نسب ذلك إلى المشهور، بل ادعي عليه الإجماع، لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء إلّا المغرب ثلاث»۳۱.
و مثله ما تقدم في صحيح أبي بصير، و عنه (عليه السلام) أيضا في خبر الحناط: «لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة»۳۲.
فيدل على أنّ القصر في الفريضة كاشف عن سقوط النافلة.
و عن جمع من الفقهاء منهم الشهيد (قدّس سرّه) عدم السقوط لو لا الإجماع عليه لقول الرضا (عليه السلام) في خبر الفضل: «إنّما صارت العتمة مقصورة و ليست تترك ركعتاها، لأنّ الركعتين ليستا من الخمسين، و إنّما هي زيادة في الخمسين تطوّعا ليتم بهما بدل كلّ ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع»۳۳.
و يشهد له ما تقدم من صحيح ابن مسلم المقيد بقوله (عليه السلام): «نهارا»، و الرضوي على ما في المستدرك مضافا إلى قاعدة التسامح.
و ما يقال: من عدم جريانها للشك في أصل التشريع مدفوع: بأنّ جعل القاعدة إنّما هو في مورد الشك في التشريع، و أخبار من بلغ مثبتة فيما فيه رجاء الثواب، و ليس مما يصلح للسقوط إلّا دعوى الإجماع، و ما تقدم من مثل صحيح ابن سنان، و الأول اجتهادي، مضافا إلى كثرة المخالف. و الأخير ظاهر في النوافل المجعولة بالأصل لا ما زيد لأجل التتميم، فالأوجه عدم السقوط و الأحوط قصد الرجاء، بل يصح الإتيان بقصد الأمر أيضا لقولهم (عليهم السلام): «الصلاة خير موضوع فمن شاء استقلّ و من شاء استكثر»۳4.
فروع- (الأول): يستحب قضاء النوافل التي تسقط في السفر، لقول الصادق (عليه السلام) في موثق حنان: «كان أبي يقضي في السفر نوافل النهار بالليل و لا يتم صلاة فريضة»۳٥.
نعم، لا يتأكد ذلك، لخبر سيف التمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال له بعض أصحابنا: «إنّا كنا نقضي صلاة النهار إذا نزلنا بين المغرب و العشاء الآخرة، فقال: لا، اللّه أعلم بعباده حين رخص لهم، إنّما فرض اللّه على المسافر ركعتين لا قبلهما و لا بعدهما شيء إلّا صلاة الليل على بعيرك حيث توجّه بك»۳٦.
المحمول على نفي تأكد الاستحباب جمعا. و يمكن الحمل على مراتب الطاقة و عدمه، لخبر ابن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): «أقضي صلاة النهار بالليل في السفر؟ فقال: نعم، فقال له إسماعيل بن جابر: أقضي صلاة النهار بالليل في السفر؟ فقال: لا، فقال: إنّك قلت: نعم، فقال: إنّ ذلك يطيق و أنت لا تطيق»۳۷.
(الثاني): مقتضى عموم الأخبار سقوط نافلة الظهرين في أماكن التخيير و لو اختار التمام في الفريضة، لأنّ التبعية منها في هذه الجهة تحتاج إلى قرينة و هي مفقودة، و ما يمكن أن يستفاد منه التبعية بالنسبة إلى الفريضة في التمام و القصر إنّما هو التبعية في أصل التشريع الأولي لا الحالات العارضة و لو أريد الإتيان بها يأتي رجاء.
(الثالث): لو نذر نافلة الظهرين مطلقا يمكن القول بعدم السقوط لانصراف دليل السقوط عنه، و لو نذرها في خصوص السفر يكون حكمه حكم ما يأتي في نذر النافلة في الأوقات المكروهة.
(الرابع): هل يكون سقوط نافلة الظهرين في السفر عزيمة أو رخصة؟
مقتضى المرتكزات هو الثاني، إلا أن يدل دليل على الأول و هو مفقود، و طريق الاحتياط واضح.
(الخامس): لا تسقط نافلة الظهرين عن كلّ مسافر هو بحكم الحاضر، لظهور الإطلاق و الاتفاق.
(السادس): اتفق النص و الفتوى على أنّ صلاة الضحى بدعة، و هي عند غيرنا من الصلوات المندوبة، و الأصل فيها ما رواه ابن وهب قال: «لما كان يوم فتح مكة ضربت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) خيمة سوداء من شعر بالأبطح، ثمَّ أفاض عليه الماء من جفنة يرى فيها أثر العجين، ثمَّ تحرّى القبلة ضحى فركع ثماني ركعات لم يركعها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قبل ذلك و لا بعد»۳۸.
فجعل هذا الفعل المجمل منشأ لتشريع صلاة مستقلة اصطلح عليها بصلاة الضحى. و كيف تكون مشروعة مع تصريح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «و لا تصلّ الضحى، فإنّ الصلاة ضحى بدعة و كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار»۳۹.
و لو كانت مندوبة فأهل البيت أولى بإحياء سنة جدهم و اتباع طريقته، كيف و قد قال أبو جعفر (عليه السلام): «ما صلّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) الضحى قط»4۰.
فلعلّها كانت صلاة الشكر لما وفقه اللّه تعالى من الفتح المبين و الاستيلاء على المشركين، و لذا لم يفعلها (صلّى اللّه عليه و آله) قبل و لا بعد. نعم، لا بأس بإتيانها لا بعنوان التوظيف الشرعي، بل من باب أنّ الصلاة خير موضوع.