يدل على رجحان الدعاء الأدلة الأربعة: فمن الكتاب آيات:
منها: قوله تعالى( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ۱، و قوله تعالى قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ)۲.
و من السنة نصوص متواترة من الفريقين:
منها: صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «الدعاء يرد القضاء بعد ما أبرم إبراما، فأكثر من الدعاء، فإنّه مفتاح كلّ رحمة، و نجاح كلّ حاجة، و لا ينال ما عند اللّه عزّ و جل إلا بالدعاء، و إنّه ليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه»۳.
و عن أبي جعفر عليه السلام: «أفضل العبادة الدعاء»4.
و عنه عليه السلام أيضا: «ما من شيء أفضل عند اللّه عزّ و جل من أن يسأل و يطلب مما عنده»٥.
إلى غير ذلك من الأخبار التي سيأتي بعضها.
و من الإجماع: إجماع المسلمين، بل جميع المليين و قد ورد عن أئمتنا المعصومين عليهم السلام في الدعاء دعوات كثيرة و لهم المنة في فتح باب المعارف الإلهية، و الارتباط مع العوالم الغيبية بالدعوات الصادرة عنهم، صلّى اللّه عليهم ما دعا للّه داع.
و من العقل حكمه الفطري برجحان الاستعانة بالعظيم و القدير من كلّ جهة في تمشية الأمور و قضائها، مع أنّ مكالمة الشخص مع مالك الملوك توجب نحو كمال و صفاء لنفسه، و إنّه من أعظم الارتباطات إلى عالم الغيب التي هي أجلّ مقامات الإنسانية و أعلاها، و قد أثبت ذلك أعاظم حكماء المسلمين و غيرهم في كتبهم، و قد كتب صدر المتألهين (قدّس سره) رسالة مستقلة في ذلك من شاء فليراجعها، و كذا غيره من كبار العرفاء و الحكماء و قد تعرضنا لأهم الجوانب من الدعاء في تفسيرنا (مواهب الرّحمن) عند قوله تعالى (وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ)٦.
و لا بد من بيان أمور:
الأول: لا ريب في احتياج الممكن إلى اللّه تعالى حدوثا و بقاء، و قد ثبت ذلك بالأدلة العقلية في محلّه، و لا تختص الحاجة إليه تعالى بجهة دون أخرى، بل تعم الجهات الممكنة لفرض الإمكان فيها، و هو مناط الحاجة مطلقا، و كلّما كان الممكن أشرف كان احتياجه إليه عزّ و جل أكثر و كانت عنايته تعالى له أكثر و أشد، فالإنسان محتاج إليه تعالى بجميع ما يتعلق به من الجهات و الخصوصيات، و عناية اللّه به أكثر من عنايته لسائر مخلوقاته، و قد فتح عزّ شأنه باب الدعاء عليه، و رغّب إليه لإظهار حاجاته، و إراءة عناياته و ألطافه بالنسبة إليه.
الثاني: الحاجة إليه سبحانه إما تكوينية غير التفاتية، و هي عبارة عن حيثية الإمكان التي عمت الموجودات بالسوية، و إما التفاتية- شخصية كانت أو نوعية- و الدعاء ينفع لجميع ذلك، كما تأتي الإشارة إلى دليله و تفصيله، مع أنّ في
الوجدان غنى عن إقامة البرهان، و يمكن أن يقال: إنّ الدعاء في الجملة فطريّ لكلّ محتاج إلى شيء مع اعتقاده الإجمالي بقدرة اللّه على كلّ شيء.
الثالث: أجلّ المقامات الممكنة للإنسانية مقام العبودية الحقة الواقعية الذي أتى به الأنبياء عليهم السلام لأممهم لا سيّما خاتمهم صلّى اللّه عليه و آله الذي شرحه و بسطه بما أمكنه من الشرح و التفصيل فقد ربط الإنسان بربه و خالقه و معبوده ربطا منظما محكما متقنا، و الدعاء من إحدى طرق ذلك الربط، لأنّ له أهمية في توجيه النفس إلى المبدإ الغنيّ المطلق، و نحو انقطاع إليه تعالى، و هذا التوجه و الانقطاع من طرق استكمال النفس في المعنويات، بل من أهمّها، و لكن له مراتب متفاوتة حسب مراتب انقطاعات الدّاعين و توجهاتهم.
