1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الجهاد
  10. /
  11. تتميم في الغنائم
و أما الغنائم: و المراد بها في المقام كل ما استولت عليه الفئة المجاهدة بالقهر و الغلبة. و هي إما منقولة- كالنقود، و الأمتعة- أو غير منقولة- كالأراضي و العقار- و إما سبي كالنساء و الأطفال.
(مسألة ۱۱): كل ما كان منقولا يملكه الغالبون إلا ما أسقط الشارع ملكيته- كالخمر، و الخنزير، و كتب الضلال و نحوها- (۱) و لكن يعتبر إخراج الخمس و الجعائل التي يجعلها وليّ الأمر لكل ما شاء و أراد من المصالح، و إخراج المصارف التي يصرفها عليها (۲).

بضرورة من المذهب إن لم تكن من الدين، و لأنّه لو لم يملكها الغانمون يصير من الملك بلا مالك لفرض خروجها عن ملك الكفار بالغلبة و الاستيلاء.

إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها في كتاب الخمس‏۱.

(مسألة ۱۲): لا يجوز لأحد من الغانمين التصرف في شي‏ء من الغنيمة إلا بعد القسمة أو الاستيذان من وليّ أمر الجهاد (۳).

لأنّها من الأموال المشتركة بين الجميع و لا يجوز لأحد من الشركاء التصرف في المال المشترك إلا مع الإذن أو بعد القسمة و الاختصاص و في النبوي: «من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من في‏ء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه»۲: نعم، لا بأس بما لا بد منه مع الضرورة بعد مراجعة وليّ الأمر.

(مسألة ۱۳): الأعيان المحرمة الموجودة في الأموال إن كانت لها منافع محللة تدخل في الغنيمة تبعا للمنافع (٤).

لوجود المقتضي حينئذ و فقد المانع.

(مسألة ۱٤): يصح أن يبيع أحد الغانمين غانما آخر حصته قبل القسمة فتصير الحصة للمشتري حينئذ مضافا الى حصته الخاصة به (٥).

لعمومات أدلة البيع، و إطلاقاتها الشاملة له.

و دعوى: أنّه من البيع المجهول فيبطل من هذه الجهة (باطلة) لأنّه من حيث ذات المبيع يكون من بيع الكليّ في المعيّن و من حيث المقدار يمكن معرفته مع معلومية عدد الغانمين، مع أنّ له معرضية عرفية للتعيين، فلا محذور في البين من هذه الجهة أيضا.

ثمَّ إنّه مع صحة البيع لا فرق بين كون المشتري مسلما أو كافرا، لشمول العمومات له أيضا ما لم يكن محذور آخر في البين كما لا فرق بين البيع و سائر النواقل الاختيارية، بل الظاهر أنّه لو مات الغانم قبل القسمة تنقل حصته إلى‏ ورثته، لعمومات أدلة الإرث.

(مسألة ۱٥): كل ما كان من المباحات الأولية في دار الحرب كالصيود، و الأشجار و نحوها- باق على إباحتها الأصلية يملكها كل من حازها من مسلم، أو منافق، أو كافر (٦)، نعم، لو كان عليه أثر ملك و هو في دار الحرب كان غنيمة (۷).

لأنّ المنساق من الغنائم ما كانت ملكا للحربيّ و المفروض أنّها لم تملك بعد، فما دل على أنّها تملك بالحيازة باق على حاله من دون أن يعارضه شي‏ء.

لكشف ذلك عن أنّه كان ملكا لحربي و كل ما هو ملك الحربيّ غنيمة إذا استولى عليه المسلم.

(مسألة ۱٦): ما يؤخذ في دار الحرب، و يحتمل أنّه للمسلم أو الحربيّ يجري عليه حكم اللقطة (۸).

لتحقق موضوعها عرفا فيجري عليه الحكم قهرا.

(مسألة ۱۷): ما لا ينقل من الأموال- كالأراضي- يكون للمسلمين قاطبة و فيها الخمس (۹)، و كذا السبي- كالنساء و الذراري- ففيها الخمس، و لكنّها تختص بالغانمين من دون أن تكون لجميع المسلمين (۱۰).

إجماعا، و نصوصا تقدمت في كتاب الخمس و لا وجه للإعادة فراجع.

