للنصوص، و الإجماع و يأتي التعرض لبعض تلك النصوص.
يجب قضاء الصّوم ممن فاته (۱) بشروط: و هي: البلوغ، و العقل، و الإسلام، فلا يجب على البالغ ما فاته أيّام صباه (۲). نعم، يجب قضاء اليوم الذي بلغ فيه قبل طلوع فجره (۳) أو بلغ مقارنا لطلوعه إذا فاته صومه (٤)، و أما لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النّهار، فلا يجب قضاؤه (٥)، و إن كان أحوط (٦). و لو شك في كون البلوغ قبل الفجر أو بعده، فمع الجهل بتاريخهما لم يجب القضاء (۷) و كذا مع الجهل بتاريخ البلوغ (۸) و أما مع الجهل بتاريخ الطلوع بأن علم أنّه بلغ قبل ساعة مثلا و لم يعلم أنّه كان قد طلع الفجر أم لا، فالأحوط القضاء، و لكن في وجوبه إشكال (۹). و كذا لا يجب على المجنون ما فات منه أيّام جنونه (۱۰) من غير فرق بين ما كان من اللَّه أو من فعله على وجه الحرمة، أو على وجه الجواز (۱۱)، و كذا لا يجب على المغمى عليه سواء نوى الصّوم قبل الإغماء أم لا (۱۲). و كذا لا يجب على من أسلم عن كفر (۱۳) إلا إذا أسلم قبل الفجر و لم يصم ذلك اليوم، فإنّه يجب عليه قضاؤه (۱٤)، و لو أسلم في أثناء النّهار لم يجب عليه صومه و إن لم يأت بالمفطر، و لا عليه قضاؤه، من غير فرق بين ما لو أسلم قبل الزوال أو بعده (۱٥)، و إن كان الأحوط القضاء إذا كان قبل الزوال (۱٦).
بضرورة المذهب و الدّين.
لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة الدالة على وجوب القضاء.
لشمول إطلاق أدلة وجوب القضاء له أيضا من غير ما يصلح للتقييد.
للأصل بعد عدم وجوب الأداء عليه.
لاحتمال كفاية أصل الملاك في الجملة و لو لم يصل إلى حدّ الوجوب للقضاء و قد تقدم في شرائط وجوب الصوم ما ينفع المقام.
لأنّه من الشك في أصل التكليف، فتجري فيه البراءة.
لأصالة عدم البلوغ إلى ما بعد الطلوع، فلا يجب عليه صوم هذا اليوم لا أداء و لا قضاء.
لأنّ إثبات البلوغ في النهار بأصالة عدم الطلوع في الزمان المشكوك لا يمكن إلا بالأصل المثبت و لا اعتبار به، كما ثبت في محلّه.
للضرورة المذهبية، بل الدينية، و يدل عليه ما يأتي من نصوص الإغماء بالأولوية.
لإطلاق ما دل على نفي القضاء عنه، و لأصالة البراءة و هذا هو المشهور. و نسب إلى الإسكافي وجوبه عليه إن كان بفعله على وجه الحرام، لانصراف دليل نفي القضاء عن هذه الصورة و هو ممنوع، لصدق المجنون عليه حقيقة، فيشمله الدليل قهرا.
لإطلاق الأدلة التي منها صحيح ابن نوح: «كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر، هل يقضي ما فاته أم لا؟ فكتب (عليه السلام): لا يقضي الصوم، و لا يقضي الصلاة»۱، و مثله صحيحة ابن مهزيار۲، و تقدم في شرائط صحة الصوم و وجوبه ما ينفع المقام، فراجع.
للنص، و الإجماع، ففي صحيح العيص قال: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام): عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضى منه
أيام، هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه، أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال (عليه السلام): ليس عليهم قضاء و لا يومهم الذي أسلموا فيه، إلا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر»۳.
و في صحيح الحلبي عنه (عليه السلام) أيضا: «أنّه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان، ما عليه من صيامه؟ قال (عليه السلام): ليس عليه إلا ما أسلم فيه»4. و يدل عليه حديث الجب٥ أيضا فيحمل قوله: «عن رجل أسلم بعد ما دخل من شهر رمضان أيام. فقال (عليه السلام): ليقض ما فاته»٦ على الندب جمعا و إجماعا
للعمومات، و الإطلاقات، و ما تقدم في صحيح العيص.
لعدم الصحة منه، و عدم الوجوب عليه فيما مضى، و عدم الدليل على امتداد وقت النية بالنسبة إليه لما بقي إلا بناء على احتمال امتداد وقت النية لمطلق ذوي الأعذار إلى الزوال، و هو مشكل.
خروجا عن خلاف الشيخ حيث حكم ببقاء وقت النية بالنسبة إليه إلى الزوال، و لكنه لم يأت بدليل يعتمد عليه، هذا إذا لم يأت بالمفطرات و إن أتى بها فلا وجه لامتداد وقت النية بالنسبة إليه حتى بناء على مبنى الشيخ (رحمه اللَّه).
(مسألة ۱): يجب على المرتد قضاء ما فاته أيّام ردته سواء كان عن ملة أم فطرة (۱۷).
للإجماع- كما عن جمع- و أنّه من قطعيات الأصحاب- كما عن آخرين- و لا يبعد أن يقال: إنّ الأصل في صلاة الفريضة، و صوم شهر رمضان القضاء إلا ما خرج بالدليل.
و قد يستدل أيضا بقوله (عليه السلام): «من فاتته فريضة فليقضها»۷، و قوله (عليه السلام): «من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه- إلى أن قال-: يصوم يوما بدل يوم»۸.
و قوله (عليه السلام) في صحيح الحلبي: «إذا كان على الرجل شيء من صوم شهر رمضان فليقضه في أيّ شهر شاء- الحديث-»۹.
في صحيح ابن سنان: «قال (عليه السلام) من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر، فإن قضاه متتابعا فهو أفضل، و إن قضاه متفرّقا فهو حسن»۱۰.
و فيه: أن الأول في الصلاة، و الثاني فيمن سبقت منه النية فأفطر، و الأخيران في بيان كيفية القضاء لا أصل وجوبه فلا وجه للاستدلال بها.
(مسألة ۲): يجب القضاء على من فاته لسكر من غير فرق بين ما كان للتداوي أو على وجه الحرام (۱۸).
لأنّه إفطار عمديّ إن شرب المسكر في حال الصوم و إن كان حدوث السكر في الليل، و أوجب ذلك فوت مقارنة النية لأول الصوم، فيجب القضاء من هذه الجهة. و أما إذا سبق فيه النية، أو كان ذلك في اليوم باستشمام ما يوجب السكر فالقضاء مبنيّ على أنّ ذلك يوجب بطلان الصوم أم لا. و قد تقدم في شرائط صحة الصوم ما ينفع المقام و قد ذكروا في الحدود و القصاص أنّ السكر العمديّ مع الإثم في حكم الصحو فيما عليه.
(مسألة ۳): يجب على الحائض، و النفساء قضاء ما فاتهما حال الحيض و النفاس (۱۹)، و أما المستحاضة فيجب عليها الأداء، و إذا فات منها فالقضاء (۲۰).
بضرورة الفقه إن لم يكن في المذهب، و تدل عليه النصوص الكثيرة۱۱، و تقدم بعضها في الحادي عشر من (فصل أحكام الحائض) من كتاب الطهارة فراجع.
أما وجوب الأداء عليها، فلما تقدم في [مسألة ٤۹] من (فصل فيما يجب الإمساك عنه).
(مسألة ٤): المخالف إذا استبصر يجب عليه قضاء ما فاته و أما ما أتى به على وفق مذهبه، فلا قضاء عليه (۲۱).