الرابع: لا ريب في أنّ لكلّ حادث من الحوادث أسباب خاصة، و لا يتصوّر حدوث حادث بلا سبب، و الدعاء من جملة أسباب حدوث المطلوب، جعله اللّه تعالى سببا عاما تسهيلا على عباده، و امتنانا عليهم، و نسبته إلى المطلوب نسبة الدواء إلى الشفاء بأنواعه الشتى، فكما أنّ لكلّ داء دواء خاص، و هناك دوام عام ينفع لجملة كثيرة من الأدواء، كذلك الدعاء أيضا، و كما أنّ الدواء مقتض و يحتاج إلى صيرورته علّة تامة منحصرة إلى انضمام جهات أخرى يكون الدعاء هكذا أيضا، و صيرورته علّة تامة يحتاج إلى جملة أمور ذكر بعضها في الأخبار و لم تذكر جملة أخرى منها لإمكان كونها من الأسرار التي لا يمكن أن يطلع عليها غير علام الغيوب، و الحكيم العليم لا بد و أن يستجيب الدعاء على وفق الحكمة الواقعية لا على وفق ما يقتضيه الداعي و إن كان على خلاف الحكمة، فإنّه نقص بالنسبة إليه تعالى.
الخامس: الدعوات الصادرة عن المعصومين عليهم السلام مشتملة على أعظم المعارف الربوبية التي حرص الأئمة عليهم السلام على بيانها بأسهل بيان و هذا أحسن تدبير في إشاعة المعارف الحقة، و بيانها للناس مقتبس من تدبير القرآن فتشتمل على التوحيد و نفي الشرك مطلقا، و بيان الصفات الثبوتية و السلبية و الأسماء الحسنى و ما يتفرّع منها، و القضاء و القدر إلى غير ذلك من الربوبيات، و لعلّ هذا من إحدى جهات فضل الدعاء على سائر المندوبات، كفضل علم
الربوبيات على سائر العلوم.
و من نظر إلى دعوات الأنبياء السابقين، كمزامير داود و صحف إدريس يجد الفرق بينهما أوسع مما بين السماء و الأرض. قال صدر المتألهين فيما كتبه في الدعاء:
«الأدعية المأثورة عن أئمتنا و سادتنا الهاشميين الأكابر و المعصومين من الذنوب الصغائر فضلا عن الكبائر، كثيرة شائعة بين جميع الأمم، ذائعة بين طوائف العالم المؤالف و المخالف، و لم يوجد مثلها في شيء من الملل و الأديان، و لم ير عين الأعيان نظيرها من أحد من أئمة القرون و الأزمان، يعرف صحة هذا الكلام المستغني عن البيان، و يشهد لصدق هذه الدعوى الغنية عن البرهان من تتبع آثارهم و اقتفى منارهم».
و قال (قدّس سرّه) أيضا: «الدعاء من أعظم مقامات العارفين و إنّه شعار الصالحين و أدب الأنبياء و المرسلين، و الفرقان ناطق بصحته عن الصدّيقين، و الأحاديث مشحونة بالأدعية المأثورة عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام بحيث لا مساغ للإنكار و لا مجال للعناد، و إن شئت فانظر إلى الصحيفة الملكوتية المنسوبة إلى سيد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام .. إلى أن قال (قدّس سرّه): و من فوائد الدعاء إظهار شعار الذل و الانكسار و الإقرار بسمة العجز و الافتقار و تصحيح نسبة العبودية و الانغماس في غمرات النقصان الإمكاني، و الإفلاس عن ذروة الترفع، و الاستغناء إلى حضيض الاستكانة و الفقر و الفاقة».
السادس: نسبة الدعاء إلى الداعي كنسبة التوبة إلى التائب، فكما أنّ توبة التائب مسبوقة بتوبة اللّه تعالى، كما قال عز و جل (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا۷) و ملحوقة بقبوله تعالى لها، كذلك دعاء الدّاعي مسبوق بعناية اللّه تعالى له و توفيقه للدعاء و إذنه له في قرع بابه و الورود في ساحة جنابة ثمَّ بعد الدعاء يستجيب، فالدعاء منه تعالى و الاستجابة منه أيضا، و كما في سائر الخيرات فهو
الذي يعطي ثمَّ يستقرض بقوله (وَ أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً )۸ ، ثمَّ هو الذي يثيب على ذلك فمنشأ كلّ خير يصدر من العبد منه عز و جل، مع أنّ الإثابة على كلّ خير منه تعالى أيضا. فلا وجه لما يتوهم من أنّ العلة لا تتأثر عن المعلول، لأنّ العلة هو الذي شاء ذلك و أراد و حقق مقتضاه.
