يؤتى بالمندوبات مما لم يذكر فيه نص رجاء، ويترك المكروهات ما لم يكن فيه النص رجاء أيضا، بل الأولى قصد الرجاء فيهما مطلقا، الا إذا ثبت الاستحباب أو الكراهة بدليل معتبر، كما سيأتي عن قريب.
أما الأول فإن يطلب خلوة أو يبعد حتّى لا يرى شخصه (۲)، وأن يطلب مكانا مرتفعا للبول. أو موضعا رخوا (۳) وأن يقدّم رجله اليسرى عند الدخول في بيت الخلاء، ورجله اليمنى عند الخروج (٤). وأن يستر رأسه (٥)، وأن يتقنّع (٦) ويجزئ عن ستر الرأس (۷)، وأن يسمّي عند كشف العورة (۸)، وأن يتكئ في حال الجلوس على رجله اليسرى (۹)، ويفرج رجله اليمنى (۱۰)، وأن يستبرئ بالكيفية التي مرّت (۱۱)، وأن يتنحنح قبل الاستبراء (۱۲)، وأن يقرأ الأدعية المأثورة، بأن يقول عند الدخول: «اللهم إنّي أعوذ بك من الرّجس النّجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم». أو يقول: «الحمد للّه الحافظ المؤدّي». والأولى الجمع بينهما (۱۳). و عند خروج الغائط: «الحمد للّه الذي أطعمنيه طيبا في عافية، وأخرجه خبيثا في عافية» (۱٤). و عند النظر إلى الغائط: «اللهم ارزقني الحلال، وجنّبني الحرام» (۱٥) وعند رؤية الماء: «الحمد للّه الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا» (۱٦).
تأسيا بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وآله فإنّه لم ير على بول، ولا غائط(۱).
و في المرسل: «من أتى الغائط فليستتر»(۲).
و عن الصادق عليه السلام في وصف لقمان الحكيم: «و لم يره أحد من الناس على بول، ولا غائط قط، ولا اغتسال لشدة تستره»(۳).
لقول الصادق عليه السلام: «إنّ من فقه الرجل أن يرتاد موضعا لبوله»(٤)، وعنه عليه السلام أيضا: «كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله أشدّ الناس توقيا للبول، كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير، كراهية أن ينضح عليه البول»(٥).
و المراد بالمرتفع ما اجتمع فيه التراب فارتفع، لا مطلق المرتفع ولو كان حجرا، ويصح التعميم إن كان الارتفاع تسريحيا بحيث لا ينضح البول إلى الشخص.
على المشهور، وعن الغنية دعوى الإجماع عليه، ولم أظفر على نص في المسألة، وعلل بأنّه خلاف المسجد المنصوص فيه العكس(٦).
أما استحباب ستر الرأس، فللاتفاق عليه، ولم يرد نص مشتمل على الستر.
نعم، ورد التغطية في خبر الدعائم: «إنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله كان إذا دخل الخلاء تقنع، وغطّى رأسه، ولم يره أحد»(۷).
و عن المقنعة قال: «إنّ تغطية الرأس إن كان مكشوفا عند التخلّي سنة من سنن النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله»(۸).
و في خبر أبي ذر عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله: «في وصيته له قال: يا أبا ذر أستحيي من اللَّه فإنّي والذي نفسي بيده لأظلّ حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي، استحياء من الملكين اللذين معي- الحديث»(۹).
و كذا ورد التقنع في خبر عليّ بن أسباط عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «إنّه إذا دخل الكنيف يقنع رأسه- الحديث»(۱۰).
و يظهر من خبر أبي ذر أنّ حكمة التقنع الاستحياء من اللَّه تعالى، ومن الملكين.
لما تقدم من خبر ابن أسباط والنبوي.
لظهور الاتفاق عليه، لأنّ القناع أخص من مطلق الستر، فمع تحققه يتحقق الستر أيضا.
روي عن أبي جعفر عليه السلام: «إذا انكشف أحدكم لبول، أو لغير ذلك، فليقل: بسم اللَّه، فإنّ الشيطان يغض بصره عنه حتّى يفرغ»(۱۱).
على المشهور، وادعي عليه الإجماع، وقال في الحدائق: «ذكره جملة من الأصحاب ولم أقف فيه على نص» وأسنده في الذكرى إلى رواية عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله. وقال العلامة في النهاية «لأنّه صلّى اللَّه عليه وآله علّم أصحابه الاتكاء على اليسار». وهما أعلم بما قالا.
كما عن جمع ولعله يكفي ذلك في الاستحباب، بناء على التسامح.
على المشهور، لنصوص تقدم بعضها.
لم يعرف في أحاديث المعصومين عليهم السلام خبر، ولا في كلمات القدماء له أثر- كما في الحدائق- نعم في مفتاح الفلاح، والدروس، من آداب الاستبراء التنحنح ثلاثا، ولعله نحو فعل لجمع البول في المجرى، ثمَّ إخراجه بالاستبراء.
الأول مذكور في خبر أبي بصير(۱۲). والثاني في مرسل الصدوق(۱۳)، وأولوية الجمع، لأنّ: «ذكر اللَّه حسن على كل حال فلا تسأم من ذكر اللَّه»(۱٤)، ولأنّه عمل بكل من الخبرين «و المؤدى» بمعنى المعين، وفي مرسل آخر للصدوق دعاء آخر أطول مما مر(۱٥).
