يمكن أن يكون قصد الإقامة ثلاثين يوما قاطعا لموضوع السفر أيضا- كالمرور على الوطن- لأنّ السفر عبارة عن السير و الحركة و يباينهما الوقوف عن السير السفري، فيكون قاطعا للموضوع قهرا، فإطلاق المسافر عليه إما باعتبار ما كان أو باعتبار ما يكون، أو يكون باعتبارهما معا. نعم، يغتفر في الحركة السفرية بما يتسامح فيه عرفا، و كذا أوقات الاستراحة بالنوم أو بغيره، فلا بأس بإطلاق المسافر عليه فعلا في هذه الموارد للمسامحة العرفية و أما في غيرها فلا ريب في أنّ المسافرة و الوقوف عنها متباينان موضوعا. نعم، قد حدد الشارع مقدار الوقوف عنها بعشرة أيام و التردد ثلاثين يوما كما هو شأنه في تحديد جميع الموضوعات القابلة للتشكيك- كالكر، و المسافة، و أيام الحيض، و العدة، و نحوها مما هو كثير- فأصل انقطاع موضوع السفر بهما في الجملة عرفيّ و التحديد شرعيّ.
موضوعا أو حكما (۱)، و هي أمور: (أحدها): الوطن (۲)، فإنّ المرور عليه قاطع للسفر و موجب للتمام (۳) ما دام فيه أو فيما دون حدّ الترخص منه (٤) و يحتاج في العود إلى القصر بعده إلى قصد مسافة جديدة (٥) و لو ملفقة- مع التجاوز عن حدّ الترخص. و المراد به المكان الذي اتخذه مسكنا و مقرّا له دائما (٦) بلدا كان أو قرية أو غيرهما- سواء كان مسكنا لأبيه و أمه و مسقط رأسه أو غيره (۷) مما استجده. و لا يعتبر فيه بعد الاتخاذ المزبور حصول ملك له فيه (۸). نعم، يعتبر فيه الإقامة فيه بمقدار يصدق عليه عرفا أنّه وطنه (۹) و الظاهر أنّ الصدق المذكور يختلف بحسب الأشخاص و الخصوصيات، فربما يصدق بالإقامة فيه بعد القصد المزبور (۱0) شهرا أو أقل، فلا يشترط الإقامة ستة أشهر (۱۱) و إن كان أحوط (۱۲) فقبله يجمع بين القصر و التمام إذا لم ينو إقامة عشرة أيام.
الوطن: من الأمور العرفية في جميع الملل و الأديان، و جميع الأماكن و الأزمان، و هذه المادة شائعة لغة، و عرفا، و كتابا، و سنة قال تعالى لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ۱، و قال أبو الحسن عليه السّلام: «كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير»۲ و تأتي الإشارة إلى جملة أخرى منها. و معناها: الثبات و القرار في الجملة- كالمكان، و المحل، و المقر، فكل موضع مما يجتمع فيه الإنسان مع غيره من بني نوعه من حيث إنّه مدنيّ بالطبع وطن له- مجردا عن كل تحديد من زمان القرار، و عن اعتبار الولادة، أو الملك فيه و غير ذلك من الجهات الخارجة عن عنوان المقر و المحل.
نعم، يعتبر فيه الثبات في الجملة بحسب المتعارف من إطلاقاته في موارد استعمالاته، بل لا يبعد انصرافه إلى ما بني على الدوام، و لكن لا اعتبار به لاستناده إلى غلبة الوجود يتحد معناه اللغوي و العرفي، فإن ثبت من الشرع معنى يغايرهما نقول به، و إلا فالمرجع فيه اللغة و العرف- كما هو كذلك في جميع موضوعات الأحكام- مع أنّه ليس للوطن موضوعية خاصة حتى يبحث عن معناه، و المناط كله الخروج عن عنوان السفر عرفا و شرعا، و من جهة صدق الخروج عن ذلك وجب التمام، و لا ريب في تقوّم المسافرة عرفا و شرعا بالبعد عن الأهل و المسكن، فكل من كان في أهله و مسكنه، فليس بمسافر و يجب عليه التمام، و هذا هو المراد بالأخبار بعد رد بعضها إلى بعض.
للضرورة الفقهية، و النصوص المستفيضة: منها: صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يسافر فيمر بالمنزل له في الطريق يتم الصلاة أم يقصر؟ قال: يقصر، إنّما هو المنزل الذي توطنه»۳ و يأتي بعضها الآخر.
لما مر من أنّه من حدود ما تتم فيه الصلاة نصّا4 و إجماعا.
فرع: الظاهر عدم اعتبار الاختيار في قاطعية العبور على الوطن للسفر- فلو ألقي المسافر في السيارة- مثلا- و عبر به على وطنه بلا شعور و التفات منه ينقطع سفره- لما يستفاد من الأدلة من أنّه من الوضعيات غير المنوطة بالاختيار.
لانقطاع ما وقع سابقا بالمرور على الوطن، فكأنّه لم يقع، فلا بد من تحقق المسافرة من استئناف مسافة أخرى مستجمعا لما مرّ من الشرائط، و تقدم ما يتعلق بالتلفيق و اعتبار التجاوز عن حدّ الترخص فلا وجه للإعادة.
أما اعتبار المسكنية و المقرية في الجملة فمن مقوّماته لغة، و عرفا، و شرعا. و أما اعتبار الدوام فلا دليل عليه من عرف و لا شرع. نعم، يكون هو المنصرف منه عند الإطلاق، و لكنه لا اعتبار بمثل هذا الانصراف.
ثمَّ إنّ المراد بالاتخاذ أعم من الاستقلال و التبعي و الاختياري و القهري، فكل ما صدق المقر الخاص يتحقق به الاستيطان عند الناس.
لعدم دليل على اعتبار ذلك كله، و مقتضى الإطلاق و العرف عدمه، و لم يرد تقييد من الشارع في ذلك أيضا. ثمَّ إنّ المراد بالوطن المستجد في كلام الفقهاء أي: الوطن الاتخاذي في مقابل الوطن الأصلي.
للأصل، و الإطلاق، و تشهد له اللغة و العرف أيضا، و لكن في صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن عليه السّلام: «سألته عن الرجل يقصر في ضيعته، فقال عليه السّلام: لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه، فقلت: ما الاستيطان؟ فقال عليه السّلام: أن يكون له فيها منزل يقيم فيها ستة أشهر، فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها»٥.
و هذه الصحيحة- الواردة في معنى الاستيطان- صارت منشأ لنزاع الفقهاء حتى انتهت أقوالهم إلى ثمانية على ما ضبطها في المستند، و الظاهر، بل
المقطوع به أنّه عليه السّلام ليس في مقام بيان معنى تعبدي للاستيطان في مقابل ما هو المتعارف في جميع الأمكنة و الأزمان حتى تكون الصحيحة مخالفة للروايات الكثيرة الواردة في مقام البيان عند السؤال عن حكم الوطن، بل يكون ذكر ستة أشهر جار مجرى التمثيل لبيان أحد أفراد ما يتحقق به الاستيطان لا لموضوعية خاصة بها بالخصوص، كما أنّ المنزل أعم من الملك لغة، و عرفا، و وجدانا فلا وجه لاستفادة الملك منها، كما أنّ الظاهر أنّ المراد بقوله عليه السّلام: «يقيم فيها ستة أشهر» إنّما هو لأجل تهيئة المحل للإقامة فيها بقصد الاستيطان لا لاعتبار الإقامة الفعلية (ستة أشهر) فلا تكون الصحيحة مخالفة للعرف، و لا لما اشتهر من معنى الاستيطان في الأذهان، مع أنّه يحتمل أن يكون المراد «بإقامة ستة أشهر» تحديد أصل زمان الاستيطان لا أن يكون ذلك معتبرا في مبدإ حدوثه، فمن قصد إقامة ستة أشهر فما زاد في بلد فما لم يعرض عنها يكون بمنزلة أهلها، فكما أنّ الشارع حدد زمان الإقامة بعشرة أيام- و جعل البقاء ثلاثين يوما مترددا في محل موجبا للتمام- حدد زمان التوطن بقصد ستة أشهر تسهيلا على الأنام و تيسيرا عليهم، و مع هذا الاحتمال كيف يجزم بأنّه يعتبر في حدوث الوطن شرعا الإقامة الفعلية ستة أشهر.
إن قلت: كيف يخفى المعنى العرفي للاستيطان على مثل محمد بن إسماعيل حين سأل الإمام عليه السّلام، فيعلم من ذلك أنّه كان له معنى غير ما هو المعروف عند الأنام.
قلت: فيه أولا: أنّه لو لم يسأل الراوي عن ذلك لاكتفى الإمام عليه السّلام بما قال و كان المفهوم العرفي متبعا حينئذ، و لو كان المعنى الشرعي موضوع الحكم لكان على الإمام عليه السّلام بيانه ابتداء من غير سؤال.
و ثانيا: عدم التعرض له في سائر الأخبار في هذا الحكم العام البلوى إلى زمن أبي الحسن الرضا عليه السّلام يستلزم إما تقصير الأئمة في بيان الحكم المبتلى به عند الناس، أو قصور الظروف عن بيانه، أو معروفية هذا المعنى عند السائلين في الأزمنة السابقة على زمان أبي الحسن عليه السّلام. و الأول لا وجه لتوهمه، و الأخيرين في غاية البعد كما لا يخفى، إذ ليس الحكم مخالفا للتقية حتى يقال: إنّ عدم بيان المعصوم عليه السّلام كان للتقية و قصور الظروف.
و بالجملة: استفادة التعبد في الوطن من هذه الأخبار بعيد في الغاية، مع أنّ الشك في التعبدية يكفي في العدم في الأمور العرفية الدائرة بين الناس.
ثمَّ إنّ مجموع الأخبار على قسمين: الأول: قول الصادق عليه السّلام في صحيح إسماعيل بن الفضل: «إذا نزلت قراك و أرضك فأتم الصلاة، و إذا كنت في غير أرضك فقصّر»٦ و صحيح البزنطي: «سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يخرج إلى ضيعته» فيقيم اليوم و اليومين و الثلاثة أ يتم أم يقصر؟ قال عليه السّلام: يتم الصلاة كلما أتى ضيعة من ضياعه»۷.
و صحيح ابن الحجاج قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض، فيخرج ليقيم فيها (فيطوف فيها) أ يتم أم يقصر؟
قال: عليه السّلام يتم»۸، و صحيح عمران: «قلت لأبي جعفر الثاني عليه السّلام: جعلت فداك إنّ لي ضيعة على خمسة عشر ميلا- خمسة فراسخ- فربما خرجت إليها، فأقيم فيها ثلاثة أيام، أو خمسة أيام أو سبعة، فأتم الصلاة أم أقصر؟ فقال عليه السّلام: قصّر في الطريق، و أتم في الضيعة»۹.
و موثق عمار: «في الرجل يخرج في سفر فيمر بقرية له أو دار فينزل فيها، قال عليه السّلام يتم الصلاة و لو لم يكن له إلا نخلة واحدة و لا يقصر»۱0.
و مقتضى ظاهر هذه الأخبار كفاية مجرّد الملك في الإتمام توطن فيه أم لا، قصد الإقامة أم لا، و لكن سياقها العرفي- خصوصا بالنسبة إلى الأزمنة القديمة- ما إذا كانت الضيعة أو الضياع، أو محل النخلة مسكن للشخص بأن يكون ممن له مساكن متعدّدة صيفا و شتاء، و يمكن حملها على ما إذا علم بالبقاء عشرة أيام كما هو الغالب فيمن يذهب إلى ضيعته- خصوصا في الأزمنة القديمة- جمعا بينها و بين القسم الآخر من الأخبار.
القسم الثاني من الأخبار: صحيح سعد قال: «سأل عليّ بن يقطين أبا الحسن الأول عليه السّلام عن الدار تكون للرجل بمصر، و الضيعة فيمر بها قال عليه السّلام: إن كان مما قد سكنه أتم الصلاة فيها و إن كان مما لم يسكنه فليقصر»۱۱ فإنّه ظاهر في أنّه ليس المدار على مجرّد الملك، بل على السكونة التي هي عبارة أخرى عن التوطن، و خبر حمزة بن بزيع «قلت لأبي الحسن عليه السّلام: جعلت فداك إنّ لي ضيعة دون بغداد، فأخرج من الكوفة أريد بغداد، فأقيم في تلك الضيعة أقصّر أو أتم؟ فقال عليه السّلام: إن لم تنو المقام عشرة أيام، فقصر»۱۲ إلى غير ذلك من الأخبار الموافقة للشهرة، و عمومات الكتاب و السنة، فليحمل القسم الأول على ما ذكرناه، أو على التقية، لما نقل عن مالك من كفاية مطلق الملك، أو يرد علمه إلى أهله، لابتلائه بالمعارضة بما هو أقوى منه، و أيّ خصوصية حتّى لم يلاحظ للشارع فيه حال الضعفاء و الفقراء الذين لا ملك لهم مع بناء الشرع في تشريع الأحكام على ملاحظة حال الضعفاء.
و بالجملة: كل من نظر في مثل هذه الأخبار و لو بالنظر البدوي يطمئن بأنّه لا موضوعية للملك من حيث هو، بل هو طريق عرفيّ و كاشف غالبيّ عن تحقق السكونة و الاستيطان، أو المقام و لو عشرة أيام.
ثمَّ إنّه بناء على كفاية مطلق الملك في التمام يجب- على من اشترى أرضا للاتجار بها في بلد من البلدان- أن يتم إذا عبر عليها و الالتزام به مشكل جدا.
