1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الحج
  10. /
  11. فصل في النيابة
لا إشكال في صحة النيابة عن الميت في الحج الواجب و المندوب (۱). و عن الحيّ في المندوب مطلقا (۲)، و في الواجب في بعض الصور (۳).
(مسألة ۱): يشترط في النائب أمور: أحدها: البلوغ على المشهور، فلا يصح نيابة الصبيّ عندهم و إن كان مميزا و هو الأحوط، لا لما قيل: من عدم صحة عباداته لكونها تمرينية لأنّ الأقوى كونها شرعية، و لا لعدم الوثوق به لعدم الرادع له من جهة عدم تكليفه (٤)، لأنّه أخصّ من المدعى، بل لأصالة عدم فراغ ذمة المنوب عنه. بعد دعوى انصراف الأدلة، خصوصا مع اشتمال جملة من الأخبار على لفظ الرجل (٥)، و لا فرق بين أن يكون حجة بالإجارة أو بالتبرع بإذن الوليّ أو عدمه و إن كان و لا يبعد دعوى صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي (٦). الثاني: العقل، فلا تصح نيابة المجنون الذي لا يتحقق منه القصد (۷)، مطبقا كان جنونه، أو أدواريا في دور جنونه و لا بأس بنيابة السفيه (۸). الثالث: الإيمان (۹)، لعدم صحة عمل غير المؤمن و إن كان معتقدا بوجوبه و حصل منه نية القربة، و دعوى أنّ ذلك في العمل لنفسه دون غيره كما ترى. الرابع: العدالة (۱۰) أو الوثوق بصحة عمله و هذا الشرط إنّما يعتبر في جواز الاستنابة لا في صحة عمله. الخامس: معرفته بأفعال الحج و أحكامه (۱۱) و إن كان بإرشاد معلم حال كل عمل. السادس: عدم اشتغال ذمته بحج واجب عليه في ذلك العام فلا تصح نيابة من وجب عليه حجة الإسلام، أو النذر الضيق مع تمكنه من إتيانه (۱۲)، و أما مع عدم تمكنه- لعدم المال- فلا بأس، فلو حج عن غيره مع تمكنه من الحج لنفسه بطل على المشهور، لكن الأقوى أنّ هذا الشرط إنّما هو لصحة الاستنابة و الإجارة، و الا فالحج صحيح (۱۳) و إن لم يستحق الأجرة و تبرأ ذمة المنوب عنه على ما هو الأقوى. من عدم كون الأمر بالشي‏ء نهيا عن ضدّه. مع أنّ ذلك- على القول به، و إيجابه للبطلان- إنّما يتم مع العلم و العمد، و أما مع الجهل أو الغفلة فلا، بل الظاهر صحة الإجارة أيضا على هذا التقدير لأنّ البطلان إنّما هو من جهة عدم القدرة الشرعية على العمل المستأجر عليه حيث إنّ المانع الشرعيّ كالمانع العقليّ، و مع الجهل أو الغفلة لا مانع، لأنّه قادر شرعا (۱٤).
(مسألة ۲): لا يشترط في النائب الحرية. فتصح نيابة المملوك بإذن مولاه، و لا تصح استنابته بدونه، و لو حج بدون إذنه بطل (۱٥).
(مسألة ۳): يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصح النيابة عن الكافر (۱٦) لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه، لمنعه و إمكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه، بل لانصراف الأدلة، فلو مات مستطيعا و كان الوارث مسلما لا يجب عليه استئجاره عنه. و يشترط فيه أيضا كونه ميتا (۱۷) أو حيّا عاجزا في الحج الواجب، فلا تصح النيابة عن الحيّ في الواجب إلا إذا كان عاجزا، و أما في الحج الندبيّ فيجوز عن الحيّ و الميت، تبرعا أو بالإجارة.
(مسألة ٤): تجوز النيابة عن الصبيّ المميّز (۱۸) و المجنون، بل يجب‏ الاستئجار عن المجنون إذا استقر عليه حال إفاقته ثمَّ مات مجنونا (۱۹).
