أما في قضاة الجور، فيدل عليه الكتاب٦۱، و الإجماع المحقق و السنة المستفيضة٦۲. و يمكن أن يكون ذلك من الركون إلى الظالمين الذي هو من المعاصي الكبيرة، و في بعض الروايات النهي عن مجالستهم٦۳و أما في غيره فلأنّه حينئذ من العمل بالمنكر و ترويج له، و يمكن أن يكون من التحاكم إلى الطاغوت أيضا- إن جعل غير الأهل الحكومة منصبا لنفسه، فيشمله ما دل على حرمة التحاكم إلى الطاغوت.
و قد يستدل على الحرمة بأنّ الترافع إلى غير الأهل من المعاونة على الإثم.
و هو يتوقف على بيان معنى الإعانة على الإثم و لو إجمالا.
«قاعدة حرمة الإعانة على الإثم»
العون: المعاونة و المظاهرة و هو من المفاهيم المبينة العرفية. و مفهوم الإعانة وسيع جدا و بهذا- المفهوم الوسيع جدا تستعمل في الإعانة على البر و التقوى كما يستظهر من الروايات، ففي بعض أخبار الصدقة عن الصادق عليه السلام: «لو جرى المعروف على ثمانين كفا لأجروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئا»٦٤لسبق رحمته تعالى على غضبه و عدم إمكان تحديد رحمته بحدّ خاص و أمّا بالنسبة إلى الإعانة على الإثم و العصيان فلا وجه أن يحدّ بحدّ معيّن، و يقتضي الأصل الحكمي و الموضوعي عدم ثبوتها، إلّا أن يدل دليل بالخصوص على تحققها و لا ريب في تحققها إن صدق الموضوع و انطبق عليه عنوان الإعانة قهرا مع العلم بالحكم و الموضوع، و كذا إذا فعل فعلا بقصد ترتب الحرام عليه و علم به و ترتب ذلك عليه بحيث يكون كالعلة التامّة المنحصرة و أما إن كان فعله من مجرد المقتضي أو عدم المانع مع عدم قصد ترتب الحرام، فمقتضى الأصل عدم الإعانة و عدم الحرمة إلّا مع الدليل.
و كيف كان مقتضى المرتكزات و الفطريات حسن المعاونة على الحسن و قبح الإعانة على القبيح، و يرشد إليه قوله تبارك و تعالى وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ٦٥و الأخبار الواردة في الأولى أكثر من أن تحصى، كقول الصادق عليه السلام: «عونك الضعيف من أفضل الصدقة»٦٦و قوله عليه السلام: «اللّه في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه»٦۷و قوله عليه السلام: «و ليعن بعضكم بعضا فإنّ أبانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول: إنّ معونة المسلم خير و أعظم أجرا من صيام شهر و اعتكافه في المسجد الحرام»٦۸. فأعانه المؤمن من حيث هي من المندوبات الشرعية سواء كان موردها مباحا أو مندوبا، و قد تجب بالعرض.
و كذا الأخبار الواردة في الثانية كثيرة جدا منها: قول الصادق عليه السلام:
«العامل بالظلم، و المعين له، و الرّاضي به شركاء ثلاثتهم»٦۹.
و عنه عليه السلام في الصحيح «من أعان ظالما على مظلوم لم يزل اللّه عليه ساخطا حتى ينزع عن معونته» ۷۰ إلى غير ذلك من الأخبار الواردة. ثمَّ إنّ مورد الكلام في الإعانة الراجحة أو المرجوحة: ما إذا انحصرت جهة الراجحية أو المرجوحية في مجرد الإعانة من حيث هي، لا ما إذا كان المعادن به بذاته راجحا أو مرجوحا، و الإعانة الراجحة- كسقي الماء و إطعام الطعام و نفقة واجب النفقة و غير ذلك مما هو كثير جدّا. و المرجوحة- كقبول الربا و الرشى و نحوهما مما هو كثير أيضا- و لعلّه من ذلك إعانة الظلمة. فإنّها بذاتها من العناوين المحرمة في الشريعة، و قد وردت فيها روايات كثيرة۷۱ لا يحتاج الفقيه في إثبات حرمتها إلى تطبيق عنوان الإعانة المبحوث عنها في المقام عليها.
