الحيض: حالة طبيعية للنساء تعرضهنّ غالبا في كلّ شهر، يوجب خروج الدم من الرحم في حد مخصوص من السن بين البلوغ و اليأس، و له عوارض تكوينية كثيرة، و أحكام شرعية. و كثرة عوارضه التكوينية أوجبت كثرة أحكامه الشرعية.
فصل في صفاته و شرائطه و هو دم خلقه اللَّه- تعالى- في الرحم لمصالح (۱)، و هو في الغالب (۲) أسود أو أحمر، غليظ، طري، حار يخرج بقوة و حرقة (۳).كما أنّ دم الاستحاضة بعكس ذلك، و يشترط أن يكون بعد البلوغ و قبل اليأس (٤)، فما كان قبل البلوغ أو بعد اليأس ليس بحيض و إن كان بصفاته. و البلوغ يحصل بإكمال تسع سنين (٥). و اليأس ببلوغ ستين سنة في القرشية، و خمسين في غيرها (٦)، و القريشة: من انتسبت إلى نضر بن كنانة (۷) و من شك في كونها قرشية يلحقها حكم غيرها (۸). و المشكوك البلوغ محكوم بعدمه، و المشكوك يأسها كذلك (۹).
عمدتها ترجع إلى مصلحة الجنين- كما تشهد بذلك الأخبار۱ و الآثار- فما دام الجنين في الرحم يصرف الدم في نموه، و إذا خرج يبدل اللَّه- تعالى- صورة الدم إلى اللبن، فيصرف في غذائه و مع فراغ المرأة عن الجنين، و الرضيع، يقذف الرحم الدم إلى الخارج.
الظاهر عدم إمكان التحديد الحقيقي له، لاختلافه اختلافا فاحشا بحسب الأمزجة، و الصحة، و المرض، و الأغذية، حتّى الفصول و الحالات و مراتب السن و غير ذلك مما لا يحصى، فالصفات المذكورة لا محالة تكون غالبية و هي ليست تعبدية شرعية، بل تكوينية تعرفها جميع النساء قررها شرع الإسلام، كما تقدم في صفات المنيّ، و نحوه من موضوعات الأحكام.
لقول أبي عبد اللَّه عليه السلام في صحيح حفص: «إنّ دم الحيض حار عبيط أسود له دفع و حرارة، و دم الاستحاضة أصفر بارد»۲.
و قوله عليه السلام أيضا: «إن كان دما أحمر كثيرا فلا تصلي و ان كان قليلا أصفر فليس عليها إلا الوضوء»۳.
و قوله عليه السلام: «إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش»4 و المراد من العبيط هو الطري. و أما الغلظة فليس منها في الأخبار عين و لا أثر. و إنّما ذكرها جمع، و لعلهم استفادوها مما ورد في دم الاستحاضة من أنّه دم رقيق، فالمقابلة- بين دم الحيض و دم الاستحاضة- تقتضي الغلظة في دم الحيض. و لا يخفى أنّ للغلظة و الرقة مراتب كثيرة متفاوتة، لأنّهما من الأمور الإضافية. و المراد بالقوة هو الدفع الذي ذكر في صحيح حفص. و تقدم أنّ هذه الأمارات ليست تعبدية، بل هي من اللوازم التكوينية الغالبية لدم الحيض عند جميع النساء و هن أعرف بعروض تلك الحالة من غيرهنّ، و لذا قال الصادق عليه السلام: «إنّ دم الحيض أسود يعرف»٥، فأوكله إلى معروفيته لدى النساء و في خبر آخر: «دم الحيض ليس به خفاء»٦.
إلى غير ذلك من الأخبار التي يأتي بعضها.
نصا و إجماعا قال أبو عبد اللَّه عليه السلام في صحيح ابن الحجاج:
«ثلاث يتزوجن على كلّ حال. و عد منها التي لم تحض و مثلها لا تحيض- قال:
قلت: و ما حدها؟ قال عليه السلام: إذا أتى لها أقل من تسع سنين- و التي لم يدخل بها، و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض. قال: قلت: و ما حدها؟ قال عليه السلام: إذا كان لها خمسون سنة»۷.
و هذا أيضا من اللوازم التكوينية التي قررها الشارع. و لا يخفى قصور العبارة فإنّها تشمل الدم المقارن للبلوغ، و أنّه ليس بحيض مع ظهور التسالم على أنّه حيض.
إجماعا، و نصا كما تقدم في صحيح ابن الحجاج.
على المشهور، بل نسب إلى الأصحاب، لقول أبي عبد اللّه عليه السلام فيما تقدم من صحيح ابن الحجاج و في خبر ابن أبي عمير: «إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش»۸.
و عنه عليه السلام أيضا في خبر الحجاج: «إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من الحيض و مثلها لا تحيض»۹.
المحمول على القرشية جمعا بينهما، لشهادة المرسل المقبول: «أنّ القرشية من النساء و النبطية تريان الدم إلى ستين سنة»۱۰.
أرسل ذلك إرسال المسلّمات في الفقه، و اللغة، و عن بعض أنّ قريش هو فهر بن مالك، و عن آخر أنّه قصي. و يمكن الجمع بين الكلمات بأنّ أصل الانتساب حديث من زمان نضر، و الاشتهار و الشيوع حدث من زمان الأخيرين، و في بعض المجامع أنّ قصي جمع شمل قريش و كانت له رئاستهم و سيادتهم، و يظهر منه أنّهم كانوا قبله قبائل متفرقة جمعهم قصي كما يظهر من بعض التواريخ و لا اثر لهذا النزاع في هذه الأزمان، بل و ما قبلها إذ لا يعرف من القرشية إلا الهاشمية فقط كما هو معلوم.
و عن جمع منهم المفيد إلحاق النبطية بالقرشية و نسب إلى المشهور أيضا و لا مدرك لهم إلا ما تقدم من المرسل معتضدا بإطلاق الستين فيما مر من خبر الحجاج، و لكن المرسل قاصر سندا، و الشهرة غير متحققة و إطلاق الستين مقيد بخبر ابن أبي عمير ثمَّ إنّه قد ذكر في نهاية الأرب: «أنّ أهل عمان عرب استنبطوا، و أهل بحرين نبط استعربوا» و لكن اعتبار قوله يحتاج إلى دليل.
لأصالة عدم الانتساب التي هي من الأصول العقلائية، فإنّهم لا يرتبون آثار الانتساب إلى قبيلة عند الشك فيه إلا إذا ثبت الانتساب إليها بطريق معتبر و لا ملزم لإرجاعها إلى الاستصحاب حتّى يقال: إنّه ليس لها حالة سابقة إلا بناء على جريان الأصل في الأعدام الأزلية و هو محلّ البحث و ذلك لأنّ أصالة عدم الانتساب في نفسها أصل مستقل معتبر كأصالة الاحترام في العرض، و المال، هذا مع أنّه قد حقق في محلّه صحة الاستصحاب في العدم الأزلي أيضا.
للأصل فيهما، فلا يكون الدم الخارج منها حيضا في الأول، بخلاف الثاني.
(مسألة ۱): إذا خرج ممن شك في بلوغها دم و كان بصفات الحيض يحكم بكونه حيضا، و يجعل علامة على البلوغ بخلاف ما إذا كان بصفات الحيض و خرج ممن علم عدم بلوغها فإنّه لا يحكم بحيضيته و هذا هو المراد من شرطية البلوغ (۱۰).
إن علم عدم البلوغ فلا وجه لجعل الحيض علامة له، لأنّ العلامة تتبع في مورد التردد، و كذا إن علم البلوغ. نعم، لو كان البلوغ مشكوكا و كان الدم واجدا لصفات الحيض، فيكون أمارة عليه إجماعا.
و عن بعض: إنّ الحيض بنفسه بلوغ، و لو علم بعدم إكمال تسع سنين، فيكون دم الحيض بالنسبة إلى الصبية كخروج المنيّ بالنسبة إلى الصبيّ، لإجماع الغنية، و مرسل الفقيه: «على الصبي إذا احتلم الصيام، و على المرأة إذا حاضت الصيام»۱۱.
و خبر يونس بن يعقوب: «لا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار»۱۲.
و موثق عمار عن الصادق عليه السلام: «سألته عن الغلام متى تجب عليه الصلاة؟ قال عليه السلام: إذا أتى عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك، فقد وجبت عليه الصلاة و جرى عليه القلم. و الجارية مثل ذلك إذا أتى لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك، فقد وجبت عليها الصلاة و جرى عليها القلم»۱۳.
و الكل مخدوش، لأنّ الأول موهون بكثرة المخالف، و معلومية مدركه و الثاني مضافا- إلى قصور سنده- مقيّد بما دل على أنّه لا حيض قبل إكمال تسع سنين و كذا خبر يونس. و الأخير مطروح، لاشتماله على ما لا يقول به أحد.
و بالجملة: ما يدل على أنّه لا حيض قبل إكمال تسع سنين۱4 حاكم على جميع ما ذكر على فرض الاعتبار و الدلالة.
و أما الإشكال عليه بالدور، لأنّ الحيض متوقف على البلوغ توقف المشروط على شرطه، و البلوغ متوقف عليه توقف المكشوف على كاشفة، و هو دور.
ففيه أولا: إمكان كون كلّ من البلوغ، و الحيض معلولا لعلة أخرى و لم يكن بينهما معلولية أبدا.
و ثانيا: أنّ الحيضية متوقفة على البلوغ توقف المعلول على علته، و البلوغ متوقف على الحيض توقف المكشوف على كاشفة، فالتوقف من طرف الحيض ثبوتي و من طرف البلوغ و إثباتي و تختلف جهة التوقف، فلا دور في البين، فيكون تقرير أصل الدور جوابا عنه أيضا.
فتلخص مما تقدم: أنه لا يحكم بحيضية دم خرج مع العلم بعدم البلوغ، أو العلم باليأس، و يشهد لما قلناه ما أثبتوه في حالات النساء في التشريحات الحديثة من تحديد معيّن لزمان خروجه حدوثا و بقاء.
(مسألة ۲): لا فرق في كون اليأس بالستين أو الخمسين بين الحرة و الأمة، و حار المزاج و باردة، و أهل مكان و مكان (۱۱)
لإطلاق الأدلة الشامل للجميل.
(مسألة ۳): لا إشكال في أنّ الحيض يجتمع مع الإرضاع و في اجتماعه مع الحمل قولان، الأقوى أنه يجتمع معه (۱۲) سواء كان قبل الاستبانة أو بعدها (۱۳)، و سواء كان في العادة أو قبلها أو بعدها. نعم، فيما كان بعد العادة بعشرين يوما الأحوط الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة (۱٤).
المرأة إما خالية عن الإرضاع و الحمل، أو متصفة بهما معا، أو بالأول دون الأخير، أو بالعكس، و مقتضى الوقوع الخارجي أنّها في جميع تلك الحالات قد ترى الحيض نادرا، و تكون أندر إن اتصفت بهما معا، و يدل على اجتماع الحيض مع جميع تلك الحالات، إطلاق أدلة الصفات و العادات.
و أما الأخبار الخاصة فهي أقسام:
منها: الصحاح الكثيرة المعمول بها عند المشهور الدالة على اجتماع الحيض مع الحمل، كصحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «عن الحبلى ترى الدم أ تترك الصلاة؟ فقال عليه السلام: نعم، إنّ الحبلى ربما قذفت بالدم»۱٥.
و إطلاقها يشمل ما إذا كان الحمل مع الإرضاع أيضا.
و منها: ما يظهر منه عدم اجتماع الحيض مع الحمل، كصحيح ابن المثنى: «سألت أبا الحسن الأول عن الحبلى ترى الدفقة و الدفقتين من الدم في الأيام و في الشهر و الشهرين فقال عليه السلام: تلك الهراقة ليس تمسك هذه عن الصلاة»۱٦.
و فيه: أنّ ظاهر الدفقة و الدفقتين عدم كونهما مستمرة إلى ثلاثة أيام، فليست بحيض، لعدم استجماعهما لشرائط الحيض، فيكون مورد الصحيح من التخصيص لا التخصيص، و كخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: «قال النبي صلى اللّه عليه و آله: ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل.
يعني: إذا رأت الدم و هي حامل لا تدع الصلاة إلا أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطلق و رأت الدم ترك الصلاة»۱۷.
و فيه: مضافا إلى قصور سنده و وهنه بالإعراض يمكن حمله على الغالي، و على ما إذا كان الدم فاقدا للصفات و الأمارات.
و استدل أيضا بما دل على استبراء الجواري و السبايا بحيضة۱۸ و لو أمكن الاجتماع لا وجه للاستبراء، و بالإجماع على صحة طلاق الحامل، مع بطلان طلاق الحائض.
و يرد الأول: بأنه حكم الظاهري جعل تسهيلا على الناس و يترتب أثر الحمل بعد تبيّن الخلاف كما في جميع موارد تبيّن الخلاف في الأحكام الظاهرية.
و الثاني: بأنّه لو لم يكن تخصيصا لما دل على بطلان طلاق الحائض، فلا وجه للاستناد إلى هذه الوجوه في مقابل ما تقدم من الصحاح المحكمة، بل الوقوع الخارجي في الجملة.
و منها: صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: «سألته عن الحبلى قد استبان حملها ترى ما ترى الحائض من الدم قال: تلك الهراقة من الدم إن كان دما أحمر كثيرا، فلا تصلي و إن كان قليلا أصفر، فليس عليها إلا الوضوء»۲۰ و استند إليه الشيخ رحمه اللّه في الجمع بين القسم الأول من الأخبار بحملها على ما بعد الاستبانة، و القسم الثاني بحملها على ما قبلها و فيه: أنّ الاستبانة مذكورة في كلام السائل و المعروف في المحاورات أنّ مورد السؤال لا يكون مخصصا، لإطلاق الجواب إلا مع وجود دليل عليه من الخارج و هو مفقود، فيكون هذا الجمع من الجمع التبرعي.
و منها: صحيح الصحاف: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّ أم ولدي ترى الدم و هي حامل، كيف تصنع بالصلاة؟ فقال عليه السلام لي: إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فإنّ ذلك ليس من الرحم و لا من الطمث، فلتتوضأ و تحتشي بكرسف و تصلي، و إذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنّه من الحيض، فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها، فإن انقطع عنها الدم قبل ذلك فلتغسل و لتصلّ»۲۰.
و قد عمل به الشيخ رحمه اللّه في النهاية و كتابي الحديث، فأفتى بأنّ ما تراه بعد العادة بعشرين يوما ليس بحيض.
و فيه: أنّه ليس في مقام بين الحكم الواقعي في مقابل ما تقدم من الصحاح المحكمات، و ليس لعدد العشرين موضوعية قطعا و إنّما هو من القرائن الاستظهارية لنفي الحيضية، كما أنّ ما ذكره عليه السلام بقوله: «و إذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت- الحديث» كذلك أيضا.
فالصحيح من أوله إلى آخره في مقام بيان القرائن التي يستظهر منها الحيضية و ما يستظهر منها عدمها بحسب العادة المتعارفة بين النساء.
و منها: موثق عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام: عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم و اليومين؟ قال عليه السلام: إن كان دما عبيطا فلا تصلّ ذينك اليومين، و إن كان صفرة، فلتغتسل عند كل صلاتين»۲۱.
و قريب منه غيره۲۲، و حكي عن الفقيه الاعتماد عليه، فحكم بحيضة واجد الصفة دون فاقدها، و له وجه عند التردد و التحير بحيث سقطت أمارية العادة عن الاعتماد عليها لديهن من جهة غلبة عدم رؤية الحامل للدم، و اختلال العادة في زمان الحمل.