(مسألة ٥): لا تشترط المماثلة بين النائب و المنوب عنه في الذكورة و الأنوثة، فتصح نيابة المرأة عن الرجل كالعكس (۲۰) نعم، الأولى المماثلة (۲۱).
(مسألة ٦): لا بأس باستنابة الصرورة، رجلا كان أو امرأة، عن رجل أو امرأة (۲۲) و القول بعدم جواز استنابة المرأة صرورة مطلقا، أو مع كون المنوب عنه رجلا ضعيف (۲۳). نعم، يكره ذلك خصوصا مع كون المنوب عنه رجلا، بل لا يبعد كراهة استئجار الصرورة و لو كان رجلا عن رجل (۲٤).
(مسألة ۷): يشترط في صحة النيابة قصد النيابة، و تعيين المنوب عنه في النية و لو بالإجمال و لا يشترط ذكر اسمه و إن كان يستحب ذلك في جميع المواطن و المواقف (۲٥).
(مسألة ۸): كما تصح النيابة بالتبرع و بالإجارة كذا تصح بالجعالة (۲٦)، و لا تفرغ ذمة المنوب عنه الا بإتيان النائب صحيحا و لا تفرغ بمجرّد الإجارة (۲۷) و ما دل من الأخبار على كون الأجير ضامنا و كفاية الإجارة في فراغها منزلة على أنّ اللّه تعالى يعطيه ثواب الحج إذا قصّر النائب في الإتيان، أو مطروحة لعدم عمل العلماء بها بظاهرها (۲۸).
(مسألة ۹): لا يجوز استئجار المعذور في ترك بعض الأعمال (۲۹)، بل‏ لو تبرع المعذور يشكل الاكتفاء به.
(مسألة ۱۰): إذا مات النائب قبل الإتيان بالمناسك فإن كان قبل الإحرام لم يجز عن المنوب عنه، لما مرّ من كون الأصل عدم فراغ ذمته إلا بالإتيان (۳۰)، بعد حمل الأخبار الدالة على ضمان الأجير على ما أشرنا إليه، و إن مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ عنه (۳۱)، لا لكون الحكم كذلك في الحاج عن نفسه، لاختصاص ما دل عليه به و كون فعل النائب فعل المنوب عنه لا يقتضي الإلحاق (۳۲) بل لموثقة إسحاق بن عمار، المؤيدة بمرسلتي حسين بن عثمان، و حسين بن يحي، الدالة على أنّ النائب إذا مات في الطريق أجزأ عن المنوب عنه المقيّدة بمرسلة المقنعة (۳۳): «من خرج حاجا فمات في الطريق، فإنّه إن كان مات في الحرم فقد سقطت عنه الحجة» الشاملة للحاج عن غيره أيضا، و لا يعارضها موثقة عمار (۳٤) الدالة على أنّ النائب إذا مات في الطريق‏ عليه أن يوصي، لأنّها محمولة على ما إذا مات قبل الإحرام، أو على الاستحباب. مضافا إلى الإجماع على عدم كفاية مطلق الموت في الطريق و ضعفها سندا- بل و دلالة- منجبر بالشهرة، و الإجماعات المنقولة، فلا ينبغي الإشكال في الإجزاء في الصورة المزبورة. و أما إذا مات بعد الإحرام و قبل دخول الحرم ففي الإجزاء قولان (۳٥). و لا يبعد الإجزاء و إن لم نقل به في الحاج عن نفسه، لإطلاق الأخبار في المقام، و القدر المتيقن من التقييد هو اعتبار كونه بعد الإحرام، لكن الأقوى عدمه (۳٦). فحاله حال الحاج عن نفسه في اعتبار الأمرين في الإجزاء. و الظاهر عدم الفرق بين حجة الإسلام و غيرها من أقسام الحج و كون النيابة بالأجرة أو بالتبرع (۳۷).