لأنّ حدوث التوطن كحدوث سائر الأوصاف التي يكفي فيه البناء على ملازمتها مع التلبس بتلك الصفة في الجملة، فمن بنى على أن يكون خياطا، أو نجارا- مثلا- و هيّأ أسباب ذلك و شرع فيه يصدق ذلك الوصف عليه بمجرد التلبس به و لا يتوقف ذلك على مرور زمان- قليلا كان أو كثيرا- و كذا من هيّأ منزلا و لوازم العيش فيه على ما هو المتعارف في الأوطان في محل و بنى على البقاء فيه و دخله يصدق أنّه اتخذ وطنا و أنّ المحل وطنه.
لاختلاف الأشخاص باختلاف ما يتعلق بهم و يتبعهم كما لا ريب فيه و لا يعتبر القصد، بل يعتبر العلم بالبقاء في الجملة أيضا كما في قصد الإقامة.
لفرض صدق التوطن بدونها كما مرّ مفصلا.
للجمود على ما مرّ من صحيح ابن بزيع۱۳ و الخروج عن مخالفة من اعتبره.
(مسألة ۱): إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجد و توطن في غيره، فإن لم يكن له فيه ملك أصلا أو كان و لم يكن قابلا للسكنى- كما إذا كان له فيه نخلة أو نحوها- أو كان قابلا له و لكن لم يسكن فيه ستة أشهر بقصد التوطن الأبدي يزول عنه حكم الوطنية (۱۳) فلا يوجب المرور عليه قطع حكم السفر. و أما إذا كان له فيه ملك قد سكن فيه بعد اتخاذه وطنا له دائما (۱٤) ستة أشهر، فالمشهور على أنّه بحكم الوطن العرفي (۱٥) و إن أعرض عنه إلى غيره، و يسمّونه بالوطن الشرعي و يوجبون عليه التمام إذا مرّ عليه ما دام بقاء ملكه فيه لكن الأقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الإعراض، فالوطن الشرعيّ غير ثابت (۱٦)، و إن كان الأحوط الجمع (۱۷) بين إجراء حكم الوطن و غيره عليه، فيجمع فيه بين القصر و التمام إذا مرّ عليه و لم ينو إقامة عشرة أيّام، بل الأحوط الجمع إذا كان له نخلة أو نحوها غير قابل للسكنى و بقي فيه بقصد التوطن ستة أشهر، بل و كذا إذا لم يكن سكناه بقصد التوطن، بل بقصد التجارة مثلا (۱۸).
لإطلاق أدلة التقصير من غير ما يصلح للتقييد و قد استقر عليه مذهب الإمامية في هذه الأعصار و ما قاربها.
فما نسب إلى الإسكافي من كفاية المرور على مطلق الملك في قطع السفر، و إلى جمع منهم العلامة في جملة من كتبه من اعتبار الملك و الاستيطان ستة أشهر، و ما نسب إلى بعض من كفاية الإقامة ستة أشهر بقصد التوطن مطلقا إلى غير ذلك من الأقوال المذكورة في المفصلات منشأها الاستظهار من الأخبار بحسب ما وصلت إليه أذهانهم الشريفة.
و الكل مخدوش: بما تقدم و حاصله: أنّ ما ذكر من الأخبار- من الملك و لو نخلة۱4، و الإقامة ستة أشهر۱٥– لا موضوعية فيه بوجه، بل هو من طرق صدق المسكن و الوطن عرفا، فيكون المناط كله على العرف، و قد مرّ عدم الدليل على اعتبار قصد التوطن الأبدي في تحقق الوطن، لا من العقل، و لا من الشرع و لا من العرف.
تقدم أنّه لا دليل على اعتبار الدوام.
على المشهور نقلا و تحصيلا، بلا خلاف فيه إلا من نادر، بل في الروض عن التذكرة الإجماع عليه- كذا في الجواهر- و لا ريب في أنّ مثل هذه الشهرة من الشهرات الاجتهادية في الأدلة، و لا اعتبار بها عند المجتهدين، و ليست من الشهرات التعبدية التي يلزم الوقوف لديها، و حكى في المستند عن التذكرة الإجماع على كفاية ستة أشهر مطلقا و قال بعض الأجلة: «لا أعرف فيه خلافا» فكيف يجمع بين دعوى الإجماع على كفاية إقامة ستة أشهر مطلقا بدعوى الإجماع على اعتبار الملك مع إقامة ستة أشهر، فيعلم من ذلك كله أنّ دعوى مثل هذه الإجماعات أيضا لا اعتبار به.
لأنّ ثبوته إما بالأدلة اللفظية، أو بالإجماع و الفتاوى، و قد أثبتنا عدم دلالتهما عليه، فلا وجه للاستناد إليهما في إثبات ذلك، و لا دليل من غيرهما يعتمد عليه في ثبوت الوطن التعبدي، مع أنّ عبارة الشيخ- في النهاية، و ابن البراج في الكامل، و أبي الصلاح- ظاهرة في الوطن العرفي دون الشرعي- على ما حكى عبارتهم في مصباح الفقيه- فكيف خفي عليهم مثل صحيح ابن بزيع المتقدم، و مع ظهور عباراتهم في الوطن العرفي كيف تصح دعوى الإجماع على الوطن التعبدي الشرعي، مع أنّهم أساطين القدماء و مهرة الفن؟!.
جمودا على ما تقدم من صحيح ابن بزيع، و خروجا عن خلاف ما نسب إلى المشهور، و تقدم ذكر النخلة في موثق عمار.
لاحتمال الموضوعية في إقامة ستة أشهر و إن لم يقصد التوطن، كما تكون إقامة عشرة أيّام موضوعا للتمام و إن لم تكن للتوطن، و احتمال الموضوعية في الملك و لو لم يكن للسكنى، و لكن لا يخفى أنّ مثل هذه الاحتمالات لا ينبغي أن يعتنى بها في مقام الاستدلال و إلا لاختل نظام الفقه كما هو معلوم للمحققين من الفقهاء.
(مسألة ۲): قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعيّ، و أنّه منحصر في العرفيّ، فنقول يمكن تعدد الوطن العرفيّ بأن يكون له منزلان في بلدين أو قريتين من قصده السكنى فيهما أبدا (۱۹) في كل منهما مقدارا من السنة، بأن يكون له زوجتان مثلا كل واحدة في بلدة يكون عند كل واحدة ستة أشهر أو بالاختلاف، بل يمكن الثلاثة أيضا، بل لا يبعد الأزيد أيضا (۲0).
لا بد و أن يلغى قيد الأبدية كما مرّ مرارا.
المدار على الصدق العرفي- ثلاثة كانت، أو خمسة- و يمكن فرض ذلك بناء على ثبوت الوطن الشرعي أيضا، إذ لا يلزم أن تكون إقامة ستة أشهر في الأوطان المتعدّدة في سنة واحدة، فيتخذ أربعة أوطان يقيم في كل واحد منها ستة أشهر في كل سنتين و هكذا.
(مسألة ۳): لا يبعد أن يكون الولد تابعا لأبويه (۲۱) أو أحدهما في الوطن ما لم يعرض بعد بلوغه عن مقرّهما، و إن لم يلتفت بعد بلوغه (۲۲) إلى التوطن فيه أبدا فيعد وطنهما وطنا له أيضا، إلا إذا قصد الإعراض عنه، سواء كان وطنا أصليا لهما و محلا لتولده أو وطنا مستجدا لهما، كما إذا أعرضا عن وطنهما الأصلي و اتخذا مكانا آخر وطنا لهما و هو معهما قبل بلوغه ثمَّ صار بالغا، و أما إذا أتيا بلدة أو قرية و توطنا فيها و هو معهما مع كونه بالغا فلا يصدق وطنا له إلا مع قصده بنفسه (۲۳).
لأنّ الوطنية عبارة عن إحراز البقاء في محل بعنوان أنّه الوطن و المسكن سواء كان منشأ ذلك الإرادة التفصيلية أو الإجمالية استقلالية كانت أو تبعية، اختيارية كانت أو قهرية، فمن حبس في محل يعلم ببقائه فيه و عدم خروجه عنه سنين بحسب العادة يصير ذلك وطنا و مسكنا له، و كذا كل تابع بالنسبة إلى متبوعه.
المناط تحقق الإعراض الفعلي بالغا كان المعرض أم لا، كما أنّ المناط في التبعية صدقها عرفا بالغا كان التابع أم لا، و من ذلك يظهر ما في التقييد بالبلوغ هنا و فيما يأتي منه رحمه اللّه إذ لا دليل على هذا القيد من عقل أو نقل.
إن لم تصدق التبعية العرفية و إلا فلا يحتاج إلى قصده بنفسه مع الصدق العرفي.
(مسألة ٤): يزول حكم الوطنية بالإعراض و الخروج و إن لم يتخذ بعد وطنا آخر، فيمكن أن يكون بلا وطن مدّة مديدة (۲٤).
بلا ريب فيه و لا شبهة، و يدل عليه ظهور الإجماع، و السيرة.
(مسألة ٥): لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه، فلو غصب دارا في بلد و أراد السكنى فيها أبدا يكون وطنا له، و كذا إذا كان بقاؤه في بلد حراما عليه من جهة كونه قاصدا لارتكاب حرام أو كان منهيّا عنه من أحد والديه أو نحو ذلك (۲٥).
لأنّ صدق الوطنية من الوضعيات غير المنوطة بالتكليف، بل و لا بالعمد و الاختيار أيضا كما تقدم.
فروع- (الأول): لا فرق في حكم الوطن بين البر، و البحر و الفضاء فمن توطن في سفينة بحرية أو غيرها يجري عليه حكم الوطن، لأنّ بيوتهم و وطنهم معهم.
(الثاني): إذا استخدم الشخص أحدا ظلما و عدوانا و كان الخادم بانيا على مفارقة المخدوم مهما أمكنه يكون الخادم تابعا للمخدوم في الوطنية ما لم يفارقه، لصدق التبعية العرفية حتّى مع هذا القصد.
(الثالث): لا تزول الوطنية بعروض الجنون و الإغماء، بل و السكتة الناقصة أيضا، للأصل.
(الرابع): لو كان الزوج في وطن و الزوجة في وطن آخر، فوطن الولد ما يكون فيه عرفا سواء كان وطن الوالد أم الوالدة أم هما معا أم غير ذلك.
(الخامس): الذين جرت عادتهم على الخروج في الصيف إلى محال خاصة- مع تهيؤ وسائل السكن و التعيش في تلك المحال بانين على ذلك مزاولين له- يصدق عليهم ذو الوطنين أو الأوطان، و يمكن أن يختلف ذلك باختلاف الأشخاص و الجهات كما لا يخفى.
(السادس): لو توطنت الزوجة بدون رضاء الزوج في محل، أو الولد مع نهي الوالدين، تتحقق الوطنية، لما مر من تحققها حتى مع الحرمة في المكان.
(مسألة ٦): إذا تردد بعد العزم على التوطن أبدا، فإن كان قبل أن يصدق عليه التوطن عرفا بأن لم يبق في ذلك المكان بمقدار الصدق، فلا إشكال في زوال الحكم (۲٦) و إن لم يتحقق الخروج و الإعراض، بل و كذا إن كان بعد الصدق في الوطن المستجد (۲۷) و أما في الوطن الأصلي إذا تردد في البقاء فيه و عدمه، ففي زوال حكمه قبل الخروج و الإعراض إشكال لاحتمال صدق الوطنية ما لم يعزم على العدم (۲۸)، فالأحوط الجمع بين الحكمين.
بل لم يثبت حتى يزول، و لعل ذلك مراده (قدّس سرّه) أيضا لأنّ التوطن منوط بالصدق العرفي، و لا يكفي فيه مجرد القصد قطعا.
يأتي ما يتعلق به قريبا.
مقتضى الأصل بقاء حكم الوطنية ما لم يخرج عن المحل بلا فرق بين الأصلي و المستجد بعد تحقق صدق الوطنية عرفا و تقوّم التوطن بالقصد حدوثا.
و أما اعتباره بقاء فمما لا دليل عليه، بل مقتضى الإطلاقات بعد صدق الوطنية عدم اعتبار القصد بقاء، فيكون مثل الولاية، و الوصاية، و الوكالة و نحوها مما يكفي فيها القصد حدوثا و لا تزول إلا بتحقق العزل خارجا. نعم، في بعض أقسام المستجد يمكن الحكم بالزوال بحصول التردد كما إذا اتخذ محلا وطنا و أقام فيه أياما قليلة ثمَّ تردد و لكنه يمكن إرجاع ذلك إلى التشكيك في صدق الوطنية كما في القسم الأول، فالأقسام ثلاثة:
الأول: صدق الوطنية عرفا، فلا يزول الحكم إلا بالإعراض.
الثاني: عدم الصدق فالتردد يمنع عن الصدق و لو بعد ذلك.
الثالث: الشك في الصدق و عدمه و حكمه حكم القسم الثاني.
(مسألة ۷): ظاهر كلمات العلماء- رضوان اللّه عليهم- اعتبار قصد التوطن أبدا في صدق الوطن العرفيّ، فلا يكفي العزم على السكنى إلى مدّة مديدة، كثلاثين سنة أو أزيد، لكنّه مشكل (۲۹)، فلا يبعد الصدق العرفي بمثل ذلك، و الأحوط في مثله إجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط.
لأنّه لا اعتبار بظاهر الكلمات ما لم يكن من الإجماع المعتبر. ثمَّ إنّه تارة: يتوطن الشخص في محل غير متوجه إلى التوقيت و التأبيد، بل يهيّئ أسباب التوطن مرتجيا ما يقتضيه التقدير و تقضيه مشيئة العليم الخبير.
و أخرى: يكون بقصد التأبيد و الدوام و لا ريب في صدق الوطن عليهما عرفا.
و ثالثة: يوقته بمدة معتنى بها عرفا- كثلاثة أعوام أو أكثر- و الظاهر ثبوت الصدق العرفي أيضا. نعم، لا ريب في الانصراف إلى الدوام، و لكنه من جهة الغالب و الغلبة، فلا يوجب اختصاص اللفظ به بل المتبع هو العرف و اللغة و الإطلاقات الشاملة للجميع.