أما وجوب القضاء مع الفوت، فلعموم دليل وجوبه الشامل له و لغيره.
و أما عدمه مع الإتيان به على وفق مذهبه، فللنص، و الإجماع. قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «كلّ عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثمَّ منّ اللَّه عليه و عرفه الولاية، فإنّه يؤجر عليه- الحديث-»۱۳ و لازم الأجر عليه هو الإجزاء و عدم وجوب القضاء.
(مسألة ٥): يجب القضاء على ما فاته الصّوم للنوم بأن كان نائما قبل الفجر إلى الغروب من غير سبق نية، و كذا من فاته للغفلة كذلك (۲۲).
لبطلان الصّوم بفقد النية، سواء كان لأجل النوم أو الغفلة فيجب القضاء لا محالة، و قد تقدم في (فصل النية) امتداد وقتها مع العذر في الواجب المعيّن إلى الزوال، و يمتد وقتها اختيارا في المندوب إلى قبيل الغروب، فلا وجه لإطلاق قوله (رحمه اللَّه) «إلى الغروب».
(مسألة ٦): إذا علم أنّه فاته أيّام من شهر رمضان و دار بين الأقلّ و الأكثر يجوز له الاكتفاء بالأقلّ (۲۳)، و لكن الأحوط قضاء الأكثر (۲٤) خصوصا إذا كان الفوت لمانع من مرض أو سفر أو نحو ذلك و كان شكه في زمان زواله، كأن يشك في أنّه حضر من سفره بعد أربعة أيّام أو بعد خمسة أيّام مثلا من شهر رمضان.
لأصالة البراءة عن الأكثر عند دوران التكليف بينه و بين الأقلّ، من غير فرق بين الأقلّ و الأكثر الاستقلالي كما في المقام و الارتباطي، و قد تقدمت هذه المسألة في قضاء الصلاة أيضا.
لأنّه لا ريب في حسن الاحتياط مطلقا و لكن لا دليل على وجوبه في نظائر المقام من عقل أو نقل، بل هما متطابقان على عدم الوجوب، لقبح العقاب بلا بيان، و حديث الرفع۱4.
ثمَّ إنّ منشأ الشك في الأكثر تارة: يكون حدوث العذر المانع عن وجوب الصوم و هل حدث في أول الشهر إلى آخره حتى يجب قضاء تمامه، أو في اليوم العاشر منه- مثلا- حتى يجب قضاء عشرين يوما فقط؟: و أخرى:
يكون منشأه زوال العذر، كما إذا كان مريضا و برئ منه و شك في أنّ البرء كان يوم العشرين؟ فقد يقال: إنّ مقتضى استصحاب بقاء العذر وجوب قضاء الأكثر، و لذا ذهب بعض إلى وجوب الاحتياط في هذه الصورة، و آخر إلى تقوية الوجوب.
و فيه: أنّه من الأصول المثبتة التي لا اعتبار بها، لأنّ نفس بقاء العذر من حيث هو ليس موضوع وجوب القضاء، بل موضوعه عدم تحقق أصل الصّوم أو الصّوم الصحيح، و إثبات ذلك باستصحاب بقاء العذر يكون مثبتا، فلا فرق بين الصورتين، و كذا لا فرق بين ما إذا علم المقدار ثمَّ نسي، و ما إذا لم يعلم به أصلا، لأنّ الشك في أصل التكليف بالنسبة إلى الأكثر على أيّ تقدير، و قد تقدم في [مسألة ۲٦] من (فصل قضاء الصلاة) نظير المقام فراجع.
(مسألة ۷): لا يجب الفور في قضاء و لا التتابع (۲٥). نعم، يستحب التتابع فيه و إن كان أكثر من ستة (۲٦) لا التفريق فيه مطلقا (۲۷) أو في الزائد على الستة (۲۸).
للأصل، و الإطلاق، و الإجماع في كل منهما، و عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح الحلبي: «إذا كان على الرجل شيء من صوم شهر رمضان، فليقضه في أي شهر شاء أياما متتابعة، فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء و ليحص الأيام، فإن فرق فحسن، فإن تابع فحسن»۱٥، و عنه (عليه السلام) أيضا في صحيح ابن سنان: «من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر فإن قضاه متتابعا فهو أفضل، و إن قضاه متفرقا فحسن»۱٦، و عن أبي الحسن (عليه السلام) في خبر الجعفري لا بأس بتفرقة قضاء شهر رمضان»۱۷، و في موثق سماعة: «سألته عمن يقضي شهر رمضان متقطعا قال إذا حفظ أيامه فلا بأس».
لما تقدم من إطلاق صحيح ابن سنان و غيره.
نسبه في الشرائع إلى القيل، و لم يعرف قائله. و لا مدرك له على فرض وجود القائل به قال (عليه السلام): إذا حفظ أيامه فلا بأس»۱۸.
نسب استحباب التفريق في الزائد عليها إلى المفيد، و المرتضى و غيرهما مستندا إلى موثق عمار عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «سألته عن الرجل تكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها؟ فقال (عليه السلام): إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما، و إن كان عليه خمسة فليفطر بينهما أياما و ليس له أن يصوم أكثر من ستة أيام متوالية، و إن كان عليه ثمانية أيام أو عشرة أيام أفطر بينهما أياما»۱۹، و في بعض النسخ بدل الستة «ثمانية». و على أي تقدير لا يدل على المتابعة في الستة و التفريق في الزائد عليها، فلا بد من رده إلى أهله.
(مسألة ۸): لا يجب تعيين الأيّام، فلو كان عليه أيّام فصام بعددها كفى و إن لم يعيّن الأول و الثاني و هكذا (۲۹)، بل لا يجب الترتيب أيضا، فلو نوى الوسط أو الأخير تعيّن و يترتب عليه أثره (۳۰).
للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و تعين الأيام في شهر رمضان للأولية و الثانوية تكويني لا أن يكون قصديا، و لا يعتبر ذلك في القضاء أيضا.
إن كان له أثر غير وجوب أصل القضاء و تفريغ الذمة. و أما مع عدم الأثر، فيكون هذا القصد لغوا و لا يضر بصحة الصوم إن لم يخل بالقربة، و تقدم في مسألة ۲ و ۸ من أول كتاب الصوم ما ينفع المقام.
(مسألة ۹): لو كان عليه قضاء من رمضانين، فصاعدا يجوز قضاء اللاحق قبل السابق (۳۱)، بل إذا تضيق اللاحق بأن صار قريبا من رمضان آخر كان الأحوط تقديم اللاحق (۳۲) و لو أطلق في نيته انصرف إلى السابق و كذا في الأيّام (۳۳).
للأصل بعد عدم الدليل على اعتبار الفورية و التعيين في القضاء.
لما يأتي في مسألة ۱۸.
لعل وجهه أن المرتكز في أذهان المتشرعة في مقام تفريغ الذمة إنّما هو الإتيان بالأول فالأول، و لكن فيه إشكال، لأن ذلك من الأمور القصدية التي لا بد من إحرازها مع أنه لا ثمرة عملية لهذا الانصراف مع فقد الخصوصية و تقدم نظير المقام في موجبات سجود السهو و يأتي مثله في ختام مسائل الزكاة و في المسألة الثالثة عشرة، و لكنه (رحمه اللَّه) أفتى هناك بخلاف المقام فراجع.
و يمكن أن يقال: إن القضاء تابع لكيفية اشتغال الذمة بالأداء و حيث كان اشتغال الذمة بالأداء متدرجا أولا و ثانيا كان القضاء أيضا كذلك، فينطبق قضاء الأول على الأول اشتغالا، و هكذا ما لم يقصد الخلاف.
