الحمد للّه ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على خير خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين.
و بعد، فإنّ الصلاة من أقدم العبادات في الشرائع الإلهية و أعظمها في جميع الأديان السماوية نزلت حين هبوط آدم (عليه السلام)، و ستبقى إلى انقراض العالم، بها وصل أبونا آدم إلى مقام الأصفياء، و الأنبياء و الأولياء إلى المقامات الخاصة، و هي أصل الإسلام و أساسه و قد حث سبحانه و تعالى بالمحافظة عليها بأساليب مختلفة منها قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ۱ و قد ذكرنا في التفسير في ضمن الآية الشريفة۲ أنّها من أعظم شؤون العبودية بل هي إسراء النفوس إلى الملكوت الأعلى و أنه بها تستقيم النفوس و تستعد للتطهير عن الرذائل. «لأنّ في الصلاة الإقرار بالربوبية و هو صلاح عام، لأنّ فيه خلع الأنداد، و القيام بين يدي الجبار»۳. و هي أوثق رابطة بين اللّه تعالى و بين عباده. و ما ذا يقال في فضلها بعد قول أبي عبد اللّه (عليه السلام): «حجة أفضل من الدنيا و ما فيها، و صلاة فريضة أفضل من ألف حجة»٤.
و قوله (عليه السلام) أيضا: «إذا قام المصلّي إلى الصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى الأرض و حفت به الملائكة، و ناداه ملك لو يعلم هذا المصلّي ما في الصلاة ما انفتل»٥.
و قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح أبان: «إنّ اللّه جلّ جلاله قال:
«ما يقرب إليّ عبد من عبادي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه، و إنّه ليتقرب إليّ بالنافلة حتّى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به، و لسانه الذي ينطق به، و يده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته و إن سألني أعطيته»٦.
إلى غير ذلك من الأخبار المأثورة.