و رابعة: يوقته بزمان يعلم بعدم الصدق أو يشك فيه و مقتضى الأصل عدم ترتب آثار الوطن عليه.
و خامسة: يتوطن في المحل إلى أن يموت و هي أيضا من قصد الدوام، و لو تصادف الموت بعد مدة قليلة.
و لباب الكلام: أنّ عدم صدق الوطن أو الشك فيه مانع عن جريان الحكم لا أن يكون قصد الدوام شرطا بعد صدق التوطن عرفا. و حينئذ يسهل الأمر على الطلبة الساكنين في النجف الأشرف لتحصيل العلم، فإنّهم ما دام استقرارهم فيها و عدم إعراضهم عنها يطلق أنّهم متوطنون و ساكنون في هذه البلدة المقدّسة و لا يكونون مسافرين، بل لا يطلق عليهم المسافر، و لا المقيم عشرة أيام، و لا المتردد ثلاثين يوما، و لا ممن لا مسكن له، و لا وطن له عرفا، بل يطلق عليهم أنّهم متوطنون في النجف الأشرف لتحصيل العلم مع التفاتهم، إلا أنّهم لا يتوقفون فيه إلا أعواما و يفرقون بينهم و بين مسافر يقيم في محل شهرا أو شهرين.
فإذا سافر الطلاب الساكنون في النجف الأشرف إلى كربلاء- مثلا- ثمَّ رجعوا يرون أنفسهم في مقرّهم و مسكنهم بعد الرجوع كسائر أهالي النجف، و يستنكرون من أنفسهم لزوم قصد الإقامة بعد المراجعة من السفر.
(الثاني): من قواطع السفر العزم على إقامة عشرة أيام (۳0) متواليات (۳۱) في مكان واحد (۳۲)، من بلد أو قرية أو مثل بيوت الأعراب أو فلاة من الأرض أو العلم بذلك (۳۳)، و إن كان لا عن اختيار (۳٤) و لا يكفي الظن بالبقاء فضلا عن الشك (۳٥). و الليالي المتوسطة داخلة بخلاف الليلة الأولى و الأخيرة (۳٦)، فيكفي عشرة أيام و تسع ليالي و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأصح (۳۷)، فلو نوى المقام عند الزوال من اليوم الأول إلى الزوال من اليوم الحادي عشر كفى و يجب عليه الإتمام، و إن كان الأحوط الجمع (۳۸). و يشترط وحدة محل الإقامة فلو قصد الإقامة في أمكنة متعدّدة عشرة أيّام لم ينقطع حكم السفر، كأن عزم على الإقامة في النجف و الكوفة أو في الكاظمين و بغداد (۳۹)، أو عزم على الإقامة في رستاق من قرية إلى قرية من غير عزم على الإقامة في واحدة منها عشرة أيّام، و لا يضرّ بوحدة المحل فصل مثل الشط بعد كون المجموع بلدا واحدا، كجانبي الحلة و بغداد و نحوهما (٤۰). و لو كان البلد خارجا عن المتعارف في الكبر فاللازم قصد الإقامة في المحلة منه (٤۱) إذا كانت المحلات منفصلة بخلاف ما إذا كانت متصلة، إلا إذا كان كبيرا جدّا بحيث لا يصدق وحدة المحل و كان كنية الإقامة في رستاق مشتمل على القرى مثل قسطنطينية و نحوها.
للإجماع، بل الضرورة، و لنصوص مستفيضة، بل متواترة منها:
قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة قال: «قلت له: أرأيت من قدم بلدة إلى متى ينبغي له أن يكون مقصرا؟ و متى ينبغي له أن يتم؟ فقال عليه السّلام:
إذا دخلت أرضا و أيقنت أنّ لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة»۱٦ و ما يوهم الاكتفاء بالخمس ليس في مقام بيان الحكم الواقعي قطعا
على المشهور، لأنّه المتفاهم من الأدلة كما في نظائر المقام، و لا ينافي التوالي الخروج إلى ما دون المسافة، لما يأتي في [مسألة ۸]، و الصورة السابعة من [مسألة ۲٤].
لانسباق الوحدة من الأدلة عرفا، و لكنّها قابلة للتشكيك- كوحدة العالم و الإقليم، و المملكة، و البلد، و المحلة و نحوها- و يمكن أن يراد بها في المقام الوحدة الاعتبارية في المحل و ما يتعلق به بحيث تكون عادة أهله الذهاب إليه للأشغال المتعارفة، أو للسياحة، أو الاستراحة ثمَّ الرجوع و لو في الليل، فإنّ ما يتعلق بمحل الإقامة بحسب المتعارف يتحد معه عرفا و تكون لها وحدة اعتبارية، فالمراد وحدة المحل باعتبار ما يتردد منه إلى أطرافه و منها إليه عرفا، فيشمل الخارج عن حدّ الترخص أيضا إن تعارف التردد منه و إليه و بالعكس، كما يمكن أن يراد بالوحدة في مقابل المسافرة، فالمراد وحدة المحل، أي: باعتبار ما دون المسافة الشرعية، و إن شئت فعبّر عنها بالوحدة الغرضية، لأنّ للمقيمين أغراض في محال إقامتهم، فكل ما جمعه غرض واحد عرفي يكون واحدا و يصح التعبير عنها بالوحدة الترددية و الاختلاف أي: كل ما جرت عادة أهل المحل بالتردد و الاختلاف إليه و لم يرد من الشرع تحديد له، فما لم يسافر و لم يحدث سفرا بحيث تبطل الإقامة تكون الوحدة محفوظة، و حكى ذلك عن فخر المحققين، و الأستاذ الأكبر في مصابيحه، و المحدّث الكاشاني، و نسب إلى العلامة أيضا في أجوبة بعض مسائله، و هو احتمال حسن ثبوتا، و المتيقن مما يبطل به قصد الإقامة إجماعا، و مع صدق الإقامة عرفا كذلك تشمله إطلاقات الأدلة أيضا.
نعم، مع الشك فيه لا وجه للتمسك بها، لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و لكن إن شك في الصدق فيه فلا يشك في القسم السابق عليه، فإنّ صدق الإقامة في مثله شائع عرفا، فتشمله الإطلاقات لا محالة، و ذكر البلد و المكان في الروايات- المتقدمة- يكون من باب المثال، و فيها ما يمكن استفادة توسعة محل الإقامة مثل صحيح ابن الحجاج قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يكون له الضياع بعضها قريب من بعض يخرج فيقيم فيها أ يتم أم يقصر؟ قال عليه السّلام: يتم»۱۷، فإنّ للقرب مراتب متفاوتة يشمل مقدار الفرسخ أيضا، و ظاهره قصد الإقامة في جميع الضياع المتقاربة، و لا ريب في صدق أنّ الكوفة قريبة من النجف، و الكاظمين قريبة من بغداد، و كذا نحوهما من المحال المتقاربة.
إن قلت: قد ادعي الإجماع على اعتبار وحدة محل الإقامة، و صحيح ابن الحجاج يحتمل أن يكون مثل سائر الأخبار التي تدل على الإتمام في مطلق الضيعة مما تقدم بعضها۱۸، مع أنّه في رواية الشيخ و الصدوق: «يطوف» بدل «يقيم»۱۹، فتكون قرينة على أنّها مما يدل على الإتمام في مطلق الضيعة، فلا ربط له بمحل الإقامة.
قلت: أما دعوى الإجماع. ففيه- أولا: أنّ الظاهر كون الإجماع من الإجماعات الاجتهادية في الأدلة لا التعبدية المحضة.
و ثانيا: المتيقن منه ما إذا لم يتعارف التردد من أحد المحلّين إلى الآخر و لم يعد من المتقاربين عرفا.
و أما صحيح ابن الحجاج فلا ريب في كون نسخة الكافي أضبط و قد ضبط فيه بلفظ «يقيم»، و احتمال كونه مما يدل على الإتمام في مطلق الضيعة خلاف الظاهر، مع أنّه يمكن استفادة التوسعة من قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إذا دخلت أرضا و أيقنت أنّ لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة»۲0 إذ لا ريب في شموله للمحال المتقاربة عرفا، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح زرارة: «من قدم قبل يوم التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة و هو بمنزلة أهل مكة»۲۱، فإنّ إطلاق المنزلة يشمل ما إذا خرج إلى ما دون المسافة و بات فيه أيضا، مع أنّ الحجاج غالبا يخرجون للعمرة المفردة إلى خارج الحرم و لا ريب في شمول الإطلاق له أيضا.
إن قلت: عمدة الدليل على اعتبار الوحدة الإجماع و الانسباق العرفي، و المتيقن منهما دون حدّ الترخص، و عدم الخروج عنه.
قلت: أما الإجماع فقد تقدم الكلام فيه. و أما الانسباق العرفي، فلا نسلّم اختصاصه بما دون حدّ الترخص، بل الظاهر إن لم يكن المقطوع به الأعمّ منه، و مما جرت عادة أهل المحل للتردد إليه، فلباب معنى الإقامة، الإقامة في محل بنحو كان أهله يقيمون فيه، فيجري على المقيم بعد الإقامة حكم الأهل إلا إذا دل دليل على الخلاف، و يأتي بعض ما ينفع المقام.
لما تقدم من قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إذا دخلت أرضا فأيقنت أنّ لك بها مقام عشرة أيام. فأتم الصلاة»۲۲ فيكون القصد و العزم طريق إلى إحراز البقاء و العلم به.
لإطلاق الدليل الشامل للقهريّ و الاختياريّ.
لتضمن الأدلة لفظ النية، و اليقين، و العزم، و الإرادة، و قوله عليه السّلام: «و إذا أجمع على مقام عشرة أيام صام و أتم الصلاة»۲۳ و لا ريب في عدم صدقها على الظن و الشك، بل مقتضى قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر، فليعد ثلاثين يوما ثمَّ ليتم- الحديث-»۲4 وجوب القصر مضافا إلى عمومات التقصير على المسافر و إطلاقاته.
أما دخول الليالي المتوسطة، فلانسباق الاستمرار و تبادره من الأدلة، و في المستند: أنّه اتفاقي. و أما خروج الليلة الأولى و الأخيرة، فلتعليق الحكم على الأيام و الليل خارج عنها عرفا و لغة، و دخول الليالي المتوسطة إنّما هو لأجل انسباق الاستمرار- لا لدخول الليل في مفهوم اليوم- كما في سائر الموارد التي يعتبر فيها الاستمرار.
نسب ذلك إلى المشهور، لأنّ المتفاهم عرفا من الأدلة هذا المقدار من الساعات النهارية تمت الأيام أو انكسرت، و عن المدارك عدم الكفاية جمودا على ظاهر الأدلة و رده شيخنا الأنصاري «بأنّه تصديق للحقيقة و تكذيب للعرف، و قد ثبت في محله أنّ العرف مقدّم على الحقيقة، لأنّ مدار الإفادة و الاستفادة على الظواهر العرفية و لو كانت لأجل القرائن داخلية أو خارجية.
جمودا على الحقيقة و خروجا عن خلاف من خالف.
أما الدليل على اعتبار وحدة محل الإقامة، فقد تقدم، و خلاصته:
أنّ المراد بها الوحدة العرفية بحسب مقاصدهم و أغراضهم النوعية و ترددهم و اختلافهم في حوائجهم. و أما عدم صحة قصد الإقامة في مثل الكاظمين و بغداد، فإن كان المراد قصد الإقامة في الكاظمية و التردد إلى بغداد كما يتردد أهالي الكاظمين إليه أو العكس، فيأتي حكمه في المسألة اللاحقة، و إن كان المراد قصد الإقامة في محلتين مختلفتين عرفا، فهو خلاف ظاهر الإجماع، و خلاف المتفاهم من الأخبار، و مع الشك في استفادته فالمرجع استصحاب القصر، بل الظاهر كونه خلاف الإقامة الواحدة المتعارفة بين الناس.
و بالجملة هنا أقسام:
الأول: الإقامة في محل واحد و الذهاب إلى خارجه مرة أو غير مرة.
الثاني: توسعة محل الإقامة مع مراعاة الوحدة الاعتبارية كقصد الإقامة في المحال المتسعة ما لم يخرج عن المتعارف.
الثالث: قصد إقامة واحدة في محلين مختلفين عرفا.
الرابع: قصد الإقامة في محل واحد خارج عن المتعارف- كالإقامة في بلد تكون مساحته أربع فراسخ مثلا. و يجوز الأولان كما مر بخلاف الأخيرين، و لا ملازمة بين جواز الإقامة في الأولين و جوازها في الأخيرين، فلا بد فيهما من تعيين محل واحد عرفيّ و قصد الإقامة فيه.
الخامس: الشك في أنّ مورد الإقامة من أيّ الأقسام، و مقتضى الأصل، و الإطلاق عدم تحققها إلا إذا أحرز أنّه من أحد الأولين.
لأنّ المفروض صدق الوحدة بالنسبة إلى محل الإقامة.
و لكن لا يضرّ بقصد الإقامة فيها التردد منها إلى سائر المحال التي تعارف التردد بينها كما يأتي.
(مسألة ۸): لا يعتبر في نية الإقامة قصد عدم الخروج من خطة سور البلد على الأصح (٤۲)، بل لو قصد حال نيتها الخروج إلى بعض بساتينها و مزارعها و نحوها من حدودها مما لا ينافي صدق اسم الإقامة في البلد عرفا جرى عليه حكم المقيم حتى إذا كان من نيته الخروج عن حدّ الترخص، بل إلى ما دون الأربعة إذا كان قاصدا للعود عن قريب بحيث لا يخرج عن صدق الإقامة في ذلك المكان عرفا، كما إذا كان من نيته الخروج نهارا و الرجوع قبل الليل (٤۳).
للإطلاق، و الأصل، و العرف.
