لقول أبي عبد اللّه عليه السلام في صحيح الحلبي: «إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن و تقيم ثمَّ ذكرت قبل أن تركع فانصرف و أذّن و أقم ثمَّ استفتح الصلاة و إن كنت قد ركعت فأتمّ على صلاتك»44.
المحمول على الاستحباب- و هو المراد من الجواز في كلماتهم- بقرينة صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «عن رجل نسي الأذان و الإقامة حتّى دخل في الصلاة، قال: فليمض في صلاته فإنّما الأذان سنة»4٥.
و صحيح ابن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «في رجل نسي الأذان و الإقامة حتّى دخل في الصلاة: قال: ليس عليه شيء»4٦.
و حملهما على ما بعد الدخول في الركوع خلاف الظاهر.
ثمَّ إنّ صحيح الحلبي معتبر سندا، و ظاهر بل صريح دلالة، معمول به عند الأصحاب، فلا بد من الجمع بينه و بين ما يخالفه كصحيح ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «في الرجل ينسى الأذان و الإقامة حتّى يدخل في الصلاة قال: إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ليقم و إن كان قد قرأ فليتمّ صلاته»4۷.
و قريب منه خبر الشحام4۸، فيحمل ذلك على بعض مراتب الاستحباب الذي لا ينافي بقاء بعض مراتبه الأخر ما لم يركع، و كخبر الرازي: «نسي أن يؤذن و يقيم حتّى كبّر و دخل في الصلاة. قال: إن دخل المسجد و من نيته أن يؤذن و يقيم، فليمض في صلاته و لا ينصرف»4۹.
و هو محمول على عدم تأكد استحباب الرجوع بالنسبة إليه.
إن قلت: إنّ الحمل على مراتب الندب في المقام لا وجه له، لفرض حرمة قطع الصلاة، فلا بد من الأخذ بالمتيقن و هو قبل القراءة.
قلت: بعد صراحة صحيح الحلبي و صحة سنده لا وجه للأخذ بالمتيقن.
و أما صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسى أن يقيم للصلاة و قد افتتح الصلاة، قال: إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته، و إن لم يكن فرغ من صلاته فليعد»٥۰. فأسقطه عن الاعتبار دعوى الإجماع على خلافه، فلا بد من طرحه.