لجملة من النصوص:
منها: قول أبي عبد اللّه عليه السلام: «مفتاح الصلاة التكبير»۱.
و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «افتتاح الوضوء و تحريمها التكبير، و تحليلها التسليم»۲.
و تأتي نصوص أخرى دالة على ذلك.
لجملة من النصوص:
منها: قول أبي عبد اللّه عليه السلام: «مفتاح الصلاة التكبير»۱.
و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «افتتاح الوضوء و تحريمها التكبير، و تحليلها التسليم»۲.
و تأتي نصوص أخرى دالة على ذلك.
لإجماع الإمامية و ظواهر النصوص الآتية، و الظاهر عدم الفرق بين كون النية جزءا أو شرطا، لأنّ المراد بجزئية مثل التكبيرة الجزئية الخارجية لا الأعم منها و من القلبية. و ما قيل من أنّ أول أجزاء الصلاة القيام. مردود: لأنّ القيام إنّما يجب في الصلاة، و لا صلاة إلا بتكبيرة الإحرام. نعم، هو من شروط صحة تكبيرة الإحرام، كما يأتي في [مسألة ٤].
إن قلت: إنّ حرمة المنافيات في الصلاة إنّما تحصل بعد تمام التكبير و مع كونها جزءا فإطلاق أدلة حرمة المنافيات يشملها أيضا فتحرم المنافيات حين التكبيرة مع أنّها تحصل بها.
قلت: قد أجيب عنه بوجوه لعلّ أحسنها أنّ الحرمة غيرية وضعية بمعنى
البطلان، و لا ريب في أنّ تخلل المنافيات بين أجزاء التكبيرة يوجب بطلانها، كما لا ريب في أنّ شمول إطلاق أدلة المنافيات للتكبيرة أيضا مع أنّه بها تحرم المنافيات ليس بالدلالة اللفظية، بل بالملازمة العرفية بعد فرض الجزئية للتكبيرة.
ثمَّ إنّ المحرمات التي تحرم بتكبيرة الإحرام جميعها محرّمات غيرية تحرم لأجل كونها موجبة لبطلان الصلاة. نعم، بعضها تكون محرمة نفسية مع قطع النظر عن الصلاة كالغصب و لبس الحرير و الذهب للرجال، و هذا بخلاف محرمات الإحرام فإنّها محرمات نفسية في حال الإحرام، بمعنى أنّ ارتكاب بعضها أو جميعها لا يوجب بطلان الإحرام.
لما دل على أنّ مفتاح الصلاة التكبيرة، و أن تحريمها التكبيرة و تحليلها التسليم۳، مضافا إلى ظهور الإجماع.
لأنّ عمدة الدليل على حرمة قطع الصلاة إنّما هو الإجماع، و الظاهر عدم شموله للتكبيرة، لعدم الدخول في الصلاة إلا بتمامها، و لا ينافي ذلك بطلانها بتخلل المنافيات بين أجزائها، لما تقدم من أنّها محرمات غيرية بمعنى المانعية، و لا ملازمة بين المانعية و عدم الجواز، فإنّ إحداث الحدث في أثناء الوضوء مانع عن صحته مع أنّه يجوز بلا إشكال.
نصّا و إجماعا، ففي صحيح زرارة: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح، قال عليه السلام: يعيد»4.
و صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام: «في الذي يذكر أنّه لم
يكبّر في أول صلاته، فقال عليه السلام: إذا استيقن أنّه لم يكبّر فليعد، و لكن كيف يستيقن»٥.
و في موثق عمار في رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة، قال عليه السلام: «يعيد الصلاة و لا صلاة بغير افتتاح»٦. و بإزاء هذه الأخبار جملة من الروايات تدل على أنّ الناسي لا تجب عليه الإعادة، كصحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «سألته عن رجل نسي أن يكبّر حتّى دخل في الصلاة فقال عليه السلام: أ ليس كان من نيته أن يكبّر؟ قلت: نعم، قال عليه السلام:
فليمض في صلاته»۷.
و صحيح البزنطي عن الرضا عليه السلام قلت له: «رجل نسي أن يكبّر تكبيرة الافتتاح حتّى كبّر للركوع، فقال عليه السلام: أجزأه»۸.
و قريب منهما غيرهما. و لكن أسقطها عن الاعتبار مخالفتها للإجماع المحقق، و موافقتها، للتقية عن بعض فقهاء العامة، و إمكان حملها على بعض التكبيرات السبعة الافتتاحية، أو على صورة الشك بعد تجاوز المحلّ.
لظهور الإجماع و عدم الخلاف فيه، و استدل أيضا بوجوه:
أولا: بأنّ الركن ما تكون نقيصته و زيادته مطلقا توجب البطلان. (و فيه):
أنّه بالنسبة إلى النقيصة مسلّم، و بالنسبة إلى الزيادة عين المدعى.
و ثانيا: بما دل من الأخبار على قدح الزيادة، كقوله عليه السلام: «من زاد في صلاته فعليه الإعادة»۹.
(و فيه): أنّها لا تختص بالأركان و محكومة بحديث «لا تعاد»۱۰، مع أنّها مفسرة في بعض الأخبار بزيادة الركعة.
و ثالثا: بأنّها منهيّ عنها، و كلّ فعل منهيّ عنه في الصلاة يوجب البطلان.
(و فيه): أنّه بالنسبة إلى الصغرى عين المدعى، و بالنسبة إلى الكبرى لا كلية فيها.
و رابعا: بأنّ الزيادة قاطعة للهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة. (و فيه):
أنّ مقتضى الأصل بقاؤها إلا أن يدل دليل على زوالها.
و خامسا: بقاعدة الاشتغال بعد إجمال العبادات. (و فيه): أنّه قد ثبت عقلا و نقلا أنّ المرجع في الشك في الشرطية و المانعية أصالة البراءة و أصالة الإطلاق بعد وروده في مقام البيان، سواء قيل بالوضع للصحيح أو للأعم.
و سادسا: بأنّ الزيادة تشريع فتبطل الصلاة من هذه الجهة. (و فيه): أنّ مطلق الزيادة أعمّ من التشريع قطعا، مع أنّه لا وجه للتشريع في الزيادة السهوية.
و سابعا: بما ورد في النّهي عن قراءة العزيمة۱۱ في الصلاة من أنّ السجود زيادة في الفريضة. فيستفاد منه أنّ كلّ زيادة توجب البطلان إلا ما خرج بالدليل.
(و فيه) أولا: أنّ الزيادة المبطلة ما كانت بقصد الجزئية، و سجود العزيمة لا يقع بقصد الجزئية فلا بد من حمله على المجاز و العناية.
