قوله: أو إلى عدم مشروعية طلاق المختلعة من دون …[1].
يعني لا يتحقق بها طلاق بعد تحقق الخلع إلا أنْ ترجع عن الفدية ويرجع هو عن الطلاق؛ وحينئذٍ إنْ أراد أنْ يطلقها له أنْ يطلقها.
قوله: إذا وقع الطلاق بالفدية مع الكراهة كان خلعاً قصده أو لم يقصده[2].
خلاصة الكلام: إنَّ القصد المتحقق في الطلاق بالعوض مع الكراهة قصد إجمالي للخلع وهذا المقدار من القصد الإجمالي يكفي لعدم الدليل على اعتبار القصد التفصيلي ولا دليل على تحقق ملكية الفدية للزوج بغير الخلع.
فائدة: الإنشاء؛ تارةً؛ يقع محضاً, كالطلاق والعتق ونحوهما.
وأخرى؛ معاوضة محضة, كالبيع ونحوه.
وثالثة؛ إيقاع مشوب بالمعاوضة, كالخلع.
ورابعة؛ عقد مشوب بالمعاوضة, كالنكاح.
قوله: وإنما هي معاوضة بالمعنى الأعم …[3].
أقول: المرتكز في أذهان العرف والمناسب للاعتبار أنَّ إعطاء الفدية من قبيل إيجاد الداعي للطلاق لا أنَّه معاوضة؛ فتدبر.
قوله: ولم ينقلب طلاق الخلع إلى قسم العقود …[4].
خلاصة القول: إنَّ قصد الطلاق متحقق والخلع ليس إلا الطلاق مع شيء زائد، فإذا تحقق شرائط هذا الشيء الزائد يتحقق وإلا فلا، وهذا لا يلازم عدم تحقق أصل الطلاق وهذا نظير النكاح الذي لم يذكر فيه المدة حيث أنَّه نكاح دائمي، والإيلاء الذي لم يتحقق فيه شرائط الإيلاء حيث أنَّه يمين، ونظير قولهم إنَّ قصد الصرف والسلم في غير موردهما لا يبطل أصل البيع وإنْ لم يقع الصرف والسَّلم.
قوله: جواز الفداء بكل متمول قل أو كثر …[5].
الظاهر صحة كون العوض حقاً مالياً قابلاً للنقل والانتقال كحق التحجير ونحوه، وأمّا الحقوق القابلة للإسقاط غير القابلة للنقل والانتقال، فالظاهر عدم جواز وقوعها فدية لعدم صحة كونها مهراً.
قوله: وأمّا المتبرع فيبقى على أصل المنع …[6].
بعد تحقق الرضا من المتبرع ورضا الزوج به فلا وجه لأصل المنع، بل مقتضى الإطلاقات حينئذٍ الجواز.
قوله: فهو من قبيل الصلح الإسقاطي الذي يصح وقوعه من المتبرع …[7].
فعلى هذا يصح أنْ تكون الفدية حقاً قابلاً للإسقاط.
قوله: ومن هنا كان فرض المقام على وجه الجعالة …[8].
خلاصة الكلام: إنَّه يستفاد من الأدلة أنَّ وقوع النقصان في مالها له نحو موضوعية في البين لأنَّها حيث استدعت الطلاق فمقتضى استدعائها وقوع نقص في مالها، ولكونه حينئذٍ أشبه بالمعاوضة وهي مستلزمة لخروج الشيء عن ملكها ثم دخول العوض في ملكه، وفي المقام أيضاً تتسلط المرأة على بضعها بما ينقص من مالها؛ فتأمل.
قوله: وكذا يعتبر في الخلع أنْ تكون الكراهية من المرأة خاصة …[9].
لُباب القول: إنَّ الكراهية من الأمور الوجدانية، نعم؛ يترتب حكم المقام على إبرازها لا على نفس وجودها الواقعي وبكل طريق معتبر عقلائي، أبرزت الكراهية أو أعطت المال يصح للزوج الأخذ منها ويتحقق موضوع الخلع المعهود وذكر الالفاظ الخاصة في الروايات لأجل الطريقية لإحراز الكراهية لا من أجل أنَّ لها موضوعية خاصة.
قوله: كما يصح طلاقها ولو قيل إنَّها تحيض …[10].
حق التعبير أنْ يقال: كما يصح طلاقها كذلك …
فائدةٌ: الظاهر أنَّ الفداء في طلاق الخلع أعم من أنْ يؤتى بعنوان المعاوضة أو بغيره لإطلاق الأخبار الشامل لكل منهما.
قوله: وذكر حكم الطلاق بعوض غير مرة …[11].
لُباب القول في الطلاق بالعوض بحسب القواعد يقع في جهتين:
الأولى: في حلية أخذ العوض. الثانية: في صحة أصل الطلاق.
أما الأولى؛ فإنْ كان الإعطاء بالرضا ولو لأجل إيجاد داعي الطلاق والرشوة لهذه الجهة؛ فمقتضى الأصل وقاعدة السلطنة حلية الإعطاء والأخذ.
وأما الثانية؛ فتدور الصحة مدار رضا الزوج بالطلاق، فمع تحقق رضاه به يصح وإلا فلا. وما يتوهم من المنع تارةً؛ بالعمومات الدالة على عدم حلية أخذ شيء منها فهي ظاهرة أو منصرفة إلى صورة عدم إعطائها بالرغبة والرضا، فلا تشمل صورة الرضا قطعاً.
