مادة اليمين بأي هيئة استعملت يستأنس منها القوة و القهر و الغلبة فهذا هو الجامع بين متفرعات هذا اللفظ و مشتقاته. و القسم يمين لأنه يوجب قوة المقسم به و تأكده، و القسم من الأمور المتعارفة في جميع الأعصار و الأزمان و الملل و الأديان بل القسم بالعظيم و المحبوب من جبلة النفوس و القلوب سيما حضرت المحبوب جل شأنه خلّاق البرايا و الآفاق، و قد قسم اللّه تعالى بمخلوقاته، لأنها دلائل وجوده و آيات ظهوره و أشعة نوره، و قسم خليل الرحمن و أحفاده مذكور في القرآن وَ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ1، و تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ2، و أفضل أقسامه تعالى قوله جل شأنه فَلا وَ رَبِّكَ3، فإنه قسم بمقام الربوبية الذي هو من أعظم المقامات الألوهية و الخالقية ثمَّ إضافة ذلك إلى مقام نبيه صلّى اللّه عليه و آله الذي هو أشرف خلقه و قوله تعالى:
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ4، لأنه قسم بمراتب جلاله تعالى و جماله و قوله تعالى وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ5، لأن المراد به عصر طي بساط الجور و الطغيان و بسط جهات العدل و الإحسان و كمال الحجة الباطنية في
جميع أفراد الإنسان، و قسم عدونا إبليس في أقدم العصور الماضية قبل ظهور الإنسان على الساهرة ورد في القرآن الكريم فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ6، و بالجملة: القسم بالعزيز مقتضى الطبع و الغريزة، و كلما عظم المقسم به زاد أهمية القسم به حتى ينتهي إلى عظيم لا نهاية لعظمته و جلاله و كبريائه و قيموميته فلا ينبغي أن يقسم به في كل شيء صادقا فضلا عن أن يكون كاذبا قال تعالى وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ7، و قال الصادق عليه السّلام: «لا تحلفوا باللّه صادقين و لا كاذبين»8.