بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين واللعنة على اعدائهم اجمعين الى يوم الدين.
الموضوع: خلاصة القول في البحث السابق انه إذا علم المكلف بأن إتيان المأمور به علة تامة منحصرة لثبوت الامر وثبوت ملاك الامر فتحقق القبول بجميع المراحل لا وجه له حينئذ
مع هذه القيود الكثيرة إتيان المأمور به علة تامة لثوبت الامر هذا غير ظاهر وثبوت ملاك الامر أيضا ولتحقق القبول ان الله تبارك وتعالى بجميع مراتب القبول لا وجه للأتيان بالمعمل لا بقصد العلم ولا بقصد الملاك لفرض سقوط الملاك ولكن من اين يحصل هذا العلم لأحد
وعلى هذا يصح لكل من انحصر الامر الرجوع الى القواعد الفقهية تسهيل على الامة، وازادوا على ذلك انه عبث بأمر المولى والصحيح ان الشرعية منزهة من اللعب والعبث وهذا الاشكال باطل من أصله وان اللعب والعبث على قسمين
أولا اللعب والعبث القصدي الاختياري
الثاني الانطباقي القهري
وان الأول مقطوع بانتفائه لفرض ان هذا الشخص يأتي بالعمل برجاء المطلوبية واتيان القربة من المولى فكيف يتحقق منه قصد العبث واللهو، والثاني الانطباقي أيضا منتفي لان المتشرعة لا يقولون لهو ولعب من يأتي برجاء المطلوبية والقربة
ومن مباحث مسألة صيغة الامر انها هل تدل على الفور او تدل على التراخي او لا تدل على شيء من هذا؟
المعروف بين الأصوليين والفقهاء من ان الصيغة احدى الدلالات المعتبرة لا تدل على الفور ولا تدل على التراخي وان مفاد الصيغة بالدلالة المطابقية انما هو للبعث والتحريك نحو المطلوب والفورية والتراخي من شؤون الانقسام لا من شؤون مدلول الصيغة الامرية لا تدل على الفور ولا على التراخي لا بالدلالة المطابقة ولا بالدلالة التضمنية ولا بالدلالة الالتزامية
فمدلول الصيغة مجردة عن هذه كلها وانما هو التحريك نحو المطلوب والبعث اليه نعم لا ريب ان الفورية في الامتثال حسن بحسب العقلاء واما التراخي مناسب للسهولة الشريعة المقدسة وسماحتها فيجوز ان نقول ان الفورية مرتكز ذهنا في كل امتثال والتراخي مناسب لسهولة الشريعة وسماحتها ولها قرائن خارجية تدل على ظاهر اللفظ
وخلاصة القول في البحثين ان كل واحد من البحثين من شؤون الامتثال ومن فروعه والامتثال متفرع عن مدلول صيغة الامر ولا يمكن ان يدل الامر على ما هو متأخر عن مدلوله طبعا
بحث اخر في التعبدي والتوصلي وقد أكمل الاصوليون والفقهاء (قدس اسرارهم) في هذا المبحث في فقههم واصولهم تعرضوا لهذا المبحث في الفقه في بحث نية الوضوء (الجواهر والحدائق الخ) والاصوليون أيضا تعرضوا لهذا المبحث واسموه بالبحث التعبدي والتوصلي
وتنقيح الكلام يحتاج الى بيان أمور
الامر الأول: في معنى التعبدي والتوصلي انهما من المفاهيم العرفية في كل مذهب وملة حقا كانت أولا لكل عابد بالنسبة لمعبوده، والتعبد يعبر عنه بالتقرب
الامر الثاني: ان تنقيح التعبدي والتوصلي لابد ان يكون تارة بحسب الأصول العملية وأخرى بحسب الأصول اللفظية اي الإشارات والعمومات وأخرى يكون بحسب الأدلة الخاصة وبحسب كلمات المحققين من الاصوليين
اما الأصل العملي فان هذا في كل واجب فرضنا انه تعبدي غير متقوم بقصد القربة مقتضى الأصل العملي البراءة عن هذا لان حيثية التعبدية حيثية زائدة وشرط زائد معتبر في هذا او غير معتبر في هذا المأمور فيه نرجع فيه الى البراءة العقلية والنقلية بعد الفحص عن الأدلة
واما الأصل اللفظي أي الاطلاق والعمومات مقتضاها عدم دخل شيء مأمور به الا إذا دل عليه دليل بالخصوص كأقيموا الصلاة واتوا الزكاة ولله على الناس حج البيت الخ
واما الاخبار الخاصة لابد ان نتعرض الى تلك الاخبار مفصلا ان شاء الله تعالى ونرى ان مفادها اعتماد القربة في كل واجب الا إذا خرج بالدليل او ان مفادها عدم اعتبار القربة الا ما خرج بالدليل.