يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَ لا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (٤۳)
الآية الشريفة تذكر أهمّ شعيرة من شعائر الإسلام، و هي الصلاة و ما يتعلّق بها من الغسل و التيمم، و تتجلّى أهميّة هذه الشعيرة ذكرها في المقام بين جملة من الآيات التي أمرت بعبادة الإله الواحد الأحد، و الإنفاق في سبيله، و التنديد بأعداء لا إله إلا اللّه من اليهود و النصارى و المشركين و المنافقين، حيث صوّرت حالهم في الدنيا و خسرانهم في الآخرة، ثم يذكر عزّ و جلّ في الآيات اللاحقة أحوال اليهود و طباعهم، فتتجلّى أهمية هذه الآية المباركة من بين هذه الآيات المترابطة المتّحدة في السياق.
و من دأب القرآن الكريم أنّه إذا كان أمر بمكان من أهمية أن يذكره في ضمن آيات مترابطة المضمون و متّحدة في السياق، و يدسّه فيه ليتوجّه ذهن السامع إليه و يجلب مشاعره، و مثل ذلك كثير.
على أنّ القرآن إنّما نزل لتكميل الإنسان و هدايته إلى الطريق المستقيم، و قد ذكر عزّ و جلّ جملة من الأمور التي لها ارتباط بذلك.
و في هذه الآية الشريفة ذكر أمرا آخرا منها، و عقّب بالأمر بعبادة اللّه الواحد و نبذ الشرك بهذه الآية، لبيان أنّ هذه العبادة إنّما تتحقّق في هذه الشعيرة و ما يشرّعه عزّ و جلّ، لا ما يصنعه الإنسان من عند نفسه.
و قد تضمّنت الآية المباركة أحكام الجنابة و الغسل و رخصة التيمم للمريض و في السفر، و في حالة عدم وجدان الماء، و هي بجملتها لها ارتباط بشعيرة الصلاة و التوجّه إلى عبادة اللّه تعالى بالتطهير من الخبائث و ما يوجب البعد عن مقام الأحديّة عند الوقوف بين يديه عزّ و جلّ، ليكون وسيلة للابتعاد عن أهوال يوم القيامة- ذلك اليوم الذي يتمنّى الكافر أن يسوى مع الأرض- و التقرّب إليه سبحانه و تعالى.