و الباب القول: أنّ الحيض للحامل واقع خارجا و اختلال العادة، بل الأمارات حاصل، و لذا اختلفت الروايات فيه، فما يثبته فإنّما هو باعتبار أصل وقوعه في الجملة، و ما ينفيه، فباعتبار الجهات الخارجية لانّه تخرج العادة و الأمارات عن الانضباط مع وجود الحمل غالبا. و تشهد بذلك التشريحات الحديثة لدماء النساء كما لا يخفي على من راجع الكتب المعدة لذلك.
لإطلاق القسم الأول من الأخبار الصحيحة المعمول بها عند الأصحاب.
إن حصل لها الاطمئنان بأحدهما من الجهات الخارجية، تعمل بما تطمئن به، و إن حصل لها العلم الإجمالي بتردد الدم بين الحيض و الاستحاضة، فالاحتياط موافق للقاعدة و إلا فمنشأه ما تقدم من صحيح الصحاف.
(مسألة ٤): إذا انصب الدم من الرحم إلى فضاء الفرج و خرج منه شيء في الخارج و لو بمقدار رأس إبرة لا إشكال في جريان أحكام الحيض (۱٥)، و أما إذا انصب و لم يخرج بعد- و إن كان يمكن إخراجه بإدخال قطنة أو إصبع- ففي جريان أحكام الحيض إشكال (۱٦)، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أحكام الطاهر و الحائض (۱۷) و لا فرق بين أن يخرج من المخرج الأصلي أو العارضي (۱۸).
لتحقق الموضوع، فيشمله الدليل قهرا سواء كان الخروج بالطبع أو باستعمال شيء يوجب خروج الدم من دواء، أو إبرة، أو غيرهما، للإطلاق الشامل لهما.
من الأصل و إنّ أحكام الحدث- أصغر كان أو أكبر- إنّما تترتب على ما إذا خرج إلى خارج الجسد لا على مجرد الانتقال من محل إلى آخر، فلا موضوع لجريان أحكام الحيض. و من أنّ فضاء الفرج خارج بالنسبة إلى الرحم، مع الاتفاق نصّا، و فتوى على أنّه لو انقطع الدم من الخارج، و شكت في البقاء في الفضاء و عدمه تستبرئ على ما يأتي من التفصيل في [مسألة ۲۳] فيمكن أن يستفاد منه أنّ فضاء الفرج خارج بالنسبة إلى الدم الذي يخرج من الرحم مطلقا من حيث الحدوث و الانقطاع، و لكن استفادة هذه الكلية مشكلة في مقابل الأصل.
للعلم الإجمالي المردد بينهما.
لإطلاق الأدلة الشامل لهما، و قد تقدم التفصيل في الجنابة و التخلي.
(مسألة ٥): إذا شكت في أنّ الخارج دم أو غيره دم أو رأت دما في ثوبها و شكت في أنّه من الرحم أو من غيره- لا تجري أحكام الحيض (۱۹). و إن علمت بكونه دما و اشتبه عليها، فإما أن يشتبه بدم الاستحاضة أو بدم البكارة أو بدم القرحة (۲۰)، فإن اشتبه بدم (۱)الاستحاضة يرجع إلى الصفات (۲۱) فإن كان بصفة الحيض يحكم بأنّه حيض و إلا فإن كان في أيام العادة، فكذلك و إلا فيحكم بأنه استحاضة (۲۲) و إن اشتبه بدم البكارة تختبر بإدخال قطنة في الفرج و الصبر قليلا ثمَّ إخراجها، فإن كانت مطوفة بالدم فهو بكارة، و إن كانت منغمسة به فهو حيض (۲۳)، و الاختبار المذكور واجب فلو صلّت بدونه بطلت و إن تبيّن بعد ذلك عدم كونه حيضا إلا إذا حصل منها قصد القربة بأن كانت جاهلة، أو عالمة أيضا إذا فرض حصول قصد القربة مع العلم أيضا (۲٤) و إذا تعذر الاختبار يرجع إلى الحالة السابقة من طهر أو حيض (۲٥) و إلا فتبني على الطهارة (۲٦) لكن مراعاة الاحتياط أولى (۲۷) و لا يلحق بالبكارة في الحكم المذكور غيرها كالقرحة المحيطة بأطراف الفرج (۲۸). و إن اشتبه بدم القرحة فالمشهور أنّ الدم إن كان يخرج من الطرف الأيسر فحيض و الا فمن القرحة (۲۹)، الا أن يعلم أنّ القرحة في الطرف الأيسر. لكن الحكم المذكور مشكل فلا يترك الاحتياط (۳۰) بالجمع بين أعمال الطاهرة و الحائض. و لو اشتبه بدم آخر حكم عليه بعدم الحيضية إلا أن يكون الحالة السابقة هي الحيضية (۳۱)
لأصالة الطهارة عن حدث الحيض في الموردين، و أصالة عدم الخروج من الرحم في الأخير، و لكنّه نجس على كلّ حال.
لأنّ العلم الإجمالي بكونها إما بول، أو منيّ موجب للعلم التفصيلي بالنجاسة و النقض، فمع الجهل بالحالة السابقة، أو كونها الطهارة تجمع بين الغسل و الوضوء، لقاعدة الاشتغال و مع كونها الحدث الأصغر يكفيها الوضوء، لأصالة بقائه و الشك في حدوث موجب الغسل. هذا إذا علمت بأنّها- لو كانت منيا- يكون منها و أما إن احتملت بأنّه منيّ الرجل قد خرج منها، فلا ريب في النجاسة، و أما من حيث الحدثية، فإن كانت الحالة السابقة معلومة تعمل بها طهارة كانت أو حدثا، أصغر كان أو أكبر. و مع الجهل بها وجب الوضوء لقاعدة الاشتغال و لا يجب الغسل، للأصل.
على تفصيل يأتي في [مسألة ۲۳]، و ما يذكر في حكم تجاوز الدم عن العشرة، و يدل على اعتبار أصل الصفات مضافا- إلى النص، و الإجماع- أنّ التميز بالصفات عند التردد، و الاشتباه من الفطريات البشرية في كل شيء، و لا يختص بمورد خاص و شيء مخصوص، فالإجماع، و النص يرشدان إلى حكم الفطرة لا أن يكون تعبدا شرعيا.
ثمَّ إنّ الحيض من الأمور الطبيعية للنساء في جميع الأعصار و الأزمان و كلّ مذهب و ملة و مقتضى سلامة مزاجهنّ خروجه في دور خاص، و بكمية معينة، و كيفية مخصوصة و مع الاختلال في السلامة يختل ذلك أيضا إما في تمام الجهات، أو في بعضها، فيثبت الاشتباه و يتحقق موضوع التميز و الرجوع إلى الصفات حينئذ. و صفات كل من الحيض، و الاستحاضة معروفة لديهنّ- كمعروفية صفات المنيّ عند الرجال- و يشهد له قول الصادق عليه السلام: «دم الحيض ليس به خفاء»۲۳.
و عنه عليه السلام أيضا في خبر البختري۲4: «دخلت امرأة على أبي عبد اللّه عليه السلام فسألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري أحيض هو أو غيره؟ فقال عليه السلام: إنّ دم الحيض حار- إلى أن بيّن عليه السلام لها صفات الدم- فخرجت و هي تقول: و اللّه أن لو كان امرأة ما زاد على هذا» و في موثق ابن جرير: «فالتفتت إلى مولاتها فقالت؟ أ تراه كان امرأة مرة؟»۲٥.
إلى غير ذلك مما يدل على كون الصفات معروفة لديهنّ و من المعلوم أنهنّ أعرف بسلامة مزاجهنّ و فساده من جهة الدم، فيعرفن صفات دم الاستحاضة عند فساد المزاج أيضا و هذا بالنسبة إلى من رأت منهنّ الدم مرات لا إشكال فيه.
و أما من كان أول رؤيتها له، فإن حصل لها التردد، فترجع طبعا إلى غيرها في معرفة الصفات، من أمها، و أختها، و نحوهما، و هذه أيضا سيرة متعارفة بينهنّ، و حيث إنّ الشارع بيّن تلك الصفات الواقعية، و اللوازم الطبيعية تسهيلا على النساء و دفعا للوسوسة عنهنّ، و نحن نلخّص جملة منها في ضمن أمور- تكون كالقواعد الكلية في دماء النساء- و نتعرّض لجملة أخرى منها في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى.
الأول: نسب إلى المشهور أنّه لا يستفاد مما ورد في التمييز بين دم الحيض، و الاستحاضة قاعدة كلية، لأنها ليست في مقام التشريع، و لأنّ موردها مستمرة الدم، أو المبتدئة فلا تعم جميع الموارد.
و فيه: أنّه لا إشكال في كونها في مقام التشريع و لو إمضاء، و الأصل في بيانات الشارع أن تكون في مقام التشريع الا مع الدليل على الخلاف و كون موردها مستمرة الدم، أو المبتدئة لا ينافي استفادة الكلية منها، لأنّ المورد لا يكون مخصصا- كما هو المعروف- و ذكر المستمرة، و المضطربة، و نحوهما من باب المثال لمطلق الاشتباه لا لخصوصية فيها، مع أنّ عموم البلوى بها للنساء و بناء الشارع على الاهتمام بالبيان في مثل هذه الأمور يقتضي أن يبيّن ضابطة كلية يرجع إليها عند الشك و الاشتباه.
الثاني: قد تقدمت صفات الحيض في أول الفصل. و أما صفات الاستحاضة فهي بخلافها نصّا و فتوى كما يأتي في (فصل الاستحاضة) و قد يذكر الرائحة أيضا من المميزات، فذو الرائحة الكريهة حيض و فاقدها استحاضة و ليس لها أثر في الأخبار و إن كان يشهد لها التجربة، و الاعتبار فتصلح للتميز خصوصا لو حصل الاطمئنان.
الثالث: قال في الجواهر: «قد يحصل الاطمئنان في الحيضية من ملاحظة لوازمه العرفية في بعض الأوقات و لا بأس بالاعتماد عليه و إن لم ينص عليها بالخصوص». و ما أحسن ما قاله رحمه اللّه، لأنّ ما ورد في النصوص ليس من التعبد في شيء، بل من باب الطريق الغالبي لكشف الواقع، فيصح بكلّ ما كشف ذلك.
الرابع: لا اعتبار بالصفات العارضية، فلو أوجد صفات دم الحيض في دم الاستحاضة، أو بالعكس، بالأدوية الحديثة لا أثر له، بل المدار حينئذ على الواقع، لظهور الأدلة في الصفات الذاتية النفسية.
الخامس: مورد التردد بين دم الحيض و الاستحاضة الدم الخارج من الرحم، فلو فرض سد الرحم، أو قلعه بالوسائل الحديثة، فلا مورد لهذا الفرع.
السادس: من المسلّمات عند الفقهاء أنّ كلّ دم كان متصفا بأوصاف الحيض فهو حيض، و كلّما ليس كذلك فهو استحاضة، و جعل ذلك أصلا معتبرا فيهما، فالأصل الأولي في دماء النساء الحيضية، و الأصل بعد عدم الحيضية في دمائهنّ الاستحاضة، و يأتي تفصيل الأصلين إن شاء اللّه تعالى.
السابع: لا ريب أنّ للرحم أحوالا متفاوتة، و إعراضا كثيرة، و للدم الخارج منها إقبال و إدبار، و شدة و ضعف، عبّر عن حالة إقبال الدم في الأخبار بالحيض و عن حالة إدباره بالاستحاضة، و هو الموافق للاعتبار أيضا.
الثامن: علامات الحيض ليست في عرض واحد شرعا و عرفا و اعتبارا بل بعضها مقدمة على الأخرى، فالعادة أقوى الأمارات متقدمة على غيرها، كما يأتي في [مسألة ۱٥].
التاسع: علامات الدماء الستة الخارجة عن المحل ليست تعبدية شرعية بل هي تكوينية دلت عليها التجربة و العلوم الحديثة. و لكن النساء، بل الناس يغفلون عن تعرف الموضوع فضلا عن الحكم، و لمعرفة الموضوع أهل خبرة لا بد من الرجوع إليهم إن لم يكن الشخص عارفا به.
العاشر: أنّه ورد في صحيح ابن حماد الفرق بين دم الحيض و العذرة و نبيّن بعض كلماته. قال خلف بن حماد: «دخلت على موسى بن جعفر عليه السلام بمنى فقلت له: إنّ رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث فلما افتضها سال الدم فمكث سائلا لا ينقطع نحوا من عشرة أيام و إنّ القوابل اختلفن في ذلك، فقال بعضهنّ: دم الحيض. و قال بعضهنّ: دم العذرة- الحديث-»۲٦
جارية معصرة: أي أشرفت على الحيض. و العذرة: غشاء البكارة و الجمع عذر، كغرفة و غرف. و امرأة عذراء كحمراء: أي البكر، و الجمع عذارى كسكارى قال الصادق عليه السلام: «دفن في الحجر مما يلي الركن الثالث عذارى بنات إسماعيل»۲۷ و في حديث بنت يزدجرد «دخلت المدينة فأشرف لها عذارى المدينة و أشرق المسجد بضوئها».
الحادي عشر: أقسام النساء بالنسبة إلى دم الحيض ثمانية: ۱- المبتدئة.
۲- ذات العادة الوقتية و العددية معا. ۳- ذات العادة الوقتية فقط. ٤- ذات العادة العددية فقط. ٥- الناسية للوقت و العدد معا. ٦- الناسية للعدد فقط.
۷- الناسية للوقت فقط. ۸- المضطربة و هي التي رأت الدم مكررا و لم تستقر لها عادة، و قد تطلق المضطربة على المبتدئة و الناسية هذه أصول الأقسام، و لا ثمرة في التقسيم الموضوعي قلّ أو كثر، تداخل بعض الأقسام أو لا، بعد استفادة أحكامها من القواعد و الأخبار على ما يأتي من التفصيل ان شاء اللّه تعالى.
ثمَّ إنّه قال الصادق عليه السلام: «إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله سنّ في الحيض ثلاث سنن بيّن فيها كلّ مشكل لمن سمعها و فهمها حتى لم يدع لأحد مقالا فيه بالرأي- الحديث-»۲۸.
و لا بد و أن يكون كذلك لاهتمامه صلى اللّه عليه و آله بما يختص بنساء أمته خصوصا فيما يعرضهنّ في كلّ شهر، و السنن التي سنّها صلى اللّه عليه و آله مذكورة في مرسل يونس- كما سيجيء، و شرحها أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام شرحا عرفيا وافيا. و أصل القضية مذكور في صحاح العامة أيضا كالبخارى و غيره۲۹ و خبر يونس مذكور بتمامه في الكافي و التهذيب و ذكره كذلك في الوافي و شرحه في الجملة، فيا ليت الفقهاء جعلوه أصلا من الأصول و جعلوا سائر الأخبار كالشرح بالنسبة إليه.
يأتي تفصيل هذا الإجمال في المسائل الآتية إن شاء اللّه تعالى.
نصا، و إجماعا فيهما، و يشهد له الاعتبار أيضا، فإنّ غشاء البكارة ملصقة بأطراف داخل الفرج من تمام الجوانب، فمع زوالها تتلطخ القطنة لا محالة. و أما دم الحيض فيخرج من الرحم، فيثقب فيها قهرا قال أبو الحسن عليه السلام في صحيح خلف: «تستدخل القطنة ثمَّ تدعها مليا ثمَّ تخرجها إخراجا رقيقا، فإن كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة، و إن كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض- الحديث-»۳۰.
و قريب منه صحيح ابن سوقة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «تمسك الكرسف فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم، فإنّه من العذرة، تغتسل و تمسك معها قطنة و تصلي، فإن خرج الكرسف منغمسا بالدم فهو من الطمث- الحديث-»۳۱ فروع- (الأول): كيفية إدخال القطنة للاختبار موكولة إلى المتعارف، و الظاهر اختلافها باختلاف قلة الدم و كثرته، و سائر الجهات- كما أن مقدار المكث، و كيفية الإخراج أيضا مختلفة- بحسب الحالات و العوارض.