لأنّها من المنقولات فيجري عليها حكم ما تقدم في المنقول.

(مسألة ۱۸): الأراضي على أقسام أربعة لأنّها إمّا موات أو عامرة و كل‏ منهما أما أصلية أو عارضة (۱۱).

قد تعرّض الفقهاء للبحث عن الأراضي.

تارة: في كتاب البيع في شروط العوضين.

و اخرى‏: في كتاب الخمس.

و ثالثة: في إحياء الموات.

و رابعة: في المقام و لا بأس في الإشارة إلى بعض ما يناسب المقام و إيكال البقية إلى محالها. و البحث فيها من جهات:

الأولى‏: في بيان أن أيّ قسم منها من الأنفال و أيّ قسم منها ليس منها: كل أرض كانت عامرة بالأصالة أو مواتا كذلك فهي من الأنفال نصوصا۳ و إجماعا، و كذا كل أرض عرض لها الموات بعد كون العمارة أصلية فكما أنّ أصلها كانت للإمام فكذا بعد عروض الموت عليها أيضا، لأنّه عرض في ملكه و إن كانت العمارة من معمر فهي ملك للمحيي مسلما كان أو كافرا، و قد تقدم جملة من الكلام في كتاب الخمس و البيع و تأتي بقية الكلام في كتاب الإحياء إن شاء اللّه تعالى.

الثانية: الأراضي التي تكون تحت استيلاء الكفار على أقسام:

الأول‏: ما إذا أسلم أهلها طوعا فهي ملك لهم كسائر أملاكهم و ليس لأحد من الناس التعرّض لهم فيها بالأدلة الأربعة.

الثاني‏: ما إذا لم يسلموا و لكن أقرّهم عليها وليّ الأمر لمصلحة تقتضيه و هي أيضا كالقسم الأول بلا فرق بينهما.

الثالث‏: ما إذا لم يسلموا و لكن وقعت الأرض تحت استيلاء المسلمين بانجلاء أهلها عنها و تخليتها للمسلمين أو بموت أهلها و لا وارث لهم غير الإمام عليه السّلام و هذا القسم من الأرض للإمام عليه السّلام نصّا و إجماعا.

الرابع‏: ما إذا بقي أهل الأرض على كفرهم و غلب المسلمون عليه و استولوا على الأرض بالقهر و الغلبة و هذا القسم مما اصطلحوا عليه بالأرض المفتوحة عنوة و هي ملك للمسلمين- الموجود منهم و لما سيوجد من المسلمين- إلى يوم القيامة ففي صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام السواد ما منزلته؟ قال عليه السّلام: هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم و لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم و من لم يخلق بعد. فقلت: الشراء من الدهاقين؟ قال عليه السّلام: لا يصلح إلا أن تشتري منهم على أن تصيرها للمسلمين فإن شاء وليّ الأمر أن يأخذه فله- الحديث-»4.

و صحيح صفوان عن أبي بردة بن رجا قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: و من يبيع ذلك؟! و هي أرض المسلمين؟! قلت: يبيعها الذي هو في يده. قال: و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟ ثمَّ قال عليه السّلام:

لا بأس اشتري حقه منها و يحول حق المسلمين عليه و لعله يكون أقوى عليها و أملى بخراجهم منه»٥.

الثالثة: من جهات البحث الملكية على أقسام:

الأول‏: الملكية المطلقة المحضة من كل جهة كملكية الأشخاص لأموالهم الخاصة لهم.

الثاني‏: ملكية المنفعة على نحو الإشاعة كالملكية في الوقف الخاص.

الثالث‏: الملكية في الوقف العام.

الرابع‏: الملكية في الخمس و الزكاة لأربابها.

الخامس‏: الملكية في الأرض المفتوحة عنوة.

و الأخير نحو ملكية تغاير جميع أنحاء الملكيات. و الثاني و الثالث من ملكية المنفعة لا العين.