(مسألة ۱۱): إذا مات الأجير بعد الإحرام و دخول الحرم يستحق تمام الأجرة إذا كان أجيرا على تفريغ الذمة (۳۸) و بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال‏ إذا كان أجيرا على الإتيان بالحج، بمعنى الأعمال المخصوصة (۳۹) و إن مات قبل ذلك لا يستحق شيئا، سواء مات قبل الشروع في المشي، أو بعده و قبل الإحرام، أو بعده و قبل الدخول في الحرم، لأنّه لم يأت بالعمل المستأجر عليه- لا كلا و لا بعضا (٤۰) بعد فرض عدم إجزائه (٤۱) من غير فرق بين أن يكون المستأجر عليه نفس الأعمال، أو مع المقدمات من المشي و نحوه. نعم، لو كان المشي داخلا في الإجارة على وجه الجزئية- بأن يكون مطلوبا في الإجارة نفسا- استحق مقدار ما يقابله من الأجرة بخلاف ما إذا لم يكن داخلا أصلا، أو كان داخلا فيها لا نفسا بل مطلقا بوصف المقدّمية (٤۲) فما ذهب إليه بعضهم (٤۳) من توزيع الأجرة عليه أيضا مطلقا لا وجه له (٤٤). كما أنه لا وجه لما ذكره بعضهم: من التوزيع على ما أتى به من الأعمال بعد الإحرام، إذ هو نظير ما إذا استؤجر للصلاة، فأتى بركعة أو أزيد ثمَّ أبطلت صلاته (٤٥)، فإنّه لا إشكال في أنّه لا يستحق الأجرة على ما أتى به، و دعوى أنّه و إن كان لا يستحق من المسمّى بالنسبة، لكن يستحق أجرة المثل لما أتى به، حيث إنّ عمله محترم مدفوعة: بأنّه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه (٤٦). و المفروض أنّه لم يكن مغرورا من قبله (٤۷) و حينئذ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحج في سنة معينة (٤۸)، و يجب عليه الإتيان به إذا كانت مطلقة (٤۹)، من غير استحقاق لشي‏ء على التقديرين (۵۰).
(مسألة ۱۲): يجب في الإجارة تعيين نوع الحج، من تمتع، أو قران، أو إفراد (۵۱) و لا يجوز للمؤجر العدول عمّا عيّن له و إن كان إلى الأفضل (۵۲). كالعدول من أحد الأخيرين إلى الأول- إلا إذا رضي المستأجر بذلك، فيما إذا كان مخيّرا بين النوعين أو الأنواع- كما في الحج المستحبّي و المنذور المطلق- أو كان ذا منزلين متساويين في مكة و خارجها (۵۳) و أما إذا كان ما عليه من نوع‏ خاص فلا ينفع رضاه أيضا بالعدول إلى غيره (٥٤)، و في صورة جواز الرضا بكون رضاه من باب إسقاط حق الشرط إن كان التعيين بعنوان الشرطية و من باب الرضا بالوفاء بغير الجنس إن كان بعنوان القيدية (۵۵) و على أيّ تقدير يستحق الأجرة المسماة و إن لم يأت بالعمل المستأجر عليه على التقدير الثاني، لأنّ المستأجر إذا رضي بغير النوع الذي عينه فقد وصل إليه ماله على المؤجر، كما في الوفاء بغير الجنس في سائر الديون، فكأنّه قد أتى بالعمل المستأجر عليه و لا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى المفضول. هذا و يظهر من جماعة جواز العدول إلى الأفضل- كالعدول إلى التمتع- تعبدا من الشارع، لخبر أبي بصير عن أحدهما: «في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها مفردة أ يجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال (عليه السلام): نعم إنّما خالف إلى الأفضل» و الأقوى ما ذكرناه، و الخبر منزل على صورة العلم برضاء المستأجر (۵۶) بذلك مع كونه مخيّرا بين النوعين جمعا بينه و بين خبر آخر (۵۷): «في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة قال (عليه السلام) ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج، لا يخالف صاحب الدراهم» و على ما ذكرنا- من عدم جواز العدول الا مع العلم بالرضا- إذا عدل بدون ذلك لا يستحق الأجرة في صورة التعيين على وجه القيدية (۵۸)، و إن كان حجه صحيحا عن المنوب عنه و مفرغا لذمته (۵۹) إذا لم يكن ما في ذمته متعينا فيما عين، و أما إذا كان على وجه الشرطية فيستحق (۶۰)، إلا إذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة تخلف الشرط، إذ حينئذ لا يستحق المسمّى بل أجرة المثل (۶۱).
