بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين و الصلاة
و السّلام على محمد و آله الطاهرين.
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين و الصلاة
و السّلام على محمد و آله الطاهرين.
يدل عليه اللغة و عرف عامة الناس و هو المعهود بين المتشرعة خلفا عن سلف، و يظهر منهم الإجماع عليه.
أما كونه عقدا فيدل عليه الإجماع، بل الضرورة الفقهية.
و أما كونه بين الكفيل و المكفول له فهو مما لا خلاف فيه بين الفقهاء و من المسلمات لديهم، و أنما الخلاف في اعتبار قبول المكفول و يأتي تفصيل القول فيه في المسألة التالية، و المراد بقبول المكفول له هنا أعم من قبول نفسه إن كان كاملا أو وليه ان لم يكن كذلك كما يأتي في المسألة الآتية أيضا.
ثمَّ أن المراد بالحق الثابت أعم من العين و الدين لإطلاق الكلمات و تصريح جمع بالتعميم، بل ظاهر الإطلاق يشمل مطلق الحق و لو كان حق إثبات الدعوى على المكفول.
و قد تقدم الفرق بين الكفالة و الضمان و الحوالة۲، فلا وجه للتكرار بالإعادة.
للإجماع و السيرة و التسالم عليه فتوى و عملا.
لما تقدم غير مرة انه يكفي في تحقق العقود كل لفظ له ظهور عرفي محاوري في عنوان العقد المنشأ، سواء استند الظهور إلى الحقيقة أو إلى المجاز بواسطة القرينة المعتبرة، لشمول الإطلاقات و العمومات فيصح و يجزي لا محالة و إن شئت التفصيل فراجع ما قلناه في عقد البيع.
الثلاثة الأولى من الشرائط العامة لكل عقد و تقدم دليل اعتبارها مفصلا في عقد البيع فراجع.
و أما دليل اعتبار الأخير فمضافا إلى الإجماع أن الكفالة متقومة بذلك عرفا، فإنها عبارة عن التعهد و الالتزام بالإحضار.
و العاقل لا يلتزم بما لا يقدر عليه و لا يتمكن منه، فاعتبار التمكن من الإحضار من لوازم اعتبار العقل لزوما عرفيا.
كما إذا جنى شخص على صبي أو مجنون و كفل شخص لهما بإحضار الجاني لإقامة الدعوى عليه و إثبات حق الجناية، و كذا في سائر موارد الحقوق نفسية كانت أو عرضية أو مالية، فالمقام نظير الضمان حيث تقدم انه لا يعتبر في المضمون عنه البلوغ و العقل.
لفرض ان الكفالة عقد و هو متقوم بالإيجاب و القبول، فاذا لم يتحقق القبول من المكفول له يقوم وليه مقامه في ذلك، فالبلوغ و العقل شرط في المكفول له من باب الوصف بحال المتعلق أي من حيث العقد لا من باب الوصف بحال الذات، و في الكفيل معتبر من حيث الوصف بحال الذات فعلى هذا لو كفل صبي أو مجنون بإذن الولي و إيجابه لا تصح الكفالة، و ذلك معلوم في المجنون لعدم الاعتبار بلفظه و فعله عند العقلاء، و أما في الصبي فهو المشهور و تقدم البحث عنه في أول كتاب البيع، و مثل ذلك ما إذا قدر كلب شخص على إحضار المكفول و وقع عقد الكفالة بين صاحب الكلب و المكفول له.
للإجماع و ضرورة عدم صحة الالتزام بحق من دون رضاء الطرفين.
نسب إلى المشهور عدم اعتبار رضاه و نسبه العلامة في التذكرة إلى علمائنا؛ و تمسكوا أيضا بإطلاق أدلة الوكالة و ان الكفيل بمنزلة الوكيل الذي لا يشترط وكالته في رضاء الموكل عليه و أنه بمنزلة المضمون عنه.
فكما لا يعتبر رضاه لا يعتبر رضاء الكفيل أيضا.
