اعلم أنه لو لاحظنا عددين، لا يخلو عن واحد من هذه الأقسام الأربعة: التماثل، و التداخل، و التوافق، و التباين.
أما المتماثلان: فهما المتساويان قدرا، كالثلاثة مع الثلاثة و الستة مع الستة و هكذا، و هو واضح بالبديهة و لذا يكون مخرجهما متحدا، فمخرج أحدهما هو مخرج الآخر، كالسدسين للأبوين.
و أما المتداخلان: فكل عددين أحدهما جزء الآخر، بشرط أن لا يكون أكثر من نصفه، كالثلاثة مع التسعة أو الأربعة مع الاثنى عشر، فإن الثلاثة ثلث التسعة، و الأربعة ثلاث الاثنى عشر، فإن العدد الأكبر من مضاعفات العدد الأصغر، و يكون داخلا في الأكبر، فيكون المخرج المشترك للعددين هو مخرج العدد الأكبر، فيسقط اعتبار العدد الأصغر، فإذا قسّمنا الأكثر على الأقل و لو مرارا لم يبق شيء- كما في 4 و ۱۲ و كذا ۳ و ۹- و يفني العدد فهما متداخلان.
و أما المتوافقان: فكل عددين لا يفني أحدهما الآخر، و لا ينقسم عليه، و لكن يفنيهما عدد آخر، كما في 4 و ۱۰ فلو قسّمنا ۱۰ على 4 يبقى ۲ فهو العاد لهما، فإذا قسّمنا 4 على ۲ لم يبقى شيء.
و الحاصل: لو قسّمنا الأكثر على الأقل، فإن لم يبق شيء و فنى العددان فمتداخلان- كما مر- و إن بقي شيء قسّمنا المقسوم عليه على الباقي، و هكذا إلى أن لا يبقى شيء، فالعددان متوافقان، كما في ۸ و ۱۲ تفنيهما أربعة، فلو نقصنا ۸ و ۱۲ يبقى ربع، فهو جزء الموافقة.
و أما المتباينان: فكل عددين ليسا متداخلين و لا متماثلين و لا يفنيهما إلا الواحد، فهما متباينان، مثل ٥ و ۹ أو ۷ و ۹، فيقسّم ۹ على ٥ يبقى 4 ثمَّ ٥ على 4 يبقى ۱.
و تلخّص من جميع ما تقدم: أن المتداخلين هما اللذان يعدّهما غير الواحد، و إذا سقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرار، يبقى أكثر من واحد. و ما يعدّهما، اما الاثنان فيسمى المتوافقان بالنصف، أو الثلاثة فبالثلث، أو الأربعة فبالربع. ثمَّ إن كان أقل العددين لا يزيد عن نصف الأكثر- كالثلاثة و الستة و الأربعة و الاثنى عشر- فهما المتوافقان بالمعنى الأعم، و المتداخلان و إن تجاوزه و زاد عليه، فهما المتوافقان، بالمعنى الأخص، كالستة و الثمانية.
و المتباينان هما اللذان لو أسقط أقلهما عن الأكثر يبقى واحد، كالثلاثة و الأربعة و يكون العاد لا محالة واحدا. و المتماثلان هما المتساويان قدرا. و من أراد التفصيل فليراجع كتاب خلاصة الحساب لشيخنا البهائي العاملي (قدس اللَّه سره).