إجماعا، و نصوصا.
منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «لا تستحلنّ شيئا من الصيد و أنت حرام، و لا أنت حلال في الحرم»۳.
إجماعا، و نصوصا.
منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «لا تستحلنّ شيئا من الصيد و أنت حرام، و لا أنت حلال في الحرم»۳.
تقدم وجه ذلك كله في المسائل السابقة فراجع.
لصدق القتل و الإصابة بالنسبة إلى كل واحد منهم، فيشمله إطلاق الدليل، و لقول الصادق عليه السّلام في خبر ابن عمار: «أيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فإنّ على كل إنسان منهم قيمته، فإن اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك»4 و هذا هو المشهور بين الأصحاب.
و نسب الخلاف إلى الشيخ في النهاية، و التهذب. و تردد في الشرائع مما تقدم، و من الأصل، و منع صدق القتل بالنسبة إلى كل واحد منهم، و بأنّه ليس بأعظم من الاشتراك في قتل المؤمن إذا لزمت الدية، و لضعف الخبر، و احتمال اختصاصه بالمحرم، و لخبر ابن أبي زياد عن الصادق عليه السّلام عن أبيه قال: «كان عليّ عليه السّلام يقول في محرم و محلّ قتلا صيدا على المحرم الفداء كاملا و على المحلّ نصف الفداء»٥.
و الكل مخدوش: لأنّ الأصل لا وجه له في مقابل الخبر المنجبر ضعفه بالعمل، بل ظهور الإجماع مما عدى الشيخ و لصحة نسبة القتل إلى الجميع من جهة المشاركة فيه و كون كل منهم جزء العلة. و القياس بالاشتراك في القتل إذا لزمت الدية باطل، لما يأتي في محلّه، و ضعف الخبر منجبر بالعمل، و احتمال الاختصاص مدفوع بظهور الإطلاق و المراد بالفداء الكامل في خبر أبي زياد الجزاء المضاعف الذي يكون على المحرم في الحرم و المراد بنصفه القيمة فيكون دليلا للمقام لا على خلافه.
للأصل، و النّص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح معاوية: «لا بأس بقتل البق و النمل و القمّل في الحرم»٦ و الظاهر أنّ ذكرهما من باب المثال فيشمل البرغوث و نحوه كما ذكره الفقهاء في معاقد إجماعاتهم.
على المشهور بين المتأخرين كافة، للأصل، و صحيح ابن الحجاج:
«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل رمى صيدا في الحلّ و هو يؤم الحرم فيما بين البريد و المسجد فأصابه في الحلّ فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال عليه السّلام: ليس عليه جزاء»۷، و في صحيحه الآخر أيضا:
«سأل أبا الحسن عليه السّلام عن رجل رمى صيدا في الحلّ فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات أ عليه جزاؤه قال: لا ليس عليه جزاؤه»۸ الشامل بإطلاقه لما أمّ الحرم و غيره، و في خبره الآخر أيضا عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يرمي الصيد و هو يؤم الحرم فتصيبه الرمية فيتحامل بها حتى يدخل الحرم فيموت فيه قال عليه السّلام: ليس عليه شيء إنّما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحلّ فوقع فيها صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فيه»۹.
و عن الشيخ في جملة من كتبه الحرمة، للإجماع الذي ادعاه في الخلاف، و لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام: «كان يكره أن يرمى الصيد و هو يؤم الحرم»۱۰ بناء على إرادة الحرمة من الكراهة.
و خبر ابن عقبة عنه أيضا: «رجل قضى حجته ثمَّ أقبل حتى إذا خرج من الحرم فاستقبله صيد قريبا من الحرم و الصيد متوجه نحو الحرم فرماه فقتله ما عليه في ذلك؟ قال عليه السّلام: يفديه على نحوه»۱۱.
و صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «إذا كنت محلا في الحلّ فقتلت صيدا فيما بينك و بين البريد إلى الحرم فإنّ عليك جزاؤه فإن فقأت عينيه أو كسرت قرنه تصدّقت بصدقة»۱۲.
و لكن الإجماع موهون بذهاب المعظم، بل ناقله في الاستبصار إلى عدم الحرمة، و الأخبار محمولة على الكراهة بقرينة ما تقدم، مع قصور سند الأولين، بل و دلالة الأول منها أيضا لأنّ الكراهة أعمّ من الحرمة.
للأصل، و ما تقدم من أخبار ابن الحجاج الظاهرة في عدم الضمان و حملها على عدم الإثم من الحمل البعيد.
لما تقدم من صحيح الحلبي، و خبر ابن عقبة المحمول على الندب جمعا، مع أنّ استفادة كون الموت في الحرم منهما إنّما هو بالإطلاق فقط. فما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه و غيره من وجوب الفداء لا وجه له. و أما حسن مسمع عن الصادق عليه السّلام: «في رجل حل رمى صيدا في الحلّ، فتحامل الصيد حتى دخل الحرم فقال عليه السّلام: لحمه حرام مثل الميتة»۱۳ فهو في مسألة أخرى يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.