و عن جمع منهم الشيخ و ابني حمزة و إدريس اعتبار رضاه و قواه العلامة في تحريره، و عن صاحب الجواهر تقويته أيضا، لأن الأدلة المذكورة لعدم اعتباره ساقطة أما الشهرة و الإجماع فلا اعتبار بهما مع فتوى جمع بالخلاف و مخالفة العلامة الذي هو مدعي الإجماع لنفسه، و أما الإطلاق فالشك في أصل ثبوته يكفي في عدم اعتباره، و أما البقية فأشبه بالقياس من الاستدلال.
نعم، هنا شيء و هو أن العرف يرى تقوم الكفالة برضاء الكفيل و المكفول له و يرون إحضاره المكفول من لوازم عقد الكفالة لا من مقوماته فرضاه على فرض اعتباره يكون هكذا فالجهات الوضعية العقدية تتم برضاء الكفيل و المكفول له، و يكون ما يتعلق بالمكفول كوجوب التسليم بالنسبة إلى المتعاوضين، و حيث إن الكفالة استيلاء من الكفيل على إحضار المكفول و النفوس مختلفة في ذلك اختلافا كثيرا، و بعض النفوس يستنكرون استيلاء بعض الأشخاص عليهم و يتأذون من ذلك يمكن اعتبار رضاه من هذه الجهة.
و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فمن يعتبر رضاه أي: في المرتبة الخارجة عن مرتبة ذات الكفالة و من لا يعتبره أي: في مرتبة قوام ذات الكفالة.
لعدم الاكتفاء المتعارف في مثل هذه الأمور بمجرد الرضاء القلبي ما لم يكن مبرز خارجي في البين و هو يلازم كونه طرفا للعقد كما لا يخفى.
كما تقدم نظيره في الضمان.
لوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها فتشمله أدلة الكفالة، مضافا إلى ظهور إجماعهم على الصحة.
للأصل بعد عدم دليل على اعتباره و تعلق الغرض بإحضار بدن المكفول لا كمية الحق الذي عليه و كيفيته.
لأن الكفالة نحو من الضمان و مع عدم ثبوت الحق يكون من ضمان ما لم يجب و هو لا يصح على المشهور، و لكن قد مر مكررا أنه يكفي المعرضية العرفية للثبوت.
لأنها بمنزلة الثابت عرفا.
لثبوت المعرضية القريبة بالنسبة إلى المال حينئذ، و يصح من الناس الاستيثاق على أموالهم مع تحقق المعرضية للثبوت و وجود السبب.
لثبوت حق الدعوى بالسماع و كل حق ثابت تصح الكفالة فيه، و تفصيل الحق بالبينة لا ربط له في ثبوت أصل حق الدعوى فإنه مقدم على تفصيله كما هو معلوم.
لما رواه الفريقان عن النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا كفالة في حد»۳، الشامل للتعزير أيضا، مضافا إلى الإجماع و لكن نفي الكفالة في الحد على أقسام:
الأوّل: بعد ثبوته و إمكان إقامته فعلا.
الثاني: بعد ثبوته و عدم إمكان اقامته فعلا لوجود محذور في البين.
الثالث: بعد تحقق دعوى الحد و إمكان إثباته.
الرابع: بعد تحقق الدعوى و عدم إمكان الإثبات، و هل يشمل قوله صلّى اللّه عليه و آله:
«لا كفالة في حد»، جميع هذه الأقسام أو يختص بالقسم الأوّل؟ الظاهر هو الاختصاص.
ثمَّ أنه هل يشمل حقوق الناس أيضا أو يختص بحق اللّه فقد الظاهر هو الثاني لما سيأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.
لإطلاق الأدلة الشامل لهما، و للإجماع في التأجيل و على المشهور في التعجيل و عن ابن إدريس: «انه حق اليقين»، و لكن عن جمع منهم الشيخين في المقنعة و النهاية عدم صحتها حالا (معجلا) و لم يستدلوا بدليل يصح الاعتماد عليه إلا دعوى انها إذا كانت حالة تكون بلا فائدة.
و فيه: إن الفوائد غير محدودة بحد خاص بل هي كسائر الأغراض العقلائية تختلف باختلاف الجهات و الخصوصيات، مع أن هذا النزاع صغروي لا يليق بالعلماء.
