نسب إلى المشهور بل ادعى الإجماع على اعتبار رضاه في هذه الصورة أيضا و هو الذي يقتضيه مذاق الفقاهة و مرتكزات المتشرعة مع كثرة اختلاف الأغراض و الرغبات في هذه الأمور، و يمكن أن يستدل بأصالة عدم سلطنة المحتال على المحال عليه إلا برضاه، و كذا أصالة عدم تسلط المحيل على إعطاء سلطنته للمحتال على المحال عليه إلا برضاه لاختلاف الأشخاص في السلطات وجدانا.
و دعوى: ان سلطنته في الجملة على المحال عليه ثابتة بلا إشكال فينقلها إلى المحتال.
فاسدة: لأن سلطنته انما هو في طلب ماله و على ما في ذمته بحسب الموازين الشرعية، و أما سلطنته على إعطاء عين هذه السلطة إلى شخص آخر فمقتضى الأصل عدمها إلا إذا ثبت بدليل شرعي.
و دعوى: ان ما في ذمة المحال عليه ملك للمحيل و هو مسلط على ملكه كيف ما يشاء فله إعطاء ملكه إلى من شاء.
مخدوش .. أولا: بأنه عين الدعوى الأوّل.
و ثانيا: بأن ملك ما في الذمة شيء و التسليط على نفس الذمة شيء آخر، و لا ملازمة بين ثبوت التسلط الأوّل و التسليط الثاني.
إن قيل: فعلى هذا لا يصح بيعه أيضا إلى شخص آخر إلا برضا المحال عليه لأنه نحو تسليط للمشتري على ما في ذمة المحال عليه، و كذا الوكالة في استيفائه لأنها نحو تسلط على ذمة الغير.
يقال: الفارق ظهور الإجماع على جوازهما بدون رضاه بخلاف الحوالة، و نسب إلى أبي الصلاح عدم اعتبار رضاء المحال عليه، و تبعه بعض آخر و استدلوا على ذلك ..
تارة: بأن الحوالة عبارة عن اقامة المحيل المحتال مقام نفسه.
و أخرى: بأن الحوالة إلقاء للدين بمال المحيل الذي يكون في ذمة المحال عليه.
و ثالثة: بمنزلة توكيل للمحال عليه في وفاء دين المحيل.
و الكل مخدوش: إلا إذا رجع إلى ما يأتي من التفصيل.