(مسألة ۱۳): لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق و إن كان في الحج البلدي، لعدم تعلق الغرض بالطريق نوعا، و لكن لو عيّن تعيّن (۶۲) و لا يجوز العدول عنه إلى غيره، الا إذا علم أنّه لا غرض للمستأجر في خصوصيته و إنّما ذكره على المتعارف، فهو راض بأيّ طريق كان، فحينئذ لو عدل صح و استحق تمام الأجرة، و كذا إذا أسقط بعد العقد حق تعيينه (۶۳) فالقول بجواز العدول مطلقا، أو مع عدم العلم بغرض في الخصوصية ضعيف كالاستدلال له بصحيحة حريز: «عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه» من البصرة فقال: لا بأس، إذا قضى جميع المناسك فقد تمَّ حجة» إذ هي محمولة على صورة العلم بعدم الغرض كما هو الغالب (6٤). مع أنّها إنّما دلت على صحة الحج من حيث هو (65) لا من حيث كونه عملا مستأجرا عليه كما هو المدعى و ربما تحمل على محامل آخر (66) و كيف كان لا إشكال في صحة حجه و براءة ذمة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه مقيدا بخصوصية الطريق المعيّن (67) إنّما الكلام في استحقاقه الأجرة المسماة على تقدير العدول و عدمه، و الأقوى أنّه يستحق من المسمّى بالنسبة و يسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبرا في الإجارة على وجه الجزئية (68)، و لا يستحق شيئا على تقدير اعتباره على وجه القيدية، لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذ (69) و إن برئت ذمة المنوب عنه بما أتى به، لأنّه حينئذ متبرع بعمله، و دعوى أنّه يعدّ في العرف أنّه أتى ببعض ما استؤجر عليه، فيستحق بالنسبة، و قصد التقييد بالخصوصية لا يخرجه عرفا عن العمل ذي الأجزاء، كما ذهب إليه في الجواهر لا وجه لها (70) و يستحق تمام الأجرة إن كان اعتباره على وجه الشرطية الفقهية (7۱)، بمعنى: الالتزام في الالتزام. نعم، للمستأجر خيار الفسخ لتخلف الشرط، فيرجع إلى أجرة المثل (7۲).
(مسألة ۱٤): إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة، ثمَّ آجر عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضا، بطلت الإجارة الثانية، لعدم القدرة على العمل بها بعد وجوب العمل بالأولى. و مع عدم اشتراط المباشرة فيهما أو في إحداهما صحتا معا (7۳)، و دعوى: بطلان الثانية و إن لم يشترط فيها المباشرة مع اعتبارها في الأولى. لأنّه يعتبر في صحة الإجارة تمكن الأجير من العمل بنفسه، فلا يجوز إجارة الأعمى على قراءة القرآن، و كذا لا يجوز إجارة الحائض لكنس المسجد و إن لم يشترط المباشرة ممنوعة (7٤): فالأقوى الصحة. هذا إذا آجر نفسه ثانيا للحج بلا اشتراط المباشرة و أما إذا آجر نفسه‏ لتحصيله فلا إشكال فيه (75)، و كذا تصح الثانية مع اختلاف السنتين، أو مع توسعة الإجارتين، أو توسعة إحديهما بل و كذا مع إطلاقهما، أو إطلاق إحديهما إذا لم يكن انصراف الى التعجيل (76) و لو اقترنت الإجارتان- كما إذا آجر نفسه من شخص، و آجره وكيله من آخر في سنة واحدة، و كان وقوع الإجارتين في وقت واحد- بطلتا معا (77) مع اشتراط المباشرة فيهما و لو آجره فضوليان من شخصين- مع اقتران الإجارتين- يجوز له إجارة إحداهما (78) كما في صورة عدم الاقتران و لو آجر نفسه من شخص، ثمَّ علم أنّه آجره فضوليّ من شخص آخر سابقا على عقد نفسه، ليس له إجازة ذلك العقد (79) و إن قلنا بكون الإجازة كاشفة بدعوى أنّها حينئذ تكشف عن بطلان إجارة نفسه. لكون إجارة نفسه مانعا عن صحة الإجارة حتى تكون كاشفة و انصراف أدلة صحة الفضولي عن مثل ذلك.