للإجماع، و قاعدة نفي الغرر؛ و ما عن بعض العامة من جواز الجهالة هنا كما في العارية قياس أولا، و مع الفارق ثانيا للزوم الكفالة و جواز العارية.
لأن التعجيل هو المنساق من العقود عند الإطلاق لدى متعارف الناس كما في سائر الإنشاءات المطلقة عقدا كان أو إيقاعا.
لأصالة اللزوم في كل عقد إلا ما خرج بالدليل على الخروج في المقام، و تقدم أدلة إثبات أصالة اللزوم في كل عقد في أول البيع فراجع فلا وجه للتكرار أصلا.
كما هو شأن كل عقد لازم بناء على جريان الإقالة في كل عقد لازم، و تقدم ما يتعلق به في (فصل الإقالة) من كتاب البيع فراجع.
أما جواز جعل الخيار لكل منهما، فلعموم أدلة الشرط.
و ما يقال: من أن الكفالة و الضمان في حاق الواقع يرجعان إلى الاستيثاق و شرط الخيار ينافي ذلك، فيكون من الشروط المخالفة لمقتضي العقد فتفسد الشرط و يفسد العقد.
باطل: لأنه إذا كان الشرط برضى المتعاقدين لا ينافي ذلك الاستيثاق الحاصل في البين.
و أما اعتبار تعيين المدة فللإجماع، و قاعدة نفي الغرر.
لوجود المقتضي للمطالبة و فقد المانع عنها فعلا في القسمين الأولين، و بعد الأجل في القسم الأخير فيثبت حق المطالبة لا محالة، مضافا إلى مسلمية ثبوت حق المطالبة عندهم.
لأن هذا هو الذي التزم الكفيل على نفسه في العقد الواقع بينهما فيجب الوفاء به.
لخروجه عن عهدة ما التزم به فلا موضوع لوجوب شيء آخر عليه بعد ذلك.
نسب ذلك إلى جمع منهم ابن إدريس و المحقق و الشهيدين لابتناء الكفالة على ذلك عرفا و لأن ذلك هو المقصود بين المتعاقدين في الكفالة، إذ المقصود في الكفالات استيفاء ما على المكفول، و الالتزام بإحضاره طريق إلى ذلك، و لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر عمار: «أتى أمير المؤمنين برجل قد تكفل بنفس رجل فحبسه، و قال أطلب صاحبك»4، و في خبر أصبغ بن نباتة قال:
«قضى أمير المؤمنين في رجل تكفل بنفس رجل أن يحبس و قال له: أطلب صاحبك»٥، و عن الصادق عليه السّلام في خبر ابن عمار: «إن عليا عليه السّلام أتى برجل كفل برجل بعينه فأخذ بالمكفول فقال: أحبسوه حتى يأتي بصاحبه»٦، و هذه الأخبار و إن اقتصر فيها على خصوص الحبس لكن يمكن حملها على ذكر أحد الفردين و الاستغناء به عن الآخر لأن الحبس أشد على الشخص من غيره، مع أنه قد ذكر الفرد الآخر في أخبار أخرى كقول أبي عبد اللّه عليه السلام: «الكفالة خسارة و غرامة»۷، و قوله عليه السّلام مكتوب في التوراة: «الكفالة ندامة و غرامة»۸، و غيرهما فيقيد بها إطلاق الاخبار المتقدمة و هذه الأخبار و إن كانت قاصرة سندا لكنها تشهد للقرينة لتقييد الأخبار السابقة.
و احتمال أن لنفس الإحضار موضوعية خاصة لا أن يكون طريقا إلى الأداء كما يتحقق الدعوى مثلا، مع أن الأداء من خصوص المكفول ربما يكون مورد غرض عقلائي، و لذا اختار بعض تعيين الإحضار و هو صحيح واقعا، و لكن لا دليل له إثباتا لأن ملاحظة هذه الخصوصيات من الفروع المتعلقة بالموضوع و تشخيصها منوطة بنظر الحاكم الشرعي فهي بمنزلة الأحكام المترتبة لا أن تكون من مقومات ذات موضوع الكفالة.
يجب ذلك مقدمة إن لم يكن طريق للإحضار إلا بذلك.
لوجود المقتضي للحبس حينئذ و فقد المانع عنه فتشمله ما تقدم من الأدلة.
