نصا، و إجماعا، ففي صحيح أبان بن تغلب قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الذي يقتل في سبيل اللَّه أ يغسّل و يكفن و يحنّط؟ قال عليه السلام: يدفن كما هو في ثيابه. إلا أن يكون به رمق فإن كان به رمق ثمَّ مات فإنّه يغسّل و يكفّن و يحنّط و يصلّي عليه، لأنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله صلّى على حمزة و كفنه و حنطه، لأنّه كان قد جرد»۱.
و عنه عليه السلام أيضا قال: «الشهيد إذا كان به رمق غسّل و كفّن و حنّط و صلّي عليه، و إن لم يكن به رمق كفّن في أثوابه»۲.
و في خبر أبي خالد: «اغسل كلّ الموتى: الغريق، و أكيل السبع، و كلّ شيء إلا ما قتل بين الصفين، فإن كان به رمق غسّل و إلا فلا»۳.
و عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام: «لم يغسل عمار بن ياسر و لا هاشم بن عتبة و هو المرقال، و دفنهما في ثيابهما، و لم يصل عليهما»٤.
و لا بد من حمل قوله عليه السلام: «و لم يصلّ عليهما» على بعض المحامل أو طرحه، لكونه مخالفا للنصوص و الإجماع كما يأتي- و أما عمار بن ياسر- فهو ممن أجمع الفريقان على عظم شأنه و جلالته، و كان من أصحاب علي عليه السلام و استشهد في صفين، و روى الفريقان عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أنّه قال: «تقتله الفئة الباغية».
و هاشم بن عتبة المرقال كان من أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه و آله و كان من الفضلاء الأخيار الأبطال نزل الكوفة و كان مع علي عليه السلام في يوم صفين و أعطاه عليه السلام الراية و أسماه مرقالا، لأنّه يسرع في مشيه- و عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قلت له: كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه؟ قال: نعم، في ثيابه بدمائه و لا يحنّط و لا يغسّل، و يدفن كما هو، ثمَّ قال: دفن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله عمه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها، و رداه النبي صلّى اللَّه عليه و آله برداء فقصر عن رجليه فدعا له بإذخر فطرح عليه، و صلّى عليه، و صلّى عليه سبعين صلاة، و كبّر عليه سبعين تكبيرة»٥.
و قال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله في شهداء أحد: «زملوهم بدمائهم و ثيابهم»٦.
و عنه صلّى اللَّه عليه و آله أيضا قال في وصفهم: «زملوهم بكلومهم فإنّهم يحشرون يوم القيامة و أوداجهم تشخب دما اللون لون الدم و الرائحة رائحة المسك»۷. و لا بد و أن يكون هكذا لأنّ دماءهم الشريفة من أغلى شعارات إعلان الحق و التضحية و نصرة اللَّه- تعالى- فيجب التحفظ بهذا الشعار العظيم و الوسام الكبير كما هو عادة الناس أجمعين في التحفظ على أوسمتهم.