وأخرى؛ بخروج الطلاق حينئذٍ عن الإيقاعية إلى المعاوضية. فيردّ بأنَّ الإعطاء من قبل إيجاد الداعي لا العوض الحقيقي فلا محذور من هذه الجهة أبداً.
وثالثةً: بالإتّفاق الدال على بطلان الطلاق بالعوض غير الخلع. ويردّ بأنَّ المتيقن منه ما إذا تحقق فيه جهة معاوضية في الجملة لا ما إذا كان العوض من مجرد إيجاد الداعي فقط.
وخلاصة الكلام: إنَّ إعطاء العوض تارةً؛ لأجل كراهية الزوجة والتماسها الطلاق، فلا ريب ولا اشكال فيه.
وأخرى؛ مع عدم الكراهية, لكن يقع الطلاق عوضاً عما أعطاه، وظاهر الإجماع على بطلانه.
وثالثة؛ لأجل مجرد إيجاد الداعي من دون أنْ يقصد في إعطائه قصد العوضية، أو يقصد في الطلاق قصد المعاوضية، ولا دليل على البطلان حينئذٍ.
قوله: مفهوم موثق أبي العباس … المختلعة إنْ رجعت في شيء من الصلح …[12].
فيه طلاق الصلح على بذل العوض وهو الحق.
فائدةٌ: الرجوع تارةً؛ يكون للزوج أولاً وبالذات, كما في الطلاق الرجعي.
وأخرى؛ ثانياً وبالعرض, كما في الخلع بعد رجوع الزوجة في العوض.
فرعٌ: هل للزوجة إسقاط حق الرجوع في البذل ضمن العقد أو لا؟.
وجهان مبنيان على كونه من الحقوق أو من الأحكام، وعلى فرض كونه من الحقوق هل يكون من الحقوق القابلة الإسقاط أو لا؟. وسيأتي من الشارح رحمة الله أنَّه من الحقوق, ولكن فيه تفصيل نتعرض له في محله.
فائدةٌ: رجوع الزوج على قسمين:
الأول: ما كان فعلياً؛ بأنْ لم يكن مانع عنه في البين.
الثاني: ما كان تعليقياً، كما إذا تزوج بعد تحقق طلاق الخلع بأخت المختلعة أو الخامسة، وهل يصح رجوع الزوجة في الصورة الثانية أو لا؟.
وجهان, بل قولان؛ يأتي الإشارة إليهما قريباً.
قوله: لأنَّ الحق لها فلها إسقاط بعضه[13].
يظهر منه رحمة الله أنَّ رجوعها من الحقوق لا من الاحكام، ويمكن التفصيل بأنَّ الرجوع منها يشتمل على أمرين طوليين؛ إرجاع المال, ويتبعه رجوع الزوجية من طرفها وصيروة الطلاق رجعياً، والجهة الأولى من الحقوق دون الثانية، والإسقاط يتعلق بالجهة الأولى فقط،
فلو أسقطت حقها من تلك الجهة ينتفي موضوع الطلاق الرجعي قهراً.
فرعٌ: هل يصح الخلع في فسخ عقد الإنقطاع وهبة مدته أو لا؟.
فيه إشكال, ولم أجد من تعرض له حتى الشارح رحمة الله فيما تفحصت عاجلاً.
قوله: وفي الحقيقة ليست هي مدعية على الزوج شيئاً …[14].
يمكن تقرير الدعوى بنحو المدعي والمنكر، بأنْ تكون الدعوى قبل وقوع الطلاق وبعد تحقق المقاولة، فيدعي الزوج أنَّ البذل كان مائة دينار وتنكرها المرأة وتبذل مائة درهم، ولا ريب في أنَّ البذل باختيارها، وأمّا إنْ كان بعد وقوع الطلاق وقلنا إنَّ الخلع معاوضة حقيقية فالمورد من التداعي, وإنْ لم يكن كذلك فيكون من المدعي والمنكر أيضاً لأنْ الزوج يدعي عليها مائة دينار والمرأة تنكرها وتقرّ بمائة درهم، فلا تدعي المرأة شيئاً.
قوله: لاعترافه بخلعها على الوجه الصحيح شرعاً …[15].
وأمّا بالنسبة إلى حق الزوج فلا بد له من مراجعة الحاكم الشرعي في تعيينه؛ فإنْ كان يرى عدم جواز التبرع في البذل وادّعت أنَّه كان في ذمة زيد تبرعاً فلا حق له، وإنْ كانت تدعي أنَّه في ذمة زيد بالإذن فيرجع إلى زيد ومع امتناعه فإليها.
قوله: فتأمل؛ فإنَّ المسألة في غاية الدقة …[16].
خلاصة الكلام: إنَّ النزاع في الخلع لا ربط له بالنزاع في البذل والإتّفاق على صحة الأول لا ينافي النزاع في الثاني وكذا العكس.
[1]. جواهر الكلام؛ ج33 ص 6.
[2]. المصدر السابق؛ ص11.
[3]. المصدر السابق؛ ص 17.
[4]. المصدر السابق.
[5]. المصدر السابق؛ ص 20.
[6]. المصدر السابق؛ ص 26.
[7]. المصدر السابق.
[8]. المصدر السابق.
[9]. المصدر السابق؛ ص 41.
[10]. المصدر السابق؛ ص 46.
[11]. المصدر السابق؛ ص 56.
[12]. المصدر السابق؛ ص 62.
[13]. المصدر السابق؛ ص 67.
[14]. المصدر السابق؛ ص 82.
[15]. المصدر السابق؛ ص 84.
[16]. المصدر السابق؛ ص 85.