و الأخير يصير ملكا خاصّ بعد القبض، و ملكية الأرض المفتوحة عنوة ليست من ملكية المنفعة و لا تصير ملكا خاصا أيضا بعد الاستيلاء عليها فهي نحو استيلاء خاص يخالف جميع أنحاء الاستيلاءات. و من عبّر بأنّها من ملكية العين تبعا للآثار لم يرد الملكية الخاصة و إلا فهو يخالف الإجماع لاتفاق الكل على أنّه لا يملكها المتصرّف فيها و لا يصح له بيعها و لا هبتها و لا وقفها و لا غير ذلك من التصرفات المتوقفة على الملك فالأرض المفتوحة عنوة كالتاج الذي يتوارثه الملوك خلفا عن سلف فيستقبح عليهم النواقل الاختيارية عند كافة العقلاء و يستنكر ذلك منهم أشدّ استنكار و يكون ذلك عليهم من علامة الذل و الهوان و الفرق بينهما أنّه ملك شخصي و الأرض المفتوحة عنوة ملك نوعيّ بل الأول أيضا نوعيّ لكنه من النوع المنحصر في الفرد في كل عصر بخلاف المفتوحة عنوة.

الرابع‏: من جهات البحث، يعتبر في المفتوحة عنوة أمور:

الأول‏: أن تكون الأرض محياة حين الفتح لأنّ الموات من الأنفال و مختص بالإمام عليه السّلام.

الثاني‏: أن يكون الفتح بإذن الإمام عليه السّلام و إلا فهي له عليه السّلام.

الثالث‏: يجب فيها الخمس من حيث الغنيمة و قد تعرّضنا لذلك كله في كتاب الخمس.

الرابع‏: من يقوم بعمارتها له حق مزاحمة الغير، للسيرة و الإجماع و ظواهر النصوص‏٦. لاحق النقل و الانتقال، للإجماع على عدم خصوص الملكية فيها لأحد.

الخامس‏: التصرف في الأرض لا بد و أن يكون بإذن وليّ الأمر، لكونه وليا للمصالح العامة للمسلمين و المقام منها.

السادس‏: موضوعها بحسب الأصل غير منقح لأنّ من شرط تحققه إذن الإمام عليه السّلام و كونها محياة حال الفتح و مقتضى الأصل عدم تحققهما في مورد الشك. نعم، نعلم إجمالا بوجودها في بلاد الإسلام و هذا العلم الإجماليّ لا أثر له لعدم تنجزه من حيث خروج بعض أطرافه الأخر عن موعد الابتلاء.

السابع‏: فيها الخراج نصّا۷، و إجماعا على ما يأتي.

الثامن‏: أجزائها المنفصلة عنها يجوز التصرف فيها، للسيرة المستمرة قديما و حديثا.

التاسع‏: تصرف حاصلها في مصالح المسلمين، لأنّه لا معنى لكون الأرض ملكا نوعيا لذلك و يأتي في كتاب البيع عند بيان اشتراط كون المبيع ملكا طلقا بعض ما يتعلق بأحكام الأرضين.

(مسألة ۱۹): أرض الصلح تدور مدار كيفية الصلح فإن صولحوا على أن تكون الأرض لهم تكون كسائر أملاكهم يتصرّفون فيها بكل ما أرادوا و إن صولحوا على كون الأرض للمسلمين و لهم السكنى فيها و عليهم الجزية تكون كالأرض المفتوحة عنوة محياتها و مماتها للإمام (۱۲).

للإجماع، و ما دل على وجوب الوفاء بالعقود في كل منها، و في المقام بعض الفروع هي أشدّ مناسبة لمباحث إحياء الموات تعرّضنا له هناك فراجع.

(مسألة ۲۰): لو اشترى المسلم من الحربي أرضا و استأجر دارا ثمَ‏ فتحت عنوة لا يبطل البيع و الإجارة (۱۳).

للأصل، و ظهور الإجماع فيهما.

(مسألة ۲۱): لا تقسم الغنيمة إلا بعد إخراج الجعائل التي يجعلها الإمام عليه السّلام من الغنيمة على فعل مصلحة من المصالح، و بعد إخراج المؤمن التي أنفقت على الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ و حمل ورعي و نحوها (۱٤)، و بعد استثناء صفايا الغنيمة فإنّها للإمام عليه السّلام- كالجارية الورقة، و المركب الفاره و السيف القاطع، و قطائع الملوك فإنّها أيضا للإمام عليه السّلام- ثمَّ يخرج الخمس (۱٥) و تقسّم بعد ذلك الأربعة الأخماس الباقية بين المقاتلين، و من‏ حضر القتال و لو لم يقاتل حتى الطفل و لو ولد بعد الحيازة و قبل القسمة (۱٦).