في الفقيه- في حديث-: «و إذا تزحر (انزحر) قال: اللهم كما أطعمتنيه طيبا في عافية فأخرجه منّي خبيثا في عافية»(۱٦)-، والزحر استطلاق البطن- ولم أر بالكيفية المذكورة في المتن، لا في الوسائل ولا في المستدرك.
لما في الفقيه عن عليّ عليه السلام قال: «كان عليّ عليه السلام يقول: ما من عبد الا وبه ملك موكل يلوي عنقه حتّى ينظر إلى حدثه، ثمَّ يقول له الملك: يا ابن آدم هذا رزقك، فانظر من أين أخذته وإلى ما صار. وينبغي للعبد عند ذلك أن يقول: «اللهم ارزقني الحلال وجنّبني الحرام»(۱۷).
لما عن الصادق عليه السلام قال: «: بينا أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالسا مع ابن الحنفيّة، إذ قال: يا محمد ائتني بإناء فيه ماء أتوضأ للصلاة، فأتاه محمد بالماء، فأكفى بيده اليمنى على يده اليسرى، ثمَّ قال:
باسم اللَّه، والحمد للّه الذي جعل الماء طهورا، ولم يجعله نجسا- الحديث-»(۱۸).
وليس فيه ذكر النظر إلى الماء، فلعله استفيد ذلك من أكفاء الماء بيده اليمنى على يده اليسرى. وينبغي أن يعد هذا من المندوبات أيضا، تأسيا بفعل عليّ عليه السلام.
و عند الاستنجاء: «اللهم حصّن فرجي، وأعفّه واستر عورتي و حرمني على النار، ووفقني لما يقرّبني منك، يا ذا الجلال والإكرام» (۱۷). و عند الفراغ من الاستنجاء: «الحمد للّه الذي عافاني من البلاء، وأماط عنّي الأذى» (۱۸). وعند القيام عن محلّ الاستنجاء يمسح يده اليمنى على بطنه، ويقول: «الحمد للّه الذي أماط عنّي الأذى، وهنّأني طعامي وشرابي، وعافاني من البلوى». و عند الخروج أو بعده: «الحمد للّه الذي عرّفني لذته، وأبقى في جسدي قوّته، وأخرج عنّي أذاه، يا لها نعمة، يا لها نعمة، لا يقدّر القادرون قدرها» (۱۹) ويستحب أن يقدّم الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول (۲۰) وأن يجعل المسحات- إن استنجى بها- وترا (۲۱)، فلو لم ينق بالثلاثة وأتى برابع، يستحب أن يأتي بخامس ليكون وترا وإن حصل النقاء بالرابع. وأن يكون الاستنجاء والاستبراء باليد اليسرى(۲۲). و يستحب أن يعتبر ويتفكر في أنّ ما سعى واجتهد في تحصيله وتحسينه كيف صار أذيّة عليه، ويلاحظ قدرة اللَّه تعالى في دفع هذه الأذية عنه، وإراحته منها (۲۳).
وهو مروي عن عليّ عليه السلام كما عن الصادق عليه السلام قال:
«ثمَّ استنجى، اللّهمّ حصّن فرجي، وأعفّه، واستر عورتي، وحرّمني على النّار»(۱۹)، وليس جملة: «وفقني- إلى آخره-» في الخبر نعم هي مذكورة في مصباح المتهجد.
لخبر أبي بصير: «و إذا فرغت فقل: الحمد للّه الذي عافاني من البلاء وأماط عنّي الأذى»(۲۰).
ما ذكره من الدعاء عند القيام عن محل الاستنجاء، مرويّ عن عليّ عليه السلام- في حديث:
«فإذا خرج مسح بطنه، وقال: الحمد للّه الذي أخرج عنّي أذاه، وأبقى فيّ قوّته، فيا لها من نعمة لا يقدّر القادرون قدرها»(۲۱).
و في خبر آخر عنه عليه السلام أيضا: «كان إذا خرج من الخلاء قال:
الحمد للّه الذي رزقني لذته، وأبقى قوّته في جسدي، وأخرج عنّي أذاه، يا لها نعمة، ثلاثا»(۲۲).
و لا يخفى أنّ كل ذلك لا يوافق المتن.
لموثق عمار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «سألته عن الرجل إذا أراد أن يستنجي بالماء يبدأ بالمقعدة أو بالإحليل؟ فقال: بالمقعدة، ثمَّ بالإحليل»(۲۳).
و يشهد له الاعتبار أيضا إن أراد الاستبراء، فإنّ العكس ربما يوجب زيادة التلوث. هذا إذا لم يكن رجحان في العكس من جهة أخرى، والا يقدم الاستنجاء من البول.
لخبر الهاشميّ عن عليّ عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله إذا استنجى أحدكم، فليوتر بها وترا إذا لم يكن الماء»(۲٤).
و إطلاقه يشمل الخامس، والسابع وهكذا، وقد ورد استحباب الوتر في الاكتحال أيضا(۲٥)، كما ورد: «إنّ اللَّه وتر يحب الوتر»(۲٦).
على المشهور، لما ورد عنه صلّى اللَّه عليه وآله: «أنّه كانت يمناه لطهوره وطعامه، ويسراه لخلائه وما كان من أذى ونحوه»(۲۷).
وعن الصادق عليه السلام قال: «نهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله أن يستنجي الرجل بيمينه»(۲۸).
وفي الدروس: استحباب الاستنجاء باليسرى، هذا في الاستنجاء.
وأما الاستبراء فقد ورد عن أبي جعفر عليه السلام: «إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه»(۲۹).