(مسألة ۱۰): لا ترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصّوم الواجب، كالكفارة و النذر و نحوهما (۳٤). نعم، لا يجوز التطوّع بشيء لمن عليه صوم واجب كما مرّ (۳٥).
للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، فما نسب إلى ابن أبي عقيل من منع صوم النذر و الكفارة لمن عليه قضاء شهر رمضان لا وجه له.
تقدم وجهه في المسألة الثانية من (فصل شرائط صحة الصّوم) فراجع.
(مسألة ۱۱): إذا اعتقد أنّ عليه قضاء فنواه ثمَّ تبيّن بعد الفراغ فراغ ذمته لم يقع لغيره (۳٦)، و أما لو ظهر له في الأثناء، فإن كان بعد الزوال لا يجوز العدول إلى غيره (۳۷) و إن كان قبله، فالأقوى جواز تجديد النية لغيره (۳۸) و إن كان الأحوط عدمه (۳۹).
لأصالة عدم كفاية المنويّ عن غيره إلا ما خرج بالدّليل، و قد تقدم في [مسألة ۲۰] من (فصل النية) في كتاب الصّلاة ما ينفع المقام. نعم، لو قصد التكليف الواقعيّ و وقع الاشتباه في تطبيقه يجزي حينئذ، لأنّه من الخطإ في التطبيق، و تقدم في [مسألة ۲٤] من (فصل نيّة الصّوم) ما يناسب المقام.
لأصالة عدم جواز العدول و عدم تبدل المقصود عما وقع عليه.
نعم، لو أراد الصّوم المندوب يجوز له قصده و هو ليس من العدول، بل لبقاء نيته إلى الغروب، كما مرّ في [مسألة ۱۲] من (فصل النية) فراجع.
لبقاء وقت النية في الواجب غير المعيّن اختيارا إلى الزوال، و في الواجب المعيّن مع الجهل و النسيان إليه كما تقدم في [مسألة ۱۲] من (فصل النية).
أصالة عدم جواز العدول، و احتمال عدم شمول ما تقدم في [مسألة ۱۲] من الأخبار للمقام، و لكنّه احتمال ضعيف.
(مسألة ۱۲): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه بمرض، أو حيض، أو نفاس و مات فيه لم يجب القضاء عنه (٤۰) و لكن يستحب النيابة عنه في أدائه (٤۱) و الأولى أن يكون بقصد إهداء الثواب.
للإجماع، و النصوص المستفيضة منها: صحيح ابن مسلم عن أحدهما (عليه السلام): «سألته عن رجل أدركه رمضان و هو مريض فتوفي قبل أن يبرأ. قال (عليه السلام): ليس عليه شيء، و لكن يقضي عن الذي يبرأ ثمَّ يموت قبل أن يقضي»۲۰. و منها: صحيحة الآخر: «سألته عن الحائض تفطر في شهر رمضان أيام حيضها، فإذا أفطرت ماتت. قال (عليه السلام):
ليس عليها شيء»۲۱. و منها: صحيحه أيضا عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام):
«في امرأة مرضت في شهر رمضان، أو طمثت، أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضي عنها؟ قال (عليه السلام): أما الطمث و المرض فلا، و أما السفر فنعم»۲۲، و غيرها من الأخبار۲۳.
فرعان- (الأول): نسب إلى المشهور عدم وجوب القضاء على من فاته بعض شهر رمضان للسفر و مات فيه، لما يأتي في صحيح أبي بصير من دوران وجوب القضاء مدار التمكن من الأداء، و في خبر ابن بكير علل وجوب القضاء على الولي بأن الميت صح و لم يقض فيجب على الولي حينئذ۲4، و يستفاد منه دوران وجوب القضاء مدار صحة الخطاب به.
و لكن يظهر من المقنع، و التهذيب، و ابن سعيد وجوب القضاء عليه، لما تقدم في الصحيح الثالث لمحمد بن مسلم، و مثله صحيح أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام)، و خبر منصور بن حازم عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت، قال (عليه السلام): يقضى عنه و إن امرأة حاضت في شهر رمضان، فماتت لم يقض عنها»۲٥. و حمل مثل هذه الأخبار على الندب من أحسن طرق الجمع في هذا الحكم المخالف، لما أرسلوه إرسال المسلمات من أن وجوب القضاء يدور مدار صحة الخطاب به و مع العدم لا موضوع له. و لا وجه لحمل مثل صحيح ابن مسلم على سفر المعصية، لأنه بلا شاهد و بلا قرينة.
كما أن ما يقال: من أن القضاء ليس تابعا لفعلية الخطاب به، بل يكون تابعا للملاك و هو موجود من مجرد الدعوى، و لكن لا ينبغي ترك الاحتياط.
(الثاني): لا يعتبر الترتيب في قضاء الصوم إجماعا، كما صرّح به في مقامع الفضل، و يقتضيه الأصل و الإطلاق و على هذا لو آجر ثلاثين نفرا- مثلا- لقضاء شهر رمضان عن ميت في يوم واحد تصح الإجارة و تبرأ الذمة، و تأتي الإشارة إليه في كتاب الإجارة إن شاء اللَّه تعالى.
للإطلاقات الدالة على مشروعية أصل النيابة و القضاء، و نسب في المنتهى إلى أصحابنا. و لا دليل على الخلاف إلا ما يأتي من صحيح أبي بصير، و يمكن حمله على نفي الوجوب لا أصل المشروعية و إن كان خلاف المنساق منه.
و عن جمع عدم المشروعية، لصحيح أبي بصير عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوال، فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال (عليه السلام): هل برئت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه. قال (عليه السلام): لا يقضي عنها فإن اللَّه لم يجعله عليها قلت فإني أشتهي أن أقضي عنها و قد أوصتني بذلك.
قال (عليه السلام): كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله اللَّه عليها؟ فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم»۲٦. و الأولى أن يكون ذلك بقصد إهداء الثواب.
(مسألة ۱۳): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه لعذر و استمر إلى رمضان آخر، فإن كان العذر هو المرض سقط قضاؤه على الأصح (٤۲) و كفّر عن كلّ يوم بمدّ (٤۳) و الأحوط مدّان و لا يجزي القضاء عن التكفير (٤٤). نعم، الأحوط الجمع بينهما (٤٥) و إن كان العذر غير المرض- كالسفر و نحوه- فالأقوى وجوب القضاء (٤٦) و إن كان الأحوط الجمع بينه و بين المد (٤۷)، و كذا إن كان سبب الفوت هو المرض و كان العذر في التأخير غيره مستمرّا من حين برئه إلى رمضان آخر، أو العكس فإنّه يجب القضاء أيضا في هاتين الصورتين على الأقوى (٤۸) و الأحوط الجمع خصوصا في الثانية (٤۹).
لنصوص متواترة منها: صحيح ابن مسلم عن الباقرين (عليهما السلام): «سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر. فقالا (عليهما السلام): إن كان برأ ثمَّ توانى قبل أن يدركه رمضان الآخر صام الذي أدركه و تصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين و عليه قضاؤه. و إن كان لم يزل مريضا حتى أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه، و تصدق عن الأول لكل يوم مد على مسكين، و ليس عليه قضاؤه»۲۷، و هو صحيح سندا، و نص دلالة، و في مقام بيان الشرح و التفصيل فيخصص به عموم قوله تعالى فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً .. فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ۲۸ و هذا هو المشهور.