للإجماع على ذلك كله بلا خلاف فيه من أحد في أصل الإخراج في الجملة.

لظهور النص‏۸، و الفتوى في أنّ صفو المال للإمام عليه السّلام قبل إخراج الخمس و لم يظهر الخلاف فيه من أحد إلا من الفاضل في المنتهى فجعله كالرضخ في البحث في تقديمه على الخمس أو تأخيره عنه و الظاهر سقوط قوله، لمخالفته لظواهر النصوص و الفتاوى.

نعم، عن جمع منهم الشيخ، و الشهيدان تقديم الخمس على الجعائل و السلب و الرضخ، و المؤن لظواهر الإطلاقات الشاملة لوجوبه في مطلق الغنيمة بعد تحققها و صدقها عرفا.

و عن جمع منهم المحقق في الشرائع أنّها أيضا كصفو المال يقدم إخراجها ثمَّ يخمس الباقي للشك في صدق الغنيمة على هذه الأموال التي لا بد من إخراجها بحسب المتعارف من الغنيمة فإخراج مثلها أولا من الغنيمة كالقرينة المحفوفة تمنع عن ظهور الإطلاق.

و بالجملة: الغنيمة هي الفائدة العامة المشتركة لمن حضر القتال بعد أخذ الإمام عليه السّلام ما يختص به و بعد أخذه منها ما أراد صرفه في مصالحها و بعد إخراج الخمس.

ثمَّ إنّ الرضخ: عبارة عن العطاء اليسير الذي يعطيه وليّ الأمر إلى من لا سهم له في الغنيمة، لعدم وجوب الجهاد عليه و هم النساء، و العبيد، و الكفار إن قاتلوا بإذن الإمام عليه السّلام.

أما النساء فنصّا، و إجماعا ففي خبر سماعة: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى و لم يسهم لهنّ من الفي‏ء شيئا و لكن نفلهنّ»۹.

أما العبيد فيدل عليه- مضافا إلى الإجماع- قول عليّ عليه السّلام: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ليس للعبد من الغنيمة شي‏ء و إن حضر و قاتل عليها فإن رأى الإمام عليه السّلام و من أقامه الإمام عليه السّلام أن يعطيه على بلاء إن كان منه أعطاه من خرثي المتاع ما رآه»۱۰.

و خبر عمر مولى أبي اللحم قال: «شهدت خيبر مع سادتي فكلموا فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أخبروه أنّي مملوك فأمر لي بشي‏ء من خرثي المتاع»۱۱.

و أما ما يظهر من خبر ابن مسلم من عدم الفرق بين العبد و غيره في الغنيمة، و كذا خبر حفص، ففي الأول قال أبو عبد اللّه «لما ولي عليّ عليه السّلام صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه ثمَّ قال: أما إنّي و اللّه ما أرزؤكم من فيئكم درهما ما قام لي عذق بيثرب فلتصدقكم أنفسكم أ فتروني مانع نفسي و معطيكم قال فقام‏ إليه عقل كرم اللّه وجهه فقال: أ فتجعلني و أسود في المدينة سواء؟! فقال عليه السّلام:

اجلس ما هنا أحد يتكلم غيرك و ما فضلك عليه إلا بسابقة أو تقوى»۱۲.

و في خبر حفص قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: و سأل عن بيت المال فقال أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوي بينهم في العطاء و فضائلهم بينهم و بين اللّه أجعلهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد منهم لفضله و صلاحه في الميراث على آخر ضعيف منقوص و قال: هذا هو فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله‏۱۳» فهو ساقط من جهة قصور السند، و الإعراض، و ضعف الدلالة لإمكان أن يكون التساوي من سائر الأموال التي تجتمع في بيت المال غير الغنائم.

و أما الكافر المأمون فإنّما يستحق من سهم‏ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ‏ و من الرضخ إذا خرج بإذن الإمام عليه السّلام بالإجماع و إن خرج بغير إذنه فلا شي‏ء له، و كذا إذا لم يكن مأمونا فلا يستحق شيئا بالأولى.