لأنّ العزم على الإقامة و قصدها و العلم بها من المبينات العرفية و هذه كلها غير تحقق الإقامة خارجا، و الإتمام معلق على هذه العناوين لا على تحقق إقامة عشرة أيام في الخارج كما يأتي في [مسألة ۱۹].
و قصد إقامة عشرة أيام تارة: يكون بنحو الدقة العقلية و هو مقطوع بخلافه، لأنّ الشرعيات غير مبنية عليها.
و أخرى: بنحو الموضوعات العرفية القابلة للمسامحة على ما هو الشائع المتعارف فيها و الأدلة منزلة عليها، فلو ورد المسافر إلى النجف الأشرف و قصد إقامة عشرة أيام فيها و كان بناؤه حين القصد الذهاب إلى الكوفة و البقاء هناك يوما، فإذا رجع إلى أهله و وطنه يصح له أن يقول قصدت الإقامة في النجف عشرة أيام، فكيف بما إذا كان الذهاب إلى الكوفة و البقاء هناك بقدر نصف يوم- مثلا- و هذا المقدار من الصدق يكفي في شمول الأدلة له.
إن قيل: فعلى هذا يكون لنفس قصد الإقامة موضوعية خاصة لا أن يكون طريقا إلى ما يقع منها في الخارج.
يقال: قصدها طريق إلى الخارج بنحو المسامحة العرفية و بما يحكم الشارع بالصحة لا بنحو الدقة العقلية.
نعم، لو كان بحيث يشك في الصدق العرفي لا يصح التمسك بالعمومات و الإطلاقات، لكونه حينئذ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. هذا مضافا إلى ما تقدم من أنّ الذهاب إلى محال جرت عادة أهل المحل التردد إليها لا يضرّ بقصد الإقامة و صدقها ما لم يبلغ المسافة الشرعية.
إن قلت: كيف يصدق عزم الإقامة عشرة أيام مع البناء على أن يذهب يوما- مثلا- إلى غير محل الإقامة.
قلت: الصدق مبنيّ على المسامحة، و على أنّ الخروج إلى ما دون المسافة لا ينافي الإقامة العرفية، فتارة: يكون قصد الخروج بنحو لا ينافي قصد الإقامة عرفا- كما إذا قصد الإقامة في النجف و خرج بمقدار أربع عشرة ساعة إلى مسجد الكوفة و السهلة.
و أخرى: يكون بقدر يشك في الصدق و عدمه كالعشرين ساعة مثلا.
و ثالثة: يكون بقدر يضرّ بالصدق عرفا، كيوم و ليلة مثلا و الأول يصح بخلاف الأخيرين.
ثمَّ إنّه لا تلازم بين هذه المسألة أي: جواز قصد الخروج عن محل نية الإقامة في ابتداء النية و عدم جوازه و بين ما يأتي في [مسألة ۲۲] في ذيل القسم السابع من جواز الخروج بعد تحقق نية الإقامة و العود بعد يوم أو أيام، لأنّ الكلام في المقام في أصل حدوث قصد الإقامة و وجوب التمام، فيبحث عن أنّ مثل هذا البناء ينافي حدوث أصل قصد الإقامة أولا، و مقتضى الأصل، و إطلاق أدلة التقصير على المسافر وجوب القصر عليه، و فيما يأتي يبحث عن أنه بعد ثبوت التمام على المقيم بإتيان رباعية تامة لا يزول هذا الحكم إلا بإحداث المسافرة سواء خرج عن محل الإقامة أم لا، و سواء بقي في الخارج يوما أو أياما أم لا، و مقتضى الأصل و الإطلاق وجوب التمام عليه مطلقا ما لم يحدث سفرا.
فروع- (الأول): لو قصد الإقامة في النجف و بنى على أن يخرج في كل يوم بمقدار ثلاث ساعات أو أكثر إلى مسجد الكوفة، فالظاهر عدم منع ذلك عن قصد إقامة العشرة، كما لو قصد الإقامة في النجف و بنى على أن يذهب إلى مسجد الكوفة لإتيان فرائضه اليومية في كل وقت فريضة بقدر ساعة أو أكثر، فإنّه لا ينافي ذلك مع قصد الإقامة.
(الثاني): لو قصد الإقامة في النجف- مثلا- و بنى على أن يبيت كل ليلة في مسجد الكوفة، فظاهرهم المنافاة لقصد الإقامة، و يمكن الإشكال عليه بصدق عنوان نية الإقامة في محل واحد عرفا، فتشمله الأدلة قهرا.
(الثالث): لو تحقق قصد الإقامة عرفا ثمَّ ذهب إلى خارج محل الإقامة بمقدار شككنا في أنّه يضرّ بالإقامة أم لا، فمقتضى الأصل بقاء قصد الإقامة.
(مسألة ۹): إذا كان محل الإقامة بريّة قفراء لا يجب التضييق في دائرة المقام، كما لا يجوز التوسيع كثيرا (٤٤) بحيث يخرج عن صدق وحدة المحل، فالمدار على صدق الوحدة عرفا و بعد ذلك لا ينافي الخروج عن ذلك المحل إلى أطرافه بقصد العود إليه و إن كان إلى الخارج عن حدّ الترخص، بل إلى ما دون الأربعة، كما ذكرنا في البلد فجواز نيّة الخروج إلى ما دون الأربعة لا يوجب جواز توسيع محل الإقامة كثيرا (٤٥) فلا يجوز جعل محلها مجموع ما دون الأربعة، بل يؤخذ على المتعارف و إن كان يجوز التردد إلى ما دون الأربعة على وجه لا يضرّ بصدق الإقامة فيه.
أما عدم وجوب التضييق، فللأصل، و الإطلاق. و أما عدم جواز التوسيع كثيرا، فالظاهر أنّه يدور مدار الأغراض العقلائية الصحيحة، فمن سافر من محله للبيع و الشراء مع عشائر متفرقين في مساحة ثلاثة فراسخ- مثلا- بحيث تكون التجارة مع هذه العشائر مورد غرضه و قصد الإقامة في ثلاثة فراسخ لهذا الغرض، يصدق أنّه أقام في محل واحد في فرسخ- مثلا- بحيث يكون نفس هذا الحدّ محل إقامته في عشرة أيام أو أكثر، لأنّ لمحل الإقامة حينئذ وحدة عرفية مع تحقق قصد إقامة عشرة أيام فلا مانع من شمول الأدلة له أيضا، فيكون مثل ما إذا قصد الإقامة في بلد وسيع و لا فرق بينهما من حيث الوحدة، و إنّما الفرق من جهة التوسعة و عدمها، و لا ينافي ذلك صدق الوحدة، لأنّ لها مراتب كثيرة جدا
إن لم يكن لنفس التوسيع من حيث هو غرض صحيح. و أما إن كان مورد الغرض الذي يقدم عليه متعارف الناس موسعا بلا مانع منه، كما إذا أقام في ثلاثة فراسخ لأجل التفحص عن خصوصيات الأرض و ما يتعلق بها من الجهات.
(مسألة ۱۰): إذا علق الإقامة على أمر مشكوك الحصول لا يكفي (٤٦)، بل و كذا لو كان مظنون الحصول فإنّه ينافي العزم على البقاء المعتبر فيها. نعم، لو كان عازما على البقاء لكن احتمل حدوث المانع لا يضر (٤۷).
لعدم تحقق العلم بالإقامة و لا العزم عليها حينئذ.
لأنّ احتمال تحقق المانع لا يمنع عن العزم على شيء و القصد إليه لتحقق هذا الاحتمال في غالب العزائم و المقاصد المتعارفة بين الناس.
(مسألة ۱۱): المجبور على الإقامة عشرا، و المكره عليها يجب عليه التمام (٤۸) و إن كان من نيته الخروج على فرض رفع الجبر و الإكراه، لكن بشرط أن يكون عالما بعدم ارتفاعها و بقائه عشرة أيّام كذلك (٤۹).
إن تحقق العلم العادي بالبقاء عشرة أيام كما يأتي منه رحمه اللّه.
لتحقق اليقين بالبقاء عشرة أيام الذي هو أيضا موجب للتمام- كما تقدم.
(مسألة ۱۲): لا تصح نية الإقامة في بيوت الأعراب و نحوهم ما لم يطمئنّ بعدم الرحيل عشرة أيّام (٥0) إلا إذا عزم على المكث بعد رحلتهم إلى تمام العشرة (٥۱).
لعدم حصول اليقين و لا العزم بدون الاطمئنان كذلك.
لتحقق العلم بالبقاء عشرة أيام، فيجب عليه التمام.
(مسألة ۱۳): الزوجة و العبد إذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج و السيد و المفروض أنّهما قصدا العشرة- لا يبعد كفايته (٥۲) في تحقق الإقامة بالنسبة إليهما، و إن لم يعلما حين القصد أنّ مقصد الزوج و السيد هو العشرة (٥۳). نعم، قبل العلم بذلك عليهما التقصير (٥٤).و يجب عليهما التمام (٥٥) بعد الاطلاع و إن لم يبق إلا يومين أو ثلاثة، فالظاهر وجوب الإعادة أو القضاء عليهما بالنسبة إلى ما مضى مما صليا قصرا (٥٦) و كذا الحال إذا قصد المقام بمقدار ما قصده رفقاؤه و كان مقصدهم العشرة فالقصد الإجمالي كاف (٥۷) في تحقق الإقامة لكن الأحوط الجمع في الصورتين (٥۸) بل لا يترك الاحتياط (٥۹).
إن حصل منهما قصد الإقامة عشرة أيام بحيث ينافي التردد فيها بحسب المتعارف يكفي ذلك، لإطلاق الأدلة الشامل للقصد الإجمالي التبعي أيضا.
إن قلت: مع حصول قصد الإقامة لا ريب في الاكتفاء به و ليس ذلك من القصد الإجمالي في شيء.
قلت: يمكن أن يكون الإجمال في الجهات الخارجية عن أصل القصد في الجملة، و الاكتفاء بهذا القسم من القصد موضع وفاق. و أما إن كان من مجرّد التردد بحيث يكون مصداق ما ورد في الروايات كقول أبي جعفر عليه السّلام:«و إن لم تدر ما مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصّر- الحديث-»۲٥ فلا ريب في عدم الاكتفاء به و يتحتم القصر إلى ثلاثين يوما كما يأتي، لأنّ غالب المترددين في محل قاصدون البقاء مقدارا من المدّة في الجملة يمكن انطباقها على عشرة و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات، فمن قال بالاكتفاء أراد الأول، و من قال بعدمه أراد الآخر، فيكون النزاع بينهم لفظيا، فلا وجه للتطويل حينئذ.
لأنّ قصد ما قصده المتبوع قصد العشرة إجمالا بعد فرض أنّ المتبوع قصد العشرة و المفروض كفاية القصد الإجمالي في الإقامة.
للأصل و الإطلاق بعد عدم تحقق العلم بالعشرة و لا قصدها هذا بحسب الحكم الظاهري، و لكن لو صلّى تماما- غفلة، أو جهلا، أو عمدا- و حصل منه قصد القربة تصح و لا قضاء عليه، لفرض أنّ تكليفه الواقعي في علم اللّه تعالى هو التمام.
هذه ثمرة الاكتفاء بالقصد الإجمالي، فمن قال به أوجب التمام بالنسبة إلى ما بقي و إن لم يبق إلا يوما واحدا، و قضاء ما صلاه قصرا بالتمام.
و من قال بعدمه قال بوجوب القصر مطلقا إلا مع قصد الإقامة، و لو كان قد صلّى تماما وجب عليه القضاء قصرا.
لقاعدة الاشتغال، و إطلاق أدلة وجوب التمام بعد تحقق موضوعه واقعا و إن لم يعلم به ظاهرا.
خلاصة ما أطالوا القول فيه: أنّ قصد العشرة الواقعية و لو بنحو الإجمال و الإشارة كاف، أو يعتبر قصد عنوان العشرة بنحو الموضوعية و الالتفات التفصيلي، و مقتضى الإطلاق، و أصالة عدم اعتبار قيد الموضوعية، و كون العناوين طرقا مطلقا إلى الواقع هو الأول.
لاحتمال اعتبار العشرة من الموضوعية، و خروجا عن خلاف من اعتبرها كذلك.
لاحتمال اعتبار الالتفات التفصيلي في الإقامة. و مما ذكرنا ظهر أنّه لا دليل على وجوب هذا الاحتياط.
(مسألة ۱٤): إذا قصد المقام إلى آخر الشهر مثلا و كان عشرة كفى و إن لم يكن عالما به حين القصد، بل و إن كان عالما بالخلاف (٦0)، لكن الأحوط في هذه المسألة أيضا الجمع بين القصر و التمام بعد العلم بالحال، لاحتمال اعتبار العلم حين القصد.
هذه المسألة أيضا من فروع كفاية القصد الإجمالي، فإن كان هذا النحو من القصد- بحيث ينافي التردد- يكفي و إلا فلا وجه للاكتفاء كما مرّ في المسألة السابقة.
إن قلت: تقدم في [مسألة ۲۰] من (فصل صلاة المسافر) أنّه إذا اعتقد التابع أنّ متبوعه لم يقصد المسافة أو شك في ذلك و في الأثناء علم أنّه قاصد لها، فالظاهر وجوب القصر عليه و إن لم يكن الباقي مسافة، فليكن المقام أيضا كذلك.
قلت: ما تقدم في [مسألة ۲۰] مطابق للقاعدة، لأنّه من باب الخطإ في التطبيق إذ التابع قصد ما قصده المتبوع و يكون زعم التابع خطأ محضا لا أن يكون قصده مقيّدا بزعمه في الواقع. و حينئذ فمقتضى المتابعة حصول قصد المسافة من التابع أيضا، لأنّ المتبوع قصدها، و التابع قصد ما قصده المتبوع واقعا، فيكون زعمه باطلا. نعم، لو كان بنحو التقييد المحض لا وجه للاكتفاء به حينئذ و قد تقدم بعض الكلام.