ويمكن استفادته مما تقدم من الأخبار أيضا.
لجملة من الأخبار:
منها: مرسلة الفقيه- في حديث-: «ثمَّ يقول له الملك: يا ابن آدم هذا رزقك، فانظر من أين أخذته، وإلى ما صار- الحديث-»(۳۰).
وفي خبر السكوني: «سألته عن الغائط. فقال عليه السلام: تصغير لابن آدم لكي لا يتكبّر وهو يحمل غائطه معه»(۳۱).
وعن الصادق عليه السلام: «أنّه ليس في الأرض آدميّ الا ومعه ملكان موكلان به فإذا كان على تلك الحال ثنيا رقبته، ثمَّ قالا: يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا إلى ما هو صائر»(۳۲).
ثمَّ إنّه قد أنهى مندوبات التخلي في (ذخيرة العباد) إلى سبعة وأربعين.
فراجع.
و أما المكروهات: فهي استقبال الشمس و القمر بالبول والغائط (۲٤). وترتفع بستر فرجه ولو بيده، أو دخوله في بناء، أو وراء حائط (۲٥). واستقبال الريح بالبول، بل الغائط أيضا (۲٦). والجلوس في الشوارع (۲۷)، أو المشارع (۲۸). أو منزل القافلة (۲۹). أو دروب المساجد (۳۰) أو الدور. أو تحت الأشجار المثمرة، ولو في غير أوان الثمر (۳۱) والبول قائما (۳۲)، وفي الحمام (۳۳)، وعلى الأرض الصلبة (۳٤)، وفي ثقوب الحشرات (۳٥)، و في الماء خصوصا الراكد (۳٦)، وخصوصا في الليل (۳۷)، والتطميح بالبول أي: البول في الهواء (۳۸)، والأكل والشرب حال التخلّي (۳۹)، بل في بيت الخلاء مطلقا (٤۰)، والاستنجاء باليمين (٤۱)، وباليسار إذا كان عليه خاتم فيه اسم اللَّه (٤۲)، وطول المكث في بيت الخلاء (٤۳)، و التخلّي على قبر المؤمنين (٤٤) إذا لم يكن هتكا، والا كان حراما، واستصحاب الدراهم البيض (٤٥)، بل مطلقا إذا كان عليه اسم اللَّه أو محترم آخر (٤٦) الا أن يكون مستورا (٤۷)، والكلام في غير الضرورة (٤۸) الا بذكر اللَّه (٤۹)، أو آية الكرسيّ (٥۰)، أو حكاية الأذان (٥۱)، أو تسميت العاطس (٥۲).
على المشهور، لقول الصادق عليه السلام: «نهى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أن يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه وهو يبول»(۳۳).
و عن عليّ عليه السلام: «نهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس والقمر»(۳٤).
و مرسل الفقيه: «لا تستقبل الهلال، ولا تستدبره يعني في التخلّي»(۳٥).
و في مرسل الكافي: «لا تستقبل الشمس ولا القمر»(۳٦).
و ظاهرها وإن كان الحرمة ولكن السند قاصر عن إثباتها، مع أنّها خلاف المشهور، فما نسب إلى المفيد والصدوق من الحرمة مخدوش.
و الظاهر أنّ التعبير بالفرج في بعض الأخبار إنّما هو باعتبار حال التخلّي، والا فلا كراهة في استقبالها به في غير تلك الحال، فلا مخالفة لتعبير الماتن مع ما عبّر به في الأخبار، كما أنّ دعوى الإجماع على عدم كراهة الاستدبار لا يضرّ بالاستدلال بما مرّ من مرسل الفقيه، لجواز التفكيك في الأخبار في العمل ببعضها، وطرح العمل ببعضها الآخر، للدليل.
و اشتمال الأخبار على خصوص البول، لا يدل على التخصيص به بعد عدم القول بالفصل، وإطلاق بعض الأخبار(۳۷)، والبناء على عدم التقييد في المكروهات.
لأنّ المتفاهم من الأدلة عرفا صورة عدم الستر، ولا فرق في ذلك كله بين الرجل والمرأة، لقاعدة الاشتراك، وظهور الاتفاق.
فعن عليّ عليه السلام: «و لا يستقبل ببوله الريح»(۳۸). وسئل الحسن بن عليّ عليهما السلام: «ما حدّ الغائط؟ قال: ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها»(۳۹).
و قريب منه غيره. وظاهرها وإن كان الحرمة، الا أنّها لا تصلح لإثباتها، لقصور السند، كما أنّ ظاهرها كراهة الاستدبار أيضا.
الشوارع: جمع الشارع وهي الطريق النافذة، ويدل عليه مضافا إلى تنزه العقلاء عن ذلك كله، جملة من الأخبار مثل معتبر عاصم بن حميد عن السجاد عليه السلام:
«تتقي شطوط الأنهار، والطرق النافذة، وتحت الأشجار المثمرة، ومواضع اللعن، فقيل له: وأين مواضع اللعن؟ قال: أبواب الدور»(٤۰).
و في حديث الأربعمائة قال: «لا تبل على المحجة، ولا تتغوط عليها»(٤۱)، وفي حديث المناهي قال: «نهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة، أو على قارعة الطريق»(٤۲).
وهو جمع مشرعة، وهي مورد الماء، لخبر السكوني:
«نهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله أن يتغوط على شفير بئر ماء يستعذب منها، أو نهر يستعذب، أو تحت شجرة فيها ثمرتها»(٤۳).