و يصح أن يكون شيء في جملة من الموارد مجمعا للعنوانين بأن يكون واجبا أو مندوبا ذاتا و انطبق عليه عنوان الإعانة على البر و التقوى أيضا، أو يكون مرجوحا ذاتا و انطبق عليه عنوان الإعانة على الإثم أيضا.
ثمَّ إنّ إعانة الشخص بالنسبة إلى فعل الغير، سواء كان من البر و التقوى أم من الإثم و العدوان يتصور على وجوه:
الأول: مجرد الرضى به، فيرضى بصدور أمر خير من شخص أو يرضى بصدور إثم منه.
الثاني: المحبة و الاشتياق إليه مضافا إلى أصل الرضى به، و لا ريب في أنّ الرضاء و المحبة و الاشتياق بصدور الخير من الناس من الصفات الحسنة، بل من مراتب الإيمان، كما لا ريب في أنّ الرضاء بصدور الشر و العصيان من الغير و المحبة و الاشتياق إليه من الصفات الذميمة، و يظهر من جملة من الأخبار ترتب العقاب عليه۷۲:
منها ما تقدم من قول الصادق عليه السلام: «العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم»۷۳.
و منها قوله عليه السلام: «من أحب شيئا حشره اللّه معه»۷٤.
و قوله عليه السلام: «هل الدين الا الحب و البغض؟»۷٥.
إلى غير ذلك من الروايات التي ذكرناها في علم الأصول في حجية القطع و ذكرنا دفع المعارضة حرمة أو كراهة عما ينافيها، و ليس هنا مقام ذكرها و من شاء فليراجع كتابنا (تهذيب الأصول).
الثالث: إيجاد الداعي و مبادي الإرادة في الطرف لفعل الخير أو لفعل المنكر، و الأول حسن، بل مندوب و يترتب عليه الثواب. و الثاني مذموم بلا ارتياب، بل قد يحرم لعناوين خارجية.
إنّما الكلام في أنّه هل يكون من صغريات الإعانة على الإثم مطلقا أو لا كذلك أو يفصّل بين ما، إذا كان إيجاد الداعي علة تامة لصدور الحرام منه، و كان لأجل التوصل به إلى تحقق الحرام بحيث لو احتمل عدم صدور الحرام لا يكون في مقام إيجاد الداعي و صار المعان بعد ذلك مسلوب الاختيار في ارتكاب الحرام، و بين ما إذا لم يكن كذلك؟ وجوه: الأقوى هو الأخير.
الرابع: أن تتحقق إرادة غيره لإتيان الحرام، و تكون الإعانة بمنزلة الجزء الأخير من العلة لتحققه خارجا مع علم المعين بترتب الحرام على فعله، و لا إشكال في كونه من الإعانة على الإثم قصد التوصل به إليه أم لا.
الخامس: الصورة المتقدمة مع جهل المعين به لكن قصد التوصل به إلى الحرام مع تحققه في الخارج أيضا، و الظاهر صدق الإعانة عليه شرعا و عرفا، أما لو قصد التوصل به إلى الحرام مع عدم تحققه فلا ريب في كونه نحوا من التجري، و أما كونه من الإعانة فمتوقف على كونها صفة قائمة بالمعين فقط و لو لم يتحقق المعان عليه أصلا أو يتوقف على تحققه، و الأول مشكل جدا لتقوم حقيقة الإعانة بالمعين و المعان، و المعان عليه و مع انتفاء أحدها لا تتحقق تلك الحقيقة.
و منه يعلم أنّه لو جهل بترتب الحرام و لم يقصد التوصل إليه أيضا ثمَّ تحقق خارجا فليس ذلك من الإعانة في شيء.