و ثانيا: بأنّه لا يشمل السهو، كما يأتي في فصل القراءة. فلا دليل لهم على أنّ الزيادة السهوية في الركن توجب البطلان إلا دعوى الإجماع، و في الاعتماد عليه- مع تأمل جمع من الفقهاء فيه، و مخالفته لسهولة الشريعة و العمومات الدالة على اغتفار الخلل السهوي إلا ما خرج بالدليل- مشكل. نعم، الزيادة العمدية توجب البطلان مطلقا، سواء كان في الركن أم في غيره على ما يأتي في (فصل الخلل) إن شاء اللّه تعالى.
أما مع العمد فلأنّها زيادة عمدية و هي موجبة للبطلان مطلقا، كما يأتي في فصل الخلل. و أما مع السهو فعلى المشهور من أنّ الركن ما كانت زيادته و لو سهوا موجبة للبطلان، و ما كان باطلا في نفسه و يوجب بطلان الصلاة لا يمكن انعقاد عين هذه الصلاة به ثانيا.
لأنّ كلّ شفع زيادة و كلّ زيادة توجب البطلان. فكلّ شفع يوجب البطلان، هذا إذا لم ينو الخروج عن الصلاة قبل الثانية، و إلا فتصح و تنعقد بها الصلاة بناء على كفاية نية الخروج عن الصلاة في بطلانها و لو تكلّم عمدا أو استدبر بعد الأولى فتصح الثانية و تنعقد بها الصلاة قطعا.
لقوله تعالى يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً.
و لما تقدم في خبر هارون بن خارجة من قول أبي عبد اللّه عليه السلام:
«و قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ خوفا .. و قوم عبدوا اللّه تبارك و تعالى طلب الثواب».
منشأ البطلان احتمال صدق زيادة التكبيرة فيها فيشملها ما تقدم من الأدلة الدالة على البطلان بزيادة التكبيرة، مع أنّ التكبيرة لصلاة أخرى مستلزم غالبا لنية قطع الأولى فتبطل من هذه الجهة أيضا.
و يرد الأول: بأنّ الزيادة المبطلة يعتبر فيها قصد الجزئية و المفروض أنّه لم يقصد بها الجزئية للأولى، بل قصد بها صلاة أخرى.
و يرد الثاني: بأنّه لا ربط له بالبطلان بزيادة التكبيرة و هو أمر آخر مع إمكان فرض المسألة في مورد الغفلة عن الصلاة الأولى فلا موجب لبطلانها، بل مقتضى استصحاب الصحة صحتها، و قد قوّى بعض مشايخنا الصحة و إن كان الاحتياط حسنا على كلّ حال.
إجماعا من المسلمين، بل ضرورة من الدّين، مع أنّ الإطلاقات المشتملة على التكبير ظاهرة عرفا في لفظ «اللّه أكبر»، كظهور التهليل في «لا
إله إلّا اللّه»، و قد ذكر لفظ «اللّه أكبر» لتكبيرة الإحرام في صحيح حماد۱۲، و في المرسل: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتم الناس صلاة و أوجزهم، كان إذا دخل في صلاته قال: اللّه أكبر»۱۳. فلا وجه للرجوع إلى البراءة في القيود المشكوكة فيها شرطا كانت أو مانعا مع أنّ المقام ليس من موارد الرجوع إلى البراءة، لأنّ عنوان المأمور به هو تكبيرة الافتتاح و تكبيرة الإحرام و هو معلوم بحسب العنوان، و الشك إنّما هو في فراغ الذمة و نعلم بحصول الفراغ بلفظ «اللّه أكبر» و نشك في تفريغ الذمة بغيره فيجب الاحتياط، مضافا إلى أصالة عدم الدخول في الصلاة و عدم تحريم المنافيات بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات، لكفاية غير هذه الصورة، لظهورها فيها، كما مر.
كلّ ذلك للإجماع، و لأصالة الاشتغال، و عدم حرمة المنافيات و عدم الدخول بالصلاة بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات، لما مرّ.
البحث في هذه المسألة تارة بحسب الأدلة اللفظية، و أخرى بحسب الأصل العملي، و ثالثة بحسب القواعد العربية.
أما الأول: فمقتضى الجمود عليها هو الإتيان بالهمزة و عدم حذفها مطلقا فلا يجوز التسبب إلى حذفها بالوصل، و تقتضيه سيرة المصلّين خلفا عن سلف.
و أما الثاني: فالمسألة من صغريات التعيين و التخيير، و المشهور فيه هو الأول. و لكن يمكن المناقشة فيما ذكر بأنّ مقتضى الجمود على الأدلة هو الإتيان بالهمزة ما لم يوصل، و أما معه فتتبع القواعد العربية، كما أنّ السيرة على عدم الوصل لا تدل على عدم السقوط في الوصل، و ذهاب المشهور إلى التعيين لا يكون دليلا ما لم يستند إلى قاعدة معتبرة، مع أنّ في ثبوت الشهرة أيضا كلاما.
و أما مقتضى القواعد العربية فنسب إلى المشهور بين النحاة أنّ همزة لفظ الجلالة همزة وصل، و المشهور بينهم أيضا أنّ همزة الوصل تسقط في الدرج و حيث إنّهم أهل خبرة في هذه الأمور يتبع قولهم فيها، و يأتي في [مسألة ۳۸] من فصل القراءة ما ينفع المقام.
إن قيل: بأنّ قول النحاة يدل على أنّ كلّ همزة وصل تسقط في الدرج، و أما أنّ في كلّ مورد كانت فيه همزة الوصل يجوز فيه الوصل فلا يستفاد ذلك من قولهم. يقال: مقتضى الأصل و إطلاق كلماتهم جوازه، مع أنّ مقتضى الإطلاقات الدالة على وجوب التكبير جواز الوصل، لظهورها في الإتيان بالتكبير على النهج العربي الصحيح، و إسقاط الهمزة في الوصل من العربي الصحيح، و ما ورد في صحيح حماد و المرسل بلفظ «اللّه أكبر» مع إثبات الهمزة إنّما هو في ظرف عدم الوصل لا بقيد عدم الوصل.
لأصالة البراءة عن مانعية الوصل، و لكن الأحوط عدم الوصل جمودا على الطريقة المعهودة، و خروجا عن خلاف من أوجب ذلك.
و يجب الحذف حينئذ، لما يأتي في [مسألة ۳۸] من (فصل القراءة).
إن لم يستلزم ذلك سقوط شيء عن التكبيرة فتجري أصالة عدم المانعية بلا محذور، و احتمال لزوم سكون الراء من «اللّه أكبر» حتّى يكون المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير أيضا ليس من الاحتمالات المعتنى بها حتّى يقال فيه بالتعيين لشيوع الوصل في القراءة و الأذكار و تحريك الساكن حين الوصل، مع أنّ تلك المسألة أيضا محلّ بحث، كما مر. نعم، يصلح ذلك للاحتياط.
