الشرعي، لأنّه لا ولاية للفقير على ذلك لا في المقام و لا في الزكاة، كما مرّ.

السادس: الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم (131) سواء كانت أرض مزرع، أو مسكن، أو دكان، أو خان، أو غيرها (13۲) فيجب فيها الخمس و مصرفه مصرف غيره من الأقسام على الأصح (133)، و في وجوبه في المنتقلة إليه‏ من المسلم بغير الشراء من المعاوضات إشكال (13٤) فالأحوط اشتراط مقدار الخمس عليه في عقد المعاوضة (135)، و إن كان القول بوجوبه في مطلق المعاوضات لا يخلو عن قوّة (136)، و إنّما يتعلق الخمس برقبة الأرض دون البناء و الأشجار و النخيل إذا كانت فيه (137) و يتخيّر الذميّ بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها (138) و مع دفع قيمتها يتخيّر وليّ الخمس بين أخذه و بين إجارته (139) و ليس له قلع الغرس و البناء بل عليه إبقاؤهما بالأجرة (140) و إن أراد الذميّ دفع‏ القيمة، و كانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء تقوم مشغولة بها مع الأجرة فيؤخذ منه خمسها (1٤۱) و لا نصاب في هذا القسم من الخمس (1٤۲) و لا يعتبر فيه نية القربة حين الأخذ حتّى من الحاكم، بل و لا حين الدفع إلى السادة (1٤۳).

نصّا و إجماعا قال أبو جعفر (عليه السلام) في الصحيح: «أيّما ذميّ اشترى من مسلم أرضا فإنّ عليه الخمس»٥٥، و عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) «الذميّ إذا اشترى من مسلم أرضا فعليه فيها الخمس»٥٦.

و المناقشة بقصور السند و احتمال التقية عن مالك و عدم التعرض له بين القدماء (مدفوعة) بأنّ السند معتبر، و مجرّد احتمال التقية لا يضرّ خصوصا عن مالك في زمان الصادقين إذ لم يكن مذهبه شائعا بحيث يصلح للاتقاء منه. و أما عدم التعرض بين القدماء فلا ريب في أنّه أعمّ من عدم الوجوب.

لظهور الإطلاق الشامل للجميع، و احتمال الانصراف إلى الأرض الخالية بدوي لا يعتنى به.

لانسباق ذلك من الأدلة، و احتمال أن يكون المراد به تضعيف العشر يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

من الاقتصار على خصوص الشراء الوارد في النصوص في هذا الحكم المخالف للأصل. و من احتمال أنّ ذكر لفظ الشراء فيها من باب الغالب و المثال لكل نقل و انتقال لا لخصوصية فيه.

فيحل لأرباب الخمس حينئذ قطعا إما لثبوته واقعا، أو من جهة اشتراطه في عقد المعاوضة.

لأنّ فهم الخصوصية للشراء من حيث هو بعيد عن الأذهان العرفية و الأدلة الشرعية المنزلة عليها.

لخروج ذلك كلّه عن مفهوم الأرض عرفا و لا ينافي ذلك صدقها على المجموع أيضا، كما يصدق البيت على المفروش بالفرش و الخالي منه، و لكن لو ثبت حكم البيت لا يشمل الفرش قطعا.

لأنّ هذا من أحكام مطلق الخمس و يأتي تفصيله في [مسألة ۷٥].

لعدم دليل على إلزامه بدفع العين بالخصوص، بل مقتضى الأصل و ظهور الإجماع عدمه، فيتخيّر وليّ الخمس في أخذ القيمة منه بأيّ نحو رأى فيه الصلاح.

و ما يتوهم من أنّ الإيجار يصرف في متعلق حق السادة فقط و يتوقف على الإذن (مدفوع): بأنّه بعد فرض وقوع الإجارة من الحاكم الشرعيّ لا وجه لهذا التوهم لكونه وليا لهم.

جمعا بين الحقّين و دفعا للضرر من البين و إظهارا لعدل الإسلام بين الأنام.

لتعلق حق أرباب الخمس بالشاغل من حيث كونه شاغلا للأرض التي تعلق بها حقّهم، و المفروض أنّ الشاغل فيما يوجب التفاوت في المالية، و لا فرق فيه بين كون الخمس من الشركة العينية، أو نحو حق متعلق بالعين، لصحة دفع الأجرة بإزاء كلّ ما كان فيه غرض صحيح عقلائي و لو كان حقّا قائما بالعين، للعمومات و الإطلاقات و لكن الاحتياط مع ذلك في التصالح و التراضي.

لظهور إطلاق الأدلة في ذلك و اتفاق الفقهاء عليه.

لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة، و لكن الأحوط اعتبار النية من الحاكم.

(مسألة ٤۰): لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت تبعا للآثار ثبت فيها الحكم، لأنّها للمسلمين، فإذا اشتراها الذميّ وجب عليه الخمس و إن قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع (1٤٤) و أنّ المبيع هو الآثار، و يثبت في الأرض حق الاختصاص للمشتري. و أما إذا قلنا بدخولها فيه فواضح، كما أنّه كذلك إذا باعها منه أهل الخمس بعد أخذ خمسها، فإنّهم مالكون لرقبتها و يجوز لهم بيعها (1٤٥).

مقتضى الأصل عدم الوجوب حينئذ بعد ظهور الأدلة في بيع الأرض إلا أن يقال: إنّ المراد مطلق استيلاء الذميّ على الأرض و لو تبعا و بنحو حق الاختصاص و هو مشكل، و الأحوط اشتراط مقدار الخمس عليه في البيع.

لما تقدم في خمس الغنائم من عدم الفرق بين المنقولة منها و غير المنقولة، و يظهر منهم التسالم على ملكية أرباب الخمس لما يأخذونه بعنوان الخمس.

(مسألة ٤۱): لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقى على ملكية الذميّ بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء إلى مسلم آخر، كما لو باعها منه بعد الشراء أو مات و انتقلت إلى وارثه المسلم، أو ردها إلى البائع بإقالة أو غيرها، فلا يسقط الخمس بذلك، بل الظاهر ثبوته أيضا لو كان للبائع خيار ففسخ بخياره (146).

كل ذلك للإطلاق و الأصل الشامل لجميع هذه الصور. و أما ما يأتي في آخر كتاب الخمس- من أنّه إذا انتقل إلى الشخص ما فيه الخمس ممن لا يعتقده- كالكافر- لا يجب عليه تخميسه- فلا ربط له بالمقام، لأنّه في الخمس العام لجميع الأنام لا ما هو مختص بطائفة خاصة مخصوصة تشديدا عليهم. نعم، دعوى انصراف الأدلة إلى البيع المستقر، له وجه إن لم يكن بدويا و طريق الاحتياط الاسترضاء.

(مسألة ٤۲): إذا اشترى الذميّ الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس لم يصح، و كذا لو اشترط كون الخمس على البائع. نعم، لو شرط على البائع المسلم أن يعطي مقداره عنه فالظاهر جوازه (147).

أما عدم صحة الأول، فلأنّه شرط مخالف للسنة، و كذا الثاني إن كان المراد به توجيه خطاب الخمس بالنسبة إلى البائع. و أما صحة الأخير، فلأصالة الإباحة بعد عدم دليل المنع.

(مسألة ٤۳): إذا اشتراها من مسلم، ثمَّ باعها منه أو من مسلم آخر ثمَّ اشتراها ثانيا وجب عليه خمسان، خمس الأصل للشراء أولا، و خمس أربعة أخماس للشراء ثانيا (148).

لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبّب، فيشمله إطلاق الدليل لا محالة و لا فرق فيه بين كون الخمس بنحو الشركة العينية أو من مجرّد الحق.

(مسألة ٤٤): إذا اشترى الأرض من المسلم ثمَّ أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس (149). نعم، لو كانت المعاملة مما يتوقف الملك فيه على‏ القبض، فأسلم بعد العقد و قبل القبض سقط عنه، لعدم تمامية ملكه في حال الكفر.

للإطلاق، و الأصل بعد كون الإسلام من تغير الحالة عرفا لا من تبدل الموضوع و لا يجري في المقام حديث الجب، لعدم جريانه في الديون، مع أنّ المنساق‏ منه التكاليف العامة لا الخاصة، مضافا إلى أنّ الشك في جريانه يكفي في عدم جريانه، لأنّه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

(مسألة ٤٥): لو تملك ذميّ من مثله بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل القبض، ففي ثبوت الخمس وجهان، أقواهما الثبوت (150).

جمودا على الإطلاق، و التملك المشروط بالقبض- كالهبة المعوّضة- و وجه عدم الثبوت، الأصل بعد دعوى انصراف الإطلاق عن مثله لو لم يكن بدويا.

(مسألة ٤٦): الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البائع على الذميّ أن يبيعها بعد الشراء من مسلم (151).

للأصل، و الإطلاق بعد صحة الشرط و يأتي في كتاب البيع- إن شاء اللَّه تعالى- ما يتعلق بصحة شرط بيع المبيع من البائع عند شرائه منه.

(مسألة ٤۷): إذا اشترى المسلم من الذميّ أرضا ثمَّ فسخ بإقالة أو بخيار، ففي ثبوت الخمس وجه (152) لكن الأوجه خلافه، حيث إنّ الفسخ ليس معاوضة (153).

و هو أن يكون المراد بالشراء المذكور في الأدلة مطلق استيلاء الذميّ على الأرض بأيّ وجه اتفق لا خصوص المعاوضات و لكنّه مشكل في هذا الحكم المخالف للأصل.

و على فرض كونه معاوضة فدعوى الانصراف عنه قريب جدّا.

(مسألة ٤۸): من بحكم المسلم (15٤) بحكم المسلم (155).

كصبيان المسلمين و مجانينهم إذا اشترى الذميّ أرضهم ممن يلي أمرهم.

للإطلاق الشامل لهم أيضا.

مسألة ٤۹): إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذميّ عليه وجب‏ عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه و هكذا (156).

لشمول إطلاق الدليل لهذه الصورة أيضا بلا فرق بين كون الخمس من الشركة العينية، أو من الحق و وقع البيع باعتبار متعلقه لا نفس الحق و إلا فيشكل البيع، لاعتبار كون المبيع عينا خارجيا أو ذميا، كما يأتي في كتاب البيع إن شاء اللَّه تعالى.

السابع: ما يفضل عن مئونة سنته، و مئونة عياله (157) من أرباح التجارات و من سائر التكسبات- من الصناعات، و الزراعات، و الإجارات- حتّى الخياطة، و الكتابة، و النجارة، و الصيد، و حيازة المباحات، و أجرة العبادات الاستيجارية من الحج و الصوم و الصلاة، و الزيارات، و تعليم الأطفال و غير ذلك من الأعمال التي لها أجرة بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة و إن لم تحصل بالاكتساب، كالهبة، و الهدية، و الجائزة، و المال الموصى به، و نحوها. بل لا يخلو عن قوّة (158). نعم، لا خمس في الميراث، إلا في الذي ملكه من حيث لا يحتسب، فلا يترك الاحتياط فيه، كما إذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالما به فمات، و كان هو الوارث له (159). و كذا لا يترك في حاصل الوقف الخاص، بل و كذا في النذر (160)، و الأحوط استحبابا ثبوته في عوض الخلع، و المهر، و مطلق الميراث حتى المحتسب منه (161) و نحو ذلك (162).

البحث في هذا القسم من الخمس من جهات:

الأولى: في أصل تشريعه كسائر الأقسام، و يدل عليه مضافا إلى أخبار مستفيضة، بل متواترة- تأتي جملة منها- استقرار المذهب عليه قديما و حديثا، و السيرة المستمرة في جميع الأمصار و العصور بين الإمامية من زمن الأئمة و اهتمامهم (عليهم السلام) على أخذه و جعلهم الوكلاء لذلك، و إنكارهم (عليهم السلام) أشدّ الإنكار على من يمنعه عنهم. و لم ينسب الخلاف إلا إلى ابني جنيد و عقيل و هما مع كونهما مسبوقين بالإجماع على خلافهما و ملحوقين به. لم يستظهر من عبارتهما الخلاف في هذه الجهة بل في الجهة الثانية التي يأتي التعرض لها.

