على المشهور، و يقتضيه الاعتبار لأنّه مرشح لأن يكون قائما مقام الوالدين في حماية العيال و حفظ المال و هذا نحو علامة جعلها الشارع لقيامه مقام أحدهما، كما أنّ جعل الحبوة نحو علامة لذلك أيضا للتنبيه على أنّه بمنزلة من مات منهم فلا يتأسفوا لفقده.
و لكن أدلة الباب تشتمل على تعبيرات مختلفة:
منها: مرسل الصدوق: «فليقض عنه من شاء من أهله»۹ و فيه: مضافا إلى قصور السند، و عدم وجود عامل بإطلاق إمكان حمله على مجرد الجواز بقرينة التعليق على المشية.
و منها: صحيح حفص عن الصادق عليه السلام: «في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام. قال عليه السلام: يقضي عنه أولى الناس بميراثه. قلت: فإن كان أولى الناس به امرأة. فقال عليه السلام: لا، إلا الرجال»۱۰.
و في مرسل حماد الوارد في صوم شهر رمضان: «يقضي عنه أولى الناس به»۱۱.
و لفظ الأولى يحتمل معنيين:
الأول: الفرد المعيّن و يعضده الاعتبار و الشهرة، و ما يأتي من مكاتبة الصفار.
الثاني: مطلق الأولى بالميراث في جميع الطبقات. و يرده ما قاله في الجواهر: «بل لم أجد من عمل بهذه النصوص على طبقات الميراث».
أقول: و نسب إلى الدروس اختياره، بل نسبه إلى القدماء. و لكن ضعفه في الجواهر، فراجع. و كيف ينسب إلى القدماء مع استقرار الشهرة على الخلاف.
و منها: خبر أبي بصير قال عليه السلام: «يقضيه أفضل أهل بيته»۱۲.
فإن كان المراد به أكبر فيصير موافقا للمشهور، و إن كان المراد مطلق الأفضل في الكمالات المعنوية، فلا بد من حمله على رجحان اختياره له، لأنّ عباداته أقرب إلى القبول من غيره.
و منها: مكاتبة الصفار إلى العسكري عليه السلام: «رجل مات و عليه
قضاء من شهر رمضان عشرة أيام و له وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا، خمسة أيام أحد الوليين و خمسة أيام الآخر؟ فوقع عليه السلام: يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء اللّه»۱4.
و هذا هو مدرك المشهور، و اشتماله على ما لا يقول به أحد من اعتبار الموالاة لا يضر بعد صحة التفكيك في العمل بالنسبة إلى أجزاء الخبر الواحد.
و كذا ظهوره في عدم الجواز بالنسبة إلى غيره مع أنّ الجواز متفق عليه بين الكلّ، فيصح أن تكون مقيدة لما تقدم من صحيح حفص.
و المتحصّل من مجموع الأخبار الواردة في الباب:
أولا: جواز القضاء لكلّ من شاء من أهله، لما تقدم من مثل المرسل۱٥.
و ثانيا: الأولى لمن هو متصف بالفضائل المعنوية أن يختاره و يبادر إليه، لأنّ عمله أقرب إلى القبول، و هذا أيضا يصير نحو فضيلة له زائدة على فضائله المعنوية.
و ثالثا: أنّ الوجوب إنّما هو بالنسبة إلى أكبر الأولاد من الذكور، و يشهد له الاعتبار الصحيح، و هو الموافق للأصل. و الظاهر أنّ ما ذكرناه هو مراد الفقهاء (قدّس سرّهم) و إن قصرت عبارات بعضهم عن إفادته جدا، و لكنّه مألوف عنهم لا سيّما القدماء، كما لا يخفى على الخبير.