تقدم الوجه في جميع ذلك، فان عمومات أدلة تلك الأحكام شاملة لمطلق الطواف سواء كان للعمرة أو الحج، إلا أن يدل دليل خاص على تخصيص أحدهما بشيء مخصوص و هو مفقود.
تقدم أنّ أفعاله ثلاثة عشر: الإحرام، و الوقوف بعرفات، و الوقوف بالمشعر الحرام، و رمي جمرة العقبة في منى، و الهدي، و التقصير، و رمي باقي الجمرات، و طواف الحج، و صلاة الطواف، و السعي، و طواف النساء، و صلاته، و البيتوتة في منى.
(مسألة ۱): كل ما تقدم في طواف العمرة من واجباته و محرّماته، و مندوباته، و مكروهاته يجري في طواف الحج من غير فرق، و هو ركن يبطل الحج بتركه عمدا (۱).
(مسألة ۲): ابتداء وقت إحرام الحج لغير المتمتع أول أشهر الحج (۲) و يمتد إلى أن يتضيّق الوقوف بعرفة (۳) و للمتمتع بعد الفراغ من عمرته (٤) و يمتد إلى أن يتضيّق وقت عرفات (٥).
فلا يصح الإتيان بإحرام الحج في غير أشهر الحج، إجماعا، و نصوصا منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أذينة: «من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له»۱، و منها: قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ. شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة ليس لأحد أن يحرم بالحج في سواهن»۲ و يستفاد منها جواز الإتيان بإحرام الحج في أي وقت من أشهر الحج شاء و أراد.
لإطلاق الأدلة، و أصالة عدم تحديده بحد خاص، و للأدلة البيانية المشتملة على الإحرام ثمَّ الذهاب إلى عرفة كما سيأتي، مضافا إلى ظهور الإجماع، و خبر أبي نصر عن أبي الحسن عليه السّلام: «موسع للرجل أن يخرج إلى منى من وقت الزوال من يوم التروية إلى أن يصبح حيث يعلم أنه لا يفوته الموقف»۳، و قريب منه صحيح ابن يقطين4.
لأن العمرة في حج التمتع جزء منه و لا يصح إنشاء إحرام إلّا بعد الإحلال من الإحرام الآخر كما تقدم.
لما تقدم في سابقة من غير فرق.
(مسألة ۳): أفضل أوقاته يوم التروية و هو الثامن من ذي الحجة- (٦).بل هو أحوطها (۷) و أفضله لغير الإمام عند الزوال منه (۸) بعد صلاة الظهر، فالعصر، ففريضة مقضية (۹) و لا بأس بوقوعه قبل الزوال بعد نافلة الست أو الأربع أو الاثنين (۱۰).
لجملة من الأخبار منها خبر ابن عمار: «إذا كان يوم التروية- إن شاء اللَّه- فاغتسل ثمَّ البس ثوبيك، و ادخل المسجد حافيا، و عليك السكينة و الوقار، ثمَّ صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمَّ اقعد حتّى تزول الشمس فصل المكتوبة، ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، و أحرم بالحج و عليك السكينة و الوقار، فاذا انتهيت إلى الرفضاء (الرقطاء) دون الردم فلبّ فإن انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك حتى تأتي منى»٥ و لا بدّ من حملها على الندب لاشتمالها على المندوبات مع معارضتها بجملة أخرى من الأخبار: منها ما في الحديث: «قدم أبو الحسن عليه السّلام متمتعا ليلة عرفة فطاف و أحل، و أتى جواريه ثمَّ أحرم بالحج و خرج»٦ فيستفاد منه و مما مر من خبر ابي نصر أنه لا موضوعية ليوم التروية من حيث هي و إنما ذلك طريق لإحراز الوقوف بعرفة، و يشهد لما ذكرنا خبر الدعائم: «روينا عن جعفر ابن محمد عليهم السّلام أنه قال: «يخرج الناس إلى منى من مكة يوم التروية، و هو اليوم الثامن من ذي الحجة، و أفضل ذلك بعد صلاة الظهر، و لهم أن يخرجوا غدوة و عشية إلى الليل، و لا بأس أن يخرجوا قبل يوم التروية»۷ و هذا هو المشهور بين الأصحاب.
خروجا عن خلاف ابن حمزة حيث قال بالوجوب و لا دليل له، بل مقتضى الأصل و ظهور الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض عدم الوجوب.
كما تقدم ذلك في صحيح ابن عمار، و أما الإمام فيأتي ما يتعلق به في (مسألة ۱۸).