(مسألة ۱٥): إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لا يجوز له التأخير، بل و لا التقديم، الا مع رضا المستأجر و لو أخر لا لعذر أثم و تنفسخ الإجارة إن كان التعيين على وجه التقييد و يكون للمستأجر خيار الفسخ لو كان على وجه الشرطية (80) و إن أتى به مؤخرا لا يستحق الأجرة على الأول، و إن برئت ذمة المنوب عنه به (81) و يستحق المسماة على الثاني الا إذا فسخ المستأجر فيرجع‏ إلى أجرة المثل (82) و إذا أطلق الإجارة، و قلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع الإهمال. و في ثبوت الخيار للمستأجر حينئذ و عدمه وجهان من أنّ الفورية ليست توقيتا و من كونها بمنزلة الاشتراط (83).
(مسألة ۱٦): قد عرفت عدم صحة الإجارة الثانية فيما إذا آجر نفسه من شخص في سنة معينة ثمَّ آجر من آخر في تلك السنة، فهل يمكن تصحيح الثانية بإجازة المستأجر الأول أو لا؟ فيه تفصيل، و هو أنّه إن كانت الأولى واقعة على العمل في الذمة لا تصح الثانية بالإجازة، لأنّه لا دخل للمستأجر بها إذا لم تقع على ماله حتى تصح له إجازتها (8٤) و إن كانت واقعة على منفعة الأجير في تلك السنة- بأن تكون منفعته من حيث الحج، أو جميع منافعه له- جاز له إجازة الثانية، لوقوعها على ماله (85) و كذا الحال في نظائر المقام، فلو آجر نفسه ليخيط لزيد في يوم معيّن، ثمَّ آجر نفسه ليخيط أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم، ليس لزيد إجازة العقد الثاني (86) و أما إذا ملكه منفعة الخياطة، فآجر نفسه للخياطة أو للكتابة لعمرو، جاز له إجازة هذا العقد (87)، لأنّه تصرف في متعلق حقه، و إذا أجاز يكون مال الإجارة له لا للموجر (88). نعم، لو ملك منفعة خاصة- كخياطة ثوب معيّن، أو الحج عن ميت معيّن على وجه التقييد- يكون كالأول في عدم إمكان إجازته (89).
(مسألة ۱۷): إذا صدّ الأجير أو أحصر كان حكمه كالحاج عن نفسه‏ فيما عليه من الأعمال (90) و تنفسخ الإجارة مع كونها مقيدة بتلك السنة، و يبقى الحج في ذمته مع الإطلاق، و للمستأجر خيار التخلف إذا كان اعتبار تلك السنة على وجه الشرط في ضمن العقد (91) و لا يجزئ عن المنوب عنه (92) و إن كان بعد الإحرام و دخول الحرم، لأنّ ذلك كان في خصوص الموت في جهة الإخبار، و القياس عليه لا وجه له و لو ضمن المؤجر الحج في المستقبل- في صورة التقييد- لم تجب إجابته، و القول بوجوبه ضعيف (93)، و ظاهرهم استحقاق الأجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال، و هو مشكل (9٤)، لأنّ المفروض عدم إتيانه للعمل المستأجر عليه، و عدم فائدة فيما أتى به (95) فهو نظير الانفساخ في الأثناء لعذر غير الصد و الحصر، و كالانفساخ في أثناء سائر الأعمال المرتبطة، لعذر في إتمامها، و قاعدة احترام المسلم لا تجري لعدم الاستناد إلى المستأجر، فلا يستحق اجرة المثل أيضا (96).