و عن جمع منهم الشيخ، و الحلي، و العلامة وجوب القضاء دون الكفارة مستندا إلى الإجماع المدعى في الخلاف، و إلى خبر الكناني قال: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن رجل عليه من شهر رمضان طائفة، ثمَّ أدركه شهر رمضان قابل. قال (عليه السلام): عليه أن يصوم و أن يطعم كل يوم مسكينا، فإن كان مريضا فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قابل، فليس عليه إلا الصيام إن صح، و إن تتابع المرض فلم يصح، فعليه أن يطعم لكل يوم مسكينا»۲۹ و (فيه): إن إجماع الخلاف موهون بذهاب المشهور إلى الخلاف.
و الخبر معارض بما هو أكثر عددا و أصح سندا، و أوضح دلالة، مضافا إلى وهنه بالإعراض.
و عن ابن الجنيد وجوبهما معا، جمعا بين الأخبار، و لموثق سماعة قال: «سألته عن رجل أدركه رمضان و عليه رمضان قبل ذلك لم يصمه.
فقال (عليه السلام): يتصدق بدل كل يوم من الرمضان الذي كان عليه بمد من طعام، و ليصم هذا الذي أدركه، فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه، فإني كنت مريضا فمر عليّ ثلاث رمضانات لم أصح فيهن ثمَّ أدركت رمضانا آخر فتصدقت بدل كل يوم مما مضى بمد من طعام، ثمَّ عافاني اللَّه تعالى و صمتهن»۳۰. (و فيه): ان الجمع فرع التكافؤ في البين، لترجيح دليل المشهور على غيره من جهات- كما تقدم- و الموثق محمول على الندب، بقرينة صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثمَّ أدرك رمضان آخر و هو مريض، فليتصدق بمد لكل يوم، فأما أنا فإني صمت و تصدقت»۳.
لنصوص كثيرة۳۲، و عليه المشهور، و في بعض الأخبار ذكر المدان۳۳، و طريق الجمع حمله على مطلق الرجحان، فلا وجه لما عن النهاية، و الاقتصاد و غيرهما من تعين المدين.
لظاهر الأدلة، و أصالة عدم الإجزاء إلا مع الدليل عليه و هو مفقود.
لما مر في صحيح ابن سنان المحمول على الرجحان.
لإطلاق أدلة القضاء المقتصر في تقييده على المتيقن و هو المرض فقط. و أما صحيح ابن شاذان عن الرضا (عليه السلام)- في حديث- قال:
«إن قال: فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره، أو لم يقو من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر، وجب عليه الفداء للأول، و سقط القضاء، و إذا أفاق بينهما أو أقام و لم يقضه، وجب عليه القضاء و الفداء؟! قيل: لأن ذلك الصوم إنّما وجب عليه في تلك السنة»۳4 فلا قائل بمفاده من كون السفر كالمرض في الاقتصار على الفداء- كما في الجواهر- فلا بد من رد علمه إلى أهله.
حملا لصحيح ابن شاذان على مجرد الرجحان، و خروجا عن شبهة الخلاف.
لعمومات أدلة القضاء، و إطلاقاتها، و عدم ما يصلح لإيجاب الفداء إلا احتمال شمول صحيح ابن شاذان له، و تقدم وهنه بالهجران، بل مقتضى الأصل عدم الفداء، و لكن استوجه في المدارك ثبوته، و يظهر ذلك من الخلاف أيضا، لاحتمال شمول صحيح ابن سنان له، فعن الصادق (عليه السلام): «من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثمَّ أدرك رمضان آخر و هو مريض فليتصدّق بمدّ لكلّ يوم»۳٥. بدعوى: أنّ العذر في قوله (عليه السلام) «في عذر» عام شامل لجميع الأعذار. و لكنّه مخدوش، لأنّ ذكر المريض في الذيل قرينة على أنّ المراد بالعذر هو المرض.
أما الاحتياط في جميع الصور، فلحسنة على كلّ حال. و أما تخصيص الصورة الثانية، فلاحتمال شمول صحيح ابن سنان لها.
و خلاصة المقال أنّ الأقسام أربعة:
الأول: كون العذر هو المرض مع استمراره إلى رمضان القابل، فيتعيّن فيه الفداء و لا يجزي القضاء عنه، و الأحوط الجمع.
الثاني: كون العذر غير المرض مع استمراره إلى رمضان الآخر، فيتعيّن فيه القضاء، و الأحوط الجمع بينه و بين الفداء.
الثالث: كونه هو المرض ثمَّ تبدل إلى عذر آخر.
الرابع: كونه عذر آخر ثمَّ تبدل إلى المرض و هذان القسمان حكمهما حكم القسم الثاني.
(مسألة ۱٤): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر، بل كان متعمّدا في الترك و لم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر وجب عليه الجمع (٥۰) بين الكفّارة و القضاء بعد الشهر (٥۱)، و كذا إن فاته لعذر و لم يستمر ذلك العذر، بل ارتفع في أثناء السنة و لم يأت به إلى رمضان آخر متعمّدا، و عازما على الترك أو متسامحا و اتفق العذر عند الضيق، فإنّه يجب حينئذ أيضا الجمع، و أما إن كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر، فاتفق العذر عند الضيق فلا يبعد كفاية القضاء، لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أيضا (٥۲). و لا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره (٥۳)، فتحصّل مما ذكر في هذه المسألة و سابقتها أنّ تأخير القضاء إلى رمضان آخر إما يوجب الكفّارة فقط و هي الصورة الأولى المذكورة في المسألة السابقة، و إما يوجب القضاء فقط و هي بقية الصور المذكورة فيها. و إما يوجب الجمع بينهما و هي الصور المذكورة في هذه المسألة. نعم، الأحوط الجمع في الصور المذكورة في السابقة أيضا كما عرفت.
على ما يأتي تفصيله.
الأقسام المذكورة في المتن أربعة: الأول: ترك صوم شهر رمضان عمدا و اختيارا و تأخير القضاء إلى رمضان اللاحق و لا ريب في وجوب القضاء و الكفارة العمدية، لما تقدم في (فصل
المفطرات المذكورة كما أنّها توجب القضاء كذلك توجب الكفارة) فراجع.
و أما الكفارة لتأخير القضاء فإن كانت مترتبة على مجرّد ترك القضاء بين الرمضانين مع التمكن منه فلا ريب في وجوبها أيضا. و أما إذا كانت مترتبة على تركه بينهما مع التمكن منه فيما إذا كان فوت أصل الصّوم لعذر من مرض و نحوه، كما هو مورد جل الأخبار، بل كلّها، فلا تجب- كما قوّاه بعض الأعاظم في حاشية العروة- إذ لا موضوع لوجوبها حينئذ، و مع الشك فمقتضى الأصل عدم الوجوب. و لكن يمكن أن يستظهر الأول بدعوى: أنّ ذكر العذر من المرض و نحوه من باب المثال لمطلق الترك، و من جهة أنّ المسلم لا يقدم على ترك صوم شهر رمضان عن عمد و اختيار لم يذكر ذلك لا أنّ للعذر موضوعية خاصة.
الثاني: من فاته صوم شهر رمضان لعذر و لم يستمر ذلك العذر، بل ارتفع في أثناء السنة و لم يأت به إلى رمضان اللاحق متعمّدا و عازما على الترك، و لا ريب في وجوب القضاء للتمكن منه، كما لا ريب في عدم الكفّارة العمدية، لفرض تحقق العذر في ترك الصّوم، كما لا إشكال في وجوب كفارة تأخير القضاء على المشهور المنصوص.
الثالث: عين القسم الثاني و لكن لم يكن عازما على الترك، بل كان متسامحا فيه، فترك القضاء تسامحا حتّى حصل العذر عند الضّيق، و يجب فيه القضاء و كفارة التأخير أيضا.
