السجود: من المفاهيم المبينة العرفية عند كلّ مذهب و ملة و هو:
الانكباب على الأرض في الجملة بقصد التعظيم و الظاهر أنّ ترتب التعظيم و التخضع انطباقي قهري و ليس مقوّما بالقصد، فيكفي قصد نفس السجود و إن لم يقصد التعظيم، فيترتب عليه التعظيم قهرا. نعم، لا إشكال في أنّ قصد الخلاف مانع عن تحققه، و الظاهر عدم اعتبار الوضع على الأرض أو ما أنبتته في مفهومه العرفي، بل قد يشكل في اعتبار خصوص وضع الجبهة فيه أيضا، فيكفي وضع الخد أيضا، لصدق المعنى اللغوي بالنسبة إليه، لأنّ السجود في اللغة الميل و الخضوع، و التطامن، و التذلل و كلّ شيء ذل فقد سجد، و منه سجد البعير إذا خفض رأسه عند الركوب عليه، فيكون وضع الجبهة إذا سجد من إحدى مصاديق ذلك.
و تظهر الثمرة فيما لم يرد فيه تحديد شرعي كسجدة التلاوة- مثلا- فمقتضى الأصل حينئذ عدم اعتبار كلّ قيد مشكوك في الشبهة الوجوبية المفهومية و اعتبار كلّ قيد مشكوك في الشبهة المفهومية التحريمية، و كذا في الشبهة المصداقية فيهما مع إجمال المفهوم، و أما مع كونه مبينا في الشبهة الوجوبية، فالمرجع هو الاحتياط هذا.
و لكن قد استشكل على الرجوع إلى البراءة في الشبهة المفهومية بأنّه موجب للمخالفة القطعية فيما إذا كانا مورد الابتلاء، كما إذا أراد أن يسجد للتلاوة، و لإحدى المشاهد المقدسة- بناء على حرمة الثانية- فوضع خده على الأرض
للتلاوة و على عتبة بعض المشاهد للتعظيم، فيعلم إجمالا بأنّه إن كان وضع الخد مجزيا في السجود فقد فعل حراما في الثاني و إن لم يجز فقد خالف التكليف في الأول و كذا في باقي القيود المشكوكة.
إلا أن يقال: إنّه ليس بناء المتعارف في العلم الإجمالي المنجز لديهم ملاحظة مثل هاتين الواقعتين معا، بل يلحظ كلّ منهما مستقلا مع قطع النظر عن الآخر، و لكن يمكن أن يقال: إنّ المنساق العرفي من سجود الإنسان خصوصا في الصلاة إنّما هو وضع الجبهة فقط، فلا يحتمل من هذا الاستعمال الخاص غيره إلا بقرينة.