(مسألة ۱۸): إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهو من ماله (97).
(مسألة ۱۹): إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل بمعنى: الحلول في مقابل الأجل (98) لا بمعنى الفورية (99). إذ لا دليل عليها، و القول بوجوب التعجيل إذا لم يشترط الأجل ضعيف (100) فحالها حال البيع، في أنّ إطلاقه‏ يقتضي الحلول بعني: جواز المطالبة. و وجوب المبادرة معها.
(مسألة ۲۰): إذا قصرت الأجرة لا يجب على المستأجر إتمامها، كما أنّها لو زادت ليس له استرداد الزائد (101). نعم، يستحب الإتمام كما قيل بل قيل (102). يستحب على الأجير أيضا رد الزائد، و لا دليل بالخصوص على شي‏ء من القولين. نعم، يستدل على الأول: بأنّه معاونة على البر و التقوى و على الثاني: بكونه موجبا للإخلاص في العبادة.
(مسألة ۲۱): لو أفسد الأجير حجة بالجماع قبل المشعر فكالحاج عن نفسه يجب عليه إتمامه، و الحج من قابل، و كفارة بدنه (103). و هل يستحق الأجرة على الأول أو لا؟ قولان، مبنيان على أنّ الواجب هو الأول و أنّ الثاني عقوبة أو هو الثاني و أنّ الأول عقوبة، قد يقال بالثاني، للتعبير في الأخبار بالفساد، الظاهر في البطلان، و حمله على إرادة النقصان و عدم الكمال مجاز لا داعي إليه. و حينئذ فتنفسخ الإجارة إذا كانت معينة، و لا يستحق الأجرة، و يجب عليه الإتيان في القابل بلا اجرة. و مع إطلاق الإجارة تبقى ذمته‏ مشغولة، و يستحق الأجرة على ما يأتي به في القابل، و الأقوى صحة الأول (10٤)، و كون الثاني عقوبة لبعض الأخبار الصريحة في ذلك (105) في الحاج عن نفسه، و لا فرق بينه و بين الأجير. و لخصوص خبرين في خصوص الأجير (106) عن إسحاق بن عمار عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «قلت: فإن ابتلى بشي‏ء يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل، أ يجزي عن الأول؟ (107) قال: نعم، قلت: فإنّ الأجير ضامن للحج؟ «قال: نعم». و في الثاني سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل حج عن رجل، فاجترح في حجه شيئا يلزم فيه الحج من قابل و كفارة قال (عليه السلام): «هي للأول تامة، و على هذا ما اجترح». فالأقوى استحقاق الأجرة على الأول، و ان ترك الإتيان من قابل، عصيانا أو لعذر (108) و لا فرق بين كون الإجارة مطلقة أو معينة (109). و هل الواجب إتيان الثاني بالعنوان الذي أتى به الأول- فيجب فيه قصد النيابة عن المنوب عنه و بذلك العنوان- أو هو واجب عليه تعبدا و يكون لنفسه؟ وجهان، لا يبعد الظهور في الأول و لا ينافي كونه عقوبة، فإنّه تكون الإعادة عقوبة. و لكن الأظهر الثاني (110) و الأحوط أن يأتي به بقصد ما في الذمة (111) ثمَّ لا يخفى عدم تمامية ما ذكره ذلك القائل (112)، من عدم استحقاق‏ الأجرة- في صورة كون الإجارة- معينة و لو على ما يأتي به في القابل، لانفساخها. و كون وجوب الثاني تعبدا، لكونه خارجا عن متعلق الإجارة و إن كان مبرئا لذمة المنوب عنه، و ذلك لأنّ الإجارة و إن كانت منفسخة بالنسبة إلى الأول، لكنّها باقية بالنسبة إلى الثاني تعبدا (113)، لكونه عوضا شرعيا تعبديا عما وقع عليه العقد، فلا وجه لعدم استحقاق