الرابع: عين القسم الثالث، و لكن عازما على القضاء و بانيا عليه عند التمكن فاتفق العذر و نسب إلى المشهور- خصوصا بين المتأخرين- كفاية القضاء و عدم وجوب الفداء. و الأخبار الواردة في المقام على قسمين:
الأول: جملة من الإطلاقات، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «فإن كان صح فيما بينهما و لم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا و يتصدّق عن الأول»۳٦، و موثق سماعة: «عن رجل أدركه رمضان و عليه رمضان قبل ذلك لم يصمه؟ فقال (عليه السلام):
يتصدّق بدل كلّ يوم من الرمضان الذي كان عليه بمدّ من الطّعام و ليصم هذا الذي أدركه فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه- الحديث-»۳۷، و صحيح الكناني عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «عن رجل عليه من شهر رمضان طائفة ثمَّ أدركه شهر رمضان قابل؟ قال (عليه السلام): عليه أن يصوم و أن يطعم كلّ يوم مسكينا- الحديث-»۳۸، و صحيح ابن شاذان عن الرضا (عليه السلام):
«و إذا أفاق بينهما أو أقام- أي المسافر- و لم يقضه وجب عليه القضاء و الفداء؟»۳۹.
و مقتضى إطلاق مثل هذه الأخبار وجوب الجمع بين القضاء و الفداء في جميع ما تقدم من الأقسام الأربعة.
الثاني: الأخبار المشتملة على لفظ التواني، و التهاون، و التضييع، كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «إن كان برئ ثمَّ توانى قبل أن يدركه رمضان الآخر صام الذي أدركه و تصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على مسكين و عليه قضاؤه»4۰، و عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في خبر أبي بصير: «و إن صح فيما بين الرمضانين فإنّما عليه أن يقضي الصيام، فإن تهاون به و قد صح فعليه الصّدقة و الصّيام جميعا لكلّ يوم مدّا إذا فرغ من ذلك الرمضان»4۱، و نحوه خبره الآخر4۲.
و في صحيح ابن شاذان: «فإن أفاق فيما بينهما و لم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه و الصوم لاستطاعته»4۳ فإن كان المراد بهذه العناوين مجرّد ترك القضاء مع التمكن منه، فتتفق الأدلة على وجوب الجمع بين القضاء و الفداء في جميع الأقسام الأربعة المزبورة، و إن كان المراد بها عنوانا خاصا زائدا على مجرد الترك فلا فداء في القسم الرابع، لعدم صدقها فيه و يمكن أن يستظهر الأول، لأنّ المسلم المتشرع المتوجه إلى وجوب القضاء عليه و وجوب الفداء مع تركه يبادر إلى القضاء و لا يكون متهاونا و مضيعا و متوانيا.
ثمَّ إنّه نسب إلى ابن إدريس (رحمه اللَّه) عدم الفداء مطلقا بناء على مبناه من عدم اعتبار خبر الواحد، و لعدم قيام الإجماع، و لمرسل سعد عن أبي الحسن (عليه السلام): «عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثمَّ يصح بعد ذلك، فيؤخر القضاء سنة أو أقلّ من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك؟
قال (عليه السلام): أحبّ له تعجيل الصّيام فإن كان أخره فليس عليه شيء»44.
(و فيه): أنّ مبناه فاسد- كما ثبت في الأصول- و المرسل قاصر سندا، و مهجور لدى الأصحاب، و قد أنكر في المعتبر على ابن إدريس أشدّ الإنكار فراجع.
ظهر مما تقدم وجه الاحتياط.
لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و إنّ ذكر المريض- في بعض الأخبار المتقدمة- من باب المثال لمطلق العذر لا الخصوصية و قد ظهر حكم بقية المسألة فيما ذكرناه من الأقسام، فلا وجه لاستيناف الكلام.
(مسألة ۱٥): إذا استمر المرض إلى ثلاث سنين يعني الرمضان الثالث- وجبت كفّارة أخرى للأولى و كفارة أخرى للثانية و يجب عليه القضاء للثالثة إذا استمر إلى آخرها ثمَّ برئ و إذا استمر إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضا و يقضي للرابعة إذا استمر إلى آخرها أي: الرمضان الرابع (٥٤). و أما إذا أخر قضاء السنة الأولى إلى سنين عديدة، فلا تتكرّر الكفّارة بتكرّرها بل تكفيه كفارة واحدة (٥٥).
كلّ ذلك لإطلاق الدليل الشامل لجميع ذلك، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه.
للأصل، و قال في الجواهر: «لا أجد فيه خلافا إلا من الفاضل في المحكيّ من تذكرته»، و حكي عن المبسوط أيضا: «و لم نجد لها دليلا عليه غير ما لا يصح استناده إليها و هو قياس السنة الثانية على الأولى».
أقول: و هو حق، كما لا يخفى.
(مسألة ۱٦): يجوز إعطاء كفّارة أيّام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير واحد (٥٦)، فلا يجب إعطاء كلّ فقير مدا واحد ليوم واحد.
للأصل، و الإطلاق، و عدم ذكر العدد في أدلة كفارة التأخير، كما ذكر في كفارة الإفطار.
(مسألة ۱۷): لا تجب كفّارة العبد على سيّده (٥۷) من غير فرق بين كفارة التأخير و كفّارة الإفطار، ففي الأولى إن كان له مال و أذن له السيّد (٥۸) أعطى من ماله و الا استغفر بدلا عنها، و في كفارة الإفطار يجب عليه اختيار صوم شهرين (٥۹) مع عدم المال و الإذن من السيد، و إن عجز فصوم ثمانية عشر يوما، و إن عجز فالاستغفار.
للأصل بعد عدم كونها من النفقة الواجبة عرفا، كسائر ديونه التي حصلت له باختياره.
لأنّ حجزه عن التصرف في ماله مانع عن استقلاله في التصرف، فلا بد له من الإذن، و مع عدم الإذن يكون غير متمكن، فينتقل إلى الاستغفار.
لأنّه مع تعذر أحد أطراف التخيير يتعيّن الطرف الآخر، و ليس للسيد منعه عنه حينئذ، لأنّه صار واجبا معيّنا.
(مسألة ۱۸): الأحوط عدم تأخير القضاء إلى رمضان آخر مع التمكن عمدا (٦۰) و إن كان لا دليل على حرمته.
ما يمكن أن يستدل به على حرمة التأخير أمور كلّها مخدوشة:
منها: ما حكي عن الغنائم من عدم الخلاف فيها. و يرد: بأنّه ليس من الإجماع المعتبر، إذ كيف يمكن أن يخفى ذلك على المتقدمين الذين هم أساس الإجماع و أصله. نعم، هو من الإجماع المنقول الذي فيه ما فيه.
و منها: أنّ وجوب الكفارة للتأخير يدل على الحرمة (و فيه): أنّ كون العلة التامة المنحصرة في الكفارة هو الذنب ما لم يقم عليه الدليل. نعم، بعض حكم تشريعها فعل العبد ما لا ينبغي أعمّ من الحرمة، كما في قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «كفارة الطيرة التوكل»4٥، و قوله (عليه السلام): «كفارة الضحك: اللهم لا تمقتني»4٦.
و منها: التعبير عن تركه فيما مرّ من الأخبار بالتهاون، و التضييع، و التواني4۷، و كل ذلك من أمارات الحرمة. و (فيه): أنّ كشفه عن كثرة الاهتمام بالشيء مسلّم، و أما الحرمة فلا، لورود مثلها في ترك النوافل من غير عذر4۸ فراجع.
و منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في خبر أبي بصير: «و إن صح فيما بين الرمضانين فإنّما عليه أن يقضي الصيام، فإن تهاون به و قد صح فعليه الصدقة و الصيام جميعا»4۹. و (فيه): أنّ الظهور في أصل الوجوب لا ريب فيه و أما التوقيت فلا يستفاد منه.
و منها: قوله (عليه السلام) في صحيح ابن شاذان في علة وجوب القضاء و الفداء: «لأنّ ذلك الصوم إنّما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر»٥۰.
(و فيه): أنّه إن كان المراد فورية القضاء في الشهر الذي برأ منه فلا يقول أحد به، و إن كان مطلق الوجوب فهو أعمّ من التوقيت، فإثبات التوقيت بمثل هذه الاستظهارات في هذا الأمر العام البلوى مشكل جدّا، مضافا إلى إطلاق قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «فليقضه في أيّ الشهور شاء»٥۱.
و مرسل سعد عن أبي الحسن (عليه السلام) «عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثمَّ يصح بعد ذلك، فيؤخر القضاء سنة أو أقل أو أكثر من ذلك ما عليه في ذلك؟ قال (عليه السلام): أحب له تعجيل الصيام فإن كان أخره فليس عليه شيء»٥۲. فالجزم بالحرمة مشكل، و طريق الاحتياط واضح.
(فروع)- (الأول): لو كان عليه نذر صوم أيام معينة و قضاء شهر رمضان أيضا و لم يمكن الجمع بينهما يقدم صوم النذر.
(الثاني): لو علم أنّه لو صام صوم القضاء قبل شهر رمضان لا يقدر على صيام شهر رمضان- كلا أو بعضا- يقدم، مراعاة صوم شهر رمضان.
(الثالث): يجوز التبرع بفدية الميت. و أما عن الحيّ فهو مشكل كما تقدم في كفارة الإفطار.
(مسألة ۱۹): يجب على وليّ الميت قضاء ما فاته من الصوم (٦۱) لعذر من مرض أو سفر أو نحوهما (٦۲) لا ما تركه عمدا، أو أتى به و كان باطلا من جهة التقصير في أخذ المسائل (٦۳)، و إن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه و إن كان من جهة الترك عمدا. نعم، يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض أن يكون قد تمكن في حال حياته من القضاء و أهمل و إلا فلا يجب لسقوط القضاء حينئذ كما عرفت سابقا (٦٤)، و لا فرق في الميت بين الأب و الأمّ على الأقوى (٦٥)، و كذا لا فرق بين ما إذا ترك الميت ما يمكن التصدّق به عنه و عدمه (٦٦) و إن كان الأحوط في الأول الصدقة عنه برضاء الوارث مع القضاء (٦۷). و المراد بالوليّ هو الولد الأكبر (٦۸) و إن كان طفلا أو مجنونا حين الموت، بل و إن كان حملا (٦۹).
إجماعا، و نصوصا مستفيضة، بل متواترة:
منها: صحيح ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): «عن رجل أدركه رمضان و هو مريض فتوفي قبل أن يبرأ. قال (عليه السلام): ليس عليه شيء، و لكن يقضي عن الذي يبرأ ثمَّ يموت قبل أن يقضي»٥۳.
و منها: صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السلام):
«و في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام، قال (عليه السلام): يقضي عنه أولى الناس بميراثه. قلت: فإن كان أولى الناس به امرأة؟ فقال: لا، إلا الرجال»٥4.
و أما صحيح ابن بزيع عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام): «قلت له:
رجل مات و عليه صوم، يصام عنه أو يتصدّق عنه؟ قال (عليه السلام):
يتصدّق عنه فإنّه أفضل»٥٥.
و كذا خبر أبي مريم الأنصاري عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان، ثمَّ لم يزل مريضا حتى مات، فليس عليه قضاء و إن صح ثمَّ مرض ثمَّ مات، و كان له مال تصدّق عنه مكان كل يوم بمدّ، و إن لم يكن له مال صام عنه وليه»٥٦.
فهما يدلان على لزوم التصدق. و لكن لا بد من طرحهما، لوهنهما بمخالفة الإجماع، و معارضة المستفيضة. فلا وجه لما نسب إلى ابن أبي عقيل من وجوب التصدق.
لإطلاق مثل صحيح البختري الشامل للجميع.
لانصراف الأدلة عنه، و لذكر المرض و السفر في بعضها٥۷، فيكون مقيدا للمطلقات.
و فيه: أنّ الانصراف لا اعتبار به ما لم يوجب ظهور اللفظ في المنصرف إليه، و ذكر السفر و المرض من باب الغالب فلا يصلح لتقييد المطلقات مع إطلاق قوله تعالى وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى*٥۸ غير القابل للتقييد إلا بدليل صحيح، أو نص صريح. و لكن يمكن أن يقال: إنّ قضاء الوليّ نحو إحسان و كرامة، و المقصّر لا يليق بالإحسان و الكرامة، و منه يعلم وجه الاحتياط الآتي.
راجع [مسألة ۱۲ و ۱۳]، و يظهر من المنتهى دعوى الإجماع على سقوط القضاء عن الوليّ في المريض الذي لم يتمكن من القضاء بنفسه و لا بد و أن يكون كذلك، لأنّ قضاء الوليّ متفرع عن تكليف الميت و مع عدم التكليف بالنسبة إليه لا خطابا و لا ملاكا، فلا منشأ للإيجاب على الوليّ.
نسب ذلك إلى المعظم تارة: و إلى الأصحاب أخرى: لصحيح أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضي عنها؟
قال (عليه السلام): أما الطمث و المرض فلا، و أما السفر فنعم»٥۹، و نحوه صحيح ابن مسلم٦۰، و خبر أبي بصير٦۱، و استدل بقاعدة الاشتراك أيضا.
و نوقش في الصحيح بأنّ غاية ما يستفاد منه أصل المشروعية في الجملة، و أما الوجوب فلا. و دعوى: أنّ أصل المشروعية كان مسلّما و إنّما السؤال عن الوجوب، أو أنّه بعد ثبوت أصل المشروعية يثبت الوجوب، لعدم القول بالفضل (مخدوش) بعدم شاهد على أنّ أصل المشروعية كانت مسلّمة، و عدم ثبوت عدم القول بالفصل.
كما أنّ جريان قاعدة الاشتراك في المقام مشكل أيضا، فإنّ المسلّم منها إنّما هو الأحكام الأولية لا الأحكام التحملية عن الغير، كما في المقام. و لذا أنكر ذلك ابن إدريس، و مال إليه الشهيد الثاني، و تردد المحقق.
و لكن يمكن أن يقال: إنّ المراد بالرجل في الأخبار: الأب و ذكره و إرادة الأعمّ منه و من الأم شائع في الأخبار، مع أنّ اهتمام الشارع برعاية حق الأم أكثر من اهتمامه برعاية حق الأب.
نسب ذلك إلى المعظم، بل ادعي الإجماع عليه، لإطلاق جملة من الأخبار، و قد تقدّم بعضها.
و نسب إلى المرتضى (رحمه اللَّه) اشتراط عدم تركه ما يمكن التصدق به و استدل عليه بالإجماع، و خبر أبي مريم: «و إن لم يكن له مال صام عنه وليه»٦۲.
و فيه: أنّه لا وجه لدعوى الإجماع مع ذهاب المعظم إلى الخلاف، و الخبر موافق للعامة و مهجور لدى الأصحاب و معارض بغيره فلا يعتمد عليه.
كما لا اعتماد على ما في المعتبر من قوله: «لوجود الرواية الصريحة المشتهرة و فتوى الفضلاء من الأصحاب». إذ لا وجه للاشتهار و فتوى الفضلاء مع فتوى المعظم بالخلاف.