و في الخبر: «خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد اللَّه عليه السلام وأبو الحسن موسى عليه السلام قائم وهو غلام، فقال له أبو حنيفة: يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال: اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار، ومساقط الثمار، ومنازل النزّال، ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول، وارفع ثوبك، وضع حيث شئت»(٤٤).
لما عن الصادق عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله ثلاث (ثلثة) من فعلهنّ ملعون: المتغوط في ظلّ النزال، والمانع الماء المنتاب، وساد الطريق المسلوك»(٤٥).
لما تقدم في قول السجاد عليه السلام: «أبواب الدور»، وقول أبي الحسن عليه السلام: «اجتنب أفنية المساجد».
لما تقدم في قول عليّ بن الحسين عليه السلام: «و تحت الأشجار المثمرة»، وحديث المناهي: «نهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله أن يتغوط الرجل على شفير بئر يستعذب منها، أو على شفير نهر يستعذب منه، أو تحت شجرة فيها ثمرها»(٤٦).
و أما التعميم في الأشجار المثمرة بالنسبة إلى أوان الثمر، فلإمكان استفادته من الأخبار بدعوى: أنّ ذكر الثمر، والأثمار، ومساقط الثمار ونحو ذلك من التعبيرات ليس في مقام وجود الثمر فعلا، بل المراد بهذه التعبيرات كون الشجرة من ذات الثمار في مقابل الأشجار التي لا تثمر أصلا. نعم، تشتد الكراهة حين وجود الثمر لحضور الملائكة حينئذ، كما في مرسلة الصدوق(٤۷)، ولظهور بعض الأخبار في فعلية الثمر، كقوله عليه السلام: «أو تحت شجرة فيها ثمرتها»(٤۸)، فتكون الكراهة فيما لا ثمرة فيه فعلا أخف، لبعض الإطلاقات. وأما إدخال المقام في مسألة المشتق فهو من تبعيد المسافة بعد إمكان استفادة لحكم من نفس الأخبار.
فعن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي صلّى اللَّه عليه وآله:
«و كره البول على شط نهر جار- إلى أن قال:- وكره أن يحدث الرجل وهو قائم»(٤۹)، وغيره من الأخبار.
و في صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: «من تخلّى على قبر، أو بال قائما، أو بال في ماء قائما، أو مشى في حذاء واحد، أو شرب قائما، أو خلا في بيت وحده، وبات على غمر، فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء اللَّه، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الإنسان وهو على بعض هذه الحالات»(٥۰).
نعم، لا كراهة للمتنور، لأنّه إن بال جالسا خيف عليه الفتق، كما في الخبر(٥۱).
«و كره البول على شط نهر جار- إلى أن قال:- وكره أن يحدث الرجل وهو قائم»(٤۹)، وغيره من الأخبار.
و في صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: «من تخلّى على قبر، أو بال قائما، أو بال في ماء قائما، أو مشى في حذاء واحد، أو شرب قائما، أو خلا في بيت وحده، وبات على غمر، فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء اللَّه، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الإنسان وهو على بعض هذه الحالات»(٥۰).
نعم، لا كراهة للمتنور، لأنّه إن بال جالسا خيف عليه الفتق، كما في الخبر(٥۱).
ليس عليه دليل ظاهر، الا أن يستفاد مما تقدم في الثاني من المندوبات، ولكن عنون في الوسائل: «باب كراهة البول في الصلبة»(٥۳) وذكر فيه ما تقدم من الأخبار(٥٤).
يدل عليه مضافا إلى ظهور الإجماع، ما في الخبر عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله قال: «لا يبولنّ أحدكم في جحر»(٥٥) بتقديم الجيم على الحاء الساكنة وهي ثقبة الحشرات.
لصحيح الفضيل عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري، وكره أن يبول في الماء الراكد»(٥٦).
المحمول على شدة الكراهة، وفي بعض الأخبار: «إنّ البول في الماء الراكد يورث النسيان»(٥۷).
و في الحديث: «نهى النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أن يبول الرجل في الماء الا من ضرورة»(٥۸)، ومثله عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «إنّ للماء أهلا»(٥۹)، وفي حديث المناهي: «إنّ منه ذهاب العقل»(٦۰).
و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام قال: «لا تشرب وأنت قائم، ولا تطف بقبر، ولا تبل في ماء نقيع؟ فإنّه من فعل ذلك، فأصابه شيء فلا يلومنّ الا نفسه، ومن فعل شيئا من ذلك لم يكد يفارقه الا ما شاء اللَّه»(٦۱).
و مقتضى الجمع بين الأخبار أنّ البول مطلقا في الماء مكروه ولكنه في الراكد أشدّ كراهة.
لما قيل من أنّ الماء للجنّ في الليل، هذا كلّه في البول. وأما التغوط في الماء، فلا دليل على كراهته بالخصوص في الماء، إلا أن يستفاد بالأولوية من كراهة البول، أو من عموم كراهته في موضع اللعن.
لخبر السكوني عن الصادق عليه السلام قال: «نهى النبي صلّى اللَّه عليه وآله أن يطمح الرجل ببوله من السطح، ومن الشيء المرتفع في الهواء»(٦۲).
فروع- (الأول): لا فرق في ذلك كله بين الكر والجاري في الأنهار الكبار، كالفرات ودجلة، والأنهار الصغار، للإطلاق.
(الثاني): لو بال في ماء المطر المجتمع يشمله الحكم أيضا، ولو وقف في المطر وبال على الأرض وجرى المطر على إحليله أيضا، ففي شمول الحكم له إشكال. وكذا لو وقف تحت (الدوش) وجرى ماء الدوش على إحليله وبال.