لقوله عليه السّلام في الصحيح المتقدم: «فصلّ المكتوبة» و هو بإطلاقه يشمل الظهر و العصر، و المقضية أيضا و كذا ما يأتي من خبر عمر بن يزيد.
لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في خبر عمر بن يزيد: «و اعلم أنه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة أو نافلة أو ليل أو نهار»۸، و قال عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير: «تصلي للإحرام ست ركعات تحرم في دبرها»۹، و قال عليه السّلام في خبر ابن عمار: «إذا أردت الإحرام في غير وقت صلاة الفريضة فصل ركعتين ثمَّ أحرم في دبرها»۱۰ و في خبر إدريس بن عبد اللَّه قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام كم أصلّي إذا تطوعت؟ قال أربع ركعات»۱۱ فيحمل كل ذلك على التخيير مع أفضلية أربع ركعات من الركعتين و الست من الأربع.
(مسألة ٤): المجاور بمكة يستحب له الإحرام من أول ذي الحجة، أوثانية إذا كان صرورة، و إلّا فبعد مضيّ خمسة أيام، و إلّا فيوم التروية (۱۱).
أما الأول: فلصحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «إني أريد الجوار بمكة فكيف أصنع؟ قال عليه السّلام: إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحج»۱۲ و مثله غيره.
و أما الثاني، و الثالث: فلقوله عليه السّلام أيضا في حديث صفوان: «إذا كنت صرورة فإذا مضى من ذي الحجة يوم فإذا كنت قد حججت قبل ذلك فاذا مضى من الشهر خمس»۱۳.
و أما الأخير: فيدل عليه مضافا إلى بعض الإطلاقات، و ظهور الإجماع موثق سماعة عنه عليه السّلام: «المجاور بمكة إذا دخلها بعمرة- إلى أن قال- ثمَّ يعقد التلبية يوم التروية»۱4 الظاهر في تلبية حج الإفراد.
(مسألة ٥): محل إحرام حج التمتع مكة، و لا يجوز إيقاعه في غيرها، و أفضلها المسجد عند المقام، و لو نسي الإحرام به منها حتى خرج إلى منى أو عرفة رجع إليها فإن تعذّر أحرم من موضعه، و ضيق الوقت عن اختياري عرفة عذر (۱۲).
تقدم الوجه في ذلك كله في إحرام العمرة فراجع، بل تقدم الوجه في ما يتعلق بالمسائل السابقة أيضا.
ثمَّ ان التروية إما من الارتواء أي: الاستقساء و إما لأن إبراهيم الخليل عليه السّلام ارتوى الماء من مكة لما يحتاج إليه في عرفات لعدم وجدان الماء بها، أو لأن الحجيج يفعلون ذلك، و إما من الروية بمعنى التأمل و الفكر حيث أن الخليل لمّا رأى في المنام أن يذبح ولده تأمل في ذلك حتى يدرك صحة منامه فيعمل به.
(مسألة ٦): يجب فيه النية- كما تقدم في إحرام العمرة- إلّا أن ينوي الإحرام للحج تمتعا قربة إلى اللَّه تعالى إن كان تكليفه حج التمتع، أو القران، أو الإفراد إن كان تكليفه ذلك (۱۳).
أما اعتبار أصل القصد و النية: فهو من الضروريات لكل فعل اختياري و الحج فعل اختياري مضافا إلى نصوص خاصة تقدم بعضها في إحرام العمرة۱٥. و أما اعتبار القربة: فلأن الحج عبادة بالضرورة و كل عبادة متقومة بقصد القربة، و أما اعتبار قصد الحج فقط: فلأنه المأمور به دون غيره و هو الذي يجب إتيانه فلا بد من توجيه القصد و النية إليه مضافا إلى نصوص خاصة۱٦.
(مسألة ۷): لو نوى العمرة عوض الحج، أو نوى الإفراد عوض التمتع، فإن كان على وجه التقييد بطل، و إن كان من الاشتباه في التطبيق صح (۱٤).
أما البطلان في صورة التقييد: فلعدم تحقق نية المأمور به. و أما الصحة في الأخير: فلفرض أنه قصد تكليفه الواقعي و هذا المقدار من القصد يكفي و لا دليل على اعتبار الأزيد منه، بل مقتضى الأصل عدم اعتباره و الاشتباه إنّما وقع في مجرد التخيل فهو مثل ما إذا قصد شيئا و سبق لسانه إلى شيء آخر إذ الأثر حينئذ للمقصود دون ما سبق اللسان إليه.
(مسألة ۸): ينبغي في إحرام الحج عدم رفع الصوت بالتلبية حين عقد الإحرام (۱٥).
صرح به صاحب الجواهر في النجاة، و عن أبي الصلاح: «ثمَّ يلبّي مستترا فإذا نهض به بعيره أعلن بالتلبية و إن كان ماشيا فليجهر بها من عند الحجر الأسود فإذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم فليرفع صوته بالتلبية حتى يأتي منى» و مثله عبارة ابن إدريس بدون ذكر مستترا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، و أحرم بالحج ثمَّ امض و عليك السكينة و الوقار، فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الردم فلبّ فإن انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى»۱۷ و قوله عليه السّلام: «و أحرم بالحج» ظاهر في الإتيان بالتلبية، إذ الإحرام لا يتحقق إلّا بها، فيكون المراد بقوله عليه السّلام بعد ذلك «فلبّ» الإجهار بها، فيستفاد من الحديث أنّ للتلبية مراتب ثلاثة: عقد الإحرام بها المتحقق بالاستتار أيضا، و الإجهار بها، ثمَّ رفع الصوت بها، و لكنه خلاف الظاهر، لأن ظاهر كون إيجاد التلبية و إحداثها بعد الانتهاء إلى الرقطاء فيكون المراد بقوله عليه السّلام: «أحرم» التهيؤ له و لبس ثوبيه مثلا، و في خبر ابن يزيد عنه عليه السّلام أيضا: «ثمَّ أهلّ بالحج فإن كنت ماشيا فلبّ عند المقام و إن كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك و صل الظهر إن قدرت بمنى»۱۸ و ظاهره أيضا إحداث التلبية عند نهوض البعير، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا جعلت شعب الدب على يمينك، و العقبة على يسارك فلبّ بالحج»۱۹ و يمكن حمل هذه الأخبار على التخيير و مراتب الفضل بقرينة قوله عليه السّلام أيضا في الصحيح قال: «و إن أهللت من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبّيت خلف المقام و أفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء، و تلبي قبل أن تصير إلى الأبطح»۲۰ فإنّ الإتيان بالتلبية له مراتب في الفضل و فضل الجهر بها يتفاوت بالنسبة إلى الماشي و الراكب، و تقدم في إحرام العمرة استحباب رفع الصوت بها مطلقا، فيكون له أيضا مراتب في الفضل بالنسبة إلى إحرام الحج، و بالنسبة إلى الماشي و الراكب.
(مسألة ۹): يستحب الاستمرار على التلبية إلى زوال الشمس من يوم عرفة و يقطعها حينئذ (۱٦).
تقدم الوجه في ذلك في إحرام العمرة فراجع.
(مسألة ۱۰): يحرم عليه بعد الإحرام ما يحرم عليه في إحرام العمرة. و يكره له ما يكره فيه (۱۷).
لعموم أدلة حرمة تلك المحرمات و المكروهات الشامل لمطلق الإحرام سواء كان لعمرة أو لحج و قد تقدمت تلك الأدلة في إحرام العمرة فراجع.
(مسألة ۱۱): يكره الطواف بعد إحرام الحج حتى يعود من منى (۱۸)، بل الأحوط تركه (۱۹)، و لو فعل فالأحوط تجديد التلبية (۲۰). و أمّا الطواف قبل إحرام الحج فلا يكره بل يستحب الإتيان به و بصلاته (۲۱).
لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أتى المسجد الحرام و قد أزمع بالحج أ يطوف بالبيت؟ قال عليه السّلام: نعم ما لم يحرم»۲۱ المحمول على الكراهة بقرينة صحيح عبد الحميد عن أبي الحسن الأول عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحج، ثمَّ طاف بالبيت بعد إحرامه و هو لا يرى أن ذلك لا ينبغي أ ينقض طوافه بالبيت إحرامه؟ فقال عليه السّلام: لا و لكن يمضي على إحرامه»۲۲ و المشهور هو الكراهة أيضا.
خروجا عن خلاف ما نسب إلى الشيخ و ابن حمزة من الحرمة و ظهر مما تقدم أنه لا دليل لهما عليها.
لما نسب إلى جمع منهم الشيخ، و الشهيدان من حصول التحليل بالطواف مستظهرا ذلك من الأخبار، و لكن تقدم أنه لا يحصل التحليل إلا بالنية، و عن التذكرة دعوى الإجماع على خلاف الشيخ و قد تقدم البحث عن ذلك فراجع.
لإطلاق الأدلة المرغّبة في الطواف من غير مقيد، و لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «إذا فرغت من سعيك و أنت متمتع فقصّر- إلى أن قال- فإذا فعلت فقد أحللت من كل شيء يحل منه المحرم و أحرمت منه فطف بالبيت تطوعا ما شئت»۲۳، و يأتي في خبر الدعائم أيضا۲4.
(مسألة ۱۲): يستحب بعد الإحرام يوم التروية و صلاة المكتوبة في المسجد الخروج إلى منى (۲۲).
أما استحباب الإحرام يوم التروية فقد تقدم في (مسألة ۳).
و أما استحباب الصلاة المكتوبة في المسجد: فلصحيح معاوية عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: «إذا كان يوم التروية- إن شاء اللَّه- فاغتسل ثمَّ البس ثوبيك، و ادخل المسجد حافيا، و عليك السكينة و الوقار، ثمَّ صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمَّ اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثمَ قل ..» إلخ۲٥، و يشهد له خبر الدعائم عنه عليه السّلام أيضا: «في المتمتع بالعمرة إلى الحج إذا كان يوم التروية اغتسل و لبس ثوبي إحرامه و أتى المسجد حافيا فطاف أسبوعا إن شاء و صلّى ركعتين ثمَّ جلس حتى يصلي الظهر ثمَّ يحرم كما أحرم من الميقات، و إذا صار إلى الرقطاء دون الردم أهلّ بالتلبية، و أهل مكة كذلك يحرمون للحج من مكة و كذلك من أقام بها غير أهلها»۲٦ فإنهما ظاهران، بل نصّان في كون صلاة المكتوبة في المسجد، و مقتضى إطلاق الأول، و ظهور الثاني كفاية خصوص الظهر، فما يظهر عن جمع منهم المحقق في الشرائع من كونه بعد صلاة الظهرين لا دليل له من نص، أو إجماع لذهاب جمع إلى استحباب إيقاعه بعد صلاة الظهر. و عن المفيد، و السيد أنه قبل الظهرين فيصليهما بمنى، لما ورد في كيفية حج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله، و لصحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «إذا انتهيت إلى منى فقال: اللهم هذه منى و هذه مما مننت به علينا من المناسك، فأسألك أن تمنّ علىّ بما مننت به على أنبيائك، فإنّما أنا عبدك و في قبضتك، ثمَّ تصلي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر و الإمام يصلي بها الظهر لا يسعه إلا ذلك، و موسع لك ان تصلي بغيرها إن لم تقدر ثمَّ تدركهم بعرفات۲۷ و عن الشيخ رحمه اللَّه الفرق بين الإمام (أي: أمير الحاج) و غيره و يمكن الحمل على التخيير بالنسبة إلى غير الامام إن لم يكن مرجح خارجي في البين. و أما الخروج إلى منى فلا ريب في أصل وجوبه مقدمة للوقوف في عرفات هذا.
ثمَّ إن ما ذكرناه من جهة الفضل، و إلا فلا ريب في جواز الصلاة في مكة، و في أثناء الطريق إلى منى، و فيها، و ما بعدها إن مشى يوم التروية إلى عرفات، كما أنه إن قصد الإقامة في مكة صلّى تماما و إلا فقصرا نعم يتخير في المسجد بين القصر و التمام.
و يجوز الخروج من مكة مستقلا إلى عرفات بلا توقف في منى و إن كان قد ترك الأفضل.
(مسألة ۱۳): يكره قطع وادي محسّر قبل طلوع الشمس (۲۳)، بل هو الأحوط (۲٤).
لقول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس»۲۸ المحمول على الكراهة عن المشهور.
خروجا عن خلاف الشيخ، و ابن البراج، لظاهر النهي و استقر به في الحدائق و لا وجه له بعد إعراض المشهور كما عن ظاهره.
(مسألة ۱٤): يكره الخروج من منى قبل الفجر (۲٥)، بل هو الأحوط (۲٦).
على المشهور، و استدل عليه بالتأسّي، و بما ورد من إتيان صلاة الصبح فيها كما تقدم في صحيح معاوية، و بخبر الطائي عن الصادق عليه السّلام: «إنا مشاة فكيف نصنع؟ قال عليه السّلام: أما أصحاب الرجال فكانوا يصلون الغداة بمنى و أما أنتم فامضوا حتى تصلّوا في الطريق»۲۹.
و الكل قاصر عن إثبات الكراهة، و تكفي الشهرة بناء على المسامحة فيها.
خروجا عن خلاف جمع من الفقهاء منهم الشيخ حيث نسب إليهم الحرمة و لا دليل لهم إذا لم يتم الدليل على الكراهة فضلا عن الحرمة.
(مسألة ۱٥): لا بأس بخروج المشاة من منى قبل الفجر و يلحق بهم مطلق ذوي الأعذار (۲۷).
أما المشاة: فلما تقدم في خبر الطائي. و أما مطلق ذوي الأعذار فهو المشهور.
و تقدم قصور الدليل عن إثبات أصل الكراهة مطلقا إلّا بضميمة الشهرة و المتيقن منها ذوو الأغذار.
(مسألة ۱٦): يستحب المبيت ليلة عرفة في منى (۲۸).
للنصوص، و الإجماع، منها: ما تقدم في صحيح معاوية من إتيان صلاة الصبح بها.
(مسألة ۱۷): لا يتأكّد استحباب الخروج إلى منى زوال يوم التروية بالنسبة إلى الشيخ الكبير، و من يخاف زحام الناس و لا بأس بخروجهما غداة يوم التروية، بل قبلها بيوم، أو يومين أو ثلاثة (۲۹).
لموثق ابن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يكون شيخا كبيرا، أو مريضا يخاف ضغاط الناس و زحامهم يحرم بالحج و يخرج إلى منى قبل يوم التروية؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: يخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا و يتروّح بذلك المكان؟ قال: لا، قلت: يعجّل بيوم؟ قال: نعم، قلت بيومين؟ قال:
نعم، قلت ثلاثة؟ قال: نعم، قلت أكثر من ذلك؟ قال: لا»۳۰ و في مرسل البزنطي قال: «لأبي الحسن عليه السّلام: يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام و ضغاط الناس؟ فقال عليه السّلام: لا بأس»۳۱، و عن رفاعة عن الصادق عليه السّلام قال:
«سألته هل يخرج الناس إلى منى غدوة؟ قال عليه السّلام: نعم إلى غروب الشمس»۳۲.
(مسألة ۱۸): يستحب للإمام- أمير الحاج- الخروج إلى منى يوم التروية على نحو يصلي الظهر بها استحبابا مؤكدا (۳۰)، بل هو الأحوط (۳۱)، و يستحب له الإصباح بها حتى تطلع الشمس (۳۲)، بل هو الأحوط (۳۳).
أما أن المراد بالإمام هو أمير الحاج فهو الذي صرح به غير واحد، و لأنه الذي يجتمع إليه الناس لحوائجهم و مهماتهم السفرية، و في خبر حفص قال: «حج إسماعيل بن علي بالناس سنة أربعين و مائة فسقط أبو عبد اللّه عليه السّلام عن بغلته فوقف عليه إسماعيل فقال له أبو عبد اللّه: سر فإن الإمام لا يقف»۳۳. و أما الاستحباب المؤكد، فلجملة من الأخبار منها ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «و الإمام يصلي بها الظهر لا يسعه إلّا ذلك»۳4، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح جميل: «على الإمام أن يصلي الظهر بمنى و يبيت بها و يصبح حتى تطلع الشمس ثمَّ يخرج إلى عرفات»۳٥، و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام: «لا ينبغي للإمام أن يصلي الظهر يوم التروية إلا بمنى و يبيت بها إلى طلوع الشمس»۳٦ إلى غير ذلك من الأخبار المستفاد منها تأكد الندب كما هو المشهور.
خروجا عن خلاف ما نسب إلى الشيخ، و مال إليه في الحدائق من الوجوب، لظاهر بعض الأخبار المحمول على الندب بقرينة غيرها.
لجملة من الأخبار منها ما تقدم من صحيح جميل، و في موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «من السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع الشمس»۳۷.
خروجا عن خلاف ما نسب إلى القاضي، و الحلبي من الوجوب و لا دليل عليه بعد ظهور موثق عمار في الندب، و ذهاب المشهور إليه، و لكن العمدة قيام الشهرة على الندب و إلّا فالسنّة أعم من الندب الاصطلاحي كما مرّ.
(مسألة ۱۹): يستحب أن يقرأ الدعوات المأثورة عند الخروج إلى منى، و عند دخولها، و عند الخروج إلى عرفة (۳٤).
قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا توجهت إلى منى فقل:
اللّهم إيّاك أرجو، و إيّاك أدعو، فبلّغني أملي و أصلح لي عملي»۳۸، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا انتهيت إلى منى فقل: اللّهم هذه منى و هذه مما مننت به علينا من المناسك، فأسألك أن تمنّ عليّ بما مننت به على أنبيائك فإنما أنا عبدك و في قبضتك»۳۹، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجه إليها: اللّهم إليك صمدت، و إياك اعتمدت، و وجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي، و أن تقضي لي حاجتي، و أن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني»4۰.
أقول: المراد بقوله عليه السّلام: «من هو أفضل مني» الملائكة، لما ورد في حديث عرفة أن اللّه تعالى يباهي بأهل عرفة الملائكة4۱.
(مسألة ۲۰): حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر (۳٥).
قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «حد منى من العقبة إلى وادي محسّر»4۲، و مثله ما عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير4۳ و عنه عليه السّلام أيضا: «فإذا مررت بوادي محسّر و هو واد عظيم بين جمع و منى و هو إلى منى أقرب»44 و لعل المراد بالأخير اتصال وادي محسّر بمنى و انفصاله عن جمع و لكنه مخالف لما ورد في حد جمع من أنه: «ما بين المأزمين إلى وادي محسر»4٥.
و العقبة: مرقى صعب في الجبال- و الجمع: عقاب كرقبة و رقاب.
و لم يعلم المراد من قوله عليه السّلام (العقبة) أنها أي العقاب، لأن في منى عقاب كثيرة، أو أن المراد بها جمرة العقبة، و هو مخالف للمعروف هناك من أن منى أوسع من حد الجمرة.
ثمَّ إنه لم يعلم أن المراد من تحديده عليه السّلام هل أنه كان باعتبار البيوت التي كانت في منى فكان حد مضرب الخيام في تلك الازمان من العقبة إلى وادي محسّر، أو باعتبار ذات الأرض من حيث هي كما في المشعر و عرفات، و على الأول قابل للتوسعة كما في مكة و سائر القرى و البلدان، بخلاف الثاني كما في عرفات و المشعر حيث لا توسعة بالنسبة إليهما.
ثمَّ إن هذا التحديد هل هو بالنسبة إلى الطول، أو العرض فقط، أو المربع منهما و الحق أنه مجمل من هاتين الجهتين، و مقتضى الأصل عدم ثبوت التحديد الأرضي إلّا بدليل معتبر سندا و دلالة يدل عليه و لا يبعد أن يكون التحديد بلحاظ مضارب خيامهم لا باعتبار ذات المكان و الأرض من حيث هي.
فائدة: من مكة إلى منى قريب ستة كيلو مترات، و من منى إلى المشعر كذلك، و هما داخلان في الحرم، و من مكة إلى عرفات قريب أربعة و عشرين كيلو مترا، و عرفات خارجة عن الحرم، فمنى و المشعر أفضل منها من هذه الجهة، و في مرسل الصدوق: «و ليست عرفات من الحرم، و الحرم أفضل منها»4٦.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أقسام الحج حديث: ٥.
- التهذيب ج: ٥ صفحة: ۱۷٦ رقم ٥۹۰.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب إحرام الحج حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۰ من أبواب أقسام الحج حديث: ۱.
- مستدرك الوسائل باب: ۲ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الإحرام حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الإحرام حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الإحرام حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الإحرام حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أقسام الحج حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب أقسام الحج حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب أقسام الحج حديث: ۲.
- راجع ج: ۱۳ صفحة ۱۷٥.
- راجع الوسائل باب: ۲۱ من أبواب الإحرام.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4٦ من أبواب الإحرام حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4٦ من أبواب الإحرام حديث: ٥.
- الوسائل باب: 4٦ من أبواب الإحرام حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۸۳ من أبواب الطواف حديث: 4.
- الوسائل باب: ۸۳ من أبواب الطواف حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب التقصير حديث: 4.
- مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٦ و 4 من أبواب إحرام الحج حديث: ۲ و ٥.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب إحرام الحج حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب إحرام الحج حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب إحرام الحج حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4 من أبواب إحرام الحج حديث: ٥.
- الوسائل باب: 4 من أبواب إحرام الحج حديث: ٦.
- الوسائل باب: 4 من أبواب إحرام الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب إحرام الحج و الوقوف حديث بمعرفة: ۱.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب إحرام الحج و الوقوف حديث بمعرفة: ۲.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ۹.