بالأدلة الثلاثة، في الأول كما تأتي. و بالسنة المستفيضة في الثاني أيضا.
ثمَّ إن الزوجية تجامع النسب، و أما الولاء فهو مترتب عليه، و له مراتب مرتبة، فيقدم ولاء العتق على ولاء ضمان الجريرة المقدم على ولاء الإمامة، و لا ممانعة بين قسمي السبب، فيجامع من له الولاء مع الزوجية، إلا في ولاء الإمامة كما يأتي.
فوائد
الأولى: الإرث.
تارة: بالفرض فقط، أي ما سمّى اللَّه تعالى في كتابه سهما معينا.
و اخرى: بالرد و القرابة، أي لم يسم له سهما معينا في كتابه العزيز.
و ثالثة: بهما معا، و كل من هذه الثلاث:
تارة: في الأنساب.
و أخرى: في الأسباب فهذه ست:
الأول: ذو فرض من الأسباب كالزوجة، قال تعالى وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ۷.
الثاني: ذو فرض و ردّ من الأسباب كالزوج، كما يأتي.
الثالث: ذو الردّ من الأسباب كالولاء.
الرابع: ذو الفرض من الأنساب، كالبنت و البنات إذا انفردن، قال تعالى:
فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ۸.
الخامس: ذو الردّ من الأنساب، كالبنت و البنات إذا دخل عليهن الذكر قال تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ۹ السادس: ذو الفرض و الردّ من الأنساب، كالأب فيرث بالفرض لو اجتمع مع الولد، قال تعالى:
لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ۱۰، و بالقرابة إذا انفرد، و لم يكن للميت. ولد، فلم يجعل له فرض فحينئذ يرث بالقرابة، و يرث بهما معا، كما إذا كان مع البنت أو البنات و للفروض أصحاب أخر قد يكونون دائما، أو في حال دون حال، يأتي بيان جميع ذلك إن شاء اللَّه تعالى.
الثانية: الوارث إن لم يكن ذا فرض، فالمال كله له، اتحد أم تعدد، و إن كان ذا فرض أخذ فرضه و ردّ الباقي عليه على التفصيل الآتي، فلا تعصيب عندنا بل يرد الزائد على ذوي السهام، و لا يردّ على الزوجين كما يأتي، و إذا نقصت التركة عن ذوي الفروض دخل النقص على بعضهم، فلا عول عندنا كما يأتي مفصلا.
الثالثة: من القواعد المسلّمة في الإرث قاعدة: «إن الأقرب يمنع الأبعد» الثابتة بالكتاب، و السنة المقدسة، و الإجماع المتسالم عليه، و هي بمعنى أن الأقرب إلى الميت يحجب الأبعد عنه في الإرث، فالأولاد من الصلب يحجبون الحفدة مثلا، و الجد الأدنى يحجب الأعلى، و الاخوة يحجبون أولاد الاخوة و إن المتقرب بالأبوين يحجب المتقرب بالأب وحده و هكذا.
و قد استدلوا عليها بقوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ۱۱، و غيره من الآيات المباركة.
و ما ورد من السنة المستفيضة، مثل معتبرة يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: «ابنك أولى بك من ابن ابنك، و ابن ابنك أولى بك من أخيك و أخوك لأبيك و أمك أولى بك من أخيك لأبيك، و أخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك- الحديث»۱۲ إلى غير ذلك من الروايات كما يأتي بيانها.
و يمكن الاستدلال بدليل عقلي- أيضا- من أن رحم القريب للإنسان أولى به من البعيد في شؤوناته هذا و إن أمكنت المناقشة فيه.
و لكن عموم القاعدة خصّص بموارد منها: تقديم ابن العم من الأبوين على العم للأب، للنص كما يأتي. و منها أخ حر و ولد نصفه حر، فالمال بينهما نصفان. و قد يشارك البعيد القريب في موارد ثلاثة:
الأول: لو ترك جدّا لام و ابن أخ لأمّ مع أخ لأب، فإن ابن الأخ لا يحجبه الجد للأم، و لا يزاحم الأخ للأب، فيرث مع الجدّ للأمّ.
الثاني: ما لو ترك إخوة لام و جدا قريبا لاب و جدا بعيدا لام، فيشارك الجدّ القريب بأخذ ثلثي المال مع الاخوة، و الجدّ للأم يأخذ الثلث، و قد يشارك الجدّ البعيد لهم، لأن الأخ لا يمنع الجدّ البعيد، و إنّ الجد القريب لا يزاحم الجدّ البعيد كما يأتي التفصيل.
الثالث: ما لو ترك إخوة للأب و جدّا بعيدا لاب و إخوة للأمّ و جدا قريبا للأم، فلاقرباء الام الثلث، و للإخوة الباقي من التركة، و يمكن مشاركة الجدّ على ما يأتي تفصيله.
الرابعة: لو اجتمع للوارث أكثر من موجب واحد للإرث- نسبيا كان أو سببيا أو نسبيّا و سببيّا- يرث بالجميع، إن لم يكن مانع في البين، أو كان أقرب منه. و لا يمنع ذو الموجبين ذا الموجب الواحد.