و هي: بتثليث الجيم من المفاهيم المعروفة الدائرة بين جميع فرق الناس.
و ما ذكره الفقهاء- و منهم الماتن- إنما هو بحسب الغالب و إلا فيمكن التعميم فيها كما يأتي، و هي: أما قولية، أو كتبية: كالاعلانات الملصقة على الجدران أو المنتشرة في الصحف المشتملة على جعل شيء لمن وجد الضائعات وردها إلى صاحبها، و إما بنائية: كما إذا كان عند الناس بناء عرفي على أن كل من رد ما فقد منهم أن يعطوه شيئا و جرت العادة على التزامهم بهذا البناء بحيث يكون لمن رد حق المطالبة لما جعل.
و يمكن توسعة الأمر في الجعالة بأكثر مما هو المشهور من التوسعة بأن يقال: الجعالة متقومة بوجود غرضين صحيحين فيها:
أحدهما: للجاعل و هو وصوله إلى مقصوده.
و الآخر: للطرف و هو حصول نفع له فهي من هذه الجهة تشبه البيع و الإجارة و سائر المعاوضات في ان كلا من الطرفين يبذل شيئا لأجل أن يستفيد شيئا، فلو قيل: كل من حفظ القرآن فله عليّ كذا يكون ذلك جعالة، و كذا لو قيل:
كل من سكن داري فلي عليه كل ليلة دينار مثلا، فكل ذلك جعالة لغة و عرفا لأنها في اللغة و العرف عبارة عن: (جعل شيء لاستيفاء غرض صحيح)، بل و شرعا أيضا، لعموم: «المؤمنون عند شروطهم»۳، و قاعدة السلطنة.
نعم، الغالب منها في الأزمنة القديمة ما إذا كان جعل العوض من الجاعل بإزاء عمل من العامل، و الغلبة الوجودية لا يوجب التقييد و يدل على الإطلاق قوله تعالى وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ4، و خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل قال لرجل: أعطيك عشرة دراهم و تعلمني عملك، و تشاركني هل يحل ذلك له؟ قال عليه السّلام: إذا رضى فلا بأس»٥، فإن إطلاق ذيله- و تعليق الصحة على مجرد الرضاء بلا قيد- يدل على صحة الجميع.