للنصوص، و الإجماع، و العمومات مثل قول الصادق عليه السلام:
«كلّ شيء أمسسته الماء، فقد أنقيته»٥4.
و قول أبي جعفر عليه السلام: «الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيره فقد أجزأه»٥٥.
و قول الصادق عليه السلام: «في رجل أصابته جنابة فقام في المطر حتّى سال على جسده أ يجزيه ذلك؟ قال: نعم»٥٦.
و في صحيح زرارة عن الصادق عليه السلام: «و لو أنّ رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك»٥۷.
و قوله عليه السلام في خبر الحلبي: «إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله»٥۸.
و لا ريب في ظهورها في سقوط الترتيب حينئذ، مضافا إلى الإجماع على عدم اعتباره في الغسل الارتماسي، فلا يعتبر فيه شيء غير استيلاء الماء على الجسد بأيّ نحو اتفق سواء كان من الرأس إلى القدم أو بالعكس أو بنحو آخر.
ثمَّ إنّ الارتماس و الغسل تارة: يتحققان في آن واحد دقيّ عقليّ، كما إذا قصد الغسل في الآن الذي يتحقق فيه استيلاء الماء على تمام الجسد.
و أخرى: يكون كلاهما تدريجيّا، كما إذا دخل متدرجا حتّى استولى الماء عليه و قصد الغسل كذلك.
و ثالثة: يكون الغسل آنيّا و الاستيلاء تدريجيّا، كما إذا دخل في الماء متدرجا و قصد الغسل في آن استيلاء الماء على الجسد.
و رابعة: يكون بالعكس، كما إذا استولى الماء على تمام جسده و كان على بدنه حاجب، فإزالة متدرجا و كان قاصدا للغسل حينئذ، و مقتضى الإطلاقات و العمومات صحة الجميع. فما عن المحقق الثاني من تشديد الإنكار على القسم الأول، فإن أراد عدم احتماله ثبوتا. فلا ريب في ضعفه. و إن أراد عدم الانحصار فيه، فهو حق، فيكون الغسل الارتماسي إما آنيّ الحصول لا يتصوّر حدوث الحدث في أثنائه أو تدريجيّا يتصور ذلك فيه.
و ما يقال: من أنّ قوله عليه السلام: «ارتماسة واحدة».
ينافي التدريجية مدفوع أولا: بأنّه لا يستفاد منه أزيد من سقوط الترتيب.
و ثانيا: أنّ المراد الوحدة العرفية غير المنافية للتدريج، كما يقال: قراءة الحمد- مثلا- عمل واحد، و صوم يوم الجمعة عمل واحد، و الوقوف بعرفات واحد إلى غير ذلك من الوحدات العرفية التي لا تنافي التدرج الوجودي. هذا كلّه في الغسل الارتماسي و الارتماس المصدري. و أما إن لوحظ بمعنى اسم المصدر.
فالظاهر عدم تصور التدرج فيه و لكنه ليس مورد التكليف كما لا يخفي.
ثمَّ إنّ الارتماس في الماء، و الانغماس فيه من المبينات اللغوية، و العرفية لا موضوع لبحث الفقيه فيه، فما نسب إلى المشهور من أنّه توالي غمس الأعضاء في الماء بلا تراخ عرفي ليس شيئا زائدا على المعنى المتعارف.
نعم، اعتبار عدم التراخي العرفي، إنما هو لقوله عليه السلام فيما تقدم:
«ارتماسة واحدة» بناء على صدق الارتماس على ما إذا ارتمس متراخيا، و إلا فالوحدة معتبرة في صدق المعنى العرفي أيضا.
فروع- (الأول): تعتبر الموالاة في الغسل الارتماسي، لاعتبار الوحدة العرفية فيه.
(الثاني): لا ريب في كون نفس الغسل متقوما بالقصد، و أما الترتيبية و الارتماسية، فلا دليل على كونهما قصديان و حينئذ، فلو كان غافلا عن استيلاء الماء على تمام بدنه و قصد الغسل يجزي إن تحقق الاستيلاء واقعا و كذا لو غسل رقبته أولا، ثمَّ الأيمن ثمَّ الأيسر قاصدا للغسل يجزي، و لو كان جاهلا بالترتيب، أو غافلا عنه.
(الثالث): يجوز أن يغسل بعض الأعضاء بالارتماس في الماء و البعض الآخر بصب الماء عليه في الخارج، لإطلاق الأدلة و أنّ المقصود كلّه وصول الماء إلى البشرة بأي وجه اتفق.
(الرابع): لا يعتبر في الغسل الارتماسي أن يكون الارتماس في الماء بالعمد و الاختيار، فلو القي في الماء بلا اختيار و قصد الغسل حين الإلقاء صح و كفي.
(الخامس): لا يعتبر فيه أن يكون الارتماس من الغاسل، فلو جرى عليه الماء أو من المطر أو الدوش بحيث صار مرتمسا فيه و قصد الغسل أجزأ. كما لا يعتبر فيه وحدة الماء، فلو كان واقفا في الماء إلى وسطه و جرى عليه من فوقه بحيث استولى عليه الماء و نوى الغسل صح و أجزأ أيضا.
(السادس): لو كان داخلا في الماء و خرج منه و كان الماء باقيا على تمام بدنه يصح منه الغسل الترتيبي بأن يدلك ذلك الماء الباقي على رأسه و رقبته ثمَّ الأيمن، ثمَّ الأيسر و هل يصح منه الغسل الارتماسي، لفرض استيلاء الماء على تمام البدن؟ وجهان.
(السابع): لو لم يكن الماء مباحا حين الارتماس و رضي صاحبه بعد الدخول في الماء يصح قصد الغسل بعد الدخول و يجزي و لو كان بالعكس، فلا يصح إلا إذا قصد الغسل بنفس الارتماس.
(الثامن): لا يعتبر الاستقرار حين الغسل مطلقا، فيصح الغسل حال المشي و عدم الاستقرار ترتيبا أو ارتماسا.