يمكن إرجاع الأغسال المكانية إلى هذا أيضا، أي الدخول في المكان المخصوص.
و قد مر أنّها قسمان: القسم الأول: ما يكون مستحبا لأجل الفعل الذي يريد أن يفعله (۱)، و هي أغسال: (أحدها): للإحرام (۲) و عن بعض العلماء وجوبه (۳).(الثاني): للطواف (٤)، سواء كان طواف الحج، أو العمرة، أو طواف النساء، بل للطواف المندوب أيضا (٥). (الثالث): للوقوف بعرفات (٦). (الرابع): للوقوف بالمشعر (۷). (الخامس): للذبح و النحر (۸).(السادس): للحلق، و عن بعضهم استحبابه لرمي الجمار أيضا (۹). (السابع): لزيارة أحد المعصومين من قريب أو بعيد (۱۰). (الثامن): لرؤية أحد الأئمة عليهم السّلام في المنام (۱۱). كما نقل عن موسى بن جعفر عليه السّلام أنّه إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال أو يناجيهم فيراهم في المنام. (التاسع): لصلاة الحاجة بل لطلب الحاجة مطلقا (۱۲). (العاشر): لصلاة الاستخارة، بل الاستخارة مطلقا و لو من غير صلاة (۱۳). (الحادي عشر): لعمل الاستفتاح المعروف بعمل أم داود (۱٤).(الثاني عشر): لأخذ تربة قبر الحسين عليه السّلام (۱٥). (الثالث عشر): لإرادة السفر خصوصا لزيارة الحسين عليه السّلام (۱٦). (الرابع عشر): لصلاة الاستسقاء، بل له مطلقا (۱۷). (الخامس عشر): للتوبة من الكفر الأصلي أو الارتدادي، بل من الفسق، بل من الصغيرة أيضا على وجه (۱۸).(السادس عشر): للتظلم و الاشتكاء إلى اللّه من ظلم ظالم (۱۹)، ففي الحديث عن الصادق عليه السّلام ما مضمونه: «إذا ظلمك أحد فلا تدع عليه، فإنّ المظلوم قد يصير ظالما بالدعاء على من ظلمه، لكن اغتسل و صلّ ركعتين تحت السماء، ثمَّ قل: «اللهم إنّ فلانا ابن فلان ظلمني، و ليس لي أحد أصول به عليه غيرك فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة بالاسم الذي إذا سألك به المضطر أجبته، و كشفت ما به من ضر، و مكنت له في الأرض و جعلته خليفتك على خلقك، فأسألك أن تصلّي على محمد و آل محمد، و أن تستوفي ظلامتي الساعة الساعة. فسترى ما تحب». (السابع عشر): للأمن من الخوف من ظالم (۲۰)، فيغتسل و يصلّي ركعتين و يحسر عن ركبتيه و يجعلهما قريبا من مصلاه و يقول مائة مرة:«يا حيّ يا قيوم، يا حيّ لا إله إلّا أنت برحمتك أستغيث فصلّ على محمد و آل محمد و أغثني الساعة الساعة». ثمَّ يقول: «أسألك أن تصلّي على محمد و آل محمد و أن تلطف بي، و أن تغلب لي، و أن تمكر لي، و أن تخدع لي و أن تكفيني مئونة فلان ابن فلان بلا مئونة». و هذا دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم أحد. (الثامن عشر): لدفع النازلة (۲۱) يصوم الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر و عند الزوال من الأخير يغتسل. (التاسع عشر): للمباهلة مع من يدّعي باطلا (۲۲). (العشرون): لتحصيل النشاط للعبادة، أو لخصوص صلاة الليل، فعن فلاح السائل أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يغتسل في الليالي الباردة لأجل تحصيل النشاط لصلاة الليل. (الحادي و العشرون): لصلاة الشكر (۲۳). (الثاني و العشرون): لتغسيل الميت و لتكفينه (۲٤). (الثالث و العشرون): للحجامة على ما قيل (۲٥). و لكن قيل إنّه لا دليل عليه. و لعله مصحف الجمعة. (الرابع و العشرون): لإرادة العود إلى الجماع، لما نقل عن الرسالة الذهبية: أنّ الجماع بعد الجماع بدون الفصل يوجب جنون الولد. لكن يحتمل أن يكون المراد غسل الجنابة، بل هو الظاهر. (الخامس و العشرون): الغسل لكلّ عمل