(فرع): لو دخل يوم الحادي و العشرين من شهر رمضان إلى محل و قصد الإقامة فيه، و لكن بنى على أنّه إن تحقق الشك في يوم العيد أن يسافر لا يضرّ ذلك بقصد الإقامة، لما تقدم في [مسألة ۱۰]، فيصح قصده و يتم صلاته و صومه، فلا وجه للإشكال- بأنّه لا يتحقق منه القصد فلا يجب عليه الصوم، و مع فرض عدم وجوب الصوم يعلم أنّه لا يسافر و يعلم ببقاء عشرة أيام فيجب عليه الصوم حينئذ، فيلزم من فرض وجود الموضوع عدمه و هو خلف باطل- لأنّ هذا الإشكال مبنيّ على عدم إمكان تحقق قصد الإقامة منه و هو مردود بأنّ احتمال تحقق هذا النحو من الحوادث لا يضر بقصد الإقامة كما في جميع المقاصد و العزائم العرفية.
(مسألة ۱٥): إذا عزم على إقامة العشرة ثمَّ عدل عن قصده، فإن كان صلّى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام ما دام في ذلك المكان (٦۱)، و إن لم يصلّ أصلا أو صلّى مثل الصبح و المغرب، أو شرع في الرباعية لكن لم يتمها و إن دخل في ركوع الركعة الثالثة رجع إلى القصر (٦۲) و كذا لو أتى بغير الفريضة الرباعية مما لا يجوز فعله للمسافر- كالنوافل و الصوم و نحوهما (٦۳)- فإنّه يرجع إلى القصر مع العدول (٦٤). نعم، الأولى مع الصوم، إذا كان العدول عن قصده بعد الزوال (٦٥) و كذا لو كان العدول في أثناء الرباعية بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، بل بعد القيام إليه و إن لم يركع بعد (٦٦).
للأصل و الإجماع، و إطلاقات أدلة قصد الإقامة الظاهرة في كفاية حدوثه فقط، كما يأتي في المسألة التاسعة عشرة، و لصحيح أبي ولاد: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي كنت نويت- حين دخلت المدينة- أن أقيم بها عشرة أيام و أتم الصلاة، ثمَّ بدا لي بعد أن لا أقيم بها، فما ترى لي أتم أم أقصر؟ قال عليه السّلام: إن كنت دخلت المدينة و حين صلّيت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها، و إن كنت حين دخلتها على نيتك التمام فلم تصلّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار، إن شئت فانو المقام عشرا و أتم و إن لم تنو المقام عشرا فقصر ما بينك و بين شهر فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة»۲٦.
و ربما يعارضه خبر الجعفري: «لما أن نفرت من مني نويت المقام بمكة، فأتممت الصلاة، ثمَّ جاءني خبر من المنزل فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل، و لم أدر أتم أم أقصر، و أبو الحسن عليه السّلام يومئذ بمكة، فأتيته و قصصت عليه القصة، فقال عليه السّلام: «ارجع إلى التقصير»۲۷. و لكنّه موهون بقصور السند، و إعراض الأصحاب، فلا يصلح لمعارضة الصحيح.
أما الأول فلزوال قصد الإقامة فيزول الحكم قهرا. و أما الثاني فلأنّ المتفاهم عرفا من قوله عليه السّلام: «فريضة بتمام ..» ما تتصف بالتمام و القصر، لا مثل الصبح و المغرب التي لا يختلف حكمها من حيث قصد الإقامة و عدمه.
و أما الأخير فالأقوال في قوله عليه السّلام: «صلاة واحدة فريضة بتمام» أربعة: الاكتفاء بالشروع في الرباعية بنية التمام، نسب ذلك إلى المبسوط، لأنّ «الصلاة على ما افتتحت». و للاستصحاب. و الاكتفاء بالدخول في ركوع الثالثة، نسب ذلك إلى التذكرة، لأنّه يلزم من الرجوع إلى القصر إبطال العمل و هو منهيّ عنه. و الاكتفاء بالقيام إلى الركعة الثالثة و إن لم يركع، لأنّ الرجوع إلى القصر حينئذ يستلزم وقوع الزيادة العمدية في الصلاة. و الإتيان بالرباعية تماما، و هو الظاهر من النص، و تعيين البقية يحتاج إلى قرينة، و هي مفقودة. مع بطلانها في نفسها، إذ لا وجه للاستصحاب في مقابل ظاهر الدليل، كما لا يخفى، و شمول دليل إبطال العمل لمثل الفرض ممنوع، كما أنّ صدق الزيادة العمدية فيما رجع إلى القصر لا وجه له، لصيرورة الزيادة لغوا محضا بعد الرجوع إلى القصر لا أن تقع في صلاة القصر.
كصلاة الجمعة.
لأنّ ظاهر النص أنّ البقاء على التمام بعد العدول عن قصد الإقامة منوط بوقوع صلاة تامة صحيحة أدائية، و حملها على كون الصلاة من باب المثال لمطلق ما لا يجوز للمسافر إتيانه، خلاف الظاهر. و أما قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن وهب: «هما واحد إذا قصرت أفطرت، و إذا أفطرت قصرت»۲۸. فليس في مقام بيان حكم ما نحن فيه، فلا وجه للتمسك بإطلاقه، لكون الصوم أيضا مثل الصلاة من هذه الجهة.
خروجا عن مخالفة جمع، منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد.
لقولهم بإلحاق الصوم بالصلاة إن كان الرجوع عن نية الإقامة بعد الزوال.
بدعوى: أنّ عدم جواز الإفطار حينئذ يكون مثلما إذا رجع عن نيته بعد الغروب.
(و فيه): أنّ صحة الصوم أعم من إجراء حكم المقيم عليه، و يأتي في المسألة الحادية و العشرين بعض الكلام.
و حكي عن جمع آخر منهم العلامة رحمه اللّه في جملة من كتبه إلحاق الصوم الواجب بالصلاة بمجرد الشروع فيه، لتحقق النية صحيحة، فتؤثر أثرها.
و عن آخرين إلحاقه بها إن كان العدول عن نية الإقامة بعد الغروب لصحة الصوم.
و الكل غير ظاهر الوجه، كما لا يخفى، لأنّ الصحة أعمّ من ترتيب أثر الإقامة.
فالأقوى عدم الإلحاق مطلقا، لإطلاق أدلة القصر شرعا، و سقوط قصد الإقامة بالتردد، أو العزم على العدم وجدانا إلا مع النص على الخلاف.
خروجا عن مخالفة ما نسب إلى العلامة رحمه اللّه فيما إذا دخل في ركوع الركعة الثالثة، و عن مخالفة غيره حيث اكتفى بالقيام للثالثة. مع أنّ الكل خلاف ظاهر صحيح أبي ولاد، و إطلاق أدلة التقصير، كما تقدم.
(مسألة ۱٦): إذا صلّى المقيم رباعية بتمام بعد العزم على الإقامة لكن مع الغفلة عن إقامته ثمَّ عدل، فالظاهر كفايته في البقاء على التمام. و كذا لو صلاها تماما لشرف البقعة (٦۷)، كمواطن التخيير، و لو مع الغفلة عن الإقامة. و إن كان الأحوط الجمع بعد العدول حينئذ و كذا في الصورة الأولى (٦۸).
جمودا على إطلاق ما تقدم من صحيح أبي ولاد، و لكن احتمال أن يكون إتيان الفريضة التامة مستندا إلى خصوص الإقامة، و لا يحصل ذلك إلا مع الالتفات إليها في الجملة قريب جدا، لإطلاق أدلة كفاية قصد إقامة العشرة في الإتمام، و ما مرّ من التفصيل إنّما هو فيما إذا كان قصد العدول في الأثناء لا بعد تمام العشرة.
ثمَّ إنّ الظاهر أنّ كلمة (و لو) في قوله (قدّس سرّه): «و لو مع الغفلة» من سهو القلم، لأنّه مع الالتفات إلى الإقامة في الأماكن الأربعة يتعيّن عليه التمام، و لا موضوع للتخيير حينئذ.
لاحتمال عدم شمول الصحيح للصورتين.
فروع- (الأول): لو تمت العشرة يبقى على التمام مطلقا، عدل أم لا، صلى فريضة بتمام أم لم يصلّ، لإطلاق أدلة كفاية قصد إقامة العشرة في الإتمام. و ما مر من التفصيل إنّما هو فيما إذا كان قصد العدول في الأثناء لا بعد تمام العشرة.
(الثاني): لو نوى الإقامة و دخل في الصلاة بنية التمام و عدل عنها بعد القيام للركعة الثالثة و قبل الدخول في ركوعها، تصح الصلاة و يصح الاكتفاء بها للإتمام ما دام في محل الإقامة، بناء على ما نسب إلى بعض. أما بناء على ما قلناه، فالصحة مبنية على أنّ الزيادة العمدية المبطلة تنطبق على مثل هذا القيام أم لا.
و الجزم بالبطلان مشكل. و حينئذ يجلس و يتمها قصرا و لا شيء عليه، و الأحوط الإعادة. و يأتي في المسألة السادسة و العشرين ما يتعلق بالمقام.
(الثالث): لو قصد الإقامة و اعتقد صحته، فصلّى فريضة بتمام ثمَّ بان عدم صحة قصد إقامته وجب عليه إعادة ما صلاه قصرا و التقصير في بقية صلواته إلا إذا نوى إقامة مستأنفة، لأنّ الظاهر من الصحيحة إنّما هو فيما إذا لم يكن أصل قصد الإقامة باطلا.
(الرابع): قد تقدم في المسألة الخامسة عدم اشتراط إباحة المكان في الوطن، و الظاهر أنّ محل قصد الإقامة أيضا كذلك للأصل، و لظهور الإطلاق، و الاتفاق.
(مسألة ۱۷): لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفا بالصلاة، فلو نوى الإقامة و هو غير بالغ، ثمَّ بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيام. و إذا أراد التطوع بالصلاة قبل البلوغ يصلّي تماما. و كذا إذا نواها و هو مجنون، إذا كان ممن يتحقق منه القصد، أو نواها حال الإفاقة، ثمَّ جنّ، ثمَّ أفاق. و كذا إذا كانت حائضا حين النية، فإنّها تصلّي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما، بل إذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام، ما لم تنشئ سفرا (٦۹).
كل ذلك لإطلاق أدلة الإقامة الشامل لجميع ذلك كله من غير ما يصلح للتقييد فيها. نعم، لا بد و أن يكون الصبيّ و المجنون بحيث يصح أن يحصل منهما القصد إلى الإقامة و إلا فلا أثر له عقلا و نقلا. و يكفي علمهما بها و إن لم يتحقق منهما القصد، لما ذكرنا من كفاية العلم بها.
(مسألة ۱۸): إذا فاتته الرباعية بعد العزم على الإقامة ثمَّ عدل عنها بعد الوقت، فإن كانت مما يجب قضاؤها و أتى بالقضاء تماما ثمَّ عدل، فالظاهر كفايته في البقاء على التمام (۷0). و أما إن عدل قبل إتيان قضائها أيضا، فالظاهر العود إلى القصر (۷۱)، و عدم كفاية استقرار القضاء عليه تماما، و إن كان الأحوط الجمع حينئذ، ما دام لم يخرج (۷۲). و إن كانت مما لا يجب قضاؤه، كما إذا فاتت لأجل الحيض أو النفاس، ثمَّ عدلت عن النية قبل إتيان صلاة تامة، رجعت إلى القصر فلا يكفي مضيّ وقت الصلاة في البقاء على التمام.
لظهور الإطلاق و عدم ما يصلح للتقييد إلا دعوى الانصراف، و هو بدويّ لا اعتناء به.
لأنّ المتفاهم من النص وقوع الصلاة التامة و الإتيان بها خارجا، لا مجرد اشتغال الذمة بالفريضة التامة و لو لم يؤت بها في الخارج.
لاحتمال كون مجرد اشتغال الذمة منشأ لتنجز الإتمام مطلقا و لو لم تقع منه صلاة خارجا، و لكنه احتمال مخالف للمتفاهم من ظاهر الدليل، بل و ظهور الإجماع، لأنّ الاختلاف إنّما هو في مراتب التلبس بالصلاة من مجرد النية، أو الدخول في الركعة الرابعة، أو القيام للثالثة، أو إتمام الرابعة، و لم نستظهر من أحد كفاية مجرد اشتغال الذمة بها مطلقا.
(مسألة ۱۹): العدول عن الإقامة قبل الصلاة تماما قاطع لها من حينه (۷۳)، و ليس كاشفا عن عدم تحققها من الأول (۷٤) فلو فاتته حال العزم عليها صلاة أو صلوات أيّام، ثمَّ عدل قبل أن يصلّي صلاة واحدة بتمام، يجب عليه قضاؤها تماما (۷٥) و كذا إذا صام يوما أو أيّاما حال العزم عليها، ثمَّ عدل قبل أن يصلّي صلاة واحدة بتمام، فصيامه صحيح (۷٦). نعم، لا يجوز له الصوم بعد العدول، لأنّ المفروض انقطاع الإقامة بعده (۷۷).
لإطلاق الأدلة المقتضي لكون الموضوع للتمام مجرد حدوث قصد الإقامة فقط من دون دليل يصلح لتقييده بالصلاة تماما. نعم، أثر إتيان الصلاة بالتمام يظهر بالنسبة إلى ما بعد الرجوع عن قصد الإقامة، فمع الإتيان بها تماما يبقى عليه بعد الرجوع، و مع عدمه يقصر، مع أنّه لو كان قصد الإقامة مشروطا بإتيان الصلاة تماما لزم كون الأمر بالتمام مشروطا بوقوعه، و هو باطل، كما لا يخفى.
لأنّه مخالف للأصل و الإطلاق و الاتفاق.
لأنّه كان تكليفه الواقعي حين تعلق الأمر به، فيجب قضاء ما فات كما فات.