السادس: أن يقصد المعين وجود مقدمة الحرام- مع عدم قصد نفس الحرام و عدم قصد التوصل بفعله إلى تحقق الحرام خارجا أيضا و لكن يعلم أنّ المعان قاصد للحرام فعلا و تحقق في الخارج أيضا. و الظاهر صدق الإعانة حينئذ، لأنّه مع العلم بأنّ المعان قاصد للحرام و مع ذلك قصد وجود مقدمته فهو قاصد للحرام في الجملة فتصدق الإعانة على الحرام. إلا أن يقال: إنّ العلم بالشيء أعم من قصده، و لكنّه مشكل في مثل المقام و إن كان مسلّما في مثل تجارة التاجر و أخذ العشور منه و نحو ذلك.
و لكن يأتي في المكاسب المحرمة إن شاء اللّه تعالى أنّه قد نسب إلى المشهور جواز بيع العنب و التمر لمن يعمله خمرا، لوجود روايات كثيرة دالة عليه كما يأتي التعرض لها في محلّه و يأتي التشكيك هناك في صدق الإعانة أيضا.
السابع: هذه الصورة مع عدم تحقق الحرام خارجا، و لا إشكال في عدم كونه من الإعانة على الحرام. إنّما الكلام في أنّه هل يكون من التجري أو لا؟
فإن قلنا بأنّ العلم بشيء ملازم لقصده أيضا فحيث إنّه علم بصدور الحرام من الغير، يكون قاصدا له في الجملة فيصدق التجري قهرا. و إن قلنا بعدم الملازمة فلا موضوع للتجري، لأنّه قصد المقدمة فقط و هي ليست محرمة و لم يقصد نفس الحرام فكيف يصدق التجري؟! نعم، لو كانت المقدمة محرمة من جهة أخرى تتحقق الإعانة حينئذ.
الثامن: ما إذا قصد المعين المقدمة فقط، و لم يقصد الحرام أصلا و لا التوصل بها إليه، و علم بأنّ المعان ليس بقاصد للحرام فعلا و لكن يعلم أنّه يحصل له قصد جديد في صرف المقدمة في الحرام و تحقق ذلك منه خارجا. و الظاهر عدم الفرق بينه و بين القسم السادس.
التاسع: الصورة المتقدمة مع عدم تحقق الحرام خارجا، و حكمه حكم السابع.
العاشر: أن يتردد المعين في أنّ المعان قاصد للحرام أو لا. و ليس ذلك من الإعانة على الحرام في شيء إلا أن يقصد بإعانته التوصل إلى الحرام و تحقق الحرام خارجا أيضا.
و الحاصل: إنّ الإعانة ليست من الموضوعات التعبدية الشرعية حتّى نحتاج في فهمها إلى الرجوع إلى الشارع و لا من الموضوعات المستنبطة حتّى نحتاج فيها إلى إعمال الرواية، بل هي من المفاهيم المتعارفة العرفية الشائعة بينهم في جميع أمورهم الاجتماعية فلا بد من المراجعة إليهم و إذا راجعناهم وجدناهم يعتبرون فيها أمورا:
الأول: العلم بتحقق المعان عليه.
الثاني: تحققه خارجا.
الثالث: القصد في الجملة و لو كان حاصلا من العلم بتحقق المعان عليه هذا إذا لم يقصد التوصل إلى الحرام. و أما معه و تحقق الحرام خارجا فالظاهر صدقها أيضا.
إن قلت: الإعانة من العناوين غير المتوقفة على القصد و العلم، فما الدليل على اعتبارهما.
قلت أولا: لا نسلّم كونها من العناوين الواقعية غير المتوقفة عليهما، بل الظاهر عدم كونها كذلك.
و ثانيا: إنّ البحث في الإعانة الخاصة المتعارفة بين الناس، و لا ريب في كونها كذلك.