إجماعا، و نصّا قال عليّ عليه السّلام في خبر مسعدة بن صدقة: «إذا ولد المولود في أرض الحرب قسم له مما أفاء اللّه عليهم»۱4.

(مسألة ۲۲): و مما يستثنى أولا من الغنيمة السّلب إن شرطه الإمام عليه السّلام للقاتل (۱۷)، و لو لم يشترط لم يختص به بل هو من الغنيمة فيشترك فيه جمع‏ المقاتلة (۱۸).

السّلب- بفتح اللام-: هو ألبسه المقتول فعلا، و يدل على كونه للقاتل الإجماع، و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه»۱٥.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين: «من قتل قتيلا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم»۱٦، مضافا إلى ظهور الإجماع، و قاعدة المؤمنون عند شروطهم، و لأنّه من الجعائل حينئذ.

لعموم ما دل على قسمة الغنيمة بين المقاتل من غير ما يصلح للتخصيص حينئذ، مضافا الى ظهور الإجماع.

و دعوى: أنّ قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر: «من قتل قتيلا فله سلبه» جعل عام منه صلّى اللّه عليه و آله لكل مقاتل إلى الأبد مدفوعة: بأنّ الشك في كونه من الجعل العام الأبدي يكفي في عدم صحة التمسك به لأنّه حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك مع إعراض المشهور عن هذا التعميم بل دعواهم الإجماع على الخلاف.

(مسألة ۲۳): يشترط في استحقاق السّلب أن يكون المقتول ممن يجوز قتله لا مثل الصبيّ، و المرأة، و الشيخ الفاني (۱۹)- و أن ينتسب القتل إلى القاتل عرفا (۲۰)، فلو جرحه شخص و قتله آخر كان السلب للثاني (۲۱) إلا إذا كان الجرح وحده يكفي لقتله، و في مورد الشك يجري على السّلب حكم الغنيمة (۲۲) و أن يكون المقتول فيه قوة المدافعة في المعركة (۲۳).

للنهي عن قتلهم فيكون الجعل حينئذ من الجعل على المحرم فلا يستحق شيئا.

لما تقدم من الإجماع، و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله.

لصحة انتساب القتل إلى القاتل عرفا دون الجرح.

لأصالة عدم اختصاص السلب بأحد فيكون من الغنيمة حينئذ.

لانصراف الأدلة عمّا هو في شرف الموت، و في حال النزع.

(مسألة ۲٤): لو أقبل الكافر على رجل من المسلمين يقاتله فجاءه آخر من ورائه فقتله فسلبه لقاتله (۲٤)، و لو قتله اثنان فالسّلب لهما (۲٥).

لصدق القتل عليه عرفا، و لما عن أبي قتادة قال: «خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال: فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه فأقبل عليّ فضمّني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثمَّ أدركني الموت فأرسلني- إلى أن قال- ثمَّ إنّ الناس رجعوا و جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه فقمت ثمَّ قلت: من يشهد لي؟ ثمَّ جلست، ثمَّ قال صلّى اللّه عليه و آله ذلك فقمت و قلت: من يشهد لي؟ ثمَّ جلست فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مالك يا أبا قتادة؟ فقصصت عليه القصة فقال رجل من القوم: صدق يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه فقال أبو بكر لا ها اللّه إذا يعمد إلى أسد من أسد اللّه يقاتل عن اللّه و عن رسوله فيعطيك سلبه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صدق فأعطه إياه فقال أبو قتادة: فأعطانيه»۱۷.

لصدق القتل عرفا بالنسبة إليهما فيشملهما الدليل، و لكن الأحوط الاستيذان الجديد من وليّ الأمر، و كذا لو كانت القتلة جمعا، لاحتمال انصراف الأدلة عنه.

(مسألة ۲٥): لا يلحق الأسير بالقتل في السّلب (۲٦).

لما تقدم، و لكن في خبر عبد اللّه بن ميمون: «أتي عليّ عليه السّلام بأسير يوم صفين فبايعه عليّ عليه السّلام فقال: لا أقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين فخلى سبيله و أعطى سلبه الذي جاء به»۱۸، و لكنه قضية في واقعة وقعت بنظره عليه السّلام فلا يستفاد منها حكم كلي.