السابع: لا ريب في أنّ تغير القضاء و القدر بإرادة اللّه تعالى و اختياره كما في مقتضياتنا و مقدراتنا فما لم يتحقق مورد مشيته و إرادته عزّ و جل في الخارج يكون قابلا للتغير، بل و بعد الوقوع في الخارج أيضا في الجملة، كما يأتي. و يدل عليه مضافا إلى الوجدان، و المستفيضة الواردة في البداء و أنّه يدخل في جميع أسباب الفعل، قول الصادق عليه السلام:
«إنّ الدعاء يرد القضاء و قد نزل من السماء و قد أبرم إبراما»۹.
و عنه عليه السلام أيضا: «إنّ الدعاء يرد القضاء، ينقضه كما ينقض السلك و قد أبرم إبراما»۱۰.
و عن أبي الحسن عليه السلام: «إنّ الدعاء يرد ما قد قدّر و ما لم يقدّر، قلت: و ما قد قدّر قد عرفته، فما لم يقدّر؟ قال عليه السلام: حتّى لا يكون»۱۱.
أقول: يعني أنّ الدعاء يزاحم جميع مراتب أسباب الفعل من القضاء و القدر و المشية و غير ذلك من الأسباب التي هي مذكورة في الكافي باب: أسباب الفعل، فراجع.
و عنه عليه السلام: «إنّ الدعاء يدفع البلاء النازل و ما لم ينزل»۱۲.
و بالجملة: إنّ الدعاء ينفع لدفع البلاء و لرفعه أيضا من حيث الكمية و الكيفية و سائر الجهات.
الثامن: المدافعة مع المكاره و المؤذيات بأيّ نحو أمكن من الأمور الفطرية، و مكاره الإنسان و خطراته أكثر و أعظم من كلّ موجود، لأنّه من أعجب
خلق اللّه تعالى و أعظمه، و قد ركب فيه قوى كثيرة جسمانية و روحانية، دنيوية و أخروية، فهو الهدف الوحيد لجميع سهام البلايا و الرزايا مع أنّه معركة الجيشين العظيمين جيوش العقل و جيوش الجهل، و قد أعيا الأنبياء عليهم السلام و الأطباء الروحانيين عن إطفاء هذه المعركة و إخماد نارها و لن تخمد.
و لا يجدي لدفع تلك المكاره التي حفت بالإنسان شيء إلا الدعاء، و ذلك لأنّ جميع ما في عالم الشهادة منبعث عن عالم الغيب، و الدعاء تصرّف غيبيّ في سلسلة علل الأشياء بأنواعها، و لذا ترى الأنبياء و القائمين مقامهم لا يسلكون سبيلا في قضاء حوائجهم جزئية و كلية إلا بالدعاء، فسبحان من أظهر في عالم الشهادة أمورا من عالم الغيب ليستكمل إيمان عباده ليسوقهم إلى الجنة زمرا و أفواجا. و قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:
«إلا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم، و يدر أرزاقكم!! قالوا:
بلى، قال صلّى اللّه عليه و آله تدعون ربّكم بالليل و النهار، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء»۱۳.
و قال عليّ عليه السلام: «إذا اشتد الفزع فإلى اللّه المفزع»۱4.
و قال الصادق عليه السلام: «الدعاء أنفذ من السنان الحديد»۱٥.
و قال الرضا عليه السلام: «عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: ما سلاح الأنبياء؟ قال عليه السلام: الدعاء۱٦.
و الأخبار في هذا المعنى كثيرة جدّا من الفريقين.
التاسع: الدعاء مع أنّه مطلوب مقدّمي لإنجاح الحوائج و نيل المقاصد، مطلوب نفسي أيضا في كلّ حين و زمان، و حال و مكان، و لا تختص مطلوبيته بحال دون حال، و أي مطلوب نفسي أعظم منه مع كونه من الانقطاع إلى اللّه و مظهر العبودية المحضة للّه تعالى، و يدل على ما قلناه الأدلة الأربعة:
فمن الكتاب: الإطلاقات المرغبة إلى الدعاء بعبارات شتّى، كقوله
تعالى (فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)۱۷، و قوله تعالى في مدح أوليائه:
(إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً)۱۸ ، بل ذم قوما اقتصروا في دعائهم على وقت الحاجة فقط، كقوله تعالى (وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً)۱۹ ، و قوله تعالى (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)۲۰.
