قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَ لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَ ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَ الْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦۷) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦۸)
بعد ما بين سبحانه و تعالى الحق في عيسى بن مريم و انه عبد اللّه و رسوله إلى بني إسرائيل و ان مولده- على غرابته و تفرده- امر عادي
بالنسبة إلى قدرة الخالق و مشيئته. و نفى عنه الألوهية و اقام الحجة تلو الحجة على جميع ذلك و أمرهم بالإيمان و الاعراض عن كل ما يخالف ذلك، فانتهى بامره تعالى لنبيه بطلب المباهلة مع المنكرين الجاحدين.
أمر سبحانه و تعالى في هذه الآيات الشريفة نبيه إلى دعوة اخرى لأهل الكتاب عامة لا سيما النصارى منهم و هي الدعوة إلى التوحيد و تأمرهم بالاتحاد و نبذ النفاق و التعرض لرد المسلمين عن هذه العقيدة و الكلمة الفاصلة الحقة.
و دعاهم إلى الحق الذي يجب اتباعه بمقتضى الفطرة و هو الذي اجتمع عليه جميع الكتب السماوية و الرسالات الإلهية و هو عبادة الإله الواحد و نبذ الشرك و الاعراض عن الاحتجاج العقيم المفضي إلى الاختلاف و التفرقة، فالنداء يقرب النفوس المستعدة إلى أقصى الكمالات الانسانية و يهديها إلى الألطاف الربوبية.
ثم بين تعالى كلمة الفصل في ابراهيم الذي يعتقد به جميع الأديان السماوية و اعترفت الأمم بالولاية له على دينها و الامام المفترض طاعته و قد بين القرآن الكريم ان اقرب الناس اليه هو الرسول الكريم و من يتبعه في العلم و العمل و ان جميعهم تحت ولايته عز و جل و رعايته.