(الثاني): يكفي صرف وجود التطويق، و الاستنقاع، للإطلاق الشامل له.
(الثالث): لو لم يعلم في المرة الأولى لزم التكرار حتى يحصل له الاطمئنان.
(الرابع): لو أمكن الاختبار بالأجهزة الحديثة مع كونها موجبة للاطمئنان بأحدهما يجري عليه الحكم، لأنّ إدخال القطنة لا موضوعية فيه بل هو طريق محض لتعرف الحال.
احتمال الوجوب النفسي، و الغيري في الاختبار، منفي بالأصل و تشهد له المرتكزات أيضا من أنّ التفحص و الاختبار طريق محض، لإحراز إتيان العمل مستجمعا للشرائط لا أن يكون واجبا نفسيا، أو شرطا لصحة العمل و حينئذ، فالمناط كلّه كون العمل جامعا للشرائط في الواقع، فمع اجتماع الشرائط يصح و لو بدون الاختبار و مع عدمه لا يصلح و لو معه، فلو تركت الاختبار و حصل منها قصد القربة و سائر الشرائط يصح العمل و لو لم تختبر، و لو فقد قصد القربة أو بعض الشرائط الأخر لا يصح و لو اختبرت، و هذا لباب ما يستفاد من الأدلة، و فتاوى فقهاء الملة، و مرتكزات المتشرعة نعم، لو قلنا بعدم جواز الامتثال الاحتمالي مع التمكن من الامتثال التفصيلي، أو قلنا بحرمة الصلاة ذاتا على الحائض مع تغليب جانب الحرمة عند التردد، و استحقاق المتجرى للعقوبة، لكان لبطلان الصلاة مع عدم الاختبار وجه.
و لكن الكل باطل، كما تقدم بعضه في مباحث الاجتهاد و التقليد، و يأتي بعضه الآخر في المواضع المناسبة له إن شاء اللَّه تعالى.
للاستصحاب المعتبر عند الجميع، و اختصاص ما دل على وجوب الاختبار بحال الإمكان، كما هو المفروض في الأذهان.
لأصالة عدم حرمة المحرّمات الحيضية بالنسبة إليها، و أصالة بقاء أحكام الطاهرة الثابتة قبل خروج الدم- كما في جميع موارد الشك في حدوث الحدث أصغر كان أو أكبر- و لا وجه لاحتمال تبدل الموضوع، لأنّ الموضوع هو الشخص الموجود في الحالتين. و لا يصح التمسك بالعمومات، و الإطلاقات لأنّه من التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية.
و أما الأصول الموضوعية- فأصالة عدم كون الدم الخارج حيضا- لا تجري، لعدم الحالة السابقة و أصالة عدم خروج الدم من الرحم لا تثبت كون الدم من غير الحيض الا بناء على الأصل المثبت الا أن يدعى خفاء الواسطة، كما أنّ إثبات حيضية الدم، بقاعدة الإمكان لا وجه له، لأن القاعدة تجري فيما إذا علم بخروج الدم من الرحم لا فيما إذا شك فيه، فلا أصل في المقام يصح الاعتماد عليه، الا أصالة بقاء الطهارة الثابتة قبل خروج الدم، و أصالة عدم حدوث خصوص الحدث الأكبر، و لا يعارض بأصالة عدم حدوث دم العذرة، إذا لا أثر له بالنسبة إلى الحدثية و بالنسبة إلى النجاسة الخبثية فلا وجه لجريان الأصل، لأنّها معلومة تفصيلا. نعم، لو فرض وجود أثر شرعي لخصوص العذرة أيضا يجري الأصل فيه أيضا و يسقطان بالمعارضة.
لأنه حسن على كلّ حال خصوصا في دماء النساء.
بناء على كون الحكم تعبديا محضا. و أما بناء على ما قلناه من الاعتبار، فلا بأس بالإلحاق، و لو شككنا في أنّه تعبدي أو لا، فالتعبدية قيد مشكوك يرجع فيه إلى الأصل.
لخبر أبان عن الصادق عليه السلام على ما في التهذيب: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: فتاة منّا بها قرحة في فرجها و الدم السائل لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة؟ فقال عليه السلام: مرها فلتستلق على ظهرها ثمَّ ترفع رجليها و تستدخل إصبعها الوسطى، فإن خرج الدم من الجانب الأيسر، فهو من الحيض، و إن خرج من الجانب الأيمن، فهو من القرحة»۳۲.
و مثله الفقه الرضوي۳۳ و في الكافي نقل الحديث بعينه سندا و متنا، لكن مع التعبير بالأيمن في الأول، و الأيسر في الأخير۳4، فاختلف الأنظار، فعن جمع منهم المحقق في المعتبر طرح الحديث، لقصور السند، و اضطراب المتن، و المخالفة للاعتبار، لاحتمال كون القرحة في كلّ واحد من الجانبين. و عن المشهور، بل نسب إلى الأصحاب العمل بالحديث عند اشتباه دم الحيض بالقرحة، بل ظاهر جمع و صريح آخرين أنّ من علامات دم الحيض مطلقا خروجه من الطرف الأيسر. و خلاصة الكلام تقتضي الإشارة إلى جهات:
الأولى: المشهور نقلا، و تحصيلا، بل في جامع المقاصد نسبته إلى الأصحاب التمييز بالطرف عند اشتباه دم الحيض بالقرحة، فإن كان من الأيسر، فحيض، و إن كان من الأيمن، فقرحة و قد اشتهر في علم الأبدان أيضا أنّ منابع الدم الطبيعي في الحيوان مطلقا من الطرف الأيسر، و إن كان يمكن الإشكال فيه بأنّه في الدم الذي به قوام حياة الإنسان، لا ما تقذفه الطبيعة إلى الخارج، و قد شهدت جمع من النساء بذلك أيضا، و قد عمل بخبر التهذيب جمع من نقاد الحديث و خبرائه الذين يستبعد عنهم العمل بغير الحجة المعتبرة، فلا مجال لطرحه، و الرجوع إلى الإطلاقات و الأصول.
الثانية: لا إشكال في أنّ الترجيح مع نسخة التهذيب، للشهرة، و ما تقدم في الجهة الأولى. سواء كان المقام من اشتباه الحجة بغيرها أو من قبيل المتعارضين، إذ لم يعمل بما في نسخة الكافي إلا ابن الجنيد، و تقديم نسخة الكافي على غيره من الكتب الأربعة لكونه أضبط من غيره- حتى قال في الجواهر في مدح الكافي: «و حسن ضبطه على ما يشاهد من كتابه الذي لم يوجد مثله، عكس الشيخ بأنه قد عثر له على كثير من الخلل»- إنّما هو فيما إذا لم تستقر الشهرة على خلاف النسخة، و الأضبطية لا تقاوم الشهرة المحققة على الخلاف خصوصا إذا أيدت بشواهد أخرى كما في المقام.
إن قلت: نقل عن ابن طاوس اتفاق جملة من نسخ التهذيب مع نسخة الكافي، فلا وجه للتقديم حينئذ.
قلت أولا: إنّه معارض بما نقل عن جملة من المحققين من اتفاق نسخ التهذيب على ما هو المشهور و ثانيا: يمكن أن يكون الاتفاق، لأجل عرضها على الكافي و تصحيحها معه، لما كان مسلما في الجملة من أضبطية الكافي، فكانوا يعرضون سائر الكتب عليه.
الثالثة: هل يكون الخروج من الطرف الأيسر من مميزات الحيض مطلقا و لو عند عدم الاشتباه بدم القرحة، فلو لم تكن قرحة في البين و خرج الدم من الأيمن و كان واجدا لصفات الحيض لا يحكم بحيضيته، أو يختص التمييز بالطرف بصورة وجود القرحة؟ ظاهر المحقق في الشرائع و صريح غيره هو الأول و جعله الأولى في الجواهر، أخذا بظاهر الحديث و أنّ مورد السؤال لا يقتضي الاختصاص.
و فيه: أنّ اعتبار الحديث إنّما هو لأجل عمل المشهور و لم يعملوا به في غير مورد الاشتباه بدم القرحة، فيكون الاستناد إليه حينئذ في كون الأيسر علامة للحيض من الاستناد إلى غير الحجة المعتبرة أن يستند إلى ما في علم التشريح من أن تكون الدم من الطرف الأيسر، و هو محتاج إلى مزيد تتبع و تأمل الرابعة: تارة: يعلم بأصل وجود القرحة و يشك في محلّها من أنه الأيمن، و الأيسر. و هذا هو مورد فتوى المشهور بالاختبار بالطرف.
و أخرى: يعلم بأنّها في الطرف الأيسر و لا أثر للاختبار حينئذ أصلا، بل لا بد من الرجوع إلى الصفات.
و ثالثة: يشك في أصل وجود القرحة، و لا بد من الرجوع إلى الأصول و الصفات و حينئذ، إذ لا يصح التمسك بالحديث لانّه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، لأنّ مورده العلم بوجود القرحة.
لأنّ الجزم بفتوى المشهور مع ذلك كلّه مشكل، لما تقدم من المناقشات، كما أنّ الجزم بعدمه أشكل، فلا وجه للرجوع إلى الاستصحاب من هذه الجهة.
أما الأول، فلإصابة عدم حدوث حدث الحيض، و أصالة عدم حدوث أحكام الحائض و أما الثاني فلأصالة بقاء الحالة السابقة، و مع عدم العلم بالحالة السابقة فيجري الأصل الحكمي.
فروع- (الأول): الظاهر أنّه لا خصوصية لإدخال الإصبع، فيجري ما كان مثله كما أنّه لو علم- بالأجهزة الحديثة- كون الدم قرحة، أو حيضا لا يبقى موضوع للاختبار- كما تقدم- و كذا لو علم من جهات أخرى.
(الثاني): لا فرق بين كون القرحة في داخل الرحم، أو في فضاء المجرى ما دام يصدق على محلّها الجوف، للإطلاق الشامل لها أيضا.
(الثالث): الظاهر إلحاق الجرح بالقرح أيضا، و لكنّه مشكل فلا بد من الاحتياط بين أفعال الطاهرة و تروك الحائض.
(الرابع): لو كانت القرحة في ظاهر الجسد و نفذ دمها إلى داخل الفرج و اشتبه بدم الحيض، فلا بد من الاحتياط.
(مسألة ٦): أقل الحيض ثلاثة أيام، و أكثره عشرة (۳۲) فإذا رأت يوما أو يومين أو ثلاثة إلا ساعة- مثلا- لا يكون حيضا (۳۳) كما أنّ أقلّ الطهر عشرة أيام و ليس لأكثره حد (۳٤) و يكفي الثلاثة الملفقة (۳٥)، فإذا رأت في وسط اليوم الأول و استمر إلى وسط اليوم الرابع يكفي في الحكم بكونه حيضا. و المشهور اعتبروا التوالي (۳٦) في الأيام الثلاثة.نعم، بعد توالي الثلاثة في الأول لا يلزم التوالي في البقية (۳۷)، فلو رأت ثلاثة متفرقة في ضمن العشرة لا يكفي و هو محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض فيها (۳۸) و كذا اعتبروا استمرار الدم في الثلاثة و لو في فضاء الفرج. و الأقوى كفاية الاستمرار العرفي (۳۹) و عدم مضريّة الفترات اليسيرة في البين، بشرط أن لا ينقص من ثلاثة، بأن كان بين أول الدم و آخره ثلاثة أيام و لو ملفقة، فلو لم تر في الأول مقدار نصف ساعة من أول النهار و مقدار نصف ساعة في آخر اليوم الثالث لا يحكم بحيضيته (٤۰) لأنه يصير ثلاثة إلا ساعة مثلا. و الليالي المتوسطة داخلة (٤۱) فيعتبر الاستمرار العرفي فيها أيضا، بخلاف ليلة اليوم الأول و ليلة اليوم الرابع (٤۲)، فلو رأت من أول نهار اليوم الأول إلى آخر نهار اليوم الثالث كفى.
للنصوص الكثيرة فيهما، و عن المعتبر: «إنّه مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السلام». قال أبو عبد اللَّه عليه السلام في صحيح ابن عمار: «أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام و أكثره ما يكون عشرة أيام»۳٥.
و ما يظهر منه الخلاف محمول، أو مطروح، كموثق ابن عمار قال:
«سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم و اليومين؟ قال عليه السلام: إن كان الدم عبيطا، فلا تصلي ذينك اليومين»۳٦.
و صحيح ابن سنان: «إنّ أكثر ما يكون من الحيض ثمان- الحديث-»۳۷.
و يمكن حمل الأخير على أكثر ما يقع في الخارج، و الأول على ما إذا جعل الاطمئنان بالبقاء إلى ثلاثة أيام.
لأنّه مقتضى التحديد بالحد الخاص المعيّن مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.
أما الأول، فلإجماع و النصوص قال أبو عبد اللَّه عليه السلام:
«أدنى الطهر عشرة أيام»۳۸.
و قال عليه السلام أيضا: «لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام»۳۹.
و قال أبو جعفر في صحيح ابن مسلم: «لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد- الحديث-»4۰.
و أما الثاني، فللأصل و لدعوى الإجماع عن جمع من الأعيان. و دعوى الوجدان عن جماعة من النساء، و إطلاق ما تقدم من قول أبي جعفر في صحيح ابن مسلم. و ما عن أبي الصلاح- من تحديده بثلاثة أشهر- محمول على الغالب و الا فلا دليل عليه.
لعدم انضباط حدوث الدم و انقطاعه بحد خاص و وقت مخصوص بل يختلفان اختلافا فاحشا، فلا بد إما من القول بعدم التحيض بمجرد رؤية الدم، و هو خلاف النص و الفتوى، بل خلاف وجدان النساء المتدينات. أو القول بكفاية التلفيق، لأنّ الأدلة الشرعية منزلة على ما في الخارج و هو المطلوب.
و المراد بالتلفيق العرفي الواقع في الخارج المنزلة عليه الأدلة الشرعية.
و في الجواهر: «أنّه يعده أهل العرف كالحقيقي» و أما احتمال أنّ المراد بثلاثة أيام ما يعادلها من الساعة، أو الزمان المطلق كيفما كانت و لو من الليل، فإن رجع إلى ما ذكر، و الا، فهو خلاف ظواهر الأدلة المنزلة على المتعارف.
و كذا الكلام في أيام الإقامة، و الاعتكاف و خيار الحيوان، و التأخير، و أيام الاستظهار، و نحوها بناء على جريان التلفيق فيها، فالمراد أنّ هذه الموضوعات قد تتفق في أول اليوم و قد تكون في الأثناء، و تشملهما الإطلاقات، و العمومات المنزلة على ما هو الواقع في الخارج، فيكون أعم من الحقيقي و التلفيقي.
لأنه المنساق من إطلاقات أدلة الحيض، و ما دل على أنّ أقلّه ثلاثة أيام، و لأصالة عدم الحيضية مع عدم التوالي، و أصالة عدم خروج الحيض، و استصحاب أحكام الطاهرة، و دعوى عدم الخلاف من صاحب الجامع.
و يرد الأولان: بأن الانسباق بدوي، مع أنّهما مقيدان بدليل الخصم لو تمَّ، و الأصول كلّها محكومة بدليل الخصم، و دعوى عدم الخلاف من صاحب الجامع، موهونة بوجود الخلاف من النهاية و الاستبصار و ابن البراج، و جمع من متأخري المتأخرين منهم صاحب الحدائق، و كاشف اللثام، و غيرهم، مع أنّ الظاهر أنّ عدم الخلاف اجتهادي، لا أن يكون تعبديا.