و من الإجماع: إجماع المسلمين.
و من العقل ما مر من حكمه الفطري بحسن الانقطاع إلى اللّه تعالى مطلقا و قبح تركه كذلك.
و من السنة أخبار مستفيضة: منها: قول الصادق عليه السلام في موثق سماعة: «من سرّه أن يستجاب له في الشدّة، فليكثر الدعاء في الرخاء»۲۱.
و قوله عليه السلام: «من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، و قيل: صوت معروف و لم يحجب عن السماء، و من لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، و قالت الملائكة: إنّ ذا الصوت لا نعرفه»۲۲.
و عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «كان جدّي يقول: تقدموا في الدعاء فإنّ العبد إذا كان دعّاء فنزل به البلاء فدعا، قيل:
صوت معروف، و إذا لم يكن دعّاء فنزل به البلاء فدعا قيل: أين كنت قبل اليوم؟!»۲۳.
و في خبر إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن عليّ عليه السلام أنّه كان يقول: «ما من أحد ابتلي و إن عظمت بلواه أحقّ بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء»۲4.
و عن عبد اللّه بن ميمون عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال الفضل بن العباس: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: احفظ اللّه يحفظك، احفظ اللّه تجده أمامك، تعرّف إلى اللّه في الرخاء يعرفك في الشدّة»۲٥.
إلى غير ذلك من الأخبار.
العاشر: الدعاء من الأمور المتقوّمة بإضافتين، إضافة إلى الداعي، و إضافة إلى المدعوّ، و هو بالنسبة إلى الأولى من كمالاته المعنوية استجيب له أولا، لأنّ التوجه إلى اللّه تعالى و بثّ الحاجة إليه بذاته شرف للنفس الإنسانية، و قال أبو جعفر عليه السلام: «أفضل العبادة الدعاء»۲٦.
و بالنسبة إلى الثانية فهو جلال اللّه تعالى و قدرته لعباده، لأنّه إذا عرف الداعي أنّ تقدير الأمور على طبق مشية اللّه تعالى يعترف بكمال قدرته و جلاله.
الحادي عشر: ما يرجى فيه استجابة الدعاء إما من جهة الزمان، أو المكان، أو الفعل، أو حالة الدّاعي، أو الآداب التي لا بد و أن يؤتى بها قبل الدعاء أو حينه أو بعده، و سنشير إلى بعض ما ذكرناه في المسائل الآتية.
ثمَّ إنّه قد ورد في الأخبار جمع ممن يستجاب دعاؤهم، و جمع ممن لا يستجاب لهم:
فمن الأول: دعاء الوالد لولده إذا برّه و عليه إذا عقّه۲۷ و كذا الوالدة۲۸، و المظلوم على ظالمه و لمن انتصر له۲۹، و المؤمن المحتاج لأخيه إذا وصله و عليه إذا قطعه ۳۰مع التمكن من صلته و احتياجه إليه، و من لا يعتمد في حوائجه إلا إلى
اللّه عزّ و جل۳۱، و الإمام المقسط۳۲، و التقديم في الدعاء لأربعين۳۳، و من طيّب مأكله و مكسبه۳4، و من اتقى اللّه تعالى حقّ تقاته۳٥.
و من الثاني: كلّ من ترك الأسباب الظاهرية التي جعلها اللّه عزّ و جل لأمور خاصة، كمن ترك التكسب و هو يقدر عليه و جلس في بيته و دعا لطلب الرزق۳٦، و من دعا على جار يؤذيه و هو يقدر على التحول عن جواره۳۷، و المصرّ على المعصية۳۸، و المحتمل لتبعات المخلوقين۳۹، و آكل الحرام4۰، و من دعا بقلب قاس أو ساه4۱، و من دعا و ظنه عدم الإجابة4۲ إلى غير ذلك مما هو كثير مذكور في محلّه و تأتي الإشارة إلى بعض أدلتها. و لكن مع ذلك كلّه لا بد و أن لا يتحقق اليأس عن رحمة اللّه تعالى، و لا يخفى أنّ هذه الآداب المستفادة من الأخبار كلّها من باب تعدد المطلوب لا القيدية الحقيقية، لأنّ قدرة اللّه تعالى و ألطافه و عناياته الخفية و الجلية و رأفته بخلقه خصوصا عباده غير متناهية، و أسرار استجابة الدّعوات غير معلومة لغيره تعالى، و البداء جار في الجميع، و اللّه تعالى هو العليم الحكيم.