(مسألة ۲٦): المرجع في السّلب هو العرف فكلما كان معه فعلا فهو داخل فيه (۲۷) و في مورد الشك يجري حكم الغنيمة (۲۸)

لأن ذلك ليس من الموضوعات المستنبطة و لا الموضوعات الشرعية حتى يكون نظر الفقيه متبعا فيه، و يختلف ذلك باختلاف خصوصيات المقتول المسلوب منه، فلا يختص بشي‏ء دون شي‏ء و تحديد الفقهاء و اختلافهم فيه نزاع صغروي فالمرجع هو العرف.

لما تقدم من الأصل في (مسألة ۱۳).

(مسألة ۲۷): كيفية قسمة الغنيمة و كميتها بالنسبة إليهم موكولة إلى نظر وليّ الأمر و الظاهر اختلافه بحسب اختلاف الظروف و الخصوصيات (۲۹).

لأنّه مضافا إلى إحاطته بالحكم محيط حينئذ بالجهات الخارجية القابلة لتغير الحكم مع اختلافها و تغييرها بحسب الأزمنة بل الأمكنة و سائر الخصوصيات، و ما تعرّض له الفقهاء في المقام من الفروع صحيح مع الجمود على نفس تلك الموضوعات و لكنّها تبدّلت و تغيّرت تبدلا و تغيرا فاحشا بل الحرب و القتال بجميع خصوصياتهما و جهاتهما تغيّرت و في معرض التغيير أيضا و مع ذلك فأيّ شي‏ء نقول في حكم الموضوعات المتبدلة؟ فالأولى إيكاله إلى نظر وليّ الأمر مع شهوده للواقعة. و حيث جرت عادتهم قدّس سرّه على التعرض لبعض الفروع ذكرناها في المتن تبركا بمتابعتهم.

(مسألة ۲۸): ذكر الفقهاء: أنّ للراجل سهما، و لمن له فرس واحد سهمان (۳۰) و الذي الفرسين فصاعدا ثلاثة أسهم (۳۱) و لا سهم للإبل و البغال، و الحمير، و البقر، و الفيلة، و إن قامت مقام الفرس في النفع أو زادت (۳۲)، و المرجع في الفرس ما كان فرسا ينتفع به في الحرب لا مجرّد صدق الاسم فقط و لو لم ينتفع به أصلا (۳۳).

إجماعا، و لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر حفص بن غياث «للفارس سهمان و للراجل سهم»۱۹، و عن مجمع الأنصاري: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على أهل الحديبية فأعطى الفارس سهمين و أعطى الراجل سهما»۲۰.

للإجماع، و لقول عليّ عليه السّلام في خبر أحمد بن نضر: «إذا كان مع الرجل أفراس في غزو لم يسهم له إلا الفرسين منها»۲۱، و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«كان يسهم للخيل، و كان لا يسهم للرجل فوق فرسين و إن كان معه عشرة أفراس»۲۲.

للإجماع، كما عن الفاضل في المنتهى.

لأنّ ذلك هو المنساق من الفرس المسهوم له في المقام.

(مسألة ۲۹): لو كان الفرس مغصوبا لا سهم له إلا إذا كان المغصوب منه حاضرا فالسهم حينئذ للمغصوب منه لا الغاصب (۳٤).

لظواهر الأدلة الدالة على ملكية الفرس، مضافا إلى الإجماع.

(مسألة ۳۰): المدار على كونه فارسا حين حيازة الغنيمة لا حين الورود في المعركة (۳٥).

إجماعا، و لأنّه المنساق من الأدلة، و يشهد له خبر الدعائم عن عليّ عليه السّلام أيضا: «من مات في دار الحرب من المسلمين قبل أن تحرز الغنيمة فلا سهم له فيها و إن مات بعد أن أحرزت فسهمه ميراث لورثته و لا قوة إلّا باللّه»۲۳.

(مسألة ۳۱): لو استناب أحد شخصا للجهاد يكون السهم للنائب دون المنوب عنه (۳٦).

لأنّه المقاتل، و كذا لو كان الفرس للغير و أخذه المقاتل بالاستعارة أو الإجارة يكون السهمان للمقاتل معه لا لصاحب الفرس.