و استدل من قال بعدم اعتبار التوالي: بإطلاقات الأدلة، و بأصالة البراءة عن العبادة، و بقاعدة الإمكان.
و فيه: أنّ الإطلاقات مجملة من هذه الجهة، و أصالة البراءة محكومة باستصحاب وجوب العبادات عليها، و القاعدة موردها الشبهات الموضوعية دون الحكمية، كما يأتي إن شاء اللَّه. و العمدة في استدلالهم مرسل يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام: «فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة، فإن استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض و إن انقطع الدم بعد ما رأت يوما أو يومين اغتسلت و صلّت و انتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام، فإن رأت في تلك العشرة من يوم رأت الدم يوما، أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام، فذلك الذي رأت مع هذا الذي رأت بعد ذلك في العشرة، فهو من الحيض، و إن مرّ بها من يوم رأت عشرة أيام و لم تر الدم، فذلك اليوم، و اليومان الذي رأت لم يكن من الحيض- الحديث-»4۱.
و ظهوره، بل نصوصيته في عدم اعتبار التوالي مما لا ينكر.
و أشكل عليه تارة: بالإرسال و أخرى: بأن في الطريق ابن مرار و هو غير موثق.
و ثالثة: بالوهن بإعراض المشهور.
و يرد الأول بما ادعي من الإجماع على أنّ مراسيل يونس معتمد عليها.
و الثاني: بأن اعتماد القميين عليه يدرجه في الثقات. و الثالث: بأنّ الإعراض اجتهادي لا أن يكون تعبديا بأن يكون قد وصل إليهم ما لم يصل إلينا، فحجيته تامة، و حكومته على جميع أدلة المشهور ثابتة، هذا و لكن فتوى أساطين الفقهاء- خصوصا مثل الشهيدين و المحققين، و الحلي، و العلامة و نظائرهم الذين هم خبراء الفن و نقاد الأحاديث- بخلاف المرسل، و عدم اعتنائهم به يوجب التردد فيه قهرا.
و يمكن حمله على ما إذا علم بالحيضية و كان عدم الاستمرار لعروض عارض فإنّ الظاهر الحكم بالتحيض حينئذ، بل يمكن أن يقال: إنّ المرسل ليس مخالفا للمشهور، إذ المشهور يعتبرون الاستمرار و التوالي الواقعي، و لا ريب في كونه أعم من التوالي في الرؤية، و المرسل لا ينفي اعتبار التوالي الواقعي حتّى يتنافى مع ما هو المشهور هذا، مع أنّ التوالي في الثلاثة متعارف بين النساء بنحو لا يضر تخلل بعض الفترات، فيستشهد بهذا التوالي المتعارف بينهنّ على أنّ الأدلة منزلة عليه أيضا.
قولا واحدا من الجميع.
للعلم الإجمالي المردد بين كون الدم حيضا، أو استحاضة من غير ما يوجب الانحلال، و لكن قال في الجواهر:
«و لعل الظاهر من تفحص كلماتهم، و أخبار الباب الحكم بالاستحاضة بمجرد انتفاء الحيض و لم نعهد أحدا منهم عارض أصالة عدم الحيض بأصالة عدم الاستحاضة لا في مقام و لا في غيره، و من هنا تعرف أن الاستحاضة أصل بعد انتفاء الحيض».
و هو كلام حسن، و على هذا فتجري أصالة عدم الحيض في نظائر المقام بلا معارض، و يحكم بكون الدم استحاضة، لأنّ الاستحاضة من الأمور المترتبة على عدم الحيض و لو بالأصل، و لا تجري قاعدة الإمكان، لكون الشبهة حكمية.
الاستمرار تارة: يكون إلى الخارج متصلا في ثلاثة أيام، و هو مما لا دليل عليه، بل هو مرض و لا بد لها من العلاج. و أخرى: يكون في فضاء الفرج كاستمرار بقاء ماء الفم فيه، و اعتباره منفي بالأصل و ثالثة: عبارة عن استمرار التكون في الرحم مع الترشح العرفي الاعتيادي إلى فضاء الفرج أو الخارج، و هو المتيقن من كلمات الأعيان، و المطابق لما هو المتعارف بين النسوان.
للإجماع، و لظاهر التحديد بالحد الخاص
لأنّه المتبادر من اعتبار الاستمرار عرفا، كما في نظائر المقام من أيام الاعتكاف، و عشرة الإقامة و أيام خيار الحيوان و التأخير، و نحوها
للأصل بعد عدم دليل على الدخول من حديث، أو إجماع، أو عرف معتبر.
فروع- (الأول): لو حدث الحيض و قطعتها بالأدوية العصرية لا يترتب عليها بعد القطع أحكام الحيض.
(الثاني): لو حدث أصل الحيض و أزيلت صفاته بالأدوية الصناعية يترتب عليه حكم الحيض، إذ المفروض أنّه حيض.
(الثالث): لو جعل الحيض يوم و يوم لا، فالأحوط الجمع بين أحكام الحائض و الطاهر.
(الرابع): لو حدث الحيض قبل الظهر- مثلا- و تركت الصلاة و انقطع عنها بعد المغرب، يجب عليها قضاء الظهرين، لكشف ما فعلت عن عدم كونه حيضا، لفرض كونه أقل من ثلاثة أيام.
(الخامس): يكفي في سقوط أحكام الحيض استعمال ما يوجب عدم البروز إلى المحل و إن كان موجودا في أصل الرحم.
(السادس): لو أدخل في الرحم آلة فجذبت الحيض ثمَّ أخرجتها بعد أيام، ففي جريان أحكام الحيض عليها إشكال.
(مسألة ۷): قد عرفت أنّ أقلّ الطهر عشرة، فلو رأت الدم يوم التاسع أو العاشر بعد الحيض السابق لا يحكم عليه بالحيضية، و أما إذا رأت يوم الحادي عشر بعد الحيض السابق فيحكم بحيضيته إذا لم يكن مانع آخر. و المشهور على اعتبار هذا الشرط- أي مضيّ عشرة من الحيض السابق في حيضية الدم اللاحق مطلقا- و لذا قالوا: لو رأت ثلاثة- مثلا- ثمَّ انقطع يوما أو أزيد ثمَّ رأت و انقطع على العشرة أنّ الطهر المتوسط أيضا حيض و إلا لزم كون الطهر أقل من عشرة. و ما ذكروه محلّ إشكال (٤۳). بل المسلّم أنّه لا يكون بين الحيضين أقلّ من عشرة، و أما بين أيام الحيض الواحد فلا، فالأحوط مراعاة الاحتياط بالجمع في الطهر بين أيام الحيض الواحد، كما في الفرض المذكور (٤٤).
استدل المشهور على أنّ النقاء المتخلل بين أيام الحيض حيض:
أولا: بالإجماع المدعى في جملة من الكتب، و ثانيا: بأصالة بقاء حدث الحيض بعد عدم جريان عمومات العبادة، لأنّها من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. و ثالثا: أنّ المتدينات من النساء لا يرين هذه الحالة لأنفسهنّ طهرا خصوصا إذا قصرت المدة. و رابعا: بجملة من الأخبار:
منها: صحيح ابن مسلم: «لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد و أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم»4۲ و قريب منه غيره4۳ و إطلاقها- كإطلاق معاقد الإجماعات- يشمل الطهر المتخلل بين الحيضتين، و ما يكون في أثناء الحيضة الواحدة أيضا، فيكون في مقام بيان نفي حقيقة الطهرية عن غير العشرة مطلقا.
و عن صاحب الحدائق جواز كون أقل الطهر أقل من عشرة أيام فيما بين الحيضة الواحدة، و أما فيما بين الحيضتين فلا تكون أقل منها، و استند إلى جملة من الأخبار:
منها: صحيح يونس بن يعقوب: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة ترى الدم ثلاثة أيام، أو أربعة؟ قال عليه السلام: تدع الصلاة، قلت: فإنّها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة؟ قال: تصلي: قلت فإنّها ترى الدم ثلاثة أيام، أو أربعة؟ قال: تدع الصلاة قلت: فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال: تصلي- الحديث-»44.
و منها: قوله عليه السلام: أيضا في خبر أبي بصير: «إن رأت الدم لم تصل و إن رأت الطهر صلّت»4٥.
و فيه: أنه لا بد من حملهما على المختلطة الفاقدة للعادة و التميز من كلّ جهة و لا ربط لهما بالمقام و الا يلزم كون أكثر الحيض أكثر من عشرة أيام، و هو مما لم يقل به أحد. و إيجاب الصلاة عليها حكم ظاهري اهتماما بها حتّى يعلم الحال، مع أنه لا بد من تقييدها بما تقدم من صحيح ابن مسلم، و الإجماعات.
هذا كلّه مضافا إلى و هنا بالإعراض.
و منها: جملتان من قوله عليه السلام أيضا في مرسلة يونس المتقدمة:
الأولى: «فإن رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتّى يتم لها ثلاثة أيام، فذلك الدم الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض»4٦.
و فيه: أنّها لا تدل على تخلل الطهر بين أيام رؤية الدم. و غاية ما يستفاد منه عدم استمرار الرؤية، و تقدم أنّه أعم من عدم تكون الدم في الرحم و لو بنحو الرشح و الترشح اليسير إلى فضاء الفرج، و بعبارة أخرى: عدم بروز الدم إلى ظاهر الجسد أعم من الترشح عن الرحم بحيث لو أدخلت القطنة و وصلت إلى الرحم لخرجت متلطخة و لو بالصفرة، و المدار في حدث الحيض هو الثاني دون الأول، مع أنه عليه السلام صرّح، بل كرر في المرسل، أنّه لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام فراجع، و إطلاقه يشمل ما بين أبعاض الحيضة الواحدة، و ما بين الحيضتين.
الثانية: قوله عليه السلام: «و لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام فإذا حاضت المرأة و كان حيضها خمسة أيام ثمَّ انقطع الدم اغتسلت و صلّت، فإن رأت بعد ذلك الدم و لم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام، فذلك من الحيض تدع الصلاة- الحديث-»4۷.
و لا ينكر ظهورها في كون النقاء المتخلل طهرا.
و فيه: أنّ إثبات هذا الحكم المخالف للإطلاقات، و العمومات و الإجماع بمثل المرسل المضطرب المتن في غاية الإشكال، مع احتمال أن يكون المراد بالانقطاع الظاهري منه دون الواقعي، و الأمر بالاغتسال و الصلاة حينئذ ظاهري لإبقاء الاعتياد على الصلاة، و الاهتمام بها، و المخالفة على عدم حصول التساهل و المسامحة لهنّ، لأنهنّ يتسامحن في الصلاة بأدنى شيء كما هو معلوم من حالهنّ.
و أما خبر داود: «إذا رأت الدم أمسكت و إذا رأت الطهر صلت»4۸.
فهو محمول عليه أيضا، و يمكن أن يحمل على الحكم الواقعي بأن يراد بالدم أيام الدم بشروطها و بالطهر كذلك.
و منها: موثق ابن مسلم عن الصادق عليه السلام: «أقل ما يكون الحيض ثلاثة، و إذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى. و إن رأته بعد عشرة أيام، فهو من حيضة أخرى مستقلة»4۹.
بدعوى: أنّ العشرة الأخيرة لا بد و أن تكون بعد انقطاع الدم و حصول الطهر، فيكون المراد بالعشرة الأولى أيضا كذلك، فالمعنى قبل عشرة أيام من انقطاع الدم و حصول الطهر، فيكون المراد بالعشرة الأولى أيضا كذلك أي قبل عشرة أيام من انقطاع الدم و هو عبارة أخرى عن الطهر.
و فيه: أنّ الحديث ليس في مقام بيان هذه الجهة مع أنّ النصوص، و الإجماعات الدالة على أنّ الطهر لا يكون أقل من عشرة أيام مطلقا مفسرة له، فلا وجه لهذا الاستظهار أصلا في مقابل ما أجمعوا عليه و قد استدل رحمه اللَّه ببعض أخبار أخر٥۰ لا تبلغ في الظهور ما ذكرناه و على فرض الظهور موهونة بالإعراض عنها.
لا ريب في حسن هذا الاحتياط. و أما وجوبه، فلا دليل عليه، لانحلال العلم الإجمالي بما تقدم من صحيح ابن مسلم و دعوى الإجماع على أنّه لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام مطلقا.
(مسألة ۸): الحائض إما ذات العادة (٤٥) أو غيرها. و الأولى إما وقتية و عددية أو وقتية فقط، أو عددية فقط. و الثانية إما مبتدئة و هي التي لم تر الدم سابقا و هذا الدم أول ما رأت، و إما مضطربة و هي التي رأت الدم مكررا، لكن لم تستقر لها عادة، و إما ناسية (٤٦) و هي التي نسيت عادتها، و يطلق عليها المتحيرة أيضا و قد يطلق عليها المضطربة، و يطلق المبتدئة على الأعم ممن لم تر الدم سابقا و من لم تستقر لها عادة أي المضطربة بالمعنى الأول.
العادة في الجملة من اللوازم الطبيعية لهذا الدم عند جميع النساء في تمام الأزمان و الملل و الأديان، و هي تختلف اختلافا كثيرا باختلاف الأمزجة و الحالات و البلدان، و ليست أمارية العادة للحيضية تعبدية، بل هي من قبيل أمارية اللازم للملزوم، و الكشف عنه، فاللازم الرجوع فيها إلى المتعارف منهنّ، فإن ورد من الشارع تقييد يؤخذ به و الا فالمتعارف هو المعوّل، لتنزل الأدلة عليه.
يمكن تقرير الأقسام بالحصر العقلي. فإنّها إما ذات عادة أو لا، و الأولى إما وقتية فقط، أو عددية كذلك، أو هما معا. و الأخيرة إما في أول حيضها و هي المبتدئة أو لا، و الثانية إما أن تكون لها عادة فنسيتها و هي الناسية أو لم تستقر لها عادة أصلا و هي المضطربة، و هذه اصطلاحات من الفقهاء لأقسام دم الحيض تختلف أحكامها، و الموجود في الروايات بالنسبة إلى أصل العادة (أيامها) و (وقتا معلوما) و (خلقا معروفا) و (أيام أقرائها) (و عدتها و عادتها) و بالنسبة إلى المبتدئة (أول حيضها) و بالنسبة إلى المضطربة (المختلطة)٥۱.
و يأتي تفصيل أحكامها في المسائل الآتية- إن شاء اللَّه تعالى- و تقدم أنّ تقسيم النساء بالنسبة إلى دم الحيض ثمانية أقسام.
فائدة: العادة إما شخصية، و هي ما اعتادتها المرأة سواء طابقت عادة الأقارب أو خالفتها و سواء طابقت الروايات أو لا. و إما صنفية، و هي التي عبّر عنها في الفقه بعادة الأقارب، أو نوعية، و هي التي عبّر عنها بالعدد و هو اختيار السبع في كلّ شهر. و يأتي التفصيل في (فصل تجاوز الدم عن العشرة) [مسألة ۱] ثمَّ إنّهم قد أطالوا الكلام في أمثال المقام بذكر الأقوال النادرة و غيرها من الاحتمالات و نحن لم نذكرها مراعاة للأهم.
(مسألة ۹): تتحقق العادة برؤية الدم مرتين متماثلتين (٤۷) فإن كانتا متماثلتين في الوقت و العدد، فهي ذات العادة الوقتية و العددية، كأن رأت في أول شهر خمسة أيام و في أول الشهر الآخر أيضا خمسة أيام، و إن كانتا متماثلتين في الوقت دون العدد، فهي ذات العادة الوقتية، كما إذا رأت في أول الشهر خمسة و في أول الشهر الآخر ستة أو سبعة مثلا، و إن كانتا متماثلتين في العدد فقط، فهي ذات العادة العددية، كما إذا رأت في أول شهر خمسة و بعد عشرة أيام أو أزيد رأت خمسة أخرى (٤۸).