الأجرة على الثاني و قد يقال بعدم كفاية الحج الثاني أيضا (11٤) في تفريغ ذمة المنوب عنه، بل لا بد للمستأجر أن يستأجر مرّة أخرى في صورة التعيين، و للأجير أن يحج ثالثا في صورة الإطلاق لأنّ الحج الأول فاسد، و الثاني إنّما وجب للإفساد عقوبة، فيجب ثالث، إذ التداخل خلاف الأصل. و فيه: أنّ هذا إنّما يتم إذا لم يكن الحج في القابل بالعنوان الأول، و الظاهر من الأخبار- على القول بعدم صحة الأول- وجوب إعادة الأول و بذلك العنوان، فيكفي في التفريغ، و لا يكون من باب التداخل، فليس الإفساد عنوانا مستقلا. نعم، إنّما يلزم ذلك إذا قلنا إنّ الإفساد موجب لحج مستقل لا على نحو الأول، و هو خلاف ظاهر الأخبار (115) و قد يقال في صورة التعيين (116) إنّ الحج الأول إذا كان فاسدا و انفسخت الإجارة يكون لنفسه فقضاؤه في العام القابل أيضا يكون لنفسه، و لا يكون مبرئا لذمة المنوب عنه، فيجب على المستأجر استئجار حج آخر. و فيه أيضا ما عرفت من أنّ الثاني واجب بعنوان إعادة الأول و كون الأول- بعد انفساخ الإجارة بالنسبة إليه (117)، لا يقتضي كون الثاني له و إن كان بدلا عنه، لأنّه بدل عنه بالعنوان المنويّ لا بما صار إليه بعد الفسخ. هذا، و الظاهر- عدم الفرق في الأحكام المذكورة- بين كون الحج الأول المستأجر عليه واجبا أو مندوبا بل الظاهر جريان حكم وجوب الإتمام و الإعادة في النيابة تبرعا أيضا (118)، و إن كان لا يستحق الأجرة أصلا (119).
(مسألة ۲۲): يملك الأجير الأجرة بمجرّد العقد، لكن لا يجب تسليمها إلا بعد العمل (120)، إذا لم يشترط التعجيل، و لم تكن قرينة على إرادته، من انصراف أو غيره (121)، و لا فرق في عدم وجوب التسليم بين أن تكون عينا أو دينا (122)، و لكن إذا كانت عينا و نمت كان النماء للأجير (123) و على ما ذكر- من عدم وجوب التسليم قبل العمل إذا كان المستأجر وصيا أو وكيلا، و سلّمها قبله كان ضامنا لها (12٤)، على تقدير عدم العمل من المؤجر، أو كون عمله باطلا. و لا يجوز لهما اشتراط التعجيل من دون إذن الموكل أو الوارث (125) و لو لم يقدر الأجير على العمل مع عدم تسليم الأجرة كان له الفسخ (126). و كذا للمستأجر. لكن لما كان المتعارف تسليمها أو نصفها قبل المشي، يستحق الأجير المطالبة في صورة الإطلاق، و يجوز للوكيل و الوصيّ دفعها من غير ضمان.
(مسألة ۲۳): إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة (127)، فلا يجوز للأجير أن‏ يستأجر غيره، الا مع الإذن صريحا أو ظاهرا و الرواية الدالة على الجواز محمولة على صورة العلم بالرضا من المستأجر (128).
(مسألة ۲٤): لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج (129) تمتعا و كانت وظيفته العدول إلى حج الإفراد- عمّن عليه حج التمتع، و لو استأجره مع سعة الوقت فنوى التمتع ثمَّ اتفق ضيق الوقت، فهل يجوز له العدول و يجزئ عن المنوب عنه أو لا؟ وجهان: من إطلاق أخبار العدول و من انصرافها إلى الحاج عن نفسه و الأقوى عدمه (130)، و على تقديره (131) فالأقوى عدم إجزائه عن الميت، و عدم استحقاق الأجرة عليه (132) لأنّه غير ما على‏ الميت، و لأنّه غير العمل المستأجر عليه (133).