(مسألة ۳۲): الجيش يشارك السرية في غنيمتها إذا أصدرت عنه، و بالعكس، و كذا لو خرج معه سريتان إلى جهة واحدة فغنمتا اشترك الجيش و السريتان (۳۷).

كل ذلك لإجماع الإمامية.

(مسألة ۳۳): لو خرج جيش إلى جهتين فغنما لم يشرك أحدهما الآخر في غنيمته (۳۸).

للإجماع، و لأنّهما موضوعان مختلفان لا ربط لأحدهما بالآخر.

نعم، لو كان من الموضوع الواحد بحسب نظر أهل خبرة الحرب يشتركان حينئذ.

(مسألة ۳٤): الأولى قسمة الغنائم في دار الحرب و يكره تأخيرها عنها إلا لعذر (۳۹).

للإجماع، و التأسي، و ما نقل عنه صلّى اللّه عليه و آله من تأخير قسمة غنائم حنين، و الطائف بعد خروجه صلّى اللّه عليه و آله إلى الجعرانة قضية في واقعة۲4، لعله كان لعذر لا نعلمه.

(مسألة ۳٥): المقاتلون يملكون الغنيمة بالاستيلاء عليها (٤۰) و إن لم يجز لهم التصرف فيها إلا بعد القسمة (٤۱)، فلو مات أحدهم قبل القسمة يكون سهمه لوارثه كما في جميع الأموال المشتركة قبل القسمة، و أما الجعائل، و الرضخ فإن كانت في مقابل عمل بحيث يكون من قبيل الأجرة للعمل يكون كذلك أيضا (٤۲)، فيجب على وليّ الأمر اعطاءها إلى ورثته لو مات قبل الأخذ (٤۳) و إن لم يكن كذلك فلا تملك إلا بالأخذ فإن مات قبله فلا شي‏ء لورثته كما لو مات الفقير قبل أخذ الزكاة (٤٤).

لظهور الإجماع، و المنساق من الأدلة الدالة على أنّ الغنيمة للمقاتلين.

لأنّه من المال المشترك الذي ليس لكل واحد من الشركاء التصرف فيه إلا بإذن الباقين.

لفرض أنّهم يملكونها بمجرد الجعل في مقابل عملهم كما سيأتي في كتاب الإجارة.

لفرض أنّ الموروث صار مالكا فيدخل في عموم «ما تركه الميت فهو لوارثه».

لأنّها حينئذ مثل التبرعيات و الصدقات التي لا تملك إلا بالقبض.

(مسألة ۳٦): لا بد لوليّ الأمر التحفظ على ذرية المقاتلين و عيالاتهم بعد استشهادهم بكل ماله دخل في حفظهم و حفظ شئونهم، كما أنّه لو مرض أحد من المقاتلين لا بد له من الإنفاق لما يحتاج إليه في علاجه (٤٥).

لأنّ ذلك كله من أهمّ المصارف للأموال التي تكون تحت استيلائه من بيت المال.

(مسألة ۳۷): الحربيّ يملك ماله و لا يملك مال المسلم بالاستغنام (٤٦) فلو غنم الحربي أموال المسلمين و ذراريهم، فالأموال ملك لصاحبها و المسلمون لا سبيل لأحد عليهم (٤۷).

بضرورة من المذهب بل الدّين فيهما.

(٤۷) إجماعا، و نصّا قال هشام بن سالم: «سأل الصادق عليه السّلام رجل عن الترك يغزون على المسلمين فيأخذون أولادهم فيسرقون منهم أ يرد عليهم؟

قال: نعم، و المسلم أخو المسلم و المسلم أحق بماله أينما وجده»۲٥.

و في مرسلة۲٦، عنه عليه السّلام أيضا: «في السبي يأخذ العدوّ من المسلمين في القتال من أولاد المسلمين أو من مماليكهم فيحوزونه، ثمَّ إنّ المسلمين بعد قاتلوهم فظفروا بهم و سبوهم و أخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين و أولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين كيف يصنع بما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين و مماليكهم؟ قال عليه السّلام: أما أولاد المسلمين فلا يقامون في سهام المسلمين، و لكن يردون إلى أبيهم و أخيهم و إلى وليّهم بشهود، و أما المماليك فإنّهم يباعون و تعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت مال المسلمين» و غيرهما من الأخبار و لا فرق فيه بين ما قبل القسمة و بعدها، لإطلاق ما تقدم من الخبر و لكن يرجع الغنائم بعد القسمة بقيمتها إلى الإمام جمعا بين الحقين.

