للإجماع، و النصوص المشتملة على كيفية حج التمتع المصرّحة بأنّ الإهلال بحجة إنّما هو بعد الإحلال من عمرته۱، و ما ورد من أنّه لا بد من إتمام الحج و العمرة للّه فإن «أحصرتم فما استيسر من الهدي»۲ الظاهر في انحصار الإحلال في الإتمام، و يقتضيه أصالة بقاء إحرامه الأول و عدم الخروج عنه إلا بالإحلال منه بعد كون التقصير جزء من النسك، لظاهر النصوص، و ظهور الإجماع عليه لا أن يكون خارجا عنها كما نسب إلى أحد قولي الشافعي. هذا إذا لم نقل بأنّ البناء على ترك بعض النسك يكشف عن بطلان أصل الإحرام و إلا فيبطل الإحرام الأول، و يصح الثاني كما أنّ البناء على ترك بعض أفعال الصّلاة يكشف عن سقوط تكبيرة الإحرام عن الاعتبار.
لا يجوز لمن أحرم بنسك أن ينشئ إحراما آخر لغيره حتى يكمل أفعال إحرامه الأول (۱).
(مسألة ۱): لو أحرم قبل إتمام أعمال إحرامه الأول كان إحرامه الثاني باطلا عامدا كان أو ناسيا (۲)-بل و يأثم مع العمد أيضا (۳).
لعدم الأمر به حينئذ، فلا وجه للصحة، فمقتضى الأصل بقاء إحرامه الأول و وجوب إتمام أعماله عليه.
للنهي عنه الموجب للإثم مع العلم و العمد، كما هو مقتضى كل نهي إذا خولف.
(مسألة ۲): لو أحرم قبله جاهلا يبطل إحرامه الثاني قاصرا كان أو مقصرا (٤).
لما تقدم من عدم الأمر به، فلا موجب للصحة. و هذا حكم وضعيّ لا فرق فيه بين صورتي العلم و الجهل بقسميه، مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم الفرق بينها.
(مسألة ۳): لو أحرم لعمرة التمتع و دخل مكة و طاف و سعى و أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا صحت عمرته و يصح حجه أيضا (٥)، و يستحب الفداء بشاة (٦)، بل هو الأحوط (۷).
للإجماع، و لنصوص كثيرة كصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في رجل متمتع نسي أن يقصّر حتى أحرم بالحج قال عليه السّلام: يستغفر اللّه عزّ و جلّ»۳، و في صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فدخل مكة فطاف، و سعى و لبس ثيابه، و أحلّ و نسي أن يقصّر حتى خرج إلى عرفات قال عليه السّلام: لا بأس به، يبني على العمرة و طوافها و طواف الحج على أثره»4.
و في صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أهلّ بالعمرة و نسي أن يقصّر حتى دخل في الحج قال عليه السّلام: يستغفر اللّه و لا شيء عليه و قد تمت عمرته»٥.
و لا معارض لها إلا موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «المتمتع إذا طاف و سعى ثمَّ لبّى بالحج قبل أن يقصّر، فليس له أن يقصّر، و ليس عليه متعة»٦، و في خبر ابن فضيل قال: «سألته عن رجل متمتع طاف ثمَّ أهلّ بالحج قبل أن يقصّر قال عليه السّلام: بطلت متعته هي حجة مبتولة»۷ و لكنّهما محمولان على صورة العمد جمعا بينهما و بين ما تقدم.
مقتضى الأصل، و ما تقدم من قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «يستغفر اللّه و لا شيء عليه و تمت عمرته» عدم الفداء عليه و لكن في موثق ابن عمار:
«قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الرجل يتمتع فينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحج؟
فقال عليه السّلام: عليه دم يهريقه»۸. و حكي العمل به عن جمع منهم الشيخ، و بنو زهرة، و البراج، و حمزة. و لكن قوله عليه السّلام: «و لا شيء عليه و قد تمت عمرته» غير قابل للتخصيص بالموثق عرفا فلا بد من حمله على الندب، كما هو المشهور بين المتأخرين.
خروجا عن خلاف من اختار الوجوب و إن لم يكن دليل معتبر عليه.
(مسألة ٤): لو أحرم للعمرة التمتعية و دخل مكة و طاف و سعى و أحرم للحج قبل التقصير عمدا بطلت متعته و يكون حجه إفرادا (۸).و الأحوط عدم الإجزاء عن فرضه الذي هو التمتع (۹) كما أنّ الأحوط أن يقصّر، ثمَّ يهلّ لحج التمتع و يتممه، ثمَّ يستأنف في القابل.
لما تقدم من موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «المتمتع إذا طاف و سعى ثمَّ لبّى قبل أن يقصّر، فليس له أن يقصّر، و ليس عليه متعة»، و كذا خبر ابن فضيل: «سألته عن رجل متمتع طاف ثمَّ أهل بالحج قبل أن يقصّر قال عليه السّلام:
بطلت متعته هي حجة مبتولة» و نسب ذلك إلى الشهرة. و لكن عن الحلّي، و الفاضل، و الشهيد أنّه يبني على إحرامه الأول و كان الثاني باطلا، للأصل، و النهي عن الثاني الموجب لفساده و حملوا الخبرين على متمتع عدل إلى الإفراد ثمَّ لبّى بعد ما سعى، كما في خبر إسحاق به عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:
رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت، و يسعى بين الصفا و المروة ثمَّ يبدو له أن يجعلها عمرة؟ فقال عليه السّلام: إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له»۹.
و فيه: أنّ الأصل محكوم بالموثق و غيره و مع وجودهما لا وجه لقاعدة: إنّ النهي في العبادة يوجب الفساد لخروج المورد عنها لأجل الدليل الدال على الصحة، و الحمل المذكور بعيد. كما أنّ الاستشهاد بالخبر كذلك أيضا، لأنّه فيما إذا قصد الإفراد بالحج ثمَّ عدل إلى غيره و المقام فيما إذا قصد للعمرة التمتعية ثمَّ أهلّ بالحج قبل تمامها.
لأصالة عدم الإجزاء، و إمكان التشكيك في كون الخبرين واردين مورد البيان من هذه الجهة.
- راجع الوسائل باب: ۲ من أبواب أقسام الحج حديث: ۱ و ۲ و غيره.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الصدّ و الإحصار.
- الوسائل باب: ٥4 من أبواب الإحرام حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥4 من أبواب الإحرام حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥4 من أبواب الإحرام حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٥4 من أبواب الإحرام حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٥4 من أبواب الإحرام حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥4 من أبواب الإحرام حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب أقسام الحج حديث: ۱.