لأن التكليف بالإحضار مشروط بالقدرة عليه و المفروض عدمها فينتفي التكليف قهرا.
لما مر من أن مقتضى الكفالة إحضار الغريم أو أداء ما عليه من المال و الأصل بقاء هذا الأدلاء إلى أن يحصل المسقط، مع أن الكفيل وثيقة كالرهن فإذا تعذر استيفاء الحق ممن عليه الحق يستوفي من الوثيقة.
نعم، بناء على عدم التخيير في مورد الكفالة و انحصار موردها بالإحضار فقط لا موضوع للإلزام بالمال حينئذ، و عن جمع عدم وجوب المال عليه عند عدم التمكن من الإحضار، و نسب ذلك إلى التذكرة و المسالك و غيرهما فإن كان هذا القول منهم من جهة ذهابهم إلى عدم التخيير و وجوب الإحضار فقط فهو نزاع مبنائي، و قد تقدم استظهار التخيير و إن كان هذا القول منهم مع وجوب التخيير فلا دليل لهم عليه كما هو معلوم.
لأنه إذا قلنا في الصورة السابقة بضمان المال يكون الضمان في هذه الصورة بالفحوى.
بناء على أن التمكن من الإحضار شرط الصحة حدوثا و بقاء تبطل أصل الكفالة، لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، و إن قلنا بأنه يكفي في الصحة التمكن منه في مجرد الحدوث فقط تصح و لكن الشأن في صحة هذا الاحتمال، مع أن المتعارف في الوثائق المعهودة بين الناس مراعاة التمكن من الأداء مطلقا.
ثمَّ انه قد ذكر المشهور من الفقهاء انه لو قال الكفيل: «إن لم أحضره كان علىّ كذا» لم يلزم منه إلا إحضاره دون المال، و لو قال: «علىّ كذا- إلى كذا- إن لم أحضره» وجب عليه ما شرط من المال، و الأصل في المسألتين موثقتا البقباق الأولى: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل كفل لرجل بنفس رجل، و قال: إن جئت به و إلا عليك «فعلىّ» خمسمائة درهم، قال عليه السّلام: عليه نفسه و لا شيء عليه من الدراهم، فإن قال: عليّ خمسمائة درهم إن لم أدفعه إليه، قال: تلزمه الدراهم إن لم يدفعه إليه»۹، و المنساق من الجملة الأولى «رجل كفل بنفس رجل» أن الكفالة تمت بنفس هذه الجملة بإيجابها من الكفيل و قبولها من المكفول له و إن الكفالة كانت غير متضمنة لمال في عهدة المكفول بل كانت لأغراض صحيحة أخرى بقرينة قوله: «و قال إن جئت به» فإنه لو كانت متضمنة لمال في عهدة المكفول فمقتضى العادة بيان دفع نفس ذلك المال.
و حينئذ فتتم الكفالة بهذه الجملة و حكمها وجوب دفع المكفول نفسه لا وجوب شيء آخر على الكفيل.
و أما قوله: «و قال إن جئت به و إلا فعليك خمسمائة درهم» فهو كلام المكفول له صدر منه بعد تمامية عقد الكفالة، فإن كان الكفيل قبله يكون من الشروط الابتدائية لا يجب الوفاء به على المشهور و إن لم يكن قبله فلا يجب الوفاء بالأولى و هذا هو المطابق للقاعدة و لما قاله الفقهاء في المسألة الأولى، و أما ذيل الحديث و هو قوله: «فإن قال علي خمسمائة درهم، إن لم أدفعه اليه» فهو أيضا مطابق للقاعدة إذا قال ذلك الكفيل و جعله من قيود الكفالة حين أنشأ عقدها كما لعله المنساق من الحديث فتطابقت القاعدة و قول المشهور و ذيل الحديث.
الثانية: ما عن الصادق عليه السّلام في خبر أبي العباس أيضا قال: «سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا و كذا درهما؟ قال:
ان جاء به إلى أجل فليس عليه مال و هو كفيل بنفسه أبدا إلا أن يبدأ بالدراهم فإن بدأ بالدراهم فهو لها ضمان إن لم يأت به إلى الأجل الذي أجله»۱۰، و هذا الموثق أيضا مطابق للقاعدة و للمشهور لأن قوله «فإن لم يأت به فعليه كذا و كذا درهما» لم يعلم انه من قيود الكفالة التي ذكرها الكفيل، بل المقتضى أصالة عدم التقييد عدم كونه قيدا له.