لأنّه جمع بين الأخبار و الأقوال و لا ريب في حسنه على كلّ حال.
على المشهور، لأنه المتفاهم من الأدلة في المقام عرفا، و يقتضيه قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «يقضيه أفضل أهل بيته»٦۳، و لأنّه المتيقن من الأدلة فيرجع في غيره إلى البراءة و تقدم في صحيح البختري: «قلت: فإن كان أولى الناس بميراثه امرأة؟ فقال (عليه السلام) لا إلا الرجال»٦4، و يشهد له قول بعضهم: «إنّ الحباء في مقابل القضاء» و تقدم في قضاء الصلاة بعض ما ينفع المقام.
للإطلاقات المستفاد منها أنّ ذلك من الموضوعات التي لا تدور مدار فعلية التكليف.
(مسألة ۲۰): لو لم يكن للميت ولد لم يجب القضاء على أحد من الورثة، و إن كان الأحوط قضاء أكبر الذكور من الأقارب عنه (۷۰)
أما عدم الوجوب على الورثة، فلأصالة البراءة.
و أما الاحتياط، فللجمود على قوله (عليه السلام): «يقضي عنه أولى الناس بميراثه»٦٥. و قد عمل به جمع من القدماء منهم المفيد و الصدوقان، بعد فقد الولد الأكبر و أثبتوا وجوب القضاء حتّى على النساء، و الأخير خلاف نص صحيح البختري، و الأول خلاف المتفاهم من مجموع الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض، كما مرّ. و لكن يصلح أمثال ذلك للاحتياط، كما لا يخفى.
(مسألة ۲۱): لو تعدّد الوليّ اشتركا و إن تحمل أحدهما كفى عن الآخر، كما أنّه لو تبرّع أجنبيّ سقط عن الوليّ (۷۱).
كل ذلك لأنّ المناط كله تفريغ ذمة الميت و هو حاصل بأيّ نحو حصل اشتراكا، أو تحملا، أو تبرعا، و يشهد لذلك قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «إذا مات الرجل و عليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهله»٦٦.
و في المرسل: «إنّ امرأة جاءت إلى النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) فقالت:
يا رسول اللَّه إنّ أمي ماتت و عليها صوم أ فأصوم عنها؟ قال (صلّى اللَّه عليه و آله) نعم»٦۷، فإنّ ظهور مثل هذه الأخبار في أنّ المناط مجرّد التفريغ بأيّ نحو حصل مما لا ينكر. نعم، مع عدم قيام أحد به يتعيّن التفريغ على الولد الأكبر لا أن يكون ذلك من الواجبات العينية عليه أولا و بالذات بحيث لا يجزي إتيان الغير أصلا، و كذا تفريغ الذمة عن الديون الخلقية.
(مسألة ۲۲): يجوز للوليّ أن يستأجر من يصوم عن الميت و أن يأتي به مباشرة (۷۲) و إذا استأجر و لم يأت به المؤجر أو أتى به باطلا لم يسقط عن الوليّ (۷۳).
لما تقدم في المسألة السابقة من أنّ المناط كلّه تفريغ ذمة الميت و هو يحصل بالمباشرة كحصوله بالتسبيب بأيّ وجه كان.
للأصل، و للإطلاق، و الاتفاق.
(مسألة ۲۳): إذا شك الوليّ في اشتغال ذمة الميت و عدمه لم يجب عليه شيء، و لو علم به إجمالا و تردد بين الأقلّ و الأكثر، جاز له الاقتصار على الأقلّ (۷٤).
لأصالة البراءة- عقلا و نقلا- عن أصل التكليف بالقضاء في الأول و عن التكليف بالأكثر في الثاني.
(مسألة ۲٤): إذا أوصي الميت باستئجار ما عليه من الصّوم و الصّلاة سقط عن الوليّ بشرط أداء الأجير صحيحا و إلا وجب عليه (۷٥).
أما السقوط بشرط الأداء صحيحا، فلانتفاء موضوع الوجوب بالنسبة إلى الوليّ، فينتفي الحكم بانتفاء الموضوع، لأنّ الواجب عليه إنّما هو التفريغ مع بقاء الاشتغال. و أما مع الفراغ بأيّ نحو أمكن فلا يبقى موضوع للوجوب عليه.
و أما الوجوب عليه مع عدم الإتيان صحيحا، فلبقاء الاشتغال و عدم التفريغ.
فرع: لو شك في أنّ الأجير أتى بالعمل صحيحا أم لا، فمقتضى القاعدة الحمل على الصحة.
(مسألة ۲٥): إنّما يجب على الوليّ قضاء ما علم اشتغال ذمة الميت به، أو شهدت به البينة، أو أقرّ به عند موته (۷٦)، و أما لو علم أنّه كان عليه القضاء و شك في إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمته، فالظاهر عدم الوجوب عليه باستصحاب بقائه (۷۷). نعم، لو شك و هو في حال حياته و أجرى الاستصحاب أو قاعدة الشغل و لم يأت به حتّى مات، فالظاهر وجوبه على الوليّ (۷۸).
لثبوت اشتغال الذمة بالعلم و البينة بلا إشكال، فيجب على الوليّ تفريغها. و أما الإقرار، فمقتضى عموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» اعتباره في المقام أيضا.
و دعوى: أنّ المقام إقرار على الغير لا على النفس (مخدوش) لأنّ الإقرار على الغير الذي لا يسمع إنّما هو فيما إذا كان بمدلوله المطابقيّ مشتملا لإثبات شيء عليه و أما إذا كان من بيان الموضوع لتعلق حكم به، فليس ذلك من الإقرار بالنسبة إلى الغير، فالمقام مثل ما إذا أقرّ بدين أو واجب ماليّ، فيجب على الورثة إخراجه من أصل المال.
بدعوى: أنّ المناط يقين الميت و شكه لا يقين الوليّ و شكه، و صرح (رحمه اللَّه) به في [مسألة ٥] من مسائل ختام الزكاة، و لكنّه لا وجه له، لشمول دليل اعتبار الاستصحاب، ليقين الوليّ و شكه أيضا، و كما أفتي به (رحمه اللَّه) في [مسألة ۱۰٥] من كتاب الحج، و [مسألة ۱] من (فصل الوصية بالحج) فراجع و الكل متحد مدركا و فروعا و استظهارا من الأدلة على ما سيجيء.
لثبوت اشتغال الذمة للميت حينئذ شرعا، فيجب على الوليّ تفريغها و ظهر مما مرّ عدم الفرق بين جريان الاستصحاب بالنسبة إلى نفس الميت أو بالنسبة إلى الوليّ في الوجوب عليه.
(مسألة ۲٦): في اختصاص ما وجب على الوليّ بقضاء شهر رمضان، أو عمومه لكلّ صوم واجب قولان مقتضى إطلاق بعض الأخبار الثاني و هو الأحوط (۷۹).
و قد ذكر شهر رمضان في جملة من الأخبار:
منها: صحيح الصفار «رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان»٦۸ و يمكن حمله على المثال و الغالب، مع إطلاق بعض الأخبار كصحيح حفص عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «في رجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال (عليه السلام): يقضي عنه أولى الناس بميراثه»٦۹، و كخبر الوشاء عن أبي الحسن (عليه السلام): «إذا مات رجل و عليه صيام شهرين متتابعين من علة، فعليه أن يتصدّق عن الشهر الأول، و يقضي الشهر الثاني»۷۰.
و مقتضى إطلاقهما العموم، و قد اختاره الشيخان و المحقق في الشرائع.
و أما حملها على شهر رمضان لذكره بالخصوص في جملة من الأخبار فهو و إن أمكن ثبوتا إلا أنّه خلاف المنساق من صحيح حفص الوارد في مقام بيان القاعدة و الحكم الواقعي. نعم، يمكن دعوى انصرافه عن الصوم الاستيجاري و نحوه. و يبقى على الماتن (رحمه اللَّه) سؤال الفرق بين المقام و بين الصلاة حيث أفتى (رحمه اللَّه) بالوجوب في [مسألة ۱۸] من الصلاة (فصل في قضاء الولي)، و احتاط في المقام.
ثمَّ إنّ ما في خبر الوشاء في الشهرين المتتابعين من قضاء شهر مختص بهذا الخبر فقط و لم يذكر في غيره و قد عمل به الشيخ، و ابن البراج، و أكثر المتأخرين.
و أشكل عليه جمع من متأخري المتأخرين أولا: بضعف السند. و ثانيا: بمخالفته للمستفيضة الدالة على تعيين القضاء مطلقا. و ثالثا: بموافقته للعامة: و يرد الأول بأنّه من قسم الموثق، و الثاني بأنّه يصلح للتقييد و التخصيص، و الأخير بأنّه لم يعلم موافقته لهم في خصوص هذه الصورة.
(مسألة ۲۷): لا يجوز للصائم قضاء شهر رمضان إذا كان عن نفسه: الإفطار بعد الزوال (۸۰)، بل تجب عليه الكفارة به و هي كما مرّ (۸۱): إطعام عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ، و مع العجز عنه صيام ثلاثة أيّام، و أما إذا كان عن غيره بإجارة أو تبرع، فالأقوى جوازه (۸۲) و إن كان الأحوط الترك (۸۳)، كما أنّ الأقوى الجواز في سائر أقسام الصّوم الواجب الموسّع (۸٤) و إن كان الأحوط الترك (۸٥) فيها أيضا، و أما الإفطار قبل الزّوال، فلا مانع منه حتّى في قضاء شهر رمضان نفسه (۸٦) إلا مع التعين بالنذر، أو الإجارة، أو نحوهما، أو التضيق بمجيء رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه كما هو المشهور (۸۷).
للإجماع، و النصوص منها، صحيح جميل عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «أنّه قال في الذي يقضي شهر رمضان أنه بالخيار إلى زوال الشمس، فإن كان تطوعا فإنه إلى الليل بالخيار»۷۱، و مثله رواية إسحاق بن عمار قال (عليه السلام): «الذي يقضي شهر رمضان هو بالخيار في الإفطار ما بينه و بين أن تزول الشمس، و في التطوع ما بينه و بين أن تغيب الشمس»۷۲، و في خبر ابن سنان عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متى ما شئت، و صوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر»۷۳، و كذا موثق عمار عنه (عليه السلام) أيضا: «أنه سئل عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان- إلى أن قال- سئل فإن نوى الصوم ثمَّ أفطر بعد ما زالت الشمس. قال (عليه السلام): قد أساء و ليس عليه شيء إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه»۷4، فإن المنساق منه حرمة الإفطار بعد الزوال. نعم ظاهره نفي الكفارة، فهو من هذه الجهة معارض بنصوص دالة عليها۷٥، و الترجيح معها، كما مر في المسألة الأولى من (فصل المفطرات المذكورة)، كما أنّها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.
و أما خبر أبي بصير عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «في المرأة تقضي شهر رمضان، فيكرهها زوجها على الإفطار فقال (عليه السلام): لا ينبغي أن يكرهها بعد الزوال»۷٦ (ففيه) أولا: أن لفظ «لا ينبغي» ليس ظاهرا في الكراهة في اصطلاحهم. و ثانيا: أنّه يمكن أن يكون بالنسبة إلى خصوص الزوج لا بيان حكم إفطار الزوجة، و على فرضه فهو مخالف للمشهور، فلا وجه لما نسب إلى الشيخ (رحمه اللَّه) من عدم الحرمة بعد الزوال.
كما لا وجه لما نسب إلى ابن عقيل، و أبي الصلاح، و ابن زهرة من الحرمة بعد الزوال أيضا، لتنزيل القضاء منزلة الأصل من هذه الجهة أيضا و لإطلاق موثق زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «سألته عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتى النساء قال (عليه السلام): عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في شهر رمضان، لأنّ ذلك اليوم عند اللَّه من أيام رمضان»۷۷ (و فيه): أن الأول قياس، و الثاني قابل للتقييد بغيره فلا وجه للاستناد إلى إطلاقه.
تقدم ما يتعلق به في المسألة المزبورة فراجع، فلا وجه لما نسب إلى العمانيّ من عدم الكفارة، لما تقدم من موثق عمار.
للأصل بعد انسباق الصّائم عن نفسه من الأدلة و لا دليل على ثبوت الكفارة إلا ما يدعى من قاعدة الإلحاق، و لم يقم دليل على إطلاقها و تعميمها في المقام من كلّ حيثية و جهة، فالمتيقن منها ثبت إجماعهم فيه و في غيره يرجع إلى الأصل.
لاحتمال التعميم و الشمول في القاعدة و هذا المقدار يكفي في حسن الاحتياط.
للأصل، و الإطلاق بعد عدم دليل عليها إلا قاعدة الإلحاق و لا وجه للأخذ بعمومها إلا فيما عملوا به.و أما الاستدلال على عدم الجواز بقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ۷۸ فلا وجه له، لأنّ المراد منه إيجاد العمل باطلا بفقد شرط، أو مقارنة مانع أو مصادفة ما يوجب الإحباط كالكفر و نحوه، و في الجواهر احتمل اختصاصها بالصّلاة فقط، فلا تجري في غيرها، كما لا وجه للاستدلال بإطلاق ما تقدم من صحيح ابن سنان۷۹، لأن المنساق من الفريضة فيها الفريضة الأولية الإلهية.
لاحتمال شمول قاعدة الإلحاق للمقام أيضا، و هذا الاحتمال يكفي في حسن الاحتياط، كما مرّ.
للأصل، و ما تقدم من صحيح ابن سنان۸۰.
كل ذلك لأنّه لا وجه للتعيين و التضيق إلا ذلك، و لكن حرمة الإفطار حينئذ من مجرد الحكم التكليفي و لا يوجب الكفارة، لأن كفارة قضاء شهر رمضان تختص بما بعد الزوال. نعم في النذر المعين يوجب الكفارة بمخالفة النذر و لا ربط لها بكفارة الإفطار.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۲.
- راجع الجزء السابع صفحة: ۲۸۹.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- تقدم ما يتعلق بهذه الرواية في ج: ۷ صفحة: ۲۸٥.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
- راجع الوسائل باب: ۲٥ و ۲٦ من أبواب من يصح منه الصوم.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱4.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱۳.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱٥ و غيره
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱٦ و غيره
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱.
- سورة البقرة: ۱۸4.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
- راجع في صفحة: ۲4٥ و ما بعدها من هذا الجزء.
- راجع في صفحة: ۲4٥ و ما بعدها من هذا الجزء.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۳٥ من أبواب الكفارات حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب الكفارات حديث: ۱.
- تقدم الروايات في صفحة: ۲۹۹.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۲۷ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- الوافي ج: ۲ باب: ٥٥ من كتاب الصوم صفحة: ٥۱.
- راجع الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۷ و ۸.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۲ و 4 و ۱۱.
- سورة فاطر: ۱۸.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱٦.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱.
- سنن ابن ماجه باب: ٥۱ كتاب الصوم.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته حديث: 4.
- الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته حديث: ۱۰.
- الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱ و ۲ و ۳ و ٥.
- الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۳.
- سورة محمد: ۳۳.
- تقدم في صفحة: ۳۱۲.
- تقدم في صفحة: ۳۱۲.