و هي جمع نفل- ساكنا و متحركا- بمعنى الزيادة، و هي زيادة فضل من اللَّه تعالى نفل على المسلمين دون الأمم السابقة. و يطلق على مطلق الغنيمة، لأنّ الأمم السابقة لم تكن تحل لهم الغنائم، و على خصوص ما يستحقه الإمام (عليه السلام) كما كان يستحقه النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله).
و هي: ما يستحقه الإمام (عليه السلام) بالخصوص لمنصب إمامته، كما كان للنبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لمقام نبوته و رئاسته الإلهية (۱) و هي تسعة:
بالأدلة الأربعة: فمن الكتاب قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ۱ و من السنة ما استفاض بل تواتر بين الفريقين قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «و أما الفيء و الأنفال فهو خالص لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)»۲. و من العقل: ما أشرنا إليه في أول كتاب الخمس ثمَّ هي للإمام المعصوم من بعده (صلّى اللّه عليه و آله) إجماعا من الإمامية، و نصوصا مستفيضة بينهم قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «نحن قوم فرض اللَّه طاعتنا لنا الأنفال، و لنا صفو المال»۳ و يأتي ما يدل عليه أيضا.
و الأنفال: من مختصات منصب الإمامة و إن مات الإمام لا ترثها ورثه الإمام غير الإمام الذي يكون بعده، فعن عليّ بن راشد: «قلت لأبي الحسن الثالث (عليه السلام): إنا نؤتى بشيء فيقال: هذا كان لأبي جعفر (عليه السلام) عندنا فكيف نصنع؟ فقال (عليه السلام): أما ما كان لأبي (عليه السلام) بسبب الإمامة فهو لي و ما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب اللَّه و سنة نبيه»4.
(الأول): الأرض إن لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، سواء انجلى عنها أهلها أو أسلموها للمسلمين طوعا (۲).
للإجماع، و النصوص المستفيضة:
منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في الموثق: «الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صولحوا أو أعطوا بأيديهم و ما كان من أرض خربة، أو بطون أودية فهذا كله من الفيء و الأنفال»٥.
و قوله (عليه السلام) في صحيح حفص: «الأنفال: ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم و كل أرض خربة و بطون الأودية فهو لرسول اللَّه»٦.
و مقتضاه أنّ كل ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب من الأنفال لا خصوص الأرض، فيكون ذكر الأرض في بعض الأخبار من باب الغالب.
(الثاني): الأرض الموات التي لا ينتفع بها إلا بتعميرها (۳).
للنصوص، و الإجماع منها: ما تقدم من الخبرين: و منها: قول أبي الحسن الأول (عليه السلام) في خبر حماد: «الأنفال كل أرض خربة باد أهلها»۷.
(مسألة ۱): لا فرق بين أن يكون الخراب لانقطاع الماء عنها، أو لاستيلائه عليها، أو لاستيجامها، أو لموانع أخر (٤) كما لا فرق بين ما لم يجر عليها ملك لأحد- كالمفاوز- أو جرى، و لكن باد و لم يعلم الآن بحيث يصدق أنّه لا ربّ لها (٥).
لأنّ المرجع في الموات و الخراب إنّما هو العرف و هو يحكم بتحققها في جميع ذلك.
لإطلاق الأدلة الشامل لجميع ذلك كلّه.
(مسألة ۲): القرى الدارسة التي قد جلا عنها أهلها فخربت على نحو يصدق أيضا لا ربّ لها تكون من الأنفال بأرضها، و آثارها، و آجرها و أحجارها (٦).
لظهور الإطلاق الشامل لذلك كله خصوصا مثل قوله (عليه السلام):
«و كل أرض ميتة لا ربّ لها»۸، و قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في خبر ابن عمار بعد أن سأل عن الأنفال: «فقال هي القرى التي قد خربت و انجلى أهلها»۹، و خبر ابن سنان: «هي القرية التي قد جلا أهلها هلكوا فخربت فهي للَّه و للرسول»۱۰.
(مسألة ۳): الموات الواقعة في الأرض المفتوحة عنوة من الأنفال (۷).
للإطلاق الشامل لها أيضا، فيكون ملكه (عليه السلام) لها أسبق من المسلمين للمفتوحة عنوة.
(مسألة ٤): الأرض المفتوحة عنوة التي كانت محياة حال الفتح ثمَّ عرضها الموت باقية على ملك المسلمين (۸).
للأصل بعد الشك في شمول أدلة الأنفال لها، و في الجواهر دعوى القطع بذلك.
(الثالث): سيف البحار، و شطوط الأنهار، و كل أرض لا ربّ لها و إن لم تكن مواتا، بل كانت قابلة للانتفاع بها، كالجزيرة الخارجة من البحار، و بعض الأنهار (۹).
لإطلاق خبر أبي جعفر (عليه السلام): «قال لنا: الأنفال، قلت: و ما الأنفال؟ قال (عليه السلام): منها المعادن، و الآجام و كل أرض لا ربّ لها، و كل أرض باد أهلها فهو لنا»۱۱ و تقييدها في بعض الأخبار- على ما سيأتي- بالميتة من باب الغالب فلا يضر بالإطلاق.