نصا، و إجماعا قال أبو عبد اللَّه عليه السلام في موثق سماعة: «فإذا اتفق شهران عدة أيام سواء، فتلك أيامها»٥۲.
و قال عليه السلام أيضا في مرسل يونس الطويل: «و إنّما جعل الوقت إن توالى عليها حيضتان، أو ثلاث لقول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله للتي تعرف أيامها: دعي الصلاة أيام أقرائك، فعلمنا أنه لم يجعل القرء الواحد سنة فيقول لها: دعي الصلاة أيام قرئك و لكن سنّ لها الأقراء و أدناه حيضتان، فصاعدا»٥۳ و يمكن استظهار ذلك من العرف أيضا، فإنّه إذا تكرّر الدم مرتين متماثلتين يحكم العرف في المرء الثالثة المماثلة لهما أنها أمارة على التحيض الا مع أمارة أقوى على الخلاف، فيكون التكرر المتماثل في الجملة من الأمارات النوعية المعتبرة.
كلّ ذلك، لإطلاق المرسل، و إطلاقات معاقد الإجماعات. و ذكر الأيام فيما تقدم من موثق سماعة من باب المثال لا التقييد- كما هو واضح- فالمناط كلّه تكرر الدم متماثلا في الجملة عددا، أو وقتا، أو هما معا.
فروع- (الأول): لا ريب في تحقق العادة إن كان خروج الدم و انقطاعه طبيعيا، و أما لو حصل ذلك باستعمال الأدوية و نحوها بحيث لو لم تستعملهما، لكان للخروج، و الانقطاع حدّا معينا طبعا، ففي ثبوت العادة بذلك إشكال.
(الثاني): لو كان أولها طبيعيا و جعلت آخرها اختياريا، أو بالعكس
فتتحقق العادة بالنسبة إلى ما كان طبيعيا، و يشكل تحققها بالنسبة إلى ما كان اختياريا.
(الثالث): لو تحققت لها عادة طبيعية ثمَّ فعلت لنفسها عادة اختيارية فتركت الثانية تترتب أحكام العادة الطبيعية على ما رأته بعد ذلك ما لم تعلم بالخلاف.
(مسألة ۱۰): صاحبة العادة إذا رأت الدم مرتين متماثلتين على خلاف العادة الأولى تنقلب عادتها إلى الثانية (٤۹)، و إن رأت مرّتين على خلاف الأولى لكن غير متماثلين يبقى حكم الأولى (٥۰). نعم، لو رأت على خلاف العادة الأولى مرات عديدة مختلفة تبطل عادتها و تلحق بالمضطربة.
للإجماع، و لانطباق الأدلة عليها قهرا بعد زوال الأولى عن الاعتبار.
لصدق العادة على الأولى عرفا، فتشملها الإطلاقات، مضافا إلى استصحاب بقاء العادة و عدم زوالها. هذا مع عدم الاطمئنان بالزوال و إلا فلا مجرى للإطلاق- لكونه من التمسك بالدليل مع الشك في الموضوع- و الاستصحاب، لأنّه من الاستصحاب في المفهوم المردد و يلحق بالمضطربة كما يأتي في المتن.
فرع: يمكن فرض تحقق العادة في شهر واحد أيضا سواء كانت عددية فقط، أو وقتية كذلك، أو هما معا كما إذا رأت وقتا و عددا خاصا معا أو أحدهما فقط مرتين في شهر واحد مع تخلل عشرة الطهر في البين، و ذلك لشمول الإطلاقات، و العمومات له أيضا لصدق أنّ لها وقتا معينا أو عددا كذلك أو هما معا. نعم، تكون قليلة الوقوع. فما عن المحقق الثاني و تبعه في الجواهر- من عدم تحقق الوقتية في الشهر الواحد، مخدوش.
(مسألة ۱۱): لا يبعد تحقق العادة المركبة (٥۱) كما إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة و في الثاني أربعة و في الثالث ثلاثة و في الرابع أربعة، أو رأت شهرين متواليين ثلاثة، و شهرين متواليين أربعة، ثمَّ شهرين متواليين ثلاثة و شهرين متواليين أربعة، فتكون ذات عادة على النحو المزبور. لكن لا يخلو عن إشكال (٥۲) خصوصا في مثل الفرض الثاني، حيث يمكن أن يقال: إنّ الشهرين المتواليين على خلاف السابقين يكونان ناسخين للعادة الأولى، فالعمل بالاحتياط أولى. نعم، إذا تكررت الكيفية المذكورة مرارا عديدة بحيث يصدق في العرف أنّ هذه الكيفية عادتها و أيامها لا إشكال في اعتبارها فالإشكال إنما هو في ثبوت العادة الشرعية بذلك (٥۳)، و هي الرؤية كذلك مرّتين.
لصدق معرفة الأيام- و خلقا معروفا، و أيام أقرائها، و العادة، و نحو ذلك مما ورد في الروايات٥4– عليها أيضا.
و ما أشكل عليه رحمه اللَّه: من احتمال كون اللاحقة ناسخة للأولى.
مخدوش، لأنّ النسخ مسلم فيما إذا لم تعد الأولى بالمرة و المفروض في المقام عودها ثانية. فما عن جمع منهم: العلامة و المحقق و الشهيد، من تحقق العادة المركبة وجيه و حسن بعد شمول الأدلة لها أيضا. نعم، لو كانت في البين قرينة شاهدة على الخلاف فلا تثبت، لانصراف الأدلة عن هذه الصورة.
و هو كون اللاحقة ناسخة السابقة، و لكنّه مدفوع بأنّ النسخ يثبت مع الاستقرار لا مع الزوال و يمكن الجمع بين الكلمات: بأنّ من قال بالعادة المركبة أراد ما إذا لم تكن في البين قرينة على النسخ. و من قال بعدمها أراد ما إذا كانت قرينة على النسخ
ليس للشارع تعبد خاص في عادة النساء حتّى تكون العادة قسمين- شرعية و عرفية- بل هي قسم واحد و هي العرفية فقط رتب الشارع أحكامه عليها أيضا- فإما أن يحكم العرف بتحققها، أو يحكم بالعدم، أو يشك في ذلك.
و حكم الأولين معلوم، و في الأخير تحتاط.
(مسألة ۱۲): قد تحصل العادة بالتمييز (٥٤) كما في المرأة المستمرة الدم إذا رأت خمسة أيام- مثلا- بصفات الحيض في أول الشهر الأول، ثمَّ رأت بصفات الاستحاضة، و كذلك رأت في أول الشهر الثاني خمسة أيام بصفات الحيض ثمَّ رأت بصفات الاستحاضة، فحينئذ تصير ذات عادة عددية وقتية، و إذا رأت في أول الشهر الأول خمسة بصفات الحيض و في أول الشهر الثاني ستة أو سبعة- مثلا- فتصير حينئذ ذات عادة وقتية، و إذا رأت في أول الشهر الأول خمسة- مثلا- و في العاشر من الشهر الثاني- مثلا- خمسة بصفات الحيض فتصير ذات عادة عددية.
للإطلاقات، و العمومات، و ظهور الاتفاق، فالعادة عبارة عن تكرر الدم متماثلا بحيث يوجب الاطمئنان العرفي بالحيضية سواء كان ذلك في مستمرة الدم أو في غيرها، و التماثل في المستمرة يكون في الصفة لا محالة، و يصح التمسك بإطلاق أدلة التمييز، و بقاعدة الإمكان أيضا، فالعادة تثبت فيما تكون في البين جهة وحدة انضباطية عرفية سواء كانت الوحدة في أول الدم، أو في وسطه، أو آخره، أو صفته، لصدق الخلق و التماثل و الاستواء في جميع ذلك، إذ ليس المراد بهذه صدقها من كلّ حيثية و جهة و الا قلّما توجد العادة، و ظاهرهم تحقق العادة بقاعدة الإمكان أيضا، و أما ما يأتي في (فصل حكم تجاوز الدم عن العشرة) من تقدم العادة على التمييز، فإنّما هو في مورد تزاحم العادة الثابتة مع التمييز، فلا يشمل صورة أصل حدوث العادة كما في المقام.
(مسألة ۱۳): إذا رأت حيضين متواليين متماثلين مشتملين على النقاء في البين، فهل العادة أيام الدم فقط أو مع أيام النقاء أو خصوص ما قبل النقاء؟؟؟ الأظهر الأول (٥٥). مثلا: إذا رأت أربعة أيام ثمَ طهرت في اليوم الخامس، ثمَّ رأت في السادس كذلك في الشهر الأول و الثاني، فعادتها خمسة أيام لا ستة و لا أربعة، فإذا تجاوز دمها رجعت إلى خمسة متوالية و تجعلها حيضا لا ستة، و لا بأن تجعل اليوم الخامس يوم النقاء و السادس أيضا حيضا و لا إلى الأربعة.
بدعوى: أنّ المستفاد من الأدلة الدالة على اعتبار العادة ظهورا أو انصرافا إنّما هو أيام الدم فقط فلا يشمل النقاء.
و فيه: أنّ المتفاهم منها- بحسب ما هو المغروس في الأذهان- أيام جريان أحكام الحيض عليهنّ، و جلوسهنّ عن التكاليف المشروطة بالطهارة سواء كان الدم جاريا أم لا- إذ لا موضوعية للدم بما هو دم و إنّما هو طريق إلى ترتب الأحكام فالنقاء المتخلل ملحق بأيام الدم، و لا يكون خارجا عنها فتترتب أحكام الحيض عليه أيضا. نعم، لو قيل بأنّ النقاء طهر كان له وجه، و لكن تقدم ضعفه.
(مسألة ۱٤): يعتبر في تحقق العادة العددية تساوي الحيضتين (٥٦)، و عدم زيادة أحدهما على الأخرى و لو بنصف يوم أو أقل، فلو رأت خمسة في الشهر الأول و خمسة و ثلث أو ربع يوم في الشهر الثاني لا تتحقق العادة من حيث العدد. نعم، لو كانت الزيادة يسيرة لا تضر. و كذا في العادة الوقتية تفاوت الوقت و لو بثلث أو ربع يوم يضر، و أما التفاوت اليسير فلا يضر لكن المسألة لا تخلو عن إشكال فالأولى مراعاة الاحتياط.
أما أصل اعتبار التساوي في الجملة، فلظهور النص٥٥ و الإجماع فيه. و لكن التساوي بينهما إما دقيّ عقلي، أو دقيّ عرفيّ، أو عرفي مسامحيّ و لا دليل على اعتبار الأول، بل ظواهر الأدلة المنزلة على المتعارف بينهنّ عدمه، و كذا لا دليل على اعتبار الثاني، لأنّ الأدلة وردت على طبق ما هو الواقع في الخارج، و الواقع بينهنّ التسامح بمقدار ساعتين، بل ثلاث ساعات، بل الظاهر عدم التفاتهنّ إلى هذا المقدار من الفرق أصلا. و ربما تجعل المقدمات القريبة- لعروض الدم- من أيام العادة، فإن كانت أدلة العادة منزلة على المتعارف بينهنّ فقد جرت عادتهنّ على التسامح بساعتين، بلا ثلاث ساعات، و إن كانت محدودة بحد آخر، فلا أثر له في الأخبار، و مع الشك يرجع إلى الإطلاق بعد الصدق العرفي للعادة مع الاختلاف المذكور، و بناء الشارع على عدم التضييق عليهنّ في هذا الأمر العام البلوى بينهنّ.
(مسألة ۱٥): صاحبة العادة الوقتية- سواء كانت عددية أيضا أم لا- تترك العبادة بمجرد رؤية الدم في العادة (٥۷) أو مع تقدمه أو تأخره يوما أو يومين أو أزيد على وجه يصدق عليه تقدم العادة أو تأخرها (٥۸) و لو لم يكن الدم بالصفات (٥۹)، و ترتب عليه جميع أحكام الحيض، فإن علمت بعد ذلك عدم كونه حيضا لانقطاعه قبل تمام ثلاثة أيام تقضي ما تركته من العبادات (٦۰). و أما غير ذات العادة المذكورة- كذات العادة العددية فقط، و المبتدئة و المضطربة، و الناسية- فإنّها تترك العبادة و ترتب أحكام الحيض بمجرد رؤيته إذا كان بالصفات (٦۱). و أما عدمها فتحتاط بالجمع (٦۲) بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيام فإن رأت ثلاثة أو أزيد تجعلها حيضا (٦۳). نعم، لو علمت أنّه يستمر إلى ثلاثة أيام تركت العبادة بمجرد الرؤية و إن تبيّن الخلاف تقضي ما تركته.
إجماعا، و نصوصا كثيرة، بل متواترة، ففي صحيح ابن مسلم:
«سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها، فقال عليه السلام: لا تصلي حتّى تنقضي أيامها»٥٦.
مضافا إلى أنه لا معنى لأمارية العادة إلا هذا، فبتحقق الموضوع يترتب عليه الحكم قهرا، فنفس اعتبار العادة يغني في ترتب الأحكام عليها و لا نحتاج إلى إقامة دليل من الخارج.
نصّا، و إجماعا في صورة التقدم قال أبو عبد اللّه عليه السلام في صحيح الصحاف: «فإنّه ربما تعجل بها الوقت»٥۷.
و في صحيح أبي بصير: «إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض، و إن كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض»٥۸.
و عن الصادق عليه السلام: «ما كان قبل الحيض فهو من الحيض و ما كان بعد الحيض فليس منه»٥۹.
و تشهد له قاعدة الإمكان، و إطلاق أدلة العادة إذ المتعارف فيها التقدم، و التأخر في الجملة. و أما في صورة التأخر، فيدل عليه مضافا إلى إطلاق أدلة العادة- المنزلة على المتعارف بينهنّ من التأخر في الجملة، و قاعدة الإمكان- الإجماع القطعي- كما في المستند- فلا بد و أن يحمل قوله عليه السلام فيما تقدم: «و ما كان بعد الحيض فليس من الحيض».
على بعدية خاصة حكم الشارع فيها بعدم الحيضية لا البعدية في الجملة، و الا لكان مخالفا للإجماع، كما أنّ قوله عليه السلام في صحيح ابن مسلم: «و إن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت و صلّت»٦۰.
محمول على ما يكون مغايرا بحسب متعارفهنّ لأيامهنّ لا ما يكون من الأيام عرفا، جمعا و إجماعا.
و بالجملة: العادة إنّما هي عادتهنّ و قد جرت العادة بينهنّ على التقدم و التأخر في الجملة لعوارض شتّى لا تنضبط.
و بعبارة أخرى: للعادة اعتباران: الأول: العادة المحدودة بحد خاص.
و الثاني: الأعم من التقدم و التأخر في الجملة، و الأخير هو المتعارف بين النساء و المنزلة عليه الأدلة بقرينة الإجماع و النص، فقد يجب التحيض قبلها بيوم أو بيومين، و قد يتأخر الحيض عن أول الحيض بيوم أو بيومين و قد يتأخر عن آخرها بيوم أو يومين أو ثلاثة كما في أيام الاستظهار على ما يأتي في [مسألة ۲۳].
لأنّ المتقدم و المتأخر من العادة و لا اعتبار بالصفات في أيام العادة مضافا إلى ظهور الإجماع، و إطلاق النصوص في صورة التقدم هذا كلّه إذا كان التقدم أو التأخر بما هو المتعارف بينهنّ.
و أما إن كان على خلاف المتعارف، فلا تترتب أحكام الحيض بمجرد الرؤية ما لم يعلم بالحيضية من صفة أو جهة أخرى.