فمن الأخبار موثق سماعة قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمس فقال (عليه السلام): «في كل ما أفاده الناس من قليل أو كثير»٥۷.

و صحيح ابن الصلت قال: «كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام): «ما الذي‏ يجب عليّ يا مولاي في غلة رحى أرض في قطيعة لي، و في ثمن سمك، و بردي، و قصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب (عليه السلام) يجب عليك فيه الخمس إن شاء اللَّه تعالى»٥۸.

و صحاح أربع لابن مهزيار المتقاربة المفاد٥۹ عن الأشعري قال: «كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): «أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيده الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب، و على الضياع، و كيف ذلك؟

فكتب بخطه (عليه السلام) الخمس بعد المؤنة»٦۰.

و تأتي جملة أخرى منها في المسائل الآتية، فلا تقصر مثل هذه الأخبار عن أخبار تشريع سائر الأحكام لو لم تكن أقوى منها.

الجهة الثانية: في التحليل و العفو عنه بعد ثبوت أصل التشريع و استدل عليه بجملة من الأخبار:

منها: صحيح النصري عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «قلت له إنّ لنا أموالا من غلات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت أنّ لك فيها حقا، قال (عليه السلام):

فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم، و كل من والى آبائي فهو في حلّ مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب»٦۱.

و منها: صحيح الفضلاء قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): هلك الناس في بطونهم و فروجهم، لأنّهم لم يؤدوا إلينا حقنا ألا و إنّ شيعتنا من ذلك و آبائهم في حل»٦۲.

و منها: خبر الكناسي: «أ تدري من أين يدخل على الناس الزنا؟ فقلت لا أدري؟ فقال (عليه السلام): من قبل خمسنا أهل البيت إلا لشيعتنا الأطيبين، فإنّه محلل لهم و لميلادهم»٦۳.

و منها: خبر مؤذن بني عيسى- الوارد في تفسير الغنيمة- «هي و اللَّه الإفادة يوما بيوم إلا أنّ أبي جعل شيعتنا في حلّ من ذلك ليزكوا»٦4.

و منها: خبر ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): «إنّ أشدّ ما فيه الناس يوم القيمة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا ربّ خمسي، و قد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم و تزكو أولادهم»٦٥.

و منها: خبر مسمع عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) حيث جاء بثمانين ألف درهم خمس الغوص إليه (عليه السلام) فقال (عليه السلام): «قد طيبناه لك و حللناك منه، فضم إليك مالك و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا»٦٦.

و في التوقيع الشريف: «و أما الخمس فقد أبيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل»٦۷ إلى غير ذلك من الأخبار.

و فيها- أولا: أنّها خلاف المشهور، بل المجمع عليه عند الفقهاء.

و ثانيا: أنّها خلاف سيرة الشيعة- رفع اللَّه شأنهم- في جميع العصور و الأمصار.

و ثالثا: أنّها خلاف سيرة المعصومين في زمان حياتهم و ظهورهم من اهتمامهم بجمع الخمس و التشديد فيه، و جعل الوكلاء في الأطراف.

و رابعا: أنّها موافقة للعامة.

و خامسا: أنّها معارضة بالأخبار المعتبرة المعمول بها عند الطائفة.

و سادسا: أنّها مجملة من حيث التحليل هل أنّه واقعيّ أو ظاهريّ، و على الثاني هل هو لأجل عدم تمكن المبيح من أخذ ماله، أو عدم تمكن المباح له من الإيصال إليه أو هما معا، و المعلوم بحسب القرائن هو الأخير، فلا يستفاد منها على فرض الإغماض عما تقدم إلا الإباحة العذرية ما دام العذر، مع أنّه يحتمل أن يراد بالتحليل‏ تحليل التأخير و عدم التعجيل في الأداء لمصالح في ذلك، أو تحليل الصرف في المصارف الشرعية مباشرة من نفس الملاك و عدم الرجوع فيه إلى الإمام (عليه السلام) مطلقا لمفاسد كثيرة في المراجعة إليه (عليه السلام) و لو بالاستيذان منه في كل واقعة كما لا تخفى تلك المفاسد على من راجع تواريخ الفريقين و تأمل فيها، حيث يجد أنّ عمدة السبب للبغضاء بين العلويين و غيرهم إنّما هو جباية الأموال إليهم، و لا بد للإمام (عليه السلام) أن يدفع ذلك عن نفسه بما يرى فيه حفظا لنفسه و من يتبعه من شيعته.

و بالجملة: التحليل بأيّ وجه لوحظ تحليل وقتيّ خاص لمصلحة تقديم الأهمّ على المهمّ.

و سابعا: أنّ المحلل من الخمس يحتمل أن يكون ما يصل إلى الشيعة ممن لا يعتقد الخمس، أو من الأنفال، فلا ربط لها حينئذ بالمقام.

و ثامنا: أنّ من التعليل بقولهم (عليهم السلام)- كما تقدم-: «لتطيب ولادتهم و تزكو أولادهم»٦۸ يستفاد أنّ المراد تحليل الجواري المغنومة دون مطلق خمس الفوائد.

و تاسعا: يمكن حمل بعضها على وقوع الشيعة في الحرج من إعطاء الخمس بقرينة قوله (عليه السلام): «من أعوزه شي‏ء من حقي فهو في حل»٦۹.

و عاشرا: إنّ مثل قول أبي الحسن الرضا (عليه السلام): «لا يحل مال إلا من وجه أحلّه اللَّه، إنّ الخمس عوننا على ديننا، و على عيالنا، و على موالينا و ما نبذله و نشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزووه عنا و لا تحرموا أنفسكم دعانا ما قدرتم عليه، فإنّ إخراجه مفتاح رزقكم و تمحيص ذنوبكم و ما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم- الحديث-»۷۰ غير قابل للتخصيص و التقييد بمثل هذه الأخبار المجملة المعرض عنها، مع أنّ عمدة الخمس من الفوائد، لاستيلاء الجور على المعادن و غيرها، فلو كانت محللة للملاك لاختلت أمور الذرية الطيبة مع حرمة الزكاة عليهم، فلا ينبغي لمن له أدنى درجة من الفقاهة أن يحتمل أنّ أخبار التحليل وردت لبيان حكم اللَّه الواقعي.

ثمَّ إنّ أخبار التحليل أقسام:

الأول: بالنسبة إلى الأراضي. الثاني: بالنسبة إلى الغنائم. الثالث: بالنسبة إلى ما يشتري ممن لا يعتقد الخمس. الرابع: بالنسبة إلى المناكح و هي كثيرة في الأبواب المتفرقة. الخامس: بالنسبة إلى من لم يتمكن من الإيصال لموانع يعرفها الإمام (عليه السلام) و ربما لا يعرفها غيره.

و لا ربط للجميع بالتحليل المطلق الأبدي، إذ الأول: من الأنفال، و هي للإمام (عليه السلام) له أن يحلل ماله إن شاء و أراد و الثاني: كذلك أيضا إن وقعت الحرب بغير إذنه، و الثالث: صحيح لا خلاف فيه نصّا و فتوى، و الرابع: يمكن حملها على الجواري المغنومة، و الأخير: تحليل وقتيّ جهتيّ لا مطلقا.

نعم، بعض الأخبار- كما تقدم- مطلق و لا بد من حمله على بعض المحامل جمعا و إجماعا.

الجهة الثالثة: في تعميمه لكل فائدة و عدم الاختصاص بخصوص أرباح التجارات و يأتي التعرض لها قريبا إن شاء اللَّه تعالى.

الجهة الرابعة: في اعتبار الزيادة عن مئونة السنة و يأتي التعرض لها في [مسألة ٦۱].

لجملة من الأخبار:

منها: موثق سماعة قال: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن الخمس، فقال (عليه السلام): في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير»۷۱.

و عن أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح ابن مهزيار: «فأما الغنائم و الفوائد فهي واجبة في كل عام- إلى أن قال (عليه السلام)- و الغنائم و الفوائد يرحمك اللَّه فهي الغنيمة يغنمها المرء، و الفائدة يفيدها، و الجائزة من الإنسان للإنسان التي لا خطر، و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن»۷۲.

و تقييد الجائزة بالتي لها خطر لأجل أنّها التي تفضل عن مئونة السنة غالبا.

و في خبر مؤذن بني عيسى عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في تفسير الغنيمة:

«هي و اللَّه يوما بيوم»۷۳.

و في صحيح ابن مهزيار عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام): «أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفاد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الصناع؟

فكتب بخطه الخمس بعد المؤنة»۷4.

و في صحيح عبد اللَّه بن سنان عن الصادق (عليه السلام): «على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب»۷٥.

إلى غير ذلك مما يشتمل على التعبير بالفائدة و الاستفادة و نحوهما مما تكون ظاهرة، بل ناصّة في التعميم هذا.

و لكن أشكل عليها تارة بمخالفتها للأصل. و أخرى: بانصرافها إلى خصوص الكسب الحاصل بالاختيار. و ثالثة: بوهنها بإعراض المشهور. و رابعة:

بمنافاتها لما دل على حصر الخمس في خمسة أو أربعة. و خامسة: بأنّه لو كان ذلك واجبا لشاع و بان. و سادسة: بأنّه مناف للتسهيل و الامتنان على الشيعة.

و الكل باطل مردود:

أما الأول: لأنّه لا وجه للتمسك بالأصل في مقابل ظاهر الدليل و إطلاقه.

و أما الثاني: فلأن الانصراف على فرضه بدوي غالبي و في مثله لا اعتبار به.

و أما الثالث: فلأنّه لم تثبت الشهرة على الخلاف مع اختلاف تعبيراتهم كما يأتي و على فرض الثبوت، فالشهرة اجتهادية لا لأجل أنّه وصل إلى المشهور ما لم يصل إلينا.

و أما الرابع: فلأنّ الحصر إضافيّ لا أن يكون حقيقيا.

و أما الخامس: فلأنّ خمس الفوائد كان مخالفا للعامة، فلعل عدم الشيوع كان من هذه الجهة أو جهات أخرى.

و أما السادس: فلأنّ تشريع كل تكليف مناف للتسهيل في الجملة خصوصا في الماليات إذا لوحظت الجهات الجزئية. و أما إذا لوحظت المصالح الواقعية، فهو عين الامتنان و التسهيل. هذا ما يتعلق بالأخبار.

و أما كلمات الفقهاء فهي مختلفة فاقتصر بعضهم على أرباح التجارات و بعضهم على المكاسب، و عبّر بعضهم بحاصل أنواع التكسبات من التجارة و الصناعة، و الزراعة، و عبّر بعضهم بأرباح التجارات و الغلات و الثمار إلى غير ذلك من نظائر هذه التعبيرات، و الظاهر منها أنّها بلحاظ الغالب، بقرينة دعوى الإجماع على تعلقه بكل مستفاد، و تعبير صاحب السرائر بسائر الاستفادات، و الأرباح، و المكاسب، و الزراعات. و تعبير النهاية بما يغنمه الإنسان من أرباح التجارات و الزراعات و غير ذلك، و تعبير الغنية بكل مستفاد، فيستظهر من المجموع أنّ الاقتصار من باب الغالب و المثال لا الخصوصية. و قال في الجواهر: «بعد أن استظهر تعلقه بكل استفادة تدخل في مسمّى الاكتساب، لكن قد يدفع بظهور جملة من عبارات الأصحاب كالسرائر، و الغنية، و النهاية التي بعضها معقد الإجماع فيما هو الأعمّ من الاكتساب عرفا».

أما عدم الخمس في مطلق الميراث، فللسيرة، و ما تقدم من صحيح ابن مهزيار الذي فرّق بين الذي يحتسب و بين غيره‏۷٦. و أما الوجوب في الميراث من حيث لا يحتسب، فلتصريح الصحيح بذلك فيه. و أما عدم الجزم بالفتوى فلاحتمال إعراض المشهور عنه، و قد مرّ الجواب عنه.

و أما التقييد بكون المورث في بلد آخر، فيمكن حمله على الغالب و إلا فلا دليل عليه أصلا، إذ المناط على صدق عدم الاحتساب سواء كان في بلد الوارث أو في غيره، و سواء كان المورث بعيدا أم قريبا، و حيث إنّ عدم الاحتساب يكون غالبا فيما إذا كان المورث بعيدا و في غير بلد الوارث ذكروا ذلك.