(الثالث): لا فرق في البول بين الكثير والقليل حتى القطرة منه، فيشمل الاستبراء داخل الماء مع خروج قطرة من البول به.
يظهر من صاحب المستند دعوى الإجماع على كراهتهما حينئذ، ويمكن أن يستشهد للأكل بما أرسل عن الصدوق:
«دخل أبو جعفر الباقر عليه السلام الخلاء، فوجد لقمة خبز في القذر، فأخذها، وغسلها، ودفعها إلى مملوك معه، فقال: تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج عليه السلام قال للمملوك: أين اللقمة؟ فقال: أكلتها يا ابن رسول اللَّه. فقال عليه السلام: إنّها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب فأنت حر، فإنّي أكره أن أستخدم رجلا من أهل الجنة»(٦۳).
و أما الشرب، فلم يرد دليل بالخصوص بالنسبة إليه، ويمكن استفادته مما ورد في الأكل، لمناسبة الحكم والموضوع، ولأنّهما في مثل تلك الحالة نوع من المهانة، كما في المستند.
لإمكان استفادته من إطلاق ما مر من الخبر، ولتأبّي نفوس المتشرعة عن ذلك أيضا.
لأنّه من الجفاء، كما في الأخبار(٦٤)، بل وكذا مس الذكر به أيضا مكروه، كما في مرسلة الصدوق(٦٥). والظاهر أنّ المراد بالاستنجاء باليمين مس المحل به، فلا يشمل صب الماء.
لما عن عليّ عليه السلام: «من نقش على خاتمه اسم اللَّه، فليحوّله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضإ»(٦٦)، مع أنّه من سوء الأدب عند المتشرعة.
و أما خبر وهب عن الصادق عليه السلام قال: «كان نقش خاتم أبي: العزة للّه جميعا، وكان في يساره يستنجي بها، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه السلام الملك للّه، وكان في يده اليسرى يستنجي بها»(٦۷)، مطروح، لأنّ وهب من أكذب البرية مع أنّهم عليهم السلام لا يتختمون في يسارهم.
و في خبر أبي أيوب: «قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام أدخل الخلاء وفي يدي خاتم فيه اسم من أسماء اللَّه تعالى؟ قال: لا، ولا تجامع فيه»(٦۸).
و ظاهره الكراهة مع اللبس، كما أنّ ظاهره عدم الاختصاص باسم الجلالة. وأما إن كان غير ملبوس بأن كان في الجيب أو نحوه فلا كراهة، بل ظاهر الخبر الأول عدم الكراهة في اللبس في غير اليد التي يستنجي بها، ويأتي في كراهة استصحاب ما فيه اسم اللَّه مطلقا. ثمَّ إنّ مقتضى الإطلاق ثبوت الكراهة ولو أمن من تلوث الخاتم، وأما مع التلوث فلا إشكال في الحرمة.
لجملة من الأخبار:
منها: رواية محمد بن مسلم قال: «سمعت أبا جعفر يقول: قال لقمان لابنه: طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور. قال: فكتب هذا على باب الحشّ»(٦۹).
و الظاهر عدم الاختصاص ببيت الخلاء، بل يشمل مطلق قضاء الحاجة، لما رواه الطبرسي في (مجمع البيان) عند ذكر حكم لقمان، قال: «و قيل: إنّ مولاه دخل المخرج فأطال فيه الجلوس، فناداه لقمان: طول الجلوس على الحاجة يضجع منه الكبد، ويورث منه الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هونا، وقم هونا»(۷۰).
لما في الحديث من أنّه يتخوف منه الجنون(۷۱)، وليس في الأخبار، ولا في كلمات الفقهاء التقييد بالمؤمن. نعم، إنّه المتيقن من الأدلة وأما الحرمة في صورة الهتك، فلأنّ حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا(۷۲).
لقول الصادق عن أبيه عليهما السلام: «إنّه كره أن يدخل الخلاء ومعه درهم أبيض، إلا أن يكون مصرورا»(۷۳).
و عن بعض أنّه كان اسما لدرهم خاص نقش عليه اسم اللَّه تعالى. ولكنّه من مجرد الدعوى. وعن بعض آخر: إنّه عبارة عن الدرهم الأملس الذي يخرج عن الجيب بأدنى حركة، فالخبر إرشاد إلى التحفظ عليه لئلا يضيع، فلا يكون له ربط بالمقام، ويشهد له قوله عليه السلام: «الا أن يكون مصرورا» ولكنه من مجرد الدعوى أيضا، وخلاف ظاهر كلمات الفقهاء. والظاهر أنّ جميع الدراهم القديمة كان منقوشا عليها اسم اللَّه تعالى، أو آية من القرآن، كما لا يخفى على من راجعها في المتاحف الفعلية. ولعل وجه التخصيص بالأبيض، لشيوعه وغلبة استعماله.
لأنّ الظاهر أنّ المناط في الكراهة التحفظ على الاحترام، فيصح التعدي إلى كل محترم لا بد من احترامه، وهو الموافق لمرتكزات المتدينين أيضا.
هذا استثناء من استصحاب الدرهم لما تقدم في قول الصادق عليه السلام: «الا أن يكون مصرورا»، ولكنه أخصّ من مطلق المستورية.