(الرابع): رؤوس الجبال، و بطون الأودية، و الآجام (۱۰).
لجملة من الأخبار:
منها: خبر ابن فرقد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «قلت: و ما الأنفال؟ قال (عليه السلام): «بطون الأودية و رؤوس الجبال و الآجام و المعادن، و كل أرض ميتة قد جلا أهلها»۱۲ و عن الكاظم (عليه السلام) في خبر حماد: «و له رؤوس الجبال و بطون الأودية و الآجام»۱۳.
(مسألة ٥): كل ما يكون على رؤوس الجبال من النبات، و الأشجار و الأحجار تكون له (عليه السلام) (۱۱).
لظاهر الإطلاق، و الاتفاق.
(مسألة ٦): الآجام: الأراضي الملتفة بالقصب أو المملوّة من سائر الأشجار- التي تطلق عليها في الفارسية (جنگل)- (۱۲).
كما عن جمع منهم صاحب الرياض تبعا للروضة و هذا مراد من عبّر بغير ذلك.
(مسألة ۷): لا فرق في كون هذه الثلاثة التي له (عليه السلام)- بين كونها في أرض الإمام أو المفتوحة عنوة (۱۳).
للإطلاق الشامل لجميع ذلك إلا إذا كان ملكا لأحد ثمَّ عرضت عليها الأجمة و نحوها، فمقتضى الأصل بقاؤها على ملك مالكها.
(الخامس): قطائع الملوك و هي: اسم لما لا ينقل من المال كالقرى و الأبراج، و الأراضي، و الحصون (۱٤).
إجماعا، و نصّا قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في تفسير الأنفال: «و قطائع الملوك كلها للإمام (عليه السلام) و ليس للناس فيها شيء»۱4.
(السادس): صفو الغنيمة (۱٥).
إجماعا و نصّا قال الكاظم (عليه السلام): «للإمام صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها، الجارية الفارهة، و الدابة الفارهة، و الثوب، و المتاع مما يجب و يشتهي فذلك له قبل القسمة»۱٥.
(السابع): الغنائم التي غنمت بغير إذن الإمام (۱٦).
لما تقدم تفصيله في خمس الغنيمة.
(الثامن): إرث من لا وارث له (۱۷).
نصّا، و إجماعا قال أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم: «من مات و ليس له وارث من قبل قرابته و لا مولى عتاقه و لا ضامن جريرته فما له من الأنفال»۱٦.
(التاسع): المعادن (۱۸).
لقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في تفسير الأنفال: «و كل أرض لا ربّ لها و المعادن»۱۷ و قوله (عليه السلام) أيضا في تفسيرها: «بطون الأودية و رؤوس الجبال و الآجام و المعادن»۱۸.
(مسألة ۸): كل معدن كان مورد حق أحد و لو تبعا للأرض ليس من الأنفال (۱۹).
لأنّ المنساق من أدلة الأنفال إنّما هو فيما إذا لم يكن موردا لحق ذي حق.
(مسألة ۹): قد أباحوا (عليهم السلام) الأنفال لشيعتهم غنيا كان أو فقيرا- فيملكونها بالحيازة بل يملكها غيرهم أيضا بالحيازة (۲۰).
لعموم قوله (عليه السلام): «من حاز ملك»- كما سيأتي- الشامل لجميع ذلك، مع ما ورد بالنسبة إلى خصوص الشيعة بالخصوص كقولهم (عليهم السلام):
«أحللنا لشيعتنا»۱۹ أي: لأجل شيعتنا أبحنا للعموم فتكون الشيعة من العلة الغائية، و يأتي التفصيل في كتاب الإحياء إن شاء اللَّه تعالى.
(مسألة ۱۰): يعتبر الفقر في مصرف إرث من لا وارث له بل الأحوط إيصاله إلى الفقيه، و الأحوط له صرفه في فقراء بلد الميت (۲۱).تمَّ كتاب الخمس و للَّه الحمد
أما الاحتياط في إيصاله إلى نائب الغيبة، فلاحتمال شمول ولايته و نيابته لمثل هذا المال أيضا، و حصول القطع بالفراغ حينئذ، و أما الصرف في فقراء بلد الميت، فلجملة من النصوص:
منها: ما عن المقنعة: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعطي تركة من لا وارث له من قريب و لا نسيب، و لا مولى فقراء أهل بلده، و ضعفاء جيرانه و خلفاءه تبرعا عليهم من ذلك»۲۰ و مثله غيره من الأخبار.
و الحمد للَّه أوّلا و آخرا و له الشكر على ما أنعم
- سورة الأنفال: ۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الأنفال حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الأنفال حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الأنفال حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۱۰.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب الأنفال حديث: 4.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب الأنفال حديث: ۲۰.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب الأنفال حديث: ۲4.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأنفال حديث: ۲۷.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأنفال حديث: ۳۲.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأنفال حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الأنفال حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الأنفال حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب ولاء ضمان الجريرة حديث: ۱( كتاب الإرث).
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۳۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الأنفال حديث: ۲۰.
- الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: ۹ و غيره.
- الوسائل باب: 4 من أبواب ولاء ضمان الجريرة( كتاب الإرث) حديث: ۱۱.