فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (۱٥۹) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (۱٦۰)
خطاب إلى النبي (صلى اللّه عليه و آله) يبين فيه عز و جل فضله العظيم و ما من اللّه عليه من الصفات الكريمة و يذكّره نعمة اللّه تعالى عليه و على المسلمين أن جعل قلبه رحيما بهم ولينا معهم، و قد مدح رسوله الكريم بالعفو و ترك الفظاظة و الخشونة مع المؤمنين و انهم كانوا مستحقين لأكثر من اللوم و العتاب بعد ما صدر منهم ما أوجب الفشل و الهزيمة و قد ضعفوا امام إغراء الغنيمة و وهنوا عن الجهاد في سبيله تعالى و قد ارشدهم سبحانه و تعالى في الآيات المتقدمة إلى ما ينفعهم و يسعدهم في دنياهم و ترك ما يوجب شقائهم في الدنيا و الآخرة.
و الآيات المباركة تشتمل على أهم الحقائق و الصفات التي لا بد لمن يتصدى امور المؤمنين من التحلي بها و هي العفو عنهم، و المشاورة معهم، و التوكل على اللّه لان فيها اظهار العبودية فتكون حياتهم و اتجاهاتهم حسب ما قرره سبحانه و تعالى.
و فيها وعدهم عز و جل بالنصر على الأعداء لأنه لا يعطى النصر إلا لمن يستحق و لا يكتب الهزيمة و الخذلان إلا على من خالف أوامره و نواهيه تعالى و إلا فليس له الا الخذلان و الردى، و أمرهم بالتوكل عليه.