يتقرب به إلى اللّه،كما حكي عن ابن الجنيد و وجهه غير معلوم (۲٦)، و إن كان الإتيان به لا بقصد الورود لا بأس به. القسم الثاني: ما يكون مستحبا لأجل الفعل الذي فعله و هي أيضا أغسال: أحدها: غسل التوبة (۲۷) على ما ذكره بعضهم: من أنّه من جهة المعاصي التي ارتكبها، أو بناء على أنّه بعد الندم الذي هو حقيقة التوبة. لكن الظاهر أنّه من القسم الأول كما ذكر هناك. و هذا هو الظاهر من الأخبار و من كلمات العلماء، و يمكن أن يقال إنّه ذو جهتين، فمن حيث إنّه بعد المعاصي و بعد الندم يكون من القسم الثاني، و من حيث إنّ تمام التوبة بالاستغفار يكون من القسم الأول، و خبر مسعدة بن زياد في خصوص استماع الغناء في الكنيف، و قول الإمام عليه السّلام له في آخر الخبر: «قم فاغتسل فصلّ ما بدا لك» يمكن توجيهه بكلّ من الوجهين. و الأظهر أنّه لسرعة قبول التوبة أو لكمالها (۲۸). الثاني: الغسل لقتل الوزغ. و يحتمل أن يكون للشكر على توفيقه لقتله، حيث إنّه حيوان خبيث. و الأخبار في ذمه من الطرفين كثيرة، ففي النبوي: «اقتلوا الوزغ و لو في جوف الكعبة»، و في آخر: «من قتله فكأنّما قتل شيطانا» (۲۹). و يحتمل أن يكون لأجل حدوث قذارة من المباشرة لقتله. الثالث: غسل المولود (۳۰)، و عن الصدوق و ابن حمزةوجوبه (۳۱) لكنّه ضعيف. و وقته من حين الولادة حينا عرفيا (۳۲) فالتأخير إلى يومين أو ثلاثة لا يضر. و قد يقال: إلى سبعة أيام، و ربما قيل ببقائه إلى آخر العمر (۳۳). و الأولى على تقدير التأخير عن الحين العرفي الإتيان به برجاء المطلوبية. (الرابع): الغسل لرؤية المصلوب (۳٤). و ذكر أنّ استحبابه مشروط بأمرين:(أحدهما): أن يمشي لينظر متعمدا إليه (۳٥)، فلو اتفق نظره أو كان مجبورا لا يستحب. (الثاني): أن يكون بعد ثلاثة أيام (۳٦) إذا كان مصلوبا بحق، لا قبلها، بخلاف ما إذا كان مصلوبا بظلم (۳۷)، فإنّه يستحب معه مطلقا و لو كان في اليومين الأولين. لكن الدليل على الشرط الثاني غير معلوم، إلّا دعوى الانصراف، و هي محلّ منع. نعم، الشرط الأول ظاهر الخبر و هو: «من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة». و ظاهره أنّ من مشى إليه لغرض صحيح- كأداء الشهادة أو تحملها- لا يثبت في حقه الغسل (۳۸). (الخامس): غسل من فرط في صلاة الكسوفين مع احتراق القرص أي تركها عمدا، فإنّه يستحب أن يغتسل و يقضيها (۳۹) و حكم بعضهم بوجوبه (٤۰)، و الأقوى عدم الوجوب و إن كان الأحوط عدم تركه. و الظاهر أنّه مستحب نفسي بعد التفريط المذكور، و لكن يحتمل أن يكون لأجل القضاء، كما هو مذهب جماعة (٤۱)، فالأولى الإتيان به بقصد القربة لا بملاحظة غاية أو سبب، و إذا لم يكن الترك عن تفريط أو لم يكن القرص محترقا لا يكون مستحبا (٤۲)، و إن قيل باستحبابه مع التعمد مطلقا (٤۳)، و قيل باستحبابه مع احتراق القرص مطلقا (٤٤). (السادس): غسل المرأة إذا تطيّبت لغير زوجها، ففي الخبر: «أيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها لم تقبل منها صلاة حتّى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها» (٤٥). و احتمال كون المراد غسل الطيب من بدنها كما عن صاحب الحدائق بعيد، و لا داعي إليه. (السابع): غسل من شرب مسكرا فنام، ففي الحديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما مضمونه: ما من أحد نام على سكر إلّا و صار عروسا للشيطان إلى الفجر، فعليه أن يغتسل غسل الجنابة (٤٦). (الثامن): غسل من مس ميتا بعد غسله (٤۷).