فرع: الوقت في الحيض من أقوى الأمارات عليه شرعا و عرفا، و مع وجوده لا وجه للرجوع إلى أيّة أمارة أخرى.
لقاعدة الاشتغال بعد انكشاف الخلاف في العادة.
لانحصار أمارة التحيض بها حينئذ، و لإطلاق أدلة الرجوع إلى الصفات. و احتمال اختصاصها بمستمرة الدم، أو بمورد السؤال خلاف المتفاهم منها، فراجع، مع أنّ مورد السؤال لا يكون مخصصا للحكم الوارد فيه في المحاورات.
فائدة: الإمارة في الحيض أقسام ثلاثة: إما تكون أمارة لمجرد الحدوث فقط كالوقت و الصفات. أو حدوثا و بقاء كالوقتية و العددية. أو بقاء خاصة كالعدد فقط.
للعلم الإجمالي المردد بينهما- و ليس في البين ما يوجب انحلاله إلا قاعدة الإمكان، و قول الصادق عليه السلام في موثق سماعة- فيمن لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء- قال عليه السلام: «فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة- الحديث-»٦۱.
و إطلاق ما يدل على أنّ الصائمة تفطر بمجرد رؤية الدم٦۲، و ما نسب إلى الوحيد البهبهاني رحمه اللَّه من عدم القول بالفصل بين الواجد للصفات و فاقدها في التحيض، فيدل ذلك كلّه على التحيض، فينحل به العلم الإجمالي، فلا يجب الاحتياط، و الكل مخدوش:
أما الأول: فلأنّ عمدة دليله الإجماع. و لا إجماع في المقام لتحقق الخلاف.
و أما الخبران، فلا بد من تقييدهما بما دل على اعتبار الصفة.
و الأخير لا اعتبار به إذ المعتبر هو القول بعدم الفصل لا عدم القول بالفصل كما أنّ أصالة عدم وجوب أحكام الحائض عليها معارضة بأصالة عدم وجوب أحكام الاستحاضة، فلا محيض الا عن الاحتياط الا أن يتمسك بقول صاحب الجواهر المتقدم٦۳ فعلى هذا ففي جميع موارد الدوران بين الحيض و الاستحاضة يحكم بالثانية فتأمل.
نصا و إجماعا ففي صحيح ابن يعقوب: «المرأة ترى الدم ثلاثة أيام، أو أربعة أيام قال: تدع الصلاة»٦4.
و ظاهرهم الإجماع على الأخذ بعمومه و عدم تقييده بالصفات، بل في التذكرة أنه من القطعيات.
(قاعدة الإمكان) و هي مشهورة عند الفقهاء في الدماء يعني: أنّ كلّ ما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض، و البحث فيها من جهات:
الأولى: المراد بالإمكان: الإمكان بالنظر إلى الأدلة المعتبرة أي: الإمكان القياسي إذ لا بد و أن تثبت هذه القاعدة بحجة صحيحة معتبرة فقولهم: أمكن أن يكون حيضا أي أمكن إثبات حيضيته بالدليل المعتبر، و ليس المراد به الإمكان الذاتي، للإجماع على خلافه، و لا الوقوعي، و لا الاحتمالي، لعدم دليل عليه الا أن يرجعا إلى الإمكان القياسي.
الثانية: ظواهر كلماتهم اختصاصها بالشبهات الموضوعية- كما هو الغالب في جميع القواعد- فلا تجري عند الشك في الشبهة الحكمية، لأنّ عمدة مدركها الإجماعات و لم يعهد من المجمعين العمل بها في الشبهات الحكمية، و الأخبار التي يستأنس بها للقاعدة إنّما تكون في الشبهات الموضوعية فلو شككنا أنّ الصفرة و الكدرة في أيام العادة حيض أم لا؟ تجري القاعدة و أما لو شككنا في اعتبار الاتصال في أقلّ الحيض و عدمه لا تجري.
الثالثة: ظاهرهم الاتفاق على أنها بمنزلة الأصل الذي يتقدم عليه كل أمارة و لو كانت ضعيفة، مخالفة كانت أو موافقة.
الرابعة: يمكن تنقيح موضوع جريان القاعدة بالأصل الموضوعي، فتجري أصالة عدم البلوغ إلى سن اليأس- مثلا- و يتحقق بها موضوع القاعدة.
الخامسة: هي مقدمة على أصالة الاستحاضة في دم النساء الجارية بعد عدم الحيض، لأنّها كالأصل الموضوعي بالنسبة إلى أصالة الاستحاضة.
السادسة: استدلوا عليها بأمور:
منها: الإجماع المدعى في الخلاف، و المعتبر، و المنتهى. و أشكل عليه: بأنه اجتهادي لا أن يكون تعبديا و منها: ما مر في الأخبار٦٥ من أنّ ما تقدم على العادة بيوم أو يومين فهو من الحيض.
و فيه: ما تقدم من أنّ التقدم و التأخر في الجملة من لوازم العادة، فالتحيض بهما لأجل أمارية العادة، لا لجهة أخرى.
و منها: الأخبار الدالة على التحيض بمجرد رؤية الدم كقوله عليه السلام:
«فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها»٦٦.
و فيه: أنّه لا بد من تقييدها إما بالصفات، أو بثلاثة أيام كما تقدم.
و منها: ما يأتي في أخبار الاستظهار من حكم الشارع بترك العبادة فيها تغليبا للحيضية٦۷.
و فيه: أنها تختص بسبق الحيضية فلا تشمل غيره. و يأتي في [مسألة ۲۳] بعض الإشكالات عليها و الجواب عنها.
و منها: ما دل على أنّ ما تراه قبل تجاوز العشرة، فهو من الحيضة الأولى.
و فيه أولا: أنّ تعميمها لفاقد الصفات أول البحث.
و ثانيا: أنها تختص بسبق الحيض، فلا تشمل غيره.
و منها: ما دل على أنّ الصفرة، و الكدرة في أيام الحيض حيض٦۸.
و فيه: أنها لأجل أمارية العادة لا لقاعدة الإمكان.
و منها: ما دل على أنّ الحبلى ربما تقذف بالدم٦۹.
و فيه: أنها فيما إذا كان جامعا للصفات، بل ملاحظة مجموعها تقضي بخلاف القاعدة، كما اعترف به في الجواهر.
و منها: ما ورد في اشتباه دم العذرة بالحيض۷۰.
و فيه: أنّه عند دوران الدم بين العذرة و الحيض فمع عدم أمارة على العذرة يحكم بالحيض قهرا. نعم، لا بأس بالاستئناس بهذه الأخبار، و أما الاستدلال بها، فلا وجه له.
و منها: أنّ الحيض دم طبيعي، فهو مقتضى سلامة الطبيعة، و أصالة السلامة عند الشك فيها من الأصول المعتبرة المتعارفة بين الناس، فمرجع قاعدة الإمكان إلى أصالة السلامة الدائرة بين العقلاء المعتبرة لديهم، و الإجماع، و الأدلة الأخرى إرشاد إليها كما يقال: إنّ الأصل فيما يخرج من القبل هو البول، و ما يخرج من الفم هو البصاق، و ما يخرج من العين هو الدمع، و كذا الأصل فيما يخرج من الرحم هو الحيض، الا مع القرينة المعتبرة على الخلاف في جميع ذلك و هذا كان مغروسا في أذهان الفقهاء، فعبروا عنه بقاعدة الإمكان و الحق أنّ هذا حسن متين.
ثمَّ إنّه قال في الجواهر: «و من هنا يضعف الظن بإجماعه الذي ادعاه في الخلاف، لأنّ الظاهر أنّه حصله من الروايات بعد أن فهم منها ذلك، و الا فما وصل إلينا من كلام المتقدمين عليه من أهل الفتوى خال عن ذلك و لا نقله أحد ممن يتعاطى نقله، و لجميع ما ذكرنا توقف جماعة من متأخري المتأخرين كالمحقق الثاني و صاحب المدارك و غيرهما في هذه القاعدة و استوجه بعضهم الرجوع إلى الصفات في غير ما دل الدليل عليه، كالصفرة و الكدرة في أيام الحيض- إلى أن قال- و لكن الجرأة على خلاف ما عليه الأصحاب سيما بعد نقلهم الإجماع نقلا مستفيضا معتضدا بتتبع كثير من كلمات الأصحاب لا يخلو من إشكال خصوصا بعد ما سمعت من الإشارات المتقدمة في الروايات» و هو كلام متين لا بأس به.
فرع: الحيض يثبت بمجرد إمكانه. و أما الطهر فلا دليل على ثبوته بمجرد إمكانه، بل الدليل على عدمه
(مسألة ۱٦): صاحبة العادة المستقرة في الوقت و العدد إذا رأت العدد في غير وقتها و لم تره في الوقت تجعله حيضا (٦٤) سواء كان قبل الوقت أو بعده
للإجماع، و لقاعدة الإمكان، و حينئذ، فمع وجدان الدم للصفات تنحيض بمجرد الرؤية، و مع فقده لها يجري فيه التفصيل المتقدم في المسألة السابقة.
(مسألة ۱۷): إذا رأت قبل العادة و فيها و لم يتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حيضا و كذا إذا رأت في العادة و بعدها و لم يتجاوز عن العشرة، أو رأت قبلها و فيها و بعدها (٦٥)، و إن تجاوز العشرة في الصور المذكورة فالحيض أيام العادة فقط و البقية استحاضة (٦٦).
كلّ ذلك للإجماع، و قاعدة الإمكان، مضافا إلى ما تقدم من أنّ العادة من الأمارات المعتبرة و يصح تقدم العادة و تأخرها في الجملة على ما مر.
أما جعل العادة حيضا، فلأمارية العادة. و أما جعل البقية استحاضة، فلما يأتي في الفصل اللاحق، و لا تجري قاعدة الإمكان بالنسبة إلى ما بعد العادة إلى تمام العشرة، لاختصاص جريانها بما إذا لم تكن أمارة على خلافها، و التجاوز عن العشرة أمارة على خلافها، كما يأتي.
(مسألة ۱۸): إذا رأت ثلاثة أيام متواليات و انقطع ثمَّ رأت ثلاثة أيام أو أزيد، فإن كان مجموع الدمين و النقاء المتخلل لا يزيد عن عشرة كان الطرفان حيضا و في النقاء المتخلل تحتاط بالجمع (٦۷) بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة و إن تجاوز المجموع عن العشرة فإن كان أحدهما في أيام العادة دون الآخر جعلت ما في العادة حيضا (٦۸) و إن لم يكن واحد منهما في العادة فتجعل الحيض ما كان منهما واجدا للصفات (٦۹) و إن كانا متساويين في الصفات فالأحوط جعل أولهما حيضا (۷۰) و إن كان الأقوى التخيير (۷۱) إن كان بعض أحدهما في العادة دون الآخر جعلت ما بعضه في العادة حيضا (۷۲) و إن كان بعض كلّ واحد منهما في العادة فإن كان ما في الطرف الأول من العادة ثلاثة أيام أو أزيد جعلت الطرفين من العادة حيضا و تحتاط في النقاء المتخلل (۷۳)، و ما قبل الطرف الأول و ما بعد الطرف الثاني استحاضة (۷٤) و إن كان ما في العادة في الطرف الأول أقل من ثلاثة تحتاط في جميع أيام الدمين و النقاء بالجمع بين الوظيفتين (۷٥).
تقدم أنّ النقاء المتخلل يكون من الحيض. فيكون مجموع العشرة حيضا، فلا يجب هذا الاحتياط، و إن كان حسنا.
لأنّ العادة أقوى الأمارات على الحيضية، مضافا إلى الإجماع- كما في المستند- سواء كان الدم واجدا للصفات أو فاقدا لها، إذ لا اعتبار بالصفات في أيام العادة. و لا يجعل ما في غير أيام العادة حيضا و إن كان واجدا للصفات،لتقدم العادة على جميع الأمارات عند التعارض، كما لا وجه لجريان قاعدة الإمكان في غير أيام العادة أيضا، لما تقدم من أنها بمنزلة الأصل الذي يقدم عليها أضعف الأمارات فكيف بالعادة التي هي أقواها، فإذا جعلت ما في العادة حيضا ينتفي موضوع قاعدة الإمكان قهرا.
للأخبار الكثيرة الدالة على الرجوع إلى الصفات عند الاشتباه۷۱، هذا إذا لم يكن مرجع آخر في البين، و الا فيأتي حكمه، كما أنّه لا بد من تقييده بما إذا كان النقاء المتخلل أقل من العشرة، و الا فيمكن أن يكون كلّ منهما حيضا مستقلا.
المشهور التحيض بالأول، بعد الإجماع على وجوب التحيض في أحد الدمين، فيكون المورد من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير و الحكم فيه هو التخيير، لو لا محتمل الأهمية في البين. و فتوى المشهور يجعل الأول حيضا يصلح لاحتمال الأهمية لو لم يصلح لتعينها هذا ما يقتضيه الإجماع على وجوب التحيض في الجملة في أحد الدمين، و أما مع قطع النظر عنه، فإن علم إجمالا بكون أحد الدمين حيضا و الآخر استحاضة وجب الاحتياط، لعدم الفرق في تنجزه بين كون الأطراف دفعية أو تدريجية، كما أثبتناه في محلّه و إن لم يعلم ذلك، فلا موجب للتحيض أصلا في البين، لتعارض جريان أدلة الصفات، و قاعدة الإمكان في كل واحد من الدمين بجريانها في الآخر، فيرجع بعد التساقط إلى الأصل.
و ما يقال: من أنّ جريان قاعدة الإمكان بالنسبة إلى الدم الأول، و أدلة الرجوع إلى الصفات فيه، لا يبقيان موضوعا لجريانها في الدم الأخير قهرا، فلا موضوع للتعارض.
مدفوع: بأنّ مناط التعارض في التدريجيات لحاظ صحة الجريان في الواقع في كل واحد من الطرفين و هو متحقق في كلّ واحد منهما واقعا، و الا فلا يبقى مورد لتنجز العلم الإجمالي في التدريجيات، و لكن لا وجه لذلك بعد الإجماع على وجوب التحيض في الجملة.
لا وجه لأقوائية التخيير، مع احتمال الأهمية في تحيض الأول، لفتوى المشهور و غيره مما يوجب احتمالها
لأنّ العادة من أقوى الأمارات على التحيض.
أما جعل الطرفين من العادة حيضا، فلكون العادة أمارة عليه و أما وجوب الاحتياط في النقاء المتخلل فلا وجه له، لما تقدم من أنّ النقاء المتخلل حيض، فتجعل المجموع حيضا بلا فرق بين أيام الدماء و النقاء.
ثمَّ إنّه لا وجه لإعمال الاستحاضة، بل لا بد من الجمع بين تروك الحائض و أعمال الطاهر، لأن النقاء إما حيض، أو طهر.
لما يأتي في الفصل اللاحق من أنّ الدم المتجاوز عن العشرة استحاضة.
للعلم الإجمالي، و عدم طريق معتبر لانحلاله، لكن إن كان الطرف الآخر ثلاثة أو أزيد، فالظاهر صحة التمسك بكون العادة أمارة فلا يجب الاحتياط حينئذ.
ثمَّ إنّ الأقسام المذكورة في هذه المسألة ثمانية:
۱- مجموع الدمين و النقاء المتخلل لا يزيد عن العشرة، و حكمه أنّ المجموع حيض.
۲- التجاوز عن العشرة و كون أحدهما في العادة، و حكمه أنّ ما في العادة حيض بخلاف غيره.
۳- التجاوز عن العشرة و عدم كون كلّ من الدمين في العادة، و حكمه الرجوع إلى التمييز، فواجد الصفات حيض بخلاف غيره.