لأصالة البراءة عن الحرمة، و إطلاق قوله تعالى إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا۱4 و مفهوم قوله تعالى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً۱٥، و انحصار الصيد المحرم إما بالحرم، أو بحال الإحرام، و إطلاق ما تقدم من أخبار ابن الحجاج فيحمل ما تقدم من صحيح الحلبي و خبر ابن عقبة على الكراهة جمعا، فلا وجه لما نسب إلى الشيخين و غيرهما من المنع.
لما تقدم من صحيح الحلبي المحمول عليه جمعا، و مقتضى الأصل عدم استحباب شيء في غيرهما من الجنايات الواردة عليه و إن كان الأولى ذلك تسامحا في الندب، و حملا للصحيح على المثال.
لقوله تعالى وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً۱٦ و قد استدل به أبو عبد اللّه عليه السّلام لما سأله ابن مسلم: «عن ظبي دخل في الحرم فقال عليه السّلام: لا يؤخذ و لا يمس إنّ اللّه تعالى يقول وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً»۱۷، و عن ابن أعين: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: «عن رجل أصاب صيدا في الحلّ فربطه إلى جانب الحرم فمشى الصيد بربطه حتى دخل الحرم و الرباط في عنقه فاجترّه الرجل بحبله حتى أخرجه من الحرم و الرجل في الحلّ فقال عليه السّلام: ثمنه و لحمه حرام مثل الميتة»۱۸.
لإطلاق قوله تعالى وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فيستفاد منه الإلحاق الحكميّ بالصيد الحرميّ. و عن المدارك الإلحاق الموضوعيّ أيضا و هو مشكل.
نصّا، و إجماعا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «و ما دخل من الوحش و الطير في الحرم كان آمنا من أن يهاج، أو يؤذى حتى يخرج من الحرم»۱۹، و تدل عليه أيضا عمومات أدلة وجوب الجزاء على القاتل في الحرم.
ثمَّ إنّ الصائد و الصيد إما أن يكونا في الحلّ أو في الحرم، أو يكون الصائد في الحلّ و الصيد في الحرم أو بالعكس، و الكلّ فيه الجزاء إلا الأول لما تقدم و يأتي و لا فرق في عدم الضمان في الأول بين أن كان الصيد من الحلّ أو خرج من الحرم و دخل في الحلّ و إن كان الأحوط الفداء في القسم الأخير بل عن الشيخ في أحد قوليه عدم الجواز و اختاره جمع منهم صاحب الحدائق، لصحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «حمام الحرم يصاد في الحلّ؟ فقال عليه السّلام: لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنّه من حمام الحرم»۲۰ و يمكن حمله على الندب بقرينة خبره الآخر المشتمل على قوله عليه السّلام: «لا يصلح»۲۱.
للأصل بعد انتفاء موجبات الضمان من المباشرة و اليد و التسبيب.
لصدق أنّه قتل صيدا في الحرم، و إطلاق ما تقدم من صحيح ابن سنان.
إجماعا، و نصّا، لحسن مسمع عن الصادق عليه السّلام: «في رجل حلّ في الحرم و رمى صيدا خارجا من الحرم فقتله فقال عليه السّلام: عليه الجزاء لأنّ الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم»۲۲.
لتغليب جانب الحرم، و الإجماع، و إطلاق ما تقدم من صحيح ابن سنان، لصدق الدخول في الحرم و لما يأتي في الشجرة من أنّه إنّما حرم فرعها لمكان أصلها.
نصّا، و إجماعا ففي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام: «إنّه سئل عن شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحلّ على غصن منها طير رماه رجل فصرعه قال عليه السّلام: عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم»۲۳، و في صحيح معاوية: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ قال عليه السّلام: حرم فرعها لمكان أصلها قلت: فإن أصلها في الحلّ و فرعها في الحرم فقال عليه السّلام: حرم أصلها لمكان فرعها»۲4 و يستفاد منه تغليب جانب الحرم مطلقا كما هو ظاهر الفتاوى.
إجماعا، و نصوصا قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «أما علمت أنّ ما دخلت به الحرم حيا فقد حرم عليك ذبحه و إمساكه»۲٥، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «الصيد يصاد في الحلّ ثمَّ يجاء به إلى الحرم و هو حيّ فقال عليه السّلام:
إذا أدخله إلى الحرم فقد حرم أكله و إمساكه»۲٦.
لأنّ ما دخل الحرم لا يمس، و لا يؤذي، و لا يهاج. و عن بكير بن أعين قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال عليه السّلام: إن كان حين أدخله خلّى سبيله فلا شيء عليه و إن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء»۲۷ و هو يشمل القتل و الإتلاف بالأولى.
نصّا، و إجماعا، ففي صحيح البختري عن الصادق عليه السّلام: «فيمن أصاب طيرا في الحرم قال عليه السّلام: إن كان مستوي الجناح فليخل عنه و إن كان غير مستوي نتفه و أطعمه و أسقاه فإذا استوى جناحاه خلّى عنه»۲۸– و سبب النتف، لأنّه يوجب سرعة الإنبات كما قاله بعض أهل الخبرة- و قريب منه صحيح زرارة۲۹.
و عن المثنّى قال: «خرجنا إلى مكة فاصطاد النساء قمرية من قماري فخ حيث بلغنا البريد فنتف النساء جناحيه ثمَّ دخلوا به مكة فدخل أبو بصير على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبره فقال عليه السّلام: ينظرون امرأة لا بأس بها فيعطوها الطير تعلفه و تمسكه حتى إذا استوى جناحاه خلته»۳۰.
أما وجوب المؤنة، فلما تقدم في النصوص. و أما وجوب الأجرة لو توقف الإبقاء عليها، فلإطلاق وجوب الإبقاء فتجب مقدمة.
لما تقدم من أنّ اليد من موجبات الضمان ما لم يعلم بالسلامة و الأمان.
لأنّ النصّ و إن ورد في الطير، و الحمام، و القماري و لكن يصح دعوى القطع بعدم الفرق بينها و بين سائر الصيود فيعلفه و يحفظه أو يستودعه حتى يستوي ثمَّ يرسله.
لأنّ ضمان الكل مستلزم لضمان البعض مع تحقق البعض في القيمة و وجوب الحفظ و المؤنة حكم آخر دل عليه الدليل بالخصوص.
إجماعا، و نصّا ففي خبر إبراهيم بن ميمون المنجبر: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل نتف ريشة من حمام الحرم قال عليه السّلام: يتصدّق بصدقه على مسكين و يعطي باليد التي نتف بها»۳۱.
للإجماع، و ما تقدم من النص.
لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب. هذا إذا تعدد النتف، و أما إن كان المنتوف كثيرا و النتف دفعة واحدة فيشك في التعدد حينئذ، للشك في جريان قاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب حينئذ، فتجري أصالة البراءة عن الزائد عن الواحدة.
إلا أن يقال: إنّ المناط تعدد إيذاء الطير و لا ريب في أنّه يؤذي إيذاءات متعدّدة و لو كان النتف دفعة واحدة، فالمناط الإيذاء الحاصل بنتف كل ريشة واحدة عن محلّها كان أصل النتف متعددا صورة أو واحدا.
لما تقدم من أنّ ضمان الكل مستلزم لضمان البعض مع النص و هل يجب في الأرش الإعطاء باليد الجانية أيضا أو لا؟ وجهان من الأصل، و من احتمال أن يكون ذكر إعطاء الصدقة باليد الجانية في النص- المتقدم- و مورد الإجماع من باب المثال لمطلق ما يلزم بالجناية و استقرب في الدروس إعطاء عدم الوجوب و لا ريب في أنّ الأحوط الإعطاء بها.
للأصل بعد اختصاص وجوب التصدق بنتف ريش حمام الحرم.
لما مرّ من الملازمة بين ضمان الكلّ و البعض.
للأصل بعد عدم دليل على السقوط.
إجماعا، و نصّا، ففي صحيح ابن جعفر: «سألت أخي موسى عليه السّلام عن رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها قال عليه السّلام: عليه أن يردها، فإن ماتت فعليه ثمنها يتصدّق به»۳۲ و نحوه صحيحه الآخر۳۳ و قريب منهما خبر زرارة۳4.
هذا في غير الدباسي و القماري و أما فيهما فقد تقدم حكمهما و يظهر من خبر يونس أنّه إذا أدخل الطير من الخارج إلى الحرم ثمَّ أخرج منه يلزم فيه الفداء قال: «أرسلت إلى أبي الحسن عليه السّلام إنّ أخا لي اشترى حماما لي من المدينة فذهبنا بها معا إلى مكة فاعتمرنا و أقمنا إلى الحج ثمَّ أخرجنا الحمام معنا من مكة إلى الكوفة هل علينا في ذلك شيء؟ فقال عليه السّلام للرسول: فإنهنّ كنّ فرهة!! قل له:
يذبح عن كل طير شاة»۳٥ و ظاهره أنّ الفداء على الإخراج، لأنّه لم يذكر التلف في الحديث.
و قال في التهذيب: «و لا يجوز أن يخرج شيئا من طيور الحرم- إلى أن قال-: و إذا أدخل المحرم طيرا فليس له إخراجه منه و إذا أخرجه فعليه دم» و استدل بخبر يونس و لا ريب في أنّه أحوط و يمكن إجراء حكم الصيد الذي أدخل في الحرم عليه و إن لم يكن منه موضوعا فتأمل فإنّ المسألة غير منقحة، و مقتضى الأصل عدم شيء عليه بعد ظهور إعراض المشهور عن خبر يونس.
للعمومات، و الإطلاقات، و قاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب، و المستفيضة المتقدمة بعضها في الحمام، و الطير، و الفرخ، و البيض و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في حسن ابن عمار: «إن أصبت الصيد و أنت حرام فالفداء مضاعف عليك و إن أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة واحدة، و إن أصبته و أنت حرام فإنّما عليك فداء واحد»۳٦.
و قوله عليه السّلام أيضا في موثق ابن عمار: «ليس عليك فداء شيء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك أو عمرتك إلا الصيد فإنّ عليك الفداء بجهالة كان أو عمد لأنّ اللّه تعالى قد أوجبه عليك. فإن أصبته و أنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة. و إن أصبته و أنت حرام في الحلّ فعليك القيمة و إن أصبته و أنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا»۳۷.
و هذا هو المشهور المدعى عليه الإجماع. و هناك أقوال أخر مخالفة للمشهور ربما تبلغ خمسة من شاء العثور عليها مع أدلتها المخدوشة فليراجع المطولات.
للأصل، و قول الصادق عليه السّلام في مرسل ابن فضال: «إنّما يكون الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة حتى يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنّه أعظم ما يكون»۳۸ و نحوه مرسله الآخر۳۹ فيقيد به إطلاق أدلة المضاعفة و قد نسب هذا القول إلى المشهور.
و نوقش في الأصل بأنّه محكوم بإطلاق أدلة المضاعفة. و يرد بأنّه بعد الشك في شمولها لمثل المقام، فلا وجه للحكومة. و في المرسل:
أولا: بقصور السند.
و ثانيا: بالمعارضة بقول مولانا الجواد عليه السّلام في سؤال يحيى ابن أكثم القاضي: «و إن كان نعامة فعليه بدنة و إن كان ظبيا فعليه شاة و إن كان قتل من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة»4۰ الظاهر في تضاعف البدنة أيضا.
و فيه: ان قصور السند منجبر بالعمل و إمكان حمل المعارض على الندب كما هو الشائع في الفقه، مع موافقة المرسلين لسهولة الشريعة، مضافا إلى ضعف سنده فما نسب إلى جمع من التضاعف مطلقا مخدوش.
نعم هو الأحوط.
خروجا عن خلاف من أوجبه، و حملا لخبر الجواد عليه السّلام عليه.
لقاعدة تكرر المسبب بتكرر السبب، مضافا إلى الإجماع في الأولين.
نسبه في التبيان، و المجمع إلى مذهب الأصحاب، و ظاهر رواياتنا.
و لا وجه له، لأنّه من التمسك بالمطلق و العام في مقابل المقيد و الخاص.
قال تعالى وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ4۱ الظاهر في أنّ الجزاء مع العود انتقام اللّه تعالى منه في مقابل الفدية التي هي جزاء الابتداء، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاءه و يتصدق بالصيد على مسكين فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاء و ينتقم اللّه منه و النقمة في الآخرة»4۲.
و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «إذا أصاب آخر فليس عليه كفارة قال اللّه عزّ و جل: و من عاد فينتقم اللّه منه»4۳.
و في مرسل ابن أبي عمير: «إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبدا في كل ما أصاب الكفارة، و إذا أصاب متعمدا فإنّ عليه الكفارة فإن عاد فأصاب ثانيا متعمّدا فليس عليه فيه الكفارة و هو ممن قال عزّ و جلّ: و من عاد فينتقم اللّه منه»44.
و قريب منها غيرها و هذه الأخبار مقيدة لإطلاق ما دل على التكرر، و مخصصة لعمومه فلا وجه للمناقشة من هذه الجهة، و تكون المناقشات كالاجتهاد في مقابل النص و لا دليل لهم إلا التمسك بإطلاق ما دل على التكرر في الجزاء مع التكرر في السبب و لا وجه له، لأنّه من التمسك بالمطلق و العام في مقابل المقيد و المخصص.
لإطلاق ما تقدم من الأخبار و عمومها. و استبعاد ذلك مخالف لأصول الإمامية المبنية على التعبد بما وصل إليهم من المعصوم عليه السّلام.
خروجا عن خلاف من أوجب التكرر في صورة العمد أيضا، كابني الجنيد، و إدريس، و الشيخ في بعض كتبه، و السيد، و الحلي.
فائدة. الظاهر قبول توبة من تعمد تكرار الصيد، للعمومات الدالة على قبول التوبة، و الأدلة المرغبة إليها4٥ و حينئذ فينتفي موضوع الانتقام فلا تشمله أخبار المقام. و يلزم على هذا أن يكون التكرر العمدي أخف و أسهل من التكرر خطا، و نسيانا، و جهلا.