أما أصل وجوب الخمس فيها، فلصدق الفائدة، و أما الترديد في الفتوى، فلاحتمال إعراض المشهور، كما مرّ، و تقدم الجواب عنه، و كذا يجب في حاصل الوقف العام بعد القبض، و لا فرق في حاصل الوقف بين كون نفس النماء له أو إعطاء متولّي الوقف من جهة كونه مصرفا له. و كذا لا فرق في المنذور بين نذر الفعل و النتيجة بناء على صحته.

يظهر من نجاة العباد صدقها على عوض الخلع و المهر. و عن أبي الصلاح الوجوب في مطلق الميراث، لصدق الفائدة. و منشأ عدم الوجوب التشكيك في صدق الفائدة ثمَّ التشكيك في وجوبه في كل فائدة، فيكون المرجع أصالة البراءة، و لكن لا يبعد صدق الفائدة، لأنّها كل ما يستفيده الإنسان مطلقا و لم يحدّ بحدّ و قيد، فيصح أن يقال: استفاد الشخص مهرا أو ميراثا أو نحو ذلك. و لا يخفى أنّ هذا النزاع صغرويّ بينهم. و من ذلك يظهر وجه الاحتياط.

كديات الأطراف، و أرش الجنايات.

(مسألة ٥۰): إذا علم أنّ مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب إخراجه، سواء كانت العين، التي تعلق بها الخمس موجودة فيها أو كان الموجود عوضها. بل لو علم باشتغال ذمته بالخمس وجب إخراجه من تركته مثل سائر الدّيون (163).

للإطلاق، و الاتفاق، و أصالة اشتغال الذمة إن كان التلف على وجه الضمان، و قد مرّ في [مسألة ٥] من مسائل ختام الزكاة بعض الكلام، و يأتي في [مسألة ۱۰٥] من الحج، و [مسألة ۱] من (فصل الوصية بالحج) ما يناسب المقام.

(مسألة ٥۱): لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة (16٤) أو الصدقة المندوبة (165) و إن زاد على مئونة السنة. نعم، لو نمت في ملكه ففي نمائها يجب، كسائر النماءات (166).

استدل على عدم الوجوب فيهما تارة: بالأصل. و أخرى: بعدم صدق الفائدة. و ثالثة: بانصرافها عنهما. و رابعة: بأنّهما ملك للسادة و الفقراء كملكية الدّين للدائن. و خامسة: بخبر عبد ربه قال: «سرح الرضا (عليه السلام) بصلة إلى أبي فكتب إليه أبي هل عليّ فيما سرحت إليّ خمس؟ فكتب إليه: لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس»۷۷. و سادسة: بقوله (عليه السلام): «لا ثنيا في الصدقة» و الكل مردود:

أما الأول: فلأنّه لا وجه له مع إطلاق الدليل.

و أما الثاني: فلصحة صدق الفائدة عليهما في المحاورة، و عدم صحة سلبها عنهما، فيقال: استفاد فلان خمسا أو زكاة بخلاف فلان فإنّه لم يستفد منهما شيئا.

و أما الثالث: فلمنع الانصراف، و على فرضه فهو بدوي.

و أما الرابع: فلمنع الملكية أولا بل هما نحو حق لهما. و ثانيا: إنّ هذه الملكية النوعية لا تنافي صدق الفائدة الشخصية.

و أما الخامس: ففيه مضافا إلى قصور سنده قصور دلالته أيضا، لأنّ ظاهره‏ الفرق بين كون الصلة من صاحب الخمس و بين كونه من غيره و لا عامل به كما في الجواهر، مع أنّه في الصلة و لا ربط له بالمقام، مضافا إلى أنّ المراد بصاحب الخمس من له الولاية عليه، فيصح له أن يبيح تمامه للطرف لمكان ولايته.

و أما الأخير: فهو في الزكاة أولا، و في مقام نفي تشريع صدقتين في شي‏ء واحد من جهة واحدة لا فيما إذا تعدّدت الجهة كما في الدّين مثلا، فإنّه يجب فيه الخمس على المديون مع الزيادة عن مئونة السنة، و يجب على الدائن أيضا إن أخذ دينه و زاد عن مئونة سنته بناء على وجوب الخمس في كل فائدة، و صدق الفائدة على الدّين بالنسبة إلى المديون و الدائن إذا أخذه.

و بالجملة: لا فرق بين الصدقات الواجبة و بين الهبة، و الهدية، و الوقف الخاص، و منذور التصدق به، و لعل عدم تعرض المتقدّمين (رحمهم اللَّه) لأجل عدم الزيادة فيهما في تلك العصور عن مئونة السنة بل كانوا يتنزهون عنهما مهما أمكن في الأزمنة القديمة و قد أدركنا بعض تلك الأزمنة و جمعا من تلكم الأشخاص. أو لأجل أنّ من قال بعدم الوجوب إنّما قال به لاختصاص الوجوب بفاضل الكسب و لا يصدق التكسب بالنسبة إليهما.

وجوبه فيها أوضح، لعدم جريان بعض الوجوه المتقدمة المستدل بها على عدم الوجوب في الصدقات المندوبة، فراجع و تأمل، مع أنّه قد يصدق التكسب على أخذ الصدقات المندوبة إذا جعل ذلك حرفة و عادة.

لصدق الفائدة عليها قطعا بناء على وجوبه في كل فائدة. و أما بناء على اعتبار التكسب فلا وجوب فيها، لعدم صدقه عليها.

(مسألة ٥۲): إذا اشترى شيئا ثمَّ علم أنّ البائع لم يؤد خمسه كان البيع بالنسبة إلى مقدار الخمس فضوليا (167) فإن أمضاه الحاكم رجع عليه بالثمن،و يرجع هو على البائع إذا أدّاه، و إن لم يمض فله أن يأخذ مقدار الخمس من المبيع (168). و كذا إذا انتقل إليه بغير البيع من المعاوضات (169) و إن انتقل إليه بلا عوض يبقى مقدار خمسه على ملك أهله (170).

يأتي التعرض لهذه المسألة في [مسألة ۷٥] و ما بعدها فراجع.

لأنّ هذا هو مقتضى القاعدة في البيوع الفضولية الواردة على ما يتعلق بمال الغير مطلقا كما يأتي تفصيله.

لجريان حكم الفضولية في جميع المعاوضات كما يأتي في كتاب البيع.

للأصل، و عدم حصول موجب لانتقاله إلى الموهوب له.

(مسألة ٥۳): إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها لكنه أدّاه- فنمت و زادت زيادة متصلة أو منفصلة، وجب الخمس في ذلك النّماء (171)، و أما لو ارتفعت قيمتها السوقية من غير زيادة عينية لم يجب خمس تلك الزيادة (172) لعدم صدق التكسب، و لا صدق حصول الفائدة.نعم، لو باعها لم يبعد وجوب خمس تلك الزيادة من الثمن (173). هذا إذا لم تكن تلك العين من مال التجارة و رأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها أو إبقائها في ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو أجرتها أو نحو ذلك من منافعها، و أما إذا كان المقصود الإتجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن بيعها و أخذ قيمتها (17٤).

الأقسام ستة: لأنّ النماء إما متصل أو منفصل أو هما معا، و الجميع إما أن يكون إبقاء العين للتكسب، و التجارة بالنّماء، أو لمجرد الانتفاع به و الاستفادة منه في المعاش. و في الكل يجب الخمس فيما فضل من مئونة السنة من النماء، أما وجوبه فيما إذا قصد التكسب و التجارة، فلأنّه من خمس الأرباح، و أما فيما إذا لم يقصد ذلك، فلأنّه من خمس مطلق الفائدة و قد تقدم وجوبه فيه أيضا كوجوبه في الأرباح.

الأقسام خمسة:

فتارة: يحتاج فعلا إليه مع زيادة قيمته و لا إشكال في عدم الوجوب حينئذ، لكونه من المؤنة.

و أخرى: لا يحتاج إليه و لا تكون من مئونته، و وجوب الخمس و عدمه يدور مدار صدق الفائدة فمع صدقها يجب، و مع عدمه، أو الشك فيه لا يجب، و الظاهر اختلافه بحسب اختلاف الموارد و الأشخاص.

و ثالثة: يكون ما لا خمس فيه مورد التكسب و التجارة، فتزيد قيمته السوقية و يبيعه و يحصل الربح و الفائدة و لا إشكال في وجوب الخمس مع الزيادة عن المؤنة، لأنّها من ربح التكسب و التجارة.

و رابعة: هذه الصورة بعينها و لكن لا يبيعه طلبا لزيادة القيمة على ما هو المتعارف بين التجار و لا شي‏ء عليه حينئذ، لعدم حصول الربح و الفائدة.

و خامسة: هذه الصورة بعينها و لكن لا يبيعه في الزيادة على خلاف المتعارف بين التجار بحيث إنّ نوع أهل الخبرة يقدمون على البيع و لا يؤخرونه، ففي وجوب الخمس- لتحقق الربح عند التجار و أهل الخبرة- و عدمه، لاحتمال أن يكون المراد به ما حصل خارجا بعد وقوع البيع على العين التي يحصل به الربح وجهان بل قولان أحوطهما الأول، خصوصا إن صدق التفريط بالنسبة إليه عرفا.

إن صدق الفائدة على الزيادة يجب فيها الخمس، و مع عدم الصدق أو الشك فيه لا يجب. هذا بناء على وجوبه في كل فائدة و إلا فلا وجه للوجوب، لعدم التكسب و عدم وجوبه في مطلق الفائدة.

تقدم تفصيله في الصورة الثالثة و ما بعدها فراجع.

(مسألة ٥٤): إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها السوقية و لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة، ثمَّ رجعت قيمتها إلى رأس مالها أو أقلّ قبل تمام السنة، لم يضمن خمس تلك الزيادة، لعدم تحققها في الخارج (175). نعم، لو لم‏ يبعها عمدا- بعد تمام السنة و استقرار وجوب الخمس- ضمنه (176).

إن صدق التفريط في ترك البيع و عدم تحصيل الربح عرفا، فالظاهر الضمان تحققت الفائدة في الخارج أو لم تتحقق و إن لم يصدق ذلك فلا ضمان مطلقا، فالمدار على التفريط لا على التحقق في الخارج.

إن كان عدم البيع خلاف المتعارف بين التجار بحيث يصدق التفريط عندهم، و أما مع صدق عدم التفريط، أو الشك فيه، فمقتضى أصالة البراءة عدم الضمان.

(مسألة ٥٥): إذا عمّر بستانا، و غرس فيه أشجارا أو نخيلا للانتفاع بثمرها و تمرها، لم يجب الخمس في نموّ تلك الأشجار و النخيل (177). و أما إن كان من قصده الاكتساب بأصل البستان فالظاهر وجوب الخمس في زيادة قيمته، و في نموّ أشجاره و نخيله (178).

إن كان نموّها مما يحتاج إليه بحيث يعدّ من مئونته عرفا، و أما مع عدم الاحتياج إليه للمؤنة، فيجب الخمس في النموّ، لصدق الفائدة و الاستفادة عليه مع الزيادة عن مئونة السنة.

على تفصيل تقدم في الصورة الثالثة و ما بعدها في [مسألة ٥۳].

(مسألة ٥٦): إذا كان له أنواع من الاكتساب و الاستفادة- كأن يكون له رأس مال يتجر به، و خان يؤجره و أرض يزرعها، و عمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو التجارة أو نحو ذلك- يلاحظ في آخر السنة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع (179)، فيجب عليه خمس ما حصل منها، بعد خروج مئونته.

البحث في المقام من جهتين:

الأولى: هل يعتبر الحول في خمس الأرباح و الفوائد أو لا؟، بل يكون كسائر أقسام الخمس يجب فيها بمجرد التحقق و الحصول؟ و هذه الجهة يأتي التعرض لها في [مسألة ۷۲].

الثانية: هل الحول عند تعدد منشأ الربح و الفائدة يلاحظ بالنسبة إلى كل فائدة مستقلا، أو يلاحظ بالنسبة إلى المجموع من حيث المجموع، أو يتخيّر المالك في أيّ نحو شاء و أراد إن لم يلزم ضرر على الإمام و السادة؟.