٤- التجاوز عن العشرة و التساوي في الصفات، و الأحوط جعل الأول حيضا ٥- التجاوز عن العشرة و التساوي في الصفات مع كون بعض الدمين في العادة يجعل ما يكون بعضه في العادة حيضا، لكون العادة أمارة عليه.
٦- التجاوز عن العشرة مع التمييز. و كون البعض في العادة تجعل ما بعضه في العادة حيضا، لكون أمارية العادة أقوى من الصفة.
۷- التجاوز عن العشرة مع كون بعض كل منهما في العادة و كون ما في الطرف الأول ثلاثة، أو أزيد تجعل العادة حيضا و كذا النقاء المتخلل في البين و الزائد عليها استحاضة.
۸- عين الصورة السابقة مع كون ما في الطرف الأول أقل من ثلاثة، تحتاط في جميع أيّام الدم بالجمع بين الوظيفتين الا مع كون الطرف الآخر ثلاثة أو أزيد، فتنطبق أمارية العادة عليه حينئذ، و لا يجب الاحتياط بالجمع.
فائدة: العادة و الصفات، أمارتان معتبران، و المتيقن من اعتبارهما إنّما هو في مفادهما المطابقي دون اللوازم و الملزومات. و ما اشتهر أنّ الأمارات حجة في مثبتاتها دون الأصول لا كلية له، بل يدور ذلك مدار إحراز مقدار دلالة دليل الاعتبار، فربما يدل على اعتبار المثبت في الأصل دون الأمارة و ربما يكون بالعكس، فإثبات الحيضية في دم بالعادة أو الصفات لا يدل على أنّ الدم الآخر استحاضة إلا بدليل خاص يدل عليه.
(مسألة ۱۹): إذا تعارض الوقت و العدد في ذات العادة الوقتية العددية يقدم الوقت (۷٦) كما إذا رأت في أيام العادة أقل أو أكثر من عدد العادة و دما آخر في غير أيام العادة بعددها، فتجعل ما في أيام العادة حيضا و إن كان متأخرا، و ربما يرجع الأسبق (۷۷)، فالأولى فيما إذا كان الأسبق العدد في غير أيام العادة الاحتياط في الدمين بالجمع بين الوظيفتين.
لكونه أقوى من العدد، لكن قد يصدق تعجيل الوقت، كما في موثق سماعة: «ربما تعجل بها الوقت»۷۲ و إطلاق قوله عليه السلام: «ما كان قبل الحيض فهو حيض»۷۳.
فلا بد من مراعاة هذه الجهة أيضا.
لانطباق الحيض عليه قهرا، و لكنه من مجرد الدعوى- كما لا يخفى- و لا بد في إثباته من الرجوع إلى قرائن أخرى و ليست مجرد الأسبقية قرينة معتبرة.
(مسألة ۲۰): ذات العادة العددية إذا رأت أزيد من العدد و لم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض، و كذا ذات الوقت إذا رأت أزيد من الوقت (۷۸).
لقاعدة الإمكان، و ظهور الإجماع، و قول الصادق عليه السلام في موثق سماعة: «ربما تعجل بها الوقت» و قوله عليه السلام: «ما كان قبل الحيض فهو حيض» و تقدم بعض الكلام في [مسألة ۱٥] فراجع.
(مسألة ۲۱): إذا كانت عادتها في كلّ شهر مرة فرأت في شهر مرتين مع فصل أقل الطهر و كانا بصفة الحيض، فكلاهما حيض (۷۹)، سواء كانت ذات عادة وقتا أو عددا أو لا، و سواء كانا موافقين للعدد و الوقت (۸۰) أو يكون أحدهما مخالفا.
للإجماع، و لقاعدة الإمكان بعد وجود المقتضي و فقد المانع عن حيضية كليهما.
أي: أنّ أحدهما موافق للعدد، و الآخر موافق للوقت، و الا فموافقة كلّ منهما للوقت في مفروض المسألة ممتنعة.
(مسألة ۲۲): إذا كانت عادتها في كلّ شهر مرة فرأت في شهر مرّتين مع فصل أقل الطهر، فإن كانت إحداهما في العادة و الأخرى في غير وقت العادة و لم تكن الثانية بصفة الحيض تجعل ما في الوقت- و إن لم يكن بصفة الحيض- (۸۱) حيضا و تحتاط في الأخرى (۸۲). و إن كانتا معا في غير الوقت فمع كونهما واجدتين كلتاهما حيض (۸۳) و مع كون إحداهما واجدة تجعلها حيضا و تحتاط في الأخرى و مع كونهما فاقدتين تجعل إحداهما حيضا (۸٤)- و الأحوط كونها الأولى- و تحتاط في الأخرى
لما تقدم من أنّ العادة من أقوى الأمارات على الحيضية.
مقتضى قاعدة الإمكان جعل الأخرى أيضا حيضا. نعم، تتحيض في الأولى بمجرد رؤية الدم، و في الأخرى على تفصيل تقدم في غير ذات العادة في [مسألة ۱٥] فراجع، الا أن يقال: إنّ المراد بالإمكان هو إمكان الوقوع بحسب الغالب في الخارج و حيض المرأة في شهر مرتين نادر، و الشك في جريان أدلتها لمثل المقام يكفي في عدم الجريان، و لا ريب في أنّ الاحتياط حسن في تمام الأحوال، و كذا الكلام في الفرع بعده
لوجود المقتضي- لحيضية كلتيهما- و فقد المانع عنها.
أما أصل التحيض في الجملة. فلعلمها العادي -بحسب حالها- بحصول حيض في كلّ شهر لها.
و أما التخيير، فلعدم ترجيح في البين لو لم تكن الأسبقية مرجحة، و لا دليل على الترجيح بها.
(مسألة ۲۳): إذا انقطع الدم قبل العشرة فإن علمت بالنقاء و عدم وجود الدم في الباطن اغتسلت و صلّت (۸٥) و لا حاجة إلى الاستبراء (۸٦). و إن احتملت بقاءه في الباطن وجب عليها الاستبراء (۸۷) و استعلام الحال بإدخال قطنة و إخراجها بعد الصبر هنيئة، فإن خرجت نقية اغتسلت و صلّت (۸۸) و إن خرجت ملطخة- و لو بصفرة (۸۹)- صبرت حتى تنقى أو تنقضي عشرة أيام (۹۰) إن لم تكن ذات عادة أو كانت عادتها عشرة و إن كانت ذات عادة أقل من عشرة فكذلك، مع علمها بعدم التجاوز عن العشرة (۹۱)، أما إذا احتملت التجاوز، فعليها الاستظهار (۹۲) بترك العبادة استحبابا (۹۳) بيوم أو يومين أو إلى العشرة مخيرة بينها (۹٤) فإن انقطع الدم على العشرة أو أقل، فالمجموع حيض في الجميع (۹٥)، و إن تجاوز فسيجيء حكمه.
لفرض تحقق النقاء بالعلم الوجداني، فيترتب عليه الحكم لا محالة.
لأنه واجب مقدمة لحصول العلم بالنقاء و مع العلم به لا معنى لوجوبه.
إجماعا، و نصوصا كثيرة، و لأنّ ذلك من الطرق العرفية للاختبار قرّره الشارع. قال أبو عبد اللّه عليه السلام في صحيح ابن مسلم: «إذا أرادت الحائض أن تغتسل، فلتستدخل قطنة، فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل و إن لم تر شيئا فلتغتسل»۷4.
و لو لم يرد من الشارع في ذلك شيء لاستعلمن حالهنّ بذلك بمقتضى فطرتهنّ. ثمَّ إنّ المراد بقوله: «و إن احتملت بقاءه» عدم العلم بالنقاء، فيشمل الظن الغير المعتبر.
ثمَّ إنّ الاستبراء قد ذكر في الفقه في موارد: منها: ما تقدم في أحكام الاستنجاء، و منها: المقام و منها: ما يأتي في استبراء الإماء حين التملك، و الأول اعتباره شرطي يعني: أنه شرط للحكم بطهارة الرطوبة المشتبهة كما مر في [مسألة ۲] من (فصل الاستبراء) و في المقام طريقي محض لا أن يكون شرطيا و لا نفسيا، و في الإماء نفسي على ما يأتي إن شاء اللّه تعالى.
ثمَّ إنّه لا تصح عبادتها قبل الاستبراء ظاهرا، لأصالة بقاء الحيض، بل و لو قيل بعدم جريانها في التدريجيات، لا يصح أيضا، لإطلاق أدلة وجوب الاستبراء، و ينطبق على العمل حينئذ عنوان التجري، فتكون متقربة بالمبغوض نعم، لو لم ينطبق على العمل عنوان التجري، و صادف الواقع مستجمعا للشرائط يصح حينئذ، كما يأتي.
فروع- (الأول): كيفية الإدخال و الإخراج موكولة إلى المتعارف- بينهنّ- و ليس لها تعبد شرعي- فيصح بكلّ ما يوجب الاطمئنان بالنقاء كما تقدم. نعم، في مرسل يونس عن الصادق عليه السلام قال: «سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري أ طهرت أم لا؟، قال: تقوم قائما و تلزق بطنها بحائط و تستدخل قطنة بيضاء و ترفع رجلها اليمنى، فإن خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر، و إن لم يخرج فقد طهرت تغتسل و تصلي»۷٥.
و موثق سماعة عن الصادق عليه السلام قال: «قلت له: المرأة ترى الطهر و ترى الصفرة أو الشيء، فلا تدري طهرت أم لا؟ قال: فإذا كان كذلك فلتقم فتلصق بطنها إلى حائط و ترفع رجلها على حائط كما رأيت الكلب يصنع إذا أراد أن يبول ثمَّ تستدخل الكرسف، فإذا كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج، فإن خرج دم فلم تطهر و إن لم يخرج فقط طهرت».
و مثله خبر الكندي: «تعمد برجلها اليسرى على الحائط و تستدخل الكرسف بيدها اليمنى فإن كان ثمَّ مثل رأس الذباب- الحديث-»۷٦.
و لكن الظاهر أنّ هذه الكيفية من باب أحد الطرق و لذا نسب إلى المشهور عدم وجوب خصوص هذه الكيفية و إن كان الأحوط العمل بما في موثق سماعة.
(الثاني): لو شكت في النقاء و استعملت دواء، أو آلة فعلمت بالنقاء بذلك لا تحتاج إلى الاستبراء حينئذ.
(الثالث): لا اختصاص لما يدخل بالقطنة، بل يصح بكلّ شيء ناعم يتلون بالدم كما لا تعتبر فيه المباشرة، بل يجوز بإدخال الزوج أيضا.
لتحقق النقاء مضافا إلى النص المتقدم و الإجماع.
فإن كانت في أيام العادة، فهي أمارة على الحيضية و الصفرة في أيام الحيض حيض- كما في النص- و إن كانت غيرها و قبل التجاوز عن العشرة، فهي حيض أيضا، لقاعدة الإمكان الدالة على حيضية الصفرة.
و أما قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: «فلتستدخل قطنة فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل و إن لم تر شيئا فلتغتسل و إن رأت بعد ذلك صفرة، فلتتوضأ و لتصلّ»۷۷. فالدم فيه مذكور من باب المثال- لبقاء حدث الحيض- فيشمل الصفرة أيضا. و أما الصفرة المذكورة في ذيله، فمحمولة على ما بعد تجاوز العشرة، كحمل ما ورد من أنّ الصفرة بعد أيام الحيض ليس من الحيض عليه أيضا.
و أما المرسل: «فإن خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط- الحديث-»۷۸.
فهو أيضا من باب المثال، فيشمل مطلق ما يكشف عن بقاء حديث الحيض و لا موضوعية لخصوص الدم العبيط، مع أنّ قصور سنده يوهن الاعتماد عليه.
لأصالة بقاء الحيض حتّى تعلم بالنقاء أو بمضيّ آخر حد الحيض و هو عشرة أيام، فلا وجه للحكم بالحيضية بعد ذلك، لفرض العلم، أو الاطمئنان العادي بالنقاء، و هو حجة مقدمة على الاستصحاب، و كذا مضي عشرة أيام، فإنّه حجة شرعية على زوال الحيض.
أما الأول، فللإجماع، و لقاعدة الإمكان، و قول أبي عبد اللّه عليه السلام في الموثق: «المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم تركت الصلاة عشرة أيام»۷۹ و في الموثق أيضا: «فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة»- الحديث-۸۰.
و أما الثاني: فلأمارية العادة على الحيضية.
و أما الأخير، فلقاعدة الإمكان، و الإجماع، و عدم الموضوع للاستظهار، لأنّ موضوعه ما إذا احتملت التجاوز عن العشرة. و أما لو كانت أقل منها و علمت بعدم التجاوز عنها، أو كانت العادة عشرة فلا موضوع حينئذ للاستظهار، ففي خبر ابن المغيرة: «إذا كانت أيام المرأة عشرة لم تستظهر، فإذا كانت أقل استظهرت»۸۱.
و لا بد من تقييده بما إذا احتملت التجاوز عنها.
لا كلام في أصل مشروعيته في الجملة بين الإمامية، و نصوصهم به مستفيضة، بل متواترة، و مقتضى الظاهر، و الأصل و قاعدة الإمكان، و مرتكزات النسوة ذلك أيضا، لكثرة وقوع الاختلاف في العادة، فأسقط الشارع أحكام الطهارة عنها بمجرد ختم العادة مع تجاوز الدم عنها ترجيحا للأصل و الظاهر حتّى يتبيّن الحال، و ذلك تسهيل من الشارع بالنسبة إليهنّ و مورد الاستظهار تجاوز الدم عن العادة المعتبرة، مع احتمال التجاوز عن العشرة أيضا، فلا استظهار مع العلم بعدم التجاوز عن العشرة و إن تجاوز عن العادة.
ثمَّ إنّ لباب القول يقتضي البحث عن جهات:
الأولى: تقدم أنّ مدرك الاستظهار: أخبار مستفيضة، و قاعدة الإمكان، و الأصل، و الظاهر و لا معارض لما ذكر إلا الأخبار الدالة على لزوم الاقتصار على العادة عند تجاوز الدم عنها و هي كثيرة:
منها: قول أبي عبد اللّه عليه السلام في الصحيح: «المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها و لا يقربها بعلها، فإذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر- الحديث»۸۲.
و مثله غيره. و فيه: أنّ أخبار الاستظهار حاكمة عليها، لأنّها تبيّن أنّ المراد بقوله عليه السلام- في أخبار الاستحاضة-: «تنظر أيامها فلا تصلي فيها- الحديث-». أعم من أيام العادة، و ما تستظهر فيها من الأيام كحكومة ما دل على أنّ العادة قد تتقدم بيوم. أو يومين، إلا أنّ الأخير حكومة واقعية، و الأول كذلك ما لم يتبيّن الخلاف، و إلا فتكون من الحكومة الظاهرية. هذا، مع أنّ بعض الأخبار التي توهم معارضتها مع أخبار الاستظهار وردت في مستمرة الدم، فلا ربط له بالمقام كخبر ابن جرير: «دخلت امرأة على أبي عبد اللّه عليه السلام- إلى أن قال- فقالت له: ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها، قال عليه السلام: إن كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثمَّ هي مستحاضة، قالت: فإنّ الدم يستمر بها الشهر و الشهرين و الثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال عليه السلام: تجلس أيام حيضها ثمَّ تغتسل لكلّ صلاتين»۸۳ الثانية: الموارد التي اختلفت فيها الأخبار- غاية الاختلاف- كثيرة في الفقه:
منها: منزوحات البئر، و حكم أخيرتي الرباعية، و أخيرة المغرب، و حكم السلام المخرج عن الصلاة، و أحاديث القصر، و ذبيحة الكتابي، و ما ورد في الرضاع إلى غير ذلك مما هو كثير و نتعرض لها في محالها إن شاء اللّه تعالى.