(مسألة ۲٥): يجوز التبرع عن الميت في الحج الواجب أيّ واجب كان، و المندوب، بل يجوز التبرع عنه بالمندوب و إن كانت ذمته مشغولة بالواجب، و لو قبل الاستئجار عنه للواجب. و كذا يجوز الاستئجار عنه في المندوب كذلك (13٤) و أما الحيّ فلا يجوز التبرع عنه في الواجب إلا إذا كان معذورا في المباشرة- لمرض، أو هرم- فإنّه يجوز التبرع عنه (135)، و يسقط عنه وجوب‏ الاستنابة على الأقوى، كما مرّ سابقا (136) و أما الحج المندوب فيجوز التبرع عنه كما يجوز له أن يستأجر له حتى إذا كان عليه حج واجب لا يتمكن من أدائه فعلا (137) و أما إن تمكن منه فالاستئجار للمندوب قبل أدائه مشكل (138) بل التبرع عنه في الحج المندوب حينئذ أيضا لا يخلو عن إشكال (139) في الحج الواجب.
(مسألة ۲٦): لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد (140)، و إن كان الأقوى فيه الصحة. إلا إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر كل منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحج (141) و أما في الحج المندوب فيجوز حج واحد عن جماعة بعنوان النيابة (142)- كما يجوز بعنوان إهداء الثواب (143)- لجملة من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة أيضا، فلا داعي لحملها على خصوص إهداء الثواب.
(مسألة ۲۷): يجوز أن ينوب جماعة عن الميت أو الحيّ في عام واحد في الحج المندوب، تبرعا، أو بالإجارة (1٤٤) بل يجوز ذلك في الواجب أيضا، كما إذا كان على الميت- أو الحيّ الذي لا يتمكن من المباشرة لعذر- حجان مختلفان نوعا كحجة الإسلام و النذر أو متحدان من حيث النوع كحجتين للنذر، فيجوز أن يستأجر أجيرين لهما في عام واحد (145)، و كذا يجوز إذا كان أحدهما واجبا و الآخر مستحبا بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحج واجب واحد (146)- كحجة الإسلام في عام واحد احتياطا- لاحتمال بطلان حج أحدهما. بل و كذا مع العلم بصحة الحج من كل منهما و كلاهما آت بالحج الواجب، و إن كان‏ إحرام أحدهما قبل إحرام الآخر، فهو مثل: ما إذا صلّى جماعة على الميت في وقت واحد و لا يضر سبق أحدهما بوجوب الآخر، فإنّ الذمة مشغول ما لم يتم العمل، فيصح قصد الوجوب من كل منهما و لو كان أحدهما أسبق. شروعا (147).
  1. الوسائل باب: ۳4 من أبواب نيابة الحج حديث: ۱.
  2. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب قضاء الصلاة حديث: ٥.
  3. سورة التوبة، الآية ۱۱۳.
  4. سورة النجم، الآية ۳۹.
  5. الوسائل باب: ۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ٦.
  6. الوسائل باب: ۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  7. الوسائل باب: ۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ٥.
  8. الوسائل باب: ۹ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۲.
  9. الوسائل باب: ۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۸.
  10. الوسائل باب: ۹ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ۹ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  12. الوسائل باب: ۹ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۳.
  13. الوسائل باب: ٦ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۳.
  14. الوسائل باب: ۲4 ممن أبواب وجوب الحج حديث: ۷.
  15. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب النيابة في الحج حديث: ٥.
  16. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  17. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۳.
  20. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  21. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۳.
  22. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
  23. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
  24. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: ٥.
  25. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
  26. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۲.
  27. الوسائل باب: ۳ من أبواب كفارات الاستمتاع في الإحرام حديث: ۹.
  28. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: ۱4 من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  30. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب وجوب الحج حديث: 4.
  31. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۳.
  32. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب النيابة في الحج حديث: 4.
  33. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  34. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  35. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۳.
  36. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  37. الوسائل باب: ۳4 من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
  38. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب وجوب الحج حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"