ثمَّ إنّه قد يذكر في الفقه قاعدة الإغراء إلى القبيح و الإغراء هو تهييج الشخص على الشيء و ترغيبه إليه، و لا خلاف فيها في الجملة و يمكن تطبيقها على القسم الثالث. كما يمكن انطباقها على قاعدة التسبيب التي يأتي التعرض لها في [مسألة ۳۲] من (فصل يشترط في صحة الصلاة) و على كلّ حال لا ريب في حرمة الإغراء بالمعصية.
فروع:
الأول: لا فرق في الحرام الذي تكون الإعانة عليه حراما بين كونه من الكبائر أو الصغائر، للعموم و الإطلاق.
الثاني: لا فرق في العلم و القصد بين أن يكون بالنسبة إلى شخص واحد تفصيلا أو بمن هو معلوم بالإجمال فلو علم أنّ واحدا من الجماعة أراد ارتكاب حرام، و لكنّه غير معلوم تفصيلا لا يجوز إعانة كلّ فرد من أفراد الجماعة إلى الحرام المعلوم لشمول الأدلة له أيضا.
الثالث: تقدم أنّ حرمة الإعانة متقوّمة بقصد بتحقق الحرام في الجملة فلا حرمة فيما لا قصد فيه، بل يكون من قصد العدم لو أمكن- كما في تجارة التاجر بالنسبة إلى أخذ العشور و مسافرة الناس إلى الحج أو سائر الأسفار الراجحة بالنسبة إلى ما يؤخذ منهم، إذ لا قصد لهم بذلك بل لو أمكنهم الفرار عنه لفعلوا مع أنّه لو تحقق لا أثر لمثل هذا القصد لحصوله ظلما و عدوانا.
الرابع: لو اضطر أو أكره على الإعانة على الإثم ترتفع الحرمة كما في جميع موارد الإكراه و الاضطرار.
الخامس: ظاهر كلمات الفقهاء اختصاص البحث عن الإعانة بما إذا كانت بين شخصين أو أزيد، فلو أوقع شخص نفسه في المهالك و المضرّات ليس ذلك من الإعانة: و إنّما تحرم من جهة أخرى، و إن كان ظاهر قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه» ۷٦ و قول أمير المؤمنين عليه السلام: «إن أكلته و مت فقد أعنت على نفسك» ۷۷ لكون الإعانة أعم من ذلك، لكن الظاهر أنّه من التوسع و المجاز كما لا يخفى و كذا قوله عليه السلام:
«إذا ضاق أحدكم فليعلم أخاه و لا يعن على نفسه»۷۸.
السادس: لو شك في مورد أنّه من الإعانة على الإثم أو لا، من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية مع عدم صدق الإعانة عرفا، فهو من موارد البراءة عقلا و شرعا.
السابع: لا يبعد أن تكون الإعانة على الإثم تابعة للإثم المعان عليه فإن كان كبيرا فهي كبيرة و إلا فصغيرة.
الثامن: هل المدار في الإثم- الذي تحرم الإعانة عليه- على الإثم بحسب تكليف المعان أو المعين أو هما معا؟ فلو كان شيء إثما بحسب تقليد المعين و لم يكن إثما بحسب تكليف المعان أو بالعكس. هل تحرم الإعانة أو لا؟
وجوه لا يبعد أن يكون المدار على نظرهما معا، للأصل في مورد الشك.
التاسع: لو أمكن للمعان دفع المعين عن مساعدته و لم يدفعه و ارتكب الحرام بمساعدته. فهل عليه إثمان، إثم ارتكاب الحرام و إثم لترك النهي عن المنكر مع تمكنه منه، أو ليس عليه إلا أثم ارتكاب الحرام فقط؟ وجهان: لا يبعد الأول، لتحقق الموضوع بالنسبة إلى كلّ منهما.
العاشر: تجب التوبة عن الإعانة على الإثم كسائر المعاصي، و قد تتوقف التوبة منها على أمور أخرى غير الاستغفار كما لا يخفى مثل ما إذا حصل بإعانته سفك دم محترم أو هتك عرض أو فقدان مال تعلق حق الناس به، فلا بد من الاسترضاء مضافا إلى التوبة.