و منها: الأخبار التي وردت في أيام الاستظهار و هي على أقسام:
الأول: المطلقات الآمرة بالاستظهار، كقول الصادق عليه السلام: «إذا كانت أيام المرأة عشرة لم تستظهر فإذا كانت أقل استظهرت»۸4.
الثاني: ما دل على الاستظهار بعشرة أيام يعني: بإتمام عشرة أيام و هو يشمل كلّ ما زاد عن العادة إلى العشرة، كقول الصادق عليه السلام في خبر ابن يعقوب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة رأت الدم في حيضها حتّى تجاوز وقتها متى ينبغي لها أن تصلي؟ قال: تنتظر عدتها التي كانت تجلس، ثمَّ تستظهر بعشرة أيام- الحديث-»۸٥ الثالث: ما دل على الاستظهار بيوم، كقوله عليه السلام: «تستظهر بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيام- الحديث-»۸٦.
و مثله قوله عليه السلام أيضا: «إن كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد»۸۷.
الرابع: الأخبار الدالة على الاستظهار بثلاثة أيام، كقول أبي الحسن الرضا عليه السلام: «ثمَّ تستظهر بثلاثة أيام ثمَّ هي مستحاضة»۸۸.
و كذلك موثق سماعة و غيرهما۸۹.
الخامس: الروايات الدالة على الاستظهار بيوم أو يومين و هي كقول أبي جعفر عليه السلام: «المستحاضة تقعد أيام قرئها، ثمَّ تحتاط بيوم أو يومين- الحديث»۹۰.
السادس: ما دلّ على الاستظهار بيومين، أو ثلاثة كقوله عليه السلام: «تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلاثة أيام ثمَّ تصلي»۹۱.
السابع: ما دل على اليوم، أو يومين: أو ثلاثة، كقول الرضا عليه السلام: «تستظهر بيوم، أو يومين، أو ثلاثة»۹۲.
الثامن: ما دل على اليومين كقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «تقعد بقدر حيضها، و تستظهر بيومين»۹۳.
و لعل الحكمة في هذا الاختلاف اختلاف عادات النساء، فإنّ الغالب كونها بين سبعة و تسعة.
ثمَّ إنّ ظهورها في التخيير- بعد رد بعضها إلى البعض- مما لا ينكر خصوصا قول أبي الحسن عليه السلام في صحيح البزنطي قال: «سألته عن الحائض كم تستظهر؟ فقال: تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة»۹4.
و قول أبي عبد اللّه عليه السلام في الموثق: «تستظهر بعشرة أيام».
و قوله عليه السلام أيضا: «إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة»۹٥.
و لا ريب في انسباق التخيير من المجموع بعد جعل بعضها قرينة على البعض الآخر. فلا وجه لما يقال: إنّ القدر المتيقن من الأخبار إنّما هو اليوم الواحد، فلا موضوع للتخيير حينئذ. إذ لا معنى للأخذ بالقدر المتيقن، مع ظهورها في التخيير بين اليوم، و اليومين، و الثلاثة. كما لا وجه للإشكال بأنّه لا يتصور التخيير بين الأقل و الأكثر. لما أجيب عنه في الأصول مفصلا.
الثالثة: قد ثبت في الأصول أنّ الجملة الخبرية الواردة في مقام الإنشاء تدل على الوجوب، فيكون الاستظهار واجبا للتعبير به بالجملة الخبرية في الأخبار مضافا إلى ما ورد من الاهتمام به في الأخبار المستفيضة كالاهتمام بالواجب.
و لا وجه لما عن المدارك من استحبابه، بل نسبه إلى عامة المتأخرين، و استدل عليه بأنّ كثرة اختلاف الأخبار في مقداره من أمارات الندب، و بأنّه مقتضى الجمع بين ما دل على الأخذ بالعادة، و ما دل على الاستظهار، و بأن مرجع التخيير في أيام الاستظهار إلى التخيير في إتيان العبادة و تركها و هو باطل، و الكل فاسد:
أما الأول: فلأن الاختلاف في الأخبار من الأمور الشائعة و له نظائر كثيرة كما ذكرناه.
و أما الثاني: فبما تقدم من حكومة أدلة الاستظهار على أدلة الأخذ بالعادة.
و أما الأخير: فلأنّ التخيير موضوعي لا أن يكون حكميا كالتخيير بين الخبرين المتعارضين و تقليد المجتهدين المتساويين المختلفين في الفتوى.
كما لا وجه لما عن المعتبر من إباحة الاستظهار، لورود أخبارها مورد توهم الحظر، و لأصالة البراءة عن الوجوب و الاستحباب بعد معارضتها بأخبار الأخذ بالعادة.
لأنّ ورود هذه الأخبار الكثيرة مورد توهم الحظر مما يأباه المتفاهم العرفي و تقدم أنّه لا معارضة بين ما دل على الأخذ بالعادة و أخبار الاستظهار، لحكومة الأخيرة على الأولى.
الرابعة: الحكم بكون أيام الاستظهار حيضا مع عدم التجاوز عن العادة لا يدل على عدم الحيضية فيما تجاوز عنها من الأيام، لما تقدم في الفائدة۹٦، و على فرض الكلية- في حجية مثبتات الأمارات- إنّما هو إذا لم يكن في البين دليل على الخلاف، و أخبار الاستظهار تصلح لأن تكون دليلا على الخلاف.
ثمَّ إنّه قد تعارض أخبار الاستظهار بما دل على لزوم الأخذ بالعادة و الاقتصار عليها و هي أخبار كثيرة:
منها: مرسلة يونس الطويلة: «ألا ترى أنّ أيامها لو كانت- إلى أن قال- فيكون قد أمرها بترك الصلاة أياما و هي مستحاضة»۹۷
و منها: قوله عليه السلام: «المستحاضة تنظر أيامها، فلا تصلّي فيها و لا يقربها بعلها، فإذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت و صلّت»۹۸.
و منها: موثق مالك بن أعين: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها؟ قال عليه السلام: ينظر الأيام التي كانت تحيض فيها و حيضتها مستقيمة، فلا يقربها في عدة تلك الأيام من ذلك الشهر و يغشاها فيما سوى ذلك- الحديث-»۹۹.
و نحوها غيرها. و يجمع بينهما تارة: بحمل الأخبار الدالة على لزوم الأخذ بالعادة على مستمرة الدم، و الأخبار الدالة على الاستظهار على غيرها.
و فيه: أن إطلاقات كلّ منهما- الواردة في مقام جعل القاعدة- آبية عن هذا الحمل، و إن كان يشهد له ما تقدم من خبر ابن جرير إن حمل- الشهر و الشهرين، و الثلاثة فيه- على المثال لمطلق مستمرة الدم، و الا فيختص بمورده، فلا شهادة فيه على المقام.
و أخرى: بحمل الأولى على فاقد الصفة، و الأخيرة على واجدها.
و فيه: أنّه خلاف الإطلاقات جدّا، فكيف تقيد إطلاقات العادة، مع كونها من أقوى الأمارات؟ و كونها في مقابل أمارية الصفات، ثمَّ كيف تقيد إطلاقات أخبار الاستظهار بواجد الصفة، مع أنّ التأخر عن العادة يوجب ضعف الدم عن صفاته و في صحيح ابن يسار: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تحيض ثمَّ تطهر و ربما رأت بعد ذلك الشيء من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها فقال: تستظهر- الحديث»۱۰۰.
و ثالثة: بحمل الأولى على مستقيمة العادة و الثانية على المختلف عنها أحيانا، بقرينة قول الصادق عليه السلام في الموثق: «فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به و إن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين و لتغتسل- الحديث-»۱۰۱.
و فيه: أنّ استقامة العادة من كلّ جهة نادر جدّا و هو حمل على الفرد النادر، و المراد بقوله عليه السلام: «فإن كان قرؤها مستقيما» الاستقامة بحسب الأدلة الشرعية التي لا تنافي التقدم و التأخر في الجملة، بل و كذا الاستظهار على ما تقدم.
و رابعة: بحمل أخبار الاستظهار على من ترجو الانقطاع إلى العشرة، و أخبار الأخذ بالعادة على من لا ترجو ذلك.
و فيه: أنه إن كان المراد برجاء الانقطاع احتماله، فهو مورد الاستظهار، و إن كان غير ذلك فلا دليل عليه أصلا فالحق: أنه لا وجه للمعارضة بين أخبار الاقتصار على العادة و أخبار الاستظهار، لحكومة الثانية على الأولى عرفا.
تقدم أنّه على وجه الوجوب، لوجود المقتضي له و فقد المانع عنه.
لما تقدم من ظهور مجموع الأخبار في التمييز بلا دليل على الخلاف.
لأنّه لا أثر للاستظهار الا ذلك و هو المقطوع به عند كل من قال بالاستظهار.
فروع- (الأول): إذا تجاوز الدم عن العشرة تقضي ما تركته من العبادة في زمان الاستظهار على المشهور، للعمومات و الإطلاقات، و قاعدة الاشتغال.
(الثاني): لا فرق في التجاوز عن العشرة بين الكثير و القليل بعد صدق التجاوز عرفا.
(الثالث): إذا انقطع الدم و شك في التجاوز عن العشرة و عدمه فمقتضى الأصل عدمه.
(الرابع): لو لم تستظهر و عملت عمل المستحاضة فإن تجاوز الدم عن العشرة لا شيء عليها بعد تحقق قصد القربة في عباداتها، و إن لم يتجاوز تقضي صومها إن صامت.
(الخامس): لو شرعت في الاستظهار، فاستعملت دواء و انقطع الدم به قبل العشرة، فمقتضى الأصل عدم وجوب قضاء العبادات التي تركتها في زمان الاستظهار.
(مسألة ۲٤): إذا تجاوز الدم عن مقدار العادة و علمت أنّه يتجاوز عن العشرة تعمل عمل الاستحاضة فيما زاد و لا حاجة إلى الاستظهار (۹٦).
لأنّ موضوع الاستظهار احتمال التجاوز عن العشرة و عدمه، و مع العلم بالتجاوز يتحقق موضوع الاستحاضة و لا يبقى موضوع للاستظهار.
(مسألة ۲٥): إذا انقطع الدم بالمرة وجب الغسل و الصلاة و إن احتملت العود قبل العشرة، بل و إن ظنت (۹۷)- بل و إن كانت معتادة بذلك على إشكال (۹۸). نعم، لو علمت العود، فالأحوط مراعاة الاحتياط في أيام النقاء، لما مرّ من أنّ في النقاء المتخلل يجب الاحتياط (۹۹).
أما في صورة إحراز القطع بالمرة فللنص۱۰۲، و الإجماع، بل الضرورة الفقهية. و أما في صورة احتمال العود، فلإطلاق ما دل على وجوب الغسل و الصلاة بإحراز الطهر۱۰۳ الشامل لصورة الاحتمال أيضا مع أنّ هذا الاحتمال غالبي و مثل هذه الإطلاقات وردت مورد الغالب، و حيث إن الظن غير المعتبر كالاحتمال، فتشمله الإطلاقات أيضا، فما عن الشهيد من الاستظهار في صورة الظن، لا وجه له.
إن كانت العادة مما يوجب الاطمئنان بالعود، فالنقاء المتخلل حيض، و إلا فلا وجه لاعتباره أصلا، و قضية أنّ العادة مطردة لا أصل لها من عقل أو نقل. هذا إذا أحرزت أنّ الدم انقطع بالمرة و إلا فقد تقدم حكمه في [مسألة ۲۳] فراجع.
تقدم أنّ النقاء المتخلل حيض، فلا يجب الاحتياط و إن كان حسنا.
(مسألة ۲٦): إذا تركت الاستبراء و صلّت بطلت و إن تبيّن بعد ذلك كونها طاهرة إلا إذا حصلت منها نية القربة (۱۰۰).
لما مر من أنّ وجوب الاستبراء طريقي محض، لا أن يكون نفسيا، أو شرطا لصحة العمل، بل المدار في صحة العمل و فساده استجماعه لشرائط الصحة و عدمه، فعلى الأول يصح، استبرأت أم لا، و على الثاني لا يصح كذلك كما هو الحال في الفحص الذي يجب في جميع الموارد من الشبهات الموضوعية و الحكمية.
(مسألة ۲۷): إذا لم يمكن الاستبراء لظلمة أو عمى، فالأحوط الغسل و الصلاة إلى زمان حصول العلم بالنقاء (۱۰۱) فتعيد الغسل حينئذ و عليها قضاء ما صامت (۱۰۲) و الأولى تجديد الغسل في كلّ وقت تحتمل النقاء.
مقتضى أصالة بقاء الحيض هو التحيض و لا حاكم عليها إلا أدلة الاستبراء، و يمكن دعوى: اختصاصها بحال التمكن منه، فلا تشمل صورة التعذر، فالمقتضي للتحيض موجود و المانع عنه مفقود.
ثمَّ إنّه لو قلنا بحرمة العبادات على الحائض تشريعا، فلا ريب في صحة الاحتياط و كذا لو قلنا بالحرمة الذاتية و ترجيح جانب الفعل لمصلحة بقاء التمرين العبادي و غيره من المصالح. و أما لو قلنا بالحرمة الذاتية و عدم ترجيح طرف الفعل، فيكون من موارد دوران الأمر بين المحذورين، فلا موضوع للاحتياط حينئذ، كما تقرر في محله. و يأتي التفصيل في (فصل أحكام الحائض).
أما وجوب تجديد الغسل، فلفرض كونها محدثة بحدث الحيض و لم تغتسل عنه. و أما قضاء الصيام، فلوقوعه غير جامع للشرائط.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱۳ و ۱4.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱٦.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الحيض حديث: ۲
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: 4
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب العدد حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الحيض حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الحيض حديث: ۹
- الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱۰.
- الوسائل باب: ۲۸ من أبواب لباس المصلي حديث: 4
- الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: 44 من أبواب الوصايا حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱۲
- راجع الوسائل باب: ۱۰ و ۱۷ من أبواب نكاح العبد و الإماء.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱٦.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ٦
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱٦
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۲
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الحيض حديث: ۱
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الطواف حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- راجع البخاري ج: ۱ كتاب الحيض: باب الاستحاضة و ما بعده.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- مستدرك الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الحيض حديث: ۱۳.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الحيض حديث: ۱4.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الحيض حديث: ۱
- راجع الوافي ج: 4 باب: ۳ من أبواب الحيض تجد الرواية بكاملها من غير تقطيع و أما صاحب الوسائل فقد ذكر جملة منها في باب: ۱4 و ۱٦ و ۱۲ و 4 و ٥ و ۱۱ من أبواب الحيض.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الحيض حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الحيض حديث: ۱۱.
- راجع الوسائل باب: ۱۷ من أبواب العدد حديث: ۱ و باب: ٦ و 4 من أبواب الحيض و باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- تقدم في صفحة: ۱٦۱.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب الحيض حديث: ۱
- الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: ٥
- الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب الحيض حديث: ۱.
- راجع الوسائل باب: ٥ من أبواب الحيض.
- تقدم في صفحة: ۱٥٥.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب الحيض حديث: ۲.
- تقدم في صفحة: ۱٦۸
- الوسائل باب: ٥ من أبواب الحيض حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱۲
- الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الحيض.
- راجع الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الحيض حديث: 4
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الحيض حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الحيض حديث: ۲ هذا على ما رواه الكليني في الكافي و في نسخة الوسائل كلمة« صفرة» محذوفة.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۷
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الوسائل الحديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الوسائل الحديث: ۱۱
- تقدم في صفحة: ۱۷۷.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۸.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب الحيض حديث: ٦ و غيره من الأحاديث.
- الوسائل باب: 4۹ من أبواب الحيض حديث: ۳ و غيره مما هو مذكور فيه.