نعم، ان بدأ الكفيل بالدراهم يكون ظاهرا في التقييد حينئذ عرفا فهذا الموثق موافق للقاعدة أيضا بكلا جزئية بعد التدبر و التأمل هذا، و أما الكلمات فهي مضطربة جدا كما لا يخفى على من راجع المطولات.
لأصالة براءة ذمته بعد عدم حصول تسبيب منه في الاستيفاء.
لصدق استيفاء مال الغير بعد الإذن، و لقاعدة الاحترام فيجب الأداء.
لما مر في سابقة من صدق الاستيفاء إذ لا فرق في الصدق العرفي بين الدلالة المطابقية و الالتزامية.
لعدم حصول استيفاء منه لمال الغير بوجه لا بالدلالة المطابقية و لا بالالتزام.
نعم، لو تضرر الكفيل بشيء و كان ذلك مستندا إلى المكفول له عرفا فمقتضى قاعدة «نفي الضرر» لزوم تداركه عليه.
لعموم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «المؤمنون عند شروطهم»۱۱، و الالتزام الواقع بينهما.
أما عدم وجوب التسليم على الكفيل في غيره فللأصل و الإجماع، و كذا الكلام بالنسبة إلى عدم وجوب إجابة المكفول له.
لأصالة عدم وجوب التسلّم عليه في غير ما عين، مضافا إلى الإجماع.
نعم، يجب عليه التسلم في موضع التعيين لأن ذلك من لوازم العقد الواقع بينهما عرفا.
كما في نظائر المقام من المعاوضات و السلم و إعطاء الزكاة و سائر الحقوق و نحوها، و هذا الانصراف معتبر عند متعارف الناس فيعتبر شرعا أيضا.
لأن القرائن المعتبرة كالظواهر حجة في المحاورات العقلائية.
للغرر و الجهالة، و عدم اقدام متعارف الناس على مثل هذا الكفالة.
أما وجوب الاستعانة لإحضار المكفول بكل وسيلة مشروعية فلأن إحضاره بالطرق المشروع من مقومات الكفالة فيشمله ما دل على وجوب الوفاء بالعقد و الالتزام الصحيح الجامع للشرائط.
و أما صحة التوسل بالقاهر مع عدم المفسدة فلأنه أيضا من مقدمات تحصيل الواجب عليه بالالتزام العقدي الواقع بينهما.
لأنه السبب في صرف هذه فتشمله قاعدة «التلف بالتسبيب».
لما مر من كونه سببا فيكون الضمان عليه.
ثمَّ إن المؤن المصروفة أقسام ثلاثة:
الأوّل: ما يحكم العرف بكونها من ناحية المكفول و للظفر أو الحمل به و لا ريب في كونها عليه.
الثاني: ما إذا حكم بأنها ليس من ناحية المكفول و لا تنسب اليه و ليست للظفر أو الحمل به، فلا يرجع بها إليه للأصل بعد عدم صدق التسبيب.
الثالث: ما يشك في انها من أي القسمين؛ و مقتضى الأصل براءة ذمة المكفول فيها أيضا و لكن الأحوط التراضي.
ظهر وجه الاشكال مما مر.
لحصول الغرض فلا معنى لبقاء الكفالة بعد ذلك، و لا دليل على اعتبار كون ذلك من الكفيل بنفسه إلا أن يكون شرط في البين و هو خلف الفرض.
لزوال الموضوع بحصول الغرض كما مر.
كل ذلك لانتفاء الموضوع فلا وجه لبقاء الحكم بعد ذلك.
أرسلوا بطلانها بموت الكفيل إرسال المسلمات و يظهر منهم الإجماع عليه و هو صحيح إذا كانت بعنوان مباشرة الكفيل للإحضار بنفسه، و أما أن كان بعنوان الأعم من المباشرة و التسبيب فيمكن أن يقال بانتقال الحق إلى ورثته لأصالة بقاء الحق، أي: حق الإحضار الحاصل بالعقد إلا أن يقال: بأنه ليس من الحقوق القابلة للنقل و الانتقال عرفا فتأمل.