إلا أن يقال: إنّ الانتقام من الوضعيات التي لا تزول بالتوبة كما في غير حقوق اللّه تعالى الذي لا يزول بها بل لا بد من أداء حق ذي الحق إليه و يختص هذا الأمر الوضعيّ بخصوص انتقام اللّه تعالى كجملة من الآثار الوضعية لبعض المعاصي التي لا تزول بالتوبة.
كل ذلك للإطلاقات، و العمومات، و قاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب و أنّ المخصص إذا كان منفصلا و مرددا بين الأقل و الأكثر يرجع في غير المتيقن منه إلى العموم و الإطلاق كما ثبت في محله. و أما قوله عليه السّلام فيما تقدم من مرسل ابن أبي عمير: «فإن عاد فأصاب ثانيا متعمدا فليس عليه (شيء) الكفارة»4٦ فلا بد من حمله على أنّه فإن عاد عمدا فأصاب ثانيا متعمدا أيضا فليس عليه فيه الكفارة و إلا فإنّه خلاف الإجماع.
للإطلاق الشامل للصورتين.
لأنّها المنساق من أدلة الانتقام و المرجع في غيره الإطلاق و العام.
نصوصا، و إجماعا، و لأنّه من الوضعيات التي لا تناط بالعمد و الاختيار قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح معاوية: «و ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلا الصيد فإنّ عليك الفداء فيه بجهل كان أو بعمد»4۷، و في صحيح البزنطي: «سئل الرضا عليه السّلام عن المحرم يصيب الصيد بجهالة؟ قال عليه السّلام: عليه كفارة. قلت: فإن أصابه خطأ؟ قال عليه السّلام: و أيّ شيء الخطأ عندكم؟ قال: يرمي هذه النخلة فتصيب نخلة أخرى. قال عليه السّلام: نعم، هذا الخطأ عليه الكفارة»4۸.
و قريب منهما غيرهما و لا فرق في العمد بين العلم بالحكم و عدمه و لا بين الاختيار و الاضطرار، لظهور الإطلاق و الاتفاق إلا ما تقدم في الجراد الذي يشق التحرز منه، كما لا فرق في السهو بين السهو عن الإحرام أو الحكم أو الموضوع، لإطلاق معقد الإجماع الشامل للجميع، فلو أراد التخلص من السبع و نحوه فقتله خطأ ضمنه، و كذا لو رمى صيدا فمرق السهم و قتل آخر كل ذلك لصدق الخطأ فيشمله الإطلاق و الاتفاق بل في الثاني فداءان إن أصابهما معا. و أما ما ورد في صحيح زرارة4۹ من التفصيل بين العمد و الجهل في أكل ما لا ينبغي أكله فلا بد من حمله على غير أكل الصيد بقرينة سائر الروايات.
لظهور الأدلة في التنافي بين الإحرام و تملك الصيد و الاستيلاء عليه، لأنّه إما في مأمنه المكانيّ و هو الحرم، أو مأمنه الزمانيّ و هو زمان الإحرام، و الأمن و الاستيلاء الملكيّ متنافيان مع ظهور التنافي بين الضمان و الملكية، إذ لا يضمن الإنسان مال نفسه و تقدم في الموجب الثاني من موجبات الضمان ما ينفع المقام فراجع فإنّ المسألتين متحدتان من حيث الدليل و الفرق بينهما من حيث البقاء و الحدوث و البحث في المسألة السابقة كان من جهة البقاء و في المقام من حيث الحدوث.
تقدم وجهه في الموجب الثاني من موجبات الضمان فراجع.
لما مرّ من عدم ملكه و عدم جواز إثبات يده عليه.
أما وجوب الجزاء للّه تعالى، فلعموم ما دل على الفداء و الجزاء مع التلف. و أما وجوب القيمة للمالك، فلقاعدة اليد، و أصالة الضمان في مال الغير إلا ما خرج بالدليل.
أما الدخول في ملك الوارث إذا لم يكن في الحرم، فلوجود المقتضي له و فقد المانع. و أما عدمه مع كونه في الحرم، فلما تقدم في الصيد الحرميّ من جريان حكم الصيد الإحراميّ عليه حتى بالنسبة إلى المحلّ.
أما الأول فلوجود المقتضي للإرث و فقد المانع عنه. و أما الأخير فلعدم دخول الصيد في ملك المحرم على تفصيل يأتي.
لأنّ القريب إنّما يحجب البعيد مع عدم المانع عن إرثه. و أما معه فلا حجب بالنسبة إلى البعيد فيرث البعيد و لو مع وجود القريب و يأتي ما فيه و قد ذكر ذلك في كشف اللثام على الإطلاق و تبعه في نجاة العباد و تنظر فيه في الجواهر. و يمكن أن يقال: بأنّه يجب إعلام المحرم بالقسمة و بأنّه لو لم يحلّ و كان للميت وارث بعيد يرث البعيد دونه خصوصا إن كان ذلك قريبا من الإحلال بل جواز القسمة حينئذ مشكل، لأنّ المحرم و إن كان لا يملك الصيد بالإرث و لكن اقتضاء الحق و الملكية بالنسبة إليه ثابت و المتيقن من أدلة عدم الملكية بالإرث ليس إلا ذلك، و تقتضيه قاعدة نفي الضرر أيضا و يأتي في موانع الإرث بعض ما يرتبط بالمقام.