لوجود المقتضي و هو قصد الإقامة و فقد المانع.
تقدم في المسألة الخامسة عشرة ما يتعلق به، فراجع.
(مسألة ۲۰): لا فرق في العدول عن قصد الإقامة بين أن يعزم على عدمها، أو يتردد فيها (۷۸). في أنّه لو كان بعد الصلاة تماما بقي على التمام، و لو كان قبله رجع إلى القصر (۷۹).
لأنّ المناط في الإقامة إما العزم عليها، أو العلم بها و التردد ينافيهما، كالعزم على العدم.
لشمول إطلاق صحيح أبي ولاد۲۹ لكل منهما.
(مسألة ۲۱): إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم، ثمَّ عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما، رجع إلى القصر في صلاته (۸0) لكن صوم ذلك اليوم صحيح (۸۱) لما عرفت من أنّ العدول قاطع من حينه، لا كاشف، فهو كمن صام ثمَّ سافر بعد الزوال.
لبطلان إقامته بالرجوع عنها مع عدم الإتيان لصلاة بالتمام فيتعيّن عليه القصر لا محالة. نعم، لو قيل بأنّ الصوم كالصلاة يتم، و تقدم أنّه موافق للاحتياط بالجمع، و إن كان مخالفا لظاهر الدليل.
لأنّ الشخص إما مسافر، أو حاضر، أو مقيم، أو متردد ثلاثين يوما. و الأقسام الأخيرة منفية عنه وجدانا فيتعين الأول. إنّما الكلام في أنّه كالحاضر الذي سافر بعد الزوال حتى يجب عليه إتمام الصيام، أو أنّه داخل في العمومات الدالة على عدم صحة الصوم من المسافر و أنّه متى قصّر أفطر، لأنّه ليس ممن أحدث السفر بعد الزوال، بل عاد إلى كونه مسافرا بحكم الشرع، و يمكن ترجيح الأول، لأنّه بعد عدم كون العدول كاشفا عن عدم تحقق الإقامة من الأول يكون كمن كان حاضرا فسافر بعد الزوال، و حكم الشرع بأنّه مسافر بعد الزوال يكون كإيجاد السفر بعده.
(مسألة ۲۲): إذا تمت العشرة لا يحتاج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة (۸۲)، بل إذا تحققت بإتيان رباعية تامة كذلك (۸۳)، فما دام لم ينشئ سفرا جديدا يبقى على التمام (۸٤).
للإطلاقات الدالة على أنّ قصد الإقامة يوجب التمام الشاملة لما إذا تمت الإقامة أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع.
لما مر من صحيح أبي ولاد.
لإطلاق أدلة إقامة العشرة، و إطلاق صحيح أبي ولاد الشامل كل منهما للمقام.
(مسألة ۲۳): كما أنّ الإقامة موجبة للصلاة تماما، و لوجوب- أو جواز- الصوم، كذلك موجبة لاستحباب النوافل الساقطة حال السفر، و لوجوب الجمعة، و نحو ذلك من أحكام الحاضر (۸٥).
لأنّ المقيم في محل بمنزلة أهله، و لأنّ الإقامة قاطعة لسفر المسافر فيكون كالحاضر فضلا عما إذا كانت قاطعة لموضوعه.
(مسألة ۲٤): إذا تحققت الإقامة و تمت العشرة أولا و بدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة (۸٦) و لو ملفقة، فللمسألة صور: (الأولى): أن يكون عازما على العود إلى محل الإقامة و استئناف إقامة عشرة أخرى. و حكمه، وجوب التمام في الذهاب، و المقصد، و الإياب، و محل الإقامة الأولى. و كذا إذا كان عازما على الإقامة في غير محل الإقامة الأولى، مع عدم كون ما بينهما مسافة (۸۷). (الثانية): أن يكون عازما على عدم العود إلى محل الإقامة و حكمه وجوب القصر (۸۸) إذا كان ما بقي من محل إقامته إلى مقصده مسافة، أو كان مجموع ما بقي مع العود إلى بلده أو بلد آخر مسافة، و لو كان ما بقي أقل من أربعة على الأقوى من كفاية التلفيق، و لو كان الذهاب أقلّ من أربعة. (الثالثة): أن يكون عازما على العود إلى محل الإقامة من دون قصد إقامة مستأنفة، لكن من حيث إنّه منزل من منازله في سفره الجديد. و حكمه وجوب القصر أيضا (۸۹) في الذهاب و المقصد، و محل الإقامة. (الرابعة): أن يكون عازما على العود إليه من حيث إنّه محل إقامته، بأن لا يكون حين الخروج معرضا عنه، بل أراد قضاء حاجة في خارجه و العود إليه، ثمَّ أنشأ السفر منه و لو بعد يومين، أو يوم، بل أو أقلّ. و الأقوى في هذه الصورة البقاء على التمام (۹0) في الذهاب، و المقصد، و الإياب، و محل الإقامة ما لم ينشئ سفرا و إن كان الأحوط الجمع في الجميع، خصوصا في الإياب (۹۱)، و محل الإقامة. (الخامسة): أن يكون عازما على العود إلى محل الإقامة، لكن مع التردد في الإقامة بعد العود و عدمها، و حكمه: أيضا وجوب التمام (۹۲). و الأحوط الجمع، كالصورة الرابعة. (السادسة): أن يكون عازما على العود مع الذهول عن الإقامة (۹۳) و عدمها. و حكمه أيضا: وجوب التمام، و الأحوط الجمع كالسابقة (۹٤). (السابعة): أن يكون مترددا في العود و عدمه، أو ذاهلا عنه و لا يترك الاحتياط بالجمع فيه (۹٥) في الذهاب، و المقصد، و الإياب، و محل الإقامة إذا عاد إليه إلى أن يعزم على الإقامة، أو ينشئ السفر. و لا فرق في الصور التي قلنا فيها بوجوب التمام بين أن يرجع إلى محل الإقامة في يومه، أو ليلته أو بعد أيّام (۹٦). هذا كله إذا بدا له الخروج إلى ما دون المسافة بعد العشرة أو في أثنائها بعد تحقق الإقامة. و أما إذا كان من عزمه الخروج في حال نية الإقامة، فقد مر (۹۷) أنّه إن كان من قصده الخروج و العود عما قريب، و في ذلك اليوم من غير أن يبيت خارجا (۹۸)، عن محل الإقامة، فلا يضرّ بقصد إقامته و يتحقق معه، فيكون حاله بعد ذلك حال من بدا له. و أما إن كان من قصده الخروج إلى ما دون المسافة في ابتداء نيته، مع البيتوتة هناك ليلة أو أزيد، فيشكل معه تحقق الإقامة (۹۹) و الأحوط الجمع من الأول إلى الآخر، إلا إذا نوى الإقامة بدون القصد المذكور جديدا، أو يخرج مسافرا.
حق التعبير أن يقال: إذا ثبت حكم التمام و لو بإتيان رباعية تامة و بدا له الخروج إلى ما دون المسافة أو إليها و لو ملفقة. ليشمل جميع الصور، لأنّ بعضها تكون من قصد المسافة، كما يأتي في الصورة الثانية. و لكن تجري في جملة من الصور شبهة الخروج عن حدّ الترخص فلا بد لمن يقول بكونه مضرّا أو موجبا للاحتياط من ملاحظة ذلك أيضا.
ثمَّ إنّ مقتضى إطلاق وجوب التمام على المقيم، و استصحاب وجوبه، و أصالة عدم حدوث موجب القصر هو التمام في جميع الصور إلا مع إنشاء السفر.
لعمومات وجوب التمام على المقيم، و عدم تحقق المسافرة المستأنفة بعد قطع السفر الأول بالإقامة، فلا موضوع لأدلة التقصير أصلا، مضافا إلى ظهور الإجماع على وجوب التمام.
لأنّ المفروض في هذه الصورة أنّه قصد قطع المسافة و تحقق سائر شرائط التقصير فتشمله أدلة وجوب القصر قهرا، مضافا إلى أنّ الحكم اتفاقيّ، كما يظهر منهم. و قد تقدم أنّه يعتبر في التلفيق أن لا يكون الذهاب أقل من الأربعة، و المراد بالتلفيق هنا الذهاب و العود إلى وطنه و بلد آخر، لا العود إلى محل الإقامة، لفرض أنّه لا يعود إليها، لفرض البناء على عدم العود إلى محل الإقامة.
نسبه الشهيد إلى المتأخرين، و حكى اختيار العلامة له في كثير من كتبه، و حيث أنّه ليس في المسألة دليل خاص، فلا بد من تطبيقها على كليات قواعد صلاة المسافر. و لا بد أيضا من بيان الأقسام حتى لا يختلط الكلام.
القسم الأول: أن يكون إنشاء السفر من محل الإقامة بحسب المتعارف، بأن خرج عنها بقصد الإعراض و إنشاء السفر متوجها إلى هذه الجهة و كان الذهاب أربعة فراسخ أو أكثر، و لا إشكال في شمول أدلة التقصير له عند جميع من يقول بصحة التقصير في مورد التلفيق.
القسم الثاني: أن يكون أقلّ منها، فالتقصير حينئذ مبنيّ على أنّ هذا المقدار من المسافة التي تلغى و ترفع اليد عنها بالعود يصح أن يعد جزءا من المسافة المعتبرة في التقصير، كما هو مقتضى الجمود على إطلاقات أدلة المسافة، فلا بد من التقصير أيضا، لوجود المقتضي للقصر و فقد المانع عنه فتشمله أدلة القصر لا محالة.
القسم الثالث: أن نقول بعدم صدق المسافة على هذه المسافة التي تلغى و ترفع اليد عنها بالعود، لانصراف الأدلة عنها فلا وجه للتقصير في الذهاب،
لعدم كونه مسافة فينتفي موضوع القصر في الذهاب حتى يقصر، فيتعيّن التقصير من حين الشروع في الإياب، و يتعيّن الإتمام في الذهاب لعده حينئذ من حدود محل إقامته، و لكن الانصراف ممنوع، و صدق المسافرة عرفا مما لا إشكال فيه، إذ الأغراض و الدّواعي في المسافرة مختلفة جدّا، فلا وجه لتعيين الإتمام في الذهاب، و طريق الاحتياط واضح في هذه المسألة السيالة في جملة من الموارد، و كلام العلامة و غيره في المقام مضطرب، و الحكم ما ذكرناه، فلا يحتاج إلى التطويل، كما صنعه بعض.
نسب ذلك إلى جمع من متأخري المتأخرين، لإطلاقات أدلة وجوب التمام على المقيم، و استصحاب بقاء التمام عليه، و قد تقدم في المسألة الثامنة أنّ الخروج عن حدّ الترخص لا يضرّ بقصد الإقامة حدوثا و بقاء.
أما الاحتياط في الجميع فلاحتمال أن يكون الخروج عن محل الإقامة إلى الخارج عن حدّ الترخص مضرّا بها. و أما تخصيص الإياب و محل الإقامة فلاحتمال أن يعد إنشاء السفر من الإياب و ينطبق عليه السفر قهرا. ثمَّ إنّ المراد بقوله: (و لو بعد يومين ..) أي بعد يوم أو يومين من التوقف في محل الإقامة. و أما التوقف في غير محل الإقامة فيأتي في ذيل الصورة السابعة.
لإطلاق ما دل على التمام على المقيم، مضافا إلى الاستصحاب، و قد مرّ في مسألة عشرين عدم تبدل حكم الإقامة ما لم ينشئ سفرا جديدا، سواء تردد فيه أو بنى على العدم. ثمَّ إنّ منشأ الاحتياط هنا ما تقدم في الصورة الرابعة.
فهو لا ينافي إنشاء السفر، و يكفي في وجوب التمام حينئذ الأصل و الإطلاق، كما تقدم.
منشأ الاحتياط احتمال كون الخروج إلى ما دون المسافة مضرّ بالإقامة.
مقتضى الأصل و الإطلاق كفاية الإتمام إلا مع صدق إنشاء السفر عرفا. و في صدقه مع التردد و الذهول إشكال، بل منع. فإيجاب الاحتياط مشكل و إن كان لا ريب في حسنه. و لا فرق في ذلك بين أن يكون عدم العود لأجل قصد الإقامة في المقصد، أو كان بناؤه على الإقامة ثانيا في محل الإقامة، أو كان مترددا، و ذلك كله لعدم تحقق قصد المسافرة منه، و مع عدم تحقق هذا القصد كيف يحكم بالتقصير في جميع فروض هذه المسألة خصوصا في صورة الذهول التي لا يتمشى منه قصد المسافة، و كذا مع التردد أيضا، لأنّه ينافي القصد، فلا وجه لتفصيل الفروض بعد معلومية كليّ المسألة و انطباق الصغريات عليه قهرا.
لإطلاق دليل وجوب التمام على المقيم، و أصالة بقائه، و أصالة عدم ثبوت موجب التقصير.
و تقدم تفصيله في المسألة الثامنة من الفصل السابق، فراجع.
بعض أقسام البيتوتة لا يضرّ بقصد الإقامة، كما إذا خرج بعد مضيّ ساعتين من المغرب، و رجع قبل الفجر خصوصا في الليالي القصار، لما مرّ.
في بعض أقسام البيتوتة لا في كلها، كما عرفت آنفا.
(مسألة ۲٥): إذا بدا للمقيم السفر، ثمَّ بدا له العود إلى محل الإقامة و البقاء عشرة أيام، فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصر في الذهاب، و المقصد، و العود (۱00). و إن كان قبله فيقصر حال الخروج- بعد التجاوز عن حد الترخص- إلى حال العزم على العود و يتم عند العزم عليه (۱0۱)، و لا يجب عليه قضاء ما صلّى قصرا (۱0۲). و أما إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة، بقي على القصر حتّى في محل الإقامة، لأنّ المفروض الإعراض عنه. و كذا لو ردته الريح، أو رجع لقضاء حاجة، كما مرّ سابقا (۱0۳).
