نسب ذلك إلى المشهور بل ادعي الإجماع عليه لصدق النذر لغة و عرفا فيشمله إطلاق الأدلة و عمومها من الكتاب و السنة كقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «من نذر أن يطع اللّه فليطعه»23، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ليس شيء هو للّه طاعة يجعله الرجل عليه إلا ينبغي له أن يفي به»24، إلى غير ذلك مما هو كثير.
و عن السيدين المرتضى و ابن زهرة عدم الانعقاد، و نسب التوقف في الحكم إلى المدارك و الكفاية و استدل لهم بأمور.
الأول: ما عن ثعلب من أن النذر هو الوعد بشرط.
الثاني: أصالة عدم ترتب الأثر.
الثالث: إجماع المرتضى على عدم الانعقاد.
الرابع: ورود النصوص المستدل بها للمشهور مورد الغالب من النذر المشروط برا كان أو زجرا، مع عدم ذكر النذر فيها.
الخامس: موثق سماعة قال: «سألته عن رجل جعل عليه أيمانا أن يمشي إلى الكعبة أو صدقة أو نذرا أو هديا إن هو كلّم أباه أو أمه أو أخاه أو ذا رحم أو قطع قرابة أو مأثما يقيم عليه أو أمرا لا يصلح له فعله؟ فقال عليه السّلام: لا يمين في معصية اللّه إنما اليمين الواجبة التي ينبغي لصاحبها أن يفي بها ما جعل للّه عليه الشكر إن هو عافاه اللّه من مرضه أو عافاه من أمر يخافه أو ردّ عليه ماله أو ردّه من سفر أو رزقه رزقا فقال: للّه عليّ كذا و كذا لشكر فهذا الواجب على صاحبه
الذي ينبغي لصاحبه أن يفي به»25، و صحيح ابن حازم عن الصادق عليه السّلام: «إذا قال الرجل عليّ المشي إلى بيت اللّه و هو محرم بحجة أو عليّ هدي كذا و كذا فليس بشيء حتى يقول: للّه عليّ المشي إلى بيته، أو يقول للّه عليّ أن أحرم بحجة، أو يقول: للّه عليّ هدى كذا و كذا إن لم أفعل كذا و كذا»26.
و الكل مخدوش أما قول ثعلب فلا اعتبار به في مقابل إطلاق غيره من أهل اللغة و الانفهام العرفي، و إمكان حمله على الغالب و من دأب أهل الأدب جعل الشائع الغالب من الحقيقة بل هو من دأب بعض الفقهاء أيضا.
و أما الثاني: فلا وجه للتمسك به في مقابل إطلاقات الأدلة و عموماتها الموافقة للفهم العرفي.
و أما إجماع السيد فعهدة إثبات اعتباره عليه، و كم له من هذه الإجماعات التي استقرت الشهرة العظيمة على الخلاف كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بالفقه فضلا عن الخبير البصير به.
و أما حمل المطلقات على الغالب فلا وجه له إذا صار المطلق ظاهرا عرفا فيما هو الغالب و لو بالقرينة المعتبرة، و مع الشك يؤخذ بظاهر الإطلاق و العام و إلا لبطل الإفادة و الاستفادة بين الأنام.
و أما الخبران ففيهما.
أولا: انهما ليسا في مقام التفصيل بين المشروط و المطلق بل في مقام التفصيل بين النذر الصحيح و الباطل.
و ثانيا: ان سياقهما الإرشاد إلى تقليل النذر مهما أمكن لكونه مرجوحا لقول الصادق عليه السّلام: «اني لأكره الإيجاب أن يوجب الرجل على نفسه»27.
و ثالثا: إن نذر الشكر يمكن أن يكون من المطلق فعنه عليه السّلام أيضا: «لو ان عبدا أنعم اللّه عليه نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتم»28.
فتلخص: أن المطلقات من الكتاب و السنة و أصالة اللزوم في العهود مطلقا مما لا حاكم عليها من نقل أو عقل.