لأنّه إن كان متراخيا فلا إشكال في صحة التأخير و إن كان فوريا فعدم جواز رجوع الصيد إلى ملك المحرم عذر شرعيّ و هو كالعقليّ يجوز معه التأخير.
لأنّ ذلك من الأمور الحسبية التي تكون له الولاية عليها فيرى فيه رأيه.
لما تقدم من حرمة استيلاء المحرم على الصيد فلا يقدر على حفظه شرعا فيجب رد المال إلى مالكه.
لأنّ هذا حكم كل وديعة يعجز المستودع عن حفظها على ما يأتي التفصيل في كتاب الوديعة. و المسألة من فروع ولاية الحسبة الثابتة للحاكم و مع عدم إمكان الوصول إليه فللثقات الأمناء
لأنّه عند الدوران بين مراعاة حق الناس و حق اللّه تعالى يقدم الأول- كما نسب إلى المشهور- و لكن تقدم عدم الملكية لذلك، بل و عدم دليل تام عليه٥۰ و إنّما يعمل به فيما إذا أيد بدليل خارجيّ من إجماع أو غيره.
لأنّه من الجمع بين الحقّين مهما أمكن و الأولى لصاحب المال الرضا بدون أخذ الفداء.
أما الرد إلى المالك، أو وليّه، فلوجوب رد الأمانات إلى أهلها بعد سقوط يده الأمينة لأجل الإحرام و بقاء الصيد على ملك مالكه و عدم خروجه عنه بصيرورة المستودع محرما فلا موضوع للفداء على هذا. و أما الاحتياط فيه، فلاحتمال وجوب الإرسال، و حرمة الإمساك حتى لأجل الرد إلى المالك.
نصوصا، و إجماعا ففي الصحيح عن الصادق عليه السّلام: «في رجل اضطر إلى ميتة و صيد و هو محرم قال عليه السّلام: يأكل الصيد و يفدي»٥۱، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «يأكل من الصيد أما يحب أن يأكل من ماله»٥۲ و يؤيده اختصاص الميتة بالحرمة الأصلية و الخبث و الفساد و الإفساد.
و أما خبر الجازي عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها و وجد صيدا قال عليه السّلام: يأكل الميتة و يترك الصيد»٥۳ و خبر إسحاق عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «إنّ عليا عليه السّلام كان يقول: إذا اضطر المحرم إلى الصيد و إلى الميتة فليأكل الميتة التي أحلّ اللّه له»٥4 فقصور سندهما و هجر الأصحاب لهما و موافقتهما للعامة أسقطهما عن الاعتبار.
و قوله عليه السّلام في صحيح الحلبي- المتقدم-: «اما يجب أن يأكل من ماله» يراد به مجرد الإضافة إليه و يكفي في الإضافة أدنى المناسبة و هي المناسبة التعليقية أي: إنّه لو لم يكن محرما لكان ماله و ملكه و يأتي في خبر يونس معنى آخر لذلك.
لجملة من الأخبار التي تدل على تقديم أكل الصيد على أكل الميتة منها خبر يونس بن يعقوب «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المضطر إلى الميتة و هويجد الصيد قال عليه السّلام: يأكل الصيد- إلى أن قال عليه السّلام- هو من مالك لأنّ عليك فداؤه قلت: فإن لم يكن عندي مال؟ قال عليه السّلام: تقضيه إذا رجعت إلى مالكه»٥٥.
للإطلاق الشامل للجميع.
كما عن جمع تقديما للحرمة العرضية على الحرام الذاتي، لإطلاق ما دل على تقديم الصيد على الميتة الشامل للاصطياد أيضا، و عن أبي الحسن الثاني عليه السّلام يذبح الصيد و يأكله و يفدي أحبّ إليّ من الميتة»٥٦ و إطلاقه يشمل المحرم في الحرم أيضا.
كما عن جمع من المحققين، لإطلاق ما دل على ضمان مال الغير، و إطلاق ما دل على الفداء، و أنّه للّه تعالى، و أنّه هدي بالغ الكعبة، و لأصالة عدم التداخل فيجمع بين الحقين هذا إذا قلنا بثبوتهما. و أما مع الشك فالمسألة بحسب الأصل من موارد الأقلّ و الأكثر من جهة القيمة للمالك و الفداء للّه تعالى، فيجب أحدهما و ينفى الآخر بالأصل، للعلم بالإشغال في الجملة و الشك في المقدار و الكمية.
