لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (۹٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (۹٦) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً (۹۷) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99) مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (100)
الآيات الشريفة بأسلوبها البليغ و مضمونها الرفيع ترغّب المؤمنين إلى الجهاد و تحثّهم عليه، و تأمرهم بالهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام.
كما تبيّن علو درجات المجاهدين على القاعدين عن الجهاد، و الراضين بالقرار في أرض الشرك دون الهجرة إلى دار الإسلام مع القدرة عليها. و سمّاهم القرآن الكريم ب «الظالمين» لأنّهم رضوا بالظلم، و استثنى المستضعفين الّذين لا حيلة لهم واقعا فعجزوا عن الهجرة.
و يستمر سياق الآيات المباركة في التشجيع على الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، و عدم الرضا بالظلم و ببعث الطمأنينة في قلوبهم إذا خافوا الفقر، فإنّ اللّه تبارك و تعالى يبسط الرزق عليهم و يجزل العطاء لهم و يغفر لهم خطاياهم، فكانت الآيات الكريمة تتحدّث في موضوع واحد، و هو موضوع القتال و الجهاد في سبيل اللّه تعالى، و إنّما أضاف عزّ و جلّ على ذلك الهجرة من دار الكفر الى دار الإسلام؛ لأنّ ذلك نوع خاص من الجهاد أيضا.