(مسألة ۱): حكي عن المفيد استحباب الغسل لمن صب عليه ماء مظنون النجاسة، و لا وجه له (٤۸). و ربما يعد من الأغسال المسنونة غسل المجنون إذا أفاق، و دليله غير معلوم (٤۹) و ربما يقال: إنّه من جهة احتمال جنابته حال جنونه. لكن على هذا يكون من غسل الجنابة الاحتياطية. فلا وجه لعده منها كما لا وجه لعد إعادة الغسل لذوي الأعذار المغتسلين حال العذر غسلا ناقصا مثل الجبيرة، و كذا عد غسل من رأى الجنابة في الثوب المشترك احتياطا، فإنّ هذا ليس من الأغسال المسنونة (٥۰).
(مسألة ۲): وقت الأغسال المكانية كما مر سابقا قبل الدخول فيها أو بعده لإرادة البقاء على وجه (٥۱). و يكفي الغسل في أول اليوم ليومه، و في أول الليل لليلته (٥۲)، بل لا يخلو كفاية غسل الليل للنهار، و بالعكس من قوة (٥۳)، و إن كان دون الأول في الفضل. و كذا القسم الأول من الأغسال الفعلية، و وقتها قبل الفعل على الوجه المذكور (٥٤)، و أما القسم الثاني منها فوقتها بعد تحقق الفعل إلى آخر العمر (٥٥) و إن كان الظاهر اعتبار إتيانها فورا ففورا (٥٦).
(مسألة ۳): تنتقض الأغسال الفعلية من القسم الأول و المكانية بالحدث الأصغر من أيّ سبب كان، حتّى من النوم على الأقوى (٥۷).و يحتمل عدم انتقاضها بها مع استحباب إعادتها كما عليه بعضهم، لكن الظاهر ما ذكرنا.
(مسألة ٤): الأغسال المستحبة لا تكفي عن الوضوء (٥۸) فلو كان محدثا يجب أن يتوضأ للصلاة و نحوها قبلها أو بعدها و الأفضل قبلها، و يجوز إتيانها في أثنائها إذا جيء بها ترتيبيا.
(مسألة ٥): إذا كان عليه أغسال متعددة (٥۹) زمانية أو مكانية أو فعلية أو مختلفة يكفي غسل واحد من الجميع إذا نواها جميعا، بل لا يبعد كون التداخل قهريا. لكن يشترط في الكفاية القهرية أن يكون ما قصده معلوم المطلوبية لا ما كان يؤتى به بعنوان احتمال المطلوبية، لعدم معلومية كونه غسلا صحيحا حتّى يكون مجزيا عما هو معلوم المطلوبية.
(مسألة ٦): نقل عن جماعة- كالمفيد و المحقق و العلامة و الشهيد و المجلسي- استحباب الغسل نفسا (٦۰) و لو لم يكن هناك غاية مستحبة أو مكان أو زمان. و نظرهم في ذلك إلى مثل قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ، و قوله: «إن استطعت أن تكون بالليل و النهار على طهارة فافعل»، و قوله: «أيّ وضوء أطهر من الغسل؟»، «و أيّ وضوء أنقى من الغسل؟»، و مثل ما ورد من استحباب الغسل بماء الفرات (٦۱) من دون ذكر سبب أو غاية إلى غير ذلك. لكن إثبات المطلوب بمثلها مشكل.