لخبر صفوان عن الرضا عليه السلام أنّه قال: «نهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله أن يجيب الرجل آخر وهو على الغائط، أو يكلمه حتّى يفرغ»(۷٤)، ومثله غيره. وأما مع عدم الكراهة مع الضرورة، فلظهور الاتفاق عليه، وإمكان دعوى انصراف الأخبار عنه.
لأنّه «حسن على كلّ حال»(۷٥).
لخبر عمر بن يزيد قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن التسبيح في المخرج، وقراءة القرآن. قال: لم يرخص في الكنيف في أكثر من آية الكرسيّ، ويحمد اللَّه، وآية الحمد للّه ربّ العالمين»(۷٦). ويمكن حمله على الأفضلية من سائر الأذكار.
للإطلاقات الدالة على استحباب حكايته مطلقا(۷۷)، وصحيح محمد ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال له:
«يا محمد بن مسلم: لا تدعنّ ذكر اللَّه على كلّ حال. ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر اللَّه عزّ وجلّ، وقل كما يقول المؤذن»(۷۸).
و عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «إن سمعت الأذان وأنت على الخلاء، فقل مثل ما يقول المؤذن، ولا تدع ذكر اللَّه عزّ وجل في تلك الحال- الحديث-»(۷۹).
للإطلاقات المرغبة إليه، كقول النبي صلّى اللَّه عليه وآله: «إذا عطس الرجل فسمّتوه ولو كان من وراء جزيرة»(۸۰).
و قول أبي عبد اللَّه عليه السلام: «للمسلم على أخيه المسلم من الحق أن يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له إذا غاب، ويسمّته إذا عطس»(۸۱).
و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: «و إذا عطس الرجل، فليقل: الحمد للّه لا شريك له، وإذا سميت «سمت» الرجل فليقل يرحمك اللَّه، وإذا رد فليقل: يغفر اللَّه لك ولنا، فإنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله سئل عن آية أو شيء فيه ذكر اللَّه؟ فقال: كلما ذكر اللَّه عزّ وجل فيه فهو حسن»(۸۲).
و يشمله ما ورد في استحباب ذكر اللَّه في الخلاء. ولم أظفر عاجلا على خبر يدل على التسميت فيه. وأما خبر مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام قال:
«كان أبي يقول: إذا عطس أحدكم وهو على خلاء فليحمد اللَّه في نفسه»(۸۳).
فهو لا يدل على تسميت الغير إذا عطس، كما هو المعروف من معنى التسميت.
فروع- (الأول): يجب على المتخلّي رد السلام إن سلّم عليه أحد، لإطلاق دليل وجوبه.
(الثاني): الظاهر استحباب السلام الابتدائي عليه، للعمومات والإطلاقات بعد انصراف كلام المكروه عنه.
(الثالث): الأولى أن يقرأ الأذكار والدعوات سرّا، لما يمكن أن يستفاد من قوله عليه السلام: «فليحمد اللَّه في نفسه»(۸٤).
(الرابع): لا فرق في الكلام المكروه بين القليل والكثير، للإطلاق.
(الخامس): الظاهر شمول الحكم بالكراهة للخاتم المنقوش فيه القرآن، لصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: «سألته عن الرجل يجامع، ويدخل الكنيف وعليه الخاتم فيه ذكر اللَّه، أو الشيء من القرآن، أ يصلح ذلك؟ قال: لا»(۸٥).
(السادس): عن جمع من الفقهاء إلحاق أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام باسم اللَّه تعالى، للمنافاة للتعظيم. وما في خبر معاوية من نفي البأس في اسم محمد صلّى اللَّه عليه وآله.(۸٦) محمول على إدخال الخلاء، لا الاستنجاء به. وعن جامع المقاصد: إلحاق اسم فاطمة الزهراء عليها السلام أيضا.
(السابع): صرّح في ذخيرة العباد بكراهة استصحاب المحترمات الإيمانية والإسلامية في بيت الخلاء، ولعله استفاد المثالية مما ورد في الخاتم فيشمل جميع المحترمات حينئذ. ويمكن أن يستفاد ذلك من خبر ابن عبد الحميد أيضا(۸۷)، لأنّ الملك مما يحترم، واستظهر في الحدائق عن بعض الفقهاء حرمة استصحاب المصحف، ولعله استفاد ذلك من صحيحة ابن جعفر بالأولوية بعد حمله على الحرمة.
(الثامن): لا فرق في كراهة الاستنجاء باليد اليسرى إذا كان فيها خاتم فيه اسم اللَّه بين الاستنجاء للغائط أو البول.
(التاسع): يستحب تقديم الاستنجاء على الطهارة الحدثية، للتأسي وظاهر بعض الأخبار(۸۸).
(العاشر): يستحب مبالغة النساء في الاستنجاء من البول والغائط لما تقدم من قوله صلّى اللَّه عليه وآله: «مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن»(۸۹).
(مسألة ۱): يكره حبس البول (٥۳)، أو الغائط (٥٤). وقد يكون حراما إذا كان مضرّا (٥٥) وقد يكون واجبا، كما إذا كان متوضئا ولم يسع الوقت للتوضؤ بعدهما والصلاة، وقد يكون مستحبا، كما إذا توقف مستحب أهمّ عليه (٥٦).
لما ورد: «و من أراد أن لا يشتكي مثانته فلا يحبس البول ولو على ظهر دابة»(۹۰).
و في الفقه الرضوي: «إذا هاج بك البول فبل»(۹۱).
لم أظفر على دليل لكراهة حبس الغائط، ويمكن أن يستفاد مما ورد في حبس البول.