و يظهر من المحقق في الشرائع عدم التعدد و أنّ الفداء واحد و هو للمالك، و نسبه في المسالك إلى إطلاق الأكثر، لعموم أدلة الفداء و هو إنّما يكون للّه تعالى إذا لم يكن للصيد مالك.
و فيه: أنّ ظاهر إطلاق قوله تعالى هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ٥۷ كون الفداء له تعالى حتى مع كون الصيد مملوكا، كما أنّ مقتضى عموم ما دل على ضمان الأموال بالمثل أو القيمة الضمان للمالك أيضا و لا منافاة في الحكمين مع تعدد الحيثيتين و تحقق الحقين.
و قد أشكل في المسالك على المحقق رحمه اللّه بأمور سبعة بناء على كون الفداء للمالك لا للّه تعالى يصعب الالتزام بها كما لا يخفى على من راجع المسالك فراجع فإنّ المسألة غير ابتلائية في الأزمنة السابقة فضلا عن هذه العصور فلا وجه لصرف الوقت في ما لا أثر له.
لصحيح ابن سنان قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من وجب عليه فداء صيد أصابه و هو محرم فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى و إن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة»٥۸ و في موثق زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره إن كان في الحج بمنى حيث ينحز الناس فإن كان في عمرة نحره بمكة و إن شاء تركه إلى أن يقدم مكة فيشتريه فإنّه يجزي عنه»٥۹ و ذيله يدل على أنّه لا يجب عليه أن يشتريه من مكان الصيد.
و يمكن حمل الصيد فيهما على المثال لكل ما فيه الكفارة و إنّما ذكر بالخصوص لكثرة أهميته و فروعه كما عليه المشهور للأولوية إذ يبعد أن لا يتعرض الشرع لمكان ذبح الفداء مع كثرة الابتلاء به. و يشهد لذلك ما ورد في كفارة التضليل من كون بعضها في منى و بعضها في مكة.
و يشهد له ما عن المفيد في إرشاده عن مولانا الحجة عليه السّلام: «إذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه و كان إحرامه بالحج نحره بمنى و إن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة»٦۰.
و يظهر منه أنّ الحكم معروف لدى الأئمة عليهم السّلام و أصحابهم إلىّ زمن الحجة عليه السّلام.
و ما عن تفسير القميّ: «المحرم بالحج ينحر الفداء بمنى و المحرم بالعمرة ينحر الفداء بمكة»٦۱.
و أما خبر حريز «و يذبح الفداء إن شاء بمكة و إن شاء بحزورة»٦۲ فلا بد من حمله على فداء إحرام العمرة و التخيير إنّما هو في محل الذبح في ما بين الصفا و المروة أو غيرها من محال مكة فلا تنافي بينه و بين غيره.
و أما مرسل أحمد: «من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد، فإنّ اللّه عزّ و جل يقول: هديا بالغ الكعبة»٦۳ فقصور سنده و إعراض المشهور عن إطلاقه أوهنه فلا يصلح لتقييد غيره، و كذا خبر ابن عمار:
«يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه»٦4 فلا بد من طرحه، لعدم وجدان عامل بوجوب الفداء في محل الصيد إلا ما حكي عن الحليين و لم يستبعده الأردبيلي.
و عن الشيخ حمل ذلك على الندب بمعنى استحباب اشتراء الفداء من محل إن أمكن ثمَّ سوقه إلى محل نحره من مكة أو منى، فما يعارضها من الأخبار لا بد من حملها على ذلك أو طرحها، كقول الصادق عليه السّلام في خبر محمّد:
«فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه»٦٥، و قوله عليه السّلام أيضا في كفارة قتل النعامة: «إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزاءه»٦٦. و لكنه حمل بلا شاهد.
و أما موثق إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: الرجل يخرج من حجته شيئا يلزمه منه دم، يجزيه أن يذبحه إذا رجع إلى أهله؟
فقال عليه السّلام: نعم»٦۷ و قريب منه موثقاه الآخران٦۸ فيمكن حملها على العذر من نسيان أو نحوه.
نعم، في صحيح ابن حازم: «سأل الصادق عليه السّلام عن كفارة العمرة المفردة أين تكون؟ قال عليه السّلام: بمكة إلا أن يشاء صاحبها أن يؤخرها إلى منى و يجعلها بمكة أحبّ إليّ و أفضل»٦۹ و السند تام و الدلالة ظاهرة لو لم يثبت إعراض المشهور عنه.
و يمكن أن يكون المراد من العمرة المفردة في أيام الحج، كما هو السيرة حيث إنّ جمعا من الحجاج يذهبون إلى أدنى الحلّ و يأتون بالعمرة فيصير الذبح في منى أسهل لأنّهم يذبحون فيها.
و أما خبر عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «لكلّ شيء خرجت من حجك فعليك دم تهريقه أين شئت»۷۰ فلا بد من حمله على عدم تيسّر إراقته في المحلّ المعيّن.