(مسألة ۳۸): لو لم يجد المسلم ماله و ثبت أنّ المشركين أخذوه و غنمه‏ المسلمون و تلف عندهم يغرمه وليّ الأمر من بيت المال (٤۸).

لأنّه من المصالح و المقام منها.

(مسألة ۳۹): لو أخذ المشركون شيئا من المسلمين سرقة أو هبة، أو شراء ثمَّ غلب المسلمون عليهم يكون المال لصاحبه المسلم و لا يدخل في الغنيمة (٤۹).

لإطلاق قوله عليه السّلام فيما تقدم من خبر هشام: «المسلم أحق بماله أين ما وجده» و نفى عنه الإشكال في الجواهر.

أقول: و هو مشكل في الأخيرين لاحتمال انصراف قوله عليه السّلام: «المسلم أحق بماله أين ما وجده» عنهما.

(مسألة ٤۰): لو علم أمير الجيش بمال المسلم و أدخله في الغنيمة و قسمها وجب عليه رده إلى صاحبه و تبطل القسمة له (٥۰).

لاستصحاب بقاء الملكية، و قاعدة أنّ الناس مسلطون على أموالهم فيكشف ذلك عن بطلان القسمة التي وردت على مال الغير.

(مسألة ٤۱): لو أسلم الحربيّ الذي في يده مال المسلم وجب عليه رده إلى صاحبه (٥۱).

لقاعدة السلطنة، و عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذنه.

(مسألة ٤۲): لو دخل مسلم دار الحرب فسرق مال المسلم الذي أخذه الحربي، أو نهبه، أو اشتراه ثمَّ أدخله دار الإسلام يكون صاحبه أحقّ به (٥۲).

لإطلاق قوله عليه السّلام: «المسلم أحق بماله أين ما وجده»، و مقتضاه صحة أخذ المسلم كل ما كان تحت استيلائه سواء كان ملك العين أو المنفعة أو الانتفاع.

(مسألة ٤۳): لو غنم المسلمون من المشركين شيئا عليه علامة الإسلام فهو غنيمة (٥۳).

لظاهر اليد ما لم تكن أمارة أقوى منه.

  1. راجع ج: ۱۱ صفحة: ۳۷۹.
  2. سنن أبي داود باب: 44 من أبواب النكاح: حديث: ۲٥۱۹.
  3. راجع الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۳۲ و غيره من الأحاديث.
  4. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب عقد البيع حديث: 4( كتاب التجارة).
  5. الوسائل باب: ۷۱ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۷۱ و ۷۲ من أبواب جهاد العدوّ و كذا باب ۲۱ من عقد البيع.
  7. الوسائل باب: ۷۲ من أبواب جهاد العدوّ، و كذا باب ۲۱ من عقد البيع.
  8. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: 4( كتاب الخمس).
  9. الوسائل باب: 4۱ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ٦
  10. مستدرك الوسائل باب ۳٦ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ٦.
  11. سنن ابي داود باب: ۱4۱ من أبواب الجهاد حديث: ۲۷۳۰ و في المغني ج: ۱۰ صفحة: 4٥۲
  12. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱
  13. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۳.
  14. الوسائل باب: 4۱ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۸.
  15. البخاري كتاب الخمس باب: ۱۸ و في سنن ابن ماجه باب: ۳۹ من أبواب الجهاد.
  16. سنن أبي داود باب: ۱۳٦ من أبواب الجهاد حديث: ۲۷۱۸.
  17. سنن أبي داود باب: ۱۳٦ من أبواب الجهاد الحديث: ۲۷۱۷
  18. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۳.
  19. الوسائل باب: ۳۸ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
  20. سنن أبي داود ج: ۳ باب: ۱44 من أبواب الجهاد حديث: ۲۷۳٦.
  21. الوسائل باب: 4۲ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
  22. المغني لابن قدامة ج: ۱۰ صفحة 44۷ ط بيروت.
  23. مستدرك الوسائل باب: ۳٦ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۷.
  24. راجع المغازي صفحة: ۸٥٤- ۹4۳.
  25. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۳.
  26. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"