بناء على عدم جواز الوصل بالسكون، و يأتي التفصيل في [مسألة۳۹] من (فصل القراءة).
تحفظا على المتيقن مهما أمكن، و لاحتمال كون المقام أيضا من دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و قد نسب إلى المشهور لزوم الأول، و لا ريب في أنّه يصلح للاحتياط.
لئلا يصير غلطا فيوجب البطلان، كما يأتي في القراءة و سائر الأذكار.
لاعتبارها بين أجزاء اللفظ، و بين المبتدإ و الخبر في المحاورات فيجب مراعاتها في المقام أيضا، لأنّها من الشؤون المحاورية العرفية في كلّ لفظ.
للإجماع على أنّ صورتها «اللّه أكبر» فيكون زيادة لفظ «تعالى» تغييرات للصورة فيوجب البطلان، و لو أتى بلفظ «تعالى» بقصد القرآنية فالظاهر الصحة لما يأتي من جواز قراءة القرآن في الصلاة مطلقا.
منشأ الإشكال أنّ صورة «اللّه أكبر» قد تمت و أتي بها موافقة للوظيفة الشرعية، و الزائد إنّما هو شيء خارج من متعلقات التكبير فلا بد من الصحة حينئذ، و من أنّ ذلك كلّه خلاف السيرة و خلاف المعهود من الشريعة، مع دعوى بعض شمول معقد الإجماع الدال على البطلان بتغيير الصورة لهذا القسم أيضا، فلا وجه لتقوية الصحة و لا يترك الاحتياط المذكور.
لأنّ كلا منهما تغيير للصورة، و لا تصح التكبيرة معه إجماعا. إن قلت: إنّ الإشباع شائع متعارف في العربية الفصحى، و صورة التكبيرة منزلة عليها أيضا. (قلت): للإشباع مراتب ليس جميع مراتبه موافقة للعربية الفصيحة. نعم، لا بأس ببعض مراتبه في الجملة، مع أنّه لم يعهد الإشباع فيها حتّى ببعض مراتبه.
لأصالة البراءة عن وجوب ما ذكره علماء التجويد. نعم، لا ريب في أنّها من المحسنات التي ينبغي مراعاتها، و يأتي في [مسألة ٥۳] من (فصل القراءة) ما ينفع المقام فراجع، و منه يظهر وجه الاحتياط.
لأنّ التكبيرة جزء من الصلاة و يجب فيها القيام مع التمكن منه نصّا و إجماعا في جميع أجزائها التي منها التكبيرة ما عدا الركوع و السجود، و تأتي النصوص الدالة على اعتبار القيام في الصلاة في الفصل اللاحق إن شاء اللّه تعالى، كما يأتي عين هذا الفرع في [مسألة ۱] من الفصل الآتي، فلا وجه للتكرار.
لأنّ هذا قيام صلاتي، و كلّ قيام صلاتي يعتبر فيه الاستقرار نصّا و إجماعا. و يأتي في [مسألة ۸] من الفصل اللاحق بعض الكلام في ما يعتبر في القيام.
للإجماع، و لأنّه لا وجه للوجوب الشرطي لشيء إلا أنّ تركه العمدي يوجب البطلان، و إلا فلا معنى لوجوبه الغيري الشرطي. و لا ينقض بعدم بطلان إحرام الحج و العمرة بإتيان تروك الإحرام و لو عمدا، لأنّ تروك الإحرام محرمات نفسية في حال الإحرام لا أن تكون غيرية، كما يأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى،
و لقول أبي عبد اللّه عليه السلام في موثق عمار: «و كذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتّى افتتح الصلاة و هو قاعد، فعليه أن يقطع صلاته و يقوم فيفتتح الصلاة و هو قائم، و لا يعتد بافتتاحه و هو قاعد»۱4.
فيخصص به حديث «لا تعاد»۱٥، هذا في ترك القيام عمدا و سهوا.
و أما الترك السهوي للاستقرار، فمقتضى حديث «لا تعاد»۱٦ عدم بطلان الصلاة به، و لذا أفتى الماتن (قدس سره) بالصحة في الفصل اللاحق في [مسألة ٤] و لكن عن جمع من الفقهاء منهم الشهيد (قدس سره) البطلان بتركه السهوي أيضا، و يمكن توجيهه بأنّه ليس مطلق القيام ركنا، بل القيام الخاص الذي اعتبره الشارع و هو ما كان مع الاستقرار و الانتصاب فتركهما سهوا ترك لأصل القيام، و هذا و إن كان موافقا للاعتبار، و لكن يشكل إقامة الدليل عليه من الأخبار، فلا يترك الاحتياط بالإتمام و الإعادة.
لأنّ التكبيرة و سائر الأذكار و الأقوال الصلاتية من مقولة الكيف المسموع، فلا بد من تحقق سماع فيها في الجملة، و أدناه أن يسمع نفسه فلا يكفي مجرد النية التي هي من مقولة الكيف النفساني، و لا مجرد حركة اللسان و الشفة التي هي من مقولة الفعل، و في صحيح حماد الوارد في تعليم الصادق عليه السلام الصلاة لحماد: «فقال: اللّه أكبر، ثمَّ قرأ الحمد»۱۷.
و في المرسل الحاكي لصلاة النبي صلّى اللّه عليه و آله: «قال: اللّه
أكبر»۱۸، و لا يصدق القول على مجرد الخطور القلبي، و لا على تحريك اللسان و الشفة من دون السماع في الجملة، و عن أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «لا يكتب من القراءة و الدعاء إلا ما أسمع نفسه»۱۹.
و في موثق سماعة: «سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها قال عليه السلام: المخافتة ما دون سمعك، و الجهر أن ترفع صوتك شديدا»۲۰.
و قوله عليه السلام: «ما دون سمعك» الدون نقيض الفوق خصوصا بقرينة قوله عليه السلام: «و الجهر أن ترفع صوتك شديدا»، فيكون المراد بالدون دون الشدة و أقلّه سماع النفس. و أما صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السلام: «عن الرجل هل يصلح له أن يقرأ في صلاته، و يحرك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال عليه السلام: لا بأس أن لا يحرك لسانه يتوهم توهما»۲۱.
فلا بد من رده إلى أهله لمخالفته للضرورة و يمكن حمله على بعض مراتب الاضطرار. و أما صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «سألته هل يقرأ الرجل في صلاته و ثوبه على فيه؟ قال عليه السلام: لا بأس بذلك إذا سمع أذنيه الهمهمة»۲۲.
فإن كان المراد بها الصوت الخفيّ فلا ينافي ما ذكرناه، و إن كان المراد بها ما لا يفهم أصلا، فلا بد من رده إلى أهله أيضا، لمخالفته للإجماع لو لم يكن للضرورة.
للإجماع و حكم الفطرة، و هذا الوجوب غيريّ فطريّ عقليّ، لحكم العقل بتوقف إتيان المأمور به على العلم به.
فروع- (الأول): لو تردد ما يعلمه بين الصحيح و غيره، فإن قلنا بجواز الامتثال الإجمالي مع التمكن من التفصيلي، كما هو الحق بتكرر الصلاة لا شيء عليه و إن لم نقل به وجب عليه التعليم أيضا.
(الثاني): يجزي تلقين الغير له، للأصل و الإطلاق، و إن كان الأحوط خلافه مع التمكن من التعليم، و يأتي بعد ذلك ما ينفع المقام.
(الثالث): وجوب التعليم طريقي للإتيان به صحيحا، فلو تعلّم و كان غلطا لا يسقط وجوب التعليم، كما أنّه لو أتى به صحيحا و لو من باب الاتفاق لا وجه لوجوبه.
(الرابع): لو اعتقد أنّ ما يأتي به من التكبيرة غلط، و كانت صحيحة في الواقع تصح صلاته إن حصل منه قصد القربة، و لو اعتقد أنّ ما يأتي به منها صحيح و كانت في الواقع غلطا تبطل صلاته و لو حصل منه قصد القربة
أي لا تصح صلاته لو دخل فيها قبله، و ليس المراد بعدم الجواز هنا الحرمة التكليفية، مضافا إلى ترك الصلاة، و لذا لو دخل فيها قبل التعلم و اتفقت الصحة و المطابقة مع الواقع مع تحقق قصد القربة تصح صلاته و لا شيء عليه، للأصل بعد الإتيان بالمأمور به على ما هو عليه.
للإجماع و قاعدة الميسور، و قوله عليه السلام في موثق عمار: «لا صلاة بغير افتتاح»۲۳.
و للقطع بأنّه مكلّف بالصلاة التي لا تتحقق بغير افتتاح و حينئذ إما أن يكون مكلفا بما يقدر عليه، و هو المطلوب. أو لا تكليف بالصلاة عليه، و هو خلاف المقطوع به. أو يجب عليه الإتيان بالصلاة مع تكبير صحيح، و هو محال. هذا
ما دل في حكم الألثغ، و الفأفاء، و التمتام، «و أنّ سين بلال شين عند اللّه»۲4، و ما ورد في الأخرس۲٥ و قول أبي عبد اللّه عليه السلام: في موثق مسعدة بن صدقة: «إنّك قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح، و كذلك الأخرس في القراءة في الصلاة و التشهد و ما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم و المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح»۲٦، و قوله عليه السلام:
«كلّما غلب اللّه تعالى عليه فهو أولى بالعذر»۲۷.
و قوله عليه السلام: «ليس شيء مما حرمه اللّه تعالى إلا و قد أحلّه لمن اضطر إليه»۲۸.
بناء على شموله للحرمة النفسية و الغيرية، و احتمال أنّ مثل هذه الأخبار لنفي وجوب التمام لا لإثبات وجوب الناقص باطل جدّا، لأنّها وردت في مقام التسهيل و الامتنان فليس مفادها إلا الاجتزاء بالناقص، هذا مع الملازمة العرفية بين نفي وجوب التمام و الاجتزاء بالناقص.
لظهور الإجماع، و لقاعدة الميسور، و جريان ما تقدم في تقريب دلالة موثق عمار في الفرع السابق هنا أيضا، و إمكان أن يقال المقصود إظهار الكبرياء و لفظ التكبير معتبر عند القدرة عليه، فيسقط اللفظ مع عدم الإمكان و يبقى أصل المعنى المقصود هو إظهار الكبرياء بأيّ وجه أمكن.
لأنّ اللفظ الذي كانت له موضوعية خاصة إنّما هو اللفظ العربي و المفروض عدم التمكن منه، فمقتضى الأصل حينئذ البراءة عن لفظ خاص،
و أما احتمال أن يكون المقام من باب التعيين و التخيير فباطل، إذ ليس كلّ احتمال موجبا لكون مورده من التعيين و التخيير، بل لا بد و أن يكون نحو احتمال متعارف أو مأنوس عند المتشرعة. نعم، لو كانت لغته أقرب إلى اللغة العربية عرفا يكون من مسألة الدوران بين التعيين و التخيير حينئذ مع أنّ الجزم بالتعيين في تلك المسألة أيضا محلّ بحث، كما ثبت في محلّه.
خروجا عن خلاف من أوجبه، و جعل المقام من دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و لكن تقدمت المناقشة في الصغرى و الكبرى.
لأنّه مع التلقين يتمكن من إتيان التكليف الاختياري حينئذ و لا موضوع للتكليف الاضطراري- و هو الترجمة و الملحون- مع التمكن من الاختياري، و يأتي في (فصل القراءة) [مسألة ۲۹] جواز اتباع الغير في حال الاختيار أيضا.
لأصالة عدم الإجزاء بعد عدم دليل عليه من إجماع أو غيره، و لو تمكن من إخطار معنى التكبير قلبا لا يسقط أصل الصلاة عنه.
للإجماع، و قاعدة الميسور، و ما تقدم فيمن ضاق وقته عن التعلم.
لأنّ صلاة الأخرس بأذكارها و أقوالها كسائر مقاصده المتعارفة العقلائية فبكلّ ما يظهر و يبيّن سائر مقاصده العقلائية يظهر و يبيّن صلاته، و مقتضى فطرته في إظهار مقاصده الخطور القلبي و تحريك اللسان، بل و الإشارة باليد و الإصبع
أحيانا، و قول أبي عبد اللّه عليه السلام في خبر السكوني: «تلبية الأخرس و تشهده و قراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه و إشارته بإصبعه»۲۹.
و ليس هذا إلا لبيان المرتكز و ما هو المركوز في الفطرة بالنسبة إلى الخرسان و ليس فيه تعبد خاص، و كان على الماتن أن يذكر الإشارة بالإصبع أيضا. إلا أن يقال: لا كلية للإشارة بالإصبع بالنسبة إلى الخرسان و إنّما يشيرون يؤيديهم و أصابعهم في بيان بعض الأمور لإتمامها، بل ربما تكون الإشارة قاصرة بالنسبة إلى بعض المعاني.
لقاعدة إلحاق المندوب بالواجب إلا ما خرج بالدليل، و لقول مولانا الرضا عليه السلام: «كلّ سنة فإنّما تؤدى على جهة الفرض»۳۰. و لشمول إطلاق جميع الأدلة المتقدمة لها أيضا.
للإجماع، و لقبح تفويت التكليف الاختياري مع التمكن عنه عقلا، و تقتضيه مرتكزات المتشرعة أيضا.
لكثرة اهتمام الشارع بالصلاة و عدم رضائه بتركها مهما أمكن للمكلّف الإتيان بها حتّى ورد لا تسقط الصلاة بحال۳۱ و هي و إن كانت مرسلة لم توجد مسندة إلا أنّ العلم بكثرة اهتمام الشارع بالصلاة مطلقا يجعلها بحكم المسند.
فإن قيل: مقتضى اهتمام الشارع بالصلاة الجمع فيها بين الأداء و القضاء بعد التعلم.
قلت: نعم، لو لا منافاة ذلك لليسر المطلوب في الشريعة و السهولة المبنية عليها الملة الحنيفية.
و دعوى: الاكتفاء بخصوص القضاء فقط غير صحيحة، لتفويت مصلحة الوقت من دون جهة.
إن قيل: إنّ هذا كلّه مبنيّ على شمول أدلة التكاليف الاضطرارية لصورة إيجاد الاضطرار بالاختيار أيضا.
قلت: ظاهر إطلاقاتها الشمول إلا أن يدل دليل على الخلاف و هو مفقود، و المسألة غير منقحة كاملا في كلماتهم الشريفة.
يظهر وجه الاحتياط مما مر.
للإجماع، و نصوص مستفيضة:
منها: قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «أدنى ما يجزي من التكبير في التوجه إلى الصلاة تكبيرة واحدة، و ثلاث تكبيرات، و خمس، و سبع أفضل»۳۲.
لقول أبي جعفر عليه السلام في الصحيح: «استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء»۳۳.
للأصل و لما تقدم في صحيح زرارة، و لقول الصادق عليه السلام:
«إذا افتتحت الصلاة، فكبّر إن شئت واحدة، و إن شئت ثلاثا، و إن شئت خمسا، و إن شئت سبعا، و كلّ ذلك مجز عنك- الحديث-»۳4.
ثمَّ إنّ المعروف بين الأصحاب، بل المسلّم بينهم أنّ تكبيرة الإحرام واحدة، فعن جمع أنّها الأولى، و عن جماعة أنّها الأخيرة، و لقد أجاد المجلسي الأول في الاستظهار من الأخبار أنّها الجميع، لظهور الأخبار فيما استظهر (قدّس سره)، و عن المشهور التخيير في جعلها من أيّ منها شاء، و ادعي عليه الإجماع أيضا، و على هذا فيكون النزاع في أنّها الأولى أو الأخيرة في أنّ أيّهما أفضل لأن يجعل تكبيرة الإحرام، و لكنه خلاف ظاهر الكلمات، فراجع المطولات. فهذه أقوال أربعة: استدل للأول منها بجملة من الأخبار:
منها: قول أبي عبد اللّه عليه السلام في صحيح الحلبي: «إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثمَّ ابسطهما بسطا ثمَّ قل لبيك- إلى أن قال- ثمَّ كبّر ثلاث تكبيرات، ثمَّ قل اللهم أنت الملك الحق- إلى أن قال- ثمَّ كبّر تكبيرتين ثمَّ تقول: وجهت وجهي- إلى أن قال- ثمَّ تعوّذ من الشيطان الرجيم ثمَّ اقرأ فاتحة الكتاب»۳٥.
بدعوى ظهوره في الدخول في الصلاة بالتكبيرة الأولى و البقية يقال بعد الدخول فيها. و فيه: أنّه غير متعرض لتعيين تكبيرة الإحرام لا إشارة و لا ظهورا و لو بنى على الاستظهار لكان ظاهرا فيما نسب إلى المجلسي الأول من تحقق الافتتاح بالجميع، لأنّ قوله عليه السلام: «إذا افتتحت الصلاة- إلى أن قال- ثمَّ كبّر ثلاث تكبيرات»، لا إشارة فيها إلى تحقق الافتتاح بالأولى فقط، بل ظاهره تحقق الافتتاح بالجميع. نعم، لو قال عليه السلام: «إذا افتتحت الصلاة فكبّر، ثمَّ قل» لكان فيه ظهور في ذلك.
و منها: قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «فيمن يخاف اللص يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه»۳٦.
و فيه: أنّ ظاهره أنّ ابتداء الاستقبال في أول تكبيرة تقال. أما أنّها هي التكبيرة الافتتاحية، فلا دلالة فيه على ذلك.
و منها: قوله عليه السلام أيضا في صحيح آخر لزرارة: «قلت له عليه السلام: الرجل ينسى أول تكبيرة من الافتتاح؟ فقال عليه السلام: إن ذكرها قبل الركوع كبّر ثمَّ قرأ ثمَّ ركع و إن ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه في موضع التكبير قبل القراءة. و بعد القراءة. قلت: فإن ذكرها بعد الصلاة؟ قال عليه السلام: فليقضها و لا شيء عليه»۳۷.
و فيه أولا: أنّه إن كان المراد بها خصوص تكبيرة الإحرام- الواحدة التي تحرم بها المنافيات- يلزم منه عدم بطلان الصلاة بنسيان تكبيرة الافتتاح، و إن ذكرها بعد الركوع و هو مما لا يقول به أحد.
و ثانيا: إنّ قوله عليه السلام: «أول تكبيرة من الافتتاح» ظاهر في أنّ الافتتاح يحصل بطبيعة التكبيرات في الجملة و نسي أولها و هو لا يضر لتحقق الافتتاح بالبقية، فأجاب عليه السلام بإتيانها و لو بعد الصلاة و لا بد من حمله على الندب حينئذ.
و منها: ما ورد في إتيان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بتكبيرات متعددة لأن يتكلّم بها الحسين عليه السلام و ينطلق لسانه عليه السلام فصارت التكبيرات السبعة بذلك سنة۳۸، فيكون أول التكبيرات تكبيرة الإحرام بخلاف البقية.
و فيه: أنّ كون الأولى في تلك القضية تكبيرة الإحرام على فرض تسليمه لا ينافي التخيير في المجموع كما عن المشهور، أو حصول الافتتاح بالمجموع كما عن المجلسي الأول رحمه اللّه، لأنّ تشريع التكبيرات السبعة لم يكن بين الناس قبل هذه القضية كما يقتضيه ظاهر الحديث، فيمكن أن يحصل الافتتاح بالمجموع بعد التشريع.
ثمَّ إنّ الأخبار في سبب تشريع التكبيرات السبعة الافتتاحية مختلفة، ففي
بعضها التعليل بأنّه لأجل انطلاق لسان الحسين عليه السلام۳۹، و في بعضها أنّه لأجل أنّ الحجب سبع4۰، و في بعضها ذكر شيء آخر4۱، و يمكن صحة الكلّ، لأنّها ليست عللا حقيقية حتّى يمنع تواردها على معلول واحد، بل مناسبات و مقتضيات يمكن اجتماع جملة كثيرة منها في شيء واحد، و هذا هو الشأن في جميع ما يذكر من العلل الشرعية في الموارد المختلفة.
و منها: المرسل: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتم الناس صلاة و أوجزهم و كان صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل في صلاته قال: اللّه أكبر بسم اللّه الرّحمن الرّحيم»4۲.
و فيه: أنّ الاقتصار على التكبيرة الواحدة شيء و حصول الافتتاح عند تعدد التكبيرات بالأولى شيء آخر، و المرسل إنّما يدل على الأول و مورد النزاع هو الثاني، فلا ربط له بالمقام و يأتي في [مسألة ۱۳] ما يدل على أنّه صلّى اللّه عليه و آله يأتي بستّ سرّا و بواحدة جهرا. و على هذا يكون الخبر مجملا، لعدم العلم بأنّه صلّى اللّه عليه و آله يحرم بالجميع أو بالأولى أو بالأخيرة.
و قد يستدل على تعيين الأولى بأنّه مع قصد الدخول في الصلاة، فحصول الافتتاح منها انطباقيّ قهريّ، فلا يحتاج إلى الاستدلال. و فيه: أنّه كذلك لو لا ظهور الأدلة في الخلاف كما تقدم و سيأتي.
و استدل لكونها الأخيرة بالرضوي: «و اعلم أنّ السابعة هي الفريضة و هي تكبيرة الافتتاح و بها تحريم الصلاة»4۳.
و بما ورد في جملة من الأخبار أنّ في الفرائض خمس و تسعون تكبيرة44، و لو كانت التكبيرات الافتتاحية من الصلاة لصارت التكبيرات أزيد منها كما لا يخفى، و ما ورد من إخفات الإمام بست و الجهر بواحدة 4٥بضميمة ما ورد مما دل
على إسماع الإمام للمأموم كلّ ما يقوله إلا ما خرج بالدليل4٦. و يرد الأول:
بقصور السند و مخالفة المشهور، و الثاني: بأنّ المراد بالتكبيرات المعدودة بخمسة و تسعين التكبيرات المتأكدة، مع أنّ الترخيص في جعل الافتتاح واحدة، أو ثلاثا أو خمسا، أو سبعا يوهن كون عدد خاص منها في عداد سائر التكبيرات التي لا تتغير. و الأخير بأنّه أعمّ من تعين الأخيرة إلا بضميمة أصالة عدم تخصيص ما دل على إسماع الإمام كلّ ما يقوله للمأموم و لا تكون أصالة عدم التخصيص مثبتة للموضوع.
و استدل للقول الثالث و هو ما ذهب إليه المجلسي رحمه اللّه بظواهر الأخبار مثل خبر زرارة: «استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء»4۷.
و قول أبي عبد اللّه عليه السلام: «إذا افتتحت الصلاة، فكبّر إن شئت واحدة، و إن شئت ثلاثا، و إن شئت خمسا، و إن شئت سبعا، و كلّ ذلك مجزي عنك»4۸.
و عنه عليه السلام أيضا: «تكبيرة تجزئك. قلت: فالسبع؟ قال عليه السلام: ذلك الفضل»4۹.
و عنه عليه السلام أيضا: «الإمام تجزئه تكبيرة واحدة و تجزئك ثلاث مترسلات إذا كنت وحدك»٥۰.
إلى غير ذلك مما هو ظاهر فيما قاله رحمه اللّه.
و أشكل عليه تارة: بمخالفة الإجماع الدال على أنّها واحدة. و أخرى بالقطع بإرادة خلاف ظاهرها، و ثالثة: بوهنها بالإعراض، و رابعة: بأنّ ظاهرها التخيير بين الأقلّ و الأكثر و هو غير معقول، و الكلّ مردود:
أما الأولى: فلعدم الاعتبار بمثل هذا الإجماع في مقابل النصوص المتواترة في الجملة- كما تقدم- مع ما مر من الخلاف.
و أما الثانية: فبأنّ مدعي القطع بإرادة خلاف ظاهرها مجازف.
و أما الثالثة: فلأنّ الإعراض على فرض تحققه اجتهادي لما حصلت في أذهانهم الشريفة من شبهة التخيير بين الأقلّ و الأكثر.
و أما الرابعة: فقد أجيب عنه في الأصول بما لا مزيد عليه.
و يمكن أن يقال في المقام: بتعلق التكليف بالطبيعة من حيث هي المتحققة في ضمن التكبيرة الواحدة و الأكثر، و إذا تحققت في الأكثر لا يلحظ الأقلّ من حيث الفردية للطبيعة، بل من جهة الضمنية المحضة غير الملحوظة بلحاظ الفردية مع إمكان جعل الأكثر من أفضل الأفراد مع تحقق التكبيرة بالأقلّ، و قد صرّح في بعض النصوص: «أنّ الثلاث أفضل و أنّ السبع أفضل»٥۱.
و استدل للتخيير المنسوب إلى المشهور، بل المجمع عليه بإطلاق ما دل على أنّ افتتاح الصلاة التكبيرة٥۲، الشامل لكلّ ما قصد به تكبيرة الإحرام في أيّ واحدة من التكبيرات السبع كانت، و أصالة البراءة عن تقدم التكبيرات المندوبة عليها أو تأخيرها عنها أو توسيط تكبيرة الإحرام بينها، و بأنّه أسهل و أيسر في هذا الأمر العام البلوى مع فقد الدليل على التعيين.
فرع: لو نوى بالتكبيرة الدخول في الصلاة كفى عن نية الافتتاح و نية تكبيرة الإحرام، فيكون كلّ منهما حينئذ انطباقيا قهريا، كما أنّه لو نوى إحدى الأخيرتين يكفي في الدخول في الصلاة للتلازم بين هذه العناوين الثلاثة.
فائدة: في كلّ ركعة خمس تكبيرات.
۱- للهويّ إلى الركوع.
۲- للهوي إلى السجدة الأولى.
۳- لرفع الرأس منها.
٤- للهويّ إلى السجدة الثانية.
٥- لرفع الرأس منها.
و فرائض اليومية سبع عشرة ركعة فيصير مجموع تكبيراتها خمسا. و ثمانين تكبيرة. و تكبيرة الإحرام في مجموعها خمس فتصير تسعين، و تكبيرات القنوتات خمس، فيصير المجموع خمسا و تسعين.
لما في البحار عن المفيد في المقنعة: «يستحب التوجه في سبع صلوات»، و قال الشيخ في التهذيب: «ذكر ذلك عليّ بن الحسين في رسالته و لم أجد بها خبرا مسندا، و تفصيلها ما ذكره أول كلّ فريضة، و أول ركعة من صلاة الليل، و في المفردة من الوتر، و في أول ركعة من ركعتي، الإحرام و أول ركعتي الزوال، فهذه ستة مواضع ذكرها عليّ بن الحسين، و زاد الشيخ المفيد الوتيرة»٥۳.
و في فلاح السائل بإسناده إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجه و التكبير: في أول الزوال و صلاة الليل، و المفردة من الوتر، و قد يجزيك فيما سوى ذلك من التطوع أن تكبّر تكبيرتين لكلّ ركعة»٥4.
و في البحار عن الخصال: «قال أبي رحمه اللّه: في رسالته إليّ: من السنة التوجه في ست صلوات، و هي أول ركعة من صلاة الليل، و المفردة من الوتر، و أول ركعة من ركعتي الزوال، و أول ركعة من ركعتي الإحرام، و أول ركعة من نوافل المغرب، و أول ركعة من الفريضة».
بيان: اعترف الأصحاب بعدم النص في ذلك لكنّه موجود في الفقه الرضوي، كما سيأتي٥٥.
لإطلاق الأدلة، و قاعدة: «إنّ كلّ سنة إنّما تؤدى على جهة الفرض»، و يظهر منهم الإجماع عليه أيضا.
لأنّه لا وجود للمبهم لا في الخارج و لا في الذهن فكيف يتوجه إليه القصد.
لما تقدم من الرضويّ الصالح للاستحباب و إن لم يصلح للإيجاب و قال في الجواهر: «صرّح جماعة من الأساطين باستحباب جعلها الأخيرة» و طريق الاحتياط مع ذلك القصد الإجمالي بما هو افتتاح واقعا حتّى يوافق جميع الأقوال في الجملة، كما يأتي في المسألة التالية.
لظواهر النصوص، و اختاره المجلسي الأول (قدس سره) و لكنّه خلاف المشهور، بل المجمع عليه، و تقدمت الخدشة في اعتبار مثل هذه الشهرة و الإجماع، فراجع.
لما تقدم، و نسب ذلك إلى المشهور، و لكنه خلاف الاحتياط لما عن جمع من تعيّن الأولى، و عن آخرين تعيّن الأخيرة، و يأتي في المسألة التالية ما ينفع للاحتياط.
كما اعترف به في البحار، و يظهر من المقنعة أيضا، و يشهد له الاعتبار بعد كون التوجه بالتكبيرات من الخير المطلق المطلوب في جميع الصلوات.
تقدم وجه ذلك كلّه، فراجع.
مع القصد الإجمالي إلى ما هو تكبيرة الإحرام في الواقع، و قصد كلّ واحد من المحتملات بالقصد التقديري الالتفاتي فيتحقق حينئذ قصدان في النفس إجمالي بالنسبة إلى الواقع، و تقديري التفاتي بالنسبة إلى المحتملات و لا مانع فيه من عقل أو شرع، و يجزي ذلك في العبادة مع سهولة الشريعة خصوصا مع تعسر الاحتياط غالبا في هذا الأمر. العام البلوى في كلّ يوم و ليلة، سيّما مع بناء المندوبات على التسامح.
لإطلاق النصوص و خصوص موثق زرارة: «رأيت أبا جعفر عليه السلام أو قال سمعته: استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء»٥٦.
و يشهد له الأصل أيضا فتكون الدعوات من تعدد المطلوب، كما هو الغالب في جميع المندوبات.
لصحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذكر فيه الدعوات على التفصيل المذكور في المتن.
لما عن المكارم و المصباح عن أبي محمد العسكري عليه السلام٥۷.
لما عن فلاح السائل عن الرضا عليه السلام٥۸.
ذكر المجلسي في البحار عن فلاح السائل: «قبل أن يحرم و يكبّر نحو ما في المتن .. فيقول اللّه عزّ و جلّ: ملائكتي اشهدوا أنّي قد عفوت عنه و أرضيت عنه أهل تبعاته»٥۹.
و نقل عن المصباح: «و أنا المسيء فصلّ على محمد و آل محمد و تجاوز عن قبيح ما عندي بحسن ما عندك يا أرحم الراحمين»٦۰.
كما نقل عن الشهيد في الذكرى: «إنّ هذا الدعاء عقيب السادسة»٦۱.
فالأولى قصد الرجاء و عدم الخصوصية في المحلّ.
نصّا و إجماعا ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام:
«و إن كنت إماما فإنّه يجزئك أن تكبّر واحدة تجهر فيها، و تسرّ ستا»٦۲.
و عن الحسن بن راشد: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تكبيرة الافتتاح، فقال عليه السلام: سبع. قلت: روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يكبّر واحدة، فقال عليه السلام: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يكبّر واحدة يجهر بها و يسرّ ستا»٦۳.
و هو محمول على الندب للإجماع.
للإجماع، بل الضرورة بين المسلمين، و جملة من الأخبار:
منها: ما رواه الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال:
«لما نزلت على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ قال صلى اللّه عليه و آله: يا جبرئيل ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربّي؟ قال عليه السلام: يا محمد إنّها ليست بنحيرة و لكنّها رفع الأيدي في الصلاة»٦4.
و في رواية الطبرسي: «ليست بنحيرة، و لكنه يأمرك إذا تحرّمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت و إذا ركعت و إذا رفعت رأسك من الركوع و إذا سجدت، فإنّه صلاتنا و صلاة الملائكة في السماوات السبع، و إنّ لكلّ شيء زينة و إنّ زينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة»٦٥.
و غيرهما من الأخبار. و لا ريب في أنّ لرفع اليد مراتب متفاوتة، لأنّه من الأمور الإضافية القابلة للتشكيك، و قد حدّد الشارع أعلاها إلى الأذنين و أدناها إلى النحر و ما بينهما متوسطات، و الكلّ فيه الفضل و يختلف باختلاف المراتب، و إن
كان مقتضى بعض الإطلاقات جواز الأعلى من الأذنين و الأدنى من النحر أيضا.
للإطلاق، و قاعدة الإلحاق، و ظهور الاتفاق.
أرسل ذلك إرسال المسلّمات الفقهية، و ظاهرهم الإجماع عليه.
لما ورد عن عليّ عليه السلام في قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ: «أنّ معناه رفع يديك إلى النحر في الصلاة»۷۱.
و عن أبي عبد اللّه عليه السلام تفسيرها: «هو رفع يديك حذاء وجهك»۷۲.
و هو ملازم للرفع إلى النحر غالبا. و يدل على المتوسطات صحيح صفوان:
«رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام إذا كبّر في الصلاة يرفع يديه حتّى يكاد يبلغ أذنيه»۷۳.
و في صحيح ابن سنان: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يصلّي يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح»۷4.
و اختلاف هذه الروايات محمول على اختلاف مراتب الفضل و قد اشتهر عند العلماء عدم التقييد في أدلة المندوبات.
ثمَّ إنّ أخبار المقام على قسمين- الأول: الأخبار الحاكية لفعلهم عليهم السلام و هي مجملة لا يستفاد منها أكثر من مطلق الرجحان.
الثاني: الأخبار القولية و هي محمولة على الندب إجماعا، مع أنّ في بعضها قرائن للندب أيضا.
و يستفاد ذلك مما ورد في علته۷٥، و ما نسب إلى السيد من القول بالوجوب في جميع تكبيرات الصلاة مدعيا عليه الإجماع، قد تعجب منه غير واحد إذ لم ينقل القول بالوجوب عن أحد من القدماء غير الإسكافي في خصوص تكبيرة الإحرام. و يرده الأصل و الإطلاق، و ظهور التسالم على الاستحباب.
لجملة من الروايات:
منها: صحيح منصور بن حازم قال: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه، و استقبل القبلة ببطن كفيه»٦۹.
و مثله صحيح ابن سنان۷۰، و لما يأتي في الأخبار الآتية.
لقول أبي عبد اللّه عليه السلام في خبر أبي بصير: «إذا افتتحت الصلاة فكبّرت فلا تجاوز أذنيك»٦٦.
و في صحيح زرارة عنه عليه السلام: «إذا قمت إلى الصلاة فكبّرت، فارفع يديك و لا تجاوز بكفيك أذنيك، أي حيال خديك»٦۷.
و في الرضوي: «و ارفع يديك بحذاء أذنيك»٦۸.
لما تقدم ذلك في قول أبي عبد اللّه عليه السلام في صحيح زرارة:
«و لا تجاوز أذنيك» المحمول على أولوية الترك إجماعا.
لظهور الإجماع، مع أنّ المتعارف في تحريكات اليد ضم الأصابع عادة، و فتحها إنّما يكون لجهة مقتضية له، و الأدلة منزلة على المتعارف. و قال في الذكرى: «و لتكن الأصابع مضمومة، و في الإبهام قولان: و تفرّقه أولى،
و اختاره ابن إدريس تبعا للمفيد و ابن براج، و كل ذلك منصوص» و إطلاقه يشمل الخنصر أيضا.
أما الإبهام فلظاهر الإجماع، و لخبر النرسي: «أنّه رأى أبا الحسن الأول عليه السلام: إذا كبر في الصلاة ألزق أصابع يديه الإبهام و السبابة و الوسطى و التي تليها و فرج بينها و بين الخنصر»۷٦. و أما الخنصر فلظهور الإجماع، و بأنّ العادة على ضمه غالبا. و ما في ذيل خبر النرسي محمول على الاتفاق أو مطروح.
للإجماع، و لرواية منصور: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه، و استقبل القبلة ببطن كفيه»۷۷، و قريب منه خبر جميل۷۸.
لأنّ القيود في المندوبات من باب تعدد المطلوب لا التقييد الحقيقي.
لإطلاق قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام: «و عليك برفع يديك في الصلاة و تقليبهما»۷۹.
و عن الرضا عليه السلام: «لأنّ رفع اليدين ضرب من الابتهال و التبتل و التضرع»۸۰.
و لا ريب في أنّ الابتهال و التبتل و التضرع إلى اللّه مندوب خصوصا في حال الصلاة، و يأتي في أبواب القنوت و الدعاء أقسام سبعة لكيفية رفع اليد، فراجع و لكن الأولى عدم قصد الورود في رفع اليدين بلا تكبير.
لأنّ ما ذكر من التحديدات من باب مجرد الأفضلية بحسب مراتبها و إلا فمقتضى بعض الإطلاقات كفاية مطلق الرفع، كقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «و إنّ لكلّ شيء زينة، و إنّ زينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة»۸۱.
و تقدم مرارا أنّ القيود في المندوبات مطلقا من باب تعدد المطلوب.
لإمكان دعوى أنّ ذكر اليدين في الروايات من باب الأفضلية لا الاختصاص، و لكن الأولى عدم قصد الورود في رفع اليد الواحدة لتطابق الروايات على ذكر اليدين. ثمَّ إنّه قد فسّر رفع اليد في الصلاة بمعنى: «ليس كمثله شيء».
أقول: و يشهد له الاعتبار أيضا، لأنّ الإنسان إذا أراد نفي شيء بغير القول يرفع يده مشيرا به إلى النفي.
لأصالة عدم الإتيان من غير دليل حاكم عليها من نص أو إجماع.
لقاعدة التجاوز، و في صحيح زرارة عن الصادق عليه السلام:
«رجل شك في التكبيرة و قد قرأ، قال عليه السلام: يمضي»۸۲، و يدل عليه الإجماع أيضا.
لأصالة عدم ما يوجب الدخول في الصلاة. نعم، لو قلنا بجريان أصالة الصحة في فعل نفس العامل عند الشك فيها، أو قلنا بجريان قاعدة التجاوز بمجرد المضيّ و لو لم يدخل في الغير، لإطلاق قوله عليه السلام: «كلّ ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو»۸۳.
يجوز البناء على الصحة، و الأول له وجه، و الثاني خلاف المشهور و إن كان له وجه أيضا، و كلّ منهما خلاف الاحتياط في المقام.
هذا الاحتياط مخالف للاحتياط من جهة لاحتمال حرمة الإبطال على فرض جريان أصالة الصحة، و قاعدة التجاوز، فالأحوط الإتمام ثمَّ الإعادة، كما احتاط كذلك في [مسألة ۱٥] من (فصل الشك) فراجع.
لقاعدة التجاوز، فإنّها تجري عند الشك في صحة الموجود، كجريانها عند الشك في أصل وجود الصحيح، و لا فرق بين أن يكون منشأ الشك فقط شرط أو وجود مانع، لإطلاق دليل قاعدة التجاوز الشامل لكلّ منهما مع أنّ سياقه الوارد مورد الامتنان و التسهيل يقتضي ذلك أيضا.
لرجوعه إلى الشك في أنّه هل أتى بالقراءة أو لا؟ و هو في المحلّ فيجب الإتيان بها. أنّ، قيل: إنّه يعتبر في تكبيرة الإحرام الإتيان بها بقصد الدخول في الصلاة و هو لم يحرز. يقال: إحرازه معلوم على كلّ تقدير، لأنّها إن كانت تكبيرة الإحرام فقد قصد منها الدخول في الصلاة، و إن كانت تكبيرة الركوع فقد وقعت منه تكبيرة الإحرام قبله عن قصد و إرادة صحيحة.