الحق هو الأخير، للأصل بعد عدم دليل على تعين أحد الأولين. و استدل‏ الشهيد الثاني (رحمه اللّه) على ما اختاره من لحاظ الحول بالنسبة إلى كل فائدة مستقلا بأنّ الأرباح المتعددة في السنة يحتاج اعتبار وحدتها إلى دليل و هو مفقود، و بأنّ التقييد بالوحدة خلاف ظاهر الإطلاقات، و بأنّه لو تعددت أفراد الغوص و الكنز و المعدن يلاحظ كل واحد منها مستقلا، فليكن خمس الأرباح أيضا كذلك و الكل مردود:

أما الأول: فلا إشكال في تحقق الوحدة الاعتبارية المتعارفة فيها في جامع الربح و الفائدة، و مع وجود هذا الجامع القريب لحاظ التعدد و تعينه يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

و أما الثاني: فلأنّ مورد الإطلاقات الأرباح و الفوائد و هي الجهة الجامعة القريبة بين الجميع فلا وجه لاعتبار التعدد، بل مقتضى الأصل عدم لزوم اعتباره.

و أما الأخير: فلأنّ الغوص، و المعدن، و الكنز بالنسبة إلى الأفراد المختلفة من الجامع البعيد لأنّ العرف يرى معدن النفط و الذهب متباينا، و كذا كنز الجواهر و الدّراهم بخلاف أرباح الفوائد بأن جامعها القريب التكسب و التجارة في أيّ صنف كان فلا يصلح ما ذكر لاعتبار تعدد الحول.

و استدل جمع لاعتبار لحاظ المجموع من حيث المجموع بإطلاق الأدلة و أصالة البراءة عن لزوم مراعاة كل ربح مستقلا، و السيرة و لزوم الحرج مع اعتبار ربح لكل شي‏ء مستقلا، و بأنّ سنة المؤنة واحدة فتكون سنة الربح أيضا كذلك للملازمة العرفية بينهما و الكل مردود أيضا:

أما الأول: فلأنّ مقتضاها التوسعة و عدم التقييد، و على فرض الانصراف إلى لحاظ المجموع فهو من باب الغالب و التسهيل لا التقييد الحقيقي.

و أما الثاني: فلأنّها ترفع الوجوب فقط لا أصل الجواز.

و أما الثالث: فلأنّه لا تفيد الوجوب، لأنّها أيضا غالبية و تسهيلية.

و أما الرابع: فلا بد من الاقتصار على مورد لزومه.

و أما الأخير: فلا ملازمة بينهما من عقل أو شرع، أو عرف. نعم، لا ريب في أنّ الأسهل ملاحظة المجموع خصوصا بالنسبة إلى كسبة الأسواق و إلا فمقتضى أصالة البراءة عدم التعين إلا إذا لزم ضرر في البين، فيلزم اختيار ما لا ضرر فيه حينئذ.

(مسألة ٥۷): يشترط في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقراره (180)، فلو اشترى شيئا فيه ربح و كان للبائع الخيار لا يجب خمسة إلا بعد لزوم البيع و مضى زمن خيار البائع.

لأنّه المنساق من الأدلة عرفا، و لا يترتب في المتعارف أثر الملكية على الملكية غير المستقرة، مع أنّ الشك في شمول الأدلة للملكية المتزلزلة يكفي في عدم صحة التمسك بها، فيرجع إلى أصالة البراءة حينئذ و لا فرق بين خمس الأرباح و سائر أقسام الخمس في اعتبار استقرار الملكية، و تكفي الملكية المستقرة الواقعية إن لم يعلم بها المكلّف، فلو كان الربح في سنة و اللزوم في أخرى يكون الربح موردا للخمس بالنسبة إلى الأولى.

ثمَّ إنّ الفائدة قد تكون من النماء المنفصل و قد تكون من المتصل، و قد يكون نفس الشي‏ء موردا للخمس مع تزلزل الملكية فيه كالهدية قبل القبض. و الأول خارج عن مورد الكلام، لأنّ النماء المنفصل في مورد الملك المتزلزل يصير ملكا مستقرّا للمالك بخلاف الأخيرين فإنّهما متزلزلان.

(مسألة ٥۸): لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله البائع فأقاله، لم يسقط الخمس (181) إلا إذا كان من شأنه أن يقيله، كما في غالب موارد البيع بشرط الخيار إذا رد مثل الثمن.

الظاهر التفصيل بين كونها في أثناء السنة أو بعدها، ففي الأول يسقط الخمس لعدم صدق الفائدة و الاسترباح في السنة و يكفي الشك في شمول الأدلة له في عدم الوجوب، إذ المرجع حينئذ أصالة البراءة بخلاف ما إذا كانت بعد تمامها، فإنّ الظاهر صحة صدقها، فيجب حينئذ و لو فرض الشك فيه، فالمرجع البراءة و لا فرق في القسمين بين ما كان من شأنه الإقالة أو لا، إذ المناط كله صحة صدق الربح و الفائدة و مع عدم الصدق أو الشك فيه لا يجب.

فرع: هل يعتبر التمكن من التصرف في وجوب الخمس، لاعتباره في الزكاة و يظهر منهم أنّ كل ما هو معتبر فيها يعتبر في الخمس، فلا فرق بين الخمس و الزكاة في جميع الشرائط إلا فيما تسالموا عليه بالفرق بينهما؟ وجهان و لم أر عاجلا من تعرّض لهذا الفرع مع أنّه مورد الابتلاء و يبعد جدّا لأن يكون بعض موارد عدم التمكن من التصرف مورد وجوب الخمس.

(مسألة ٥۹): الأحوط إخراج خمس رأس المال إذا كان من أرباح مكاسبه، فإذا لم يكن له مال من أول الأمر فاكتسب- أو استفاد مقدارا- و أراد أن يجعله رأس المال للتجارة و يتجر به، يجب إخراج خمسه على الأحوط ثمَّ الاتجار به (182).

كل ما تتوقف عليه الاستفادة من رأس المال و آلات الحرف و الصنائع و نحوها على أقسام:

فتارة: يحتاج إليها بعين الاحتياج إلى المؤمنة بحيث يقع في الحرج لو لم يكن ذلك عنده فهي تكون من المؤنة و يجري عليها حكمها من جواز إخراجها من الأرباح.

و أخرى: لا يحتاج إليها كاحتياجه إلى المؤنة اللائقة بشأنه، بل يحتاج في ازدياد المال و الترفه في الأحوال، و لا يعدّ ذلك من المؤنة و يجب إخراج خمسها إن كانت من الأرباح.

و ثالثة: يشك في أنّها من أيّ القسمين و يجري عليه حكم القسم الثاني لعمومات وجوب الخمس، و الشك في تخصيصها بالنسبة إليه و المخصص منفصل مردد بين الأقلّ و الأكثر و في مثله يرجع إلى العام كما فصّل في غير المقام، و تقدم نظير هذه المسألة في كتاب الزكاة راجع [مسألة ۲۳] من (فصل زكاة الغلات) و على هذا لا وجه لقوله: «الأحوط» بالاحتياط الوجوبي. ثمَّ لا يخفى أنّ هذه المسألة مكرّرة مع ما يأتي في [مسألة ٦۲].

(مسألة ٦۰): مبدأ السنة- التي يكون الخمس بعد خروج مئونتها حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكسب، و أما من لم يكن مكتسبا و حصل‏ له فائدة اتفاقا فمن حين حصول الفائدة (183).

لأنّ ذلك هو المتعارف بين الناس قديما و حديثا، فتنزل الأدلة عليه، و لم يرد فيه تحديد تعبّدي من الشرع في هذا الأمر العام البلوى، و في مثله يكون المرجع هو العرف. فما عن جمع من أنّ مبدأه حين ظهور الربح فإن أراد الأرباح المتدرجة الوجود بحسب الغالب فهو ملازم عرفا مع الشروع في الكسب فلا نزاع في البين، و إن أراد غيره فلا دليل عليه من حديث، أو إجماع معتبر، أو عرف كذلك.

(مسألة ٦۱): المراد بالمؤنة (18٤)- مضافا إلى ما يصرف في تحصيل الربح- ما يحتاج إليه لنفسه و عياله في معاشه- بحسب شأنه اللائق بحاله في العادة- من المأكل و الملبس و المسكن، و ما يحتاج إليه لصدقاته و زياراته و هداياه و جوائزه، و أضيافه، و الحقوق اللازمة له بنذر، أو كفارة، أو أداء دين، أو أرش جناية، أو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطأ. و كذا ما يحتاج إليه، من دابة، أو جارية، أو عبد، أو أسباب، أو ظرف أو فرش، أو كتب. بل و ما يحتاج‏ إليه لتزويج أولاده أو ختانهم و نحو ذلك، مثل ما يحتاج إليه في المرض، و في موت أولاده أو عياله، إلى غير ذلك مما يحتاج إليه في معاشه. و لو زاد على ما يليق بحاله مما يعدّ سفها و سرفا بالنسبة إليه لا يحسب منها (185).

البحث في المسألة من جهات:

الأولى: في اشتراط خمس الفوائد بكونها زائدة عن مئونة السنة، و يدل عليه النصوص الكثيرة، و الإجماع المتكرر، و عدل الشارع و إنصافه بالنسبة إلى الأمة، و في صحيح ابن مهزيار الوارد في خمس الفوائد: «الخمس بعد المؤنة»۷۸ و في صحيحه الآخر: «إذا أمكنهم بعد مئونتهم»۷۹، و في الثالث: «الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السلطان»۸۰.

الثانية: في بيان موضوع المؤنة و الحق أنّ إيكاله إلى المتعارف في كل زمان و مكان و كل صنف أولى من التعرض له، لاختلافها غاية الاختلاف بحسب الأزمنة و الأمكنة و الأصناف و ليس من الأمور التعبدية حتى يحتاج إلى بيان الشارع، و لا الموضوعات المستنبطة حتى يحتاج إلى نظر الفقيه.

نعم، ما يصرف في المحرّم خارج عنها شرعا و لا يحتسب منها، و كذا ما ينطبق عليه عنوان الإسراف و التبذير، لأنّهما من المحرّم أيضا و لعله لذلك لم يتعرّض لبيانها في الأخبار لا سؤالا من الإمام (عليه السلام) و لا بيانا منه (عليه السلام) ابتداء، و لا فرق فيها بين المصرف الواجب و المندوب و المباح، لصدق المؤنة عرفا على الجميع، كما أنّ إيكال فهم معنى العيال و العيلولة إلى المتعارف أولى من التعرض له، فكل من صدق أنّه عيال للشخص فمئونته مستثناة سواء كان من واجبي النفقة أو مندوبها أو مباحها أو مكروهها بل أو محرّمها إذا اضطر إليه كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق.

الثالثة: في حكم ما إذا شك في شي‏ء أنّه من المؤنة أم لا، فمقتضى الإطلاقات و العمومات وجوب الخمس و عدم استثنائه، لأنّ المقيد و المخصص إذا كان منفصلا و مرددا بين الأقلّ و الأكثر يرجع في غير المتيقن منهما إلى الإطلاق و العموم. و قد تقدم في [مسألة ۲۳] من (فصل زكاة الغلات) ما يرتبط بالمقام.

الرابعة: في أنّ استثناء المؤن من الحكمة أو أنّه من العلة يدور مدارها حدوثا و بقاء، فلو كان شي‏ء من المؤنة و خرج منها زمانا أو مكانا أو لجهة أخرى يجب فيها الخمس حينئذ؟. وجهان الظاهر هو الأخير، للإطلاقات و العمومات في غير المتيقن من مورد التخصيص و التقييد.

للإجماع، و ظهور الأدلة في المؤنة المتعارفة بين الناس، و المصارف السفهية الإسرافية ليست متعارفة بل العقلاء يلومونه و يوبخونه فكيف يعد ذلك من المؤنة.

ثمَّ إنّه لو شك في كون المصارف المكروهة منها لا يصح استثناؤها لما تقدم آنفا.

فروع- (الأول): المال المصروف بقصد التوصل به إلى الحرام لا يعدّ منها سواء توصل به إليه أم لا، لكون من موارد الشك في أنّه منها أم لا.

(الثاني): لا فرق في الديون التي تكون منها بين كونها قهرية و اختيارية، و لا بين كون أسبابها محرّمة- كالجنايات و غرامات المغصوبات و نحوها- أو مباحة لإطلاق الدّين على جميع ذلك و أداؤه منها.

(الثالث): العوض في المعاملات الفاسدة لا يعد من المؤنة، لفرض الحرمة بل هو باق على ملك مالكه و لا ينقل إلى الطرف و يجب عليه خمسه مع زيادته عن المؤنة.

(الرابع): يتعلق الخمس بالمنافع الزائدة عن المؤنة كما إذا استأجر دارا لها غرف و لا يحتاج إلى غرفة منها ففضلت منفعتها عن حوائجه، لفرض صدق الزيادة عن المؤنة و لا فرق فيها بين العين و المنفعة.

(الخامس): أجور ما يصرف في المحرّمات- كأجور الكهرباء المصروف في الأغنية و الموسيقى الحرام، و الخلاعيات في التلفزيون- ليست من المؤنة لفرض الحرمة و ما يصرف في الحرام لا يكون مئونة.

(السادس): لو نذر أن يصرف تمام فاضل مئونته في بناء مسجد- مثلا- فالظاهر عدم تعلق الخمس به، لعدم صدق الفاضل عن المؤنة و تقدم أنّ الوفاء بالنذور من المؤنة.

(السابع): لو كان الفاضل عن المؤنة مختلطا مع الحرام بحيث لو ميز الحلال عنه لا يفضل، أو يفضل بقليل، أو يكون بالعكس وجب عليه الخمس فيما يعلم عادة أنّه من الحلال الفاضل عن المؤنة.

(مسألة ٦۲): في كون رأس المال للتجارة- مع الحاجة إليه من المؤنة إشكال، فالأحوط- كما مرّ- إخراج خمسه أولا، و كذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه، مثل آلات النجارة للنجّار، و آلات النساجة للنسّاج، و آلات الزراعة للزرّاع و هكذا، فالأحوط إخراج خمسها أيضا أولا (186).

راجع ما تقدم في [مسألة ٥۹] فإنّ هذه المسألة متكرّرة معها.

(مسألة ٦۳): لا فرق في المؤنة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول و المشروب و نحوهما، و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه، مثل الظروف و الفرش‏ و نحوها. فإذا احتاج إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها و إن بقيت للسنين الآتية أيضا (187).

كل ذلك للإطلاق، و الاتفاق، و السيرة، و بناء الشرع على التسهيل و الإرفاق.

(مسألة ٦٤): يجوز إخراج المؤنة من الربح و إن كان عنده مال لا خمس فيه، بأن لم يتعلق به، أو تعلق و أخرجه فلا يجب إخراجها من ذلك بتمامها، و لا التوزيع (188) و إن كان الأحوط التوزيع، و الأحوط منه إخراجها بتمامها من المال الذي لا خمس فيه (189). و لو كان عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك – مما لو لم يكن عنده كان من المؤنة- لا يجوز احتساب قيمتها من المؤنة (190) و أخذ مقدارها، بل يكون حاله حال من لم يحتج إليها أصلا.

لظهور الإطلاق و الاتفاق. و دعوى انصراف إطلاق مثل قوله (عليه السلام): «الخمس بعد المؤنة»۸۱ إلى خصوص ما إذا أخذت من الربح لا وجه له، لأنّه على فرض الصحة غالبيّ لا يعتنى به.

و عن المحقق الأردبيلي تعين الإخراج مما لا خمس فيه، لقاعدة الاحتياط، و لإطلاق أدلّة الخمس، و لأنّ الأخذ من الربح يستلزم عدم الخمس في أموال من يكون لهم مؤن كثيرة.

و الكل مخدوش:

أما الأول: فلأنّ المقام من موارد البراءة، إذ الشك في أصل اشتراط كون المؤنة المستثناة من المخمس و عدم اشتراط ذلك.

أما الثاني: فلأنّ تلك الإطلاقات مقيدة بإطلاق أدلة إخراج المؤن.

و أما الأخير: فلأنّ من له مؤن كثيرة تكون له أرباح و استفادات كذلك أيضا مع أنّه لا محذور في الالتزام به مع مساعدة الدليل.

الاحتياط الأول، لأنّه موافق العدل و الإنصاف. و الأخير للخروج عن مخالفة الأردبيلي، مع أنّه من الإيثار المطلوب، بل هو من أجلّ مقامات أولياء اللَّه.

لأنّ المراد بالمؤنة ما تصرف فعلا لا ما يصلح للصرف شأنا، و كذا لو أخرجها أو بعضها مما لا خمس فيه لا يجوز استثناء مقابله من الربح. نعم، لو اضطر إلى حفظ قيمتها ليشتريها بعد ذلك، و يقع مع أداء الخمس في الحرج يمكن عدّها من المؤنة حينئذ. و يأتي في المسائل الآتية نظير المقام.

(مسألة ٦٥): المناط في المؤنة ما يصرف فعلا لا مقدارها (191) فلو قتّر على نفسه لم يحسب له كما أنّه لو تبرّع بها متبرّع لا يستثنى له مقدارها على الأحوط بل لا يخلو عن قوّة (192).

لأنّ ذلك هو المتعارف في المؤن العرفية، فتنزل الأدلة الشرعية عليها أيضا، و ما ادعي من الإجماع على عدم الخمس على من قتر على نفسه لا اعتبار به و على فرض الصحة فالمتيقن منه ما إذا وقع في الحرج من أداء الخمس. و منه يعلم أنّه لا وجه لتردد الماتن (رحمه اللّه) فيما لو تبرّع بها متبرّع، مع أنّه لم يدع فيه أحد الإجماع على عدم الوجوب فيما تفحصت عاجلا، مضافا إلى أنّه (رحمه اللّه) أفتى في المسألة السابقة فيما لو كان عنده عبد أو جارية بعدم جواز احتساب قيمتها من المؤنة مع عدم الفرق بينها و بين المقام.

لا وجه للتردد بعد صدق الزيادة على المؤنة عرفا. نعم، لو وقع في الحرج من أداء الخمس لا يجب عليه حينئذ.

(مسألة ٦٦): إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته، أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح، يجوز له وضع مقداره من الربح (193).

لظهور الاتفاق، و إطلاق أدلة استثناء المؤن هذا إذا كان ذلك في أثناء سنة حصول الربح و حلّ الدّين و كان محتاجا إلى تتميم رأس ماله نحو احتياجه إلى سائر مئونة، و في غيره يأتي التفصيل في [مسألة ۷۱].

(مسألة ٦۷): لو زاد ما اشتراه و ادخره للمؤنة، من مثل الحنطة و الشعير و الفحم و نحوها، مما يصرف عينه يجب إخراج خمسه عند تمام الحول. و أما ما كان مبناه على بقاء عينه و الانتفاع به- مثل الفرش، و الأواني، و الألبسة و العبد و الفرس، و الكتب، و نحوها- فالأقوى عدم الخمس فيها (19٤). نعم لو فرض الاستغناء عنها فالأحوط إخراج الخمس عنها و كذا في حليّ النسوان إذا جاز وقت لبسهنّ لها (195).

أما وجوب الخمس فيما اشتراه من الربح للمؤنة و زاد بعد تمام الحول، فلإطلاق أدلّة الخمس، و ظهور الإجماع، و السيرة المستمرة. و أما عدم الخمس فيما يبقى عينه و يحتاج إليه للمؤنة، فلصدق المؤنة الفعلية عليها، فتشمله الأدلة الدالة على أنّ الخمس بعد المؤنة- كما تقدم- فلا خمس بالنسبة إليه، لأنّه يعد مئونة عرفا.

لصدق فاضل المؤنة عليها، فيشمله إطلاق ما دل على وجوب الخمس في فاضل المؤنة.

إن قيل: بعد انطباق عنوان المؤنة عليه، فمقتضى الأصل عدم الخمس فيه و يدل عليه إطلاق ما دل على أنّه لا خمس في المؤنة فيكون مثل المخمّس الذي لا خمس فيه أبدا.

(يقال): استثناء المؤنة يحتمل وجوها:

الأول: أن يكون عنوان المؤنة من مجرّد الحكمة، فيكفي انطباق وجود المؤنة و لو آنا ما لابدية الاستثناء.

الثاني: أن يكون من العلة التامة فيدور الاستثناء مدار الانطباق حدوثا و بقاء:

الثالث: الشك في أنّه حكمة أو علّة؟ فعلى‏ الأولى‏ لا أثر للاستغناء في تعلق الخمس، لأنّ انطباق عنوان المؤنة عليه و لو في زمان يسير يخرجها عن أدلة وجوب الخمس أبدا، و على‏ الثاني‏ يجب الخمس بعد الاستغناء، لأنّ انطباق المؤنة علة للاستثناء حدوثا و بقاء، و كذا على الأخير أيضا، لأنّ إجمال المخصص و تردده بين‏‏ الأقلّ و الأكثر لا يضرّ بحجية العام، فالمرجع حينئذ الأدلة الدالة على وجوب الخمس في الفوائد و الأرباح، لأنّ عدم إحراز كون المؤنة من قبيل الحكمة يكفي في وجوب الخمس فيما إذا استغنى عن شي‏ء في مئونته.

ثمَّ إنّ الاستغناء تارة: يحصل في أثناء السنة، و أخرى: مقارنا لتمامها و ثالثة: في السنة اللاحقة. و يجب الخمس في الأولين، لصدق فاضل المؤنة. و أما الأخير، فيجب فيه الخمس عند تمام السنة اللاحقة كما هو واضح.

(مسألة ٦۸): إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح سقط اعتبار المؤنة في باقيه، فلا يوضع من الربح مقدارها على فرض الحياة (196).

لما تقدم من أنّ المراد بالمؤنة ما تصرف فعلا لا تقديرا و فرضا، فيجب تخميس أرباحه إلى حين موته و بعد استثناء مئونته إلى ذلك الحين أيضا و لا موضوع لاستثناء المؤنة إلى ما بعد الموت لا لنفسه و لا لعياله، لانتفاء موضوعها بالموت.

(مسألة ٦۹): إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة و حصل في السنة اللاحقة، لا يخرج مئونتها من ربح السنة اللاحقة (197).

للإجماع، و السيرة المتعارفة بين الناس في الموازنة بين أرباح سنة و مؤنهم في تلك السنة، و لا يوازن مئونة سنة مع ربح سنة أخرى و الأدلة منزلة على ما هو المتعارف. نعم، لو حصل له دين في سنة و أداه في سنة أخرى، فيأتي حكمه في [مسألة ۲۱].

(مسألة ۷۰): مصارف الحج من مئونة عام الاستطاعة فإذا استطاع في أثناء حول حصول الربح و تمكن من المسير- بأن صادف سير الرفقة في ذلك العام- احتسب مخارجه من ربحه (198) و أما إذا لم يتمكن حتى انقضى العام وجب عليه خمس ذلك الربح (199) فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة الآتية وجب، و إلا فلا (200)، و لو تمكن و عصى حتى انقضى الحول فكذلك على الأحوط (201)، و لو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعدّدة وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة، و أما المقدار المتمّم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه إذا تمكن من المسير، و إذا لم يتمكن- فكما سبق- يجب إخراج خمسه (202).

لأنّها من مؤن تلك السنة- إن ذهب إلى الحج- فيستثنى من أرباحها، و يدل عليه الإجماع، و السيرة، و يأتي في [مسألة ۸۱] بعض التفصيل.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله أدلة وجوب الخمس قهرا.

أما وجوب الحج مع بقاء الاستطاعة و سائر الشرائط، فلأدلة وجوب الحج معها، كتابا، و سنة، و إجماعا. و أما عدم الوجوب مع فقد الاستطاعة، فلأنّ المشروط ينتفي بانتفاء شرطه و هي قاعدة عقلية لم تخصص في المقام بشي‏ء.

لإطلاق أدلة وجوب الخمس بعد تحقق الفاضل عن المؤنة عرفا و وجدانا و يستقر عليه الحج أيضا لتمكنه من إتيانه و عصيانه، و لم يعلم وجه تردده (رحمه اللّه) في وجوب الخمس مع وجود الإطلاق و شموله له، و احتمال كون وجوب الحج مانعا عن تعلق الخمس به ساقط، لأنّ هذه المانعية ما داميّة لا دائمية يعني: إذا صرف المال في الحج ينتفي موضوع زيادة الربح على المؤنة فينتفي وجوب الخمس قهرا بخلاف ما إذا لم يصرفه فيه، فالمقتضي لوجوب الخمس موجود حينئذ و المانع عنه مفقود، فيجب.

أما وجوب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة، فلتحقق الفاضل عن المؤنة، فتشمله الأدلة. و أما عدم وجوبه في المتمم، فلأنّه من المؤنة إن تمكن من المسير و سار. و أما وجوب الخمس مع عدم التمكن، أو التمكن و العصيان، فلتحقق الفاضل عن المؤنة، فتشمله أدلة وجوب الخمس قهرا.

فروع- (الأول): لا فرق بين الحج الواجب و المندوب، و كذا الزيارات المندوبة و تكون مصارف الجميع من المؤنة عرفا.

(الثاني): لو تقارن حصول الاستطاعة و تعلق الخمس يقدم الخمس، لتعلقه بالعين.

(الثالث): مصارف مقدمات سفر الحج- كالتي تأخذها الحكومات لجواز السفر و نحوها- من المؤنة فلا خمس فيها.

(الرابع): لا فرق في مصارف الحج و كونها من المؤنة بين ما يتلف عينه- كما يعد للأكل- و بين ما يبقى- كأثاث السفر مثل الهميان و غيره- نعم- لو فرض الاستغناء عنه تجري عليه الأحكام السابقة في [مسألة ۷].

(الخامس): مصارف الحج من المؤنة بلا فرق بين مصارف الذهاب و الإياب فلو كان إنشاء السفر في سنة حصول الربح و الإياب في السنة اللاحقة يصح أخذ مصارف الإياب من أرباح السنة السابقة، لأنّ تمام مصارف السفر ذهابا و إيابا يعدّ من مصارف سنة إنشاء السفر عرفا هذا إذا أخذ جميع المصارف ذهابا و إيابا دفعة واحدة من الربح، و أما لو أخذها بالتدريج، فإن كان قراره مع الحملدارية- مثلا- بأن يعطي نصف الثمن حين الذهاب إلى الحج و نصفه الآخر بعد الرجوع منه فالظاهر أنّ النصف الآخر يعدّ من مؤن السنة الأخرى إن دفعه فيها.

(السادس): لو حج و أبطل حجه عمدا لا يستثنى مئونته، و كذا مع الجهل إن كان ملتفتا و مقصّرا.

(السابع): لو حج في نفقة الغير لا يستثنى مئونته، لما تقدم من أنّ المؤنة المستثناة ما صرفت فعلا لا شأنا، و يأتي ما يناسب المقام في مسائل استطاعة الحج.

(الثامن): لو استقرض و اشترى شيئا لمؤنته، فبقي القرض على الذمة و زاد ما اشتراه عن مئونة السنة يجب الخمس فيما زاد، لإطلاق أدلة الخمس بعد فرض الزيادة عن المؤنة.

(التاسع): إذا استأجر شيئا إلى مدّة و أدّى تمام مال الإجارة في أثناء سنة الربح و كانت مدّة الإجارة زائدة عن سنة الربح فهل يعدّ تمام مال الإجارة من مئونة سنة الربح، أو خصوص المقدار الذي وقع بإزاء زمان سنة الربح؟ وجهان أحوطهما الثاني.

(العاشر): لو كان مكسبه مشتملا على الحلال و الحرام و لم يكن أحدهما متميّزا عن الآخر و علم إجمالا بتحقق الربح إما في حلاله أو حرامه وجب عليه الفحص و التمييز، و مع عدم إمكانه وجب عليه العمل في الحرام بما في القسم الخامس مما يجب‏ فيه الخمس، و لا يجب عليه خمس الحلال بعد ذلك للأصل و إن كان أحوط.

(مسألة ۷۱): أداء الدّين من المؤنة (203) إذا كان في عام حصول الربح أو كان سابقا و لكن لم يتمكن من أدائه إلى عام حصول الربح، و إذا لم يؤد دينه حتى انقضى العام فالأحوط إخراج الخمس أولا (20٤)، و أداء الدّين مما بقي. و كذا الكلام في النذور و الكفارات.

حصول الدّين تارة: يكون في عام الربح و للمؤنة. و أخرى: يكون فيه أيضا مع عدم كونه لها، بل يحصل بأسباب قهرية و في كل منهما تارة يتمكن من الأداء و لكن لم يؤده إلا بعد حصول الربح ثمَّ أدّاه منه. و أخرى: لا يتمكن من الأداء إلا من الربح. و في كل ذلك يحسب الأداء من المؤنة، للاحتياج العرفيّ إليه، و تقدم أنّ المرجع في المؤنة هو العرف مضافا إلى ظهور الإجماع على احتسابه منها مطلقا.

و منه يظهر أنّ تقييده (رحمه اللّه) بعدم التمكن من الأداء لا وجه له، لأنّ المناط كله في المؤنة ما كان الصرف في مصرف غير محرّم شرعي، و أداء الدّين في المقام كذلك، و إن تمكن منه و لم يؤده سابقا فهو نظير من وجبت عليه معالجة مرضه فلم يفعل ثمَّ عالج بعد مدّة، فإنّ مصرف المعالجة من المؤنة و إن تركها أولا. هذا إذا كان ارتكاب الدّين للحاجة إليه أو لأسباب قهرية. و أما إن كان لمجرّد ازدياد المال و الثروة بلا حاجة عرفية إليه، ففي كون مثله من المؤنة إشكال، بل منع.

ثمَّ إنّه لا فرق في الدّين بين جميع أقسامه حتّى النذور و الكفارات، و الحقوق و مهر الزوجة و نحوها بعد الأداء و الوفاء، لأنّ كل ذلك من المؤن العرفية و الشرعية.

مقتضى صدق الربح و الفائدة عرفا مع الدّين وجوب الخمس لا وجه للتردد فيه. نعم، لو شك في صدقهما معه، فالمرجع أصالة البراءة و يمكن اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الأشخاص و الجهات.

(مسألة ۷۲): متى حصل الربح، و كان زائدا على مئونة السنة تعلق به الخمس، و إن جاز له التأخير في الأداء إلى آخر السنة، فليس تمام الحول شرطا في وجوبه (205)، و إنّما هو إرفاق بالمالك لاحتمال تجدّد مئونة أخرى زائدا على ما ظنه، فلو أسرف، أو أتلف ماله في أثناء الحول لم يسقط (206) و هكذا لو وهبه، أو اشترى بغبن حيلة في أثنائه (207).

لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن الشرطية و هذا هو المشهور بين الفقهاء. و لا دليل على كون تمام الحول شرطا إلا ما يدعى من قوله (عليه السلام):

«الخمس بعد المؤنة»۸۲ لمعلومية أنّ المراد بها مئونة السنة، و من أنّ المؤنة لا تعلم إلا بعد الصرف و تمامية السنة.

(و فيه): أنّ المراد بقوله (عليه السلام): «الخمس بعد المؤنة» أي بعد وضع مئونة السنة من الربح و إفرازها سواء كان ذلك في أثناء السنة أم لا. لا أن يكون المراد بعد صرف المؤنة خارجا في تمام السنة. و منه يعلم أنّ مئونة السنة و إن كانت غير معلومة بالتفصيل إلا بعد الصرف الخارجيّ لكنّها معلومة إجمالا و تخمينا حين وضعها من الربح و هذا المقدار من العلم يكفي في صحة الوضع و الإفراز، و لكن لا بد في الربح الذي يتعلق به الخمس حين حصوله من إحراز استقراره و عدم عروض مؤن توجب الصرف و لا خسران موجب للجبران، و كيف يحصل هذا الإحراز لأحد مع معرضية الإنسان للعوارض و الحدثان، فإحراز الاستقرار يتوقف غالبا على تمام الحول.

للأصل، و الإطلاق بعد بطلان مقايسة المقام بإتلاف نصاب الزكاة قبل حلول الحول، لأنّ حلول الحول فيها شرط لأصل تعلق وجوب الزكاة بخلاف المقام الذي يتعلق الوجوب بعد حصول الربح و استثناء المؤن و لو كان ذلك في أثناء السنة.

لأصالة عدم سقوطه، و إطلاق أدلّة ثبوته، و لا بدّ من تقييد الهبة بكونها غير لائقة بحاله و إلا فتكون من المؤن المستثناة. هذا حكم الإتلاف و الإسراف. و أما حكم الزيادة في الربح بالتجارة فيأتي في [مسألة ۷۷].

(مسألة ۷۳): لو تلف بعض أمواله- مما ليس من مال التجارة أو سرق‏ أو نحو ذلك- لم يجبر بالربح (208) و إن كان في عامه، إذ ليس محسوبا من المؤنة.

لإطلاق أدلة وجوب الخمس في الأرباح و الفوائد، و عدم دليل على الجبر إلّا إذا انطبق عليه عنوان المؤنة، أو كان بحيث لا يصدق- مع لحاظ التلف و السرقة- الربح و الاستفادة، أو كون الخسارة في رأس المال بحيث لو لم يجبر لوقع الشخص في الحرج و المضيقة، و مع عدم انطباق شي‏ء من ذلك، فالمرجع الإطلاقات و العمومات الدالة على وجوب الخمس. نعم، لو كان محتاجا إلى بدل ما تلف أو سرق فاشتراه كان ثمنه من المؤن بلا إشكال. و منه يعلم أنّ إطلاق قوله (رحمه اللّه): «إذ ليس محسوبا من المؤنة» لا وجه له.

(مسألة ۷٤): لو كان له رأس مال و فرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها، فالأحوط عدم جبره بربح تجارة أخرى (209)، بل و كذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح أخرى لكن الجبر لا يخلو عن قوّة خصوصا في الخسارة (210). نعم، لو كان له تجارة و زراعة مثلا فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها، فعدم الجبر لا يخلو عن قوّة خصوصا في صورة التلف، و كذا العكس (21۱). و أما التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فيها و ربح الباقي فالأقوى الجبر، و كذا في الخسران و الربح في عام واحد في وقتين سواء تقدم الربح أو الخسران، فإنّه يجبر الخسران بالربح (21۲).

لعين ما مرّ في المسألة السابقة من غير فرق بينهما. نعم، لو كان عدم الجبر موجبا للحرج و المشقة بحيث لو أعطى خمس تمام الربح لم يكف ربح ما عنده لمؤنته صح الجبر حينئذ، فإنّه يصير كرأس المال الذي يحتاج إليه و يقع في الحرج مع تخميسه و قد مرّ عدم وجوبه فيه مع لزوم الحرج و المشقة.

بدعوى: عدم صدق الاسترباح و الاستفادة إلا بعد الجبران، و مع الشك في حصولهما بدونه لا يصح التمسك بعموم ما دل على وجوب الخمس، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. و الفرق بين هذه المسألة و سابقتها أنّ تلف مال آخر غير مال التجارة و رأس مالها لا يضرّ بصدق الربح عرفا بخلاف هذه المسألة، إذ يمكن دعوى عدم صدق الربح مع تلف رأس المال أو التشكيك فيه، فيسقط وجوب الخمس من هذه الجهة.

لتحقق التعدد العرفي الموجب لصدق الاستفادة في شي‏ء آخر، و لكنه مع ذلك مشكل أيضا إن كان المقصود من الزراعة و التجارة استنماء المال بحيث يكون مجموع المال مورد لحاظ الفائدة و الخسران، و الظاهر أنّ هذه الأمور من الموضوعات العرفية التي ربما يكون العرف أعرف بها من الفقيه و يختلف باختلاف الأغراض و الخصوصيات و سائر الجهات.

لأنّه بعد فرض وحدة التجارة في جميع ذلك لا تلحظ الاستفادة إلا بعد جبر الخسران على ما هو المتعارف بين الناس و إيكال ذلك أيضا إلى الثقات من التجار أولى من تعرض الفقيه له، لأنّ الموضوع عرفيّ لا أن يكون شرعيا و لا من الموضوعات المستنبطة.

(مسألة ۷٥): الخمس بجميع أقسامه متعلّق بالعين (21۳)، و يتخيّر المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال أخر (21٤) نقدا أو جنسا (215) و لا يجوز له التصرف في العين قبل أداء الخمس (216)، و ان ضمنه‏ في ذمته (217) و لو أتلفه بعد استقراره ضمنه (218). و لو اتجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضولية (219) بالنسبة إلى مقدار الخمس، فإن أمضاه الحاكم الشرعي أخذ العوض (220)، و الا رجع بالعين بمقدار الخمس ان كانت موجودة، و بقيمته ان كانت تالفة و يتخير في أخذ القيمة بين الرجوع على المالك، أو على الطرف المقابل الذي أخذها و أتلفها (221). هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح، و اما إذا كانت في الذمة و دفعها عوضا، فهي صحيحة (222) و لكن لم تبرء ذمته بمقدار الخمس (223). و يرجع الحاكم به ان كانت العين موجودة، و بقيمته ان كانت تالفة مخيرا حينئذ بين الرجوع على المالك أو الأخذ أيضا (22٤).

لظاهر الكتاب‏۸۳ و السنة، و ظهور إجماع الإمامية، و إنّما البحث في أنّه بنحو الملكية، أو من مجرّد الحق و على كل منهما هل هو بنحو الإشاعة، أو الكليّ في المعيّن. و بناء على الحقية أنّه من أيّ نحو من أنحاء الحقوق؟.

و المتحصل من المجموع: أنّه نحو حق متعلق بالعين تعلق الكليّ في المعيّن لأنّ الأدلة منها: ما تشتمل على كلمة اللام كالآية الكريمة، و بعض الأخبار كقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في خبر ابن سنان: «حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق»۸4. و المتيقن من كلمة اللام مطلق الاختصاص الشامل للحق‏ أيضا. أما الملكية فتحتاج إلى قرينة و هي مفقودة.

و دعوى: أنّ أكمل مراتب الاختصاص الملكية و الإطلاق منصرف إليها (مدفوعة): لما ثبت في محله من أنّ الأكملية لا توجب الظهور المحاوري، فالمتيقن منها إنّما هو مجرّد الحق، و أما أنّه من أيّ نحو من أنحائه فلا يستفاد من الأدلة.

و منها: المشتملة على كلمة «من» كقول العبد الصالح: «الخمس من خمسة أشياء من الغنائم و الغوص و من الكنوز»۸٥ و هل هي بمعنى «على» بقرينة جملة من الأخبار، أو بمعنى «في» بقرينة جملة أخرى منها، أو لمجرد المنشئية كقول عليّ (عليه السلام): «الخمس يخرج من أربعة وجوه من الغنائم»۸٦ و الكل محتمل، و لا ظهور لها في واحد منها و إن كان الأقرب كونها بمعنى «على».

و منها: ما اشتمل على كلمة «على» كخبر ابن عمير: «الخمس على خمسة أشياء»۸۷ و هو ظاهر في أصل الجعل، و لا يستفاد منه الملكية و لا الحقية.

و منها: ما اشتمل على كلمة «في» كقول أبي الحسن (عليه السلام): «الخمس في كل ما أفاد من قليل أو كثير»۸۸ و هو يحتمل السببية كقوله (عليه السلام): «في قتل الخطإ مائة من الإبل»۸۹ و أن تكون للظرفية و على كل تقدير تكون أعمّ من الملكية و الحقية.

و منها: المشتملة على لفظ الخمس كقوله (عليه السلام): «لنا الخمس»۹۰ و قوله (عليه السلام): «لنا خمسه»۹۱ و هو ظاهر في الإشاعة، و لكنه أعمّ من الملكية و الحقية و إن كان لا يبعد الأولى من مثل قوله (عليه السلام): «لنا خمسه» و لكنه أعمّ بأنّه من حيث العينية الخارجية أو من حيث المالية.

و منها: ما اشتمل على لفظ الحق كقوله (عليه السلام): «هلك الناس في بطونهم و فروجهم، لأنّهم لم يؤدوا إلينا حقنا ألا و إنّ شيعتنا في ذلك و آبائهم في حلّ»۹۲.

و هذه الأخبار قرينة معتبرة على أنّ المراد من سائر الأخبار مجرّد الحقية أيضا و إن أمكن المناقشة فيها أيضا بأنّ التعبير بالحق من باب أنّ الغالب في الأزمنة القديمة كان دفع الخمس من العين لا أن يكون الحق مجعولا فيه، إذ لا ريب في أنّ تلك الأعيان الخاصة مورد تشريع الخمس، و أما أنّ نفس حق الخمس تعلق بذات تلك الأعيان فهو شي‏ء آخر لا ظهور لها فيه إلا بقرينة موثق أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): «لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا»۹۳.

و موثق ابن عمار: «لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول يا ربّ اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس»۹4.

فإن ظهوره في الحقية بل الملكية مما لا ينكر لو لم يكن لبيان مجرّد الحكم التكليفي بالنسبة إلى الغالب في الأزمنة القديمة حيث كان البناء على إعطائه من العين مع أنّه معارض بما يأتي من الأخبار الدالة على جواز المعاملة بما فيه الخمس فأصل الحقية المتعلقة بمالية المال في الجملة معلوم، و لكن كيفية ذلك الحق و خصوصياته لا تستظهر من الأدلة، فلا بد فيه من الاقتصار على المتيقن، و على فرض ثبوت الحق هل هو متعلق بالعين- كحق الرهانة- أو متعلق بالمالية، و على كل منهما هل هو بنحو الإشاعة، أو الكليّ في المعيّن؟ المتيقن هو الأخير من كل منها.

و تقدم في [مسألة ۳۱] من زكاة الغلات ما يناسب المقام و يأتي في المسائل الآتية بعض الكلام.

للسيرة المستمرة، و هو المشهور بين الفقهاء، و لما ادعى من أصالة المساواة بين الزكاة و الخمس إلا ما خرج بالدليل، و يظهر من خبر الأزدي صحة وقوع البيع على ما فيه الخمس و وجوبه على البائع من القيمة و هو وارد فيمن وجد ركازا و باعها بدراهم و أغنام و تنازع البائع و المشتري إلى علي (عليه السلام) فقال (عليه السلام) لصاحب الركاز: «أد خمس ما أخذت فإن الخمس عليك فإنك أنت الذي وجدت الركاز و ليس على الآخر شي‏ء، لأنه إنما أخذ ثمن غنمه»۹٥ و لا ريب في ظهوره بل صراحته في الإعطاء من القيمة، و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «عن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال انما يبيع منه لشي‏ء بمائة درهم أو خمسين درهما هل عليه الخمس؟ فكتب (عليه السلام) أما ما اكله فلا و أما البيع فنعم هو كسائر الضياع‏۹٦، و في خبر ريان ابن الصلت قال: «كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) ما الذي يجب يا مولاي في غلة رحى أرض في قطيعة لي، و في ثمن سمك و بردي۹۷ و قصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة فكتب (عليه السلام) يجب عليك فيه الخمس»۹۸ و هو ظاهر في انتقال الخمس إلى الثمن، و إطلاقه يشمل البيوع المتعددة أيضا.

لظهور الإطلاق و الاتفاق.

بناء على أن تعلق الخمس بموارده من الشركة العينية الخارجية أو من قبيل حق الرهانة المانع عن جواز التصرف في العين المرهونة. و أما بناء على‏ غيرهما فلا دليل على المنع، لأن مجرد كونه نحو حق متعلق بالعين أعم من ذلك هذا مضافا إلى أصالة ولاية المالك، و ما تقدم من خبر الأزدي، و أبي بصير، و ريان، و ظهور الإجماع على عدم وجوب العزل في الخمس و عدم الفورية فيه، فيحمل ما مر من موثق أبي بصير، و ابن عمار على الكراهة، أو على البناء على عدم الإعطاء، أو محامل اخرى.

لأصالة عدم الانتقال إلى الذمة بعد التعلق بالعين، و لكنه مبنى على كون التعلق بشخصية العين لا بماليته و إلا فيتبادل الخمس بحسب تبادل المالية و على أي تقدير فيجوز بأذن الحاكم الشرعي كما يجوز بضبط الخمس و استحكامه بحسب المتعارف بحيث لا يضيع كسائر الديون المضبوطة و لو لم يكن بإذنه، لأن ذلك كله من فروع ولايتهما فلا تجزي أصالة عدم الانتقال حينئذ.

للإجماع، و قاعدة الإتلاف.

بناء على الشركة العينية، أو كون التعلق من قبيل حق الرهانة دون غيره من المباني، و تقدم في الزكاة ما ينفع المقام، لأن المقامان متحدان مدركا، و مبنى، و استظهارا.

بناء على الملكية و الإشاعة العينية، و اما بناء على غيرها، فيحتاج إلى رضاء المالك.

كل ذلك لقاعدة اليد بلا فرق بين التلف و الإتلاف، لجريان القاعدة فنهما.

للإطلاقات، و العمومات بعد فرض وقوع المعاملة على الذمة لا العين الخارجي.

بناء على الشركة العينية الخارجية. و أما بناء على أنه حق في مالية المال و لو تبدل العين و تبادلته، الأعواض فتبرأ الذمة أيضا و لكن للحاكم حق الرجوع إلى البدل مع الامتناع عن الأداء و تقدم أنه لا دليل على الشركة العينية و الإشاعة الخارجية.

لجريان يدهما على متعلق الخمس، و مقتضى قاعدة اليد صحة الرجوع إلى كل من جرت يده كما يأتي تفصيله في كتاب البيع.

(مسألة ۷٦): يجوز له ان يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باق في يده، مع قصد إخراجه من البقية (225) إذ شركة أرباب الخمس مع المالك انما هي على وجه الكلي في المعين (226)، كما ان الأمر في الزكاة أيضا كذلك و قد مر في بابها.

أما جواز التصرف في بعض الربح، فلأصالة بقاء ولاية المالك على ماله بعد عدم دليل معتبر على تحديد ولايته شرعا بحد خاص. نعم لو ثبت الشركة الإشاعية أو الحق الثابت في الجميع ليس له ذلك و لكنه مشكل بل ممنوع، و مقتضى الأصل عدمها.

و أما اعتبار قصد إخراجه من البقية، فلبناء المتشرعة، بل العقلاء الذين يهتمون بحقوق الناس على ذلك عند التصرف في أموالهم التي يعلمون بتعلق حق الغير ببعض اجزائه في الجملة، مع أنه نحو تضمين بالنسبة إلى حق أرباب الخمس و يكفي فيه القصد الإجمالي و لا يعتبر التفصيلي، للأصل.

لأنه المعلوم بحسب الأصل العملي بعد العلم بتعلقه بالعين في الجملة و هو المستفاد من مجموع الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض لكن بالمالية لا العينية الشخصية الخارجية و إثبات غير ذلك يحتاج إلى دليل و هو مفقود و احتمال بعض الأخبار للشركة العينية أو الحق في جميع المال لا ينفع بعد ظهور البقية في الخلاف كما تقدم، و قد مر في مسألة ۷٥ في المقام، و في كتاب الزكاة بعض الكلام فراجع و تأمل و لا وجه للتكرار بعد وحدة المبنى في جميع هذه الفروع.

(مسألة ۷۷): إذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها فلا مانع من التصرف فيه بالاتجار (227)، و ان حصل منه ربح لا يكون ما يقابل خمس الربح الأول منه لأرباب الخمس (228) بخلاف ما إذا تجر به بعد تمام الحول، فإنه ان حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لأربابه، مضافا الى أصل الخمس (229) فيخرجهما أولا، ثمَّ يخرج خمس بقيته ان زادت على مئونة السنة.

لأصالة بقاء ولاية المالك على التصرف، و عدم وجوب العزل إجماعا، و بناء الشارع على الإرفاق بالملاك، و إطلاق ما تقدم من خبري أبي بصير، و ريان‏۹۹، و تشهد له السيرة أيضا.

كما عن جمع منهم المحقق الأنصاري (رحمه اللّه)، لسيرة المتشرعة، و استقرار الفتوى، و العمل على اشتراك أرباب الخمس مع الملاك في الخسارة دون الربح، مع أن مورد الخمس مجموع الربح السنوي في مقابل المؤن و رأس المال، و لذا يلاحظ الجبران و الخسران بالنسبة إلى المجموع من حيث المجموع.

نعم لو حصل ربح و علم بزيادته عن مؤن السنة و قلنا بملكية أرباب الخمس الربح من حين حدوثه و لم ينكشف الخلاف، فمقتضى قاعدة تبعية النماء للأصل كون ربح الخمس لأربابه، و لكنه مع ذلك مشكل، لأن من عدم التعرض لهذا الحكم العام البلوى في الأخبار- لا بيانا من الإمام (عليه السلام) و لا سؤالا من الأنام- يستكشف عدم جريان قاعدة التبعية في هذا النحو من الملكية، مع أن أصل حصول الملكية لا مدرك له، كما مر مرارا.

بناء على حصول الملكية و إمضاء الحاكم الشرعي لهذه التجارة و لكن أصل المبنى فاسد، لما تقدم من أنه لا دليل على الملكية، فيكون تمام الربح للمالك و لا أثر لإمضاء الحاكم بالنسبة إلى هذه الجهة و إن كان له أثر بالنسبة إلى وقوع التجارة على متعلق حق أرباب الخمس.

ثمَّ أنّه يجب تخميس جميع الأرباح في عرض واحد من دون أن يكون ربح الخمس لأربابه من جهة التجارة بمالهم مع الزيادة عن المؤن، لإطلاق أدلة وجوبه.

(مسألة ۷۸): ليس للمالك ان ينقل الخمس الى ذمته ثمَّ التصرف فيه، كما أشرنا إليه (230). نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم و حينئذ فيجوز له التصرف فيه، و لا حصة له من الربح (231) إذا اتجر به و لو فرض تجدد من له في أثناء الحول (232) على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح.

في مسألة ۷٥ عند قوله (رحمه اللّه): «و ان ضمنه في ذمته»، و في مسألة ۷٦ عند قوله (رحمه اللّه): «مع قصد إخراجه من البقية» و أشرنا إلى وجهه و جوازه مع مراجعة الحاكم الشرعي، بل و بدون مراجعته مع الضبط و التثبت بنحو المتعارف بحيث تصدق الوثيقة العرفية- كما في سائر الديون و الوثائق المعتبرة- لأن ذلك كله من شئون ولاية الحكم و المالك.

و قد صرح (رحمه اللّه) بذلك في مسألة ٤ من زكاة الغلات، و مسألة ۱۱ من خمس المعدن.

يعني: لا حصة للخمس من الربح لفرض انتقاله إلى الذمة و عدم وقوعه مورد المعاملة و قد قلنا أنه لا يكون الربح لأرباب الخمس مطلقا إلا مع الشركة الحقيقية و الإشاعة الخارجية لا على سائر المباني سواء نقل الخمس إلى الذمة أو لا.

المراد بتجدد المؤن في المقام العلم بها بعد وقوع الصلح و انكشاف انها كانت و لم يعلم بها المالك حين الصلح و حينئذ يبطل، لعدم المعوض له و اما ان كان تجددها بعد وقوع الصلح في أثناء السنة، فهو مناف لما تقدم في المسألة السابقة من جواز التصرف في الربح في الأثناء و ان الربح للمالك دون أرباب‏ الخمس، فلا يحتاج إلى الصلح حينئذ.

(مسألة ۷۹): يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة، و لا يجب التأخير إلى أخرها، فإن التأخير من باب الإرفاق، كما مر (233) و حينئذ فلو أخرجه- بعد تقدير المؤنة بما يظنه- فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدد مؤن لم يكن يظنها كشف ذلك عن عدم صحته خمسا (23٤) فله الرجوع به على المستحق، مع بقاء عنه لا مع تلفها في يده (235) إلا إذا كان عالما بالحال، فان الظاهر ضمانه حينئذ (236).

تقدم في مسألة ۷۲ وجه ذلك فراجع.

لأن اشتراط صحة بما يفضل عن المؤنة السنوية من الأمور الواقعية و بعد تبين الخلاف ينعدم المشروط بانعدام شرطه. نعم لو كان لنفس ظن كفاية الربح للمؤنة السنوية موضوعية خاصة في الاشتراط صح الخمس و يجزى، و لكنه لا دليل عليه بل المنساق من الأدلة خلافه.

اما الرجوع مع بقاء العين، فلعدم خروج العين عن ملك مالكه، فله أخذ ملكه اين ما وجده لقاعدة السلطنة. و اما عدم الرجوع مع التلف، فلأصالة البراءة عن الضمان مع تحقق الغرور.

لقاعدة اليد بعد عدم تحقق الغرور مع العلم بالحال كما هو واضح، و تشهد للضمان أصالة احترام مال الغير.

(مسألة ۸۰): إذا اشترى بالربح قبل إخراج الخمس جارية لا يجوز له وطؤها كما انه لو اشترى به ثوبا لا تجوز الصلاة فيه و لو اشترى به ماء للغسل أو الوضوء لم يصح، و هكذا (237) نعم لو بقي منه بمقدار الخمس في‏ يده، و كان قاصدا لإخراجه منه جاز و صح، كما مر نظيره (238).

كل ذلك مبني على تعلق الخمس بالمال بنحو الشركة العينية المشاعة أو الحق المشاع في الجميع و عدم كون الشراء التزاما عرفيا عند المتشرعة بالنقل إلى الذمة ثمَّ الوفاء من مال آخر و جميع ذلك محل اشكال، بل منع فمقتضى الأصل الموضوعي و الحكمي في جميع ذلك الإباحة بعد عدم‏ ثبوت دليل على المنع. نعم لا ريب في ان جميع ما قاله «قدس سره» موافق للاحتياط خروجا عن خلاف ما نسب إلى المشهور.

عند قوله (رحمه اللّه): «انما هي على وجه الكلي في المعين» في مسألة ۷٦.

(مسألة ۸۱): قد مر أن مصارف الحج الواجب- إذ استطاع في عام الربح، و تمكن من المسير- من مئونة تلك السنة، و كذا مصارف الحج المندوب، و الزيارات و الظاهر ان المدار على وقت إنشاء السفر (239)، فان كان إنشائه في عام الربح فمصارفه من مئونته ذهابا، و إيابا و ان تمَّ الحول في أثناء السفر فلا يجب إخراج خمس ما صرفه في العام الأخر في الإياب، أو مع المقصد و بعض الذهاب.

لأنه المعهود في الأسفار المتعارفة حيث تلاحظ مئونة السفر حين إنشائه و قد تقدم بعض ما يتعلق بالمقام في مسألة ۷۰ فراجع و فصلنا هناك بين أخذ تمام مئونة السفر ذهابا و إيابا دفعة أو تدريجا.

(مسألة ۸۲): لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا مله كفاه إخراج خمسهما أولا، و لا يجب عليه خمس أخر (240) من باب ربح المكسب، بعد إخراج مئونته سنته.

للأصل، و عدم معهودية خمسين فيما يشتركان في عنوان الفائدة و الاستفادة. نعم مع تباين العنوانين يقوى وجوب خمسين كما تقدم في مسألة ۳٦ من المال المختلط فراجع.

(مسألة ۸۳): المرأة التي تكتسب في بيت زوجها و يتحمل زوجها مئونتها يجب عليها خمس ما حصل لها، من غير اعتبار إخراج المؤنة (241)، إذ هي على زوجها الا ان لا يتحمل.

لما تقدم من ان المناط في المؤنة المستثناة الصرف الفعلي لا شأنية الصرف و لو لم يصرف، و كذا كل من لا يصرف الفائدة إما لأجل الإمساك و التقتير، أو لأجل الكلّ على الغير، أو لجهة أخرى.

(مسألة ۸٤): الظاهر عدم اشتراط التكليف و الحرية في الكنز، و الغوص، و المعدن، و الحلال المختلط بالحرام، و الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم فيتعلق بها الخمس (242) و يجب على الولي و السيد إخراجه (243) و في تعلقه بأرباح مكاسب الطفل اشكال (2٤٤)، و الأحوط إخراجه بعد بلوغه.

للإجماع، و لإطلاق الأدلة، و الفتاوى، و معاقد الإجماعات المنساق منها ان هذا الخطاب من سنخ الوضعيات الغير المختصة بالبالغين، و اشتمال بعض الأخبار على قوله (عليه السلام): «عليك فيه الخمس»۱۰۰– و نحو ذلك مما اشتمل على كلمة الاستعلاء- لا يوجب الاختصاص بالبالغ بدعوى: أنها ظاهرة في التكليف، لأن كلمة «على» تستعمل في الأعم من التكليف و الوضع كما لا يخفى.

لأن تفريغ ذمة المولى عليه من فروع ولاية الولي، فيجب عليه القيام به.

منشأه إطلاق الأدلة، و الفتوى و الإجماعات، و ما ورد من أنه: «ليس على مال اليتيم، و في الدين، و المال الصامت شي‏ء»۱۰۱، و كذا قوله (عليه السلام):

«ليس في مال المملوك شي‏ء»۱۰۲، فان إطلاقهما يشمل الخمس أيضا، مع أن كسب الصبي باطل و لا شي‏ء في الباطل. و فيه: أن الخبر ظاهر في الزكاة بقرينة غيره، مع أنه يشمل الغوص، و الكنز و المعدن و لا يقولون به، و لا دليل على الفرق بينها و بين مطلق الفائدة و يرد على الأخير: ان الفائدة أعم من الكسب، مع أنه لا دليل على بطلان كسبه ان كان بإذن الولي كما يأتي في محله.

  1. سورة الأنفال: 4۱.
  2. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۱۷.
  3. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۱۸.
  4. الوسائل باب: ۳ من أبواب إحياء الموات حديث: ۲.
  5. الوسائل باب: ۳ من أبواب إحياء الموات حديث: ۳.
  6. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۹.
  7. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  9. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  10. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  11. الوسائل باب: ۹ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  12. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  13. سورة الأنفال: 4۱.
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۱٦.
  15. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٥.
  16. الوسائل باب: ۱ من أبواب قسمة الخمس حديث: ۳.
  17. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۱٥.
  18. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ٦.
  19. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۸.
  20. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: 4.
  21. سورة الأنفال: 4۱.
  22. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  23. راجع صحيح البخاري كتاب المغازي باب: ٥٦.
  24. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  25. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  26. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  27. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  28. راجع ج: ۷ من هذا الكتاب.
  29. الوسائل باب: 4 من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  30. الوسائل: باب ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٥.
  31. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۳.
  32. الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  33. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  34. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  35. الوسائل باب: ٥ من أبواب اللقطة حديث: ٥.
  36. الوسائل باب: ٥ من أبواب اللقطة حديث: ۲.
  37. الوسائل باب: ٥ من أبواب اللقطة حديث: ۳.
  38. الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲ و ٦.
  39. الوسائل باب: ۹ من أبواب اللقطة حديث: ۲.
  40. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  41. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  42. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٥.
  43. الوسائل باب: ۷ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  44. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب اللقطة حديث: ۱ و ۲.
  45. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  46. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  47. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  48. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  49. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٥.
  50. الوسائل باب: 4۷ من أبواب ما يكتسب به حديث: ۱.
  51. الوسائل باب: ۷ من أبواب اللقطة حديث: ۱۰.
  52. الوسائل باب: ۹ من أبواب الصلح حديث: ۱.
  53. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب اللقطة حديث: ۱.
  54. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  55. الوسائل باب: ۹ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  56. الوسائل باب: ۹ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  57. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  58. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۹.
  59. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۳.
  60. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  61. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۹.
  62. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۱.
  63. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۳.
  64. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ٥.
  65. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ٥.
  66. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: 4.
  67. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۱.
  68. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ٥.
  69. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۲.
  70. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأنفال حديث: ۲.
  71. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  72. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٥.
  73. تقدم ما يدل على ذلك في الأبحاث الماضية.
  74. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  75. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۸.
  76. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٥.
  77. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  78. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  79. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۳.
  80. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  81. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  82. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  83. سورة الأنفال: 4۱.
  84. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۸.
  85. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  86. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱۲.
  87. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۲.
  88. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  89. الوسائل باب: ۱ من أبواب ديات النفس حديث: ۸.
  90. الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱.
  91. الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٥.
  92. الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۱.
  93. الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 4.
  94. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأنفال حديث: ۱۰.
  95. الوسائل باب: ٦ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ٦.
  96. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۹.
  97. لبردي- بالفتح- نبات مائي كالقصب من فصيلة السعديات كانوا في القديم يستعملونه للكتابة- و بالضم من أجود التمور.
  98. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۱۰.
  99. تقدم في صفحة: 4٥۸
  100. الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: ۹ و غيره.
  101. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  102. الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"