لحرمة الإضرار بالنفس شرعا، وعقلا.
أما وجوب الحبس فيما إذا كان متوضئا وضاق الوقت عن التخلّي ثمَّ التوضي، لحرمة تفويت المقدمة مع القدرة عليها، ويأتي التفصيل في [مسألة ۱۳] من فصل التيمم إن شاء اللَّه تعالى. ولا بد من التقييد بصورة عدم الضرر. وأما استحباب الحبس إن توقف مستحب أهم عليه، فلأنّ تقديم الأهمّ على المهمّ من الفطريات، كما لا يخفى، وجوبا في الواجب، وندبا في المندوب.
(مسألة ۲): يستحب البول حين إرادة الصّلاة (٥۷)، وعند النوم (٥۸)، وقبل الجماع (٥۹) وبعد خروج المنيّ (٦۰)، وقبل الركوب على الدابة، إذا كان النزول والركوب صعبا عليه، وقبل ركوب السفينة إذا كان الخروج صعبا (٦۱).
لئلا يقع حين الصلاة في مدافعة الأخبثين، كما يأتي في كتاب الصلاة (فصل ينبغي للمصلّي) وكان ينبغي له رحمه اللَّه ذكر الغائط هنا، كما ذكره هناك.
لقول أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام: «ألا أعلّمك أربع خصال تستغني بها عن الطب؟ قال: بلى، قال: لا تجلس على الطعام الا وأنت جائع، ولا تقم من الطعام الا وأنت تشتهيه، وجوّد المضغ، وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب»(۹۲).
ذكره في ذخيرة المعاد، ويمكن أن يستفاد ذلك مما دل على استحباب الوضوء قبل الجماع(۹۳)، ولكنه مشكل. ولم أظفر على دليل في المقام بالخصوص.
يأتي وجهه في (فصل مستحبات غسل الجنابة).
ذكرهما في ذخيرة المعاد، وقد جرت عليهما سيرة المتشرعة، ولعل ذلك يكفي في الاستحباب الشرعي. ولم أظفر على خبر يدل عليه بالخصوص.
(مسألة ۳): إذا وجد لقمة خبز في بيت الخلاء يستحب أخذها و إخراجها، وغسلها ثمَّ أكلها (٦۲).
للرواية المنسوبة إلى أبي جعفر- كما تقدمت- وإلى السجاد، وإلى الحسين بن عليّ، وإلى الحسن بن عليّ عليهم السلام(۹٤).
فوائد- (الأولى): نقلنا عن حديث الأربعمائة، وهو ما رواه ابن مسلم عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن جدّه عن آبائه عليهم السلام: أنّ أمير المؤمنين علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمؤمن في دينه ودنياه.
و نقله الصدوق في الخصال مسندا، ونقل عنه في البحار في كتاب الاحتجاج.
و سنده معتبر فيه قاسم بن يحيى، وهو في جميع الرواة واحد ومعتبر. وحسن بن راشد، وهو مشترك بين أربعة، كلهم معتبرون، وقد اعتمد على حديث الأربعمائة المشهور في أبواب متفرقة، وقد نقله صاحب الوسائل في كتابه في أبواب متفرقة.
و أيضا نقلنا عن وصية النبي صلّى اللَّه عليه وآله وهي مذكورة في الفقيه بتمامها، ونقلها في الوافي في أبواب المواعظ، ونقلها الفقهاء، كما نقلها صاحب الوسائل في أبواب متفرقة. وهذه الوصية قاصرة سندا، لأنّ في سندها أنس بن محمد، وهو مهمل، بل المسمّى بأنس في الرواة ثلاثة وثلاثون وكلهم بين مجاهيل وضعفاء، الا أنس بن حرث، وأنس بن عيّاض. وفي سنده أيضا حماد بن عمرو، وهو مشترك بين ثلاثة، كلّهم مجاهيل.
ثمَّ إنّ وصية النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله اثنتان إحداهما: هذه المشتملة على أحكام متفرقة شتّى. الثانية: ما ورد في خصوص النكاح فقط، ذكرها في الفقيه عن أبي سعيد الخدري، وقال في المسالك: «تفوح من هذه الوصية رائحة الوضع»، وقريب منه في الوافي. وليكن ما قلناه على ذكر منك لتنتفع به في غير مقام.
(الثانية): روي في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا تستحقرنّ بالبول، ولا تتهاوننّ به»(۹٥)، وعن الصادق عليه السلام: «إنّ جل عذاب القبر من البول»(۹٦)، وعن عليّ عليه السلام قال: «عذاب القبر يكون من النميمة، والبول، وعزب الرجل من أهله»(۹۷).
و في معتبرة حفص بن غياث عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله: «أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى- إلى أن قال-: كان لا يبالي أين أصاب البول من جسده»(۹۸).
فإن كان الاستخفاف بالبول لفقد الطهارة فيما يشترط فيها كالصلاة، والطواف، فيصح العقاب حينئذ، لأنّ المشروط ينتفي بانتفاء شرطه، فيكون كما إذا ترك الصلاة أو الطواف الواجب، وإن لم يكن كذلك، فالأخذ بإطلاق مثل هذه الأحاديث مشكل، خصوصا حديث حفص بن غياث.
(الثالثة): تقدم في وصية النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله لأبي ذر: «يا أبا ذر أستحيي من اللَّه، فإنّي والذي نفسي بيده لأظلّ حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي، استحياء من الملكين اللذين معي»(۹۹).
و في خبر ابن عبد الحميد قال: «سمعت الصادق: يقول: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا أراد قضاء الحاجة وقف على باب المذهب، ثمَّ التفت يمينا وشمالا إلى ملكيه، فيقول: أميطا عنّي، فلكما اللَّه عليّ أن لا أحدث حدثا حتّى أخرج إليكما»(۱۰۰).
فما وجه الجمع بينهما؟ ولعله نحو تشريف له صلّى اللَّه عليه وآله من ملازمة الملكين له في تمام حالاته.
ثمَّ: إنّ بعض المندوبات والمكروهات في المقام وفيما يأتي مبنيّ على قاعدة التسامح، فلا بأس بالإشارة إليها إجمالا فنقول: وقد جرت السيرة على أنّ الناس لا يهتمون بغير الإلزاميات في معاشهم ومعادهم، فلو أخبرهم أحد بما كان فعله أو تركه لازما عليهم يتفحصون عن مدركه، ويتأملون في صدقه وعدمه.
و لكن لو أخبرهم شخص بما كان فعله أو تركه راجحا ولا يبلغ حد الإلزام، لا يهتمون في صدق مدركه وعدمه ذلك الاهتمام الذي يبذلونه فيما كان لازما عليهم، بل إن شاءوا يفعلون ما أخبروا برجحان فعله، وإن شاءوا تركوا ما أخبروا برجحان تركه، تسامحا بينهم في صدق الخبر وعدمه، وقد فضل اللَّه تعالى بهذا الذي جبل في نفوسهم، فقال الصادق عليه السلام في الصحيح:
«من بلغه شيء من الثواب من الخير فعمل به كان له أجر ذلك، وإن كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لم يقله»(۱۰۱)، وقال عليه السلام: «من بلغه عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله شيء من الثواب، فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لم يقله»(۱۰۲)، وعنه عليه السلام أيضا «من سمع شيئا من الثواب على شيء، فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه»(۱۰۳).
فجعل لمطلق الانقياد ثوابا، كما جعل الثواب للإطاعة الواقعية، وقد عبّر الفقهاء عما استفادوا من هذه الأخبار: بقاعدة التسامح، فجرت سيرتهم على عدم التدقيق في سند أخبار المندوبات، فيعملون بها حتّى لو لم يكن السند موثوقا به، بل ظاهرهم الفتوى بالاستحباب الشرعي في موردها ولو لم يعمل المكلف بعنوان الرجاء، مع أنّ في بعض تلك الأخبار: «فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه، وإن لم يكن الحديث كما بلغه»(۱۰٤).
و لعلّهم أطلقوا القول بالاستحباب من دون التقييد بالرجاء، لأجل أنّ نوع الناس يعملون المندوبات برجاء الثواب، فاستغنوا عن عمل الناس بالفتوى بذلك. ثمَّ إنّ غالب أخبار الباب يشتمل على الثواب، فيظهر منها الاختصاص بالعبادات، ولكن الظاهر أنّه من باب ذكر الفرد الغالب والأفضل، فيشمل التوصليات أيضا، بل يمكن شمولها لها بالفحوى كما لا يخفى. هذا بعض ما يتعلق بهذه القاعدة والتفصيل يطلب من محله.
- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۳.
- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4۰ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
- مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- باب: ۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- باب: ۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- باب: ۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۹.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- ثواب الأعمال صفحة ۱٦، و أوردها صاحب الوسائل في كتابه باب: ۱٦ من أبواب، الوضوء و لكن مع اختلاف في الألفاظ.
- ثواب الأعمال صفحة ۱٦، و أوردها صاحب الوسائل في كتابه باب: ۱٦ من أبواب الوضوء و لكن مع اختلاف في الألفاظ.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب أحكام الخلوة.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥٥ من أبواب آداب الحمام حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الوضوء حديث: ۱.
- سنن البيهقي ج: ۱ ص: ۱۱۳.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام الخلوة.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام الخلوة.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام الخلوة.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام الخلوة.
- وهما مرسلا الفقيه و الكافي.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱۲ و ۱۰ و ۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱۲ و ۱۰ و ۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱۲ و ۱۰ و ۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۸ و ۳ و ۱۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۸ و ۳ و ۱۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب آداب الحمام حديث: ۳.
- مستدرك الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۷. و في الخصال قال أمير المؤمنين« البول في الحمام يورث الفقر».
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام الخلوة.
- راجع صفحة: ۲۱۷.
- كنز العمال ج: ٥ صفحة: ۸۷.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- مستدرك الوسائل باب: ۱۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل: باب ۱۲ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل: باب ۱۲ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل أبواب: ۲۰ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل أبواب: ۲۰ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- تقدم في صفحة: ۱۸4.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۷.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام الخلوة و راجع حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام الخلوة و راجع حديث: ۷.
- الوسائل باب: 4٥ من أبواب الأذان و الإقامة.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥۷ من أبواب أحكام العشرة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥۷ من أبواب أحكام العشرة حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥۸ من أبواب أحكام العشرة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱۰.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب أحكام الخلوة، و سيأتي في صفحة: ۲۳٦.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب نواقض الوضوء حديث: 4.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۳.
- مستدرك الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- مستدرك الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب آداب المائدة حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الوضوء، و باب: ۱٥٥ من أبواب النكاح.
- راجع الوسائل باب: ۳۹ من أبواب أحكام الخلوة و مستدرك الوسائل باب: ۲۷ من أحكام الخلوة.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب أحكام الخلوة.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۷.