لتحقق المسافرة فتشمله أدلة التقصير قهرا. و كذا فيما بعد التجاوز عن حدّ الترخص، لأنّه مسافر شرعيّ.
لما تقدم في الشرط الثالث من اعتبار استمرار قصد المسافة، فلو عدل عنه قبل الأربعة أو تردد أتم.
لما تقدم في المسألة الرابعة و العشرين من الفصل السابق، فراجعها فإنّها متحدة مع المقام.
في المسألة التاسعة و الستين من الفصل السابق.
(مسألة ۲٦): لو دخل في الصلاة بنية القصر، ثمَّ بدا له الإقامة في أثنائها أتمّها و أجزأت (۱0٤). و لو نوى الإقامة و دخل في الصلاة بنية التمام، فبدا له السفر، فإن كان قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمّها قصرا و اجتزأ بها (۱0٥) و إن كان بعده بطلت و رجع إلى القصر، ما دام لم يخرج. و إن كان الأحوط إتمامها تماما، و إعادتها قصرا، و الجمع بين القصر و الإتمام ما لم يسافر، كما مرّ (۱0٦).
للإجماع، و إطلاق أدلة الإتمام على المقيم، و خصوص صحيح ابن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام: «عن الرجل يخرج في السفر، ثمَّ يبدو له في الإقامة، و هو في الصلاة. قال عليه السّلام: يتم إذا بدت له الإقامة»۳0 و نحوه غيره. و قد تقدم في المسألة الثالثة من فصل النية: أنّه لا يعتبر قصد القصر و التمام، بل كلما صح انطباق القصر عليه يكون قصرا، و كلما صح انطباق التمام عليه يكون تماما، و تقدم في المسألة الخامسة و العشرين من فصل الشك ما يرتبط بالمقام.
لتبدل الحكم بتبدل الموضوع، و صحة انطباق القصر عليها فيصح قصرا لا محالة إلا بناء على احتمال أنّ الدخول في الصلاة بنية التمام يكفي في البناء عليه، و تقدم ضعفه فراجع.
في المسألة الخامسة عشرة، و تقدم ما يتعلق بها، و لا وجه للتكرار.
(مسألة ۲۷): لا فرق في إيجاب الإقامة- لقطع حكم السفر و إتمام الصلاة- بين أن تكون محللة، أو محرّمة، كما إذا قصد الإقامة لغاية محرّمة- من قتل مؤمن أو سرقة ماله، أو نحو ذلك- كما إذا نهاه عنها والده، أو سيده، أو لم يرض بها زوجها (۱0۷).
كل ذلك لإطلاق الأدلة من غير ما يصلح للتقييد، مضافا إلى ظهور الاتفاق.
(مسألة ۲۸): إذا كان عليه صوم واجب معيّن غير رمضان كالنذر أو الاستئجار أو نحوهما، وجب عليه الإقامة مع الإمكان (۱0۸).
بلا إشكال فيه إن كان مرجع النذر إلى ترك السفر للصوم، أو كان مورد الاستئجار هكذا. و كذا إذا كان الحضور شرطا للصوم الواجب بوجوده المطلق الذي يجب تحصيله، فلا ريب في وجوب ترك السفر أيضا.
و أما إذا كان شرطا للوجوب أو للواجب بوجوده الاتفاقي فلا دليل على وجوب ترك السفر و تحصيل الحضور، و يأتي في كتاب الصوم أنّه شرط له بالنحوين الأخيرين. نعم، يمكن أن يقال: إنّ الظاهر من الصوم الاستئجاري المعين هو الحضور في الوقت المعين و الصيام فيه، و لكنه من جهة الأمر الإجاري لا من جهة أصل الصوم الواجب، و تقدم في المسألة التاسعة و الثلاثين من شرائط التقصير ما يرتبط بالمقام، و قد ذكرنا هناك خبر عبد اللّه بن جندب.
(مسألة ۲۹): إذا بقي من الوقت أربع ركعات و عليه الظهران، ففي جواز الإقامة إذا كان مسافرا، و عدمه من حيث استلزامه تفويت الظهر و صيرورتها قضاء إشكال (۱0۹) فالأحوط عدم نية الإقامة، مع عدم الضرورة، نعم، لو كان حاضرا، و كان الحال كذلك، لا يجب عليه السفر لإدراك الصلاتين في الوقت.
لأنّه لو لم يقصد الإقامة يقدر أن يأتي بالظهرين، و لو قصدها يصير الظهر قضاء، و لكن الظاهر أنّ المقام من تبديل موضوع التكليف لا تفويت الواجب المنجز من كل جهة، و مقتضى إطلاقات أدلة قصد الإقامة و عموماتها، و أصالة البراءة جوازه حتى في المقام. و كذا لا يجب السفر في الفرض الآتي، للأصل و إطلاق دليل اختصاص مقدار أربع ركعات من آخر الوقت بالعصر، هذا و لكن جواز التبديل لموضوع التكليف مطلقا أيضا محل إشكال، كشمول إطلاق أدلة قصد الإقامة للفرض فإنّه أيضا مشكل مع فعلية التكليف بالصلاتين، فيبقى الإشكال الذي ذكره (قدّس سرّه) بحاله، و فرق بينه و بين الفرض الآتي عرفا، لأنّ المقام من تفويت القدرة، و ما يأتي من قبل تحصيلها، و مقتضى الأصل عدم الوجوب، بل إطلاق دليل اختصاص الوقت بالعصر و وجوبه عليه فقط دون الظهر ينفي وجوب تحصيل القدرة للصلاتين.
(مسألة ۳۰): إذا نوى الإقامة ثمَّ عدل عنها، و شك في أنّ عدوله كان بعد الصلاة تماما حتى يبقى على التمام أم لا، بنى على عدمها فيرجع إلى القصر (۱۱0).
) لأنّ الشك في أصل إتيان الصلاة تماما، و مقتضى الأصل عدم الإتيان بها فيثبت موضوع القصر حينئذ لا محالة بعد تحقق العدول عن الإقامة وجدانا، فيكون المقام من الموضوعات المركبة بعض أجزائها بالوجدان و بعضها بالأصل.
(مسألة ۳۱): إذا علم بعد نية الإقامة بصلاة أربع ركعات و العدول عن الإقامة، و لكن شك في المتقدم منهما مع الجهل بتاريخهما، رجع إلى القصر مع البناء (۱۱۱) على صحة الصلاة، لأنّ الشرط في البقاء على التمام وقوع الصلاة تماما حال العزم على الإقامة، و هو مشكوك.
قد علل (قدّس سرّه) الرجوع إلى القصر بقوله: لأنّ الشرط في البقاء على التمام وقوع الصلاة تماما حال العزم على الإقامة، و هو مشكوك فإن كان المراد بذلك حال الالتفات إلى العزم تفصيلا فهو ينافي ما تقدم منه (قدّس سرّه) في المسألة السادسة عشرة من الاكتفاء بإتيان رباعية تامة و لو في حال الغفلة عن الإقامة.
و إن كان المراد الأعمّ من ذلك فهو من مجرد الدعوى، بل الظاهر أنّ التمام من آثار نفس قصد الإقامة أو العلم بها، و إتيان الصلاة تامة يؤثر في بقاء أثر ذلك القصد السابق إلى الزمان اللاحق، و مع الشك في بقائه و زواله يستصحب بقاؤه.
و الحاصل أنّه لا مجرى للأصل في نفس الصلاة و العدول، لكونها من موارد جريان الأصل في مجهولي التاريخ، و لا أثر للأصل فيهما اتفاقا إما لجريانه و سقوطه بالمعارضة، أو لعدم الجريان أصلا، لعدم إحراز اتصال زمان الشك باليقين، و هذا النزاع علميّ بينهم لا يترتب عليه ثمرة عملية. و مع عدم جريان الأصل فيهما تصل النوبة إلى الأصل الحكمي و الموضوعي، و الأول وجوب التمام و الثاني عدم حدوث موجب القصر فيجب التمام.
و أما الإشكال على قوله رحمه اللّه: رجع إلى القصر مع البناء على صحة الصلاة. بأنّه يوجب المخالفة القطعية، للعلم الإجمالي بالتكليف، لأنّه إن كان العدول بعد الصلاة تماما وجب عليه البقاء على التمام، و إن كان قبلها وجب إعادة ما مضى. فهو مخدوش: بأنّ صحة الصلاة إنّما هي لقاعدة الفراغ و القصر في الصلوات الآتية لما ذكره الماتن، و التفكيك في مفاد القواعد و الأصول لا بأس به، كما إذا شك بعد الفراغ من صلاة الظهر مثلا في أنّه تطهّر لها أم لا. فتصح الظهر لقاعدة الفراغ و تجب الطهارة للعصر، لقاعدة الاشتغال، فإنّه يعلم إجمالا إما ببطلان صلاة الظهر أو بعدم وجوب الطهارة للعصر.
(مسألة ۳۲): إذا صلّى تماما ثمَّ عدل، و لكن تبيّن بطلان صلاته، رجع إلى القصر، و كان كمن لم يصلّ (۱۱۲). نعم، إذا صلّى بنية التمام و بعد السّلام شك في أنّه سلّم على الأربع، أو على الاثنتين أو الثلاث، بنى على أنّه سلّم على الأربع و يكفيه في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعدها (۱۱۳).
لأنّ الصلاة الباطلة كالعدم، فيؤثر العدول أثره بلا مانع.
لعدم الاعتبار بالشك بعد الفراغ، و مقتضى ظاهر حالة الإتمام على ما قام إليها، و يمكن شمول إطلاق قول الصادق عليه السّلام له أيضا: «هي على ما افتتح الصلاة عليه»۳۱. و بعد تحقق الموضوع شرعا- و هو صلاة التمام- فيترتب الحكم قهرا، لكفاية البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعدها.
(فرع): إذا صلى المسافر قصرا ثمَّ قصد الإقامة و صلى أربع ركعات بتمام، ثمَّ علم إجمالا ببطلان إحدى صلاتية، ثمَّ عدل عن قصد الإقامة، فهل يجب عليه القصر أو التمام ما دام في ذلك المكان؟ وجهان: مقتضى أصالة عدم وجوب التمام عليه هو القصر. و كذا لو صلّى صلاة الصبح أو المغرب، ثمَّ صلّى رباعية بتمام ثمَّ علم إجمالا ببطلان إحدى الصلوات.
(مسألة ۳۳): إذا نوى الإقامة، ثمَّ عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة، و شك في أنّه هل صلّى في الوقت حال العزم على الإقامة، أم لا؟ بنى على أنّه صلّى، لكن في كفايته في البقاء على حكم التمام إشكال (۱۱٤). و إن كان لا يخلو من قوة خصوصا إذا بنينا على أنّ قاعدة الشك بعد الفراغ، أو بعد الوقت إنّما هي من باب الأمارات، لا الأصول العملية (۱۱٥).
أما البناء على أنّه صلّى، فلقوله عليه السّلام في صحيح زرارة و الفضيل: «و إن شككت بعد ما خرج وقت الفوت، و قد دخل حائل فلا إعادة عليك من شيء حتى تستيقن»۳۲. و أما الإشكال في الكفاية فلأجل أنّ المتفاهم من قوله عليه السّلام: «فلا إعادة عليك ..» هل هو الحكم بالوقوع بلحاظ تمام الآثار أو خصوص نفي القضاء فقط؟، و مقتضى ظهور الإطلاق و سهولة الشريعة و سماحتها هو الأول إلا مع القرينة على الخلاف، و نقول ذلك في جميع التنزيلات الشرعية مطلقا.
لا دليل على اعتبار مثبتات الأمارات مطلقا، بل يدور ذلك مدار الاستظهارات العرفية، و هي قد تقتضي الاعتبار و لو في مثبتات الأصول و قد لا يستفاد منها الاعتبار حتى في مثبتات الأمارات فنرجع إلى أصالة عدم الحجية و لو في مثبتات الأمارات، و إلا فمقتضى الأصل عدم الحجية في كل منهما، و قد فصّلنا القول في الأصول.
(مسألة ۳٤): إذا عدل عن الإقامة بعد الإتيان بالسلام الواجب، و قبل الإتيان بالسلام الأخير- الذي هو مستحب- فالظاهر كفايته في البقاء على حكم التمام و في تحقق الإقامة. و كذا لو كان عدوله قبل الإتيان بسجدتي السهو (۱۱٦)، إذا كانتا عليه، بل و كذا لو كان قبل الإتيان بقضاء الأجزاء المنسية، كالسجدة و التشهد المنسيين، بل و كذا لو كان قبل الإتيان بصلاة الاحتياط أو في أثنائها (۱۱۷) إذا شك في الركعات، و إن كان الأحوط فيه الجمع، بل و في الأجزاء المنسية.
لصدق أنّه صلّى فريضة بتمام، و لا ريب في أنّ ترك الجزء المستحب و سجدتي السهو لا يوجب الخلل في الصلاة و لو كان عن عمد.
المناط كله صدق أنّه صلّى صلاة فريضة، و هو في الجزء المنسي مشكل، و في صلاة الاحتياط أشكل، و مع الشك في الصدق لا يجوز التمسك به، لكونه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، و ذلك يوجب الشك أيضا في أنّ العدول يكون من العدول المؤثر أم لا، و مع الشك فيه، فالمرجع استصحاب وجوب التمام و عدم حدوث موجب القصر، و من ذلك يعلم وجه الاحتياط.
