و هي من أقدم العهود الإلهية بالنسبة إلى أنبيائه و منهم بالنسبة إلى أممهم قال تعالى شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً1، و قال تعالى بعد بيان عدة من أصول الدين و فروعه ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ2، و قال تعالى وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ3، إلى غير ذلك من الآيات مما هو كثير، و هي بالنسبة إلى الإنسان آخر عهد يقع منه في دار الفناء و أول التزام يصدر منه بالنسبة إلى شؤونه في دار البقاء، و لا تختص بالمسلمين بل تعم جميع العباد سيما الذين يعترفون بالحشر و المعاد، و وقعت من أبينا آدم و تقع من بنيه إلى انتهاء هذا العالم، و قد ورد في الحث عليها ما لا تعد و لا تحصى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «الوصية حق على كل مسلم»4، و قال عليه السّلام: «ما ينبغي لامرء مسلم أن يبيت ليلة إلا و وصيته تحت رأسه»5، و قال عليه السّلام أيضا: «من مات بغير وصية مات ميتة الجاهلية»6، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «ما من ميت تحضره الوفاة إلا رد اللّه عليه من بصره و سمعه و عقله للوصية أخذ للوصية أو ترك و هي الراحة التي يقال لها راحة الموت فهي حق على كل مسلم»7، و الأخبار الكثيرة الدالة على
أن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و خلفائه عليهم السّلام أوصوا متواترة بين العامة و الخاصة8، و لو قيل انها من شؤون إنسانية الإنسان لكان هذا القول موافقا للوجدان و البرهان كما في كل من الأمور الدينية الواردة في السنة و القرآن، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروته و عقله»9.