و أما بطلانها بموت المكفول فلزوال الموضوع.
نعم، لو كان غرض صحيح يترتب على رؤية جثته تبقى الكفالة إلى أن يحصل الغرض.
لعموم أدلة الإرث بعد أصالة بقاء الحق.
لزوال موضوع الكفالة، و لصيرورة من وقع العقد غير واجب الوفاء بالنسبة إليه و من وجب الوفاء بالنسبة إليه غير من وقع معه العقد هذا مع عدم إذن الكفيل في ذلك أو إجازته له و لا فالظاهر الصحة و تصير كفالة جديدة.
للإجماع، و قاعدة «نفي الضرر و الضرار» و فحوى ما يأتي في الفرع التالي.
إجماعا و نصا ففي صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي فدفع الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من أيدي الأولياء، فقال عليه السّلام: أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل قيل فإن مات و هم في السجن؟
قال عليه السّلام: فإن مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول۱۲».
لوجود المقتضي و فقد المانع و ظهور الإطلاق و الاتفاق، و حكم باقي المسألة واضح لا يحتاج إلى البيان، و كذا يجوز كفالة واحد عن اثنين أو أكثر كما يجوز العكس أيضا تخييرا أو ترتيبا أو جمعا، و حكم الكل واضح بأدنى التأمل.
فرع: لو توجه إلى شخص دعوى حاضرا و المدعي يريد أن يحبسه لغرض، و تكفل له أحد بأن يطلقه و أن يحضره متى طلبه و الا غرم غرامة خاصة، فهل تكون هذه من الكفالة المعهودة موضوعا أو حكما أو لا يكون منها لا موضوعا و لا حكما، و شاع هذا النحو من الكفالة في هذه الأعصار؟
و الظاهر كونها من الكفالة المعهودة موضوعا لأن المراد بقولهم في تعريفها هي: «التعهد و الالتزام لشخص بإحضار نفس له حق عليها» أو ما قلناه أعم من أن يكون ذلك الشخص غائبا فعلا أو حاضرا و أريد إحضاره بعد مدة نعم الغالب هو الأوّل.
أما المعصية فلمخالفة الوالد و أما ترتب الأثر فلتحقق الموضوع و كذا الكلام في النذر.
لإطلاق الأدلة الشامل لجميع ذلك، و لقاعدة «السلطنة».
لما مر في كتاب البيع من أن الفضولية موافقة للقاعدة تجري في كل عقد إلا ما دل دليل على الخلاف و هو مفقود في المقام.
أما الأوّل فلإطلاق الأدلة، و كذا الأخير؛ و منشأ التردد احتمال أن يكون ذلك من السبيل المنفي في الآية المباركة۱۳.
لأصالة براءة ذمة المكفول له عن ذلك.
و عنه عليه السّلام: أيضا مكتوب في التوراة: «الكفالة ندامة و غرامة»۱4، هذا مع عدم المصلحة الراجحة في البين و إلا فقد تجب كانجاء المؤمن من القتل، و قيل في مدح في ذي الكفل أنه كفل سبعين نبيا من القتل۱٥، كما أنها في غير كفالة اليتيم و نحوه من الضعفاء و الا فقد ورد في مدحها ما تبهر منه و هي غير الكفالة المذكورة.
لعموم أدلة الشروط الجارية في كل عقد إلا ما خرج بالدليل و هو مفقود.
لما تقدم من العموم و تبطل الكفالة بعد انقضاء المدة لا محالة.
لو أنكر الكفيل الكفالة و ادعاها المكفول له فإن ثبت دعوى المدعي بحجة معتبرة يقبل قوله و الا فيحلف المنكر على نفي الكفالة (٦٦).
و الحمد للّه أولا و آخرا.
تمَّ الجزء العشرون بحمد للّه بانتهاء كتاب الكفالة و يبتدئ الجزء الواحد و العشرون بكتاب الدين و القرض.
۲۰۹۰۹، ۹، ۱4۰۳ محمد الموسوي السبزواري.