و يمكن أن يقال في أصل المسألة: إنّ اختلاف الأخبار في محلّ الذبح يكشف عن عدم كون الحكم إلزاميا و إنّ تعين منى للفداء في إحرام العمرة من باب الأولوية و الأفضلية بل و التسهيل حيث إنّ غالب ذبح الحجاج و نحرهم فيما يتعلق بحجهم إنّما هو في منى و ما يتعلق بعمرتهم إنّما هو في مكة، لعدم كون منى موردا لابتلائهم في عمرتهم خصوصا المفردة و هذه أيضا قرينة أخرى على عدم الوجوب و لكن المشهور أولى و أحوط.
لقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار: «من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام»۷۱ و هو و إن كان مطلق يشمل كفارة الصيد و غيره لكن يشهد السياق بالاختصاص به، لقوله عليه السّلام قبل ذلك: «و من كان عليه شيء من الصيد فداؤه بقرة»۷۲.
لأنّ المحقق نقل الصحيح هكذا: «فمن لم يجد صام ثلاثة أيّام في الحج»۷۳ و لم يوجد لفظ «في الحج» في كتب الأحاديث التي عندنا كما اعترف به في المدارك و في الجواهر في بعض المقامات ما هذا لفظه: «إنّ المحقق رحمه اللّه ينقل عن بعض الأصول التي ليس عندنا منها أثر».
أقول: لفظ (الحج) على فرض صدوره من الإمام عليه السّلام يحتمل أن يراد به كون الصوم في أشهر الحج لا أن تكون الكفارة في مكة أو منى.
لعموم البدلية، و إطلاق ما تقدم من صحيح ابن حازم، و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في المرسل: «من أصاب صيدا فعليه فداؤه من حيث أصابه»۷4، و قوله عليه السّلام أيضا في خبر ابن عمار: «يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه»۷٥.
للأصل بعد عدم دليل عليه حتى بناء على زيادة لفظ (في الحج) تقدم من صحيح معاوية، لما احتملناه و على فرض أن يراد به المكان فلا يدل على مكان مخصوص.
لأنّ ذلك هو المنساق من الأدلة مضافا إلى ظهور الإجماع و النصوص التي تقدم بعضها.
منها: قوله عليه السّلام: «و يتصدق بالفداء».
لتنزه المتشرعة عن كفاراتهم. و أما النصوص فهي على أقسام.
منها: ما هو ظاهر في حرمة الأكل كخبر عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:
«كل هدي من نقصان الحج فلا تأكل منه».
و منها: ما هو ظاهر في جواز الأكل كخبر جعفر بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن البدن التي تكون جزاء الأيمان و النساء و لغيره يؤكل.
منها؟ قال عليه السّلام: نعم، يؤكل من كل البدن» و هو ظاهر في الترخيص المطلق من دون تجديد بمقدار خاص لو لا إمكان حمله على الضرورة و الاضطرار لقرينة القسم الأول من الأخبار، و ما ذكرناه من التنزه و الاستنكار.
و منها: قول أبي إبراهيم في موثق إسحاق بن عمار «يؤكل منه الشيء».
و منها: ما يدل على جواز الأكل مع ضمان القيمة، كقوله عليه السّلام: «و إن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل» و مقتضى القاعدة أنّه بتعينه للكفارة يتعلق به حق الفقراء و لو تعلقا اقتضائيا و لا يجوز الأكل منه إلّا بالتضمين.
نعم، يمكن أن يقال: أن في الشيء القليل ورد الإذن من الشارع و هو موافق للأدب لئلا يتنفر المالك عما يذبح للّه تعالى.
من ان الذبح، و النحر، و الإطعام لا تعتبر فيها المباشرة بل تصح الاستنابة و لو اختياريا أيضا فتتعين الاستنابة. و من إمكان دعوى ان تعين المحل في خصوص المقام إنما هو مع إمكان المباشرة و الا فيجزي في أي محل أمكن فلا موضوع للاستنابة حينئذ، و يمكن أن يستشهد لذلك بموثق عمار.
لأن التعين من باب تعدد المطلوب لا القيدية الحقيقية فلا يسقط أصل الذبح بتعذر المحلّ.
ثمَّ إنّه يجوز دفع المذبوح و المنحور إلى الفقراء كما يجوز طبخه و دعوة الفقراء إلى أكله، و كذا يجوز التفريق بإعطاء بعضه إلى الفقير نيئا و طبخ بعضه الآخر و إطعام الفقراء منه مطبوخا.
كما لا بأس بدفع القيمة إلى الفقير و توكيله في شراء الفداء عن الموكل و تفريقه على الفقراء أو طبخه و إطعامهم.
لظهور الأصل و الإطلاق.
لظهور تسالم الفقهاء على الفورية في أداء الحقوق ما لم يدل دليل على الخلاف.