(مسألة ۳٥): إذا اعتقد أنّ رفقاءه قصدوا الإقامة فقصدها ثمَّ تبيّن أنّهم لم يقصدوا، فهل يبقى على التمام أم لا؟ فيه صورتان (۱۱۸): (إحداهما): أن يكون قصده مقيدا بقصدهم. (الثانية): أن يكون اعتقاده داعيا له إلى القصد من غير أن يكون مقيّدا بقصدهم، ففي الأولى يرجع إلى التقصير، و في الثانية يبقى على التمام، و الأحوط الجمع في الصورتين (۱۱۹). (الثالث): من القواطع التردد في البقاء و عدمه ثلاثين يوما (۱۲0) إذا كان بعد بلوغ المسافة (۱۲۱). و أما إذا كان قبل بلوغها، فحكمه التمام حين التردد لرجوعه إلى التردد في المسافرة و عدمها (۱۲۲)، ففي الصورة الأولى إذا بقي في مكان مترددا في البقاء، و الذهاب، أو في البقاء و العود إلى محله، يقصر إلى ثلاثين يوما (۱۲۳) ثمَّ بعده يتم ما دام في ذلك المكان (۱۲٤)، و يكون بمنزلة من نوى الإقامة عشرة أيّام (۱۲٥)، سواء أقام فيه قليلا أو كثيرا، حتّى إذا كان بمقدار صلاة واحدة (۱۲٦).
الذي يظهر من مجموع كلماته رحمه اللّه أنّ الصورتين ترجعان إلى صورة واحدة، لأنّ قوله (قدّس سرّه): «فقصدها» أي قصد الإقامة و قوله: «أن يكون قصده مقيدا بقصدهم» أي: قصده الإقامة. و حينئذ فتحقق قصد الإقامة منه في الجملة و تحقق العلم منه بها، و ذلك يكفي في تحقق قصد الإقامة بلا فرق بين أن يكون القصد مقيدا بقصدهم، أو يكون قصدهم داعيا لقصده. نعم، لو كان المراد بالصورة الأولى أن ينوي هكذا: بأنّي أقصد ما قصده رفقائي فلا يتحقق قصد الإقامة منه حينئذ، لأنّ المفروض أنّ رفقاءه لم يقصدوها، و لعل ذلك مراده من الصورة الأولى خصوصا على ما اختاره (قدّس سرّه) في المسألة الثالثة عشرة من كفاية القصد الإجمالي، فتكون الصورة الأولى من فروع تلك المسألة. فراجع.
للخروج عن مخالفة من اعتبر القصد التفصيلي و لم يكتف بالقصد الإجمالي. و لما مرّ من استظهار كفاية القصد الإجمالي. و أما ما عن بعض من لزوم البقاء على التمام و عدم التقييد في نظائر المقام، فمبنيّ على أنّه في اعتقاده بأنّ رفقاءه قصدوا الإقامة حصل له العلم بها و هو يجزي، كما مرّ فلا وجه بعد ذلك للتقييد. فهو مخدوش: بأنّ هذا العلم تارة مطلق من كل جهة، و أخرى يكون على نحو القضية التعليقية.
للإجماع و النصوص المستفيضة التي تأتي الإشارة إليها.
نصّا و إجماعا.
إن كان التردد في قصد الإقامة و عدمه، أو في العود إلى الوطن و عدمه. و أما إذا كان بانيا على أصل المسافرة في الجملة و تردد في بعض المنازل في البقاء أقل من عشرة أيام أو الذهاب، فليس ذلك من التردد في أصل المسافرة و عدمها، لما مرّ في المسألة الثانية و العشرين من أول فصل صلاة المسافر من كفاية قصد نوع السفر و لا يعتبر قصد شخصه، و يأتي في المسألة الثانية و الأربعين بعض الكلام.
لعمومات وجوب التقصير على المسافر و إطلاقاته، مضافا إلى ما يأتي من النصوص.
تدل على ذلك مضافا إلى الإجماع، نصوص مستفيضة، ففي صحيح أبي ولاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إن شئت فانو المقام عشرا و أتم، و إن لم تنو المقام عشرا فقصّر ما بينك و بين شهر، فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة»۳۳.
و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «و إن لم تدر ما مقامك بها، تقول غدا أخرج أو بعد غد، فقصّر ما بينك و بين أن يمضي شهر، فإذا تمَ لك شهر فأتم الصلاة، و إن أردت أن تخرج من ساعتك»۳4.
و في خبر أبي بصير: «و إن كنت تريد أن تقيم أقل من عشرة أيام فأفطر ما بينك و بين شهر، فإذا تمَّ الشهر فأتم الصلاة و الصيام»۳٥.
و في موثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام: «المقيم بمكة إلى شهر بمنزلتهم»۳٦، و إطلاقه يشمل حتى صورة الخروج إلى عرفات، و لكنه مخالف للإجماع. إلى غير ذلك من الأخبار.
و أما خبر حنان عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا دخلت البلدة، فقلت اليوم أخرج أو غدا فاستتمت عشرا فأتم»۳۷. فهو قاصر سندا و مهجور متنا، و يمكن أن يكون (شهرا) فحرف إلى (عشرا).
لذكر التردد ثلاثين يوما في سياق قصد الإقامة في أخبار الباب۳۸، و كلمات الأصحاب.
لموثق ابن أبي عمير عن أبي أيوب: «سأل محمد بن مسلم أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا أسمع: عن المسافر إن حدّث نفسه بإقامة عشرة أيام، فليتم الصلاة. فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر، فليعدّ ثلاثين يوما ثمَّ ليتم و إن كان أقام يوما، أو صلاة واحدة»۳۹.
(مسألة ۳٦): يلحق بالتردد (۱۲۷) ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد ثمَّ لم يخرج، و هكذا إلى أن مضى ثلاثون يوما، حتى إذا عزم على الإقامة تسعة أيّام- مثلا- ثمَّ بعدها عزم على إقامة تسعة أيّام أخرى، و هكذا فيقصر إلى ثلاثين يوما ثمَّ يتم و لو لم يبق إلا مقدار صلاة واحدة.
لإطلاق ما تقدم من صحيح أبي ولاد، فإنّ الحكم قد علق فيه على ما إذا لم ينو المقام عشرة أيام فبأيّ وجه لم يتحقق قصد المقام عشرة أيام و بقي ثلاثين يوما تشمله الأدلة، سواء كان قاصدا لمقام تسعة أيام أم عازما على الخروج
غدا أو بعد غد، أو مترددا فيه، فلا خصوصية للتردد من حيث هو، بل المناط كله عدم قصد الإقامة، فعلى هذا تشمل الأدلة تمام الصور في عرض واحد لا أن يكون بعضها ملحقا ببعض، و يقتضيه الارتكاز العرفي أيضا، لأنّ المسافر إذا أقام مدّة في محله يسلب عنه اسم المسافر في الجملة، سواء كان مترددا أم لا، فحدد الشارع صورة قصد الإقامة بعشرة أيام و غيرها بثلاثين يوما، و يظهر ذلك مما تقدم من خبر أبي بصير أيضا قال عليه السّلام: «و إن كنت تريد أن تقيم أقلّ من عشرة أيام فأفطر ما بينك و بين شهر، فإذا تمَّ الشهر فأتم الصلاة و الصيام»40.
و في صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «و إن أقمت تقول غدا أخرج أو بعد غد، و لم تجمع على عشرة فقصّر ما بينك و بين شهر، فإذا أتم الشهر فأتم الصلاة»4۱.
(مسألة ۳۷): في إلحاق الشهر الهلالي إذا كان ناقصا بثلاثين يوما إذا كان تردده في أول الشهر وجه لا يخلو عن قوة (۱۲۸) و إن كان الأحوط عدم الاكتفاء به (۱۲۹).
جمودا على لفظ (الشهر) الوارد في غالب الأخبار. و لكن فيه: أنّ الشهر مردد بين الأقل و الأكثر، و قوله عليه السّلام فيما مرّ من موثق ابن أبي عمير:
«فليعد ثلاثين يوما» مفصل يصلح للبيان و الشرح و رفع الإجمال عن الشهر، و معه لا وجه للتمسك بإطلاق الشهر، لأنّه حينئذ من التمسك بالمجمل مع وجود المبيّن، هذا مع أنّ في بعض الأخبار: «فإذا تمَّ لك شهر فأتم الصلاة»4۲.
و يمكن أن يكون المراد به كون الشهر تاما لا آخر الشهر مطلقا- تماما كان أو ناقصا- مع أنّ أخبار الباب في مقام التحديد. و التحديد بما هو مردد بين الأقل و الأكثر خلاف سياق التحديد مطلقا، مضافا إلى أنّ استصحاب وجوب القصر في المشكوك يقتضي تمام الثلاثين.
هذا كله إذا كان ابتداء التردد في أول الشهر. و أما إذا كان في الأثناء فظاهرهم الاتفاق على اعتبار العد بالثلاثين، و يقتضيه استصحاب وجوب القصر أيضا، و هو شاهد على اعتبار الثلاثين مطلقا.
هذا ليس من الاحتياط في شيء، بل الاحتياط في الجمع، كما لا يخفى.
(مسألة ۳۸): يكفي في الثلاثين التلفيق (۱۳0) إذا كان تردده في أثناء اليوم، كما مرّ في إقامة العشرة، و إن كان الأحوط عدم الاكتفاء و مراعاة الاحتياط.
لأنّ المتفاهم من الأدلة المقدار الخاص من الزمان المنطبق على الملفق و غيره، كما هو كذلك في نظائر المقام.
(مسألة ۳۹): لا فرق في مكان التردد بين أن يكون بلدا أو قرية أو مفازة (۱۳۱).
لإطلاق جملة من الروايات و الكلمات، و ذكر البلد أو المصر في بعضها من باب المثال لا التقييد، و يدل عليه ذكر التردد ثلاثين يوما في مقابل إقامة العشرة، و قد تقدم عدم اعتبار محل خاص فيها.
(مسألة ٤۰): يشترط اتحاد مكان التردد (۱۳۲)، فلو كان بعض الثلاثين في مكان و بعضه في مكان آخر لم يقطع حكم السفر، و كذا لو كان مشتغلا بالسير و هو متردد، فإنّه يبقى على القصر إذا قطع المسافة و لا يضر بوحدة المكان إذا خرج عن محل تردده إلى مكان آخر و لو ما دون المسافة بقصد العود إليه عما قريب، إذا كان بحيث يصدق عرفا أنّه كان مترددا في ذلك المكان بثلاثين يوما، كما إذا كان مترددا في النجف و خرج منه إلى الكوفة لزيارة مسلم، أو لصلاة ركعتين في مسجد الكوفة و العود إليه في ذلك اليوم أو في ليلته، بل أو بعد ذلك اليوم.
لأنّه الظاهر من الأدلة عرفا خصوصا بعد ذكر التردد في سياق قصد الإقامة في جملة من الأخبار، فيستفاد منه جريان جميع ما ثبت لقصد الإقامة من الأحكام على التردد أيضا إلا ما خرج بالدليل، فكما استظهرنا أنّ قصد الإقامة قاطع لموضوع السفر يكون التردد أيضا كذلك، ففي صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا دخلت بلدا و أنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم، و إن أردت المقام دون العشرة فقصر، و إن أقمت تقول غدا أو بعد غد و لم تجمع على عشرة فقصر ما بينك و بين شهر، فإذا تمَّ الشهر فأتم الصلاة- الحديث-»4۳، فإنّه عليه السّلام ساق قصد الإقامة و تمام الشهر مع التردد مساق شيء واحد فيكون حكمهما واحدا لا محالة. و من ذلك يظهر حكم باقي المسألة.
(مسألة ٤۱): حكم المتردد بعد الثلاثين كحكم المقيم (۱۳۳) في مسألة الخروج إلى ما دون المسافة مع قصد العود إليه في أنّه يتمّ ذهابا و في المقصد و الإياب، و محل التردد إذا كان قاصدا للعود إليه من حيث إنّه محل تردده، و في القصر بالخروج إذا أعرض عنه و كان العود إليه من حيث كونه منزلا له في سفره الجديد و غير ذلك من الصور التي ذكرناها.
لكون كل منهما قاطعا للسفر نصا و إجماعا، بلا فرق في ذلك بين كون القطع موضوعيا أو حكميا، فيجري على المتردد ثلاثين يوما جميع أحكام المقيم، إلا ما نص على الخلاف، و لا نص كذلك في البين.
(مسألة ٤۲): إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما أو أقلّ ثمَ سار إلى مكان آخر و تردد فيه كذلك، و هكذا بقي على القصر ما دام كذلك (۱۳٤) إلا إذا نوى الإقامة في مكان أو بقي مترددا ثلاثين يوما في مكان واحد.
لعمومات وجوب التقصير على المسافر، و إطلاقاته من دون مانع عنه في البين، و اعتبار وحدة المكان في محل التردد، كما في محل الإقامة.
و من ذلك يظهر حكم بعض أهل المنبر و الطبيب و البيطار و نحوهم الذين يدورون في السفر بين البلدان المتقاربة و لا يقيمون عشرة أيام في محل واحد، فإنّهم يقصرون، و لا يجري عليهم حكم المقيم و لا المتردد ثلاثين يوما و إن مرت عليهم شهور، إلا إذا صار ذلك عملهم فيتمون حينئذ من هذه الجهة.
(مسألة ٤۳): المتردد ثلاثين إذا أنشأ سفرا بقدر المسافة لا يقصر إلا بعد الخروج عن حدّ الترخص كالمقيم، كما عرفت سابقا (۱۳٥).
راجع المسألة الخامسة و الستين من مسائل حدّ الترخص. و اللّه تعالى هو العالم.
- سورة التوبة: ۲٥.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱0
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۷.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱4.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱.
- راجع الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ٥
- راجع الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۲ و تقدم بعض الروايات في صفحة: ۲۳۳.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۲ و تقدم بعض الروايات في صفحة: ۲۳۳.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۲ و تقدم بعض الروايات في صفحة: ۲۳۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱0.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۹
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۷
- تقدم في صفحة: ۲٥4.
- الوسائل باب: ۲0 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب النية حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦0 من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱4.
- راجع الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱ و غيره.
- راجع الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱ و غيره.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۷.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۷.
- تقدم في صفحة: ۲۷٥.