الحادي عشر: لو علم شخص بأنّه لو لم يعن على الحرام لتحقق الحرام بإعانة غيره، و أنّه لا يكون لترك إعانته أثر أصلا، بل يكون لغوا محضا، لتحقق الحرام على كلّ حال. فهل تكون إعانته محرمة حينئذ أم لا؟ وجهان، بل قولان: الظاهر هو الأول، لحرمة الإعانة على الحرام بالنسبة إلى الجميع حرمة نفسية، فما لم يحصل الحرام خارجا لا يسقط التكليف عن الكل.
ثمَّ إنّ موارد تطبيق القاعدة كثيرة في أبواب الفقه نتعرض لها فيما يأتي إن شاء اللّه تعالى. منها المقام فإنّه إذا علم المتخاصمان بعدم كون الشخص أهلا للحكومة و مع ذلك ترافعا لديه بقصد حكمه المحرم يكون ذلك من الإعانة على الإثم و يجري فيه جميع ما تقدم منه الأقسام المذكورة. و قد يستدل في نظائر المقام بأنّ دفع المنكر كرفعه واجب، و ربما يجعل ذلك قاعدة.
«قاعدة وجوب دفع المنكر»
و لا بد من بيان موضوعه، و الأقسام المتصورة فيه، ثمَّ بيان حكمه بحسب ما هو المستفاد من الأدلة. فنقول: دفع المنكر على أقسام:
الأول: دفعه عن من لا يريده فعلا و يحتمل أن يريده فيما بعد احتمالا بعيدا، فيكون تعجيزا له عما يحتمل أن يهتم به من القبيح.
الثاني: الدفع عند بنائه على الارتكاب بحسب المتعارف من دون حصول قصد و إرادة فعلية بالنسبة إلى فعل الحرام، كما إذا بني في الحال على أن يظلم أحدا في الغد مثلا.
الثالث: دفعه عند القصد و الإرادة الفعلية على الارتكاب مع حصول تمام المقدمات، و لكن مع عدم التلبس بشيء من المقدمات القريبة من الحرام.
الرابع: الصورة المتقدمة مع التلبس بها و الإشراف على الارتكاب.
الخامس: الشروع في الارتكاب.
و القسمان الأخيران من رفع المنكر لا دفعه، فهما خارجان عن مسألة دفع المنكر، بل الظاهر كون القسم الثالث أيضا كذلك. و على أيّ تقدير فقد استدل على وجوب الدفع عن المنكر، تارة بإطلاقات أدلة النهي عن المنكر من الآيات و الروايات.
أما الأولى كقوله تعالى وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ۷۹.
و أما الثانية أخبار مستفيضة منها قوله عليه السلام: «إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض»۸۰.
بدعوى: أنّ المناط في وجوبه عدم وجود المنكر خارجا فهو متحقق في الدفع أيضا، فتشمله الإطلاقات.
و فيه: أنّه ليس بقطعي غايته كونه ظنيا. و اعتباره مشكل، بل ممنوع. إلا أن يقال: إنّ المستفاد من ظاهرها ذلك لا أن يكون هذا هو المناط المستنبط منها.
و أخرى: بما ورد من أنّه: «لو لا أنّ بني أميّة وجدوا لهم من يكتب و يجبي لهم الفيء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا»۸۱.
فيدل على ثبوت الذّم لكلّ ما لو ترك لم تتحقق المعصية من الغير.
و فيه: أنّه يمكن القول به في خصوص مورده، لكثرة أهميته.
و ثالثة: بالسيرة العقلائية حيث إنّ العقلاء المتحفظين على حفظ نظام الاجتماع يجتنبون الأشرار الذين يخاف من شرهم.
و فيه: أنّه لا كلية فيها و ربما نلتزم به في بعض الموارد. فالحق هو التفصيل بين الموارد المهمة و غيرها و ذلك موكول إلى نظر الحاكم الشرعي، و تشخيصه للموضوع.