(مسألة ۷): يقوم التيمم مقام الغسل في جميع ما ذكر عند عدم التمكن منه (٦۲).
(۱) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۲) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۱.
(۳) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.
(٤) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(٥) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.
(٦) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۱.
(۷) الوسائل باب: ٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
(۸) الوسائل باب: ۹ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ٤.
(۹) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۱۰) الوسائل باب: ۹٥ من أبواب المزار حديث: ٤.
(۱۱) مستدرك الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۱۲) الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۱۳) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.
(۱٤) البحار المجلد: ۹۸ صفحة: ۳۹۳ و في الطبعة الحجرية القديمة ج: ۲۰ صفحة ٤٤۳۳.
(۱٥) البحار المجلد: ۹۸ صفحة: ۳۹۳ و في الطبعة الحجرية القديمة ج: ۲۰ صفحة ٤٤۳۳.
(۱٦) مستدرك الوسائل باب: ٥٦ من أبواب المزار حديث: ۱.
(۱۷) الوسائل باب: ۷۷ من أبواب المزار حديث: ۱.
(۱۸) الوسائل باب: ۱۳ من أبواب آداب السفر حديث: ۲.
(۱۹) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.
(۲۰) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۲۱) مستدرك الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۲۲) مستدرك الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.
(۲۳) الوسائل باب: ۱٥ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث: ۱.
(۲٤) مستدرك الوسائل باب: ۲۷ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث: ۲.
(۲٥) الوسائل باب: ۲۸ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث: ۱۰.
(۲٦) راجع الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الصوم المندوب.
(۲۷) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳ و ۱۱.
(۲۸) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.
(۲۹) الوسائل باب: ٤۳ من أبواب الجنابة حديث: ۱ و ۱۱.
(۳۰) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۳۱) مستدرك الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۳۲) حياة الحيوان- الدميري- ج: ۲ ص: ٤۲۱، الطبعة الحديثة. و في النهاية لابن الأثير ج: ٥ صفحة ۱۸۱.
(۳۳) حياة الحيوان- الدميري- ج: ۲ ص: ٤۲۱، الطبعة الحديثة. و في النهاية لابن الأثير ج: ٥ صفحة ۱۸۱.
(۳٤) حياة الحيوان- الدميري- ج: ۲ ص: ٤۲۱، الطبعة الحديثة. و في النهاية لابن الأثير ج: ٥ صفحة ۱۸۱.
(۳٥) الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(۳٦) راجع الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الأغسال المسنونة.
(۳۷) راجع الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الأغسال المسنونة.
(۳۸) راجع الوسائل باب: ۲٤ و ٥٤ من أبواب أحكام الأولاد.
(۳۹) راجع الوسائل باب: ۲٤ و ٥٤ من أبواب أحكام الأولاد.
(٤۰) الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.
(٤۱) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.
(٤۲) الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(٤۳) الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.
(٤٤) مستدرك الوسائل باب: ۳٥ من أبواب الجنابة حديث: ۱۲.
(٤٥) الوسائل باب: ۳ من أبواب غسل المسّ حديث: ۳.
(٤٦) الوسائل باب: ۲ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
(٤۷) الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف- كتاب الحج- حديث: ۷.
(٤۸) الوسائل باب: ۹ من أبواب الإحرام حديث: ۱ و ٦.
(٤۹) الوسائل باب: ۹ من أبواب الإحرام حديث: ٦.
(٥۰) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الإحرام حديث: ۱.
(٥۱) الوسائل باب: ۳ من أبواب زيارة البيت حديث: ۲.
(٥۲) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الإحرام حديث: ۳.
(٥۳) الوسائل باب: ٤٤ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲۲.