للنصوص المستفيضة، و إجماع المسلمين، ففي صحيح زرارة- الذي هو من محكمات أخبار الباب- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ليس فيما دون الخمس من الإبل شيء، فإذا كانت خمسا ففيها شاة إلى عشرة، فإذا كانت عشرا ففيها شاتان، فإذا بلغت خمسة عشر ففيها ثلاث من الغنم، فإذا بلغت عشرين ففيها أربع من الغنم، فإذا بلغت خمسا و عشرين ففيها خمس من الغنم، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس و ثلاثين، فإن لم يكن عنده ابنة مخاض، فابن لبون ذكر، فإن زادت على خمس و ثلاثين بواحدة ففيها بنت لبون إلى خمس و أربعين، فإن زادت واحدة ففيها حقة- و إنّما سمّيت حقّه لأنّها استحقت أن يركب ظهرها- إلى ستين، فإن زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس و سبعين، فإن زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإن زادت واحدة فحقتان إلى عشرين و مائة، فإن زادت على العشرين و المائة واحدة، ففي كل خمسين حقة، و في كل أربعين ابنة لبون»۱.
و مثله صحيح أبي بصير و لكن فيه بعد العشرين و مائة: «فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة»۲، و مثله صحيح ابن الحجاج إلا أنّ فيه بعد التسعين: «فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة»۳ كما في الكافي، و في التهذيب زاد بعد قوله (عليه السلام) إلى تسعين «فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين و مائة» و لم يتعرض لشيء آخر.
و الظاهر رجوع الكل إلى شيء واحد و إنّما القصور في التعبير، و لكن في صحيح الفضلاء عنهما (عليهما السلام) إسقاط الواحدة في نصب الإبل كلها إلا في المائة و عشرين كما في قوله (عليه السلام): «فإذا زادت واحدة على عشرين و مائة ففي كل خمسين حقة»، فيخالف الجمع.
و أجيب عنه بوجوه:
منها: الحمل على التقية، لكون ذلك مذهب العامة.
و منها: أنّ السقوط من النساخ، لوجود الزيادة في بعض النسخ الصحيحة كما في معاني الأخبار4.
و منها: أنّ الإسقاط كان لمعلومية النصب، فأسقط اقتصارا. و على أيّ تقدير لا أثر للإسقاط بعد معلومية نصب الإبل و تعارفها في كل عصر، فلا تصلح صحيحة الفضلاء لمعارضة غيرها الذي اعتمد عليه المشهور قديما و حديثا، فلا وجه لما نسب إلى ابن أبي عقيل، و ابن الجنيد من إيجابهما بنت مخاض في الخمس و العشرين تمسكا بهذه الصحيحة قالا (عليهما السلام): «في صدقة الإبل في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسا و عشرين، فإذا بلغت ذلك ففيها ابنة لبون»، فأسقط النصاب السادس. و عن المرتضى (رحمه اللَّه) أنّ الإجماع تقدم على ابن الجنيد و تأخر عنه.